المجموع : 14
وَفاؤُكُما كَالرَبعِ أَشجاهُ طاسِمُه
وَفاؤُكُما كَالرَبعِ أَشجاهُ طاسِمُه / بِأَن تُسعِدا وَالدَمعُ أَشفاهُ ساجِمُه
وَما أَنا إِلّا عاشِقٌ كُلُّ عاشِقٍ / أَعَقُّ خَليلَيهِ الصَفِيَّينِ لائِمُه
وَقَد يَتَزَيّا بِالهَوى غَيرُ أَهلِهِ / وَيَستَصحِبُ الإِنسانُ مَن لا يُلائِمُه
بَليتُ بِلى الأَطلالِ إِن لَم أَقِف بِها / وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التَربِ خاتَمُه
كَئيباً تَوَقّاني العَواذِلُ في الهَوى / كَما يَتَوَقّى رَيِّضَ الخَيلِ حازِمُه
قِفي تَغرَمِ الأَولى مِنَ اللَحظِ مُهجَتي / بِثانِيَةٍ وَالمُتلِفُ الشَيءَ غارِمُه
سَقاكِ وَحَيّانا بِكِ اللَهُ إِنَّما / عَلى العيسِ نورٌ وَالخُدورُ كَمائِمُه
وَما حاجَةُ الأَظعانِ حَولَكِ في الدُجى / إِلى قَمَرٍ ما واجِدٌ لَكِ عادِمُه
إِذا ظَفِرَت مِنكِ العُيونُ بِنَظرَةٍ / أَثابَ بِها مُعيِ المَطِيِّ وَرازِمُه
حَبيبٌ كَأَنَّ الحُسنَ كانَ يُحِبُّهُ / فَآثَرَهُ أَو جارَ في الحُسنِ قاسِمُه
تَحولُ رِماحُ الخَطِّ دونَ سِبائِهِ / وَتُسبى لَهُ مِن كُلِّ حَيٍّ كَرائِمُه
وَيُضحي غُبارُ الخَيلِ أَدنى سُتورِهِ / وَآخِرُها نَشرُ الكِباءِ المُلازِمُه
وَما اِستَغرَبَت عَيني فِراقاً رَأَيتُهُ / وَلا عَلَّمَتني غَيرَ ما القَلبُ عالِمُه
فَلا يَتَّهِمني الكاشِحونَ فَإِنَّني / رَعَيتُ الرَدى حَتّى حَلَت لي عَلاقِمُه
مُشِبُّ الَّذي يَبكي الشَبابَ مُشيبُهُ / فَكَيفَ تَوَقّيهِ وَبانيهِ هادِمُه
وَتَكمِلَةُ العَيشِ الصَبا وَعَقيبُهُ / وَغائِبُ لَونِ العارِضينِ وَقادِمُه
وَما خَضَبَ الناسُ البَياضَ لِأَنَّهُ / قَبيحٌ وَلَكِن أَحسَنُ الشَعرِ فاحِمُه
وَأَحسَنُ مِن ماءِ الشَبيبَةِ كُلِّهِ / حَيا بارِقٍ في فازَةٍ أَنا شائِمُه
عَلَيها رِياضٌ لَم تَحُكها سَحابَةٌ / وَأَغصانُ دَوحٍ لَم تَغَنَّ حَمائِمُه
وَفَوقَ حَواشي كُلِّ ثَوبٍ مُوَجَّهٍ / مِنَ الدُرِّ سِمطٌ لَم يُثَقِّبهُ ناظِمُه
تَرى حَيَوانَ البَرِّ مُصطَلِحاً بِها / يُحارِبُ ضِدٌّ ضِدَّهُ وَيُسالِمُه
إِذا ضَرَبَتهُ الريحُ ماجَ كَأَنَّهُ / تَجولُ مَذاكيهِ وَتَدأى ضَراغِمُه
وَفي صورَةِ الرومِيِّ ذي التاجِ ذِلَّةٌ / لِأَبلَجَ لا تيجانَ إِلّا عَمائِمُه
تُقَبِّلُ أَفواهُ المُلوكِ بِساطَهُ / وَيَكبُرُ عَنها كُمُّهُ وَبَراجِمُه
قِياماً لِمَن يَشفي مِنَ الداءِ كَيُّهُ / وَمَن بَينَ أُذنَي كُلِّ قَرمٍ مَواسِمُه
قَبائِعُها تَحتَ المَرافِقِ هَيبَةً / وَأَنفَذُ مِمّا في الجُفونِ عَزائِمُه
لَهُ عَسكَراً خَيلٍ وَطَيرٍ إِذا رَمى / بِها عَسكَراً لَم يَبقَ إِلّا جَماجِمُه
أَجِلَّتُها مِن كُلِّ طاغٍ ثِيابُهُ / وَمَوطِئُها مِن كُلِّ باغٍ مَلاغِمُه
فَقَد مَلَّ ضَوءُ الصُبحِ مِمّا تُغيرُهُ / وَمَلَّ سَوادُ اللَيلِ مِمّا تُزاحِمُه
وَمَلَّ القَنا مِمّا تَدُقُّ صُدورَهُ / وَمَلَّ حَديدُ الهِندِ مِمّا تُلاطِمُه
سَحابٌ مِنَ العِقبانِ يَزحَفُ تَحتَها / سَحابٌ إِذا اِستَسقَت سَقَتها صَوارِمُه
سَلَكتُ صُروفَ الدَهرِ حَتّى لَقَيتُهُ / عَلى ظَهرِ عَزمٍ مُؤيَداتٍ قَوائِمُه
مَهالِكَ لَم تَصحَب بِها الذِئبَ نَفسُهُ / وَلا حَمَلَت فيها الغُرابَ قَوادِمُه
فَأَبصَرتُ بَدراً لا يَرى البَدرُ مِثلَهُ / وَخاطَبتُ بَحراً لا يَرى العِبرَ عائِمُه
غَضِبتُ لَهُ لَمّا رَأَيتُ صِفاتِهِ / بِلا واصِفٍ وَالشِعرُ تَهذي طَماطِمُه
وَكُنتُ إِذا يَمَّمتُ أَرضاً بَعيدَةً / سَرَيتُ وَكُنتُ السِرَّ وَاللَيلُ كاتِمُه
لَقَد سَلَّ سَيفَ الدَولَةِ المَجدُ مُعلِماً / فَلا المَجدُ مُخفيهِ وَلا الضَربُ ثالِمُه
عَلى عاتِقِ المَلكِ الأَغَرِّ نِجادُهُ / وَفي يَدِ جَبّارِ السَمَواتِ قائِمُه
تُحارِبُهُ الأَعداءُ وَهيَ عَبيدُهُ / وَتَدَّخِرُ الأَموالَ وَهيَ غَنائِمُه
وَيَستَكبِرونَ الدَهرَ وَالدَهرُ دونَهُ / وَيَستَعظِمونَ المَوتَ وَالمَوتُ خادِمُه
وَإِنَّ الَّذي سَمّى عَلِيّاً لَمُنصِفٌ / وَإِنَّ الَّذي سَمّاهُ سَيفاً لَظالِمُه
وَما كُلُّ سَيفٍ يَقطَعُ الهامَ حَدُّهُ / وَتَقطَعُ لَزباتِ الزَمانِ مَكارِمُه
إِذا كانَ مَدحٌ فَالنَسيبُ المُقَدَّمُ
إِذا كانَ مَدحٌ فَالنَسيبُ المُقَدَّمُ / أَكُلُّ فَصيحٍ قالَ شِعراً مُتَيَّمُ
لَحُبُّ اِبنِ عَبدِ اللَهِ أَولى فَإِنَّهُ / بِهِ يُبدَءُ الذِكرُ الجَميلُ وَيُختَمُ
أَطَعتُ الغَواني قَبلَ مَطمَحِ ناظِري / إِلى مَنظَرٍ يَصغُرنَ عَنهُ وَيَعظُمُ
تَعَرَّضَ سَيفُ الدَولَةِ الدَهرَ كُلَّهُ / يُطَبِّقُ في أَوصالِهِ وَيُصَمِّمُ
فَجازَ لَهُ حَتّى عَلى الشَمسِ حُكمُهُ / وَبانَ لَهُ حَتّى عَلى البَدرِ مَيسَمُ
كَأَنَّ العِدا في أَرضِهِم خُلَفاؤهُ / فَإِن شاءَ حازوها وَإِن شاءَ سَلَّموا
وَلا كُتبَ إِلّا المَشرَفِيَّةُ عِندَهُ / وَلا رُسُلٌ إِلّا الخَميسُ العَرَمرَمُ
فَلَم يَخلُ مِن نَصرٍ لَهُ مَن لَهُ يَدٌ / وَلَم يَخلُ مِن شُكرٍ لَهُ مَن لَهُ فَمُ
وَلَم يَخلُ مِن أَسمائِهِ عودُ مِنبَرٍ / وَلَم يَخلُ دينارٌ وَلَم يَخلُ دِرهَمُ
ضُروبٌ وَما بَينَ الحُسامَينِ ضَيِّقٌ / بَصيرٌ وَما بَينَ الشُجاعَينِ مُظلِمُ
تُباري نُجومَ القَذفِ في كُلِّ لَيلَةٍ / نُجومٌ لَهُ مِنهُنَّ وَردٌ وَأَدهَمُ
يَطَأنَ مِنَ الأَبطالِ مَن لا حَمَلنَهُ / وَمِن قِصَدِ المَرّانِ ما لا يُقَوَّمُ
فَهُنَّ مَعَ السيدانِ في البَرِّ عُسَّلٌ / وَهُنَّ مَعَ النينانِ في الماءِ عُوَّمُ
وَهُنَّ مَعَ الغِزلانِ في الوادِ كُمَّنٌ / وَهُنَّ مَعَ العِقبانِ في النيقِ حُوَّمُ
إِذا جَلَبَ الناسُ الوَشيجَ فَإِنَّهُ / بِهِنَّ وَفي لَبّاتِهِنَّ يُحَطَّمُ
بِغُرَّتِهِ في الحَربِ وَالسِلمِ وَالحِجا / وَبَذلِ اللُها وَالحَمدِ وَالمَجدِ مُعلَمُ
يُقِرُّ لَهُ بِالفَضلِ مَن لا يَوَدُّهُ / وَيَقضي لَهُ بِالسَعدِ مَن لا يُنَجِّمُ
أَجارَ عَلى الأَيّامِ حَتّى ظَنَنتُهُ / تُطالِبُهُ بِالرَدِّ عادٌ وَجُرهُمُ
ضَلالاً لِهَذي الريحِ ماذا تُريدُهُ / وَهَدياً لِهَذا السَيلِ ماذا يُؤَمِّمُ
أَلَم يَسأَلِ الوَبلُ الَّذي رامَ ثَنيَنا / فَيُخبِرَهُ عَنكَ الحَديدُ المُثَلَّمُ
وَلَمّا تَلَقّاكَ السَحابُ بِصَوبِهِ / تَلَقّاهُ أَعلى مِنهُ كَعباً وَأَكرَمُ
فَباشَرَ وَجهاً طالَما باشَرَ القَنا / وَبَلَّ ثِياباً طالَما بَلَّها الدَمُ
تَلاكَ وَبَعضُ الغَيثِ يَتبَعُ بَعضَهُ / مِنَ الشَأمِ يَتلو الحاذِقَ المُتَعَلِّمُ
فَزارَ الَّتي زارَت بِكَ الخَيلُ قَبرَها / وَجَشَّمَهُ الشَوقُ الَّذي تَتَجَشَّمُ
وَلَمّا عَرَضتَ الجَيشَ كانَ بَهاؤُهُ / عَلى الفارِسِ المُرخى الذُؤابَةَ مِنهُمُ
حَوالَيهِ بَحرٌ لِلتَجافيفِ مائِجٌ / يَسيرُ بِهِ طَردٌ مِنَ الخَيلِ أَيهَمُ
تَساوَت بِهِ الأَقطارُ حَتّى كَأَنَّهُ / يُجَمِّعُ أَشتاتَ الجِبالِ وَيَنظِمُ
وَكُلُّ فَتىً لِلحَربِ فَوقَ جَبينِهِ / مِنَ الضَربِ سَطرٌ بِالأَسِنَّةِ مُعجَمُ
يَمُدُّ يَديهِ في المُفاضَةِ ضَيغَمٌ / وَعَينَيهِ مِن تَحتِ التَريكَةِ أَرقَمُ
كَأَجناسِها راياتُها وَشِعارُها / وَما لَبِسَتهُ وَالسِلاحُ المُسَمَّمُ
وَأَدَّبَها طولُ القِتالِ فَطَرفُهُ / يُشيرُ إِلَيها مِن بَعيدٍ فَتَفهَمُ
تُجاوِبُهُ فِعلاً وَما تَعرِفُ الوَحى / وَيُسمِعُها لَحظاً وَما يَتَكَلَّمُ
تَجانَفُ عَن ذاتِ اليَمينِ كَأَنَّها / تَرِقُّ لِمِيّافارِقينَ وَتَرحَمُ
وَلَو زَحَمَتها بِالمَناكِبِ زَحمَةً / دَرَت أَيُّ سورَيها الضَعيفُ المُهَدَّمُ
عَلى كُلِّ طاوٍ تَحتَ طاوٍ كَأَنَّهُ / مِنَ الدَمِ يُسقى أَو مِنَ اللَحمِ يُطعَمُ
لَها في الوَغى زِيُّ الفَوارِسِ فَوقَها / فَكُلُّ حِصانٍ دارِعٌ مُتَلَثِّمُ
وَما ذاكَ بُخلاً بِالنُفوسِ عَلى القَنا / وَلَكِنَّ صَدمَ الشَرِّ لِلشَرِّ أَحزَمُ
أَتَحسِبُ بيضُ الهِندِ أَصلَكَ أَصلَها / وَأَنَّكَ مِنها ساءَ ما تَتَوَهَّمُ
إِذا نَحنُ سَمَّيناكَ خِلنا سُيوفَنا / مِنَ التيهِ في أَغمادِها تَتَبَسَّمُ
وَلَم نَرَ مَلكاً قَطُّ يُدعى بِدونِهِ / فَيَرضى وَلَكِن يَجهَلونَ وَتَحلُمُ
أَخَذتَ عَلى الأَعداءِ كُلَّ ثَنِيَّةٍ / مِنَ العَيشِ تُعطي مَن تَشاءُ وَتَحرِمُ
فَلا مَوتَ إِلّا مِن سِنانِكَ يُتَّقى / وَلا رِزقَ إِلّا مِن يَمينِكَ يُقسَمُ
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ / وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها / وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ / وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ / وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ / نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ / وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها / وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ / فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا / وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت / وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها / عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ
تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ / وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ
إِذا كانَ ما تَنويهِ فِعلاً مُضارِعاً / مَضى قَبلَ أَن تُلقى عَلَيهِ الجَوازِمُ
وَكَيفَ تُرَجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها / وَذا الطَعنُ آساسٌ لَها وَدَعائِمُ
وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ / فَما ماتَ مَظلومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ
أَتوكَ يَجُرّونَ الحَديدَ كَأَنَّهُم / سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِمُ
إِذا بَرَقوا لَم تُعرَفِ البيضُ مِنهُمُ / ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِمُ
خَميسٌ بِشَرقِ الأَرضِ وَالغَربِ زَحفُهُ / وَفي أُذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِمُ
تَجَمَّعَ فيهِ كُلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ / فَما تُفهِمُ الحُدّاثَ إِلّا التَراجِمُ
فَلِلَّهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ / فَلَم يَبقَ إِلّا صارِمٌ أَو ضُبارِمُ
تَقَطَّعَ مالا يَقطَعُ الدِرعَ وَالقَنا / وَفَرَّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يُصادِمُ
وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ / كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ
تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً / وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ
تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى / إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ
ضَمَمتَ جَناحَيهِم عَلى القَلبِ ضَمَّةً / تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ
بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ / وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ
حَقَرتَ الرُدَينِيّاتِ حَتّى طَرَحتَها / وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ
وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما / مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ
نَثَرتَهُمُ فَوقَ الأُحَيدِبِ كُلِّهِ / كَما نُثِرَت فَوقَ العَروسِ الدَراهِمُ
تَدوسُ بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى / وَقَد كَثُرَت حَولَ الوُكورِ المَطاعِمُ
تَظُنُّ فِراخُ الفُتخِ أَنَّكَ زُرتَها / بِأُمّاتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ
إِذا زَلِفَت مَشَّيتَها بِبِطونِها / كَما تَتَمَشّى في الصَعيدِ الأَراقِمُ
أَفي كُلِّ يَومٍ ذا الدُمُستُقُ مُقدِمٌ / قَفاهُ عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِمُ
أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ / وَقَد عَرَفَت ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ
وَقَد فَجَعَتهُ بِاِبنِهِ وَاِبنِ صِهرِهِ / وَبِالصِهرِ حَملاتُ الأَميرِ الغَواشِمُ
مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبى / بِما شَغَلَتها هامُهُم وَالمَعاصِمُ
وَيَفهَمُ صَوتَ المَشرَفِيَّةِ فيهِمِ / عَلى أَنَّ أَصواتَ السُيوفِ أَعاجِمُ
يُسَرُّ بِما أَعطاكَ لا عَن جَهالَةٍ / وَلَكِنَّ مَغنوماً نَجا مِنكَ غانِمُ
وَلَستَ مَليكاً هازِماً لِنَظيرِهِ / وَلَكِنَّكَ التَوحيدُ لِلشِركِ هازِمُ
تَشَرَّفُ عَدنانٌ بِهِ لا رَبيعَةٌ / وَتَفتَخِرُ الدُنيا بِهِ لا العَواصِمُ
لَكَ الحَمدُ في الدُرِّ الَّذي لِيَ لَفظُهُ / فَإِنَّكَ مُعطيهِ وَإِنِّيَ ناظِمُ
وَإِنّي لَتَعدو بي عَطاياكَ في الوَغى / فَلا أَنا مَذمومٌ وَلا أَنتَ نادِمُ
عَلى كُلِّ طَيّارٍ إِلَيها بِرِجلِهِ / إِذا وَقَعَت في مِسمَعَيهِ الغَماغِمُ
أَلا أَيُّها السَيفُ الَّذي لَيسَ مُغمَداً / وَلا فيهِ مُرتابٌ وَلا مِنهُ عاصِمُ
هَنيئاً لِضَربِ الهامِ وَالمَجدِ وَالعُلى / وَراجيكَ وَالإِسلامِ أَنَّكَ سالِمُ
وَلِم لا يَقي الرَحمَنُ حَدَّيكَ ما وَقى / وَتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِمُ
أَراعَ كَذا كُلَّ المُلوكِ هُمامُ
أَراعَ كَذا كُلَّ المُلوكِ هُمامُ / وَسَحَّ لَهُ رُسلَ المُلوكِ غَمامُ
وَدانَت لَهُ الدُنيا فَأَصبَحَ جالِساً / وَأَيّامُها فيما يُريدُ قِيامُ
إِذا زارَ سَيفُ الدَولَةِ الرومَ غازِياً / كَفاها لِمامٌ لَو كَفاهُ لِمامُ
فَتىً تَتبَعُ الأَزمانُ في الناسِ خَطوَهُ / لِكُلِّ زَمانٍ في يَدَيهِ زِمامُ
تَنامُ لَدَيكَ الرُسلُ أَمناً وَغِبطَةً / وَأَجفانُ رَبِّ الرُسلِ لَيسَ تَنامُ
حِذاراً لِمُعرَوري الجِيادِ فَجاءَةً / إِلى الطَعنِ قُبلاً ما لَهُنَّ لِجامُ
تُعَطَّفُ فيهِ وَالأَعِنَّةُ شَعرُها / وَتُضرَبُ فيهِ وَالسِياطُ كَلامُ
وَما تَنفَعُ الخَيلُ الكِرامُ وَلا القَنا / إِذا لَم يَكُن فَوقَ الكِرامِ كِرامُ
إِلى كَم تَرُدُّ الرُسلَ عَمّا أَتَوا لَهُ / كَأَنَّهُمُ فيما وَهَبتَ مَلامُ
وَإِن كُنتَ لا تُعطي الذِمامَ طَواعَةً / فَعَوذُ الأَعادي بِالكَريمِ ذِمامُ
وَإِنَّ نُفوساً أَمَّمَتكَ مَنيعَةٌ / وَإِنَّ دِماءً أَمَّلَتكَ حَرامُ
إِذا خافَ مَلكٌ مِن مَليكٍ أَجَرتَهُ / وَسَيفَكَ خافوا وَالجِوارَ تُسامُ
لَهُم عَنكَ بِالبيضِ الخِفافِ تَفَرُّقٌ / وَحَولَكَ بِالكُتبِ اللِطافِ زِحامُ
تَغُرُّ حَلاواتُ النُفوسِ قُلوبَها / فَتَختارُ بَعضَ العَيشِ وَهُوَ حِمامُ
وَشَرُّ الحِمامَينِ الزُؤامَينِ عيشَةٌ / يَذِلُّ الَّذي يَختارُها وَيُضامُ
فَلَو كانَ صُلحاً لَم يَكُن بِشَفاعَةٍ / وَلَكِنَّهُ ذُلٌّ لَهُم وَغَرامُ
وَمَنٌّ لِفُرسانِ الثُغورِ عَلَيهِمِ / بِتَبليغِهِم ما لا يَكادُ يُرامُ
كَتائِبُ جاؤوا خاضِعينَ فَأَقدَموا / وَلَو لَم يَكونوا خاضِعينَ لَخاموا
وَعَزَّت قَديماً في ذَراكَ خُيولُهُم / وَعَزّوا وَعامَت في نَداكَ وَعاموا
عَلى وَجهِكَ المَيمونِ في كُلِّ غارَةٍ / صَلاةٌ تَوالى مِنهُمُ وَسَلامُ
وَكُلُّ أُناسٍ يَتبَعونَ إِمامَهُم / وَأَنتَ لِأَهلِ المَكرُماتِ إِمامُ
وَرُبَّ جَوابٍ عَن كِتابٍ بَعَثتَهُ / وَعُنوانُهُ لِلناظِرينَ قَتامُ
تَضيقُ بِهِ البَيداءُ مِن قَبلِ نَشرِهِ / وَما فُضَّ بِالبَيداءِ عَنهُ خِتامُ
حُروفُ هِجاءِ الناسِ فيهِ ثَلاثَةٌ / جَوادٌ وَرُمحٌ ذابِلٌ وَحُسامُ
أَذا الحَربِ قَد أَتعَبتَها فَاِلهُ ساعَةً / لِيُغمَدَ نَصلٌ أَو يُحَلَّ حِزامُ
وَإِن طالَ أَعمارُ الرِماحِ بِهُدنَةٍ / فَإِنَّ الَّذي يَعمَرنَ عِندَكَ عامُ
وَما زِلتَ تُفني السُمرَ وَهيَ كَثيرَةٌ / وَتُفني بِهِنَّ الجَيشَ وَهُوَ لُهامُ
مَتى عاوَدَ الجالونَ عاوَدتَ أَرضُهُم / وَفيها رِقابٌ لِلسُيوفِ وَهامُ
وَرَبّوا لَكَ الأَولادَ حَتّى تُصيبَها / وَقَد كَعَبَت بِنتٌ وَشَبَّ غُلامُ
جَرى مَعَكَ الجارونَ حَتّى إِذا اِنتَهَوا / إِلى الغايَةِ القُصوى جَرَيتَ وَقاموا
فَلَيسَ لِشَمسٍ مُذ أَنَرتَ إِنارَةٌ / وَلَيسَ لِبَدرٍ مُذ تَمَمتَ تَمامُ
أَيا رامِياً يُصمي فُؤادَ مَرامِهِ
أَيا رامِياً يُصمي فُؤادَ مَرامِهِ / تُرَبّي عِداهُ ريشَها لِسِهامِهِ
أَسيرُ إِلى إِقطاعِهِ في ثِيابِهِ / عَلى طِرفِهِ مِن دارِهِ بِحُسامِهِ
وَما مَطَرَتنيهِ مِنَ البيضِ وَالقَنا / وَرومِ العِبِدّى هاطِلاتُ غَمامِهِ
فَتىً يَهَبُ الإِقليمَ بِالمالِ وَالقُرى / وَمَن فيهِ مِن فُرسانِهِ وَكِرامِهِ
وَيَجعَلُ ما خُوِّلتُهُ مِن نَوالِهِ / جَزاءً لِما خُوِّلتُهُ مِن كَلامِهِ
فَلا زالَتِ الشَمسُ الَّتي في سَمائِهِ / مُطالِعَةَ الشَمسِ الَّتي في لِثامِهِ
وَلا زالَ تَجتازُ البُدورُ بِوَجهِهِ / تَعَجَّبُ مِن نُقصانِها وَتَمامِهِ
إِلى أَيِّ حينٍ أَنتَ في زِيِّ مُحرِمِ
إِلى أَيِّ حينٍ أَنتَ في زِيِّ مُحرِمِ / وَحَتّى مَتى في شِقوَةٍ وَإِلى كَمِ
وَإِلّا تَمُت تَحتَ السُيوفِ مُكَرَّماً / تَمُت وَتُقاسِ الذُلَّ غَيرَ مُكَرَّمِ
فَثِب واثِقاً بِاللَهِ وَثبَةَ ماجِدٍ / يَرى المَوتَ في الهَيجا جَنى النَحلِ في الفَمِ
إِذا ما شَرِبتُ الخَمرَ صِرفاً مُهَنَّأً
إِذا ما شَرِبتُ الخَمرَ صِرفاً مُهَنَّأً / شَرِبنا الَّذي مِن مِثلِهِ شَرِبَ الكَرمُ
أَلا حَبَّذا قَومٌ نَداماهُمُ القَنا / يُسَقّونَها رَيّاً وَساقيهِمُ العَزمُ
مَلامي النَوى في ظُلمِها غايَةُ الظُلمِ
مَلامي النَوى في ظُلمِها غايَةُ الظُلمِ / لَعَلَّ بِها مِثلَ الَّذي بي مِنَ السُقمِ
فَلَو لَم تَغَر لَم تَزوِ عَنّي لِقاءَكُم / وَلَو لَم تُرِدكُم لَم تَكُن فيكُمُ خَصمي
أَمُنعِمَةٌ بِالعَودَةِ الظَبيَةُ الَّتي / بِغَيرِ وَلِيٍّ كانَ نائِلَها الوَسمي
تَرَشَّفتُ فاها سُحرَةً فَكَأَنَّني / تَرَشَّفتُ حَرَّ الوَجدِ مِن بارِدِ الظُلمِ
فَتاةٌ تَساوى عِقدُها وَكَلامُها / وَمَبسِمُها الدُرِّيُّ في الحُسنِ وَالنَظمِ
وَنَكهَتَها وَالمَندَلِيُّ وَقَرقَفٌ / مُعَتَّقَةٌ صَهباءُ في الريحِ وَالطَعمِ
جَفَتني كَأَنّي لَستُ أَنطَقَ قَومِها / وَأَطعَنَهُم وَالشُهبُ في صورَةِ الدُهمِ
يُحاذِرُني حَتفي كَأَنِّيَ حَتفُهُ / وَتَنكُزُني الأَفعى فَيَقتُلُها سُمّي
طِوالُ الرُدَينِيّاتِ يَقصِفُها دَمي / وَبيضُ السُرَيجِيّاتِ يَقطَعُها لَحمي
بَرَتني السُرى بَريَ المُدى فَرَدَدنَني / أَخَفُّ عَلى المَركوبِ مِن نَفَسي جِرمي
وَأَبصَرَ مِن زَرقاءِ جَوٍّ لِأَنَّني / إِذا نَظَرَت عَينايَ ساواهُما عِلمي
كَأَنّي دَحَوتُ الأَرضَ مِن خِبرَتي بِها / كَأَنّي بَنى الإِسكَندَرُ السَدَّ مِن عَزمي
لِأَلقى اِبنَ إِسحاقَ الَّذي دَقَّ فَهمُهُ / فَأَبدَعَ حَتّى جَلَّ عَن دِقَّةِ الفَهمِ
وَأَسمَعَ مِن أَلفاظِهِ اللُغَةَ الَّتي / يَلَذُّ بِها سَمعي وَلَو ضُمِّنَت شَتمي
يَمينُ بَني قَحطانَ رَأسُ قُضاعَةٍ / وَعِرنينُها بَدرُ النُجومِ بَني فَهمِ
إِذا بَيَّتَ الأَعداءَ كانَ اِستِماعُهُم / صَريرُ العَوالي قَبلَ قَعقَعَةِ اللُجمِ
مُذِلُّ الأَعِزّاءِ المُعِزُّ وَإِن يَئن / بِهِ يُتمُهُم فَالموتِمُ الجابِرُ اليُتمِ
وَإِن تُمسِ داءً في القُلوبِ قَناتُهُ / فَمُمسِكُها مِنهُ الشِفاءُ مِنَ العُدمِ
مُقَلَّدُ طاغي الشَفرَتَينِ مُحَكَّمٍ / عَلى الهامِ إِلّا أَنَّهُ جائِرُ الحُكمِ
تَحَرَّجَ عَن حَقنِ الدِماءِ كَأَنَّهُ / يَرى قَتلَ نَفسٍ تَركَ رَأسٍ عَلى جِسمِ
وَجَدنا اِبنَ إِسحاقَ الحُسَينِ كَجَدِّهِ / عَلى كَثرَةِ القَتلى بَريئاً مِنَ الإِثمِ
مَعَ الحَزمِ حَتّى لَو تَعَمَّدَ تَركَهُ / لَأَلحَقَهُ تَضيِيعُهُ الحَزمَ بِالحَزمِ
وَفي الحَربِ حَتّى لَو أَرادَ تَأَخُّراً / لَأَخَّرَهُ الطَبعُ الكَريمُ إِلى القُدمِ
لَهُ رَحمَةٌ تُحيّ العِظامَ وَغَضبَةٌ / بِها فَضلَةٌ لِلجُرمِ عَن صاحِبِ الجُرمِ
وَرِقَّةُ وَجهٍ لَو خَتَمتَ بِنَظرَةٍ / عَلى وَجنَتَيهِ ما اِنمَحى أَثَرُ الخَتمِ
أَذاقَ الغَواني حُسنُهُ ما أَذَقنَني / وَعَفَّ فَجازاهُنَّ عَنّي عَلى الصُرمِ
فِدىً مَن عَلى الغَبراءِ أَوَّلُهُم أَنا / لِهَذا الأَبِيِّ الماجِدِ الجائِدِ القَرمِ
لَقَد حالَ بَينَ الجِنِّ وَالأَمنِ سَيفُهُ / فَما الظَنُّ بَعدَ الجِنِّ بِالعُربِ وَالعُجمِ
وَأَرهَبَ حَتّى لَو تَأَمَّلَ دِرعَهُ / جَرَت جَزَعاً مِن غَيرِ نارٍ وَلا فَحمِ
وَجادَ فَلَولا جودُهُ غَيرَ شارِبٍ / لَقيلَ كَريمٌ هَيَّجَتهُ اِبنَةُ الكَرمِ
أَطَعناكَ طَوعَ الدَهرِ يا اِبنَ اِبنِ يوسُفٍ / لِشَهوَتِنا وَالحاسِدو لَكَ بِالرُغمِ
وَثِقنا بِأَن تُعطي فَلَو لَم تَجُد لَنا / لَخِلناكَ قَد أَعطَيتَ مِن قُوَّةِ الوَهمِ
دُعيتُ بِتَقريظيكَ في كُلِّ مَجلِسٍ / وَظَنَّ الَّذي يَدعو ثَنائي عَلَيكَ اِسمي
وَأَطعَمتَني في نَيلِ مالا أَنالُهُ / بِما نِلتُ حَتّى صِرتُ أَطمَعُ في النَجمِ
إِذا ما ضَرَبتَ القِرنَ ثُمَّ أَجَزتَني / فَكِل ذَهَباً لي مَرَّةً مِنهُ بِالكَلمِ
أَبَت لَكَ ذَمّي نَخوَةٌ يَمَنِيَّةٌ / وَنَفسٌ بِها في مَأزِقٍ أَبَداً تَرمي
فَكَم قائِلٍ لَو كانَ ذا الشَخصُ نَفسَهُ / لَكانَ قَراهُ مَكمَنَ العَسكَرِ الدَهمِ
وَقائِلَةٍ وَالأَرضَ أَعني تَعَجُّباً / عَلَيَّ اِمرُؤٌ يَمشي بِوَقري مِنَ الحِلمِ
عَظُمتَ فَلَمّا لَم تُكَلَّم مَهابَةً / تَواضَعتَ وَهوَ العُظمُ عُظماً عَنِ العُظمِ
نَرى عِظَماً بِالبَينِ وَالصَدُّ أَعظَمُ
نَرى عِظَماً بِالبَينِ وَالصَدُّ أَعظَمُ / وَنَتَّهِمُ الواشينَ وَالدَمعُ مِنهُمُ
وَمَن لُبُّهُ مَع غَيرِهِ كَيفَ حالُهُ / وَمَن سِرُّهُ في جَفنِهِ كَيفَ يَكتُمُ
وَلَمّا اِلتَقَينا وَالنَوى وَرَقيبُنا / غَفولانِ عَنّا ظِلتُ أَبكي وَتَبسِمُ
فَلَم أَرَ بَدراً ضاحِكاً قَبلَ وَجهِها / وَلَم تَرَ قَبلي مَيِّتاً يَتَكَلَّمُ
ظَلومٌ كَمَتنَيها لِصَبٍّ كَخَصرِها / ضَعيفِ القُوى مِن فِعلِها يَتَظَلَّمُ
بِفَرعٍ يُعيدُ اللَيلَ وَالصُبحُ نَيِّرٌ / وَوَجهٍ يُعيدُ الصُبحَ وَاللَيلُ مُظلِمُ
فَلَو كانَ قَلبي دارَها كانَ خالِياً / وَلَكِنَّ جَيشَ الشَوقِ فيهِ عَرَمرَمُ
أَثافٍ بِها ما بِالفُؤادِ مِنَ الصَلى / وَرَسمٌ كَجِسمي ناحِلٌ مُتَهَدِّمُ
بَلَلتُ بِها رُدنَيَّ وَالغَيمُ مُسعِدي / وَعَبرَتُهُ صِرفٌ وَفي عَبرَتي دَمُ
وَلَو لَم يَكُن ما اِنهَلَّ في الخَدِّ مِن دَمي / لَما كانَ مُحمَرّاً يَسيلُ فَأَسقَمُ
بِنَفسي الخَيالُ الزائِري بَعدَ هَجعَةٍ / وَقَولَتُهُ لي بَعدَنا الغُمضَ تَطعَمُ
سَلامٌ فَلَولا الخَوفُ وَالبُخلُ عِندَهُ / لَقُلتُ أَبو حَفصٍ عَلَينا المُسَلِّمُ
مُحِبُّ النَدى الصابي إِلى بَذلِ مالِهِ / صُبوّاً كَما يَصبو المُحِبُّ المُتَيَّمُ
وَأُقسِمُ لَولا أَنَّ في كُلِّ شَعرَةٍ / لَهُ ضَيغَماً قُلنا لَهُ أَنتَ ضَيغَمُ
أَنَنقُصُهُ مِن حَظِّهِ وَهوَ زائِدٌ / وَنَبخَسُهُ وَالبَخسُ شَيءٌ مُحَرَّمُ
يَجِلُّ عَنِ التَشبيهِ لا الكَفُّ لُجَّةٌ / وَلا هُوَ ضِرغامٌ وَلا الرَأيُ مِخذَمُ
وَلا جُرحُهُ يُؤسى وَلا غَورُهُ يُرى / وَلا حَدُّهُ يَنبو وَلا يَتَثَلَّمُ
وَلا يُبرَمُ الأَمرُ الَّذي هُوَ حالِلٌ / وَلا يُحلَلُ الأَمرُ الَّذي هُوَ مُبرِمُ
وَلا يَرمَحُ الأَذيالُ مِن جَبَرِيَّةٍ / وَلا يَخدُمُ الدُنيا وَإِيّاهُ تَخدُمُ
وَلا يَشتَهي يَبقى وَتَفنى هِباتُهُ / وَلا تَسلَمُ الأَعداءُ مِنهُ وَيَسلَمُ
أَلَذُّ مِنَ الصَهباءِ بِالماءِ ذِكرُهُ / وَأَحسَنُ مِن يُسرٍ تَلَقّاهُ مُعدِمُ
وَأَغرَبُ مِن عَنقاءَ في الطَيرِ شَكلُهُ / وَأَعوَزُ مِن مُستَرفِدٍ مِنهُ يُجرَمُ
وَأَكثَرُ مِن بَعدِ الأَيادي أَيادِياً / مِنَ القَطرِ بَعدَ القَطرِ وَالوَبلُ مُثجِمُ
سَنِيُّ العَطايا لَو رَأى نَومَ عَينِهِ / مِنَ اللُؤمِ آلى أَنَّهُ لا يُهَوِّمُ
وَلَو قالَ هاتوا دِرهَماً لَم أَجُد بِهِ / عَلى سائِلٍ أَعيا عَلى الناسِ دِرهَمُ
وَلَو ضَرَّ مَرءً قَبلَهُ ما يَسُرُّهُ / لاَثَّرَ فيهِ بَأسُهُ وَالتَكَرُّمُ
يُرَوّي بِكَالفِرصادِ في كُلِّ غارَةٍ / يَتامى مِنَ الأَغمادِ تُنضى فَتوتِمُ
إِلى اليَومِ ما حَطَّ الفِداءُ سُروجَهُ / مُذُ الغَزوُ سارٍ مُسرَجُ الخَيلِ مُلجَمُ
يَشُقُّ بِلادَ الرومِ وَالنَقعُ أَبلَقٌ / بِأَسيافِهِ وَالجَوُّ بِالنَقعِ أَدهَمُ
إِلى المَلِكِ الطاغي فَكَم مِن كَتيبَةٍ / تُسايِرُ مِنهُ حَتفَها وَهيَ تَعلَمُ
وَمِن عاتِقٍ نَصرانَةٍ بَرَزَت لَهُ / أَسيلَةِ خَدٍّ عَن قَريبٍ سَتُلطَمُ
صُفوفاً لِلَيثٍ في لُيوثٍ حُصونُها / مُتونُ المَذاكي وَالوَشيجُ المُقَوَّمُ
تَغيبُ المَنايا عَنهُمُ وَهوَ غائِبٌ / وَتَقدَمُ في ساحاتِهِم حينَ يَقدَمُ
أَجِدَّكَ ما تَنفَكُّ عانٍ تَفُكُّهُ / عُمَ اِبنَ سُلَيمانَ وَمالٌ تُقَسِّمُ
مُكافيكَ مَن أَولَيتَ دينَ رَسولِهِ / يَداً لا تُؤَدّي شُكرَها اليَدُ وَالفَمُ
عَلى مَهَلٍ إِن كُنتَ لَستَ بِراحِمٍ / لِنَفسِكَ مِن جودٍ فَإِنَّكَ تُرحَمُ
مَحَلُّكَ مَقصودٌ وَشانيكَ مُفحَمُ / وَمِثلُكَ مَفقودٌ وَنَيلُكَ خِضرِمُ
وَزارَكَ بي دونَ المُلوكِ تَحَرُّجي / إِذا عَنَّ بَحرٌ لَم يَجُز لي التَيَمُّمُ
فَعِش لَو فَدى المَملوكُ رَبّاً بِنَفسِهِ / مِنَ المَوتِ لَم تُفقَد وَفي الأَرضِ مُسلِمُ
أَجارُكِ يا أُسدَ الفَراديسِ مُكرَمُ
أَجارُكِ يا أُسدَ الفَراديسِ مُكرَمُ / فَتَسكُنَ نَفسي أَم مُهانٌ فَمُسلَمُ
وَرائي وَقُدّامي عُداةٌ كَثيرَةٌ / أُحاذِرُ مِن لِصٍّ وَمِنكِ وَمِنهُمُ
فَهَل لَكِ في حِلفي عَلى ما أُريدُهُ / فَإِنّي بِأَسبابِ المَعيشَةِ أَعلَمُ
إِذاً لَأَتاكِ الخَيرُ مِن كُلِّ وِجهَةٍ / وَأَثرَيتِ مِمّا تَغنَمينَ وَأَغنَمُ
أَلا لا أَرى الأَحداثَ حَمداً وَلا ذَمّا
أَلا لا أَرى الأَحداثَ حَمداً وَلا ذَمّا / فَما بَطشُها جَهلاً وَلا كَفُّها حِلما
إِلى مِثلِ ما كانَ الفَتى مَرجِعُ الفَتى / يَعودُ كَما أُبدي وَيُكري كَما أَرمى
لَكِ اللَهُ مِن مَفجوعَةٍ بِحَبيبِها / قَتيلَةِ شَوقٍ غَيرِ مُلحِقِها وَصما
أَحِنُّ إِلى الكَأسِ الَّتي شَرِبَت بِها / وَأَهوى لِمَثواها التُرابَ وَما ضَمّا
بَكَيتُ عَلَيها خيفَةً في حَياتِها / وَذاقَ كِلانا ثُكلَ صاحِبِهِ قِدما
وَلَو قَتَلَ الهَجرُ المُحِبّينَ كُلَّهُم / مَضى بَلَدٌ باقٍ أَجَدَّت لَهُ صَرما
عَرَفتُ اللَيالي قَبلَ ما صَنَعَت بِنا / فَلَمّا دَهَتني لَم تَزِدني بِها عِلما
مَنافِعُها ما ضَرَّ في نَفعِ غَيرِها / تَغَذّى وَتَروى أَن تَجوعَ وَأَن تَظما
أَتاها كِتابي بَعدَ يَأسٍ وَتَرحَةٍ / فَماتَت سُروراً بي فَمُتُّ بِها غَمّا
حَرامٌ عَلى قَلبي السُرورُ فَإِنَّني / أَعُدُّ الَّذي ماتَت بِهِ بَعدَها سُمّا
تَعَجَّبُ مِن خَطّي وَلَفظي كَأَنَّها / تَرى بِحُروفِ السَطرِ أَغرِبَةً عُصما
وَتَلثَمُهُ حَتّى أَصارَ مِدادُهُ / مَحاجِرَ عَينَيها وَأَنيابَها سُحما
رَقا دَمعُها الجاري وَجَفَّت جُفونُها / وَفارَقَ حُبّي قَلبَها بَعدَ ما أَدمى
وَلَم يُسلِها إِلّا المَنايا وَإِنَّما / أَشَدُّ مِنَ السُقمِ الَّذي أَذهَبَ السُقما
طَلَبتُ لَها حَظّاً فَفاتَت وَفاتَني / وَقَد رَضِيَت بي لَو رَضيتُ بِها قِسما
فَأَصبَحتُ أَستَسقي الغَمامُ لِقَبرِها / وَقَد كُنتُ أَستَسقي الوَغى وَالقَنا الصُمّا
وَكُنتُ قُبَيلَ المَوتِ أَستَعظِمُ النَوى / فَقَد صارَتِ الصُغرى الَّتي كانَتِ العُظمى
هَبيني أَخَذتُ الثَأرَ فيكِ مِنَ العِدا / فَكَيفَ بِأَخذِ الثَأرِ فيكِ مِنَ الحُمّى
وَما اِنسَدَّتِ الدُنيا عَلَيَّ لِضيقِها / وَلَكِنَّ طَرفاً لا أَراكِ بِهِ أَعمى
فَوا أَسَفا أَن لا أُكِبَّ مُقَبِّلاً / لِرَأسِكِ وَالصَدرِ الَّذي مُلِئا حَزما
وَأَن لا أُلاقي روحَكِ الطَيِّبَ الَّذي / كَأَنَّ ذَكِيَّ المِسكِ كانَ لَهُ جِسما
وَلَو لَم تَكوني بِنتَ أَكرَمِ والِدٍ / لَكانَ أَباكِ الضَخمَ كَونُكِ لي أُمّا
لَئِن لَذَّ يَومُ الشامِتينَ بِيَومِها / فَقَد وَلَدَت مِنّي لِأَنفِهِمُ رَغما
تَغَرَّبَ لا مُستَعظِماً غَيرَ نَفسِهِ / وَلا قابِلاً إِلّا لِخالِقِهِ حُكما
وَلا سالِكاً إِلّا فُؤادَ عَجاجَةٍ / وَلا واجِداً إِلّا لِمَكرُمَةٍ طَعما
يَقولونَ لي ما أَنتَ في كُلِّ بَلدَةٍ / وَما تَبتَغي ما أَبتَغي جَلَّ أَن يُسمى
كَأَنَّ بَنيهِم عالِمونَ بِأَنَّني / جَلوبٌ إِلَيهِم مِن مَعادِنِهِ اليُتما
وَما الجَمعُ بَينَ الماءِ وَالنارِ في يَدي / بِأَصعَبَ مِن أَن أَجمَعَ الجَدَّ وَالفَهما
وَلَكِنَّني مُستَنصِرٌ بِذُبابِهِ / وَمُرتَكِبٌ في كُلِّ حالٍ بِهِ الغَشما
وَجاعِلُهُ يَومَ اللِقاءِ تَحِيَّتي / وَإِلّا فَلَستُ السَيِّدَ البَطَلَ القَرما
إِذا فَلَّ عَزمي عَن مَدىً خَوفُ بُعدِهِ / فَأَبعَدُ شَيءٍ مُمكِنٌ لَم يَجِد عَزما
وَإِنّي لَمِن قَومٍ كَأَنَّ نُفوسَنا / بِها أَنَفٌ أَن تَسكُنَ اللَحمَ وَالعَظما
كَذا أَنا يا دُنيا إِذا شِئتِ فَاِذهَبي / وَيا نَفسُ زيدي في كَرائِهِها قُدما
فَلا عَبَرَت بي ساعَةٌ لا تُعِزُّني / وَلا صَحِبَتني مُهجَةٌ تَقبَلُ الظُلما
أَنا لائِمي إِن كُنتُ وَقتَ اللَوائِمِ
أَنا لائِمي إِن كُنتُ وَقتَ اللَوائِمِ / عَلِمتُ بِما بي بَينَ تِلكَ المَعالِمِ
وَلَكِنَّني مِمّا شُدِهتُ مُتَيَّمٌ / كَسالٍ وَقَلبي بائِحٌ مِثلُ كاتِمِ
وَقَفنا كَأَنّا كُلُّ وَجدِ قُلوبِنا / تَمَكَّنَ مِن أَذوادِنا في القَوائِمِ
وَدُسنا بِأَخفافِ المَطِيِّ تُرابَها / فَلا زِلتُ أَستَشفي بِلَثمِ المَناسِمِ
دِيارُ اللَواتي دارُهُنَّ عَزيزَةٌ / بِطولِ القَنا يُحفَظنَ لا بِالتَمائِمِ
حِسانُ التَثَنّي يَنقُشُ الوَشيُ مِثلَهُ / إِذا مِسنَ في أَجسامِهِنَّ النَواعِمِ
وَيَبسِمنَ عَن دُرٍّ تَقَلَّدنَ مِثلَهُ / كَأَنَّ التَراقي وُشِّحَت بِالمَباسِمِ
فَمالي وَلِلدُنيا طِلابي نُجومُها / وَمَسعايَ مِنها في شُدوقِ الأَراقِمِ
مِنَ الحِلمِ أَن تَستَعمِلَ الجَهلَ دونَهُ / إِذا اِتَّسَعَت في الحِلمِ طُرقُ المَظالِمِ
وَأَن تَرِدَ الماءَ الَّذي شَطرُهُ دَمٌ / فَتُسقى إِذا لَم يُسقَ مَن لَم يُزاحِمِ
وَمَن عَرَفَ الأَيّامَ مَعرِفَتي بِها / وَبِالناسِ رَوّى رُمحَهُ غَيرَ راحِمِ
فَلَيسَ بِمَرحومٍ إِذا ظَفِروا بِهِ / وَلا في الرَدى الجاري عَلَيهِم بِآثِمِ
إِذا صُلتُ لَم أَترُك مَصالاً لِصائِلٍ / وَإِن قُلتُ لَم أَترُك مَقالاً لِعالِمِ
وَإِلّا فَخانَتني القَوافي وَعاقَني / عَنِ اِبنِ عُبَيدِ اللَهِ ضُعفُ العَزائِمِ
عَنِ المُقتَني بَذلَ التَلادِ تِلادَهُ / وَمُجتَنِبِ البُخلِ اِجتِنابَ المَحارِمِ
تَمَنّى أَعاديهِ مَحَلَّ عُفاتِهِ / وَتَحسُدُ كَفَّيهِ ثِقالُ الغَمائِمِ
وَلا يَتَلَقّى الحَربَ إِلّا بِمُهجَةٍ / مُعَظَّمَةٍ مَذخورَةٍ لِلعَظائِمِ
وَذي لَجَبٍ لاذو الجَناحِ أَمامَهُ / بِناجٍ وَلا الوَحشُ المُثارُ بِسالِمِ
تَمُرُّ عَلَيهِ الشَمسُ وَهيَ ضَعيفَةٌ / تُطالِعُهُ مِن بَينِ ريشِ القَشاعِمِ
إِذا ضَوؤُها لاقى مِنَ الطَيرِ فُرجَةً / تَدَوَّرَ فَوقَ البَيضِ مِثلَ الدَراهِمِ
وَيَخفى عَلَيكَ البَرقُ وَالرَعدُ فَوقَهُ / مِنَ اللَمعِ في حافاتِهِ وَالهَماهِمِ
أَرى دونَ ما بَينَ الفُراتِ وَبَرقَةٍ / ضِراباً يُمَشّي الخَيلَ فَوقَ الجَماجِمِ
وَطَعنَ غَطاريفٍ كَأَنَّ أَكُفَّهُم / عَرَفنَ الرُدَينِيّاتِ قَبلَ المَعاصِمِ
حَمَتهُ عَلى الأَعداءِ مِن كُلِّ جانِبٍ / سُيوفُ بَني طُغجِ بنِ جُفِّ القَماقِمِ
هُمُ المُحسِنونَ الكَرَّ في حَومَةِ الوَغى / وَأَحسَنُ مِنهُ كَرُّهُم في المَكارِمِ
وَهُم يُحسِنونَ العَفوَ عَن كُلِّ مُذنِبٍ / وَيَحتَمِلونَ الغُرمَ عَن كُلِّ غارِمِ
حَيِيّونَ إِلّا أَنَّهُم في نِزالِهِم / أَقَلُّ حَياءً مِن شِفارِ الصَوارِمِ
وَلَولا اِحتِقارُ الأُسدِ شَبَّهتُها بِهِم / وَلَكِنَّها مَعدودَةٌ في البَهائِمِ
سَرى النَومُ عَنّي في سُرايَ إِلى الَّذي / صَنائِعُهُ تَسري إِلى كُلِّ نائِمِ
إِلى مُطلِقِ الأَسرى وَمُختَرِمِ العِدا / وَمُشكي ذَوي الشَكوى وَرَغمِ المُراغِمِ
كَريمٌ نَفَضتُ الناسَ لَمّا بَلَغتُهُ / كَأَنَّهُمُ ما جَفَّ مِن زادِ قادِمِ
وَكادَ سُروري لا يَفي بِنَدامَتي / عَلى تَركِهِ في عُمرِيَ المُتَقادِمِ
وَفارَقتُ شَرَّ الأَرضِ أَهلاً وَتُربَةً / بِها عَلَوِيٌّ جَدُّهُ غَيرُ هاشِمِ
بَلى اللَهُ حُسّادَ الأَميرِ بِحِلمِهِ / وَأَجلَسَهُ مِنهُم مَكانَ العَمائِمِ
فَإِنَّ لَهُم في سُرعَةِ المَوتِ راحَةً / وَإِنَّ لَهُم في العَيشِ حَزَّ الغَلاصِمِ
كَأَنَّكَ ما جاوَدتَ مَن بانَ جودُهُ / عَلَيكَ وَلا قاتَلتَ مَن لَم تُقاوِمِ
فِراقٌ وَمَن فارَقتُ غَيرُ مُذَمَّمِ
فِراقٌ وَمَن فارَقتُ غَيرُ مُذَمَّمِ / وَأَمٌّ وَمَن يَمَّمتُ خَيرُ مُيَمَّمِ
وَما مَنزِلُ اللَذّاتِ عِندي بِمَنزِلٍ / إِذا لَم أُبَجَّل عِندَهُ وَأُكَرَّمِ
سَجِيَّةُ نَفسٍ ما تَزالُ مُليحَةً / مِنَ الضَيمِ مَرمِيّاً بِها كُلُّ مَخرَمِ
رَحَلتُ فَكَم باكٍ بِأَجفانِ شادِنٍ / عَلَيَّ وَكَم باكٍ بِأَجفانِ ضَيغَمِ
وَما رَبَّةُ القُرطِ المَليحِ مَكانُهُ / بِأَجزَعَ مِن رَبِّ الحُسامِ المُصَمِّمِ
فَلَو كانَ ما بي مِن حَبيبٍ مُقَنَّعٍ / عَذَرتُ وَلَكِن مِن حَبيبٍ مُعَمَّمِ
رَمى وَاِتَّقى رَميِي وَمِن دونِ ما اِتَّقى / هَوىً كاسِرٌ كَفّي وَقَوسي وَأَسهُمي
إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ / وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ
وَعادى مُحِبّيهِ بِقَولِ عُداتِهِ / وَأَصبَحَ في لَيلٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ
أُصادِقُ نَفسَ المَرءِ مِن قَبلِ جِسمِهِ / وَأَعرِفُها في فِعلِهِ وَالتَكَلُّمِ
وَأَحلُمُ عَن خِلّي وَأَعلَمُ أَنَّهُ / مَتى أَجزِهِ حِلماً عَلى الجَهلِ يَندَمِ
وَإِن بَذَلَ الإِنسانُ لي جودَ عابِسٍ / جَزَيتُ بِجودِ التارِكِ المُتَبَسِّمِ
وَأَهوى مِنَ الفِتيانِ كُلَّ سَمَيذَعٍ / نَجيبٍ كَصَدرِ السَمهَرِيِّ المُقَوَّمِ
خَطَت تَحتَهُ العيسُ الفَلاةَ وَخالَطَت / بِهِ الخَيلُ كَبّاتِ الخَميسِ العَرَمرَمِ
وَلا عِفَّةٌ في سَيفِهِ وَسِنانِهِ / وَلَكِنَّها في الكَفِّ وَالفَرجِ وَالفَمِ
وَما كُلُّ هاوٍ لِلجَميلِ بِفاعِلٍ / وَلا كُلُّ فَعّالٍ لَهُ بِمُتَمِّمِ
فِدىً لِأَبي المِسكِ الكِرامُ فَإِنَّها / سَوابِقُ خَيلٍ يَهتَدينَ بِأَدهَمِ
أَغَرَّ بِمَجدٍ قَد شَخَصنَ وَراءَهُ / إِلى خُلُقٍ رَحبٍ وَخَلقٍ مُطَهَّمِ
إِذا مَنَعَت مِنكَ السِياسَةُ نَفسَها / فَقِف وَقفَةً قُدّامَهُ تَتَعَلَّمِ
يَضيقُ عَلى مَن رائَهُ العُذرُ أَن يُرى / ضَعيفَ المَساعي أَو قَليلَ التَكَرُّمِ
وَمَن مِثلُ كافورٍ إِذا الخَيلُ أَحجَمَت / وَكانَ قَليلاً مَن يَقولُ لَها اِقدُمي
شَديدُ ثَباتِ الطَرفِ وَالنَقعُ واصِلٌ / إِلى لَهَواتِ الفارِسِ المُتَلَثِّمِ
أَبا المِسكِ أَرجو مِنكَ نَصراً عَلى العِدا / وَآمُلُ عِزّاً يَخضِبُ البيضَ بِالدَمِ
وَيَوماً يَغيظُ الحاسِدينَ وَحالَةً / أُقيمُ الشَقا فيها مَقامَ التَنَعُّمِ
وَلَم أَرجُ إِلّا أَهلَ ذاكَ وَمَن يُرِد / مَواطِرَ مِن غَيرِ السَحائِبِ يَظلِمِ
فَلَو لَم تَكُن في مِصرَ ما سِرتُ نَحوَها / بِقَلبِ المَشوقِ المُستَهامِ المُتَيَّمِ
وَلا نَبَحَت خَيلي كِلابُ قَبائِلٍ / كَأَنَّ بِها في اللَيلِ حَملاتِ دَيلَمِ
وَلا اِتَّبَعَت آثارَنا عَينُ قائِفٍ / فَلَم تَرَ إِلّا حافِراً فَوقَ مَنسِمِ
وَسَمنا بِها البَيداءَ حَتّى تَغَمَّرَت / مِنَ النيلِ وَاِستَذرَت بِظِلِّ المُقَطَّمِ
وَأَبلَخَ يَعصي بِاِختِصاصي مُشيرَهُ / عَصَيتُ بِقَصديهِ مُشيري وَلوَّمي
فَساقَ إِلَيَّ العُرفَ غَيرَ مُكَدَّرٍ / وَسُقتُ إِلَيهِ الشُكرَ غَيرَ مُجَمجَمِ
قَدِ اِختَرتُكَ الأَملاكَ فَاِختَر لَهُم بِنا / حَديثاً وَقَد حَكَّمتُ رَأيَكَ فَاِحكُمِ
فَأَحسَنُ وَجهٍ في الوَرى وَجهُ مُحسِنٍ / وَأَيمَنُ كَفٍّ فيهِمُ كَفُّ مُنعِمِ
وَأَشرَفُهُم مَن كانَ أَشرَفَ هِمَّةً / وَأَكبَرَ إِقداماً عَلى كُلِّ مُعظَمِ
لِمَن تَطلُبُ الدُنيا إِذا لَم تُرِد بِها / سُرورَ مُحِبٍّ أَو إِساءَةَ مُجرِمِ
وَقَد وَصَلَ المُهرُ الَّذي فَوقَ فَخذِهِ / مِنِ اِسمِكِ ما في كُلِّ عُنقٍ وَمِعصَمِ
لَكَ الحَيَوانُ الراكِبُ الخَيلَ كُلُّهُ / وَإِن كانَ بِالنيرانِ غَيرَ مُوَسَّمِ
وَلَو كُنتُ أَدري كَم حَياتي قَسَمتُها / وَصَيَّرتُ ثُلثَيها اِنتِظارَكَ فَاِعلَمِ
وَلَكِنَّ ما يَمضي مِنَ العُمرِ فائِتٌ / فَجُد لي بِحَظِّ البادِرِ المُتَغَنِّمِ
رَضيتُ بِما تَرضى بِهِ لي مَحَبَّةً / وَقُدتُ إِلَيكَ النَفسَ قَودَ المُسَلِّمِ
وَمِثلُكَ مَن كانَ الوَسيطَ فُؤادُهُ / فَكَلَّمَهُ عَنّي وَلَم أَتَكَلَّمِ
تضاحَكَ مِنّا دهرُنا لعتابنا
تضاحَكَ مِنّا دهرُنا لعتابنا / وعلَّمَنا التمويهَ لو نَتَعَلَّمُ
شريفٌ زُغاوِيٌّ وزانٍ مُذَكَّرٌ / وأعمَشُ كحّالٌ وأعمى مُنَجِّمُ