القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 5
تلبَّد لكن ما حكاه غمام
تلبَّد لكن ما حكاه غمام / وناح ولكن أين منه حمام
ألا ليت إحساسا وسلوى تجمعا / وكيف وهل يلفى سنى وظلام ؟
فمن أين للحساس قلب يريحه / ومن أين للقلب الغبيِّ غرام ؟
أكلُّ نسيم للأسى هبَّ زعزع / وكل ضباب للهموم قتام ؟
تطلَّب دقيقات الأمور تفز بها / وخل التي تنوي فتلك جسام
أإن عنَّ في جنح الدجى بارق الحمى
أإن عنَّ في جنح الدجى بارق الحمى / طويت على الشوق الفؤاد المتيما
وباتت تعانيها ضلوعك جذوة / تضيئ إذا ما طارق الوجد أظلما
جهدت فلم تملك مع الحب مهجة / بها لم يصح الشوق إلا لتسقما
تود وفيه الحزم لو كانت بالحشا / ضنينا ويأبى الحب الا تكرما
سلوت الهوى فليردد النوم سالب / فجفني لم يخلق لكيلا يهوما
فما أنا من ريم الحمى بمكانه / تهون من قدري لديه ليكرما
ولا أنا ممن يقتفي الجهل كاشفاً / فؤادي مرمى للغواني مرجما
ومالي وسلسال بخد مرقرق / نصيبي منه لوعة تورث الظما
قلى لك يا ظبي الصريم وللهوى / فذاك زمان كان ثم تصرما
بمثل الذي راشت لحاظك للحشا / رماني زماني لا عفا الله عنكما
وما فيك يا عرش الشباب مزية / على الشيب الا السير فيك على عمى
سلمت وقد أسلمتني بيد الأسى / كأني إلى الموت اتخذتك سلما
خليلي هل كان السها قبل واجدا ً / خفوق الحشا أم من فؤادي تعلما ؟
وهل بحمام الأيك ما بي من الأسى / شكا فتغني واستراب فجمجما
أظنك ما رنمت إلا تجلداً / وإن قال أقوام سلا فترنما
وما ذاك من ظلم الطبيعة أن ترى / شجياً ولكن كي ترى الحزن مثلما
ولم تبكك الأزهار وجداً وانما / نثرت عليهن الجمان المنظما
فنح ينح القلب المعنى فانما / أقام علينا الليل بالحزن مأتما
وبح لي بأسرار الغرام فرحمة / بأهل الهوى غني مغن ونغما
ولا تحذر الشهب الدراري فلم يدع / لها برح الشهبين قلبا لتعلما
ومنك تعلمت القريض منمنماً / فحق بان أهديك شكري منمنما
فلا تبتئس أن آلمتك حوادث / فأن قصارى الحر ان يتالما
افي كل يوم للحواسد جولة / ارى مقدماً فيها الذي كان محجما
كأن لم أسر من مقولي في كتيبة / ولا حملت كفي اليراع المصمما
ولا كان لي البدر المعلى مسامراً / وان كنت أعلى منه قدراً واكراما
يدي هذه رهنٌ بما يَدَّعى فمي
يدي هذه رهنٌ بما يَدَّعى فمي / لئن لم يحكِّمْ عقلَه الشعبُ يندمِ
هتفتُ وما أنفك أهتِف صارخاً / ولو حرّموا مسِّي ولو حلَّلوا دمي
ولو فتّشوا قلبي رأوا في صميمه / خلاصةَ هذا العالمِ المتألِّم
إذا تُرك الجُمهورُ يَمضي لشأنه / ويسلُك من أهوائه كلَّ مَخْرِم
وتنتابُهُ الأهواء من كلِّ جانبٍ / وترمي به شتى المهاوي فيرتمي
وتُنْشَر فيه كلَّ يوم دِعايةٌ / ويندسُّ فيها كلُ فكر مسمِّم
وتَقضي عليه فُرقة من مسدّر / وتُنْهكُه رجعيةٌ من معمَّم
ولم تلدِ الدنيا له من مؤدِّب / يهذب من عاداته ومقوِّم
فلا بد من عُقْبى تسوء ذوي النهى / وتَدمى بها سبابةُ المتندِّم
ولا بد أن يمشي العراقُ لعيشة / يشرَّفُ فيها أو لموت محتَّم
أقول لأوطانٍ تمشت جريئةً / يَمدُّ خطاها كلُّ أصيدَ ضيغم
وقرَّ بها مما تحاول أنها / رأت في اكتساب العزِّ أكبر مغنم
ألا شعلةٌ من هذه الروحِ تنجلى / على وطن ريانَ بالذُّل مُفْعَم
خذي كلَّ كذّاب فَسُلِّي لسانه / ومُرّي على ظُفر الدنيِّ فَقَلِّمي
ومُرِّي على هذي الهياكل أقبلت / عليها الجمْاهير الرُّعاع فحطِّمي
وإن كان لا يبقى على الحال هذه / سوى واحد من كل ألف فأنعم
فأحسنُ من هذي التماثيل ثُلّةٌ / تقوم على هذا البناء المرمَّم
فقد لعِبَت كفُّ التذبذب دورَها / به واستباحت منه كلَّ مُحرَّم
وقد ظهرت فيه المخازي جليةً / يضيق بها حتى مجالُ التكلُّم
وقد صيحَ نهباً بالبلادِ ومُزِّقت / بظفُرٍ وداسوها بخُفٍّ و مَنْسِم
وإني وإن لم يبق قول لقائل / ولم يتركِ الأقوامُ من متردمِّ
فلا بدَّ أن أُبكيكَ فيما أقصُّه / عليك من الوضع الغريب المذمَّم
ألا إن هذا الشَعبَ شعبٌ تواثَبَتََْ / عليهَ صروفُ الدهر من كل مَجْثم
مقيمٌ على البْلوى لِزاماً إذا انبرت / له نكبةٌ عظمى تَهون بأعظم
يجور عليه الحكمُ من متآمرٍ / وتمشي به الأهواءُ من متزعِّم
مساكينُ أمثالُ المطايا تسخَّرتْ / على غيرِ هدْيٍ منهمُ وتَفَهُّم
فلا الحكمُ بالحكم الصحيح المتمَّمِ / ولا الشعبُ بالشعب الرزين المعلَّم
تَحَدَّتْهُ أصنافُ الرزايا فضيَّقَت / عليه ولا تضييقَ فقر مخيِّم
فقد أُتخمت شمُّ " البُنوك " وأشرقت / بأموال نّهابٍ فصيحٍ وأعجم
تُنُوهِبْنَ من أقوات طاوٍ ضلوعَه / على الجْوع أو من دمع ثكلى وأيِّم
يُباع لتسديد الضرائب مِلْحَفٌ / وباقي رِتاج أو حصير مثلَّم
وما رفع الدُّستورُ حيفاً وإنما / أتونا به للنَّهْب ألطفَ سَلَم
ستارٌ بديعُ النسجِ حيكَ ليختفي / بها الشعبُ مقتولاً تضرَّجَ بالدم
به وجدت كفُّ المظالم مَكْمَناً / تحوم عليه أنَّةُ المتظلِّم
نلوذ به من صَوْلة الظلم كالذي / يفرِ من الرَّمضاءِ بالنار يحتمي
بضوء الدساتير استنارت ممالكٌ / تخبَّطُ في ليل من الجْهل مظلم
وها نحن في عصر من النور نشتكي / غَوايةَ دُستور من الغِش مبهم
هنالك في قَصْرٍ أُعدت قِبابه / لتدخينِ بطّالين هوجٍ ونُوّم
تُصَبُّ على الشعب الرزايا وإنما / يَصُبُّونها فيه بشكل منظَّم
مضت هَدرَاً تلك الدماءُ ونُصِّبَتْ / ضِخامُ الكراسي فوق هَامٍ محطَّم
ولما استَتَمَّ الامرُ وارتدَّ معشَرٌ / خلاءَ اكُفٍّ من نِهاب مقسَّم
ورُدَّت على الأعقاب زَحفاً معاشرٌ / تُحاولُ عَودْاً من حِطامٍ مركَّم
بدا الشر مخلوعَ القِناع وكُشِّفَت / نوايا صدورٍ قُنِّعت بالتكتُّم
وبان لنا الوضعُ الذي ينعَتُونَه / مضيئاً بشكل العابس المتجهِّم
ألا قُوَّةٌ تسطيعُ دفع المَظالِمِ
ألا قُوَّةٌ تسطيعُ دفع المَظالِمِ / وإنعاشَ مخلوقٍ على الذُّلِّ نائِمِ
ألا أعينٌ تُلقي على الشَّعْبِ هاوياً / إلى حَمْأةِ الإدقاعِ نظرةَ راحم
وهَلْ ما يرجِّي المُصلحونَ يَرونهُ / مواجَهَةً أمْ تلكَ أضغاثُ حالم
تعالَتْ يدُ الاقطاعِ حتَّى تعطَّلَتْ / عنِ البتِّ في احكامِها يدُ حاكم
وحتَّى استبدَّتْ بالسَّوادِ زعانِفٌ / إلى نَفْعِها تستاقُهُ كالبهائم
إذا رُمْتُ أوصافاً تليقُ بحالةٍ / تعرَّفْتُها ضاقَتْ بطونُ المعاجم
ألام نستحي منْ أنْ يُقالَ بلادُهُمْ / عليها مِنَ الإذلالِ ضربةُ لازم
هي الأرضُ لم يَخْصُصُ لها اللهُ مالكاً / يُصَرَّفُها مُسْتَهْتَراً في الجرائم
ولم يَبْغِ منها أنْ يكونَ نَتاجُها / شَقاوةَ مظلومٍ ونعمةَ ظالم
عجِبتُ لخلْقٍ في المَغارِمِ رازِحٍ / يُقدِّمُ ما تجني يداهُ لغانم
وأنكا من هذا التغابُنِ قُرْحَةً / غباوةُ مَخْدومٍ وفِطنةُ خادم
وكمْ مِن خُمولٍ لاحَ في وجه متْرفٍ / وكمْ من نبوغٍ شعَّ في عينِ عادِم
لو اطَّلَعتْ عيناكَ أبصرتَ مأْتَماً / أُقيمَ على الأحياءِ قبلَ المآتم
وإلاّ فما هذا الشَّقاءُ مُسَيْطِراً / لهُ في جباهِ القومِ مثلُ المياسم
إذا أقبلََ " الشيخُ المُطاعُ "وخَلْفَهُ / منَ الزارعين الأرضَ مِثْلُ السَّوائم!
مِنَ المُزهَقي الأرواح يَصلي وجوهَهُمْ / مَهَبُّ أعاصيرٍ ولفحُ سمائم
قِياماً على أعتابهِ يُمطِرونها / خُنوعاً وذُلّاً بالشّفاهِ اللواثم
رأيتَ مثالاً ثَمَّ لابنِ ملائكٍ / تَنَزَّلَ مِن عَليْائهِ وابنِ آدم!
حَنايا مِنَ الأكواخِ تُلقي ظِلالَها / على مِثْلِ جُبٍ باهتِ النُور قاتم
تلوَّتْ سِياطٌ فوقَ ظهرِ مكرَّمٍ / مِن اللُؤمِ مأخوذٍ بسوطِ الألائم
وباتَتْ بطونٌ ساغِباتٌ على طَوىً / وأُتخِمَت الأخرى بِطيبِ المطاعم
أهذي رعايا أُمَّةٍ قد تهيَّأتْ / لِتسْقَبْلَ الدُّنيا بعزمِ المُهاجم!؟
أهذا سوادٌ يُبتغىَ لِمُلِمَّةٍ / ونحتاجُهُ في المأزِق المتلاحِم ؟
أهذي النفوسُ الخاوياتُ ضَراعةً / نُباهي بها الأقرانَ يومَ التَّصادم؟
أمِنْ ساعِدٍ رِخوٍ هَزيلٍ وكاهلٍ / عجوزٍ نُريدُ المُلْكَ ثَبْتَ الدَّعائم!
مِنَ الظلْمِ أنَّا نَطْلُبُ العزمَ صادقاً / من الشعبِ منقوضَ القُوى والعزائم
وأنْ نَنْشُدَ الاخلاصَ في تضحياتهِ / ونحنُ تركناهُ ضحيَّةَ غاشم
وأنْ نبتغي رِكضاً حَثيثاً لِغايةٍ / نُحاوِلُها مِن راسِفٍ في أداهم
لنا حاجةٌ عندَ السَّوادِ عظيمةٌ / سنفقِدُها يومَ اشتدادِ الملاحِم
هُناِلكَ لا تُجدي فتيلاً عِصابةٌ / إذا جَدَّ خطبٌ فهي أوَّلُ راجم
وإنَّ سواداً يحمِلُ الجَوْرَ مُكْرَهاً / فقيرٌ لِهادٍ بَينِ النُصْحِ حازِم
يَشُنُّ على الاقطاعِ حرباً مُبيدةً / ولا يَختشي في الحقِّ لَوْمَةَ لائم
يَمُدُّ يداً تُعطي الضّعافَ حُقوقَهُمْ / ويَسْطو بأخرى باطشاً غيرَ راحم
ويجتَثُّ إقطاعاً أقَرَّتْ جُذُورَهُ / سياسةُ تفريقٍ وحَوْزُ مغانم
سياسةُ إفقارٍ وتجويعُ أُمَّةٍ / وتَسليطُ أفرادٍ جُناةٍ غَواشم
لقد قُلْتُ لو أصغى إلى القولِ سامعٌ / وما هوَ مِّني بالظُنونِ الرّواجم
ألا إنَّ وضعاً لا يكونُ رفاهُهُ / مُشاعاً على أفرادهِ غيرُ دائم
أمبترِداتٌ بالخُمورِ تثلَّجَتْ / وبالماءِ يَغلي بالعُطورِ الفواغِم
ومُفترِشاتٌ فضلةً في زرائبٍ / يُوَسّدُها ما حولَها مِن رَكائم
أمِنْ كدحِ آلافٍ تفيضُ تَعاسةً / يُمَتَّعُ فردٌ بالنعيمِ المُلازِم
وما أنا بالهيَّابِ ثورةَ طامعٍ / ولكنْ جِماعُ الأمرِ ثورةُ ناقم!
فما الجوعُ بالأمرِ اليسيرِ احتمالُهُ / ولا الظُلْمُ بالمرعى الهنيءِ لِطاعِم
نَذيرَكَ مِن خَلْقٍ أُطيلَ امتهانُه / وإنْ باتَ في شكلِ الضَّعيفِ المُسالم
بلادٌ تردَّتْ في مهاوٍ سحيقةٍ / وناءتْ بأحمالٍ ثِقالٍ قواصِم
تَبيتُ على وعدٍ قريبٍ بفتنةٍ / وتُضحي على قَرْنٍ من الشرِّ ناجم
ولو عُولِجَ الاقطاعُ حُمَّ شِفاؤها / ومَنْ لي بطَبٍّ بّينِ الحِذْقِ حاسم؟
ولم أرَ فيما ندَّعي مِن حضارةٍ / وما يَعتري أوضاعَنا مِن تلاؤم
وها إن هذا الشَّعْبَ يَطوي جَناحَهُ / على خَطَرٍ من سَورةِ اليأس داهم
غداً يستفيقُ الحالمونَ إذا مَشَتْ / رواعدُ من غضبابتهِ كالزمازم
ءألا إنما تَبغي العُلى والمكارمُ
ءألا إنما تَبغي العُلى والمكارمُ / من الله أن يَبْقى لهنَّ " مُزاحمُ "
فتى الدولةِ الغراءِ تَعْلَمُ أنَّهُ / عليها إذا نام الخليّونَ قائم
وذو الحكْمِ مرهوباً على المُلكِ ساهرٌ / وفيما يصونُ الحكْمَ والمُلْكَ حازم
وذو الخُلُقِ الضّافي يَخالُ مرّفهاً / وفي الصدر أمواجُ الأسى تتلاطم
يَبِيتُ على شوكِ القَتادَ وَينْطوي / على مَضَضِ حتى تُرَدَّ المظالم
عليمٌ بآدابِ السياسةِ تَنْجلي / لِفِطْنَتِهَ أسرارُها والطلاسم
ضمينٌ إذا ما الجوُّ غامَ بطاريءٍ / جليلٍ ؛ بأن تَنْزاحَ عنه الغمائم
على وجهِهِ سِيماءُ أصيدَ أشوسٍ / وفيه من النفس الطَّموحِ علائم
جَهيرٌ يرى الأقوامُ عندَ احتدامِهِ / إذا أغضبوهُ كيْفَ تدأى الضَراغم
وفي العنفِ فَهوّ الأبْلَقُ الفرد مَنْعَةً / وفي اللِّينِ فهو المصحبُ المتفاهم
لقد مارس الأيامَ ذو خبرةٍ بها / ذكيٌّ لحالاتِ الزمان ِ مُلائم
وما هو إن خيرٌ تحداهُ طائشٌ / ولا هو إن خيرٌ تعدّاهُ نادم
ومرتقبٌ للشرِ والشرُّ غائبٌ / و مسْتَحْقِرٌ للشرّ والشرُّ قادم
على ثقةٍ أنَّ الحياةَ تَراوُحٌ / نسائمُها جوّالةٌ والسمائم
وماشٍ إلى قلبِ الحقودِ بِحيلةٍ / يُداوي بها حتى تُسَلَّ السّخائم
وقد عَلِمَ الأقوامُ أنَّ مُزاحماً / من الشعبِ مخدومٌ وللشّعبِ خادم
ولما اعتلى دَسْتَ الوزارة وُطّدَتْ / بهمتِهِ آساسُها والدعائم
عفيفُ يدٍ لا يَحْسَبُ الحُكمَ مَغْنّما / ولو شاء لم تَعْسُر عليه المغانم
ترفعَّ عن طرْقِ الدنايا فمالَه / سوى المجدِ والقلبِ الجريءِ سلالم
لقد سرّني أنَّ الزّمانَ الذي سطا / عليكَ بحربٍ عاد وَهْوَ مُسالم
وأن ظروفاً ضايَقَتْكَ عوابساً / أتتك تُرَجِّي العفْوَ وَهْيَ بواسم
وقد أيقَنَتْ إذ قاوَمَتْكَ كوارثٌ / بأنَّكَ لا تُسطاعُ حينَ تُقاوم
وَجَدْتُك خشن المسّ تأبى انحلالةً / وتَنْحَلُّ في البلوى الجلودُ النواعم
تلقيت يَقْظانَ الفؤادِ حوادثاً / يُرَوَّعُ منها في التَّخَيُّلِ حالم
وقد كنتَ نادَمْتَ الكثيرَ فلم تَجد / على حينَ عَضَّتْ كُرْبةٌ مَنْ تُنادِم
وقد كانتِ الزلفى إليكَ تَزاحُماً / فأصْبَحَ في الزُّلفْى عليكَ التزاحُمُ
ولم تُلْفِ لما استيقظ الخطبُ واحداً / من َ المانحيكَ الوُدَّ والخَطْبُ نائم
وأنت عَضَدْتَ الملك يَومَ بدا له / يُهدِّدُهُ قَرْنٌ من الشرّ ناجم
تكفَّلْتَهُ مُسْتَعْصِماً بك لائذاً / وليس له إلاكَ واللهُ عاصم
ولم أرَ أقوى منكَ جأشاً وقد عدَتْ / عليكَ العوادي جمةً تتراكم
وأُفرِدتَ مِثْل السيفِ لا مِنْ مُساعِدٍ / سوى ثِقةٍ بالنفس أنَّكَ صارم
ولمّا أبَىَ إلا التَّبلُّجَ ناصعٌ / من الحق لم تقدِرْ عليهِ النمائم
ولم يجدِ الواشون للكيدِ مَطْمَعاً / لديكَ ولم يَخْدِشْ مساعيك واصم
خرجْتَ خروجَ البدر غطَّتْ غمامةٌ / عليه وسرُّ المجدِ أنَّكَ سالم
فللتُرْبِ أفواهٌ رمتْكَ بباطلٍ / ولا سَلِمَتْ أشداقُها والغلاصم
وحُوشيِتَ عن أيّ اجترامٍ وإنّما / تُدَبَّرُ من خَلْفِ الستارِ الجرائم
وصَقْرٍ تحامَتْهُ الصقورُ وراعها / من النظر الغضبانِ موتٌ مُداهم
لقد أحكمت منه الخوافي خؤولةً / ومتت إلى الأعمام منه القوادم
فتى " الحلةِ " الفَيْحاءِ شَدَّتْ عُروقَهُ / بناتُ الفراتِ المنجِباتُ الكرائم
فجئن بأوفى من تُحلُّ له الحُبا / وأمتنَ مَنْ شُدَّتْ عليهِ الحيازم
وطيد الحجى لم تستجدّ له الرُّقَى / صغيراً ولم تَعْلَقْ عليه التمائم
وداهية أعلى العراقَ بمجلسٍ / تصافِحُهُ فيه دُهاةٌ أعاظم
يمثل شعباً يستعدُّ لنهضةٍ / يُرَدُّ عليها مجدُهُ المتقادم
وألطفُ ميزاتِ السياسيِّ أنّه / أديبٌ بأسرارِ البلاغةِ عالم
يؤّيدهُ ذهْنٌ خصيبٌ ومنطقٌ / متينٌ كهُدابِ الدِمَقْسِ وناعم
ورنانةٍ في المحْفِلِ الضَّخْمِ فذّةٍ / تَناقَلُها عن أصغريهِ التراجم
بعيدة مرمى مستفيضٍ بيانُها / يجيْ بها عفواً فتَدْوي العواصم
ومحتملٍ للحقِ مستأنسٍ به / يُرَجّيهِ مظلومٌ ويَخشَاهُ ظالم
يَسُدُّ طريقَ الخَصْمِ حتى يردَّهُ / إلى واضحٍ منْ حُكمِهِ وَهْوَ راغم
وقد أرضت المظلوم والظلمُ مُغْضَبٌ / مواقِفُهُ المستعلياتُ الحواسم
وإنَّ بلاداً أنجبتْكَ سعيدةٌ / وشعباً تَسامَى عِزُّهُ بك غانم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025