القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 4
حلمت ولم أعلم أحلمىَ يقظةٌ
حلمت ولم أعلم أحلمىَ يقظةٌ / لروحيَ أم مالاح أضغاثُ أحلامِ
ولم أستطع تفسيره من تجاربي / ولا من مناجاتي لشهبٍ وأجرام
حلمت كأني في مجاهل غابة / مخاطرها خلفي وفوقي وقدامى
وكل أماني أن شوكاً أدوسه / وليس بصلٍ أو مخالبَ ضرغام
وليس حيالي غير نبت مُمرد / يردّد صيحات الوحوش لأوهامي
وغير خيالاتٍ وأشباح جنَّهِ / موسوسةٍ حتى تَعَّثر إقدامي
وقد أطبقَ الجو الثقيل كأنه / يحاول خنقي في تقننّ اجرام
يطل دمى الشوك العضوض مخاتلا / ويمسكه خوفي ويأسي وإحجامي
وهذي جموع للقرود صراخها / ينافس صرخات الرياح لإيلامي
وفي وحشتي فوجئت غير مؤمَّلٍ / بمسحة نور بدّدت كل إِظلامي
لعل ولىّ الله شربل قائدي / يطيب ما حولى وجسمي والهامي
تخيلته يمضى أمامي مباركا / فتنتفضُ الآياتُ من برهِ الهامي
فألفيت دُنيا غير غابٍ خشيته / مُرنقَّةً بالنور وِالعطر للظامي
تُغرد فيها الراقصات ملائكٌ / وفي كل ركن مُوحيات لأفهام
وأسرارها شتى ولكن تشرّبت / خوالجها أنداءُ عُشبٍ وآكامِ
تَضاحَك فيها الحسنُ وانجابَ شاعراً / خطيباً وكان النبعِ سمفوُن أنغام
وصار حنانُ الجو ينعش مهجتي / ويرعى تعلاتي رعاية أيتام
فقلت ولى الله سُّركض مُنقذي / فشكراً ولىَّ الله تعداد أيامي
وهل لك أن تُسدى لأمتى الهدى / وتنقذها من بؤسها الغامر الطامي
لأوثر هذا عن بقائَي سالما / وأهلي وأوطاني بضيمٍ وإعدام
فقال حرام أنَّ مثلك كادحا / يُضام ويُجزَى التيه ما بين ألغام
وأما بلاد تعبدُ العجل فاسقاً / فيركلها ركلاً مرارا بإحكام
وتنعم بالتضليلِ حتى كأنما / هَو أنٌ لها أن لا تعيش كأنعام
فما طاقتي أو عدل ربى وإن سما / لِيرَقىُ بها يوماً إلى عرشه السامي
دعوني من الدنيا من الأرض والسما
دعوني من الدنيا من الأرض والسما / فإني خلقت اليوم كونا مجسّما
وأسكنت فيه من شواعر مهجتي / ثوائر لا ترضى النفاق الملثما
ولا عالما فيه الغنيمة سبة / وفيه أرى المجد المعلى مهدما
سأهرق من اسرى دمائي تحررا / وأبدلها من نخوتي الحس والدما
سأبدع لي ناموس خلد محتم / فقد سئمت نفسي الفناء المحتما
وأسخر من أوضاع من قد تفردوا / بهدي الورى حتى لقد نشروا العمى
وكم صيروا الإيمان والكفر لعبة / وكم حللوا ما كان قبلا محرما
وعادوا إلى تحريمه ثم حللوا / دواليك حتى ضجت الأرض والسما
سأنبذهم نبذا لقاء جنونهم / فإن جنوني صار أحجى وأحكما
وأمشي على كل الذي هتفوا به / وما ملكوا منه جنانا ولا فما
وأكسر أغلال التقاليد كلها / ولا أرتضي غير التحرر مغنما
فما حدني عقل عتي ولا رؤى / تساورني حتى وإن كن أسلما
تخليت عقل عتي ولا رؤى / تساورني حتى وإن كن أسلما
فألفيت في الأحلام ظل حقيقتي / ووحيا يناجيني وإن عد مبهما
إذن مصر عادت تقتفي مجدها الأسمى
إذن مصر عادت تقتفي مجدها الأسمى / فيا قبلي طيري لها واشبعي لثما
ويا فرحتي لا تكتفي بفريدة / من الشعر بل كوني لها الأمل الجما
ورفي حواليها رؤى تستعيدها / فنونا من الإلهام تكسبها الحزما
شأى الشعر وحي السيف في وثباته / كما اسكن المجد المرفرف والنجما
وبشّر بالأحلام حتى تفتقت / لنشوتها الأحلام أضعافها نغمى
وأنجب فيها للحياة معانيا / ضخاما تعالت لا تحد وقد تنمى
فيا معزف الأرباب جلجل مرحبا / بمصر وبارك أنت وثبتها العظمى
إذا الحكم للجمهور اصبح رائدا / أبى الحق أن يلقى به العار والظلما
وما العدل إلا للمساواة وحدها / فإن هي ضاعت صار ما دونها إثما
فيا أمة النيل المبارك حاذري / وقد نلت ما تهوين أن تخلقي الضيما
ولا تقبلي التفريق في أي مظهر / فمن يقبل التفريق يستأهل الرجما
وما كانت الآثار أبقى على البلى / من العدل لو آثرته مجدك الضخما
أعيذك من وهم يصير عقيدة / فكم أمة هانت بإعزازها الوهما
أعيذ جمالا والزعيم محمدا / بحذقهما من حد مطلبك الأسمى
قد انتزعا من قبل حظّك عنوة / وما برحا والدهر كالطائش الأعمى
تجبّر واشتعلى فرداه صاغرا / وقد كان كالمحموم سكران بالحمى
وها أنت بالعهد الجديد طليقة / ومنجبة أعلام نهضتك الشما
ففي كل شبر من ثراك خميلة / وقد كانت الويلات تغتاله قضما
وفي كل مرأى من سمائك كوكب / يبل بنور منه لوعة من يظما
وفي كل ركن من ربوعك ملجأ / تلوذ به خير المواهب أو تحمى
وفي كل ذهن من بنيك بواعث / لينجب حين الأمس قد ألف العقما
وفي كل قلب نشوة علويّة / فصار إذا يأتم بالخير مؤتما
تبدّلت الأيام حتى كأنّما / بنعمتها لما تزل حولنا حلما
كأن بنانا للمسيح لمسنها / فبدّدن عنها الذعر والحزن والسقما
فيا مصر عضي بالنواجذ حرة / على ما كسبت اليوم واغتنمي اليوما
وهيا أعدي للغد المرتجى على / تبز بإعجاز لها كل ما تما
إخاء وتنظيما وعلما وهمة / وفنا تهز الغافلين أو الصما
ولا تشتكي من لاعج اليتم بعدما / أزلت بهذا النصر من دمك اليتما
ألا في سبيل المجد ما قد غنمته / وها هو قد أضحى لكل الورى غنما
فإنك للأقوام أمثولة الهدى / وما خص شعبا يستفيق ولا قوما
تبارك ربي حين ينصف أمة / تعاف ذليل العيش والياس والنوما
وتدرك أن الفهم من رأس مالها / وهل يقدر الإنسان إن طلق الفهما
ولا تستطيب الموت طوعا لمارد / وتصفعه إن ثار واستمرا اللؤما
ولا ترتضي يوما مساومة له / فمن ساوم الطغيان مقترف جرما
وخان تراثا للجدود مقدسا / كما خان عهدا لا يكيّف أو يسمى
عزيز على مثلي البعاد وقد زهت / منائرك الزهراء تستقيل السلما
عزيز وفي قلبي حنان مؤرق / وحسبي على رغمي مفارقتي الأما
إذا جئت هذا اليوم أزجي تهانئي / فمن قلب محروم تهلّل إذ يدمى
ولكن نفس الحر نفسٌ عجيبةٌ / تعيش على الأضداد مهما تكن غرما
وقد ترفض الشهد السلاف لوهمة / وتعشق موت النبل إذ تكرع السما
فإن لم أزل رهن التزمت ثائرا / فطوعك قلبي المستعز بما ضما
وقفنا لدى الشلال وقفة عابد
وقفنا لدى الشلال وقفة عابد / ففيه لنا نور وفيه ضرام
تغازله الشمس الحيية مثلما / تغازله الأشجار حين تنام
وهذي نجوم أطلعت دون ليلها / وألوانها فوق الغصون مدام
ومن حولها الأدغال لكن تهذّبت / فلا ريبة للناظرين تشام
يغنّي خرير الماء عذبا كأنما / شدت خلفه حور ورف سلام
وهذي الظلال الناعسات تثاءبت / وأسكرها للحالمين غرام
نسيت مرور الوقت أو قول صاحبي / فما هو وقت ينقضي وكلام
هنا مظهر الجنات بل ذاك كنهها / وعما عداها في الحياة يصام
تطلعت مفتونا وحولي أمة / من النبت بل دنيا كذاك تقام
مشاهد شتى من أراض قصيّة / يجمعها للعارفين نظام
ويشملها دفء وأحسب أنها / بألفتها تغنى غنى وترام
تآخت وإن تنسب إلى كل موطن / وباعدها هم وبان خصام
فكيف بنو الإنسان وهو متوج / كأن ضياء العقل فيه ظلام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025