المجموع : 15
خَيالٌ مُلِمُّ أَم حَبيبٌ مُسَلِّمُ
خَيالٌ مُلِمُّ أَم حَبيبٌ مُسَلِّمُ / وَبَرقٌ تَجَلّى أَم حَريقٌ مُضَرَّمُ
لَعَمري لَقَد تامَت فُؤادَكَ تُكتَمُ / وَرَدَّت لَكَ العِرفانَ وَهوَ تَوَهُّمُ
تَعودُكَ مِنها كُلَّما اشتَقتَ ذَكرَةٌ / تَرَقرَقُ مِنها عَبرَةٌ ثُمَّ تَسجُمُ
إِذا شِئتَ أَجرَت أَدمُعي مِن شُؤونَها / رُبوعٌ لَها بِالأَبرَقَينِ وَأَرسُمُ
وَقَفتُ بِها وَالرَكبُ شَتّى سَبيلُهُم / يُفيضونَ مِنهُم عاذِرونَ وَلُوَّمُ
هِيَ الدارُ إِلّا أَنَّها لا تَكَلَّمُ / عَفا مُعلَمٌ مِنها وَأَقفَرُ مَعلَمُ
تُقَيَّضُ لي مِن حَيثُ لا أَعلَمُ النَوى / وَيَسري إِلَيَّ الشَوقُ مِن حَيثُ أَعلَمُ
وَإِنّي لَموقوفُ الضُلوعِ عَلى هَوى / مُبَتَّلَةٍ تَنأى ضِراراً وَتَصرِمُ
خَلَت وَرَأَتني مُغرَماً فَتَجَنَّبَت / وَشَتّانَ فو حُبٍّ خَلِيٌّ وَمُغرَمُ
حَلَفتَ بِما حَجَّت قُرَيشٌ وَحَجَّبَت / وَحازَ المُصَلّى وَالحَطيمُ وَزَمزَمُ
وَأَهلِ مِناً إِذ جاوَزوا الخَيفَ مِن مِناً / وَهُم عُصَبٌ فَوضى مُحِلٌّ وَمُحرِمُ
يُهِلّونَ مِن حَيثُ اِبتَدا الصُبحُ يَرتَقي / سَناهُ إِلى حَيثُ انتَهى اللَيلُ يُظلِمُ
لَقَد جَشِمَ الفَتحُ بنُ خاقانَ خُطَّةً / مِنَ المَجدِ ما يَسطيعُها المُتَجَشِّمِ
يَبيتُ المَضاهي فاتِرَ الطَرفِ دونَها / وَيَعجِزُ عَنها المُقتَدى المُتَعَلِّمِ
مَتى تَلقَهُ تَلقَ المَكارِمَ وَالنَدى / وَبَعضُهُمُ في الفَرطِ وَالحينِ يَكرُمُ
وَما هَذِهِ الأَخلاقُ إِلّا مَواهِبٌ / وَإِلّا حُظوظٌ في الرِجالِ تُقَسَّمُ
تَحَمَّلَ أَعباءَ المَعالي بِأَسرِها / إِذا حُطَّ مِنها مُغرَمٌ عادَ مَغرَمُ
وَقامَ بِما لَو قامَ رَضوى بِبَعضِهِ / هَوى الهَضبُ مِن أَركانِ رَضوى المُلَملَمِ
حُسامُ أَميرِ المُؤمِنينَ الَّذي بِهِ / يُعالِجُ أَدواءَ الأَعادي فَتُحسَمُ
وَما هَزَّهُ إِلّا تَقَرَّرَ عِندَهُ / قَرارَ اليَقينِ أَيُّ سَيفَيهِ أَصرَمُ
أَمَدُّ الرِجالِ لُبثَةً حينَ يَرتَأي / وَأَسرَعُهُم إِمضاءَةً حينَ يَعزِمُ
بِتَسديدِهِ تُلغى الأُمورُ وَتُجتَبى / وَتُنقَضُ أَسبابُ الخُطوبِ وَتُبرَمُ
رَبا في حُجورِ المُلكِ يُغريهِ بِالحِجى / خَلائِفُ مِنهُم مُرشِدٌ وَمُقَوِّمُ
فَآضَ كَما آضَ الحُسامُ تَرادَفَت / عَلَيهِ القُيونُ فَهوَ أَبيَضُ مِخذَمُ
مُدَبِّرُ مُلكٍ أَيُّ رَأيَيهِ صارَعوا / بِهِ الخَطبَ رَدَّ الخَطبَ يَدمى وَيُكلَمُ
وَظَلّامُ أَعداءٍ إِذا بُدِئَ اِعتَدى / بِموجِزَةٍ يَرفَضُّ مِن وَقعِها الدَمُ
وَقورٌ يَرُدُّ العَفوُ فَرطَ شَذاتِهِ / وَفي القَومِ أَشتاتٌ مُليمٌ وَمُحرِمُ
مَلِيٌّ بِأَن يَغشى الكَمِيَّ وَدونَهُ / ظُباً تَتَثَنّى أَو قَناً تَتَحَطَّمُ
وَلَو بَلَغَ الجاني أَقاصِيَ حِلمِهِ / لَأَعقَبَ بَعدَ الحِلمِ مِنهُ التَحَلُّمُ
أَرى المَكرُماتِ استُهلِكَت في مَعاشِرٍ / وَبادَت كَما بادَت جَديسٌ وَجُرهُمُ
أَراحوا مَطاياهُم فَلا الحَمدُ يُبتَغى / وَلا المَجدُ يُستَبقى وَلا المالُ يُهضَمُ
فَأُقسِمُ لَولا جودُ كَفَّيكَ لَم يَكُن / نَوالٌ وَلا ذِكرٌ مِنَ الجودِ يُعلَمُ
وَما البَذلُ بِالشَيءِ الَّذي يَستَطيعُهُ / مِنَ القَومِ إِلّا الأَروَعُ المُتَهَجِّمُ
وَيُحجِمُ أَحياناً عَنِ الجودِ بَعضُ مِن / تَراهُ عَلى مَكروهَةِ السَيفِ يُقدِمُ
إِلَيكَ القَوافي نازِعاتٍ قَواصِداً / يُسَيَّرُ ضاحي وَشيِها وَيُنَمنَمُ
وَمُشرِقَةٍ في النَظمِ غَرّاً يَزيدُها / بَهاءً وَحُسناً أَنَّها لَكَ تُنظَمُ
ضَوامِنُ لِلحَجاتِ إِمّا شَوافِعاً / مُشَفَّعَةً أَو حاكِماتٍ تُحَكَّمُ
وَكائِنٍ غَدَت لي وَهيَ شِعرٌ مَسَيَّرٌ / وَراحَت عَلَيَّ وَهيَ مالٌ مُقَسَّمُ
أَقَصرَ حُمَيدٍ لا عَزاءَ لِمُغرَمِ
أَقَصرَ حُمَيدٍ لا عَزاءَ لِمُغرَمِ / وَلا قَصرَ عَن دَمعٍ وَإِن كانَ مِن دَمِ
أَفي كُلِّ عامٍ لا تَزالُ مُرَوَّعاً / بِفَذِّ نَعِيٍّ تارَةً أَو بِتَوأَمِ
مَضى أَهلُكَ الأَخيارُ إِلّا أَقَلَّهُم / وَبادوا كَما بادَت أَوائِلُ جُرهُمِ
فَصِرتَ كَعُشٍّ خَلَّفَتهُ فِراخُهُ / بِعَلياءِ فَرعِ الأَثلَةِ المُتَهَشِّمِ
أَحَبَّ بَنوكَ المَكرُماتِ فَفُرِّقَت / جَماعَتُهُم في كُلِّ دَهياءَ صَيلَمِ
تَدانَت مَناياهُم بِهِم وَتَباعَدَت / مَضاجِعُهُم عَن تُربِكَ المُتَنَسَّمِ
فَكُلٌّ لَهُ قَبرٌ غَريبٌ بِبَلدَةٍ / فَمِن مُنجِدٍ نائي الضَريحِ وَمُتهِمِ
قُبورٌ بِأَطرافِ الثُغورِ كَأَنَّما / مَواقِعُها مِنها مَواقِعُ أَنجُمِ
بِشاهِقَةِ البَذَّينِ قَبرُ مُحَمَّدٍ / بَعيدٌ عَنِ الباكينَ في كُلِّ مَأتَمِ
تَشُقُّ عَلَيهِ الريحُ كُلَّ عَشِيَّةٍ / جُيوبَ الغَمامِ بَينَ بَكرٍ وَأَيَّمِ
وَقَبرانِ في أَعلى النِباجِ سَقَتهُما / بُروقُ سُيوفِ الغَوثِ غَيثاً مِنَ الدَمِ
أَقَبرا أَبي نَصرٍ وَقَحطَبَةٍ هُما / بِحَيثُ هُما أَم يَذبُلٍ وَيَرَمرَمِ
وَبِالموصِلِ الزَهراءِ مُلحَدُ أَحمَدٍ / وَبَينَ رُبى القاطولِ مَضجَعُ أَصرَمِ
وَكَم طَلَبَتهُم مِن سَوابِقِ عَبرَةٍ / مَتى ما تُنَهنَه بِالمَلامَةِ تَسجُمِ
نَوادِبُ في أَقصى خُراسانَ جاوَبَت / نَوائِحَ في بَغدادَ بُحَّ التَرَنُّمِ
لَهُنَّ عَلَيهِم حَنَّةٌ بَعدَ أَنَّةٍ / وَوَجدٌ كَدُفّاعِ الحَريقِ المُضَرَّمِ
أَبا غانِمٍ أَردى بَنيكَ اِعتِقادُهُم / بِأَنَّ الرَدى في الحَربِ أَكرَمُ مَغنَمِ
مَضوا يَستَلِذّونَ المَنايا حَفيظَةً / وَحِفظاً لِذاكَ السُؤدُدِ المُتَقَدِّمِ
وَما طَعَنوا إِلّا بِرُمحٍ مُوَصَّلٍ / وَما ضَرَبوا إِلّا بِسَيفٍ مُثَلَّمِ
وَلَمّا رَأَوا بَعضَ الحَياةِ مَذَلَّةً / عَلَيهِم وَعِزَّ المَوتِ غَيرَ مُحَرَّمِ
أَبَوا أَن يَذوقوا العَيشَ وَالذَمُّ واقِعٌ / عَلَيهِ وَماتوا مَيتَةً لَم تُذَمَّمِ
وَكُلُّهُمُ أَفضى إِلَيهِ حِمامُهُ / أَميراً عَلى تَدبيرِ جَيشٍ عَرَمرَمِ
تَوَلّى الرَدى مِنهُم بِهَبَّةِ صارِمٍ / وَمَجَّةِ ثُعبانٍ وَعَدوَةِ ضَيغَمِ
حُتوفٌ أَصابَتها الحُتوفُ وَأَسهُمٌ / مِنَ المَوتِ كَرَّ المَوتُ فيها بِأَسهُمِ
تُرى البيضَ لَم تَعرِفُهُم حينَ واجَهَت / وُجوهَهُمُ في المَأزِقِ المُتَهَجِّمِ
وَلَم تَتَذَكَّر رِيَّها بِأَكُفِّهِم / إِذا أَورَدوها تَحتَ أَغبَرَ أَقتَمِ
بَلى غَيرَ أَنَّ السَيفَ أَغدَرُ صاحِبٍ / وَأَكفَرُ مَن نالَتهُ نِعمَةُ مُنعِمِ
بِنَفسي نُفوسٌ لَم تَكُن حَملَةُ العِدى / أَشَدَّ عَلَيهِم مِن وُقوفِ التَكَرُّمِ
وَلَو أَنصَفَت نَبهانُ ما طَلَبَت بِهِم / سِوى المَجدِ إِنَّ المَجدَ خُطَّةُ مَغرَمِ
دَعاها الرَدى بَعدَ الرَدى فَتَتابَعَت / تَتابُعَ مُنبَتِ الفَريدِ المُنَظَّمِ
سَلامٌ عَلى تِلكَ الخَلائِقِ إِنَّها / مُسَلَّمَةٌ مِن كُلِّ عارٍ وَمَأثَمِ
مَساعٍ عِظامٌ لَيسَ يَبلى جَديدُها / وَإِن بَلِيَت مِنهُم رَمائِمُ أَعظُمِ
وَلا عَجَبٌ لِلأُسدِ إِن ظَفِرَت بِها / كِلابُ الأَعادي مِن فَصيحٍ وَأَعجَمِ
فَحَربَةُ وَحشِيٍّ سَقَت حَمزَةَ الرَدى / وَحَتفُ عَلِيٍّ في حُسامِ ابنِ مُلجَمِ
أَبا مُسلِمٍ لا زِلتَ بَينَ مُوَدَّعٍ / مِنَ المُزنِ مَسكوبِ الحَيا وَمُسَلِّم
مَدامِعُ باكٍ مِن بَني الغَيثِ والِهٍ / أَعارَكَها أَو ضاحِكٍ مُتَبَسِّمِ
لَئِن لَم تَمُت نَهبَ السُيوفِ وَلَم تُقِم / بَواكيكَ أَطرافُ الوَشيجِ المُقَوَّمِ
لَبِالرَكضِ في آلِ المَنِيَّةِ مُعلِماً / إِلى كُلِّ قَرمٍ بِالمَنِيَّةِ مُعلِمِ
وَحَملِكَ ثِقلَ الدَرعِ يَحمى حَديدُها / عَلى ضَعفِ جِسمٍ بِالحَديدِ مُهَدَّمِ
وَما جَدَثٌ فيهِ اِبتِسامُكَ لِلنَدى / إِذا أَظلَمَت أَجداثُ قَومٍ بِمُظلِمِ
لِأَيَّةِ حالٍ أَعلَنَ الوَجدَ كاتِمُه
لِأَيَّةِ حالٍ أَعلَنَ الوَجدَ كاتِمُه / وَأَقصَرَ عَن داعي الصَبابَةِ لائِمُه
تَوَلّى سَحابُ الجودِ تَرقا سُجومُهُ / وَجاءَ سَحابُ الدَمعِ تَدمى سَواجِمُه
أَرى خَصماً يا وَهبُ أَصبَحَ حاكِماً / عَلَينا فَما نَدري إِلى مَن نُحاكِمُه
إِذا طِبتُ نَفساً بِالسَلامَةِ رَدَّني / إِلى الحُزنِ دَهرٌ لَيسَ يَسلَمُ سالِمُه
مُعافاتُهُ طَوراً وَطَوراً بَلاؤُهُ / كَما بَردُهُ مَرّاً وَمَرّاً سَمائِمُه
وَما صِرتُ حَربَ الدَهرِ حَتّى أَضاءَ لَي / تَحامُلُهُ الأَوفى عَلى مَن يُسالِمُه
أَيا ناشِدِ الإِحسانِ أَقوَت نُجودُهُ / وَيا ناشِدَ الإِسلامِ أَقوَت تَهائِمُه
وَيا ناعِيَ المَعروفِ أَسمَعتَ طالِباً / فَأَكدى وَمَطلوباً فَأُسلِمَ جارِمُه
رُزِئنا النَدى الرِبعِيَّ حينَ تَهَلَّلَت / بَوارِقُهُ وَجادَنا مُتَراكِمُه
خَليجٌ مِنَ البَحرِ اِنبَرى فَاِنبَرى لَهُ / قَضاءٌ أَبى أَن تَستَبِلَّ حَوائِمُه
وَغُصنُ رَسولِ اللَهِ دَوحَتُهُ الَّتي / لَها حُسنُهُ لَو دامَ في الأَرضِ دائِمُه
وَما يَومُهُ يَومٌ وَلَكِن مَنِيَّةٌ / تَوافى حَصيدُ الدَهرِ فيها وَقائِمُه
فَلَم تَستَطِع دَفعَ المَنونِ حُماتُهُ / وَلَم تَستَطِع دَفعَ الحِمامِ تَمائِمُه
لَهانَ عَلَيهِ المَوتُ لَو كانَ عَسكَراً / يُلاقيهِ أَوخَصماً أَلَدَّ يُخاصِمُه
فَعادَ النَهارُ الجَونُ جَوناً كَأَنَّما / تَجَلَّلَهُ مِن مُصمَتِ اللَيلِ فاحِمُه
مُصابٌ كَأَنَّ الجَوَّ يُعنى بِبَعضِهِ / فَما يَنجَلي في ناظِرِ العَينِ قاتِمُه
وَثُكلٌ لَوَ اَنَّ الشَمسَ تُمنى بِحَرِّهِ / لَأَحرَقَها في جانِبِ الأُفقِ جاحِمُه
وَدَمعٌ مَتى أَسكُبهُ لا أَخشَ لائِماً / وَلَو أَنَّني مِمّا تُفيضُ هَزائِمُه
وَقَبرٌ حَماهُ الجودُ أَن تَنسُجَ الصَبا / عَلَيهِ وَأَن تَعفو عَلَيها مَعالِمُه
سَقَتهُ يَدا ثاوِيهِ حَتّى تَواصَلَت / بِنُوّارِها كُثبانُهُ وَصَرائِمُه
كَذَبناهُ لَم نَجزَع عَلَيهِ وَلَم نُقَم / مَآتِمُنا لَمّا أُقيمَت مَآتِمُه
عَجِبتُ لِأَيدٍ أَحدَرَتهُ وَلَم تَعُد / رَمائِمُ في حَيثُ اِستَقَرَّت رَمائِمُه
أَما وَأَبي النَعشِ الخَفيفِ لَقَد حَوَت / مَآخيرُهُ ثِقلَ العُلا وَمَقادِمُه
بَنى صالِحٌ سوراً عَلى آلِ صالِحٍ / تَحَيَّفَ مِن عِزِّ الخِلافَةِ هادِمُه
لَئِن بانَ مِنّا جودُهُ وَسَماحُهُ / لَقَد بانَ مِنهُم مَجدُهُ وَمَكارِمُه
أَبا حَسَنٍ وَالصَبرُ مَنكِبُ مَن غَدا / عَلى سَنَنٍ وَالحادِثاتُ تُزاحِمُه
وَلَولا اِلتُقى لَم يَردُدِ الدَمعَ رَبُّهُ / وَلَولا الحِجى لَم يَكظِمِ الغَيظَ كاظِمُه
تَعَزَّ فَإِنَّ السَيفَ يَمضي وَإِن وَهَت / حَمائِلُهُ عَنهو وَخَلّاهُ قائِمُه
هُوَ الدَهرُ يَستَدعي الفَناءَ بَقاؤُهُ / عَلَينا وَتَأتي بِالعَظيمِ عَظائِمُه
تَعَثَّرَ في عادٍ وَكانَ طَريقُهُ / عَلى لُبَدٍ إِذ لَم تُطِعهُ قَوادِمُه
وَغادَرَ إيوانَ المَدائِنِ غَدرُهُ / بِكِسرى بنِ ساسانٍ تَرِنُّ حَمائِمُه
وَمِن إِرثِكُم أَعطَت صَفِيَّةُ مُصعَباً / جَميلَ الأَسى لِما اِستُحِلَّت مَحارِمُه
وَثُكلُ اِبنِهِ موفٍ عَلى ثُكلِ نَفسِهِ / فَما كانَ إِلّا صَبرُهُ وَعَزائِمُه
وَعُروَةُ إِذ لا رِجلُهُ اِنصَرَفَت بِهِ / وَقَد خَرَمَت عَنهُ بَنيهِ خَوارِمُه
بَكى أَقرَبوهُ شَجوَهُ وَهوَ ضاحِكٌ / يُعَزّيهِمِ حَتّى تَحَيَّرَ ذائِمُه
وَمَن جَهِلَ الأَمرَ الَّذي هُوَ غايَةٌ / لَمَبدَإِنا هَذا فَإِنَّكَ عالِمُه
وَيَظلِمُكَ المَوتُ الغَشومُ فَتَرتَدي / بِعِزِّ الأُسى حَتّى كَأَنَّكَ ظالِمُه
كَبيرٌ لَدى الرُزءِ الكَبيرِ وَإِنَّما / عَلى قَدرِ جِرمِ الفيلِ تُبنى قَوائِمُه
إِذا شِئتَ أَن تَستَصغِرَ الخَطبَ فَاِلتَفِت / إِلى سَلَفٍ بِالقاعِ أُهمِلَ نائِمُه
وَفيهِ النَبِيُّ المُصطَفى وَعَلِيُّهُ / وَعَبّاسُهُ وَجَعفَراهُ وَقاسِمُه
وَإِن يَكُ أَضحى لِلمَنِيَّةِ هاشِمٌ / فَأَسوَتُهُ فيها وَفي المَجدِ هاشِمُه
دُموعٌ عَلَيها السَكبُ ضَربَةُ لازِمِ
دُموعٌ عَلَيها السَكبُ ضَربَةُ لازِمِ / تُجَدِّدُ مِن عَهدِ الهَوى المُتَقادِمِ
وَقَفنا فَحَيَّينا لِأَهلِكِ بِاللِوى / رُبوعَ دِيارٍ دارِساتِ المَعالِمِ
ذَكَرنا الهَوى العُذرِيَّ فيها فَأُنسِيَت / عَزاها مَشوقاتُ القُلوبِ الهَوائِمِ
خَلَعنا بِها عُذرَ الدُموعِ فَأَقبَلَت / تَلومُ وَتَلحى كُلَّ لاحٍ وَلائِمِ
أَأَنتِ دِيارُ الحَيِّ أَيَّتُها الرُبى ال / أَنيقَةُ أَم دارُ المَها وَالنَعائِمِ
وَسِربُ ظِباءِ الوَحشِ هَذا الَّذي أَرى / أَمامَكِ أَم سِربُ الظِباءِ النَواعِمِ
وَأَدمُعُنا اللاتي عَفاكِ اِنسِجامُها / وَأَبلاكِ أَم صَوبُ الغُيوثِ السَواجِمِ
وَأَيّامُنا فيكِ اللَواتي تَصَرَّمَت / مَعَ الوَصلِ أَم أَضغاثُ أَحلامِ نائِمِ
لَقَد حَكَمَ البَينُ المُشَتِّتُ بِالبَلى / عَلَيكِ وَصَرفُ البَينِ أَجوَرُ حاكِمِ
لَعَلَّ اللَيالي يَكتَسِبنَ بَشاشَةً / فَيَجمَعنَ مِن شَملِ الهَوى المُتَقاسَمِ
وَوُرقٍ تَداعى بِالبُكاءِ بَعَثنَ لي / كَمينَ أَساً بَينَ الحَشا وَالحَيازِمِ
وَصَلتُ بِدَمعي نَوحَهُنَّ وَإِنَّما / بَكَيتُ لِشَجوي لا لِشَجوِ الحَمائِمِ
وَدَوِّيَّةٍ لِلبومِ وَالهامِ وَسطَها / رَنينُ ثَكالى أَعوَلَت في مَآتِمِ
تَعَسَّفتُها وَاللَيلُ قَد صَبَغَ الرُبى / بِلَونٍ مِنَ الدَيجورِ أَسوَدَ فاحِمِ
إِلى مَلِكٍ تُرمى الكُماةُ إِذا اِرتَمَت / بِأُمِّ الرَدى مِنهُ بِلَيثٍ ضُبارِمِ
بِأَروَعَ مِن طَيِّ كَأَنَّ قَميصَهُ / يُزَرُّ عَلى الشَيخَينِ زَيدٍ وَحاتِمِ
سَماحاً وَبَأساً كَالصَواعِقِ وَالحَيا / إِذا اجتَمَعا في العارِضِ المُتَراكِمِ
أَغَرُّ قُمارِيٌّ يُطَحطَحُ في الوَغى / بِهِ جَبَلُ الجَيشِ الكَثيفِ المُصادِمِ
إِذا ما الهَجيرُ اِشتَدَّ أَسنَدَ نَفسَهُ / إِلى الصَبرِ في وَقعِ الظُبا وَالسَمائِمِ
غَدا اِبنُ حَميدٍ يُغنِمُ الحَمدَ مالَهُ / وَيَعلَمُ أَنَّ الحَمدَ أَجدى الغَنائِمِ
مُدَبِّرُ رَأيٍ لَيسَ يورِدُ عَزمَهُ / فَيَقرَعَ في إِصدارِهِ سِنَّ نادِمِ
أَدِلّاؤُهُ في الخَطبِ إِن كانَ مُشكِلاً / بَديهاتُ عَزمٍ كَالنُجومِ العَواتِمِ
يُلاقى بِهِ الخَطبُ الجَليلُ فَيَنثَني / لِمُتَّقِدِ الآراءِ ماضي العَزائِمِ
حَليفُ نَداً يَأوي إِلى بَيتِ سُؤدُدٍ / رَفيعِ الذُرى وَالسَمكِ عالي الدَعائِمِ
وَما اِشتَدَّ خَطبُ الدَهرِ إِلّا أَلانَهُ / حَميدُ بَني عَبدِ الحَميدِ الأَكارِمِ
قَواعِدُ هَذا البَيتِ مِن مَجدِ طَيِّئٍ / وَإِن كانَ هَذا البَيتُ مِن مُلكِ هاشِمِ
أُسودٌ يَفِرُّ المَوتُ مِنهُم مَهابَةً / إِذا فَرَّ مِنهُ كُلُّ أَروَعَ صارِمِ
مَصارِعُهُم حَولَ العُلا وَقُبورُهُم / مَجامِعُ أَوصالِ النُسورِ الحَوائِمِ
أَبا مُسلِمٍ إِن كانَ عِرضُكَ سالِماً / فَمالُكَ مِن جَدواكَ لَيسَ بِسالِمِ
إِذا اِرتَدَّ يَومُ الحَربِ لَيلاً رَدَدتَهُ / نَهاراً بِلَألاءِ السُيوفِ الصَوارِمِ
وَإِن غَلَتِ الأَرواحُ أَرخَصتَ سَومَها / هُنالِكَ في سوقٍ مِنَ المَوتِ قائِمِ
بِضَربٍ يَشيدُ المَجدَ في كُلِّ مَوقِفٍ / وَيُسرِعُ في هَدمِ الطُلى وَالجَماجِمِ
فَتَصرِفُ وَجهَ البيضِ أَبيَضَ مُشرِقاً / بِوَجهٍ مِنَ الهَيجاءِ أَغبَرَ قاتِمِ
أَما وَالَّذي باهى بِكَ الغَيثَ ما اِصطَفى / فَعالَكَ إِلّا لِلعُلا وَالمَكارِمِ
عَلى أَيِّ أَمرٍ مُشكِلٍ أَتَلَوَّمُ
عَلى أَيِّ أَمرٍ مُشكِلٍ أَتَلَوَّمُ / أُقيمُ فَأَشوى أَم أَهُمُّ فَأَعزِمُ
وَلَو أَنصَفَتني سُرَّ مَن راءَ لَم أَكُن / إِلى العَيسِ مِن إيطانِها أَتَظَلَّمُ
لَقَد خابَ فيها جاهِدٌ وَهوَ ناطِقٌ / وَأُعطِيَ مِنها وادِعٌ وَهوَ مُفحِمُ
وَلَو وَصَلَتني بِالإِمامِ ذَريعَةٌ / دَرى الناسُ أَيُّ الطالِبينَ يُحَكَّمُ
أُعاتِبُ إِخواني وَلَستُ أَلومُهُم / مُكافَحَةً إِنَّ اللَئيمَ المُلَوَّمُ
وَقَد كُنتُ أَرجو وَالرَجاءُ وَسيلَةٌ / عَلِيَّ بنَ يَحيى لِلَّتي هِيَ أَعظَمُ
مُشاكَلَةُ الآدابِ تَصرِفُ ناظِري / إِلَيهِ وَوُدٌّ بَينَنا مُتَقَدِّمُ
وَهِزَّتُهُ لِلمَجدِ حَتّى كَأَنَّما / تَثَنّى بِهِ الخَطِّيُّ فيها المُقَوَّمُ
أَبا حَسَنٍ ما كانَ عَدلُكَ فيهِمِ / لِواحِدَةٍ إِلّا لِأَنَّكَتَفهَمُ
وَما أَنتَ بِالثاني عِناناً وَنِ العُلا / وَلا أَنا بِالخِلِّ الَّذي يَتَجَرَّمُ
خَلا أَنَّ باباً رُبَّما اِلتاثَ إِذنُهُ / وَوَجهاً طَليقاً رُبَّما يَتَجَهَّمُ
وَإِنّي لَنَكسٌ إِن ثَقُلتُ عَنِ الغِنى / وَكُنتُ خَفيفَ الشَخصِ إِذ أَنا مُعدِمُ
سَأَحمِلُ نَفسي عَنكَ حَملَ مُجامِلٍ / وَأُكرِمُها إِن كانَتِ النَفسُ تُكرَمُ
وَأَبعُدُ حَتّى تَعرُضَ الأَرضُ بَينَنا / وَيُمسي التَلاقي وَهوَ غَيبٌ مُرَجَّمُ
عَلَيكَ السَلامُ أَقصَرَ الوَصلُ فَاِنطَوى / وَأَجمَعَ تَوديعاً أَخوكَ الُسَلِّمُ
فَإِلّا تُساعِدني اللَيالي فَرُبَّما / تَأَخَّرَ في الحَظِّ الرَئيسُ المُقَدَّمُ
وَما مَنَعَ الفَتحُ بنُ خاقانَ نَيلُهُ / وَلَكِنَّها الأَقدارُ تُعطي وَتَحرُمُ
سَحابٌ خَطاني جودُهُ وَهوَ مُسبِلٌ / وَبَحرٌ عَداني فَيدُهُ وَهوَ مُفعَمُ
وَبَدرٌ أَضاءَ الأَرضَ شَرقاً وَمَغرِباً / وَمَوضِعُ رِجلي مِنهُ أَسوَدُ مُظلِمُ
أَأَشكو نَداهُ بَعدَما وَسِعَ الوَرى / وَمَن ذا يَذُمُّ الغَيثَ إِلّا مُذَمَّمُ
يَهونُ عَلَيها أَن أَبيتَ مُتَيَّماً
يَهونُ عَلَيها أَن أَبيتَ مُتَيَّماً / أُعالِجُ وَجداً في الضَميرِ مُكَتَّما
وَقَد جاوَرَت أَرضَ الأَعادي وَأَصبَحَت / حِماً وَصلُها مُذ جاوَرَت أَبرَقَ الحِمى
بَكَت حَرقَةً عِندَ الوَداعِ وَأَردَفَت / سُلوّاً نَهى الأَحشاءَ أَن تَتَضَرَّما
فَلَم يَبقَ مِن مَعروفِها غَيرُ طائِفٍ / مُلِمٍّ بِنا وَهناً إِذا الرَكبُ هَوَّما
يَكادُ وَميضُ البَرقِ عِندَ اِعتِراضِهِ / يَضيءُ خَيالاً جاءَمِنها مُسَلِّما
وَلَم أَنسَها عِندَ الوَداعِ وَنَثرُها / سَوابِقَ دَمعٍ أَعجَلَت أَن تَنَظَّما
وَقالَت هَلِ الفَتحُ بنُ خاقانَ مُعقِبٌ / رِضاً فَيَعودَ الشَملُ مِنّا مُلاءَما
خَليلَيَّ كُفّا اللَومَ في فَيضِ عَبرَةٍ / أَبى الوَجدُ إِلّا أَن تَفيضَ وَتَسجُما
وَلا تَعجَبا مِن فَجعَةِ البَينِ إِنَّني / رَأَيتُ الهَوى طَعمينِ شُهداً وَعَلقَما
عَذيري مِنَ الأَيّامِ رَنَّقنَ مَشرَبي / وَلَقَّينَني نَحساً مِنَ الطَيرِ أَشأَما
وَأَكسَبَني سُخطَ اِمرِئٍ بِتُّ مَوهِناً / أَرى سُخطَهُ لَيلاً مَعَ اللَيلِ مُظلِما
تَبَلَّجَ عَن بَعضِ الرِضا وَاِنطَوى عَلى / بَقِيَّةِ عَتبٍ شارَفَت أَن تَصَرَّما
إِذا قُلتُ يَوماً قَد تَجاوَزَ حَدَّها / تَلَبَّثَ في أَعقابِها وَتَلَوَّما
وَأَصيَدَ إِن نازَعتُهُ اللَحظَ رَدَّهُ / كَليلاً وَإِن راجَعتُهُ القَولَ جَمجَما
ثَناهُ العِدى عَنّي فَأَصبَحَ مُعرِضاً / وَأَوهَمَهُ الواشونَ حَتّى تَوَهَّما
وَقَد كانَ سَهلاً واضِحاً فَتَوَعَّرَت / رُباهُ وَطَلقاً ضاحِكاً فَتَجَهَّما
أَمُتَّخِذٌ عِندي الإِساءَةَ مُحسِنٌ / وَمُنتَقِمٌ مِنّي اِمرُؤٌ كانَ مُنعِما
وَمُكتَسِبٌ فِيَّ المَلامَةَ ماجِدٌ / يَرى الحَمدَ غُنماً وَالمَلامَةَ مَغرَم
يُخَوِّفُني مِن سوءِ رَأيِكَ مَعشَرٌ / وَلا خَوفَ إِلّا أَن تَجورَ وَتَظلِما
أَعيذُكَ أَن أَخشاكَ مِن غَيرِ حادِثٍ / تَبَيَّنَ أَو جُرمٍ إِلَيكَ تَقَدَّما
أَلَستُ المُوالي فيكَ نَظمَ قَصائِدٍ / هِيَ الأَنجُمُ اِقتادَت مَعَ اللَيلِ أَنجُما
ثَناءٌ كَأَنَّ الرَوضَ مِنهُ مُنَوِّراً / ضُحاً وَكَأَنَّ الوَشيَ فيهِ مُسَهَّما
فَلَو أَنَّني وَقَّرتُ شِعري وَقارَهُ / وَأَجلَلتُ مَدحي فيكَ أَن يُتَهَضَّما
لَأَكبَرتُ أَن أومِئَ إِلَيكَ بِإِصبَعٍ / تَضَرَّعُ أَو أُدني لِمَعذِرَةٍ فَما
وَكانَ الَّذي يَأتي بِهِ الدَهرُ هَيِناً / عَلَيَّ وَلَو كانَ الحِمامُ المُقَدَّما
وَلَكِنَّني أُعلي مَحَلَّكَ أَن أَرى / مُدِلّاً وَأَستَحييكَ أَن أَتَعَظَّما
أَعِد نَظَراً فيما تَسَخَّطتَ هَل تَرى / مَقالاً دَنِيّاً أَو فَعالاً مُذَمَّما
رَأَيتُ العِراقَ أَنكَرَتني وَأَقسَمَت / عَلَيَّ صُروفُ الدَهرِ أَن أَتَشَأَّما
وَكانَ رَجائي أَن أَؤوبَ مُمَلَّكاً / فَصارَ رَجائي أَن أَأوبَ مُسَلَّما
وَلا مانِعٌ مِمّا تَوَهَّمتُ غَيرَ أَن / تَذَكَّرَ بَعضَ الأُنسِ أَو تَتَذَمَّما
وَأَكبَرُ ظَنّي أَنَّكَ المَرءُ لَم تَكُن / تُحَلِّلُ بِالظَنِّ الذِمامَ المُحَرَّما
حَياءً فَلَم يَذهَب بِيَ الغِيُّ مَذهَباً / بَعيداً وَلَم أَركَب مِنَ الأَمرِ مُعظَما
وَلَم أَعرِفِ الذَنبَ الَّذي سُؤتَني لَهُ / فَأَقتُلَ نَفسي حَسرَةً وَتَنَدُّما
وَلَو كانَ ما خُبِّرتُهُ أَو ظَنَنتُهُ / لَما كانَ غَرواً أَن أَلومَ وَتَكرُما
أُذَكِّرُكَ العَهدَ الَّذي لَيسَ سُؤدُداً / تَناسيهِ وَالوُدُّ الصَحيحَ المُسَلَّما
وَما حَمَلَ الرُكبانُ شَرقاً وَمَغرِباً / وَأَنجَدَ في أَعلى البِلادِ وَأَتهَما
أُقِرُّ بِما لَم أَجنِهِ مُتَنَصِّلاً / إِلَيكَ عَلى أَنّي أَخالُكَ أَلوَما
لِيَ الذَنبُ مَعروفاً وَإِن كُنتُ جاهِلاً / بِهِ وَلَكَ العُتبى عَلَيَّ وَأَنعَما
وَمِثلُكَ إِن أَبدى الفَعالُ أَعادَهُ / وَإِن صَنَعَ المَعروفُ زادَ وَتَمَّما
وَما الناسُ إِلّا عُصبَتانِ فَهَذِهِ / قَرَنتَ بِها بُؤسي وَهاتيكَ أَنعُما
وَحِلَّةِ أَعداءٍ رَميتَ بِعَزمَةٍ / فَأَضرَمتَها ناراً وَأَجرَيتَها دَما
أَلا هَل أَتاها بِالمَغيبِ سَلامي
أَلا هَل أَتاها بِالمَغيبِ سَلامي / وَهَل خُبِّرَت وَجدي بِها وَغَرامي
وَهَل عَلِمَت أَنّي ضَنيتُ وَأَنَّها / شِفائِيَ مِن داءِ الضَنى وَسَقامي
وَمَهزوزَةٍ هَزَّ القَضيبِ إِذا مَشَت / تَثَنَّت عَلى دَلٍّ وَحُسنِ قَوامي
أَحَلَّت دَمي مِن غَيرِ جُرمٍ وَحَرَّمَت / بِلا سَبَبٍ يَومَ اللِقاءِ كَلامي
فِداؤُكِ ما أَبقَيتِ مِنّي فَإِنَّهُ / حُشاشَةُ نَفسٍ في نُحولِ عِظامِ
صِلي مُغرَماً قَد واصَلَ الشَوقُ دَمعَهُ / سِجاماً عَلى الخَدَّينِ بَعدَ سِجامِ
فَلَيسَ الَّذي حَلَّلتِهِ بِمُحَلَّلٍ / وَلَيسَ الَّذي حَرَّمتِهِ بِحَرامِ
وَإِنّي لَأَبّاءٌ عَلى كُلِّ لائِمٍ / عَلَيكِ وَعَصّاءٌ لِكُلِّ مَلامِ
وَكُنتُ إِذا حَدَّثتُ نَفسي بِسَلوَةٍ / خَلَعتُ عَذاري أَو فَضَضتُ لِجامي
وَأَسبَلتُ أَثوابي لِكُلِّ عَظيمَةٍ / وَشَمَّرتُ مِن أُخرى لِكُلِّ عُرامِ
هَلِ العَيشُ إِلّا ماءُ كَرمٍ مُصَفَّقٌ / يُرَقرِقُهُ في الكَأسِ ماءُ غَمامِ
وَعودُ بَنانٍ حينَ ساعَدَ شَجوَهُ / عَلى نَغَمِ الأَلحانِ نايُ زُنامِ
أَبى يَومُنا بِالزَوِّ إِلّا تَحَسُّناً / لَنا بِسَماعٍ طَيِّبٍ وَمُدامِ
غَنينا عَلى قَصرٍ يَسيرُ بِفِتيَةٍ / قُعودٍ عَلى أَرجائِهِ وَقِيامِ
تَظَلُّ البُزاةُ البيضُ تَخطِفُ حَولَنا / جَآجِئَ طَيرٍ في السَماءِ سَوامِ
تَحَدَّرَ بِالدُرّاجِ مِن كُلِّ شاهِقِ / مُخَضَّبَةٌ أَظفارُهُنَّ دَوامِ
فَلَم أَرَ كَالقاطولِ يَحمِلُ ماؤُهُ / تَدَفُّقَ بَحرٍ بِالسَماحَةِ طامِ
وَلا جَبَلاً كَالزَوِّ يوقَفُ تارَةً / وَيَنقادُ إِمّا قُدتَهُ بِزَمامِ
لَقَد جَمَعَ اللَهُ المَحاسِنَ كُلَّها / لِأَبيَضَ مِن آلِ النَبِيِّ هُمامِ
نُطيفُ بِطَلقِ الوَجهِ لا مُتَجَهِّمٍ / عَلَينا وَلا نَزرَ العَطاءِ جَهامِ
يُحَبِّبُهُ عِندَ الرَعِيَّةِ أَنَّهُ / يُدافِعُ عَن أَطرافِها وَيُحامي
وَأَنَّ لَهُ عَطفاً عَلَيها وَرَأفَةً / وَفَضلَ أَيادِ بِالنَوالِ جِسامِ
لَقَد لَجَأَ الإِسلامُ مِن سَيفِ جَعفَرٍ / إِلى صارِمٍ في النائِباتِ حُسامِ
يُسَدُّ بِهِ الثَغرُ المَخوفُ اِنثِلامُهُ / وَإِن رامَهُ الأَعداءُ كُلَّ مَرامِ
نُصَلّي وَإِتمامُ الصَلاةِ اِعتِقادُنا / بِأَنَّكَ عِندَ اللَهِ خَيرُ إِمامِ
إِلَيكَ أَمينَ اللَهِ مالَت قُلوبُنا / بِإِخلاصِ نُزّاعٍ إِلَيكَ هِيامِ
حَلَفتُ بِمَن أَدعوهُ رَبّاً وَمَن لَهُ / صَلاتي وَنُسكي خالِصاً وَصِيامي
لَقَد حُطتَ دينَ اللَهِ خَيرَ حِياطَةٍ / وَقُمتَ بِأَمرِ اللَهِ خَيرَ قِيامِ
أَعَن سَفَهٍ يَومَ الأُبَيرَقِ أَم حِلمِ
أَعَن سَفَهٍ يَومَ الأُبَيرَقِ أَم حِلمِ / وُقوفٌ بِرَبعٍ أَو بُكاءٌ عَلى رَسمِ
وَما يُعذَرُ المَوسومُ بِالشَيبِ أَن يُرى / مُعارَ لِباسٍ لِلتَصابى وَلا وَسمِ
تُخَبِّرُني أَيّامِيَ الحُدثُ أَنَّني / تَرَكتُ السُرورَ عِندَ أَيّامِيَ القُدمِ
وَأولِعتُ بِالكِتمانِ حَتّى كَأَنَّني / طُويتُ عَلى ضِغنٍ مِنَ الدَينِ أَو وَغمِ
فَإِن تَلقَني نِضوَ العِظامِ فَإِنَّها / جَريرَةُ قَلبي مُنذُ كُنتُ عَلى جِسمي
وَحَسبِيَ مِن بُرءٍ تَماثُلُ مُثخَنٍ / مِنَ الحُبِّ يُنمي مُدَّريهِ وَلا يُصمي
إِذا رَجَعَت وَصلاً عَلى طولِ هَجرَةٍ / تَراجَعتُ شَيئاً مِن بَلايَ إِلى سُقمي
وَقَد زَعَمَت أَن سَوفَ تُنجِحُ ما وَأَت / وَظَنّي بِها الإِخلافُ في ذَلِكَ الزَعمِ
خَليلَيَّ ما في لا شِفاءٌ مِنَ الجَوى / وَلا نَعَمٌ مَرجُوَّةُ النُجحِ مِن نُعمِ
أَعينا عَلى قَلبٍ يَهيمُ صَبابَةً / وَعَينٍ إِذا نَهنَهتُها طَفِفَت تَهمي
حَنَت مَذحِجٌ حَولي وَباتَت عَمائِرٌ / تُدافِعُ دوني مِن عَرانينِها الشُمِّ
وَما خَفَضَت جَدّاتُ بَكرٍ أَرومَتي / وَلا عَطِلَت مِن ريشِ أَحسابِها سَهمي
وَإِنّي لَمَرفودٌ عَلى كُلِّ تَلعَةٍ / بِنَصرِ بنِ خالٍ يَحمِلُ السَيفَ أَو عَمِ
وَما أَبهَجَتني كَبوَةُ الجَحشِ إِذ كَبا / لِفيهِ لَوَ اَنَّ الجَحشَ أَقلَعَ عَن ظُلمي
وَقَد هُدِيَ السُلطانُ لِلرُشدِ إِذ نَبا / بِأَغثَرَ مِن أَولادِ قُطرُبُّلٍ فَدمِ
إِذا عارَضَت دُنياهُ في جَنبِ رَأيِهِ / شَهِدتَ بِأَنَّ الجَهلَ أَحظى مِنَ العِلمِ
وَقَد أَقتَرَ المَلعونُ يُبساً وَعِندَهُ / ذَخائِرُ كِسرى أَو زُها مالِهِ الجَمِّ
إِذا المَرءُ لَم يَجعَل غِناهُ ذَريعَةً / إِلى سُؤدُدٍ فَاِعدُد غِناهُ مِنَ العُدمِ
وَسيطُ أَخِسّاءِ الأُصولِ كَأَنَّما / يُعَلّونَ ناجودَ المُدامَةِ بِالذَمِّ
خُلوفُ زَمانِ السوءِ لَم يُؤثِروا العُلا / وَلَم يَنزِلوا لِلمَكرُماتِ عَلى حُكمِ
وَقَد رُفِعَت عَن نَجرِهِم آيَةُ النَدى / كَما رُفِعَت مَنسِيَّةً آيَةُ الرَجمِ
تَأباهُمُ نَفسي وَتَقبُحُ فيهِمِ / ظُنوني وَيَعلو عَن مَقاديرِهِ هَمّي
فَلَولا أَبو الصَقرِ الأَغَرُّ وَجودُهُ / رَضيتُ قَليلي وَاِقتَصَرتُ عَلى قِسمي
هُوَ المَصقَلِيُّ في صِقالِ جَبينِهِ / جِلاءُ الظَلامِ حينَ يُسدِفُ وَالظُلمِ
بِهِ نِلتُ مِن حَظّي الَّذي نِلتُ أَوَّلاً / وَأَدرَكتُ ما قَد كُنتُ أَدرَكتُ مِن خَصمي
تَصُدُّ بَناتُ الدَهرِ عَن بَغَتاتِ ما / يُنيلُ صُدودَ الدَهمِ فوجِئَ بِالدَهمِ
وَيَعرِفُني مَعروفُهُ حينَ مَعشَرٌ / يَرونَ عُقوقَ المالِ أَن يَعلَموا عِلمي
مَواهِبُ لا تَبغي اِبنَ أَرضٍ يَدُلُّها / عَلَيَّ وَلا طَبّاً يُخَبِّرُها بِاِسمي
إِذا وَعَدَ اِرفَضَّت عَطاءً عِداتُهُ / وَأَعرِفُ مِنهُم مَن يَحُزُّ وَلا يُدمي
وَما كَشَفَت مِنهُ الوِزارَةُ أَخرَقَ ال / يَدَينِ عَلى الجُلّى وَلا طائِشَ السَهمِ
كَثيرُ جِهاتِ الرَأيِ مُفتَنَّةٌ بِهِ / إِلى عَدَدٍ لا يَنتَهي صُوَرُ الحَزمِ
فَروعُ الثَنايا ما يُغِبُّ فِجاجَها / تَطَلُّعَ مَضّاءٍ عَلى أَوَّلِ العَزمِ
مَتى يَحتَمِل ضِغناً عَلى القَومِ يَجنَحوا / إِلى السِلمِ إِن نَجّاهُمُ الجَنحُ لِلسَلمِ
وَلَو عَلِموا أَنَّ المَنايا تُنيلُهُم / رِضاهُ إِذاً باتوا نَدامى عَلى السَمِّ
أَخو البِرِّ أَقصى ما يَخافُ مُنازِلاً / مِنَ السَيفِ أَدنى ما يَخافُ مِنَ الإِثمِ
وَلَم يَنتَسِب مِن وائِلٍ في وَشيظَةٍ / وَلا باتَ مِنها ضارِبَ البَيتِ في صِرمِ
أَبوكَ الَّذي غالى عَلِيّاً مُساوِماً / بِسامَةَ لَمّا رَدَّ سامَةَ في جَرمِ
وَلَولا يَدٌ مِنهُ لَصاحَ مُثَوِّبٌ / عَلى عُجُزٍ وُقِّفنَ في مَجمَعِ القَسمِ
فَمَن يَكُ مِنها عارِياً فَقَدِ اِكتَسى / بِها الجَهمُ بَزّاً ظاهِراً وَبَنو الجَهمِ
وَما أَنتَ عِندَ العاذِلاتِ عَلى النَدى / بِمُنتَظِرِ العُتبى وَلا هَيِّنِ الجُرمِ
كَأَنَّ يَداً لَم تَحلُ مِنكَ بِطائِلٍ / يَدُ الأَرضِ رَدَّتها السَماءُ بِلا شُكمِ
كَأَنَّكَ مِن جِذمٍ مِنَ الناسِ واحِدٍ / وَسائِرُ مَن يَأتي الدَنِيّاتِ مِن جِذمِ
وَكَم ذُدتَ عَنّي مِن تَحامُلِ حادِثٍ / وَسَورَةِ أَيّامٍ حَزَزنَ إِلى العَظمِ
كَأَنّا عَدُوّاً مُتَقاً ما تَقارَبَت / بِنا الدارُ إِلّا زادَ غُرمُكَ في غُنمي
أُحارِبُ قَوماً لا أُسَرُّ بِسوئِهِم / وَلَكِنَّني أَرمي مِنَ الناسِ مَن تَرمي
يَوَدُّ العِدى لَو كُنتَ سالِكُ سُبلِهِم / وَأَينَ بِناءُ المُعلِياتِ مِنَ الهَدمِ
وَهَل يُمكِنُ الأَعداءَ وَضعُ فَضيلَةٍ / وَقَد رُفِعَت لِلناظِرينَ مَعَ النَجمِ
سَقى دارُ لَيلى حَيثُ حَلَّت رُسومُها
سَقى دارُ لَيلى حَيثُ حَلَّت رُسومُها / عِهادٌ مِنَ الوَسمِيِّ وُطفٌ غُيومُها
فَكَم لَيلَةٍ أَهدَت إِلَيَّ خَيالَها / وَسَهلُ الفَيافي دونَها وَحُزومُها
تَطيبُ بِمَسراها البِلادُ إِذا سَرَت / فَيَنعُمُ رَيّاها وَيَصفو نَسيمُها
إِذا ذَكَرَتكِ النَفسُ شَوقاً تَتابَعَت / لِذِكراكِ أُحدانُ الدُموعِ وَتومُها
قَضى اللَهُ أَنّي مِنكِ ضامِنُ لَوعَةٍ / تَقَضّى اللَيالي وَهيَ باقٍ مَقيمُها
أَميلُ بِقَلبي عَنكِ ثُمَّ أَرُدُّهُ / وَأَعذِرُ نَفسي فيكِ ثُمَّ أَلومُها
إِذا المُهتَدي بِاللَهِ عُدَّت خِلالُهُ / حَسِبتَ السَماءَ كاثَرَتكَ نُجومُها
لَقَد خَوَّلَ اللَهُ الإِمامَ مُحَمَّداً / خُصوصَ مَعالٍ في قُرَيشٍ عُمومُها
أُبُوَّتُهُ مِنها خَلائِفُها الأُلى / لَها فَضلُها في النائِباتِ وَخيمُها
وَلَيسَ حَديثُ المَكرُماتِ بِكائِنٍ / يَدَ الدَهرِ إِلّا حَيثُ كانَ قَديمُها
أَقَرَّت لَهُ بِالفَضلِ أُمَّةُ أَحمَدٍ / فَدانَ لَهُ مُعوَجُّها وَقَويمُها
وَلَو جَحَدَتهُ ذَلِكَ الحَقَّ لَم تَكُن / لِتَبرَحَ إِلّا وَالنُجومُ رُجومُها
هَنَتكَ أَميرَ المُؤمِنينَ مَواهِبٌ / مِنَ اللَهِ مَشكورٌ لَدَيكَ جَسيمُها
وَتَأييدُ دينِ اللَهِ إِذ رُدَّ أَمرُهُ / إِلَيكَ فَرَوّى في الأُمورِ عَليمُها
بَنو هاشِمٍ في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ / كِرامُ بَني الدُنيا وَأَنتَ كَريمُها
إِذا ما مَشَت في جانِبَيكِ بِأَوجُهٍ / تَهَضَّمُ أَقمارَ الدُجى وَتَضيمُها
رَأَيتُ قُرَيشاً حَيثُ أُكمِلَ مَجدُها / وَتَمَّت مَساعيها وَثابَت حُلومُها
تَوالى سَوادُ الريشِ مِن عِندِ صالِحٍ / إِلَيكَ بِأَخبارٍ يَسُرُّ قُدومُها
مُحَلِّقَةً يُنبي عَنِ النَصرِ نُطقُها / وَقَبلَكَ ما قَد كانَ طالَ وُجومُها
نُخَبِّرُ عَن تِلكَ الخَوارِجِ أَنَّهُ / هَوى مُكرَهاً تَحتَ السُيوفِ عَظيمُها
أَرى حَوزَةَ الإِسلامِ حينَ وَليتَها / تُخَرِّمَ باغيها وَحيطَ حَريمُها
تَدارَكَ مَظلومُ الرَعِيَّةِ حَقَّهُ / وَخَلّى لَهُ وَجهَ الطَريقِ ظَلومُها
وَبَصبَصَ أَهلُ العَيثِ حينَ هَداهُمُ / أَخو سَطَواتٍ ما يُبِلُّ سَليمُها
وَقَد أَعتَتِ الرومُ الَّذي طولِبَت بِهِ / بِأَبريقَ لَمّا خُبِّرَت مِن غَريمُها
هَلِ الدينُ إِلّا في جِهادٍ تَقودُنا / إِلَيهِ عِجالاً أَو صَلاةٍ تُقيمُها
تَقَضَّت لَيالي الشَهرِ إِلّا بَقِيَّةً / تَهَجَدُ فيها جاهِداً أَو تَقومُها
وَأَيسَرُ ما قَدَّمتَ لِلَّهِ طالِباً / لِمِرضاتِهِ أَيّامُ فَرضٍ تَصومُها
هَجَرتَ المَلاهي حِسبَةً وَتَفَرُّداً / بِئاياتِ ذِكرِ اللَهِ يُتلى حَكيمُها
وَأَخلَلتَ بِاللَذّاتِ وَهيَ أَوانِسٌ / مَرابِعُها مُستَحسَناتٌ رُسومُها
وَما تَحسُنُ الدُنيا إِذا هِيَ لَم تُعَن / بِآخِرَةٍ حَسناءَ يَبقى نَعيمُها
بَقاؤُكَ فينا نِعمَةُ اللَهِ عِندَنا / فَنَحنُ بِأَوفى شُكرِها نَستَديمُها
هَوَيناكَ مِن لَومٍ عَلى حُبِّ تُكتَما
هَوَيناكَ مِن لَومٍ عَلى حُبِّ تُكتَما / وَقَصرَكَ نَستَخبِر رُبوعاً وَأَرسُما
تَحَمَّلَ عَنها مُنجِدٌ مِن خَليطِهِم / أَطاعَ الهَوى حَتّى تَحَوَّلَ مُتهِما
وَما في سُؤالِ الدارِ إِدراكُ حاجَةٍ / إِذا اِستَعجَمَت آياتُها أَن تَكَلَّما
نَصَرتُ لَها الشَوقَ اللَجوجَ بِأَدمُعٍ / تَلاحَقنَ في أَعقابِ وَصلٍ تَصَرَّما
وَتَيَّمَني أَنَّ الجَوى غَيرُ مُقصِرٍ / وَأَنَّ الحِمى وَصفٌ لِمَن حَلَّ بِالحِمى
وَكَم رُمتُ أَن أَسلو الصَبابَةَ نازِعاً / وَكَيفَ اِرتِجاعي فائِتاً قَد تَقَدَّما
أُؤَلِّفُ نَفساً قَد أُعيدَت عَلى الجَوى / شَعاعاً وَقَلباً في الغَواني مُقَسَّما
لَقَد أَخَذَ الرُكبانُ أَمسِ وَغادَروا / حَديثَينِ مِنّا ظاهِراً وَمُكَتَّما
وَما كانَ بادي الحُبِّ مِنّا وَمِنكُمُ / لِيَخفى وَلا سِرُّ التَلاقي لِيُعلَما
أَلا رُبَّما يَومٍ مِنَ الراحِ رَدَّ لي / شَبابِيَ مَوفوراً وَغَيِّ مُذَمَّما
لَدُن غُدوَةٍ حَتّى أَرى الأُفقَ ناشِراً / عَلى شَرقِهِ عُرفاً مِنَ اللَيلِ أَسحَما
وَما لَيلَتي في باتُرُنجى ذَميمَةً / إِذا كانَ بَعضُ العَيشِ رَنقاً مُذَمَّما
طَلَعتُ عَلى بَغدادَ أَخلَقَ طالِبٍ / بِنُجحٍ وَأَحرى وافِدٍ أَن يُكَرَّما
شَفيعي أَميرُ المُؤمِنينَ وَعُمدَتي / سُلَيمانُ أَحبوهُ القَريضَ المُنَمنَما
قَصائِدُ مَن لَم يَستَعِر مِن حُلِيِّها / تُخَلِّفهُ مَحروماً مِنَ الحَمدِ مُحرِما
خَوالِدُ في الأَقوامِ يُبعَثنَ مُثَّلاً / فَما نَدرُسُ الأَيّامُ مِنهُنَّ مُعلَما
وَجَدنَ أَبا أَيُّوبَ حَيثُ عَهِدنَهُ / مِنَ الأُنسِ لا جَهماً وَلا مُتَجَهِّما
فَتىً لا يُحِبُّ الجودَ إِلّا تَعَجرُفاً / وَلا يَتَعاطى الأَمرَ إِلّا تَهَجُّما
ثِقافُ اللَيالي في يَدَيهِ فَإِن تَمِل / صُروفُ اللَيالي رَدَّ مِنها فَقَوَّما
مَلِيٌّ بِأَلّا يَغلِبَ الهَزلُ جِدَّهُ / وَلَو راحَ طَلقاً لِلنَدى مُتَبَسِّما
مُؤَدٍّ إِلى السُلطانِ جُهدَ كِفايَةٍ / يَعُدُّ بِها فَرضاً عَلَيهِ مُقَدَّما
زَعيمٌ لَهُم بِالعُظمِ مِمّا عَناهُمُ / وَلَو جَشَّموهُ ثِقلَ رَضوى تَجَشَّما
أُطيعَ وَأَضحى وَهوَ طَوعُ خَلائِقٍ / كَرائِمَ يَتبَعنَ النَدى حَيثُ يَمَّما
فَلا هُوَ مُرضٍ عاتِباً في سَماحَةٍ / وَلا مُنصِفٌ وَفراً إِذا ما تَظَلَّما
وَلَم أَرَ مُعطاً كَالمُخَرِّمِ تَمَّمَت / يَداهُ عَلى بَذلٍ فَأَعطى المُخَرِّما
رِباعٌ نَشَت فيها الخِلافَةُ غَضَّةً / وَخُيِّمَ فيها المُلكُ طَلقاً فَخَيَّما
أَلومُ أَجَلَّ الناسِ قَدراً وَهِمَّةً / إِذا هُوَ لَم يَشرَه إِلَيها تَغَنُّما
وَأَحسُدُ فيها آخَرينَ أَلومُهُم / وَما كُنتُ لِلحُسّادِ مِن قَبلِها ابنَما
ذَراكَ وَمَن يَحلُل ذَراكَ يَجِد بِهِ / مُجيراً عَلى الأَيّامِ أَن يَتَهَضَّما
بِحَسبِكَ أَنَّ الشوسَ مِن آلِ مُصعَبٍ / رَضوكَ عَلى تِلكَ المَكارِمِ قَيِّما
رَدَدتَ عَلَيهِم ذا اليَمينَينِ نَجدَةَ / تَحَرَّقُ في أَعدائِهِم وَتَكَرُّما
وَكَم لَبِسَت مِنكَ العِراقُ صَنيعَةً / يُشارِفُ مِنها الأُفقُ أَن يَتَغَيَّما
ثَلَثتَ فُراتَيها بِجودِ سَجِيَّةٍ / وَجَدناكَ أَولى بِالتَدَفُّقِ مِنهُما
وَمَكرُمَةٍ لَم يَبتَدِ القَومُ صَوغُها / وَلَم يَتَلافَوا مُبتَناها تَعَلُّما
هُديتَ لَها إِنَّ التَكَرُّمَ فِطنَةٌ / وَقَد يَغفُلُ الشَهمُ الأَريبُ لِيَلأُما
وَلَيسَ يَنالُ المَرءُ فارِعَةَ العُلا / إِذا لَم يَكُن بِالمَغرَمِ الئِدِّ مُغرَما
وَدِدتُ لَوَ انَّ الطَيفَ مِن أُمِّ مالِكٍ / عَلى قُربِ عَهدَينا أَلَمَّ فَسَلَّما
لَسَرعانَ ما تاقَت إِلَيكِ جَوانِحي / وَما وَلِهَت نَفسي إِلَيكِ تَنَدُّما
ذَكَرتُكِ ذِكرى طامِعٍ في تَجَمُّعٍ / رَأى اليَأسَ فَاِرفَضَّت مَدامِعُهُ دَما
وَمِثلُكِ قَد أَعطى سُلَيمانُ بُلغَةً / إِلى المَجدِ لَو أَعطى سُلَيمانُ مُنعِما
عَلى الحَيِّ سِرنا عَنهُمُ وَأَقاموا
عَلى الحَيِّ سِرنا عَنهُمُ وَأَقاموا / سَلامٌ وَهَل يُدني البَعيدَ سَلامُ
إِذا ما تَدانَينا فَأَنتِ عَلاقَةٌ / وَإِمّا تَباعَدنا فَأَنتِ غَرامُ
أَرى الناسَ في جَوٍّ تَحُلّينَ غَيرَهُ / وَلي مِنهُمُ بُرءٌ وَمِنكِ سَقامُ
يُكَلِّفُني حُبّيكِ أَن أَتبَعَ الهَوى / يُضِلُّ وَآتي الأَمرَ فيهِ مَلامُ
وَما اِنفَكَّ داعي البَينِ حَتّى تَزايَلَت / قِبابٌ بَناها حاضِرٌ وَخِيامُ
عَشِيَّةَ ما بي عَن شُبَيثَ تَرَحُّلٌ / فَأَمضي وَلا لي في شُبَيثَ مُقامُ
فَما نَلتَقي إِلّا عَلى حُلمِ هاجِدٍ / يُحِلُّ لَنا جَدواكِ وَهيَ حَرامُ
إِذا ما تَباذَلنا النَفائِسَ خِلتَنا / مِنَ الجِدِّ أَيقاظاً وَنَحنُ نِيامُ
يُراقِبُ صَولُ الوَغدِ حينَ يَهُزُّهُ اِق / تِدارٌ وَصَولُ الحُرِّ حينَ يُضامُ
وَأَعلَمُ ما كُلُّ الرِجالِ مُشَيَّعٌ / وَما كُلُّ أَسيافِ الرِجالِ حُسامُ
أَدينُ بِأَلّا تُستَحَلَّ أَمانَةٌ / لِحُرٍّ وَأَلّا يُستَباحَ ذِمامُ
وَأَترُكُ عِرضُ المَرءِ لَو شِئتُ كانَ لي / وَلِلذَمِّ فيهِ مَسرَحٌ وَمَسامُ
وَكَيفَ أَذودُ الخَسفَ عَمَّن تَطولُهُ / يَدي وَأُسامُ الخَسفَ حينَ أُسامُ
فَتَاللَهِ أَرضى بِالعِراقِ إِقامَةً / وَفي الأَرضِ لِلسَفرِ المُغِذِّ شَآمُ
شَذاتِيَ مِن نَحوِ الصَديقِ كَليلَةُ ال / مُدى وَزِياراتي الصَديقَ لِمامُ
وَلَستُ بِغاشي القَومِ إِلّا ذُؤابَةً / وَلا بابِهِم إِلّا عَلَيهِ زِحامُ
وَأَزهَرَ وَضّاحِ العَشِيّاتِ لا يَني / مِنَ البِشرِ يَنأى عَن ذَراهُ قَتامُ
مَتى جِئتَهُ عَن مَوعِدٍ أَو فُجاءَةً / تَهَلَّلَ بَدرٌ وَاِستَهَلَّ غَمامُ
تُحَدِّثُنا كَفّاهُ وَالمَحلُ راهِنٌ / عَنِ الأَرضِ تُكلا وَالسَماءِ تُغامُ
أَقولُ لِيَعقوبَ بنِ أَحمَدَ وَالنَدى / يَرومُ بِهِ العَوصاءَ لَيسَ تُرامُ
تَكاليفَ فِعلٍ لَو عَلا الأَرضَ ثِقلُهُ / شَكا يَذبُلٌ ما نابَهُ وَشَمامُ
لَأَظلَمَ ما بَيني وَبَينَكَ مُضحِياً / وَلِلظُلمِ بَينَ الخُلَّتَينِ ظَلامُ
أُذَكَّرُ أَيّامَ المُصافاةِ بَعدَ ما / تَجَرَّمَ عامٌ بَعدَهُنَّ وَعامُ
نَدِمتُ عَلى أَمرٍ مَضى لَم يُشِر بِهِ / نَصيحٌ وَلَم يَجمَع قُواهُ نِظامُ
وَقَد خَبَّروا أَنَّ النَدامَةَ تَوبَةٌ / يُصَلّى بِها أَن تُقتَنى وَيُصامُ
وَإِنَّ جُحودي سوءُ ظَنٍّ بِمُنعِمٍ / وَعَدّي مَعاذيري عَلَيهِ خِصامُ
وَقَد شَمِلَت بِشراً لِأَوسٍ صَنيعَةٌ / بِما أَمَرَت سُعدى وَوَرَّثَ لامُ
فَإِن تَمتَثِلها فَالمَكارِمُ خِطَّةٌ / لَكُم تابِعٌ في نَهجِها وَإِمامُ
وَلَو شِئتُمُ أَن تَستَثيروا اِستَثَرتُمُ / عِجالاً وَلَكِنَّ الكِرامَ كِرامُ
يُكَرُّ عَلَيَّ اللَومُ فيكُم وَلابِسٌ / مِنَ اللَومِ مَن لا يَستَفيقُ يُلامُ
تُجَرِّحُ أَقوالُ الوُشاةِ فَريصَتي / وَأَكثَرُ أَقوالِ الوُشاةِ سِهامُ
تَرى أَلسُناً أُصمِتنَ بِالعِيِّ أَن هَفا / بِيَ الرَأيُ مَصنوعاً لَهُنَّ كَلامُ
لَعَلَّ غَياباتِ السَخائِمِ تَنجَلي / وَمُعوَجَّ ما تُخفي الصُدورُ يُقامُ
وَلَمّا نَبَت بي الأَرضُ عُدتُ إِلَيكُمُ / أَمُتُّ بِحَبلِ الوُدِّ وَهوَ رِمامُ
وَقَد يُهتَدى بِالنَجمِ يُشكِلُ سَمتُهُ / وَيُروى بِماءِ الجَفرِ وَهوَ ذِمامُ
وَما كُلُّ ما بُلِّغتُمُ صِدقُ قائِلٍ / وَفي البَعضِ إِزراءٌ عَلَيَّ وَذامُ
وَلا عُذرَ إِلّا أَنَّ بَدءَ إِساءَةٍ / لَها مِن زِياداتِ الوُشاةِ تَمامُ
إِذا شِئتَ فَاندُبني إِلى الراحِ وَانعِني
إِذا شِئتَ فَاندُبني إِلى الراحِ وَانعِني / إِلى الشَربِ مِن ذي خُلَّةٍ وَنَديمِ
أَميلوا الزُجاجَ الصَفوَ عَنّي فَإِنَّكُم / أَقَمتُم وَما شَخصي لَكُم بِمُقيمِ
بِجِسمي سَقامٌ كُلَّما جُزتُ رَدَّني / إِلى كَمَدٍ في الصَدرِ غَيرِ سَقيمِ
فَإِن مِتُّ كانَ المَوتُ مِن كَرَمِ الهَوى / وَلَيسَ الهَوى إِن لَم أَمُت بِكَريمِ
فَقُل لِنَسيمِ الوَردِ عَنكَ فَإِنَّني / أُعاديكَ إِجلالاً لِوَجهِ نَسيمِ
نَدِمتُ وَقالَ الناسُ كَيفَ تَرَكتَهُ / فَقُل في مَلامٍ واقِعٍ بِمُليمِ
أَبا الفَضلِ راجِع مِن حِجاكَ فَإِنَّني / عَلى خَطَرٍ مِمّا يُخافُ عَظيمِ
وَخَبَّرتَني أَنَّ العَزاءَ تَكَرُّم / وَهَل يَتَعَزّى عَنهُ غَيرُ لَئيمِ
فَما الدارُ فيما بَينَنا بِبَعيدَةٍ / وَلا العَهدُ فيما بَينَنا بِقَديمِ
أَكانَ الصِبا إِلّا خَيالاً مُسَلِّما
أَكانَ الصِبا إِلّا خَيالاً مُسَلِّما / أَقامَ كَرَجعِ الطَرفِ ثُمَّ تَصَرَّما
أَرى أَقصَرَ الأَيّامِ أَحمَدَ في الصِبا / وَأَطوَلَها ماكانَ فيهِ مُذَمَّما
تَلَوِّمتُ في غَيِّ التَصابي فَلَم أُرِد / بَديلاً بِهِ لَو أَنَّ غَيّاً تَلَوَّما
وَيَومِ تَلاقٍ في فِراقٍ شَهِدتُهُ / بِعَينٍ إِذا نَهنَهتُها دَمَعَت دَما
لَحِقنا الفَريقَ المُستَقِلَّ ضُحىً وَقَد / تَيَمَّمَ مِن قَصدِ الحِمى ما تَيَمَّما
فَقُلتُ اِنعَموا مِنّا صَباحاً وَإِنَّما / أَرَدتُ بِما قُلتُ الغَزالَ المُنَعَّما
وَما باتَ مَطوِيّاً عَلى أَريَحِيَّةٍ / بِعَقبِ النَوى إِلّا امرُؤٌ باتَ مُغرَما
غَنيتُ جَنيباً لِلغَواني يَقُدنَني / إِلى أَن مَضى شَرخُ الشَبابِ وَبَعدَما
وَقِدماً عَصيتُ العاذِلاتِ وَلَم أُطِع / طَوالِعَ هَذا الشَيبِ إِذ جِئنَ لُوَّما
أَقولُ لِثَجّاجِ الغَمامِ وَقَد سَرى / بِمُحتَفِلِ الشُؤبوبِ صابَ فَعَمَّما
أَقِلَّ وَأَكثِر لَستَ تَبلُغُ غايَةً / تَبينُ بِها حَتّى تُضارِعَ هَيثَما
هُوَ المَوتُ وَيلٌ مِنهُ لاتَلقَ حَدَّهُ / فَمَوتُكَ أَن تَلقاهُ في النَقعِ مُعلِما
فَتىً لَبِسَت مِنهُ اللَيالي مَحاسِناً / أَضاءَ لَها الأُفقُ الَّذي كانَ مُظلِما
مُعاني حُروبٍ قَوَّمَت عَزمَ رَأيِهِ / وَلَن يَصدُقَ الخَطِّيُ حَتّى يُقَوَّما
غَدا وَغَدَت تَدعو نِزارٌ وَيَعرُبٌ / لَهُ أَن يَعيشَ الدَهرَ فيهِم وَيَسلَما
تَواضَعَ مِن مَجدٍ لَهُم وَتَكَرُّمٍ / وَكُلُّ عَظيمٍ لا يُحِبُّ التَعَظُّما
لِكُلِّ قَبيلٍ شُعبَةٌ مِن نَوالِهِ / وَيَختَصُّهُ مِنهُم قَبيلٌ إِذا انتَمى
تَقَصّاهُمُ بِالجودِ حَتّى لَأَقسَموا / بِأَنَّ نَداهُ كانَ وَالبَحرَ تَوءَما
أَبا القاسِمِ استَغزَرتَ دَرَّ خَلائِقٍ / مَلَأنَ فِجاجَ الأَرضِ بُؤسى وَأَنعُما
إِذا مَعشَرٌ جارَوكَ في إِثرِ سُؤدُدٍ / تَأَخَّرَ مِن مَسعاتِهِم ما تَقَدَّما
سَلامٌ وَإِن كانَ السَلامُ تَحِيَّةً / فَوَجهُكَ دونَ الرَدِّ يَكفي المُسَلِّما
أَلَستَ تَرى مَدَّ الفُراتِ كَأَنَّهُ / جِبالُ شَرَورى جِئنَ في البَحرِ عُوَّما
وَلَم يَكُ مِن عاداتِهِ غَيرَ أَنَّهُ / رَأى شيمَةً مِن جارِهِ فَتَعَلَّما
وَما نَوَّرَ الرَوضُ الشَآمِيُّ بَل فَتىً / تَبَسَّمَ مِن شَرقِيِّهِ فَتَبَسَّما
أَتاكَ الرَبيعُ الطَلقُ يَختالُ ضاحِكاً / مِنَ الحُسنِ حَتّى كادَ أَن يَتَكَلَّما
وَقَد نَبَّهَ النَوروزُ في غَلَسِ الدُجى / أَوائِلَ وَردٍ كُنَّ بِالأَمسِ نُوَّما
يُفَتِّقُها بَردُ النَدى فَكَأَنَّهُ / يَبُثُّ حَديثاً كانَ أَمسِ مُكَتَّما
وَمِن شَجَرٍ رَدَّ الرَبيعُ لِباسُهُ / عَلَيهِ كَما نَشَّرتَ وَشياً مُنَمنَما
أَحَلَّ فَأَبدى لِلعُيونِ بَشاشَةً / وَكانَ قَذىً لِلعَينِ إِذ كانَ مُحرَما
وَرَقَّ نَسيمُ الريحِ حَتّى حَسِبتَهُ / يَجيءُ بِأَنفاسِ الأَحِبَّةِ نُعَّما
فَما يَحبِسُ الراحَ الَّتي أَنتَ خِلُّها / وَما يَمنَعُ الأَوتارَ أَن تَتَرَنَّما
وَما زِلتَ شَمساً لِلنَدامى إِذا انتَشوا / وَراحوا بُدوراً يَستَحِثّونَ أَنجُما
تَكَرَّمتَ مِن قَبلِ الكُؤوسِ عَلَيهِمُ / فَما اسطَعنَ أَن يُحدِثنَ فيكَ تَكَرُّما
بَني مَخلَدٍ كُفّوا تَدَفُّقَ جودِكُم
بَني مَخلَدٍ كُفّوا تَدَفُّقَ جودِكُم / وَلا تَبخَسونا حَظَّنا في المَكارِمِ
وَلا تَنصُروا مَجدَي قَنانٍ وَمالِكٍ / بِأَن تَذهَبوا مِنّا بِسُمعَةِ حاتِمِ
وَكانَ لَنا اسمُ الجودِ حَتّى جَعَلتُمُ / تَغَضّونَ مِنّا بِالخِلالِ الكَرائِمِ
وَشَيَّبَني أَلّا أَزالَ مُجَرِّراً / سَرابيلَ سَآّلٍ كَثيرِ المَغارِمِ
وَما خَطَري دونَ الغِنى إِن بَلَغتُهُ / سُؤالاً وَلا عِرضي نَظيرُ الدَراهِمِ
أَرى العَرَبَ التاثَت عَوائِدُ فَضلِها
أَرى العَرَبَ التاثَت عَوائِدُ فَضلِها / فَمُستَبطَأٌ في حاجَتي وَلَئيمُ
فَما نَصَرَتني الأَزدُ مَرجُوَّ نَصرِها / وَلا رَجَعَت حَقّي إِلَيَّ تَميمُ