المجموع : 7
لهم طلل ما بين يبرين والحمى
لهم طلل ما بين يبرين والحمى / غدا يستجيش الدمع حولا مجرّما
أهاب يثاويه النوى فتقوّضت / معالمهُ واستعجمت أن تكلّما
ديار أجدت حين أخلقها البلى / لقلبي غراما جار لما تحكّما
وقفت بها أخفي الغرام فأظهرت / كوامنه إذ فاض دمعي بها دما
وما ذاك من حبّ الخيام وإنما / غرام بمن قد كان فيها مخيّما
سرى البرق نجدبا فبتّ من الجوى / سليماً وقدماً كنت منه مسلّما
فاذكرني دارا بمنعرج اللوى / نعمت بها إذ كنت واصلت تنعما
أيا برق إن جاوزت برقةَ منشدٍ / فبلّغ سلامي ساكني أبرق الحمى
وقل لهم إن فرّقَ الدهر بيننا / فإن ودادي فيكم ما قصرّ ما
لذكركم بين الأضالع زفرة / أبت طول هذا الدهر إلا تضرّما
فيا ليتكم لما بعد تم بعثتمُ / خيالاً ليوافي في الرقاد مسلّما
وهل ذا يرى طيف الخيال وقد أبت / جفوني على طول النوى أن تهوّما
منازلهم بين الفرات وجلّقٍ / أبى الله أن أبكيك إلا تذمّما
وإنّي لا أخلي من الشوقِ دائباً / فؤادي ولا من طيب ذكرك لي فما
عرفت سطورا منك أخلفها البلى / وما راجع العرفان إلا توهّما
تذكّرت أيامي وأهلك جيرة / وعيشا بكلتي ساحتيك منعّما
فرحت بها أطوي الضلوع على أسى / علائقه طول المدى لن تصرّما
إلى كم يروع الخطب قلبي بفرقةٍ / ووشك نوى يبتزّ لحما وأعظُما
أفارق أوطانا ويسرا وأسرة / وقوما كراما عشت فيهم مكرّما
وأعناض أرض الشام دارا وإنما / بها الفضل منّاع الفتى أن تقدّما
أجلق إن قاسيت فيك خصاصة / فحسبك عارا أن أرى فيك معدما
ولكنما غفرا لذنبك بعد ما / رأيت بمعناك الليل العظّما
فتى لا يُرى منه السؤال مذمّة / ولم تلقهُ إن جئتهُ متبرّما
همى فهو جود للعفاة وإنّما / عنى قاصديه إذ همى لهم منمى
أحق بأن يدعى المعظم وحدهُ / وأولى البرايا أن يقال له ابنما
أفي كلّ يوم نعمة وصنيعة / تعُمُّ الورى عدلا وبذلاً مقسّما
وعلمّا يدقّ الفهم عنه وإنّما / فخارُ الفتى إن جاءهُ متعلّما
إذا استكثرا الأجوادُ جوداً أفادهُ / رأى عنده منه أجلّ وأعظما
فيستصغر الأمر العظيم لنفسه / وينظر تقصيرا إذا كان منعما
له عسكرا جيشٍ وجأشٍ إذا رمى / بها الدهر أضحى خشية منه مهجما
إذا همّ لم يترك مدى غير حاضرٍ / وإن قال يرتدّ البليغ مجمجما
لقد ملّ سيف الهند من ضربه الطلى / وملّ القنا الخطّيّ أن يتحطّما
وقد سئمت منه الليالي إغارةً / وعاود وجه الصبح بالنقع مظلما
تأخّر عن ترك التقدّم إذ رأى / حياة الفتى في الدهر أن يتقدّما
لقد خجِلَت منه السحائبُ فانزوَت / فلمّا أتى جاءته تهمى تزعّما
فيا أيّها المخنى عليه زمانهُ / ويا من له وجه الخطوب تجهّما
إذا ما أتاك الدهر يوما بنكبةٍ / فجىء باسمه يرتدّ دهرك منعما
ضلالاً لمن يبغي سوى جود كفّه / وهديا لمن يرجوه من حيثُ يمّما
وفخراً على كلّ البلاد لجلّقٍ / ومعلمها إذ راح بالجود معلَما
عقت دارها إلا ثلاثا بها سحما
عقت دارها إلا ثلاثا بها سحما / فلا أثراً أبصرت منها ولا رسما
وجرّت عليها الرامسات ذيولها / فعفّينها حتى لقد طسمت طسرا
عهدت بها الحيّ الجميع وعيشةً / أخذت بحسن من بشاشتها قسما
ديار خلت ثم اضمحلت ومحّصت / فلست ترى منها ملجا ولا وشما
وقفت والدمع ينهلّ صوبهُ / كما انجمت وطفاء هطّالة سجما
اسائل وهما والديار إذا غدت / مشخّصةً ألقيتُها همّداً عجما
وراجعت حلمي وارتجعت عن الصبا / ومن يصحب الأيام تحدث له حلما
وما برحت نحوي تهرّ كلابهم / ولم أجترم فيهم على أحد جرما
ومالي من ذنب سوى الفضل والندى / وتعظيم قدري إذ ألقّب أو أسمى
عجبت لطرف فيهم كيف ماكبا / وطرف رآهم دائما كيف لا يعمى
فلا فتئت تفلي عليّ صدورهُم / بما قد حباني اللّه من فضله علما
وما خصّني من حسن خلق وخلقةٍ / ومنطق فصل أستطيش به الحلما
ولطف إذا لو طفت تعلم أنّه / من الهضبات الشمّ يستنزل العصما
وكلّ تراه نجل جون موقّع / أزبّ وتلقى لي أياما جدا قرما
تفنّن في كلّ العلوم وإنّني / قفوتُ له غثراً وأشبهته عظما
ونحن بنو ماء السماء سمت به / على الناس أنساب غدت شهرةً أدما
فتتناكبود الحاسدين بمجدنا / فعضّوا على أستاههم في الورى رغما
ولم يك فينا من تلين فناتهُ / ولما تجد منا جهولا ولا فحما
وقومي هم المستحدثون بفضلهم / خلائق تبقى في جباه العلا وسما
ألو الله والدين القويم إذا اعتزا / وأهل النديّ والندى غذ غدا جما
علومهم الأعلام للرشد والهدى / وحوض عطاياهم غدا مجفراً فعما
إذا نامت الأقوام يوما عن القرى / رأيت الثرى للضيف بعد القرى جهما
وأبناء علّات رموني فلم تصب / سهامهم لكنّ سهمي لهم أصمي
عووا وتمادوا في العُويّ تحاشداً / فلم أكترث حتى أمنّهم غمّا
رأوا بينهم للفرس ليث عرينةٍ / هو الموت ضربا بالمخالب أو ضغما
هزبرا إذا ما زت يوما بغيله / رأيت فريساً أو سمعتَ لهُ فهما
يرى الموت في أظفاره ونبوبه / بأدنى شطاه يعرقُ اللحم والعظما
ضلالاً لمن يسعى ليدرك شأونا / وهل يدرك الساعي بمسعاته النجما
فخلّوا سبيلا لن تطيقوا سلوكه / ومورد فضل عنكم أبدا يحمى
أشاقتك من أطلال ليلى معالمُ
أشاقتك من أطلال ليلى معالمُ / فأبدت شؤون الدمع ما أنت كاتمُ
أم القلبُ إثر الظاعنين صبابةً / دعا فأجابتهُ الدموع السواجم
أطاع الهوى لما عصى الصبر معلنا / بأنّ فؤادي من جوى البين هائم
الأربّ دار باللوى قد تقوّضت / لبعدهم أركا نها والدعائم
وقفت بها أذري دموعاً تسعّرت / بها نار حزن ضمّنتها الحيازمُ
وقد محّصت اطلالها فكأنها / ظباء باقطار الفلاة جواثم
أقول إذا ذكرى عهودي تعّرضت / سقى عرصتيها عارض متراكم
وأنّى جفتها المزن لا زال صائبا / من الجفن صوب بالمدامع ساجم
وعاذلةٍ باتت تقول ملحّة / أمثلك يبكى الربع والربع طاسم
فقلت لها كفّي الملام فإنها / هي الدار أقوت آياتها والمعالم
عهدت بها شرخ الشباب بوصل من / هويتُ وغصنُ العيش أخضر ناعم
بحيث امتناع الغانيت ممنّعُ / لدينا ولون الرأس اسود فاحمُ
وما فوّقت أيدي البعاد لشملنا / سهام النهوى والخطبُ وسنان نائمُ
وقد طلعت بعد الفراق بمغرقي / نجوم مشيب إثرها الموت ناجمُ
فأنبأنني أنّ الصّبا غيرُ راجعٍ / إليّ وأنّ الشيبَ للمرء لعادمُ
ولم أر دهري غارماً ما أضاعهُ / وكلّ زعيمٍ بالذي ضاع غارمُ
فوا عجباً من سوء خطي وقد سرى / لفضلي عرف مخطم الدهر فاغم
إذا جئتُ وردا للمعالي ارودهُ / فإن الرزايا فوق وردي حوائمُ
وما فرقي والحادثات تلمّ بي / من الدهر والملك المعظّمُ عاصم
مليك به وجه الخطوب مقطّب / وثغر الندى والدين والعدل باسم
حسام أمير المؤمنين وما سمي / بذلك إلا وهو للخطب حاسم
به نصر الإسلام في كل توطن / وحلّت بأهل الزيغ منه القواصمُ
لئن عجزت وطف الغوادي بجودهِ / لقد خجلت منه البحار الخضارم
فمن مجدهِ حوض المدائح مترع / ومن جودهِ البحر المنائح راسم
مليك له الأقدار تجرى على الورى / فليس فضاءً غير ما هو حاكمُ
تجليب منه الدهر ثوبا من العُلا / ففي عصره كلّ الزمانِ مواسمُ
إذا عجز الوصّافُ عن حصر مدحه / وأوصافه أثنت عليه المكارم
وما انصفوه بالمعظّم إذ غدا / عظيما وقد هانت لديه العظائم
ومن أين يُلغى للمظفّر شبه / إذا احتدمت بالدار عين الملاحم
وكم سوق حرب للأعادي أقمتهُ / وموت لهم ايظقته وهو حالم
ولم شهدت منك الفرنج مواقفاً / وبحر المنايا موجده متلاطمُ
دعوت بها بيض السيوف فأذعنت / تجيبك في هام الكماة الصوارم
لدى معرك لم يلف في جنباتهِ / إذ الروع إلّا صارم أو ضبارمُ
وما زلت في جيشين جيش مقاتل / وجيش على القتلى من الطير حائم
ولو سئّلت أرض الفرنج شهادة / أجابتكم صيدا ويافا وحارم
فكم خدلت فيها لدى الحرب أنفس / وكم قسمت إذ ذاك منها الغنائمُ
وكم من صريع من مخافة بأسم / وما فقعت فيه الرقى والعزائم
وليس لكم في حرب فارس مفخر / لقد صفُرت عن مثل ذاك الأعاجم
دعاك أمير المؤمنين فأذعنت / له عزمة قلّت لديها العزائم
فألفاك سيفا في الأعادي مجرّراً / وفي شفرتيه الموت إن شام شائم
تميت وتحيي بالصوارم والندى / كأنك للآجالِ والرزق قاسمُ
مليك الورى عزّ العزاء لحادثٍ / وجوهُ المعالي إذ ألمّ سواهمُ
وقد جلّ رزء المؤمنين كأنّما / عليّ عليّ فالدموع رواذم
ألم به صرف الحوادث عنوةً / ولكنما من بعدها الدهر نادم
سقى قبره سحّ السحاب فطالما / سقى الناس غيث من أياديه ساجم
ولا فارق التقديس أرضا ثوى بها / ولا رحمة واللّه إذ ذاكَ راحم
أيا ملكاً لولا فواضل جودهِ / لضنّت علينا أن تجود الغمائم
دعوتك لما أن ألم بيَ الأذى / وعدّت فما صحّت عليّ الجرائم
فخذ بيدي ثمّ اصطنعني فإنما / نمتني إلى العلياء قوم أكارم
فما راق لي لمّا سمعت مشارب / ولا هنأتيني بعد ذاك مطاعمُ
لديّ فنون من علومٍ غزيرةٍ / لساني لها في جبهة الدهر واسمُ
تفنّنت في الآداب حتى أخالها / نهابا ولم يحرزه إلّايَ غانم
وجاهدت في علم القراءة بعدما / قرأت بما لم يقر ورش وعاصم
ولي بأحاديث الرسول رواية / تقصّرُ عنها في العلوّ العمائمُ
وسقراط ما أوعى من العلم ما وعى / فؤادي ولكن عصره متقاوم
وأنبئت من لي في رضاه مصالح / تهدّدني إذ رأيه في واهم
ولم اقترف ذنبا وأجن جناية / ولكن سعت للسع في الأراقم
فإن كنت بي يا مالك الأرض محسنا / سعدت ولم تحدث عليّ الجوازم
وإلا فإني طائح الدم هالك / وعما قليل أنت لا شك عالم
أنخ أيّها الحادي المطيّ وسلّم
أنخ أيّها الحادي المطيّ وسلّم / فقد نلت أقصى غاية لميمّم
وبلّغت ما قد كنت ترجو ويختفي / فرد بحر جودٍ بالفواضل مفعم
وشمّر سواما من رجائك ترتع / رياض العطايا بالنوال المقسّم
لوارث هدي المصطفى وخلاله / وخير البرايا من محلّ ومحرم
لذي الفضل محي الدين من جود كفّه / غنى لفقير أو يسار لمعدم
مجيد متى ما جئته تلق عنده / بشاشة وجه زانها بالتبسّم
به أخضبت روض الأماني وجاءها / سحاب ندى من جود كفّيه مثجم
وأسفر وجه المجد من فرح به / ووطّد أركان الندى والتكرم
تحمّل عبء المكرمات وثقلها / وطوّف منها مغرما بعد مغرم
فما همّه إلّا المعالي وغيره / من الناس لم تهطر له في توهّم
آيا ابن البتول الطهر فيك تقاصرت / فصاحة نطقى عن مديح مقسّم
ولكنّني رصّعت من درّ وصفكم / قصائد شعر بالثناء منظمّ
لكم من رسول الله اشرف فتية / ومن حيدر أوفى فخار معظّ
وفيكم أتى القرآن يتلو مديحكم / فلي مؤدّ مدحكم في تكلّم
وأنتم هداة الخلق حقّا وأنتم / أولو اللّه والبيت العتيق المحرّم
فأقسم بالبيت الحرام وما حوى / وبالركن حقّا والحطيم زمزم
لأنتم من النور الإلهي خلقكم / مجاجةُ وحي أودعت ظهر آدم
ولولاكم أضحى الورى في عمايةٍ / وراحوا بليل في الضلالة مظلم
بنوركم شمس النهار تهوّرت / وعلمكم هاد لكلّ معلّم
وما مدحي في غيركم عن جهالة / ولا أن طرفي عن مدائحكم عمي
ولكن إذا لم ألق ماء مطهّراً / بكلّ زمان أرتضي بالتيمّم
لكم في ضمير القلب ودّ مؤكد / وحبّ على الأيام غير مصرّم
وإن أنا لم أصدق بدعواي فيكم / فيؤتُ بما باء اللعين ابن ملجمِ
قف العيس هذا ربع سلمى فسلّم
قف العيس هذا ربع سلمى فسلّم / وإن لم تجب رجعا ولم تتكلم
ولكنه عهد الصريم وأهله / تصرّم والأشواق لم تتصرّم
وما الدار إلا بالقطين فإن يبن / أقل لجفوني بعد فرقته اسجمي
لقد علم الجفن المحبين بعدهم / بكاء على الأحباب في كل معلم
عذولي اصح أخبرك بالحب كي ترى / عذيري لقد ألمتيني بالتلوم
أرى الحب في بدء المحبة طعمه / لذيذ وعقباه مرارة علقم
وأوله أن يطمع المرء في الهوى / فتدخله الأطماع تحت التحكم
ألم تر أني ظلت في رسم منزل / أسحّ سحاباً من دموعي ومن دمي
وأندب دارا باللوى غير أنني / اقول لها يا دار سلمى ألا اتتلكي
أيا ساكني أطلال منبج إن لي / إليكم جوى نيرانه في تضرّم
عليّ وقد جرتم مدى البعد لذتي / حرام ورفق العيش غير محرم
وليلي كما نام السليم ولم يجز / بشرع الهوى أن تسفكوا دم مسلم
أرجم في سلمى ظنوني ضلة / وما نافعي من أمر ظن مرجم
أروم الكرى علي أرى زور طيفهم / وما زوره إلا الجفن مهوم
خفوا الله في إظهار ما ظلت جاهدا / من الحب أخفيه لدائي المكتّم
ضننتم بتكليم وقد خالط الهوى / هواكم أضاميم الفؤاد المكلم
كما خالطت نعمى أبي اسحق والندى / بمعظمه روحي ولحمي وأعظمي
فاصبحت مرجوا وقد كنت راجياً / يسير الندى عند البخيل المذمّم
ومذ عمت بحرا من عطاياه أخرجت / له فكري درّ المديح المنظّم
كريم السجايا طاب فرعا وأصله / زكيّ من البيت الرفيع المكرم
سمي خليل اللّه أرسل للهدى / وأرسلت للجدوى بمال مقسّم
رأيت الورى عبّاد أصنام عسجد / فحطّمتها من سيب حور محطم
بك اكتسبت الأيام نورا وقبلها / غدت في دجى ليل من اللوم مظلم
وألقت لك الدنيا مقاليد أمرها / ورحت بعلم بالفواضل معلم
ودبّرت أمرا الملك بالدين والحجا / ورأي اصيل في الملمات محكم
نصرت ابن نصر من حمى الدين ما اغتدى / بعصرك فخذ ولا لدى كل مسلم
وأوقدت نارا للمكارم والعلى / فأسرج كل من غنيّ ومقدم
إذا ادخر المال البخيل فإنما / ذخيرته من كل صيبٍ معظم
وعصمته الذكر الجميل وإنه / حليّ علاً في كل حيد ومعصم
له قلم كلت لهيبته الظبا / إذا ما انتضاه مصلتا فاغر الفم
يفلّ به الجييش اللهام ويغتدى / به كهم في جانبي كل لهذم
فطورا تراه مجتني النحل سائلا / وطورا تراه سائلا سمّ أرقم
إليك وزير الملكِ أعملت همّتي / فعمت بتيّار من الجود مفعمِ
ولم أر أهلا في الأنام سواكمُ / لنظم قريضٍ من فصيحٍ وأعجم
زففت إلى الجدوى كريمة خاطري / هديّا ولم اختر لها غير مكرم
فأنكحتها علياك إذ لم أجد لها / من الناس كفؤا غير مجدك فاعلم
فخذ بكر فكر لا يقوم بمهرها / سواك ولا تسخر به كفّ منعم
أمن منزل بالجق أقوت معالمه
أمن منزل بالجق أقوت معالمه / ففاض بمغناها من الدمع ساجمه
تحمّلت عبئا أم من البين والجوى / غدا القلب والوجد القديم يلازمه
وما الوجد إلا ما عدو الفتى به / إذا آن تفريق الأحبّة راحمه
وما الحب إلا ما يؤنّب غازل / عليه فيعصى أو تلوم لوائمه
وكيف يطيق الصبر صب جفونه / تنم بما يخفيه والقلب كاتمه
ألا قاتل الله الجمال فإنها / أقلّ جمالا مبدعا فيه واسمه
نأت بهم والليل مرح سدوله / بفوديّ حتى أبيض للبعد فاحمه
ولم تدر ليلى ما الهوى وعذابه / ولا علمت منه الذي أنا عالمه
نسيم الصبا بلغ إلى جيرة الغضا / سلام مشوق وجده ما يسالمه
وصف لهم ما بي من الوجد والأسى / وما ضمّنته من فؤادي حيازمه
أول وقد كنت العزيز وكيف لا / يذلّ فتى قاضيه في الحب ظاله
وأعجب ما لاقيت في مذهب الهوى / محب يروم العدل والخصم حاكمه
فيا صاحبي اليوم عوجا لتسألا / فريق الحمى أمن استقلّت عزائمه
وقولا لهم أن ضل بالبعد عنهم / غرام فإنّ القلب مني غارمه
سلوا النجم يخير عن سهادى وموقع / لجفنيّ لم ينجم مع الدهر ناجمه
فأعجب بحب لا يساب بسلوة / لقد عمرت في القلب مني معالمه
لحا الله دهري كيف سلت من النوى / علي لتفريق الجيب صوارمه
وكيف أخاف الدهر في وقع حادث / ملم وابراهيم بالجود حاسمه
وزير رست للملك من طود رأيه / قواعده حين اطمأنّت دعائمه
إذا نظرت آراؤه الأمر أدركت / غرائبه والمشكلات عزائمه
ومالا أحاط العالمون بأسرهم / به فأبوا إسحق بالوهم عالمه
يرى الجود من بعد السؤال مذمّة / فتوليك ما لا ترتجيه مكارمه
وإن ضن صوب الغيث جادت يمينه / على الناس ما لم تستطعه سواجمه
فلو لم يجد شيئا ينيل لقاصد / فبالنفسِ مسرورا بذاك يقال
ففي كل كف من نداه غنائم / وكل مديح فهو لا شك غانمه
به غفرت للدهر كلّ إساءة / وعاد له بالعذر من هولائمه
أبا إسحق شيدت المعالي وفتقت / بجودك عن لب السماح كمائمه
تكفّلت بالمرين رزق وحكمة / ففضلك يمليها وجودك قاسمه
بكفّ يكفّ الخطب عن سوء فعله / وعن بغيه ذ تضمحلّ جرائمه
يقلّ يراعا أسمر اللون أهيفاً / طلاه دما إذا أحسن الوشم واشمه
تقمّص ثوب الحزن من فرح به / فبيّض حظ المرء إذ ذاك فاحمه
إذا ما مضى ردّ القضاء ولم تكن / لتمنع عن غير الولي مظالمه
إليك جمال الدين حثت عزائمي / فهانت بكم من ذا الزمان عظائمه
تجلّ محلي في الأنام فأنثني / وربعي ربيع إذ تجود غمائمه
وقد سرّني لما رأيتك سالما / وعود شبابي أخضر الغصن ناعمه
وما كان لي لولا مزارك بغية / أو ملها إذ شام غيرك شائمه
وما بفنا الحدباء من يرتجي له / سماح يد إلاك إذ أنت حاتمه
فخذها هديّا بكر فكر زففتها / إليك بعرف يملأ الأرض فاعمة
لئن حسنت منها فواتح نظمها / لقد عذبت بالمدح فيك خواتمه
فمتّعت يا خير الورى ببقائها / مع الدهر كي لا تستباح محارمه
لعمرك أضحت للوزير دلائل
لعمرك أضحت للوزير دلائل / كموسى وعيسى فهو يعلو ويعظم
غدا بيمينه بياض وقد أتى / بغير أب فهو الرسول المذمّم