المجموع : 5
إِذَا بَعُدوا وَافُوكَ أَسْرَى وَإِنْ دَنَوا
إِذَا بَعُدوا وَافُوكَ أَسْرَى وَإِنْ دَنَوا / لِغَزْوِكَ وَافَتْهُمُ قَناً وَصَوارِمُ
وَلا غائِبٌ إِلّا أَتى وَهْوَ تَائِبٌ / وَلا قَادِمٌ إلّا أَتَى وَهْوَ نَادِمُ
لأَعْنَاقِهِمْ بالبيضِ مِنْكَ مَعانِقٌ / لِغَيْرِ هَوىً فِيهِمْ وَبِالسُّمْرِ لاثِمُ
تَفتَّحُ مِنهُم بالسُّيوفِ شَقائقاً / عَلَيْهَا الدُّرُوعُ الضَّافِياتُ كَمائِمُ
بِحَرْبٍ تكونُ البِيضُ مِنْهَا بوَارِقاً / نَجِيعُهُم فيها الغُيُومُ السَّواجِمُ
قَتَلْتَهُمْ بِالذُّعْرِ حَتَّى كأَنَّمَا / تُحَارِبُهم فيهِ وَأَنْتَ مُسَالمُ
وَقَدْ عَلِمَ الأَعْداءُ أَنّكَ إِنْ تَقُمْ / بِقائِم سَيْفٍ فَهوَ بالنَّصْر قائِمُ
إِذَا رُمْتَ أَنْ تَرْقَى إِلى المَجْدِ سُلَّماً / صَعِدْتَ إِلَيْهِ وَصَعَا وَسَلالِمُ
وَحَفَّ بِكَ الجَيْشُ الَّذي بِكَ نَصْرُهُ / وَمِنْكَ لَهُ إِقْدامُهُ وَالعَزائِمُ
وَسارَ بِبَدْرٍ مِنْ سَنَا وَجْهِكَ الَّذي / بِهِ ظُلُماتٌ تَنْجَلي وَمَظالِمُ
عَلى الأَعْوَجِيّاتِ العِتَاقِ الَّتي لها / حَوافِرُ لِلهاماتِ مِنْهَا عَمَائِمُ
تَمدُّ بِهَا في السَّيْرِ أَجْيادُهَا الَّتي / كَأَنَّ لِحَى الأَعْداءِ فيها بَراجِمُ
سِهَامٌ عَلَى مثلِ السِّهَامِ تَبسَّمَتْ / سُيُوفُهُمْ حَيْثُ الوُجُوهُ سَواهِمُ
وَلَيْسَ بِناجٍ مِنْكَ جَانٍ بِجُرْمِهِ / إِذَا أَعْوَزتْهُ مِنْ يَدَيْكَ المَرَاحِمُ
يَكِرُّ بِمَا تَهْوى الجَدِيدانِ فِي الوَرَى / وَتَسْرِي بِمَا تَرْضَى الرِّيَاحُ النَّواسِمُ
وَتَحْتَقِرُ الفُرْسَانَ حَتَّى كَأَنَّهُمْ / وَهُمْ بُهَمٌ يَوْمَ الهِياجِ بَهائِمُ
وَتُعْطِي أَيادِيكَ الَّتي يَدَكَ احْتَوَتْ / وَلَوْ جُمِعَتْ في رَاحَتَيْكَ الأَقالِمُ
كَأَنَّكَ أُمٌّ والأَنَامُ بِأَسْرِهِمْ / يَتَامى وَبَعْلٌ والأنامُ أَيائِمُ
تَؤُمُّ رِماحُ الخَطِّ بِيضَكَ في الوَغَى / كما قَابَلتْ بِيضَ الوُجُوهِ المَعاصِمُ
وَتُغْضِي عَنِ الفَحْشاءِ لا عَنْ جَهالةٍ / وَلكنْ لِمَعْنىً آثَرَتْهُ المَكَارِمُ
ولي مِدَحٌ بَالَغْتُ فِيهَا بَلاغَةً / وَأَثْنيتُ فِيها بالَّذي أَنَا عالِمُ
وَلي فيكَ آمالٌ عَلَيْك بُلوغُها / فَلا دافِعٌ دُون الَّذي أَنْتَ حَاكِمُ
أَبَعْدَك يَحْوِي المَجْدَ مَنْ هُو فاخِرٌ / وَبَعْدِي يقولُ الشِّعْرَ مَنْ هُوَ نَاظِمُ
وَإِنَّ لِساني ذو الفِقَارِ عَلِيُّهُ / عُلاكَ فَمَنْ مِثْلي وَمثْلُكَ غانِمُ
أَجِرْ وأَجِزْ وَاعْطِفْ وَأَعْطِ فَإِنَّما / يَخُصُّ كَرِيماً بِالنَّوالِ الأَكَارِمُ
حَدِيثُ غَرامِي فِي هَواكَ قَديمُ
حَدِيثُ غَرامِي فِي هَواكَ قَديمُ / وَفَرْطُ عَذابِي في هَواكَ نَعيمُ
بِمَا شِئْتَ عَذِّبْ غَيْرَ سُخْطِكَ إِنَّهُ / وَصدِّق ولائي في هَواكَ أليمُ
تُمَثِّلُكَ الأَشْواقُ وَهْماً لِخاطِري / فَيُدْرِكني بالخَوْفِ مِنْكَ وُجُومُ
وَتَقْنَعُ مِنْكَ الرُّوحُ لَمْحَ تَوَهُّمٍ / فَتَحْيا بِهَا الأَعضَاءُ وَهْيَ رَمِيمُ
هَنِيئاً لِطَرْفٍ فِيكَ لا يَعْرِفُ الكَرَى / وَتَبّاً لِقَلْبٍ فِيكَ لَيْسَ يَهيمُ
وَلمَّا جَلاكَ الفِكْرُ يا غَايةَ المُنَى / فَظلَّ بِقَلْبِي مُقْعِدٌ ومُقيمُ
وَمَا الكَوْنُ إلّا صُورةً أنْتَ رُوحُهَا / وَجِسْمٌ بِغَيْرِ الرُّوحِ كَيْفَ يَقُومُ
تَوَّهَم صَحْبي أَنَّ بي مَسُّ جِنَّةٍ / وأَنْكَرَ حَالي صَاحِبٌ وَحَميمُ
فَبُحْتُ بِما ألقاهُ مِنْكَ مُصَرِّحاً / وَمَا نالَ لَذّاتِ الغَرامِ كَتُومُ
أَغُصْنَ النَّقا إنّي أَغارُ إِذَا غَدَا / يُلاعِبُ عِطْفيْكَ الرّشاقَ نَسِيمُ
وَلَمّا بَدَتْ في طَوْرِ خَدِّكَ جَذْوَةٌ / وَلاحتْ لِقلبي عادَ وهُوَ كَليمُ
يَلذُّ لِقلْبي في هَوَاكَ عَذابُهُ / وَلِمْ لا وَبِالأحْوالِ أَنْتَ عَليمُ
يَميناً بِأَصْواتِ الحَجيجِ على مِنىً / وَصَحْبٍ لَهُمْ بِالمَأْزمينِ زَميمُ
لأَنْتَ وَإنْ أَصْبَحْتَ بِالوَصْلِ باخِلاً / عَليَّ احْتِقاراً بِي لَديَّ كَرِيمُ
وَيَا شَرَفي لَمَّا غَدَوْتَ وَلِلْهَوى / عَلى جَسَدِي المُضْنى النَّحيل رُسُومُ
وَيَا سائِقاً يُضْنِي الرّكائِبَ طُلَّحاً / لَهَا في الرُّسوم المُقْفراتِ رَسيمُ
إِذَا عايَنَتْ عَيْنَاكَ بَارِقَ أَبْرَقٍ / يَلوحُ كما في الأُفقِ لاح نُجومُ
وَباحتْ بأسْرارِ الرُّبا نَسْمَةُ الصَّبا / وَعطَّر أَقْطارَ القفارِ شَميمُ
وَعايَنْتَ سَلْعاً قِفْ وَسائِلْ أَحِبَّتِي / فَهَذا الّذي أَصْبَحْتُ مِنْكَ أَرومُ
فَثمَّ رَشاً شَوْقي إليه مُبَرِّحٌ / وَريم فُؤادي عَنْهُ لَيْسَ يَريمُ
أُغالِطُ عَنْهُ بِالكَلام مُجالِسي / وَفِي القَلْبِ مِنْ ذِكْري سِواه كُلُومُ
لَهُ مِنْ سُوَيْداءِ الفُؤادِ مَعاهِدٌ / وَبَيْنَ سَوادِ المُقْلَتَيْنِ رُسُومُ
وَقُلْ يا غَرِيبَ الحُسْنِ رِقّ لِنازِحٍ / غَريبٍ لَهُ قَلْبٌ لَدَيْكَ مُقيمُ
تَرحَّلَ عَنْهُ مُذْ تَرَحَّلْتَ نافِراً / فَلَيْس لَهُ حَتّى القُدوم قُدومُ
عَلَيْكَ سَلامٌ مِنْ كَئيبٍ مُتيَّمٍ / تَظَلُّ سليماً وَهْوَ مِنْكَ سَلِيمُ
عَفَا اللَّه عَنْ قَوْمٍ عَفا الصَّبْرُ مِنْهُمُ
عَفَا اللَّه عَنْ قَوْمٍ عَفا الصَّبْرُ مِنْهُمُ / فَلَوْ رُمْت ذِكْرى غَيْرِهِمْ خَانني الفَمُ
تَجَنُّوا كَأَنْ لا وُدَّ بَيْني وَبَيْنَهُمْ / قَديماً وَحَتَّى ما كأَنَّهُمُ هُمُ
فأَعْظَمُ وَصْلاً مَنْ يُشيرُ بِطَرْفِهِ / إِليَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مَنْ يُسَلِّمُ
وَبالجزْعِ أَحْبابٌ إذا ما ذكرْتُهُم / شَرِقْتُ بِدَمْعٍ في أَوَاخِرِهِ دَمُ
ألمَّ وَمَا في الرَّكْبِ مِنَّا مُتيّمٌ / وعادَ وما في الرَّكْبِ إلّا مُتيَّمُ
وَلَيْسَ الهَوَى إِلّا التِفَاتَةُ طَامِحٍ / يَرُوقُ لِعَيْنَيْهِ الجَمَالُ المُنَعَّمُ
خَليليَّ مَا لِلْقَلْب هَاجَتْ شُجُونُهُ / وَعَاوَدَهُ داءٌ مِنَ الشَّوْقِ مُؤْلِمُ
وَمَا رَاعَهُ إِلَّا لأَمْرٍ غَرامُه / وَلا اعْتَادَهُ إِلّا هَوىً مُتقَدِّمُ
أظنُّ دِيارَ الحيِّ مِنّا قَريبةً / وَإِلّا فَمِنْهَا نَفْحَةٌ تَتَنَسَّمُ
أَيُرْعَى في مَحَبَّتِكُمْ ذِمَامُ / وَيَعْدِلُ في رَعِيَّتِهِ الغَرامُ
وَيُنْصِفُ ظَالِمٌ مِنّا وَمِنْكُمْ / وَلا قُلْنا وَلا سَمِعَ الأَنامُ
وَيَرْجِعُ عَيْشُنا الماضي وَتَدْنو / خِيامٌ لِلوصالِ لها خِتامُ
وَيَصْدُقُ مِنْكُمُ وَعْدٌ مَقالاً / وَيَحْوي مَنْ له مقامُ
وَيُسْفِرُ عَنْ ثَنَايا الدُرِّ ظَلْمٌ / يُرى حِسّاً وحُبكمُ المدامُ
فإِنّا خَبَّرَتْنَا عَنْ رِضَاكُم / أمانينا بِأَنَّكُمُ كِرامُ
وَأَقمارٌ تُضيء لِكلِّ سارٍ / لَهَا مِنْ نُورِ حُسْنِكُمُ تَمامُ
فَيَا شَعْرَهُ هَلْ فِيكَ لَيْلِيَ يَنْقَضِي
فَيَا شَعْرَهُ هَلْ فِيكَ لَيْلِيَ يَنْقَضِي / وَيَا صُبْحَهُ هَلْ فِيكَ صُبْحِي بَاسِمُ
وَيا طَرْفَهُ كَيْفَ السبيلُ لِمغْرَمٍ / عَلَيْكَ إلى وَصْلٍ وَسَيْفُكَ صارِمُ
تَحَكَّمْ بِما تَهْوَى فَمَا أَنا مائِلٌ / وَلا عَنْكَ يُثْنيني مِنَ الوَجْدِ لائمُ
وَلِي مُقْلَةٌ قَدْ أَمْطَر الشَّوْقُ سُحْبَهَا / فَفِي دَمْعِها حَتّى تَراكُمْ تَراكُمُ
أَفي مِثْلِ هَذَا الحُسْنِ يُعْذَلُ مُغْرَمُ
أَفي مِثْلِ هَذَا الحُسْنِ يُعْذَلُ مُغْرَمُ / لَقَدْ تَعِبَ اللَّاحِي بِهِ والمُتيَّمُ
أَعِدْ نَظراً فيهِ عَساكَ جَهِلْتهُ / تَجِدْ ما بِهِ تَشْقَى العُيونُ وتَنْعَمُ
أُعيذ مُحيَّاهُ إِذَا رُمْتُ إِنّني / أُعيد إِليهِ ناظِراً يتوسَّمُ
وَأَلقى سَناً لو كانَ قَلْبُ حُروفِهِ / لِعيْني بِهِ لم يَشْكُ وَحْشَته فَمُ