المجموع : 35
أرى الحُرَّ يجري برُّه ويدومُ
أرى الحُرَّ يجري برُّه ويدومُ / وذو اللُّؤمِ يُجرى برُّه ويقومُ
وأنت أبَا العباس بدرٌ مكمّلٌ / تحفُّ به وسطَ السماءِ نجومُ
وسَطتَ القرومَ الصّيدَ من آل مرثدٍ / وما مثلهم فيما عَلمتُ قُرومُ
فيا ليت شعري ما الذي حَطَّ رتبتي / لديكَ فحاجاتي إليك هُمومُ
أألحوتُ حوتُ الأرضِ أم حوتُ يونسٍ / لك الخيرُ أم حوتُ السماءِ أرومُ
أَيا سمكاً بين السّماكين عزَّةً / إلى كم يرانا اللَّهُ منك نَصومُ
رأيتُكَ ذا شوكٍ وشوك من الأذى / فتركُكَ مجدٌ والتماسُك لومُ
إذا لم تكن إلا ببذلِ وجُوهِنا / فأنت علينا بالغلاءِ تقومُ
ومن نكد الدنيا إذا ما تنكرتْ
ومن نكد الدنيا إذا ما تنكرتْ / أمورٌ وإن عُدَّت صغاراً عظائمُ
إذا رُمتُ بالمِنقاش نتفَ أشاهِبي / أُتيحَ له من دُونهنَّ الأداهمُ
فأَنتفُ ما أهوى بغير إرادتي / وأَتْركُ ما أَقْلى وأنفيَ راغمُ
يُراوغ منقاشي نجومُ مَسائحي / وهُنَّ لعيني طالعاتٌ نَواجمُ
ندمْتَ على أن كنتَ يوماً دعوْتني
ندمْتَ على أن كنتَ يوماً دعوْتني / ونفسي على أني أَجبتُك أَنْدمُ
ولو لم يكن ما قُلتُ أتأمتَ دعوتي / وليس لحسناءِ المبخَّل توأَمُ
ظلمتُك إذ عتَّبتُ بابك أخمصي / وأنت ترى أن المروءَة مَغرمُ
فإن شئتَ فاعذرني وإن شئت فالحَني / كلانا مُليم غيرَ أني ألْوَمُ
لُؤمتُ وللنفسِ الكريمةِ رَجعةٌ / إلى الحَمأ المسنونِ ثمَّ تُكرَّمُ
عَرفْتُ مقاديرَ الرجالِ بنكبةٍ
عَرفْتُ مقاديرَ الرجالِ بنكبةٍ / أفدْتُ به غُنماً وإن عُدَّ مَغرما
كفاني لعمري أيها الناسُ خبرتي / بكم بعدَ جهلي واغتراريَ مغنما
ألا طال ما حمَّلتُ قلبيَ ظالماً / تكاليفَ مِنْ إعظام من ليس مُعْظما
فقد حطّها عني الإله بمحنةٍ / أراني بها رُشْدي وما زال مُنعما
إذا نلتَ مأمولاً على رأس برهةٍ
إذا نلتَ مأمولاً على رأس برهةٍ / حسبْتُك قد أحرزت غُنماً من الغُنمِ
ولم تذكر الغُرْم الذي قد غرمْتَهُ / من العُمُر الماضي ويا لك من غُرْمِ
رأيتُ حياةَ المرء رهناً بموته / وصحَّتَهُ رهناً كذلك بالسُّقمِ
إذا طاب لي عيشي تنغصتُ طيبه / بصدق يقيني أن سيذهبُ كالحُلمِ
ومن كان في عيشٍ يراعي زواله / فذلك في بؤسٍ وإن كان في نُعمِ
وما سدَّ قولٌ في فعالك خلةً
وما سدَّ قولٌ في فعالك خلةً / ولا وجد المدَّاحُ نقصاً يتمَّمُ
ولا اتخذوا مدحاً إليك وسيلة / لأنك سَيْح يستقي ماءَهُ الفمُ
سليمانُ ميمونُ النقيبةِ حازمُ
سليمانُ ميمونُ النقيبةِ حازمُ / ولكنَّه حتْمٌ عليه الهزائمُ
ألا عوِّذُوه من توالي فتوحهِ / عساه تَرُدُّ العينَ عنه التمائمُ
خلافتنا حربٌ ولُقْيانُنا سِلْمُ
خلافتنا حربٌ ولُقْيانُنا سِلْمُ / ألا هكذا فلْيُثْمِرِ العقلُ والعِلمُ
عذرتُك من جَهلي بحلمي مُلاوةً / فأقْصِر ولا يَغْرُرْك من جهليَ الحلمُ
وإلا فإني مُوقعٌ بك وقعةً / لكُلِّ سفيهٍ من مواعظها قِسْمُ
وأيْقِنْ بأنَّ العلم إن كان صورةً / فإني له رُوحٌ وأنت له جِسمُ
شربتُ وقد كان الشبابُ مُحلِّلا
شربتُ وقد كان الشبابُ مُحلِّلا / من الراحِ ما كان الكتابُ مُحرِّما
وقد طابقَ الشيبُ الكتابَ فحرمتْ / على فيك تحريمين إن كنت مسلما
وما بعد تحريمين في الكأس مشربٌ / لمن كان من أهل الحِجا متوسِّما
وقد كان قبلَ الدين في الشيبِ واعظٌ / لمن كان من شُرَّابها متأثّما
كما كان قبل الدين في الشيب زاجرٌ / لمن كان من شُرَّابها متكرِّما
فدعْ شُربها إذ أصبح الرأسُ مشرقاً / مُحاذرة أن يُصبحَ القلبُ مُظلما
ولا تَرَيَنْكَ السنُّ واللَّهُ والنُهى / على الشيبِ والإسلامِ واللومِ مُقدِما
سلوتُ الرضاعَ والشبابَ كليهما
سلوتُ الرضاعَ والشبابَ كليهما / فكيف تُراني سالياً ما سواهما
وما أحدثَ العصران شيئاً نكرتُهُ / هما الواهبان الساليان هما هما
رأيتُ احتسابَ الأمر قبل وقوعهِ / حمى مُقلتيَّ أن يطولَ بُكاهما
قدمتَ قُدومَ البُرء بعد سقامِ
قدمتَ قُدومَ البُرء بعد سقامِ / على دارِ إسلامٍ ودار سلامِ
مدينة بغداد التي كان جَدُّكم / تخيّرها للمُلكِ دارَ مُقامِ
يبشِّرنا النصرُ الذي قد مُنحْتَهُ / بأنك عند الله خيرُ إمامِ
ظفرتَ بما تبغي وسيفُك مغمدٌ / وما كان لو جرَّدته بكهامِ
وكم من بخيلٍ قد تأدَّب حيلةً
وكم من بخيلٍ قد تأدَّب حيلةً / ليحجم عنه المادحون فأحجموا
إذا فكروا في مدحه ذات بينهم / فمنهم أخو التغريد والمتلوِّمُ
يقولون من يُهدي إلى البحر حليةً / ومخرجها منه وفي ذاك مزعمُ
أتى البخلَ من بابٍ لطيفٍ ومسلكٍ / خفيٍّ عن المقتصِّ لا يُتوهَّمُ
فأفحم عنه كل طالب حاجةٍ / وليس عليه لامرئٍ متكلَّمُ
إذا زاره من طالبي العرفِ مادحٌ / هجا شعره بالحق لا يتجرمُ
فحاول معسور المديحِ وصعبه / بمنزورِ جدواه ولا يتذممُ
منوعٌ وجيزُ المنع غيرُ مدافعٍ / يرى أن وشك المنع أمضى وأصرمُ
بخيلٌ بجدواه بخيلٌ بأن يُرى / نسيم المُنى من نحوه يَتَنَسَّمُ
سفهتُ على عمروٍ سفاهةَ جاهلٍ
سفهتُ على عمروٍ سفاهةَ جاهلٍ / وأبصرتُ ما في الحلمِ إبصارَ عالمِ
فأقسمتُ لا أهجوه ما عاش بعدها / ولو نالني بالمنكراتِ العظائمِ
وما كرمٌ أن يُمنح المرء مِقْولاً / فيعمدُ في عاثر الرأي نادِم
غدوتُ إلى عمرو غُدُوَّ محاربٍ / ورحتُ إلى عمروٍ رواحَ مُسالمِ
فلا يتلقَّ السلم مني بجفوةٍ / فأعطفُ حربي عادلاً غير ظالمِ
لعمرك ما ضيف ابن موسى بصائمٍ
لعمرك ما ضيف ابن موسى بصائمٍ / إذا ضافه يوما وإن عُدَّ صائما
دعانا فغدّانا صياماً بمُشبِعٍ / من العلم مُروٍ يتركُ البالَ ناعما
فكان قِرىً قبل القِرى مُتعجّلاً / شهيّاً مريّاً للنفوس ملائما
ولم نر مثل العلم زاداً مُقدَّماً / له محملٌ خِفٌّ وإن كان عاصما
وعلَّلنا من قبله بمناظرٍ / لهونا بها حتى نسينا المطاعما
أثاثٌ يحار الطرفُ فيه كأنه / ربيعٌ تصدَّى للربيع مُراغما
فقل في ربيع في ربيع أراكه / ربيعٌ يرى حمدَ الرجال مغانما
ثلاثةُ أشكال نُظمن وربما / أتاح مُتيحٌ للفرائد ناظما
ظللنا يذودُ الجوعَ عنا كأنه / يذبُّ عدوّاً أن يُبيح محارما
بمستمعٍ طوراً وطوراً بمنظرٍ / يرى من رآه أنه كان حالما
فما زال يُوفي خدمة المجدِ حقَّها / إلى أن دعاه المجد أفديك خادما
خفيفاً ذفيفاً قالص الذيل قاعداً / لإعداد ما يُرضي النزيلَ وقائما
وقرَّب منا الفرقدين ولم نكن / ننال ذراريَّ السماء القوائما
بُنَيّان تلتذُّ الأنوفُ نثاهما / إذا ذاقت الأفواهُ تلك الملاثما
سعيدان ميمونان تعرف فيهما / من اليُمن آياتٍ له ومعالما
أبرَّا على الولدان حُسناً ونازَعَا / جحاجحةَ القومِ السجايا الكرائما
ظللنا نباري سُنة الشمس يومَنا / بوجهيهما لا نسألُ الحيفَ حاكِما
إذا نحن فاتحْنا أخا الكُبرِ منهما / سؤالاً وجدْنا واعي القلب عالما
فإن نحن ناغمنا أخاه استفزنا / سروراً ففدَّينا الغزالَ المُناغما
وما منهما إلا الذي ما أتى له / من السن ما يبتز عنه التمائما
فلما أحل الزادَ للقوم وقتُه / أتى بطعامٍ أذكر القومَ حاتما
قديرٌ من الخرفان كان رضيفُه / شِواءً من الرُّقط الثقيل مغارما
وكان إذا ما زاره الزَّورُ مرةً / توقع معلوفُ الدجاج الملاحما
وأرّخ بالحلواءِ تأريخَ مُحسنٍ / وخيرُ المساعي خيرهُنَّ خواتِما
ولا شِعر إلا ما يُقفَّى رويُّه / إذا قام بالشعر الرواةُ المقاوما
شهدنا له جُوداً أراناه ماجداً / وبُقياً على النعمى أرتناه حازما
وما أحسن النُّعمى إذا هي جاورت / فتىً يحفظ النعمى ويبني المكارما
فلا زال موطوءَ البساطِ بأخمصٍ / حبيبٍ إليه يألفُ الوفرَ سالما
مُفيداً مفيتاً يُسبغُ اللَّهُ فضلهُ / عليه ويُوليه الأخلاءَ دائما
وفي هذه من دعوةٍ لي شِرْكةٌ / ولا بأس قد يدعو الصديقُ مقاسما
ومن يدعُ يوما للفراتِ فإنما / دعا للذي يرويه ظمآنَ حائما
فمُتِّع بابنيه متاعاً يسرُّه / على رغم من أضحى لذلك راغما
وغيرُ كثيرٍ لابن موسى فعالُهُ / وإن فعلَ المستحسناتِ الجسائما
يشيدُ بُنَىً ألفى أباه يشيدُها / ومثل ابن موسى رام تلك المراوما
ومثل أبيه الخير أعقبَ مثله / سقى الله هاتيك العظام الرَّمائما
تقول المعالي حين سميت بسالمٍ
تقول المعالي حين سميت بسالمٍ / بديلاً أبَيْنا والأُنوفُ رواغمُ
يُديروننا عن سالم ونُديرُهمْ / وجِلْدةُ بينِ العيْنِ والأنْفِ سالمُ
أعاذِلُ غُضِّي بَعْضَ هَذي الملاوِمِ
أعاذِلُ غُضِّي بَعْضَ هَذي الملاوِمِ / وكُفِّي شآبيبَ الدموعِ السواجِمِ
فما أنا بالغاوي فأُلْحى ولا الذي / يُقادُ إلى مكروهِه بالخزائمِ
إليك فإني لا صدوفٌ عن الهدى / ولا مُمْكِنٌ من مخطمي كلَّ خاطمِ
على أن هذا الدهرَ قد ضام جانبي / ولستُ حقيقاً أن أقرَّ لضائمِ
وعند ابنِ كِسْرى لابنِ قَيصَر مقْعَدٌ / إذا سامَهُ العصران إحدى الهضائمِ
دعيني أزرْ بالود والمدحِ معشراً / هُمُ الساهمونَ المجدَ كُلَّ مُساهِمِ
إذا امتدحُوا لم يُنْحَلوا مجدَ غيرهِم / وهل تُنحلُ الأطواقَ وُرقُ الحمائمِ
ويَفْتَنُّ فيهم مادح بعدَ مادحٍ / وليس لصدقٍ مستتبٍّ بعادمِ
أولئك قوْمٌ قائلُ المدحِ فيهمُ / حَظِيٌّ بحظَّيْ سالمِ الدين غانمِ
كرام لآباءٍ كرام تنازعوا / تُراثَ فياريزٍ لَهُم وبهارِمِ
تدلّوا على هامِ المعالي إذا ارتقى / إليها أُناسٌ غيرهم بالسلالمِ
ذوُو الأوجُه البيضِ الفداعم زُيِّنت / وزيدتْ كمالاً بالرؤوس الغيالمِ
رؤوس مرائيسٌ قديماً تعمَّمتْ / لعمْرُكَ بالتيجانِ لا بالعمائمِ
تُساقُ إليهم كُلَّ يومٍ لطائمٌ / من الحمد فيها مثلُ نشرِ اللطائمِ
وقد جرَّبَ المنصورُ منهم نصيحةً / وجدّاً سعيداً نِعْم ركنُ المُزاحِمِ
به صدموا الأعداء دُونَ مُناهُمُ / قديماً فهدُّوا ركن كُلِّ مُصادِمِ
ولمَّا اجتباهم ذو الغناءَيْنِ صاعِدٌ / غدا وهْو مسرورٌ بهم غيرُ سادمِ
ومِنْ يُمنهِم إذ قُلِّدوا ما تقلّدوا / بوارُ الأعادي وانقضاءُ الملاحِمِ
رمى الحائنَ المشؤومَ يُمْنُ جُدودِهم / بداهيةٍ تَمحو سوادَ المقادمِ
فقُلْ لبني العباسِ إذ حركوهُمُ / يدي لكمُ رهْنٌ بمُلكِ الأقالمِ
لتَلْقَ بني نوبختَ يوماً بأُمَّة / هواك وقد هانت صِعابُ المجاسمِ
وقد غُفِرتْ للدهرِ كلُّ جريمةٍ / تُعدُّ له من سيِّئات الجرائمِ
أسرَّكَ أني قد أقمْتُ وأنَّني / على صير أمرٍ ليس لي بمُلاومِ
أروح وأغدو واجما بين معشرٍ / شماتَى بحالي كلُّهم غيْرُ واجمِ
رأيتُ من الآراء ما ليْسَ حقُّه / وجدِّكَ أنْ يُثْنَى له عزْمُ عازِمِ
فجئني برأيٍ يمْنَعُ الفُلْكَ جَرْيَها / ويمْلكُ غربَ اليعْمُلاتِ الرواسمِ
وإلّا فإني مستقِلٌّ فرائمٌ / بِهِمَّتي العلياءِ عُليا المراوِمِ
ولستُ إذا ما الدهرُ أصبحَ جاثِماً / عليّ بمُلْقٍ تحته بركَ جاثمِ
ومهما أخِمْ عنه فلست عن التي / تُبلِّغني آمالَ نفسي بخائمِ
يدي سائلي الأمَّ الرؤومَ التي غدتْ / تسومك حرمانَ الغِنى بالملاومِ
أألبسطَ بالتسآلِ تستحسنين لي / أمِ القبضَ في غُلٍّ من الفقرِ آزِمِ
هما خُطتا خَسْفٍ ولا بُدَّ منهما / أو السِّيرُ لا شيءٌ سواه لرائمِ
سألقى بنعمانيةِ الخير مُنْعِماً / أعيشُ بها في ظلِّهِ عيشَ ناعِمِ
يُعاشرني في غربتي خيرَ عِشْرةٍ / ويقلبني من سُربتي بمغانمِ
فلا تنظري جري الأيامِنِ وأْمني / بيُمنِ الذي يمَّمْتُ جَرْيَ الأشائمِ
ولا تُشْفقي من حَدِّ نحْسٍ على امرئٍ / يسيرُ إلى سعدٍ لغُنْمِ غنائمِ
أخٌ لي في حُكم التفضّلِ سيدٌ / بحُكْم صميمِ الحقّ غيرُ مُوائمِ
يرى أنَّني من خيرِ حظ لصاحبٍ / وأعْتَدُّهُ من خيرِ حظٍّ لخادمِ
ويدمُجُ أسبابَ المودةِ بيننا / مودتُنا الأبرارَ من آلِ هاشمِ
وإخلاصُنا التوحيدَ للَّهِ وحدَه / وتذبيبنا عن دينه في المقاوِمِ
بمعرفةٍ لا يَقْرعُ الشكُّ بابها / ولا طعْنُ ذي طعنٍ عليها بهاجمِ
وإعمالُنا التفكير في كُلِّ شُبْهةٍ / بها عُجْمَةٌ تُعيي دُهاةَ التراجِمِ
يبيت كِلانا في رضى الله ماخِضاً / لحِجَّتِه صدراً كثيرَ الهماهِمِ
جدعْنا أنوفَ الإفْكِ بالحقِ عنْوةً / فلم نَتَّرِكْ منهُنَّ غير شراذِمِ
وإغرامُنا بالظرفِ من نَثْرِ ناثرٍ / تخالُ به دُرّاً ومن نظْمِ ناظمِ
يُفيدانِ آداباً يجنِّبْنَ ذا النُّهى / قِرافَ المخازي وارتكابَ المآثمِ
إذا نحنُ قُلْنا ما تَرَيْنَ أرَيْننا / إباحةَ معروفٍ ومَنْع محارِمِ
يُصَوِّبْنَ ذا الإقرارِ بالحق كلِّه / ويلْحَيْن ذا الإقرارِ عند المظالمِ
يسمِّحن ذا البخلِ الرتوبِ وتارةً / يُشَجِّعنْ ذا الجبنِ الرَّجوفِ القوائمِ
ويُنطِقْن أهل الصمتِ في كل مَحْفلٍ / مهيبٍ كمِثلِ المأزقِ المتلاحِمِ
على ذاك أسَّسنا الخلالةَ بينناً / فهلْ مَنقم فيما اعتددْتُ لناقمِ
أعنْ مثل ذاك الحرِّ تَستَلْفتينني / إلى كُلِّ عبد الخيمِ وغدِ الشكائمِ
أخي ما أخي لا مُرْتجي الخير خائبٌ / عليه ولا ذو المدح فيه بآثمِ
وهَلْ مأثَمٌ في مدحِ من كان مدحُه / يوازِنُ عندَ اللَّهِ تسبيحَ صائمِ
فتىً تركَ الأشعارَ طُرّاً مدائِحاً / وكانت زماناً جُلُّها في الشتائمِ
إذا هطلتْ بالعُرْفِ عشْرُ بنانِه / فقدْ هَطَلَتْ بالعُرْفِ عشْرُ غمائمِ
يقودُك مكرورُ التجاريب نحوهُ / وهل تَجْتوي شهْداً تجاريبُ طاعِمِ
وما ذائقٌ روحَ الحياةِ بآجِمٍ / مذاقَتَهُ يوماً ولا بعْضِ آجِمِ
تُلاقيه مَبْغيّاً عليه مُحَسَّداً / ولسْتَ ترى في عِرْضهِ قرمَ قارمِ
وما ذاك من بُقْيا العِدا غيرَ أنَّهُمْ / رأوا رمْيَه بالذامِ ذاماً لذائمِ
رقيقُ طرازِ الظَّرفِ لكنَّ جُودَه / كثيفُ الحيا ذو عارِضٍ متراكمِ
كتومٌ لما أولى أخاهُ مُحدِّثٌ / أخاهُ بنُعْمى اللَّهِ غيرُ مُكاتمِ
إذا الناسُ سمَّوا ما يُنيلُ من اللُّهى / نوافلَ سمّاهُنَّ ضربةَ لازِمِ
نهضْتُ إليه بالخوافي مُؤمِّلاً / به أن تَريْني ناهضاً بقوادمِ
ولما أنختُ العزمَ ثم امتطيْتُه / إلى الماجدِ القمقامِ رأسِ القماقمِ
رأى حظِّيَ الحُسَّادُ قبلَ حُصولِهِ / فقد سلَّفوني عضَّهُم بالأباهِمِ
وغانٍ عن الشورى بذكراهُ زارهُ / فآبَ ولم تُقرع له سِنُّ نادمِ
كأني إذا يمَّمْتُهُ ومُحمداً / سموتُ إلى أوسِ بن سعدى وحاتمِ
أرائمتي رجِّي من اللَّه رحمةً / مُوكَّلةً بالأمهاتِ الروائمِ
وإنّ الذي تَسترْحِمُ الأمُّ لابنِها / بها وبه لا شكَّ أرْحَمُ راحمِ
دعي رعْيةً ليستْ تدومُ وعوِّلي / على خلفٍ من رِعية اللَّه دائمِ
فإنَّ الذي يُمطيني البحرَ مَرْكباً / سيحفَظُني من مَوْجه المُتَلاطِمِ
كِلي رعيتي عند المغيبِ إلى الذي / رعانا قديماً في غُيوبِ المشائمِ
هو الكالئُ الراعي ونَحْنُ وغيرُنا / بعيْنَيْهِ مَرْعيُّون رعْيَ السوائمِ
فمَنْ ظنَّ أنَّ الناسَ يرْعَوْنَ دونَهُ / نفوسهُمُ فلْيَعْتَبِر بالبهائمِ
فإنْ هي كانتْ مُلْهَماتٍ رشادها / على جَهْلها فليعترف للمُخاصمِ
ألا فاستخيري الله لي عِنْدَ رِحْلتي / فذلك أجْدى من مَلامِ اللوائمِ
ألا واستجيري الله لي إنَّ جارهُ / بمَنْجىً بعيدٍ من ممرِّ القواصمِ
وظُنِّي جميلاً بالذي لم تزلْ له / عوائدُ من إحسانِهِ المُتقادمِ
وقولي ألا إنَّ اكتئاباً لشاخِصٍ / سيُعْقِبُهُ اللَّهُ ابتهاجاً بقادمِ
وقالتْ أَتَضْحى قلت للظِلِّ ذاكمُ / فكم من نسيم هبَّ لي من سمائمِ
أيُبكيكَ سفكي ماء وجْهي برحلةٍ / تُنَزِّهُني عن سفكه في الألائمِ
صيانةُ وجهٍ لا أبا لك بذْلُهُ / لِما ذبَّ عنهُ الذُّلَّ يا أمَّ سالمِ
وما صانَ كِنٌّ قطُّ وجْهاً أذالَهُ / سؤالُ مصونِ المالِ عندَ المغارمِ
منيعِ الجَدا لو يُسألُ النِقْرَ لم يَكُن / لتأخُذَهُ في البُخْلِ لومةُ لائمِ
أبى الله وُردي حَوْضَ ذاك وأن أُرى / تحومُ رجائي حَوْلهُ في الحوائمِ
ولي مثلُ إسماعيلَ عنه مُراغمٌ / وهل كأبي سهْلٍ لحُرٍّ مُراغمِ
وما اكتَنَّ مُكْتَنٌّ ولا وفْرَ عنده / فلم يصْلَ نيرانَ الهُموم اللَّوازِمِ
ولَلجاحمُ المشبوبُ في القلب والحشا / أحرُّ إذا استثْبتُّ من كُلّ جاحِمِ
فلا تَظْلمي قلبي لوَجهْي فإنّني / أرى ظُلْم خيري شرَّ خُطَّةِ سائمِ
ولا الوجهُ أولى أن يعرض للصِّلَى / من الملكِ المحجوبِ تحت الحيازِمِ
ونحن بنو اليونانِ قوم لنا حجاً / ومجدٌ وعيدانٌ صلابُ المعاجِمِ
وحلمٌ كأركانِ الجبالِ رزانةً / وجهل تفادى منه جنُّ الصرائمِ
إذا نحنُ أصبحْنا فخاماً شؤونُنا / فلسْنا نُبالي بالوجوهِ السواهِمِ
ولسنا كأقوام تكونُ همومُهم / بياضُ المعاري وامتهادُ المآكمِ
لحا اللَّهُ هاتيكَ الهمومَ فإنها / همومُ ربيباتِ الحجالِ النواعِمِ
وما تتراءى في المرايا وُجوهُنا / بلى في صِفاح المرهفاتِ الصوارمِ
إذا ما انْتضيْناها ليوم كريهةٍ / أرَتْنا وجُوه المُخْدراتِ الضراغمِ
ولم تتخذْها عند ذاك مَرائياً / كفى شاغِلاً عن ذاك حزُّ الحلاقمِ
وقد علمَتْ أن لم تُسلَّلْ نصالُها / لذلك بلْ سُلَّتْ لضربِ الجماجمِ
فتلك مرائينا التي هي حَسْبُنا / ووجهُ أبي سَهْلٍ قريعِ الأعاجمِ
إذا ما بدا للناظرين يَشُبُّهُ / سنا رأيهِ في الحادثِ المُتَفاقمِ
فتى يلبسُ الناسُ المدائحَ كالحُلى / ويلبسها من بينهم كالتمائمِ
يُعاذُ بها وَجْهٌ وسيمٌ ومَخْبَرٌ / كريمٌ لدى أزمِ الخطوبِ الأوازِمِ
وإنَّ امرءاً يضْحي له المدح عوذةً / لمعلمُ دنيا طائلٌ في المعالمِ
وما الخيرُ إلا حُسنُ مرأىً ومَخْبَرٍ / إذا نفذت يوْماً بصيرةُ حاكمِ
لئِنْ راح مقسوماً لهُ الفضلُ إنَّهُ / لأهْلٌ له واللَّه أعدلُ قاسمِ
فمن شاء فلْبيكِ الدماءَ نفاسةً / وإن شاءَ فليضْحك إلى فِهْر هائمِ
وطِئتم بني نوبختَ أثبت وطْأةٍ / وأثقلها ثِقلاً على أنْفِ راغمِ
وهُنِّئتُمُ ما نلتُمُ من كرامةٍ / إلى كرمٍ فُزْتُمْ به ومَكارِمِ
وجدتُكمُ مثلَ الدنانيرِ أُخلِصتْ / وسائرَ هذا الخلق مثلَ الدراهمِ
ورثْتم بيوت النار والنور كلّها / ذوي العلم قِدماً والشؤونِ الأعاظمِ
بيوتُ ضياء لا تبوخُ وحكمةٍ / نُجوميِّةٍ منهاجُها غيرُ طاسمِ
ترون بها ما في غدٍ رأْيَ ناظرٍ / بعين من البرهان لا وهمَ واهمِ
علومُ نجومٍ في قلوب كأنها / نجومٌ أُجنَّتْ في نجومٍ نواجمِ
أريتُم بها المنصور فوزةَ قدْحِهِ / وقد ظنها إحدى الدواهي الصيالمِ
وأحسنتُمُ البشرى بفتحٍ مغيَّبٍ / تراءى له في شخصِ إحدى الهزائمِ
وقد كان ردَّى بالرحال ركابه / وودَّعَ دنياه وداعَ المُصارمِ
رأى أن أمر الطالبيِّين ظاهرٌ / فعاد بأكوارِ القِلاص العياهمِ
فطأمنتُمُ من جأشه ووهبتُمُ / له نفساً مِ الكاذباتِ الكواظمِ
فما رام حتى أقبلتْ بشراؤه / مع الفتح فوق الشاحجاتِ الصلادمِ
وما زلتُمُ مصباحَ رأيٍ ومَفْزعاً / لمَنْ بعده في المُنكرات العوارمِ
وأنتمْ لمن ترعَوْن حرزٌ لخائفٍ / وغوثٌ لملهوفٍ وزادٌ لرازمِ
إذا حزّ في الأطراف قومٌ فإنكُمْ / تحزُّون من أموالكُمْ في المعاظمِ
غدوْتمْ رؤوساً آلُ إسحاق هامُها / بحقِّهمُ والهام فوق اللَّهازمِ
أما والهدايا الداميات نحورُها / ضحىً والمطايا الداميات المناسمِ
لقد أيَّدَ السلطان منكم بناءه / بأركانِ صدقٍ ثابتاتِ الدعائمِ
أعُمُّكُمُ مدحاً وأختصُّ منكم / فتاكم أبا سهلٍ ولستُ بظالمِ
فتًى لا أسميه فتىً لحداثة / ولكن لهاتيك السجايا الكرائمِ
له رونقُ العَضبِ الصَّقيل وحَدُّه / براعةَ أخلاقٍ وصدقَ عزائمِ
يضمهما غمدٌ محلَّىً بحليةٍ / أبى الله أن يحظى بها غيرُ صارمِ
أخو خمسِ خلّاتٍ حسانٍ روائعٍ / قد اتسقت فيه اتساقَ البراجمِ
جمالٌ وإفضال وظرفٌ ونجدةٌ / ورأيٌ يريه الغيب لا رجمُ راجمِ
ومَن لكَ في الدنيا بأروعَ ماجدٍ / رقيقِ الحواشي صادق البأس حازمِ
فتىً يرأم المولى ويشمخ للعدا / بأنفٍ حميٍّ لا يذلُّ لخازمِ
يلين بعطفٍ غيرِ كزٍّ لعاطفٍ / ويأبى بعطفٍ غيرِ لدنٍ لهاضمِ
حلا لشفاه الذائقين وإنه / لكالصاب في أحلاقهم والبلاعمِ
يروح ويغدو مانحاً غير تاركٍ / شِماسَ المُحامي مانعاً غيرَ حارمِ
عُطاردٌ الحُلُوُ الظريفُ مسالماً / وبهرامٌ الشريرُ غيرَ مُسالمِ
فتىً حَسُنتْ أسماؤه وصِفاتُه / فأضحتْ وُشُوماً في بطونِ المعاصمِ
ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحه / إذا لاستلذَّ الناسُ لذْعَ المياسمِ
رأيتُ الورى من عالمٍ غيرِ عاملٍ / إذا اختُبِروا أو عاملٍ غيرِ عالمِ
وأما أبو سهل فإني رأيتُه / بمُجتَمع الخيرات لا زعمَ زاعمِ
طلبتُ لديه المالَ والعلمَ راغباً / فألفيتُه بعض البحورِ الخضارمِ
وعُذتُ به من كل شيء أخافُه / فألفيتُه بعضَ الجبال العواصمِ
أجاب دعائي إذ دعوتُ معاشراً / فمنْ نائم عني ومِنْ مُتناومِ
بتلبيةٍ لا أحفِلُ الدهرَ بعدها / بذي صَمَمٍ عني ولا مُتصاممِ
وأعْجبْ بمَنْ يُدْعى سواه فينبري / مجيباً عن المستبهِمِ المتعاجمِ
فتىً لو رأى الناسُ الأمورَ بعينه / رأوْها بأذكى من عُيونِ الأراقمِ
رأى داءَ مجد المرء فضل ثرائه / كما داءُ جسم المرء فضلُ المطاعمِ
فأنحى على فضل الثراء بجوده / وما زال للأدواء أحسم حاسمِ
أقول لمن يسعى لشق غُباره / سيُعييكُم تَوْثابُ تلك الجرائمِ
فخلوا مراعاة الأمانيِّ إنني / أراكمْ بها في حال يقظانَ حالمِ
وقتكَ أبا سهلٍ يدُ الله إنني / أراك يداً دفّاعةً للعظائمِ
وعشت بمقذىً من عيون شوانئٍ / سعيداً بِمَدْمَىً من أنوفٍ رواغمِ
ومَشْجَى حلوقٍ لا تسيغك بغضةً / ومَدْوَى صُدورٍ كامناتِ السخائمِ
تُجَدِّدُ آثار الملوك ولم تزل / لما أسَّسوه بانياً غيرَ هادمِ
نَشرتَهُمُ عن حسن فعلٍ فعلتَه / فواتِحُهُ موصولةٌ بالخواتمِ
فأصبح حيَّاً أحدثُ القوم معهداً / ومن كان في أولى العصور القدائمِ
وما كافأ الأخلافُ أسلافَ قومهم / بأفضلَ من نشر العظام الرمائمِ
إليكَ ركبنا بطن جوفاء جونةٍ / تخايَلُ في دِرْعٍ من القار فاحِمِ
نُواهقُ أشباهاً لها ونظائراً / مُلمَّعةً بالودع سُفْعَ الملاطمِ
إذا هي قيستْ بالنُّسور تشابهتْ / بأجنحةٍ خفاقةٍ وخراطمِ
نُسورٌ وليستْ بالفراخ فتَزْدهي / إذا شاغبتْ موجاً ولا بالقشاعمِ
تطير على أقفائها وظهورها / بمصُطخب التيار جمِّ الزمازمِ
إذا أُعجلتْ لم يسترث طيرانُها / وإن أُمهِلتْ زَفَّتْ زفيف النعائمِ
وقد أيقنتْ أن سوف تقطع زاخراً / إلى زاخرٍ بالعارفاتِ التوائمِ
وأن سوف يلقى أرْكُبَ البرِّ رَكْبُها / لديه مُنيخي كلِّ ناج عُزاهمِ
هو البحرُ لا ينفك في جنباته / رُغاءُ المطايا لا نئيمُ العلاجمِ
رُغاءُ مطايا الراغبين خِلاله / أناشيدُ مدحٍ لم يقعْ في مشاتمِ
وهل مَشْتَمٌ في عرض من راح واغتدى / يرى زَوْره عِدلَ الشريك المُقاسمِ
وما عذرُ عافٍ لا يؤمُّكَ زائراً / ولو لم يجد إلا ظهور الشياهمِ
بل العذرُ مقطوعٌ ولو لم ينُؤْ به / سوى رِجْلهِ مكبولةً بالأداهمِ
كأنِّي أُراني قد لقيتك ضاحكاً / إليَّ بوجهٍ سافر غيرِ قاتمِ
فظِلْتُ بيوم من ضيائك شامسٍ / رهين بيوم من سماحكَ غائمِ
وحققتَ آمالي معاً وكَفَيْتَني / هموماً كأطراف الزِّجاج اللهاذمِ
ولو أعرضت بيني وبينك أبحرٌ / زواخرُ تودي بالسفين العوائمِ
لسخَّرْتَ لي حيتانَهنَّ حواملاً / إليَّ لُها كفَّيْكَ غيرَ عواتمِ
نداكَ ندىً يسعى إلى كل قاعدٍ / من الناس بل يسري إلى كلِّ نائمِ
وما غاب عن مكنون صدرك غائب / وإن غاب عن عينيك يا ابنَ الأكارمِ
مَنَحتُكها بيضاءَ في صدر حافظٍ / وإن مُثِّلتْ سوداءَ في رقِّ راقمِ
قذوفُ النَّوى جوابةُ الأرض لا تَني / تُقَلْقلُ في أنجادها والتهائمِ
غدتْ وهْيَ من حظ المسامع قد ذكت / بريّاك حتى استُنِشئت بالخياشمِ
تسير بذكرٍ منك ما زال قاطعاً / بك الغَوْل طلّاعاً ثنايا المخارمِ
صنيعةَ قوَّالٍ بفضلكَ صادعٍ / وفي كل وادٍ لامتداحك هائمِ
تظل لها الأفواهُ عند نشيدها / عِذابَ الثنايا واضحات الملاغمِ
تُصيخ لها الآذانُ طوراً وتارةً / يكبُّ عليها لاثماً بعد لاثمِ
فدونَكَها غيظاً لقوم يرونها / شجىً ناشئاً بين اللُّهى والغلاصمِ
إذا اكتحلوا بي مُقْبلاً فكأنما / جباهُهُمُ مزويةٌ بالمحاجمِ
وقد جرَّبوا لحمي فذاقوا مرارةً / نَهتهُمْ فكفُّوا غيرَ خَرْقِ الأوارمِ
وما ضرَّها أن لم يُثِرْ خَطراتِهِ / لها شيخُ يَربوعٍ ولا شيخُ دارمِ
وفقت بمطراب العشيّاتِ والضحى
وفقت بمطراب العشيّاتِ والضحى / فظِلْتُ أسحُّ الدمعَ وهْيَ ترنَّمُ
حليفةَ شجْوٍ هاج ما بي وما بها / تباريحُ شوقٍ يشتكيه المُتيَّمُ
فباح به فُوها وأخفتْه عينُها / وباحت به عيني وكاتمه الفمُ
تفكَّرت في حيف الزمانِ عليكُمُ
تفكَّرت في حيف الزمانِ عليكُمُ / فلم أره عند التأمُّلِ ظالماً
أجرتُمْ عليه من أخاف ومن يُجِرْ / عليه ويُحفِظْهُ يَهِجْ منه عارما
ومن لم يزل يبْتَزُّ ليثاً فريسةً / يكن قَمِناً أنْ لا يُرى منه سالما
أسايَ أسى يومِ التفرقِ وحدهُ
أسايَ أسى يومِ التفرقِ وحدهُ / ولكنَّ شوقي شوقُ فُرقةِ أعوامِ
يقولُ عليٌّ مرّةً وأنالني
يقولُ عليٌّ مرّةً وأنالني / وكان علياً في معانيه كاسمِهِ
أرى فضلَ مالِ المرءِ داء لعرضه / كما أن فضل الزادِ داءٌ لجسمِهِ
فليس لفضل المال شيءٌ كبذله / وليس لداءِ العرضِ شيءٌ كحسمِهِ
فرحتُ برفديه وما زلتُ رائحاً / برفدين شتّى من نداهُ وعلمِهِ