لئن يغدُ شرق الأرض والغرب مأتما
لئن يغدُ شرق الأرض والغرب مأتما / فرزءُ حسين جلَّ في الأرض والسما
دهانا بشهر العيد رزؤك طارقاً / فأصبح شهر العيد فينا محرما
فلست ترى إلا مصاباً بوالدٍ / رماه به صرف الزمان فأيتما
فأجرت مآقينا النوائبُ أدمعاً / وفجرت الأحزانُ أحشاءنا دما
ألم تك للإسلام ركناً مشيداً / أعيذ بناه أن يقال تهدما
ألست الحمى للناس من كل طارق / ينوب فيا ذلاه من طرق الحمى
ألست لأفق الرشد بدراً فما له / أجيلً به طرفي فألفيه مظلما
مضيت حميد المأثرات ولا أرى / خلافك هذا العيش إلا مذمما
وكم منبر أبكيته كان قبل ذا / يكاد إذا ترقاه أن يتبسما
فلا بعدت تلك الليالي التي بها / سهرت وباتت أعين الناس نُوَّما
تقوم الى المحراب ترعد خيفة / كأنّك قد أبصرت فيه جهنّما
يشوقك أن ترقى إلى الله عارجاً / فتنصب للُّقيا صلاتك سُلَّما
اصابك صرف الدهر للدين حافظاً / وللمال متلافاً وللعلم عيلما
أصاب قلوب المسلمين وإنهم / ليرضون أن يفنوا جميعاً وتسلما
ولما رماكب الدهر أيقن أنه / أصاب وكلاّ لو أصاب لما رمى
برغمي يا غيظ الحواسد أن ترى / عدوَّك قد أمسى قريراً ونرغما
برغمي أن لا تستجيب لمن أتى / يبثك شكوى خصمه متظلما
برغمي ياسراً يضيق بكتمه / رحيب الفضا في اللحد تمسي مكتما
برغمي يا بدر الهدى أن تميل لل / غروب وإن شعت مزاياك أنجما
برغخمي أن يجري القضاء محتماً / عليك وقد كنت القضاءَ المحتما
وأجريت من أبناء فهرٍ مدامعاً / لغير حسين دمعها قط ما همى
فإن لم تكن منهم قديماً فإنهم / يرونك في الفضل الإمام المقدما
ولو لم تكن للهاشميين سيداً / لما عقدت ساداتهم لك مأتما
وحنُّوا حنين اليعملات بمحفلٍ / به لا ترى إلا هزبراً وضيغما
إذا أرخص الهادي وموسى لفادحٍ / دموعاً فعين ليس تبكي لها العمى
همامان قد حلاَّ من المجد موضعاً / تمنته لو تجدي المنى أنجم السما
إذا قيل من أزكى الورى وأعزَّهم / مقاماً وأوفاهم ذماماً فقل هما
خليليَّ بالصبر الجميل تدرَّعا / وإن جلَّ خطباً ما به قد أُصبتما
فهذا التقى ابن الحسين وصنوه / محمد في برج المعالي تسنما
لنا منهما كهلا حجًى إن تأخرا / زماناً فقد فاتا علاً وتقدما
قد احتذيا في كل فضلٍ أباهما / وهل أرقمٌ إلا ويعقب أرقما
ودوما مُناخاً للركائب وأبقيا / حمىً من تصاريف النوائب واسلما
ولست بمستسقٍ سحاباً لحفرةٍ / بها حلَّ بحر الجود والعمل مفعما