أداجية العينين ليلك مظلم
أداجية العينين ليلك مظلم / وطيفك نمام وقومك نوم
تبيتين لا حول الطراف مذاود / ولا سامر في ندوة الحي منهم
أما ارتعت من موج الدجى وكأنه / وقد زاحف الاقطار جيش عرمرم
أتت زنجه والصبح عبء رومه / فقل أشهب لاقاه في الروع أدهم
إذا اصطدما حول المخيم أفزعا / أوانس مزدانا بهن المخيم
ألا لا تراعي يا بنة القوم واعزمي / على الجلد الموروث فالحزم أحزم
مضارب لا ينفك في عرصاتها / يكاتف فيها مسرج المهر ملجم
عقيلة هذا الحي لو زار ما قضى / أمانيه منك الخيال المسلم
يحوطك خدر بالحفاظ مسردق / كأن الخبا كنز عليك مطلسم
ذكرت ليالي المواضي نواعماً / فأيقنت ان الدهر بؤس وانعم
هل الشفق المكتوم تحت ردائها / إذا طالعته العين ورد مكمم
وكم ليلة منها جلا الدهر غادة / على جيدها عقد الثريا منظم
جرى البدر في بحر الدجى وهو راكد / وشهب الدراري طافيات وعوم
وقد حارت الشعرى فبحر أمامها / يموج ونهر للمجرة مفعم
وحامت على الليل النجوم كأنها / من الطير أسراب على اللج حوم
يعانق منها ذابح نحو رامح / كما اعتنقا يوم سنان ومخذم
كتائب شهب لا تزال جيادها / تكر بميدان السماء وتهزم
محجلها ساوى الأغر فلا يرى / بموكبها إلا الأغر المسوم
فداً لك يا خيل النجوم جواريا / كريم الذاكي والأقب المطهم
تغيرين لا الأرواح تسلب قسوة / ولا المال مغصوب ولا الحق مهظم
ولا حنّ من رعب يتيم ولم تبت / مروعة تبكي فتاة وأيم
مغاران هذا عابس متجهم / عجاجا وهذا ضاحك متبسم
ففي الموكب الأعلى صلاح ومغنم / وفي الموكب الأدنى صياح ومغرم
وفوق السحاب الجون سرب حمائم / قذائفها فوق الربى تترنم
قذائف أما صفحها فمنازع / عليا وأما بطشها فمسلم
فكم بيتت قصراً مشيداً بأهله / فأصبح منها وهو للقاع مسنم
كسرب من العقبان أضحى دليلها / يقحمها النهج الذي ليس يقحم
إلى عالم ما فيه وكر لطائر / ولا حافر يخطو اليه ومنسم
شياطينها حارت فلم تدر أنها / من الأرض ترمي أم من الشهب ترجم
لقد هاجمت من جهلها جبهة السما / كأن أعاديها بدور وأنجم
وفي البلد الأقصى نفوس صحيحة / تعز علينا أنها تتألم
يؤرقها فوق الأداهم معرق / ويقلقها تحت المظالم مشئم
بكتها بذوب القلب أعين مصرها / وناح عليها نيلها والمقطم
متى يصلح المحتج عنه مدافعاً / وفي قبضة الخصم الغلاصم والفم
فيا جائراً عن غيه ليس يرعوي / ويا ظالماً من غيره يتظلم
تروم مصافاتي وسهمك قاتلي / متى اصطفيا يوماً سليم وارقم
سل العربي المحض أين مناخه / ومثواه في الأرض الفضاء مسهم
سرى موبؤ الداء الدفين بسهلها / فأرغمها والأرض كالناس ترغم
وكيف شفاها والمجرب خائف / يلجلج وصفا والطبيب مسقم
يعلل معتل البلاد بشهده / وهل ينفع التعليل والشهد علقم
غدا الخبط في تلك الموارد سارياً / فلا منجد منها يصافيه متهم
غدت لا غدت في القوم نهبا ومغنما / فلله نهب ما أعز ومغنم
لأن سرنا منها مشارع مورث / فقد ساءنا منها تراث مقسم
إذا حاججت أرض بنيها فانكم / أعق بني أم عليها وأظلم
تخالفتم في أمرها وتوافقت / عليها قلوب لا ترّق وترحم
فيا ليت شعري من يؤاخذ غيركم / على الجرم والجانون للذنب أنتم