القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حافِظ إِبراهِيم الكل
المجموع : 7
مُنىً نِلتَها يا لابِسَ المَجدِ مُعلَماً
مُنىً نِلتَها يا لابِسَ المَجدِ مُعلَماً / أَديناً وَدُنيا زادَكَ اللَهُ أَنعُما
فَلِلَّهِ ما أَبهاكَ في مِصرَ حالِياً / وَلِلَّهِ ما أَتقاكَ في البَيتِ مُحرِما
أَقولُ وَقَد شاهَدتُ رَكبَكَ مُشرِقاً / وقَد يَمَّمَ البَيتَ العَتيقَ المُحَرَّما
مَشَت كَعبَةُ الدُنيا إِلى كَعبَةِ الهُدى / يَفيضُ جَلالُ المُلكِ وَالدينِ مِنهُما
فَيالَيتَني اِسطَعتُ السَبيلَ وَلَيتَني / بَلَغتُ مُنى الدارَينِ رَحباً وَمَغنَما
وَفي الرَكبِ شَمسٌ أَنجَبَت أَنجَبَ الوَرى / فَتى الشَرقِ مَولانا الأَميرَ المُعَظَّما
تَسيرُ إِلى شَمسِ الهُدى في حَفاوَةٍ / مِنَ العِزِّ تَحدوها الزَواهِرُ أَينَما
فَلَم أَرَ أُفقاً قَبلَ رَكبِكَ أَطلَعَت / جَوانِبُهُ بَدراً وَشَمساً وَأَنجُما
وَلَو أَنَّني خُيِّرتُ لَاِختَرتُ أَن أَرى / لِعيسِكَ وَحدي حادِياً مُتَرَنِّما
أَسيرُ خِلالَ الرَكبِ نَحوَ حَظيرَةٍ / عَلى رَبِّها صَلّى الإِلَهُ وَسَلَّما
إِلى خَيرِ خَلقِ اللَهِ مَن جاءَ ناطِقاً / بِآياتِهِ إِنجيلُ عيسى بنِ مَريَما
حَلَلتَ بِأَكنافِ الجَزيرَةِ عابِراً / فَأَنضَرتَ واديها وَكُنتَ لَها سَما
وَأَشرَقتَ في بَطحاءِ مَكَّةَ زائِراً / فَباتَ عَلَيكَ النيلُ يَحسُدُ زَمزَما
وَما ظَفِرَت مِن بَعدِ هارونَ أَرضُها / بِمِثلِكَ مَيمونَ النَقيبَةِ مُنعِما
وَلا أَبصَرَ الحُجّاجُ مِن بَعدِ شَخصِهِ / عَلى عَرَفاتٍ مِثلَ شَخصِكَ مُحرِما
رَمَيتَ فَسَدَّدتَ الجِمارَ فَلَم تَكُن / جِماراً عَلى إِبليسَ بَل كُنَّ أَسهُما
وَإِنَّ الَّذي تَرميهِ وَقفٌ عَلى الرَدى / وَإِن لاذَ بِالأَفلاكِ يا خَيرَ مَن رَمى
وَبَينَ الصَفا وَالمَروَةِ اِزدَدتَ عِزَّةً / بِسَعيِكَ يا عَبّاسُ لِلَّهِ مُسلِما
تُهَروِلُ لِلمَولى الكَريمِ مُعَظِّماً / وَكَم هَروَلَ الساعي إِلَيكَ وَعَظَّما
وَطُفتَ وَكَم طافَت بِسُدَّتِكَ المُنى / وَكَم أَمسَكَ الراجي بِها وَتَحَرَّما
وَلَمّا اِستَلَمتَ الرُكنَ هاجَت شُجونُهُ / فَلَو أَنَّهُ اِسطاعَ الكَلامَ تَكَلَّما
تَذَكَّرَ زَينَ العابِدينَ وَجَدَّهُ / وَما كانَ مِن قَولِ الفَرَزدَقِ فيهِما
فَلَو يَستَطيعُ الرُكنُ أَمسَكَ راحَةً / مَسَحتَ بِها يا أَكرَمَ الناسِ مُنتَمى
دَعَوتَ لَنا حَيثُ الدُعاءُ إِجابَةٌ / وَأَنتَ بِدَعوى اللَهِ أَطهَرُنا فَما
أَمانِيُّكَ الكُبرى وَهَمُّكَ أَن تَرى / بِأَرجاءِ وادي النيلِ شَعباً مُنَعَّما
وَأَن تَبنِيَ المَجدَ الَّذي مالَ رُكنُهُ / وَأَن تُرهِفَ السَيفَ الَّذي قَد تَثَلَّما
دَعَوتَ لِمِصرٍ أَن تَسودَ وَكَم دَعَت / لَكَ اللَهَ مِصرٌ أَن تَعيشَ وَتَسلَما
فَلَيتَ مُلوكَ المُسلِمينَ تَشَبَّهوا / بِمَلكٍ إِذا ما أَحجَمَ الدَهرُ أَقدَما
سَليلُ مُلوكٍ يَشهَدُ اللَهُ أَنَّهُم / أَقاموا عَمودَ الدينِ لَمّا تَهَدَّما
لَئِن باتَ بِالمَجدِ المُؤَثَّلِ مُغرَماً / لَقَد كانَ إِبراهيمُ بِالمَجدِ مُغرَما
وَإِن تامَ حُبُّ المَكرُماتِ فُؤادَهُ / لَقَد كانَ إِسماعيلُ فيها مُتَيَّما
وَإِن سَكَنَت تَقوى المُهَيمِنِ قَلبَهُ / فَقَد كانَ مِنها قَلبُ تَوفيقَ مُفعَما
وَإِن باتَ نَهّاضاً بِمِصرَ إِلى الذُرا / فَمِن جَدِّهِ الأَعلى عَلِيٍّ تَعَلَّما
حَوى ما حَوى مِن مَجدِهِم وَنِجارِهِم / وَزادَ فَأَعيا المادِحينَ وَأَفحَما
دَعَوا بِكَ وَاِستَسقَوا فَلَبّى دُعاءَهُم / مِنَ الأُفقِ هَتّانٌ مِنَ المُزنِ قَد هَمى
أَلَحَّ عَلى أَوعارِهِم وَسُهولِهِم / وَحَيّا عَبوسَ القَفرِ حَتّى تَبَسَّما
وَلَمّا طَوى بَطحاءَ مَكَّةَ هَزَّهُ / إِلى البَيتِ شَوقُ المُستَهامِ فَيَمَّما
أَطافَ بِهِ ثُمَّ اِنثَنى عَن فِنائِهِ / وَلَو عَبَّ مِنهُ السامِرِيُّ لَأَسلَما
طَلَعتَ عَلَيهِم أَسعَدَ الخَلقِ مَطلَعاً / وَعُدتَ إِلَينا أَيمَنَ الخَلقِ مَقدَما
رَجَعتَ وَقَد داوَيتَ بِالجودِ فَقرَهُم / وَكُنتَ لَهُم في مَوسِمِ الحَجِّ مَوسِما
وَأَمَّنتَ لِلبَيتِ الحَرامِ طَريقَهُ / وَكانَ طَريقُ البَيتِ مِن قَبلِها دَما
وَيَسَّرتَهُ حَتّى اِستَطاعَ رُكوبَهُ / أَخو الفَقرِ لا يَطويهِ جوعٌ وَلا ظَما
وَجُدتَ وَجادَت رَبَّةُ الطُهرِ وَالتُقى / عَلى العامِ حَتّى أَخصَبَ العامُ مِنكُما
فَلَم تُبقِيا فَوقَ الجَزيرَةِ بائِساً / وَلَم تَترُكا في ساحَةِ البَيتِ مُعدِما
فَأَرضَيتُما الدَيّانَ وَالدينَ كُلَّهُ / لَقَد رَضِيَ الدَيّانُ وَالدينُ عَنكُما
يُحَيّيكَ مِن أَرضِ الكِنانَةِ شاعِرٌ
يُحَيّيكَ مِن أَرضِ الكِنانَةِ شاعِرٌ / شَغوفٌ بِقَولِ العَبقَرِيّينَ مُغرَمُ
وَيُطرِبُهِ في يَومِ ذِكراكَ أَن مَشَت / إِلَيكَ مُلوكُ القَولِ عُربٌ وَأَعجَمُ
نَظَرتَ بِعَينِ الغَيبِ في كُلِّ أُمَّةٍ / وَفي كُلِّ عَصرٍ ثُمَّ أَنشَأتَ تَحكُمُ
فَلَم تُخطِئِ المَرمى وَلا غَروَ أَن دَنَت / لَكَ الغايَةُ القُصوى فَإِنَّكَ مُلهَمُ
أَفِق ساعَةً وَاُنظُر إِلى الخَلقِ نَظرَةً / تَجِدهُم وَإِن راقَ الطِلاءُ هُمُ هُمُ
عَلى ظَهرِها مِن شَرِّ أَطماعِهِم دَمٌ / وَفَوقَ عُبابِ البَحرِ مِن صُنعِهِم دَمُ
تَفانَوا عَلى دُنيا تَغُرُّ وَباطِلٍ / يَزولُ إِلى أَن ضَجَّتِ الأَرضُ مِنهُمُ
فَلَيتَكَ تَحيا يا أَبا الشِعرِ ساعَةً / لِتَنظُرَ ما يُصمى وَيُدمى وَيُؤلِمُ
وَقائِعَ حَربٍ أَجَّجَ العِلمُ نارَها / فَكادَ بِها عَهدُ الحَضارَةِ يُختَمُ
وَتَعلَمُ أَنَّ الطَبعَ لازالَ غالِباً / سَواءَ جَهولُ القَومِ وَالمُتَعَلِّمُ
فَما بَلَغَت مِنهُ الحَضارَةُ مَأرَباً / وَلا نالَ مِنهُ العِلمُ ما كانَ يَزعُمُ
أَهَبتَ بِهَذا مِن قُرونٍ ثَلاثَةٍ / وَكُنتَ عَلى تِلكَ الطَبائِعِ تَنقِمُ
وَما هَدَمَ التَجريبُ رَأياً بَنَيتَهُ / وَلا زالَتِ الآراءُ تُبنى وَتُهدَمُ
أَلا إِنَّ ذِكرى شِكسِبيرَ بَدَت لَنا / بَشيرَ سَلامٍ ثَغرُهُ يَتَبَسَّمُ
فَلَو أَنصَفوا أَبطالَهُم لَتَهادَنوا / قَليلاً وَحَيَّوا شِعرَهُ وَتَرَنَّموا
وَلَم يُطلِقوا في يَومِ ذِكراهُ مِدفَعاً / وَلَم يُزهِقوا نَفساً وَلَم يَتَقَحَّموا
لَهُ قَلَمٌ ماضي الشَباةِ كَأَنَّما / أَقامَ بِشِقَّيهِ القَضاءُ المُحَتَّمُ
طَهورٌ إِذا ما دُنِّسَت كَفُّ كاتِبٍ / وَثَوبٌ إِذا ما قَرَّ في الطِرسِ مِرقَمُ
وَلوعٌ بِتَصويرِ الطِباعِ فَلَم يَجُز / بِعاطِفَةٍ إِلّا حَسِبناهُ يَرسُمُ
أَرانِيَ في ماكبيثَ لِلحِقدِ صورَةً / تَكادُ بِها أَحشاؤُهُ تَتَضَرَّمُ
وَمَثَّلَ في شَيلوكَ لِلبُخلِ سِحنَةً / عَلَيها غُبارُ الهونِ وَالوَجهُ أَقتَمُ
وَأَقعَدَني عَن وَصفِ هَمليتَ حُسنُها / وَفي مِثلِها تَعيا اليَراعَةُ وَالفَمُ
دَعِ السِحرَ في رُميو وَجوليتَ إِنَّما / يُحِسُّ بِما فيها الأَديبُ المُتَيَّمُ
أَتاهُم بِشِعرٍ عَبقَرِيٍّ كَأَنَّهُ / سُطورٌ مِنَ الإِنجيلِ تُتلى وَتُكرَمُ
نَدِيٍّ عَلى الأَيّامِ يَزدادُ نَضرَةً / وَيَزدادُ فيها جِدَّةً وَهوَ يَقدُمُ
يُؤَتّى إِلى قُرّائِهِ أَنَّ نَسجَهُ / لِيَومٍ وَأَنَّ الحائِكَ اليَومَ فيهِمُ
كَتِلكَ النُقوشِ الزاهِياتِ بِمَعبَدٍ / لِفِرعَونَ لا زالَت عَلى الدَهرِ تَسلَمُ
فَلَم يَدنُ مِن إِحسانِهِ مُتَأَخِّرٌ / وَلَم يَجرِ في مَيدانِهِ مُتَقَدِّمُ
أَطَلَّ عَلَيهِم مِن سَماءِ خَيالِهِ / وَحَلَّقَ حَيثُ الوَهمُ لا يَتَجَشَّمُ
وَجاءَ بِما فَوقَ الطَبيعَةِ وَقعُهُ / فَأَكبَرَ قَومٌ ما أَتاهُ وَأَعظَموا
وَقالوا تَحَدّانا بِما يُعجِزُ النُهى / فَلَسنا إِذَن آثارَهُ نَتَرَسَّمُ
وَلَم يَتَحَدَّ الناسَ لَكِنَّهُ اِمرُؤٌ / بِما كانَ في مَقدورِهِ يَتَكَلَّمُ
لَقَد جَهِلوهُ حِقبَةً ثُمَّ رَدَّهُم / إِلَيهِ الهُدى فَاِستَغفَروا وَتَرَحَّموا
كَذاكَ رِجالُ الشَرقِ لَو يُنصِفونَهُم / لَقامَ لَهُم في الشَرقِ وَالغَربِ مَوسِمُ
أَضاءَ بِهِم بَطنُ الثَرى بَعدَ مَوتِهِم / وَأَعقابُهُم عَن نورِ آياتِهِم عَموا
فَقُل لِبَني التاميزِ وَالجَمعُ حافِلٌ / بِهِ يُنثَرُ الدُرُّ الثَمينُ وَيُنظَمُ
لَئِن كانَ في ضَخمِ الأَساطيلِ فَخرُكُم / لَفَخرُكُمُ بِالشاعِرِ الفَردِ أَعظَمُ
أَذِنتُكِ تَرتابينَ في الشَمسِ وَالضُحى
أَذِنتُكِ تَرتابينَ في الشَمسِ وَالضُحى / وَفي النورِ وَالظَلماءِ وَالأَرضِ وَالسَما
وَلا تَسمَحي لِلشَكِّ يَخطِرُ خَطرَةً / بِنَفسِكِ يَوماً أَنَّني لَستُ مُغرَما
لَقَد كانَ فينا الظُلمُ فَوضى فَهُذِّبَت
لَقَد كانَ فينا الظُلمُ فَوضى فَهُذِّبَت / حَواشيهِ حَتّى باتَ ظُلماً مُنَظَّما
تَمُنُّ عَلَينا اليَومَ أَن أَخصَبَ الثَرى / وَأَن أَصبَحَ المِصرِيُّ حُرّاً مُنَعَّما
أَعِد عَهدَ إِسماعيلَ جَلداً وَسُخرَةً / فَإِنّي رَأَيتُ المَنَّ أَنكى وَآلَما
عَمِلتُم عَلى عِزِّ الجَمادِ وَذُلِّنا / فَأَغلَيتُمُ طيناً وَأَرخَصتُمُ دَما
إِذا أَخصَبَت أَرضٌ وَأَجدَبَ أَهلُها / فَلا أَطلَعَت نَبتاً وَلا جادَها السَما
نَهَشُّ إِلى الدينارِ حَتّى إِذا مَشى / بِهِ رَبُّهُ لِلسوقِ أَلفاهُ دِرهَما
فَلا تَحسَبوا في وَفرَةِ المالِ لَم تُفِد / مَتاعاً وَلَم تَعصِم مِنَ الفَقرِ مَغنَما
فَإِنَّ كَثيرَ المالِ وَالخَفضُ وارِفٌ / قَليلٌ إِذا حَلَّ الغَلاءُ وَخَيَّما
أَيا صوفِيا حانَ التَفَرُّقُ فَاِذكُري
أَيا صوفِيا حانَ التَفَرُّقُ فَاِذكُري / عُهودَ كِرامٍ فيكِ صَلّوا وَسَلَّموا
إِذا عُدتِ يَوماً لِلصَليبِ وَأَهلِهِ / وَحَلّى نَواحيكِ المَسيحُ وَمَريَمُ
وَدُقَّت نَواقيسٌ وَقامَ مُزَمِّرٌ / مِنَ الرومِ في مِحرابِهِ يَتَرَنَّمُ
فَلا تُنكِري عَهدَ المَآذِنِ إِنَّهُ / عَلى اللَهِ مِن عَهدِ النَواقيسِ أَكرَمُ
تَبارَكتَ بَيتُ القُدسِ جَذلانُ آمِنٌ / وَلا يَأمَنُ البَيتُ العَتيقُ المُحَرَّمُ
أَيُرضيكَ أَن تَغشى سَنابِكُ خَيلِهِم / حِماكَ وَأَن يُمنى الحَطيمُ وَزَمزَمُ
وَكَيفَ يَذِلُّ المُسلِمونَ وَبَينَهُم / كِتابُكَ يُتلى كُلَّ يَومٍ وَيُكرَمُ
نَبِيُّكَ مَحزونٌ وَبَيتُكَ مُطرِقٌ / حَياءً وَأَنصارُ الحَقيقَةِ نُوَّمُ
عَصَينا وَخالَفنا فَعاقَبتَ عادِلاً / وَحَكَّمتَ فينا اليَومَ مَن لَيسَ يَرحَمُ
بَنَيتُم عَلى الأَخلاقِ آساسَ مُلكِكُم
بَنَيتُم عَلى الأَخلاقِ آساسَ مُلكِكُم / فَكانَ لَكُم بَينَ الشُعوبِ ذِمامُ
فَما لي أَرى الأَخلاقَ قَد شابَ قَرنُها / وَحَلَّ بِها ضَعفٌ وَدَبَّ سَقامُ
أَخافُ عَلَيكُم عَثرَةً بَعدَ نَهضَةٍ / فَلَيسَ لِمُلكِ الظالِمينَ دَوامُ
أَضَعتُم وِداداً لَو رَعَيتُم عُهودَهُ / لَما قامَ بَينَ الأُمَّتَينِ خِصامُ
أَبَعدَ حِيادٍ لا رَعى اللَهُ عَهدَهُ / وَبَعدَ الجُروحِ الناغِراتِ وِئامُ
إِذا كانَ في حُسنِ التَفاهُمِ مَوتُنا / فَلَيسَ عَلى باغي الحَياةِ مَلامُ
سَعَيتُ إِلى أَن كِدتُ أَنتَعِلُ الدَما
سَعَيتُ إِلى أَن كِدتُ أَنتَعِلُ الدَما / وَعُدتُ وَما أُعقِبتُ إِلّا التَنَدُّما
لَحى اللَهُ عَهدَ القاسِطينَ الَّذي بِهِ / تَهَدَّمَ مِن بُنيانِنا ما تَهَدَّما
إِذا شِئتَ أَن تَلقى السَعادَةَ بَينَهُم / فَلا تَكُ مِصرِيّاً وَلا تَكُ مُسلِما
سَلامٌ عَلى الدُنيا سَلامَ مُوَدِّعٍ / رَأى في ظَلامِ القَبرِ أُنساً وَمَغنَما
أَضَرَّت بِهِ الأولى فَهامَ بِأُختِها / فَإِن ساءَتِ الأُخرى فَوَيلاهُ مِنهُما
فَهُبّي رِياحَ المَوتِ نُكباً وَأَطفِئي / سِراجَ حَياتي قَبلَ أَن يَتَحَطَّما
فَما عَصَمَتني مِن زَماني فَضائِلي / وَلَكِن رَأَيتُ المَوتَ لِلحُرِّ أَعصَما
فَيا قَلبُ لا تَجزَع إِذا عَضَّكَ الأَسى / فَإِنّكَ بَعدَ اليَومِ لَن تَتَأَلَّما
وَيا عَينُ قَد آنَ الجُمودُ لِمَدمَعي / فَلا سَيلَ دَمعٍ تَسكُبينَ وَلا دَما
وَيا يَدُ ما كَلَّفتُكِ البَسطَ مَرَّةً / لِذي مِنَّةٍ أَولى الجَميلَ وَأَنعَما
فَلِلَّهِ ما أَحلاكِ في أَنمُلِ البِلى / وَإِن كُنتِ أَحلى في الطُروسِ وَأَكرَما
وَيا قَدَمي ما سِرتِ بي لِمَذَلَّةٍ / وَلَم تَرتَقي إِلّا إِلى العِزِّ سُلَّما
فَلا تُبطِئي سَيراً إِلى المَوتِ وَاِعلَمي / بِأَنَّ كَريمَ القَومِ مَن ماتَ مُكرَما
وَيا نَفسُ كَم جَشَّمتُكِ الصَبرَ وَالرِضا / وَجَشَّمتِني أَن أَلبَسَ المَجدَ مُعلَما
فَما اِسطَعتِ أَن تَستَمرِئي مُرَّ طَعمِهِ / وَما اِسطَعتُ بَينَ القَومِ أَن أَتَقَدَّما
فَهَذا فِراقٌ بَينَنا فَتَجَمَّلي / فَإِنَّ الرَدى أَحلى مَذاقاً وَمَطعَما
وَيا صَدرُ كَم حَلَّت بِذاتِكَ ضيقَةٌ / وَكَم جالَ في أَنحائِكَ الهَمُّ وَاِرتَمى
فَهَلّا تَرى في ضيقَةِ القَبرِ فُسحَةً / تُنَفِّسُ عَنكَ الكَربَ إِن بِتَّ مُبرَما
وَيا قَبرُ لا تَبخَل بِرَدِّ تَحِيَّةٍ / عَلى صاحِبٍ أَوفى عَلَينا وَسَلَّما
وَهَيهاتَ يَأتي الحَيُّ لِلمَيتِ زائِراً / فَإِنّي رَأَيتُ الوُدَّ في الحَيِّ أُسقِما
وَيا أَيُّها النَجمُ الَّذي طالَ سُهدُهُ / وَقَد أَخَذَت مِنهُ السُرى أَينَ يَمَّما
لَعَلَّكَ لا تَنسى عُهودَ مُنادِمٍ / تَعَلَّمَ مِنكَ السُهدَ وَالأَينَ كُلَّما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025