المجموع : 5
كَفى الغرب فخراً أنه متقدمُ
كَفى الغرب فخراً أنه متقدمُ / وأنَّ له مالاً به يتنعمُ
وأن له في البر جيشاً عرمرماً / يماثله في البحر جيش عرمرمُ
نعم هو أرقى خطةً بشرية / سمت باتباع العلم والعلم سُلَّم
تَرقَّى فلمَّا اشتد ساعده عتا / وَبات يغيظ الشرقَ والشرق يكظم
يطيل على إِجحافه بحقوقه / سكوتاً كأَنَّ الشرق ليس له فم
فَيا أَيُّها الغرب المدلُّ بنفسه / رويدك ما هَذا الغرور المذمم
أَلَم يَكُ هَذا الشرق من قبل أَعصرٍ / مضت لك أستاذاً كبيراً يعلم
مَضى زمن للعلم والشرقُ زاهرٌ / بأَنواره والغرب إذ ذاك مظلم
فَكانَت سماء العلم في الشرق تحتوي / على أَنجم والغرب ما فيه أَنجم
وكان ظلام الجهل في الغرب عابساً / وكان ضياء العلم في الشرق يبسم
فَما كانَ يطغيه هناك رقيُّه / ولا يزدهيه أنه متقدم
فَيا غرب لا تجرح من الشرق قبله / بإيراد دعوى أنك اليوم أَعلم
رويدك لا تغترّ بالدهر إِن صفا / فَلَيس بباقٍ فيه بؤسى وأنعم
بِماذا تَرى أن ارتقاءك عهده / يدوم وأن الشرق لا يتقدم
أَتَزعم أن الشرق يلبث صاغراً / أمامك مغصوباً وأَنت المكرَّم
وَتَبقى عليه هَكَذا متسيطراً / تمص دم الأموال منه وتهضم
أَلا اصبر عليه نصف عصر فإنه / سيرقى به لو أنه منك يسلم
سينهض من بعد الخمول إلى العلى / ويُرجع مجداً دارساً ويتمِّم
نعم فسدت في الشرق بعض عروقه / ولكن بجسم الشرق ما فسد الدم
سترقى بلاد الشرق بعد انحطاطها / لَو اَنَّ بنيها اِستَيقَظوا وتعلَّموا
يَزول تماماً ما بها من تأخر / لَو اَنَّ حكومات البلاد تَنظِّم
هُنالك يحيا المجد من بعد موته / هنالك يبني العلم ما الجهل يهدم
فتمنحها عَن طيب نفس مجالساً / نيابيةً فيها العدالة تحكم
وإن هي لا تعطي الرعايا حقوقها / فإن الرعايا للحكومات ترغم
فتأخذ منها ما تريد بقوة / إذا اتحدت فهي الصواعق تحطم
وأما بقاء العلم عندك آلة / بها أنت تأتي ما تشاء فمبهم
لَقَد طالَ صبر الشرق يا غرب فازدجر / فإنك إن لم تزدجر سوف تندم
تهكمت بالشرق احتقاراً لأهله / فَيا غرب ما إن يفلح المتهكم
قصصت جناحيه وحملت ظهره / عنىً وهو لا يشكو ولا يتبرم
فآلمت قلب الشرق والشرق صابر / ولكن لحين يصبر المتألم
لقد ظن أهل الغرب أو بعض أهله / وبعض ظنون الناس والناس مأثم
بأن بقاء المسلمين جميعهم / على الجهل أعصاراً من الدين ينجم
لقد جهلوا الإسلام كل جهالة / فآذوه ذما شأن من ليس يفهم
وقالوا بنى الإسلام عمران أهله / زماناً وأما اليوم فهو يهدم
وعدوا من الأسباب وهي كثيرة / لديهم حجاب المسلمات واعظموا
وليس من الدين الحجاب لو أننا / رجعنا إلى أحكامه نتفهم
ولو كان نص قائل بوجوبه / ولا نص فيه حسبما أنا أعلم
نأوله حتى تقول بينه / وبين طريق العلم فهو المقدم
فقد صرح الأعلام من علمائنا / بما دونوا من كتبهم وتكلموا
بأن دليل العقل في كل مطلب / هو السيف في تحكيمه الأمر يحسم
وأن دليل النقل إن كان مانعاً / يُأَوَّل بالعقل الذي هو أحكم
ومنا الطلاق استقبحوه لأنه / يحل الرباط العائلي ويجذم
نعم قبحه إن لم يكن لاقتحامه / بواعث تقضى بالفراق مسلم
وأما إذا ما كان ثم تنافر / فإيقاعه بالطبع أولى وأسلم
وقد جعل الإسلام أمر بتاته / ثلاثاً ليكفي الوقت من هو يندم
وأما التعدي في الزواج لأربع / فمما أساءوا الظن فيه وأوهموا
نعم جوز القرآن ذاك لأهله / بشرط إذا راعوه فهو محرم
ألا وهو العدل الذي قد نفاه في / تعدده واللَه بالناس أعلم
فوسع فيه المسلمون سياسة / ليكثر طبق الحاجة النسل منهم
وأضربت عن باقي اعتراضاتهم فما / لها قوة يأتي لها الرد مسلم
فإن شتمونا بعد ذلك كله / فما نحن للقوم المسيئين نشتم
بكيت ولكن لا بكاء الغمائم
بكيت ولكن لا بكاء الغمائم / ونحتُ ولكن لا نواح الحمائمِ
فإن بكائي عن هوىً متحكمٍ / وإن نواحي عن غرامٍ ملازم
وما لغما ماطر عين مغرم / وما لحمام هادر قلب هائم
وهل ينفع الباكين شجوا بكاؤهم / إذا لم يصادف في الهوى قلب راحم
وكيف أخاف الدهر أو أرهب الردى / وقد لذت من صرف الزمان بعاصم
حلمت بان الدهر لي يتبسم
حلمت بان الدهر لي يتبسم / ورب شقى بالسعادة يحلم
فلما انقضى ليلي وعدت ليقظتي / رأيت نهاري عابسا يتجهم
يغم فؤادي اليوم ما فيه سلوة / ويقبض نفسي الليل ما فيه انجم
كأن نهاري صنو ليل يجنني / وليلي قبر ضيق الجوف مظلم
فسيان ليلي والنهار كلاهما / عليه ظلام من همومي مخيم
فليلي حتى يأتي اليوم اليل / ويومي حتى يأتي الليل ايوم
وللحر آلام كثار وانما / على قدر الاحساس يأتي التألم
لقد عاب اقوام على تبرمي / واي امرء يشقى ولا يتبرم
وليس على ضيم يقيم سوى الذي / اذا ناله ضيم فلا يتألم
ويغسل ادران السياسة كلها / من الارض كل الارض شيء هو الدم
عظيم من استولى على الناس كلهم / ولكن من استغنى عن الناس اعظم
هنالك مغرور يظن بانه / سيبقى بما في حوزه يتنعم
ويعتز بالصرح الذي شرفاته / حوته كأن الصرح لا يتهدم
وما الارض والانسان يجثم فوقها
وما الارض والانسان يجثم فوقها / سوى قطرة في الكون والكون عيلم
هناك نواميس بها انا عالم / واخرى على جهدي بها لست اعلم
وفي الكون سر يبتغى ان يذيعه / وليس لديه من فم يتكلم
واني منه فوق احقر بقعة / فكيف ولم افهمه عنه اترجم
وما انا شيء مثلما انت فاهمي / ولا انت شيء مثلما انا افهم
حسبنا من العرفان اوهام نفسنا / وليس عن العرفان يغني التوهم
وابصر ومضا نائيا وهوغامض / واسمع همسا دانيا وهو مبهم
هو الدهر او من قد توارى وراءه / يحطم ما يأتي ويبنى ويهدم
ويبرم قبل الصبح امرا برغبة / وينقض قبل الصبح ما هو مبرم
فقيل ضرورات وقيل مشيئة / وكل الذي قد قيل ظن مرجم
وفي القلب اشياء ولست اقولها / مخافة ان يطغى علي التهكم
الام اذا شط امرؤ ذو روية / كأني على اهل الروية قيم
وكائن ترى من طائش في فعاله / وبعد قليل يعتريه التندم
كأن الذي من فعله جاء نادما / الى نفسه من نفسه يتظلم
حذار فان الدهر منك بمرصد / اذا هو الفى غرة يتهجم
رأيت طريق السلم غير مقرب / وعلى طريق الحرب ادنى واقوم
ولا يستقل الشعب يوما بنفسه / اذا لم يكن للشعب جيش عرمرم
وما العيش الا طيب ومنغص / وما الارض الا جنة وجهنم
ثراء واملاق وعز وذلة / وفوز وحرمان وعرس ومأتم
اراك على مجد قضى متحدباً / كأم لطفل كان قد مات ترأم
بربك لا تمسس بايديك قرحتي / فانك ان ماسستها اتألم
يسائلني عن مذهبي وعقيدتي / فريق من الاشياخ ما انا منهم
فقلت لهم اما السؤال فبارد / واما جوابي فهو اني مسلم
ولكنني ما كنت يوما مقلدا / يرى ان حكم العقل في الدين مأتم
فما القلب مني بالسخافات مولع / ولا الرأس مني بالخرافات مفعم
ولم اك يوما بالإصابة واثقا / فاني في داج من الليل ارجم
جددت فما ارعاني القوم سمعهم / وليس وراء الجد الا التهكم
اولئك ناس طرفهم ذو غشاوة / عن الحق مهما حصحص الحق قد عموا
نظرت فكان الحب اول ما جنى
نظرت فكان الحب اول ما جنى / علي وكان الدمع من مقلتي يهمى
سرى من فؤادي نافذاً في حشاشتي / الى ان مشى في الجلد منى والعظم