المجموع : 8
مُصابُ بَني الدُنيا عَظيمٌ بِأَدهَمِ
مُصابُ بَني الدُنيا عَظيمٌ بِأَدهَمِ / وَأَعظَمُ مِنهُ حَيرَةُ الشِعرِ في فَمي
أَأَنطُقُ وَالأَنباءُ تَترى بِطَيِّبٍ / وَأَسكُتُ وَالأَنباءُ تَترى بِمُؤلِمِ
أَتَيتُ بِغالٍ في الثَناءِ مُنَضَّدٍ / فَمَن لي بِغالٍ في الرِثاءِ مُنَظَّمِ
عَسى الشِعرُ أَن يَجزي جَريئاً لِفَقدِهِ / بَكى التُركُ وَاليونانُ بِالدَمعِ وَالدَمِ
وَكَم مِن شُجاعٍ في العِداةِ مُكَرَّمٍ / وَكَم مِن جَبانٍ في اللِداتِ مُذَمَّمِ
وَهَل نافِعٌ جَريُ القَوافي لِغايَةٍ / وَقَد فَتَكَت دُهمُ المَنايا بِأَدهَمِ
رَمَت فَأَصابَت خَيرَ رامٍ بِها العِدى / وَما السَهمُ إِلّا لِلقَضاءِ المُحَتَّمِ
فَتىً كانَ سَيفَ الهِندِ في صورَةِ اِمرِئٍ / وَكانَ فَتى الفِتيانِ في مَسكِ ضَيغَمِ
لَحاهُ عَلى الإِقدامِ حُسّادُ مَجدِهِ / وَما خُلِقَ الإِقبالُ إِلّا لِمُقدِمِ
مُزَعزَعُ أَجيالٍ وَغاشي مَعاقِلٍ / وَقائِدُ جَرّارٍ وَمُزجي عَرمرَمِ
سَلوا عَنهُ ميلونا وَما في شِعابِهِ / وَفي ذِروَتَيهِ مِن نُسورٍ وَأَعظُمِ
لَيالِيَ باتَ الدينُ في غَيرِ قَبضَةٍ / وَزُلزِلَ في إيمانِهِ كُلُّ مُسلِمِ
وَقالَ أُناسٌ آخِرُ العَهدِ بِالمَلا / وَهَمَّت ظُنونٌ بِالتُراثِ المُقَسَّمِ
فَأَطلَعَ لِلإِسلامِ وَالمُلكِ كَوكَباً / مِنَ النَصرِ في داجٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ
وَرُحنا نُباهي الشَرقَ وَالغَربَ عِزَّةً / وَكُنّا حَديثَ الشامِتِ المُتَرَحِّمِ
سَلوا عَنهُ ميلونا وَما في شِعابِهِ / وَفي ذِروَتَيهِ مِن نُسورٍ وَأَعظُمِ
مَفاخِرُ لِلتاريخِ تُحصى لِأَدهَمٍ / وَمَن يُقرِضِ التاريخَ يَربَح وَيَغنَمِ
أَلا أَيُّها الساعونَ هَل لَبِسَ الصَفا / سَواداً وَقَد غَصَّ الوُرودُ بِزَمزَمِ
وَهَل أَقبَلَ الرُكبانُ يَنعونَ خالِداً / إِلى كُلِّ رامٍ بِالجِمارِ وَمُحرِمِ
وَهَل مَسجِدٌ تَتلونَ فيهِ رِثاءَهُ / فَكَم قَد تَلَوتُم مَدحَهُ بِالتَرَنُّمِ
وَكانَ إِذا خاضَ الأَسِنَّةَ وَالظُبى / تَنَحَّت إِلى أَن يَعبُرَ الفارِسُ الكَمي
وَمَن يُعطَ في هَذي الدَنِيَّةِ فُسحَةً / يُعَمَّر وَإِن لاقى الحُروبَ وَيَسلَمِ
عَلِيٌّ أَبو الزَهراءِ داهِيَةُ الوَغى / دَهاهُ بِبابِ الدارِ سَيفُ اِبنِ مُلجَمِ
فَروقُ اِضحَكي وَاِبكي فَخاراً وَلَوعَةً / وَقومي إِلى نَعشِ الفَقيدِ المُعَظَّمِ
كَأُمِّ شَهيدٍ قَد أَتاها نَعيُّهُ / فَخَفَّت لَهُ بَينَ البُكا وَالتَبَسُّمِ
وَخُطّي لَهُ بَينَ السَلاطينِ مَضجَعاً / وَقَبراً بِجَنبِ الفاتِحِ المُتَقَدِّمِ
بَخِلتِ عَلَيهِ في الحَياةِ بِمَوكِبٍ / فَتوبي إِلَيهِ في المَماتِ بِمَأتَمِ
وَيا داءُ ما أَنصَفتَ إِذ رُعتَ صَدرَهُ / وَقَد كانَ فيهِ المُلكُ إِن ريعَ يَحتَمي
وَيا أَيُّها الماشونَ حَولَ سَريرِهِ / أَحَطتُم بِتاريخٍ فَصيحِ التَكَلُّمِ
وَيا مِصرُ مَن شَيَّعتِ أَعلى هَمامَةٍ / وَأَثبَتُ قَلباً مِن رَواسي المُقَطَّمِ
سَلوا عَنهُ ميلونا وَما في شِعابِهِ / وَفي ذِروَتَيهِ مِن نُسورٍ وَأَعظُمِ
وَيا بَحرُ تَدري قَدرَ مَن أَنتَ حامِلٌ / وَيا أَرضُ صونيهِ وَيا رَبّي اِرحَمِ
إِلى اللَهِ أَشكو مِن عَوادي النَوى سَهما
إِلى اللَهِ أَشكو مِن عَوادي النَوى سَهما / أَصابَ سُوَيداءَ الفُؤادِ وَما أَصمى
مِنَ الهاتِكاتِ القَلبَ أَوَّلَ وَهلَةٍ / وَما دَخَلَت لَحماً وَلا لامَسَت عَظما
تَوارَدَ وَالناعي فَأَوجَستُ رَنَّةً / كَلاماً عَلى سَمعي وَفي كَبِدي كَلما
فَما هَتَفا حَتّى نَزا الجَنبُ وَاِنزَوى / فَيا وَيحَ جَنبي كَم يَسيلُ وَكَم يَدمى
طَوى الشَرقَ نَحوَ الغَربِ وَالماءَ لِلثَرى / إِلَيَّ وَلَم يَركَب بِساطاً وَلا يَمّا
أَبانَ وَلَم يَنبِس وَأَدّى وَلَم يَفُه / وَأَدمى وَما داوى وَأَوهى وَما رَمّا
إِذا طُوِيَت بِالشُهبِ وَالدُهمِ شَقَّةٌ / طَوى الشُهبَ أَوجابَ الغُدافِيَّةَ الدُهما
وَلَم أَرَ كَالأَحداثِ سَهماً إِذا جَرَت / وَلا كَاللَيالي رامِياً يُبعِدُ المَرمى
وَلَم أَرَ حُكماً كَالمَقاديرِ نافِذاً / وَلا كَلِقاءِ المَوتِ مِن بَينِها حَتما
إِلى حَيثُ آباءُ الفَتى يَذهَبُ الفَتى / سَبيلٌ يَدينُ العالَمونَ بِها قِدما
وَما العَيشُ إِلّا الجِسمُ في ظِلِّ روحِهِ / وَلا المَوتُ إِلّا الروحُ فارَقَتِ الجِسما
وَلا خُلدَ حَتّى تَملَأَ الدَهرَ حِكمَةً / عَلى نُزَلاءِ الدَهرِ بَعدَكَ أَو عِلما
زَجَرتُ تَصاريفَ الزَمانِ فَما يَقَع / لِيَ اليَومَ مِنها كانَ بِالأَمسِ لي وَهما
وَقَدَّرتُ لِلنُعمانِ يَوماً وَضِدَّهُ / فَما اِغتَرَّتِ البوسى وَلا غَرَّتِ النُعمى
شَرِبتُ الأَسى مَصروفَةً لَو تَعَرَّضَت / بِأَنفاسِها بِالفَمِّ لَم يَستَفِق غَمّا
فَأَترِع وَناوِل يا زَمانُ فَإِنَّما / نَديمُكَ سُقراطُ الَّذي اِبتَدَعَ السُمّا
قَتَلتُكَ حَتّى ما أُبالي أَدَرتَ لي / بِكَأسِكَ نَجماً أَم أَدَرتَ بِها رَجما
لَكِ اللَهُ مِن مَطعونَةٍ بِقَنا النَوى / شَهيدَةَ حَربٍ لَم تُقارِف لَها إِنما
مُدَلَّهَةٍ أَزكى مِنَ النارِ زَفرَةً / وَأَنزَهِ مِن دَمعِ الحَيا عَبرَةَ سَحما
سَقاها بَشيري وَهيَ تَبكي صَبابَةً / فَلَم يَقوَ مَغناها عَلى صَوبِهِ رَسما
أَسَت جُرحَها الأَنباءُ غَيرَ رَفيقَةٍ / وَكَم نازِعٍ سَهماً فَكانَ هُوَ السَهما
تَغارُ الحُمّى الفَضائِلُ وَالعُلا / لِما قَبَّلَت مِنها وَما ضَمَّتِ الحُمّى
أَكانَت تَمَنّاها وَتَهوى لِقاءَها / إِذا هِيَ سَمّاها بِذي الأَرضِ مَن سَمّى
أَلَمَّت عَلَيها وَاِتَّقَت ثَمَراتِها / فَلَمّا وُقوا الأَسواءَ لَم تَرَها ذَمّا
فَيا حَسرَتا أَلّا تَراهُم أَهِلَّةً / إِذا أَقصَرَ البَدرُ التَمامُ مَضَوا قُدما
رَياحينُ في أَنفِ الوَلِيِّ وَما لَها / عَدُوٌّ تَراهُم في مَعاطِسِهِ رَغما
وَأَلّا يَطوفوا خُشَّعاً حَولَ نَعشِها / وَلا يُشبِعوا الرُكنَ اِستِلاماً وَلا لَثما
حَلَفتُ بِما أَسلَفتِ في المَهدِ مِن يَدٍ / وَأَولَيتِ جُثماني مِن المِنَّةِ العُظمى
وَقَبرٍ مَنوطٍ بِالجَلالِ مُقَلَّدٍ / تَليدَ الخِلالِ الكُثرَ وَالطارِفَ الجَمّا
وَبِالغادِياتِ الساقِياتِ نَزيلَهُ / مِنَ الصَلَواتِ الخَمسِ وَالآيِ وَالأَسما
لَما كانَ لي في الحَربِ رَأيٌ وَلا هَوىً / وَلا رُمتُ هَذا الثُكلَ لِلناسِ وَاليُتما
وَلَم يَكُ ظُلمُ الطَيرِ بِالرِقِّ لي رِضاً / فَكَيفَ رِضائي أَن يَرى البَشَرُ الظُلما
وَلَم آلُ شُبّانَ البَرِيَّةِ رِقَّةً / كَأَنَّ ثِمارَ القَلبِ مِن وَلَدي ثَمّا
وَكُنتُ عَلى نَهجٍ مِنَ الرَأيِ واضِحٍ / أَرى الناسَ صِنفَينِ الذِئابَ أَوِ البَهما
وَما الحُكمُ إِلّا أولي البَأسِ دَولَةً / وَلا العَدلُ إِلّا حائِطٌ يَعصِمُ الحُكما
نَزَلتُ رُبى الدُنيا وَجَنّاتِ عَدنِها / فَما وَجَدَت نَفسي لِأَنهارِها طَعما
أَريحُ أَريجَ المِسكِ في عَرَصاتِها / وَإِن لَم أُرِح مَروانَ فيها وَلا لَخما
إِذا ضَحِكَت زَهواً إِلَيَّ سَماوَها / بَكَيتُ النَدى في الأَرضِ وَالبَأسَ وَالحَزما
أُطيفُ بِرَسمٍ أَو أُلِمُّ بِدِمنَةٍ / أَخالُ القُصورَ الزُهرَ وَالغُرَفَ الشُمّا
فَما بَرَحَت مِن خاطِري مِصرُ ساعَةً / وَلا أَنتِ في ذي الدارِ زايَلتِ لي هَمّا
إِذا جَنَّني اللَيلُ اِهتَزَزتُ إِلَيكُما / فَجَنحا إِلى سُعدى وَجَنحا إِلى سَلمى
فَلَما بَدا لِلناسِ صُبحٌ مِنَ المُنى / وَأَبصَرَ فيهِ ذو البَصيرَةِ وَالأَعمى
وَقَرَّت سُيوفُ الهِندِ وَاِرتَكَزَ القَنا / وَأَقلَعَتِ البَلوى وَأَقشَعَتِ الغُمّى
وَحَنَّت نَواقيسٌ وَرَنَّت مَآذِنٌ / وَرَفَّت وُجوهُ الأَرضِ تَستَقبِلُ السُلمى
أَتى الدَهرُ مِن دونِ الهَناءِ وَلَم يَزَل / وَلوعاً بِبُنيانِ الرَجاءِ إِذا تَمّا
إِذا جالَ في الأَعيادِ حَلَّ نِظامَها / أَوِ العُرسِ أَبلى في مَعالِمِهِ هَدما
لَئِن فاتَ ما أَمَّلتِهِ مِن مَواكِبٍ / فَدونَكِ هَذا الحَشدَ وَالمَوكِبَ الضَخما
رَثَيتُ بِهِ ذاتَ التُقى وَنَظَمتُهُ / لِعُنصُرِهِ الأَزكى وَجَوهَرِهِ الأَسمى
نَمَتكِ مَناجيبُ العُلا وَنَمَيتِها / فَلَم تُلحَقي بِنتاً وَلَم تُسبَقي أُمّا
وَكُنتِ إِذا هَذي السَماءُ تَخايَلَت / تَواضَعتِ وَلَكِن بَعدَ ما فُتِّها نَجما
أَتَيتِ بِهِ لَم يَنظُمِ الشِعرَ مِثلَهُ / وَجِئتِ لِأَخلاقِ الكِرامِ بِهِ نَظما
وَلَو نَهَضَت عَنهُ السَماءُ وَمَخَّضَت / بِهِ الأَرضُ كانَ المُزنَ وَالتِبرَ وَالكَرما
تفَدّيكَ يا مَكسُ الجِيادُ الصَلادِمُ
تفَدّيكَ يا مَكسُ الجِيادُ الصَلادِمُ / وَتَفدي الأساةُ النُطسُ مَن أَنتَ خادِمُ
كَأَنَّكَ إِن حارَبتَ فَوقَكَ عَنتَرٌ / وَتَحتَ اِبنِ سينا أَنتَ حينَ تُسالِمُ
سَتُجزى التَماثيلَ الَّتي لَيسَ مِثلُها / إِذا جاءَ يَومٌ فيهِ تُجزى البَهائِمُ
فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالجِيادُ كَواكِبٌ / وَإِنَّكَ دينارٌ وَهُنَّ الدَراهِمُ
مِثالٌ بِساحِ البَرلَمانِ مُنَصَّبٌ / وَآخَرُ في بارِ اللِوا لَكَ قائِمُ
وَلا تَظفَرُ الأَهرامُ إِلّا بِثالِثٍ / مَزاميرُ داوُدٍ عَلَيهِ نَواغِمُ
وَكَم تَدَّعي السودانَ يا مَكسُ هازِلاً / وَما أَنتَ مُسَوَّدٌ وَلا أَنتَ قاتِمُ
وَما بِكَ مِمّا تُبصِرُ العَينُ شُبهَةٌ / وَلَكِن مَشيبٌ عَجَّلَتهُ العَظائِمُ
كَأَنَّكَ خَيلُ التُركِ شابَت مُتونُها / وَشابَت نَواصيها وَشابَ القَوائِمُ
فَيا رُبَّ أَيّامٍ شَهِدتَ عَصيبَةٍ / وَقائِعُها مَشهورَةٌ وَالمَلاحِمُ
لقد نقل الراوون عني حكاية
لقد نقل الراوون عني حكاية / وقالوا كلاما ما أشدّ وأشاما
أيصفع مثلي ناشئ ويراعتي / أسالت دموع القوم في مصر عَندما
ألا اعتذروا لي عنده فأنا الذي / صفعت بصدغي كفه فتألما
رأيت جمادات الثرى ونباته
رأيت جمادات الثرى ونباته / وكل خسيس دب فوق أديم
فلم أر أهلا للمهانة والأذى / كصدغ لئيم الدهر وابن لئيم
عجبت لهم قالوا سقطت ومن يكن
عجبت لهم قالوا سقطت ومن يكن / مكانك يأمن سقوط ويسلم
فأنت امرؤ ألصقت نفسك بالثرى / وحرمت خوف الذم ما لم يحرم
فلو أسقطوا من حيث أنت زجاجة / على الصخر لم تصدع ولم تتحطم
يقولون لم تطرى عليا وأخته
يقولون لم تطرى عليا وأخته / وتنسى حسينا والحسين كريم
فقلت فؤادى للثلاثة منزل / هما طُنُباه والحسين صميم
ثلاثة أسباب لأُنسى ولذتي / يبارك فيها مانِحِى ويديم
إذا ما بدا لي أن أفاضل بينهم / أبى لي قلب عادل ورحيم
أحبِ صغار العالمين لأجلهم / ويعطف قلبي ذو أب ويتيم
أمينتيَ الدنيا إذا هي أقبلت / على العيش منها نضرة ونعيم
ذكاء تمناه الفتى حلية له / ووجه يسر الناظرين وسيم
فأما علىٌّ فالمسيح حداثة / وقور إذا طاش الصغار حليم
وقبل حسين ما تكلم مرضع / ولا نال علياء البيان فطيم
إذا راح يهذى بالحديث فشاعر / فإن جدّ فيما قاله فحكيم
عصيفير روض رَبِّ صنه وأبِقه / فأنت بقلب قد خَلقت عليم
قضى أريحيّ القوم والقوم من همو
قضى أريحيّ القوم والقوم من همو / فكل لبيب بين جنبيه مأتم
غدا وغدونا والحياة تضمنا / ورحنا وكم من ميِّت لا يقوم
فهل خطب الأبرار بالليل ودّه / فأصبح فيهم راضيا يتنعم
ألا إنما الدنيا نهار وليلة / يذيعان ما تخفى الغيوب وتكتم
ولم ترق منذ الدهر للناس عَبرة / إذا ضحك الباكي بكى المتبسم
أبا يوسف في كل نادٍ مناحة / أرامل تبكى أو عوائل تلطم
تغيّر للاحسان والجود معهد / ونكّر للعرفان والعلم معلم
لئن مت فالإنسان لا بدّ ميت / ولكن رزء الناس بالحرّ مؤلم
وما عاش مجهول المكان محقر / وما مات مرفوع المنار معظم
وما المال إلا غصة فوق غصة / إذا ما سقى المرء القضاء المحتم
وإن الفتى في عيشه ما سعى له / وإن الفتى من بعده ما يقدّم
فما كان عند الناس فالناس ألسن / وما كان عند الله فالله أكرم
سراة بنى مصر طوى الموت حاتما / فهل حاتم من جمعكم يتقدّم
خذوا الخير عنه وافعلوا مثل فعله / فَلَلخَير في الدارين زين ومغنم
أما وعظتكم ميتة زلزلت لها / جوانب مصر والخلائق نوم
أما راعكم نعش حوى ذلك الغنى / وما فيه دينار ولا فيه درهم
ويا أحمد الخيرات إنى ارتجلتها / ودمعي ارتجالا خلف نعشك تسجم
بكيت على الحرّ الهمام وفقده / وهل حيلتي إلا البكا والترحم
وما الشعر إلا رجع حس وخاطر / فمن خانه وجدانه خانه الفم
فخذها رثاء من وفىّ ولوعة / يبثك إياها الفؤاد المكلم
لقد كانت الآمال فيك كثيرة / وهل تنقض الآمال والله مبرم
وما ابنك إلا الخير من صلب خير / فِلم لا يرجى فيه أو يُتوسم
ستعليك ذكرا فوق معن وحاتم / أياد على هذا الأنام وأنعم