المجموع : 20
ولما رسينا للغريَّ عشية
ولما رسينا للغريَّ عشية / لمن قد ثوى فيه احتراما وتبجيلا
ربطنا بأخفاف المطيَّ ثغورنا / فأشبعت البيداء لثما وتقبيلا
عجبت لسكان الغريِّ وخوفهم
عجبت لسكان الغريِّ وخوفهم / من الأسد الضاري إذ جاء مقبلا
ليلثم أعتابا تحط ببابها / ملائكة السبع السموات أرحلا
وفي سوحها كم قد أناخت تواضعا / قساورة الغاب الربوبي كلكلا
وهم في حمى في الوجود قد احتمى / ومغناه كم أغنى عديما ومرملا
وقد أغلقوا باب المدينة دونه / وذلك باب ما رأيناه مقفلا
فمرغَّ خدا في ثرى باب حطة / وردَّ وقد أخفى الزئير مهرولا
فلو عرفوا حق الولاء لحيدر / لما منعوا عنه مواليه لا ولا
ولما رحلنا للغريَّ عشية
ولما رحلنا للغريَّ عشية / ومن وجده كل تورَّك شملولا
وحثحث من شوق ذلول تذلل / لمن قد ثوى فيه احتراما وتبجيلا
ربطنا بأخفاف المطيِّ ثغورنا / فسفت ترابا بالمدامع مبلولا
وقد حسرت عنها لثام تحسر / فأشبعت البيداء لثما وتقبيلا
أرى لك فضلا لا تعيه الأفاضل
أرى لك فضلا لا تعيه الأفاضل / وخلقا كزهر الروض حياه وابل
فلم أدر لما عنك ترو الفضائل / أفضلك أم مجدبه الفخر كامل
وخلقك أم ريح الصبا أم شمائل /
وكم من حديث عن معاليك مسند / فمن منشيء فيه الثناء ومنشد
به تهت لما شاع في كل مشهد / أحاديث مجد أم روايات سودد
لها الطرس راو والسطور تناقل /
بجدِّك قد روجت خير بضاعة / من الفضل كانت لا تسام لباعة
فهل لك فيما أبهرت من صناعة / يراعه كف أم قناة براعة
نرى الجهل منكوبا بها أم عوامل /
بطولك طول الملك غص كعرضه / وكل خطيب كلَّ عن عدٍّ بعضه
أفضت عباب الفضل من بعد غيضه / لك الله فضلا لا نفاد لفيضه
وفخرا على كل البرية شامل /
وصلت حبال الود في حبل وصلكم / وصلت على جور الزمان بعدلكم
فلله ما أجدى النعيم بظلكم / ولله ما أندى موارد فضلكم
بها عذبت للواردين مناهل /
ويا للعطايا المردفات كأنها / سحائب يرجو من على الأرض منها
ويا لسجايا ينهب الروض حسنها / ويا لمزايا الاكملية انها
شواهد في فضل الفتى ودلائل /
أرى وجه صبح العدل بالنور ساطعا / وأقمار آفاق المعالي طوالعا
وبعد الذوى روض الفضائل يانعا / لذا حضرة الصبحي أصبح طالعا
إلى أفقه السامي تنمى الفضائل /
علا وفريد المدح في نعته غلا / وطبق من أسنى فضائله الفلا
وطوق منا في فواضله الملا / فتى قد سرى في جسمه الفضل والعلا
فأضحت به الأرواح طرا تكامل /
به العلا يا حبذا همم سعت / فكم بالردى راعت وكم بالندى رعت
وأهل المعالي فضله مذ تتبعت / أطاعته بالاقبال طوعا فأسرعت
للثم مواطي أخمصيه الافاضل /
تفرَّد في الرأي المصيب فلا يرى / سواه بصيرا في الأمور مدبرا
ألم تره بالرأي إن فادح عرى / يدبر كل الأمر في الملك والورى
وليس له شغل عن المجد شاغل /
يفاوضهم حلو الحديث فكاهة / كست قول سبحان وقس فهاهة
ويبدي الرموز الخافيات بداهة / بصائب رأي لا يباري نباهة
فمن ذا يباريه ومن ذا يساجل /
ومقفل رمز ما وجدنا مناصحا / حذاقته في الملك أبدت مصالحا
به الدولة الغرَّا ازدهاها محاصل /
تملك تنظيم الممالك فارتدت / ملابس عز حين رثت تجددت
على أنه في كل نائبة عدت / مجدد قانون بها الروم قد غدت
تباهى على الدنيا علا وتباهل /
فيا لك من جد عن المجد ما لها / ومنه النهى يوما عن الجود ما نهى
جواد يرى إن اللهى تفتح اللها / مجدَّ لتعمير الممالك بالنهى
ليحيي بها حق ويهلك باطل /
يمينا لقد نالت مناها وأفلحت / حداة الرجال في قصدها حين طوحت
همام به الدنيا إذا ما دجت صحت / أبا لسوق العدل وزنا فأصبحت
إلى الدولة العلياء تطوى المنازل /
فكل نال فيها اليمن والأمن خائف / وفاز بما يرجوه باد وعاكف
هي البيت لم يندم بها قط طائف / فمن كل قطر تستدير طوائف
إليها ومن كل الجهات قبائل /
أخو الحزم في عقد الأمور وحلها / فريد بني العلياء جامع شملها
إذا ما رحى الارزاء دارت بأهلها / يدير رحى قطر الاقاليم كلها
بأقطاب أقلام براها الأنامل /
مطوق جيد المجد والمجد عاطل / وكافل أهل الجود إن عز كافل
تساوى بنعماء مقيم وراحل / فعمَّ الورى من فيض نعماه نائل
وخص الندى من جود كفه وابل /
بأحيائه دوح الفضائل أثمرا / وأخصب مغناها وقد كان مقفرا
ولا زال حياه حيا اللطف ممطرا / باحيائه علم التواريخ في الورى
مرابعها من بعد قفر أواهل /
تسامت له فوق الاثير مآثر / وغرَّ مساع أزهرت ومفاخر
وما ناظم فضلا سواه وناثر / أجاد بما قد أعجبته أواخر
وجاد بما قد أفقدته أوائل /
لقد كان من قلب الكمال مراده / ومن عينه انسانه وسواده
وفي دهره أبدى الذي قد أراده / أعاد بيمن ما الزمان أباده
وأبدى بذهن ما به الدهر باخل /
تفرَّد في ارشاده وسداده / بجمع علا لا منتهى لعداده
فتى من ذوي بغضائه ووداده / أقام على رغم العدا في انفراده
شواهد فضل صدقتها الشمائل /
فضائل كل منها استمحنا فواضلا / تجيب سؤالا أو تفيد مسائلا
أفاض بها للواردين مناهلا / وأعلى لارباب المعالي منازلا
وفي ظلها أهل الفضائل قائل /
تجلى به عني دجا كل غمة / وجيدي تحلى منه في طوق نعمة
عديم مثيل في اهتمام وهمة / إذا رمت منه عند دفع ملمة
مثالا فما في عصره من يماثل /
نضته يمين العدل سيفا مهندا / تميت به بخلا وتحيي به ندا
يرى عاريا من كل عار مجردا / كسا خلقه الممدوح وشيا مجددا
من المجد ما لا يهتديه الشمائل /
إذا انهمرت بالجود أنواء كفه / كفتنا من الغيث المطل بوكفه
بكل صفات المجد أبناء صنفه / يغازل كل في محاسن وصفه
إذا الورق في حسن الرياض تغازل /
فما لمبادي ما حواه نهاية / ولم تعده في حلبة الفخر غاية
ولم ترو إلا عن علاه رواية / وآيته في الفضل والمجد آية
على طيب أصل طاوعته الأماثل /
أما وعلا ألفت بالجد شمله / وفصل خطاب لست أحصر فضله
لك المجد أعيى حصره المدح كله / أمولاي مولى الاكرمين ومن له
براعات فضل جزؤها الكل حامل /
ومن لم يزل سيفا على الدهر مصلتا / به التام شمل الفضل يوم تشتتا
ومن أسند العلياء عنه وأثبتا / ومن لم تسابقه الرجال إذا أتى
بأمر ولم يسبقه في القول قائل /
فلا زلت ماضي الحد مهما أهزه / إذلَّ به من أبتغي وأعزه
فيا من به مدحي تبين عجزه / إليك التجى هذا الكئيب تعزه
فقد ذله الدهر الظلوم المخاتل /
شمخت فخارا لا يحدَّ وسوددا / وطلت على من طال في مجده يدا
ولا غرو إن أصبحت بالفضل مفردا / وأنت الذي في الفضل والعلم والندى
حويت بحارا مالهنَّ سواحل /
بآدابك الآداب يوم تبددت / أعيدت علينا غضة مثل ما بدت
فأنت الذي عنه الفضائل أسندت / وأنت الذي الآداب في الناس قد غدت
وليس لها إلا ذراك وسائل /
لبيتك زفت والسعود خدينها / عروس ثناء فيك عز قرينها
لتقبيلها يمناك مدَّت يمينها / فخذها عروسا بنت فكر تزينها
عيون معان بالبيان تحاول /
إلى الروم وافقت فازدهتها بداوة / لألحانها في كل ذوق حلاوة
تروق إذا ما رتلتها تلاوة / لها الحروف حلى والمعاني طلاوة
لها النقط خال والسطور خلاخل /
تجلت بأنوار السعادة وانجلت / قواف إذا مرت على مسمع حلت
ترجى قبولا منك إذ هي أقبلت / وليس لها مهر سوى إن تقبلت
ولا شيء عن تقبيلها قد يعادل /
سرت مثلا حسنها فعزت مماثلا / ونالت فخارا عز فيك تناولا
وإني لأرجو أن تفوق تطاولا / إذا قصرت عما حويت تجاملا
فأنت كريم والكريم مجامل /
لهنَّ بك الأيام إذ كنت مفزعا / لها ولأشتات المكارم مجمعا
فقم بمقام لم يزل مترفعا / ودم للعلا والعز والمجد مرجعا
إذا المرء لم يلبس من الجهل مطرفا
إذا المرء لم يلبس من الجهل مطرفا / فكل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يلك سبيل أبي الثنا / فليس إلى حسن الثناء سبيل
فما بال أقوام على درجاته / تنازى وفيها قلة وخمول
تقول العلا في الفضل لم قلَّ مثله / فقلت لها إن الكرام قليل
لئن نزرت أقرانه فجواره / عزيز وجار الاكثرين ذليل
وكم من بنيه في تدرِّبه لهم / شباب تسامى للعلا وكهول
رفيع ذرى العليا على كل رامق / منيع يرد الطرف وهو كليل
وإن طاولته الشامخات فإنه / يعز على من رامه ويطول
ومن أصله الزاكي الارومة كم علا / إلى النجم فرع لا ينال طويل
وما هو ممن يرتضي الذل خطة / إذا ما رأته عامر وسلول
سوى قومه من يأنف الحتف في اللقا / وتكرهه آجالهم فتطول
فلا حلَّ منا عقد بند بنصرهم / ولا طلَّ منا حيث كان قبيل
وكم قد أسلنا أنفسا دون بيضهم / وليست على غير الظباة تسيل
حريون إن قالوا زكونا لانها / ناث أطابت حملنا وفحول
صدور أقلتنا أناث وحطنا / لوقت إلى خير البطون نزول
وما نحن إلا سحب جود وما بنا / كهام ولا فينا يعدَّ بخيل
وما عابنا من راحل عن ديارنا / ولا ذمنا في النازلين نزيل
وخيل خيال الندب محمود عندنا / لها غرر معلومة وحجول
وننكر قول العاذلين لنا به / ولاينكرون القول حين نقول
وأنصلنا في ذبها عن حياضه / بها من قراع الدارعين فلول
تعوَّد أن لا ينتضي فكره ظبي / فتغمد حتى يستباح قتيل
مؤيدة أقواله بفعاله / قؤل بما قال الكرام فعول
فلا تسألوا عن علمه جاهلا به / فليس سواء عالم وجهول
فإن أبا النعمان قطب بني العلا / تدور رحاهم حوله وتجول
إلى حضرة المولى نجفقلي خان من
إلى حضرة المولى نجفقلي خان من / لنا قد حكت منه الشمول الشمائل
أبث قوافي مدحة طاب نشرها / وسارت بها بين الأنام القوافل
وأشكو غليه ما تكابد مهجتي / من الهمِّ إن الهم للمرء قاتل
وأسأله هل من سبيل لدفعه / نعم ما له غير السبيل وسائل
ودود همومي ما لها غير دوده / يمحصها عن خاطري ويزائل
فارسله لي وانشد إذا لام لائم / الا في سبيل المجد ما أنا فاعل
على نبذة من شعر ناصيف ذي الفضل
على نبذة من شعر ناصيف ذي الفضل / وقفت ومني العين في موضع الرجل
وطأطأت اجلالا لها رأس شامخ / لأخمصه هام العلا موطىء النعل
فرحت لدى الامعان فيها كأنني / وعقلي عني ذاهل من بني ذهل
وشمت سنا فجر المعاني يلوح من / خلال المباني وهي ليلية الشكل
محا ظلَّ وهمي حين أشرق نورها / وكم قد محت شمس الظهيرة من ظل
على الحسن والاحسان مطبوعة أتت / فوافقت الطبع السليم من الغلِّ
وقد رفرفت بالخافقين صحافها / وحطت من المجد الاثيل على الاثل
وأوراقها في الكرخ ورقائها شدت / فميل أعطاف الرصافة ما تملي
وبثت من السحر الحلال ببابل / لها نفثات أوهنت عقد الحلي
وقد ملأت أقداح أحداقنا طلا / من السحر تمشي في العقول على مهل
فتسكر البابا بنقل حديثها / وشارب صرف الراح يحتاج للنقل
وكم دندنت من حول كورة مسمعي / لتبليغ ما أوحاه ربي إلى النحل
وذقت بثغر الفكر شهد مجاجها / فساغ شرابا في لهات فم العقل
قصائد تحكي في الطروس خرائدا / وقد نزلت من سفح لبنان في السهل
تهادى بجلباب من الفضل كم له / فواضل اكمال ترشح بالدلِّ
وتعطو كما تعطو المهارى بجيدها / وترنو كما ترنو بأعينها النجل
قد اكتحلت منها العيون بنظرة / فسحقا لما في أعين الحور من كحل
مرايا عقول للتصوٍّر زيبق / على سطحها ينساب من جودة الصقل
نرى في سواها الناظرين بأعين / غشاها العشى كالعاكفين على العجل
هياكل عرفان معاقل حكمة / خمائل احسان مناهل للفضل
أقلت دمى طالت على شرفاتها / نمت كرما بلت صدى أيما بلِّ
معادن اجلال معاطن سؤدد / مكامن افضال مواطن للبذل
وعت كل اعظام حوت جلَّ مفخر / زكت مغرس الجدوى طوت شقة البخل
فما شئت من ضخم الكراديس من على / وما رمت من جزل وما اخترت من عتل
وما اشتقت من غيد المعاني رشيقة / يغص لها ساق من اللفظ في حجل
تفوَّق منها العين عن قوس حاجب / نبالا أراشتها النبالة بالنبل
مقيدة من أسطر بسلاسل / تكاد على القرطاس ترسف في كبل
يفلَّ على بيض الترائب نشرها / ذوائب من وحف السطور ومن حثل
تدل على طيب الفروع أصولها / وأصل زكاء الفرع من كرم الاصل
لقد فتحت أكمام أسماعنا لها / كما فتحت زهر الربى أنمل الطلٍّ
وجادت بوبل بعد طلَّ ربابها / فأحيت مواتى الفكر بالطلٍّ والوبل
سموات علم في ظبى من أهلة / تشق شعار الجهل معطا إلى الذيل
حياض رياض في غياض تدفقت / بما رقَّ من نهل وما راق من علٍّ
بصرصرة البازي أهاجت بلابلي / وهمهمة الضاري وشقشقة الفحل
إذا انكرت دعواه في الشعر فتية / أقام عليها شاهد العقل والنقل
وان رام شعري أن يبارز شعره / يقول شعوري انني عنك في شغل
له خفض الوطواط والببغا معا / كذلك ديك الجنٍّ أجنحة الذل
مساحة قطر الشام من مثله خلت / فدلت على توحيد من جلَّ عن مثل
وكم بكر فكر منه عذراء أنجبت / بنسل وما قد مسها قط من بعل
تحدى بما لو صح لابن كرامة / تصدى لدعواه بمعجزة الرسل
أرى الجزء منه ناب عن كل غيره / فيا من رأى جزأ ينوب عن الكلٍّ
صحائفه تحكى الصفاح حروفها / تكاد بلا رجل تدب على النصل
رحى الفكر من هذا الحواري نقحت / دقيق معانيه فما احتاج للنخل
وأقلامه لاقت محابره التي / لأدهمها لاقت مطاردة الخيل
جرى نهر طالوت الندى من مدادها / فأربى على النيل المبارك بالنيل
وفي نعته أجريت ذا النون مزبري / فما انفك حتى منه أصبح ذا كفل
عسى مجمع البحرين بيروت لا نأت / تكون قريبا لي به مجمع الشمل
لأحظى ببحر زاخر بفضائل / وغيث بتهتان الفواضل منهلٍّ
أمهدي الورى صبرا على فقد فرقد
أمهدي الورى صبرا على فقد فرقد / تنقل من برج لأشرف منزل
كأني إذا جرَّعت صاب مصابه / لدى سمرات الحي ناقف حنظل
وسيل دموعي من عيوني لقد جرى / على النحر حتى بلَّ دمعي محملي
ومنه أقلَّ النعش ربوة سودد / فوا عجبا من كورها المحتمل
رأت مقلتي دمعي تعثر بالاسى / فقالت لك الويلات إنك مرجلي
فيا حسراتي من فؤادي تقرَّبي / ولا تبعديني من جناك المعلل
ويا كبدي ذوبي عليه صبابة / وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وقد حرمت من بعده النوم مقلتي / علي وآلت حلفة لم تحلل
وأجرت فجرَّت يوم تشييع نعشه / على أثرينا ذيل مرط مرجل
أغاضك من قلبي سلَّو أحبتي / وإنك مهما تأمري القلب يفعل
وإن كنت يا نفسي سئمت رفاقتي / فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي
وعينيك يا أم الدواهي لقد رمت / بسهميك في أحشاء قلب مفتل
فلله أيام مضت لي بقربه / تمتعت من لهو بها غير معجل
وما كنت أخشى يوم كنت جواره / علي حراصا أو يسرَّون مقلتي
تعرَّض من دمعي على الخدِّ عارض / تعرض أثناء الوشاح المفصل
عليه المعالي طاب خلع عذارها / لدى الستر إلا لبسة المتفضل
فيا دهر فاتتك الهداية بعده / وما أن أرى عنك الغواية تنجلي
فلله نعش من جنازته انتحى / بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
يقول من العليا ستبدي نواحها / علي هضيم الكشح ريا المخلخل
وكم من صدور غبرتها مصيبتي / ترائبها مصقولة كالسجنجل
وأضحى قلوبا كان من سحب كفه / غذاها نمير الماء غير مخلل
وأم العلا راحت تلاحظ نعشه / بناظرة من وحش وجرة مطفل
وجيد إليه يلتوي غير منثني / إذا هي نضته ولا بمعطل
وقد نكثت من شعرها أي مغدف / أثيث كقنو النخلة المتعثكل
إذا نثرته في العزاء يد الاسى / تضل العقاص في مثنى ومرسل
وكم جعفر من مدمع لابنه جرى / وساق كأنبوب السقي المذلل
ومن بعده أضحت مدارس فضله / تؤم الضحى لم تنتطق عن تفضل
ومن أثر التخديش يحكى بنانها / أساريع ظبي أو مساويك أسحل
حكت بعده في وقدها كل مهجة / منارة ممسى راهب متبتل
تهيج صباباتي عليه لواعجي / إذا ما اسبكرت بين درع ومجول
فيا بهجة الدنيا سلا عنك من سلا / وليس فؤادي عن هواك بمنسلي
وكم عاذل لي في العويل زجرته / نصيح على تعذاره غير مؤتلي
وليل هموم قد أناخ جرانه / علي بأنواع الهموم ليبتلي
وأعرق من قطر العراق عظامه / وأردف اعجازا وناء بكلكل
ومن كان ذا يأس من الصبح لم يقل / ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي
ومن عجب بحر غدا متدليا / بامراس كتان إلى صم جندل
فيا ليتني كنت المشيع نعشه / على كاهل مني ذلول موحل
فمن بعده وادي الغري لقد غدا / به الذئب يأوى كالخليع المعول
وغارت علينا النائبات لفقده / بمنجرد قد الأوابد هيكل
من النجف الاعلى لي الله نعيه / كجلمود صخر حطه السيل من علي
وزلت عقول من مراكز دركها / كما زلت الصفواء بالمتنزل
وكل فؤاد بات يغلي من الجوى / إذا جاش فيه غليه إلى مرجل
وكم من عواد عاديات بضجها / أثرن الغبار بالكديد المركل
طويل عنائي في يد الحزن مثله / تتابع كفيه بخيط موصل
مضى مشبع الضيفان إن نزلوا به / صفيف شواء أو قديد معجل
أقام بقلبي شخصه بعدما نأى / وبات بعيني قائما غير مرسل
إذا انفتلت لي مهجة عند ذكره / أمال السليط بالذبال المفتل
وقد سح من عين العوارف وابل / يكب على الاذهان دوح الكنهبل
ومدَّ الاسى كفا إلى وعل العلا / فانزل منه العصم من كل منزل
أيا ابن الذي فاق الأولى وسما إلى
أيا ابن الذي فاق الأولى وسما إلى / مراقي العلى فانحطت الشهب نازله
سليلك لا المأمون يعدله ولا / لعادلة بوران كانت معادله
وكراسة خرقاء في راحة امريء
وكراسة خرقاء في راحة امريء / مورسَّة مما بكى يوم عزله
إذا ما رأتها الناظرون بكفه / تحقق إن العزل حيض لمثله
حسامك برق والصليل رعوده
حسامك برق والصليل رعوده / أسال دم الاعداء من سحب قسطل
وعن كل جثمان هوت كل هامة / كجلمود صخر حطه السيل من عل
أعاف نديما منه ابقل عارض
أعاف نديما منه ابقل عارض / ولو ماثلت منه الشمال الشمائل
لكيلا تقول العاذلون لقد غدا / نديما لسحبان الفصاحة باقل
إلا أن هذا السفر نهج بلاغة
إلا أن هذا السفر نهج بلاغة / لمنتهج العرفان مسلكه جلي
على قمم من آل صخر ترفعت / كجلمود صخر حطه السيل من عل
أثرها فدونَ الرقمتين من الضال
أثرها فدونَ الرقمتين من الضال / مرابع سعدى جادها كلُّ هطالِ
هفت نسماتُ الشيح في لهواتها / وهبَّ لها التهيام بالطلل البالي
وما فتىءَ الحادي بلحنِ شجونهِ / يجوسُ بها البيداءَ من غير إمهالِ
إلى أن ترامت عن قسيّ نحولها / مبلبلةً أنضادَ وخدٍ وإرقال
تطاردُ في طي الفلاة ظلالها / وتستبقُ الأرواحَ في المهمهِ الخالي
فللَه ما دارت بدارةِ جُلجُلٍ / عشيةَ قوضّنا الخيامَ لترحالِ
وطرّز آفاقَ الدجى ومض بارقٍ / كوشى شذورِ في ذبالةِ عسّالِ
وما هدأت عينُ الغيور وإنما / نجوم العلا ترنو بمقلةِ مفتالِ
بأنّ دواعي الشوقِ حلت شؤونها / وكادت مآقيها بموقفِ إذلالِ
صريعَ الغواني تلكَ نارُ بثينة / أضاءت لنا أم برقُ مبسمها الحالي
فقف في عراص الدار نندبُ رسمها / برنّةِ منبوذِ وأنّةِ مثكالِ
ألم تر أن الصبَّ من حرق النوى / يرومُ محالاً من دوارس أطلال
لك اللَهُ لا يجدي الوقوفُ برسمِها / وهل ينفعُ الالمام بالطللِ البالي
وآخرَ عهدي بالسماوةِ أنها / مراتعُ غزلانٍ ومربضُ أشبال
بحيث الغواني في بروج قبابها / ممنّعةٌ عزت على كلِّ رئبال
إذا لم يهِج شوقي تألّقُ بارقٍ / أهاجَ شجوني طيفُها غبّ أوجال
وفي تالياتِ الليلِ لما تعرضَت / لتوديعنا والبين أسرع قتال
ودون مغانيها الغطاريفُ شرّعت / صدورُ العوالي السمر والشرعُ العالي
فلا وصلَ حتى تُقرعَ البيضُ بالقنا / وتروى دماً من كل أغلبَ جوّال
عتبتُ النوى لو كان يجدي عتابُها / ومن يرتجي الاجداءَ من كف بخّال
فدع يعملات القصدِ ان كنت طالبا / بلوغ الأماني في محطِّ وترحال
تؤمُ حمى شهمٍ تناخُ ببابه / قلوص الاماني في غدوٍّ وآصال
مليك الورى يحيى ابي الفضلِ والندى / أغرِّ السجايا واضح المجدِ بذال
يضيقُ على ورّادهِ كلُّ منهجٍ / فتوسعهُم بذلاً عطاياهُ في الحال
تساير زهرَ الافق في طرقِ العلى / مساعيه حتى يهتدي كلُّ ضلّال
جلا غيهَب الأشكال ثاقِبُ رأيهِ / بفكر ورى الزند من غير أخلال
همام ثرى أدنى مآثر فضلهِ / نهايةَ أربابِ المحامدِ والقال
له رتبٌ فوق الدراري مناطها / تعِزُّ مراقيها على كل مفضال
أخو كلم لا يستطاعُ دراكُها / أدارت على اسماعِنا كأسَ جريال
إذا ما امروءً وافاهُ في حلّ مشكلٍ / يجليه من قبلِ التوقُّعِ في البال
يبيتُ واسد الغابِ تبكي قلوبُها / جلالاً ويضحي جارَه ناعمَ البال
أحدُّ من البيضِ الرقاقِ عزائِما / وامضى يراعا من شبا كلِّ نصّال
من الزائدينَ الروع والخطبُ فادح / وافئدةُ الآسادِ ترقُص كالآل
مصابيح غرّ الروع والخطبُ فادح / وأفئدةُ الآساد ترقُص كالآل
بهم حادثاتُ الدهرِ يؤمُن فكرُها / غداةَ العدا ترمي بخطبِ وأهوال
فمن كلِّ صنديدٍ بنى اللَه مجدهُ / على باذخٍ في ذروة المجد محلال
سما بمعال لا تضاهى وسؤددٍ / ومدّ على الآفاقِ فسطاط إجلال
أصدرَ ملوكِ الأكرمينَ ومن به / تلوذُ بنو العلياءِ من غير إشكال
بأيامك الخضراء زاد ابتهاجُها / وعادت بحمد اللَهِ راتقة الحال
وأسفر بالأسعاد بعد قطوبه / جبين الأماني عن أسرّة اقبال
فأنت لهذا الملك وردٌ على الظما / وكاليسر وافى بعد عشرٍ واقلال
وأنت الفتى الوضّاح اصلا ومحتدا / وفرعاً كريم الجد والعم والخالِ
فدونكَ من عقيان نظمي قلائدا / كما ابتسمت عن ثغرها ربَّة الخال
وجُد بالتقاضي عن قصوري فمن يفي / بوصفِ معاليك العظام بأقوال
ودم راقياً في رفرفِ الشرفِ الذي / تسربل منه المجدُ أشرفَ سربال
مدى الدهرِ ما الفورى انشا قصائداً / لعلياكَ من نظمِ الثنا الواضح القال
إذا ما استندّت من مدادٍ محابري
إذا ما استندّت من مدادٍ محابري / بأقلامها المسكُ المذابُ أناملي
وأجريتهُ في مهرقي ضاع نشره / كما شاع ذكري في جميع القبائلِ
أقبلُّ أقداماً فخارى بها يعلو
أقبلُّ أقداماً فخارى بها يعلو / كما قد سَمَت فوقَ الثُريا لها نَعلُ
والثمُ شِسعاً من قبالِ شراكِها / بأفواهِ أجفانِ ثراها له كُحلُ
بروضةِ فخر الرسل غرد صبابةً / وردِّد على أفنانِها نعتَه واتل
وكن ساجعاً طولَ المدى فوق بانها / كورقِ والا فالغرامُ له أهلُ
نعم فالمعالي ما تبينُ الفضائل
نعم فالمعالي ما تبينُ الفضائل / ونيل أمان ما حوتهُ الأوائل
محامدُ لم تبرح تسير بذكرها / أولو الفضل حتى لن تُعدّ الفواضل
عرفنا بها العليا فنلنا مكانةَ / تقاصرَ عنه النيراتُ الكواملُ
ولم ندرِ ما نهج المكارم قبلَها / ولا كيف تبدو في القضاء الفواضلُ
وعاذلةٍ عنها أبيتُ بمعزل / وفي القلب منها سودةُ وغوائِلُ
تقول ابيتَ اللعنَ هل أنت سامع / مقالةَ من قد جربتهُ النوازلُ
إلى كم تعاني حادثاً غِبّ حادث / وكم ذا تغشاكَ الصعابُ الجلائلُ
أما برهةٌ فيها لحالِكَ راحة / وقد لاحَ من صبح المشيبِ دلائلُ
وقد ناهَز العشرينَ سنُّكَ بعدها / ثمانيةٌ هل أنتَ يا عاق عاقل
فقلت لها قول المعري منبّها / الا في سبيل المجد ما أنا فاعلُ
دعيني وجدى لا أبالِكَ إنَّني / ولا ذنب غير الفخرَ لستُ أحاولُ
ألم تعلمي صفحي وحسنَ تكرمي / إذا ما جفا خلٌ واطنبَ عاذلُ
سل القيم عنّي إن جهلت شمائِلي / فقد يدرك المأمولُ من هو سائلُ
أمثلي تعفى في الدياجي جفونَهُ / وقد ارقتهنَّ القوافي القوافلُ
ولى من صنوفِ المكرماتِ أجلها / ومن داعياتِ الخيرِ طلٌ ووابلُ
وكم ليلِ دجنٍ سرتُه فوق ضامر / أخوضُ المنايا والنجومُ أوافل
يصاحبني فيه وشيجٌ مثقفُ / وعضب جزاز اتقنته الصياقلُ
وكم ليلةٍ ليلا امطتُ بها الكرى / وطرُف السها ساه وطرفي جافل
تحجبَ فيها الفجر حتى كأنه / سريرةُ صب اضفرتها الغلائِلُ
أجبتُ بها الداعي وما كُنت واجعا / ولا مؤنس إلا الجيادُ الصواهلُ
أعرت السها طرفي فبات مسهّدا / وقد لج في بحر الدجى فهو جائلُ
تجوب الفيافي المقفرات قلائصي / وللغول فيها وحشة وزواجل
سأضرب وجه البيد أبغى بها العلا / إلى أن يؤول الآل والآل آيل
وأطوي بأخفافِ الركائبِ مهمهاً / تدمدمُ فيه الجن والهولُ هائلُ
وأبصرُ غيلانَ المنايا تنوشني / وليلُ شبابي منه قد شابَ كاهلُ
بوصلِ المعالي كم قطعتُ سباسباً / فأنعِم بقطعٍ للعلا هو واصلُ
فما نهنهتني في المُلِمّ حوادث / ولا أقعدتني عن مرادي جحافلُ
فمن لم يكن ذاهمةٍ دونها العلى / فسوف يرى من دهره ما يعاطلُ
مشوقٌ إلى العليا أسوقُ بضاعتي / بسوق عكاظِ الفضلِ هل من يعاملُ
أخوضُ عبابَ البحرِ أطلب درّهُ / فللّهِ درّي كم نفيسٍ أحاولُ
وإني وحق المجدِ للعز ذروةٌ / وللجودِ جودٌ فهو هام وهاملُ
وإني سديدُ الراي بالعلم عاملٌ / وإني شديدُ الحزمِ بالبأسِ باسلُ
ولست الذي في منزلِ الذلِّ نازل / ولست الذي في عزةِ الجاهِ جاهل
ولم أك عرضي للئام أذيَّهُ / ولو لعبت بي المرهقاتُ الفواصلُ
ومذ غبتُ عن غابي وإني سميدَعٌ / وقامت تراعيني النوا والنوازلُ
وماج العدا يدعون بالبشر بعضهُم / كأن الليالي السودَ عنهم غوافلُ
فمن كاشحِ يرنو بمقلةِ غادر / يريشِ سهام البغي وهي نواصلُ
ومت شامتٍ يبدي افترارَ تعجُّب / لقد أرقصتهُ ترهاتٌ وباطلُ
وفيَّ بأنواعِ الزايا تراجمت / ظنونٌ وزادت لوعةٌ وبلابلُ
وبت أعاني صبرَ بعضِ عواذل / ولم يجدهم والصبر للمرء قاتل
وقد نال منّي حظّهُ كلُّ أخرق / وما نفعتُ منّي إليه الوسائلُ
إلى أن أتيتُ البابَ في خيرِ دولة / لها الفصلُ دابٌ والخطابُ شمائِلُ
تمد على الآفاقِ فسطاطَ رحمةٍ / جميع الورى في ظل ذلك قائلُ
وجئتُ إلى دار الخلافةِ كي بها / أجالسُ أربابَ العلا وأساجلُ
أروم من الرومِ الرميّةَ في العدا / بسهمِ الردى فيها الذبابُ قواتلُ
وصرت بحمد اللَه بدرا لأفقها / تروحُ وتغدو في سناهُ الرواحلُ
بحسن ثناءٍ طاب ذكراً ومفخرا / وحمدٍ به يومَ الفخارِ أطاولُ
ونلتُ الذي أرجوهُ واللَهِ عاجلاً / وكم لي بها من بعدِ ذلكَ آجلُ
وَرُدّ على الأعقابِ بالهون والأسى / أخو الؤمِ حتى استقبحتهُ الأراذلُ
طوته الرزايا في زوايا خمولهِ / وأصبح في رزء له اللَه خاذلُ
أيعلم ما في الغيبِ عمرٌ وشبههُ / وأقبحُ شيء جاهلٌ متعاقلُ
فلو كان يدري ضرَّ شيء ونفعه / لكان له شغلٌ عن الناسِ شاغلُ
ولكنه لم يعرف الفضل حيثُما / غباوتهُ جاءت بجهلٍ تصاولُ
فهل سمعت إذنٌ بأن خطيئةً / لعنترةِ وسطَ المجالِ يجاولُ
وهل للثرى عند الثريا مزية / وللسمهريّ هل للعراءِ نواصلُ
فما كلُّ من يرمي السهام بصائب / ولا كلُّ من يعلو الجوادَ ينازلُ
ولا كلُّ فجر للغياهب كاشفُ / ولا كلُّ ظلٍّ تحتهُ الركبُ قاتلُ
ولا كل بصاصٍ يسمى بجوهر / ولا عُدَّ كل العاديات صواهِلُ
فقل للّذي قد رام شأوي جهالةً / إليك بعيدٌ عنك ما أنت آملُ
أنّوه فيه لا أفوه بذكره / لأني أنا عال وذلك سافِلُ
أنا من بني الفاروق يا نعمِ عنترَةً / لخاطبهم شبلَ النفيلِ نوافِل
لهم نسبٌ عالٍ يطولُ نجارهُ / ويقصرُ عن أراكِه المتطاولُ
فيا حبذا الفرعُ الذي طابَ أصلُه / إلى السيدِ الأوّابِ ناهيكَ واصلُ
بجدهم نالوا ذرى كلِّ محتدٍ / ولا ردّهُم عنه القنا والقنابلُ
حووا بأبي حفصٍ منارا لو أنهُ / لشمسِ الضحى ما غيّرتها الأصائلُ
كفاهم به فخراً ومجداً وسؤددا / فليس له من بعدهِ من يماثِلُ
على قولهِ آبات صدقٍ تنزلت / مطابقةً سل عالماً هو عامِلُ
هم القومُ إن عدّ الكرامُ وحقّهُم / أشارت لهم بين الأنامِ الأنامِلُ
يذودونَ يوم الروعِ كلَّ كريهةٍ / ويعطونَ عند الضَنكِ والغيرُ باخِلُ
لهم في المعالي الشامخاتِ مراتب / وفي سدرةِ المجدِ الأثيلِ منازلُ
ومدّوا على الآفاقِ أطنابَ عزة / منير الدياجي دوننَها متصائِلُ
عزائم لولا حلمهُم ووقارهُم / لدكّ لها رضوى وذابَ مشاكلُ
لهم ثبتُ جأشٍ لا يجارى ثبوتهُ / إذا طاشَ قومُ واستفز الجلاجلُ
فلو علمت أسد الشرى سطواتهم / لما حملتها أرجلُ ومفاصِلُ
ولو جُسّمت آلاؤهم أو تُصوّرت / مواهبهم لم يبقَ في الخلقِ سائلُ
فما الجودُ إلا ما أفاضت يمينهم / وما المجدُ إلا ما حوته الشمائلُ
لهم نزر نظم كالدراري تناسقت / جواهرهُ واللطفُ فيه السلاسل
فإن لم تكن هذي المعالي بعينها / فما للمعالي في الوجودِ هياكلُ
أولئك آبائي فجئني بمثلهم / إذا عنَعَنتنا بالكيح القبائلُ
امستجدياً من غيرهم نيل نحلة / ومستنجداً قوماً سواهُم تناضل
إليكَ اتئد ما كل بيضاء شحمة / ولا كل سودا تمرةٌ أنت غافلُ
وقائلةِ ما لي أرى الدهر لم يزل / يحاولُ فيما تشتهي ويماطل
فقلت لها ذا دأبه مع أولى النهى / فأنقص حظاً يا سليمى الأفاضل
فلا طيفَ إلا بالأماني يرتجى / ولا وصلَ إلا بالتوهم واصلُ
لعمرك ما آلت بسبقٍ مجاهدي / ولا عنصري غشت عليه الخمائلُ
ولا نشأتي في رحبة المجدِ والعلى / كنسبةِ من عشّت ذراه الرذائلُ
ولكنما حالُ الزمانِ كما ترى / يقدّم من قد أخّرتهُ الأوائِلُ
فلو كانت الدنيا تساوي بعوضةً / لما اغتالَ أهلُ الفضلِ فيها الغوائلُ
ولو كان عقلاً للزمانِ برأسهِ / لما موضعُ التاجِ استقلّ الخلاخِلُ
فمن يرتجي من دهره بلّ غلةٍ / ومن لمع آلٍ هل تسيغُ المناهِل
ومن يرتجي قطر الندى من بد العلا / وهل يرتجى من خُلّب البرقِ وابلُ
أطيل عتابي للزمان جهالةً / وما تحتهُ واللَهِ طولٌ وطائِلُ
عليك العفا يا دهرُ لست مخاطبا / ولكن تفريجَ الكروبِ معاملُ
مصاقعُ إن قالوا صوام إن سطوا
مصاقعُ إن قالوا صوام إن سطوا / غمائمُ إن سألوا ضراعمُ إن صالوا
خفيفون ان يدعوا لكشف ملمة / ولو أنهم في مأزقِ الطعنِ أجيالُ
دعتهم إلى وردِ الحروبِ عزائم / لهن إلى مد المكارم اقبالُ
فسل عنهمُ الأسيافُ كيف جلادُهم / وسمرَ العوالي هل عن الطعن قد مالوا
وسَل عن أياديهم أكُفَّ مؤمّل / ألمّ بهم هل كان بالمد إقلالُ
أناس قناةُ الدين قامت بجدّهم / وأثري بهم في الحرب عضبٌ وعسالُ
وكم منهلٍ للعلم أجروا عيونَهُ / وأثمدَها منهم علومٌ وأعمالُ
وكم فلكٍ أجروا وأقطابُهم هم / وكم موهبٍ أسروا وهم فيه أبطالُ
مصادرُ للدين الحنيفي لم يكن / بأفعالها نقصٌ وحذفٌ واعلالُ
وحسبيَ من دون الجميع عزيزهم / ومن هو تتميمٌ لنقصي واهمالُ
ومن كتبهِ للمشكلاتِ كتائب / ولو أنها لطفٌ نسيمٌ وسلسالُ
ومن بالهدى تجرى عيون يراعهِ / فتنجابَ عن وجهِ الدقائقِ أشكالُ
وكم من سماءٍ للدروسِ وجدتُها / بها من مزقّ للجهالةِ فبّالُ
إذا نشر النادي برودَ ثنائهِ / تعطّر للنادي حواشٍ وأذيالُ
وللروض أن يهواك ان جبينَهُ / إذا ظنّت الأنواءُ جوداً هو الخالُ
تبوّأ في الخضراءِ دارا فأصلِحت / وفي جيدِها للفضل عقد ومرسالُ
كما أن مختالاً بمرطِ صبابةِ / إليهِ وغصنُ الشوقِ منيَ ميالُ
هي الغادةُ البكر التي زفّها الذكا
هي الغادةُ البكر التي زفّها الذكا / تُرافِل في زيّ الثنا وتجول
أتتك تهادى في غلائل من ثنا / لهُن من النظم البديع فصول
ووافتك والاشواق داعية لها / وغايةُ ما تهواه منك قبول
وهب أنها كانت زليخا فأنها / يوسف تسمو في الورى وتطول
بتيمة دهرٍ صحفها قد تكفلت
بتيمة دهرٍ صحفها قد تكفلت / بما استودعت من حفظِ شعرِ الأفاضلِ
تملَّكها الرشدي فكان كجده / ثمالَ اليتامى عصمةً للأرامل