المجموع : 5
رُبوعٌ لَكُم بِالأَجرِ عَينٌ وَأَطلالُ
رُبوعٌ لَكُم بِالأَجرِ عَينٌ وَأَطلالُ / سَقاهُنَّ مُنهَلُّ الشآبيبِ هَطّالُ
بِحَيثُ يَبيتُ الطَلحُ وَالضالُ مِنكُمُ / قَريباً بِنَفسي ذَلِكَ الطَلحُ وَالضالُ
مَنازِلُ آجالٍ مِنَ العيسِ لَم يَطُل / لَهُنَّ وَلا لِلعيسِ فيهِنَّ آجالُ
لَقَد أَنهَجَت بَعدي كَما أَنهَجَ الصِبا / فَهُنَّ وَأَيّامُ الشَبيبَةِ أَسمالُ
أَيا رَبعُ أَضناكَ البِلى وَلِيَ الهَوى / فَما لَكَ إِبلالٌ وَلا لِيَ إِبلالُ
وَقَفنا وَأَوقَفنا الدُموعُ حَبيسَةً / عَلَيكَ وَإِنّا بِالدُموعِ لَبُخّالُ
سَقَتكَ العِهادُ الغُرُّ هَل أَنتَ مُخبِرٌ / عَنِ الحَيِّ إِنّي عَنهُمُ لَكَ سَآلُ
أَمُزمِعَةٌ بِالبَينِ قَتلي تَرَفَّقي / فَفي الرِفقِ إِحسانٌ لَدَيكِ وَإِجمالُ
سَلَبتِ الدُجى ما فيهِ حَتّى نُجُومُهُ / لِنَحرِكِ عِقدٌ وَالأَهِلَّةُ أَحجالُ
تَفاءَلَتُ في وادي الأَراكِ لَعَلَّني / أَراكِ فَلَم يَصدُق بِرُؤيَتِكَ الفالُ
أَحِنُّ إِلى أَهلِ الحِجازِ وَدُونَهُم / مَفاوِزُ فيها لِلتَعامُلِ إِعمالُ
وَأَنظُرُ خَفقَ الآلِ مِن نَحوِ أَرضِكُم / فَيَخفِقُ قَلبي كُلَّما خَفَقَ الآلُ
وَإِنّي لَمُشتاقٌ وَعِندي صَنيعَةٌ / تَغُلُّ رِكابي وَالصَنائِعُ أَغلالُ
لَدى مَلِكٍ أَنسى الأَحِبَّةَ حُبُّهُ / فَأَصبَحَ لي عَنهُم بِنُعماهُ إِشغالُ
كَريمٌ أَقَلُّ الكَسبِ في أَرضِهِ الغِنى / وَأَيسَرُ شَيءٍ في مَواهِبِهِ المالُ
مَناقِبُهُ مِثلُ النُجومُ زَواهِرٌ / وَأَفعالُهُ عِندَ الأَماثِلِ أَمثالُ
إِذا نَزَلَ الأَضيافُ أَو نُوزِلَ القَنا / تَساوى نَزيلٌ في ذُراهُ وَنَزّالُ
لَهُ صارِمٌ دَلَّت فُلولٌ بِحَدِّهِ / عَلى أَنَّهُ لِلجَيشِ بِالجَيشِ فَلّالُ
إِذا سَلَّهُ في مَعرَكٍ مِن قِرابِهِ / تَشابَهَ مَسلولٌ هُناكَ وَسَلّالُ
وَما السَيفُ إِلّا دُونَهُ وَهُوَ بِالنَدى / لِراجِيهِ مُحيٍّ وَالمُهَنَّد قَتّالُ
أَبا صالِحٍ حُزتَ المَكارِمَ وَالتَقَت / إِلى الفَخرِ أَعمامٌ عَلَيكَ وَأَخوالُ
لِيَهنِكِ تَشريفُ الإِمامِ بِسُبَّقٍ / مِنَ الخَيلِ في قانٍ مِنَ التِبرِ تَختالُ
خَبَطنَ إِلَيكَ اللَيلَ حَتّى تَكَلَّلَت / لَهُنَّ هَوادٍ بِالنُجومِ وَأَكفالُ
كُسينَ أَجَلَّ العَبقَريّ أَجِلَّةً / تَدُلُّ وَتُنبي أَنَّ ذَلِكَ إِجلالُ
هِيَ القُبُّ بارَتها قِبابٌ كَأَنَّها / عَلى حُتُفِ الأَحمالِ في العَينِ أَجمالُ
وَأَعلامُ عِزٍّ أَعلَمَت كُلَّ حاسِدٍ / بِأَنَّكَ لا يَعدُوكَ سَعدٌ وَإِقبالُ
وَمِن خالِصِ العِقيانِ ثَوبٌ لَبِستَهُ / تُجَرُّ لَهُ فَوقَ المَجَرَّةِ أَذيالُ
كَأَنَّكَ لَم تَقنَع بِسِربالِ غازِلٍ / فَوافاكَ مِن نُورِ الغَزالَةِ سِربالُ
وَقُلِّدَت عَضباً مُذ حَمَلتَ نِجادَهُ / تُحَمِّلُ عَنكَ الدَهرُ ما أَنتَ حَمّالُ
لَقَد فازَ مَسعى صالِح بِنِ مُحَمَّدٍ / وَفازَت ظُنونٌ صادِقاتٌ وَآمالُ
يَرى ما يُرى في الغَيبِ حَتّى كَأَنَّهُ / عَلى كُلِّ شَيءٍ في ضَميرِكَ نَزّالُ
صَفا لَكُمُ صَفوَ الغَمامِ وَأَخلَصَت / سَرائِرُهُ إِنَّ السَرائِرَ أَعمالُ
لَقَد عَزَّ قَومٌ شايَعوكَ وَحُصِّنَت / ثُغورٌ عَلَيها مِن سُيُوفِكَ أَقفالُ
فَلا يَجزَعِ الإِرلامُ ما دُمتَ سالِماً / فَقَد عَزَّ غَيلٌ فيهِ مِثلُكَ رِئبالُ
وَمِن دُونِ هَذا الشامِ أَنتَ وَفِتيَةٌ / مَرادِسَةٌ شَمُّ العَرانينِ أَبطالُ
إِذا أَشرَعوا زُرقَ الأَسِنَّةِ حَرَّموا / مَوارِدَهُم وَالماءُ أَزرَقُ سَلسالُ
أَولوا الحِلمِ إِلّا في الكَريهَةِ إِنَّهُم / إِذا شَهِدوا يَومَ الكَريهَةِ جُهّالُ
أَنالُوا فَنالوا مُنتَهى الحَمدِ إِنَّني / رَأَيتُ رِجالاً قَد أَنالوا فَما نالوا
وَما الناسُ عِندَ الناسِ إِلّا مَعاشِرٌ / إِذا وُزِنُوا بِالناسِ كُلِّهِم مالُوا
بُحُورٌ بُدُورٌ وَالدُسُوتُ مَطالِعٌ / غُيُوثٌ لُيوثٌ وَالذَوابِلُ أَغيالُ
إِذا لَمَسوا شَطراً مِنَ الأَرضِ لَمسَةً / بِأَيمانِهِم لَم يُفسِدِ الأَرضَ إِمحالُ
إِذا العارِضُ الوَسمِيُّ جادَ فَأَسبَلا
إِذا العارِضُ الوَسمِيُّ جادَ فَأَسبَلا / فَقُل سَقِّ بِالحِزانِ رَبعاً وَمَنزِلا
وَمَهما تَبَخَّلتَ الرَبابَ فَزُر بِهِ / طُلُولاً بَصَحراءِ النُخَيلَةَ مُثَّلا
يُفَرِّقُ في الغَبراءِ ظَبياً وَمِكنَساً / وَيَرمي مِنَ الشَغواءِ وَكراً وَأَجدَلا
وَرَوّى شَماريخَ المَضيقِ بِصَيّبٍ / يُرى مِنهُ أَسرابُ الأَياييلِ جُفَّلا
إِذا وَأَلَت مِن رَيِّقِ الوَبلِ لَم تَجِدِ / لَها غَيرَ أَهدابِ الطَرافيِّ مَوئلا
تَشابَكنَ بِالأَفنانِ عُصلاً كَأَنَّما / تَحَمَّلنَ مِنهُنَّ النَخيلَ المُنَخَّلا
وَعُج عَوجَةً بِالرقَّتَينِ فَسَقِّها / حَياءً إِذا ما جَلجَلَ الرَعدُ أَسبَلا
يُغادِرُ مِن كُلِّ النَواحي بِأَرضِها / غَديراً كَذَيلِ السابِرِيِّ وَجَدوَلا
وَإِن كانَ يَغنيها المُعِزُّ بنُ صالِحٍ / عَن العارِضِ الوَسميِّ أَن يَتَهَلَّلا
فَتىً طالَ بِالإِحسانِ وَالطَولِ قَدرُهُ / وَما طالَ قَدرُ المَرءِ حَتّى تَطَوَّلا
لَهُ راحَةٌ في أَن يَرى كُلَّ راحَةٍ / بِلا رَاحَةٍ مِن أَن تَجودَ وَتُفضِلا
وَلَيلٍ نَضَينا العِيسَ فيهِ إِلى فَتىً / هُدى العِيسِ فيهِ بَعدَ أَن كُنَّ ضُلَّلا
وَجُبنا إِلَيهِ كُلَّ تَيهاءَ لا تَرى / بِها غَيرَ سِيدانِ الظَهيرَةِ عُسَّلا
إِذا جُعنَ أَدمَنَّ العُواءَ كَأَنَّما / ثَمِلنَ فَأَكثَرنَ الغناءَ المُرَتَّلا
خِماصٌ إِذا ما رُحنَ كُلَّ عَشِيَّةٍ / إِلى الوُجرِ أَشبَهنَ الدِمَقسَ المبقِّلا
وَغُبرُ النَعامِ الرُبدِ يَرقُصنَ كُلَّما / تَوَجَّسنَ في الظَلماءِ لِلرَكبِ أَزمَلا
كَأَنَّ قُسوساً بِالأَداحيِّ أَصبَحَت / مُكَوَّسَةً تَتلو الكِتابَ المُنزَّلا
وَحِقبٌ إِذا ما لاحَ إِيماضُ بارِقٍ / نَجَعنَ الحَيا مِن أَيِّ صَوبٍ تَخَيَّلا
وَرُحنَ يُرَجِّعنَ السَحيلَ تَوالياً / إِلى حَيثُ يَتلو ساطِعُ البَرقِ مِسحَلا
وَخَيلٍ يُحَفِّرنَ الصَفا بِحَوافِرٍ / يُلَقِّينَ مِنها جَندَلَ القاعِ جَندَلا
إِذا ما قَدَحنَ النارَ مِن كُلِّ جَروَلٍ / يُضِئنَ بِها في ظُلمَةِ اللَيلِ مِشعَلا
عَوايِدُ مَيمُونِ النَقيبَةِ لا يَرى / عَلى نَيلِهِ في الناسِ أَن يَتَنَيَّلا
فَلَمّا وَصَلنَ المُدرِكي ابنَ صالِحٍ / وَصَلنَ أَجَلَّ الناسِ قَدراً وَأَفضَلا
فَتى كَرَمٍ لا يُقفَلُ الرِزقُ دُونَهُ / إِذا باتَ بابُ الرِزقُ دُونَكَ مُقفلا
مَتى ما يُؤمَّل لَم يَزُل مِن جَنابِهِ / مُؤَمِّلُهُ حَتّى يَصيرُ مُؤَملا
فَزُرهُ تَزُر مَن لا يُخلّيهِ مُرمِلا / مِنَ المالِ إِلا سائِلٌ جاءَ مُرمِلا
بَنى لِبَني الشَدّادِ فَخراً مُوَطَداً / عَلى كُلِّ مَخلوقٍ وَمَجداً مُؤَثَّلا
بِعَزمٍ ثَنى صَدرَ القَناةِ مُحَطَّماً / وَرَدَّ غِرارَ المَشرَفيّ مُفَلَّلا
نَسِينا بِهِ مَن كانَ في الدَهرِ قَبلَه / وَكَم قَد رَأَينا آخِراً فاقَ أَوَّلا
وَقَد فَضَّلَ اللَهُ الرَسولَ مُحَمَّداً / عَلى كُلِّ مَن قَد كانَ مِن قَبلُ مُرسَلا
وَإِن طاعَنَ الأَقرانَ لَم يقبقِ حَلقَةً / عَلى دارِعٍ إِلّا وَيُوضِحُ مَقتَلا
يَخَوضُ بِهِ الطِرفُ الأَغَرُّ دَمَ العِدى / وَلا يَنثَني إِلّا أَغَرَّ مُحَجَّلا
وَنَظما رِماحُ الخَطِّ حَتّى يَمَسَّها / يَمينُ ثِمالٍ ثُمَّ تُشرَعَ مَنهَلا
أَبا صالِحٍ لا خَلقَ إِلّاكَ مُحسِناً / وَلا مَلِكٌ إِلّاكَ في الناسِ مُفضِلا
شَجُعتَ فَصَيَّرتَ الشُجاعَ مُرَوَّعاً / وَجُدتَ فَغادَرتَ الجَوادَ مُبَخَّلا
وَحَمَّلتَني ما لَو تَحَمَّلَ بَعضَهُ / ثَبيرٌ لَأَوهى رُكنَهُ ما تَحَمَّلا
فَلا زِلتُ أُثني فيكَ مَدحاً مُحَبّراً / وَأَنظِمُ عِقداً مِن ثَناكَ مُفَصَّلا
أَبى قَلبُهُ مِن لَوعَةِ الحُبِّ أَن يَخلُو
أَبى قَلبُهُ مِن لَوعَةِ الحُبِّ أَن يَخلُو / فَلا تَعذِلُوا مَن لَيسَ يَردَعُهُ العَذلُ
وَلا تَطلُبُوا مِنّي مَدى الدَهرِ سَلوَةً / فَما يَرعوِي عَنكُم فُؤادي وَلا يَسلُو
ضَنِيتُ فَلَو أَنّي عَلى رَأسِ شَعرَةٍ / حُمِلتُ وَمالَت لا يَنُوءُ بِها الحَملُ
كَأَنَّ اللَيالي طالَبَتني لِقُربِكُم / بِتَبلٍ فَلَمّا بِنتُمُ ذَهَبَ التَبلُ
خَلِيليَّ ما لِلرَّبعِ يَخلُو وَلَيسَ لي / فُؤادٌ مِنَ التَبريحِ يَخلُو كَما يَخلُو
وَمالي إِذا ما لاحَ إِيماضُ بارِقٍ / مِنَ العَلَمِ النَجدِيِّ داخَلَني الخَبلُ
لَئِن كانَ جَهلاً ما بِقَلبي مَنَ الجَوى / فَمَن لِي بِقَلبٍ لا يُفارِقُهُ الجَهلُ
وَمَن لي بِوَصلٍ مِن أُمامَةَ بَعدَما / تَقَطَّعَ مِنها اليَأسُ أَن مُنِعَ الوَصل
أَيا قَلبُ كَم لا تَستَفيقُ مِنَ الجَوى / وَكَم أَنتَ ما يَخلو غَرامُكَ ما يَخلو
تَحِنُّ إِلى نُعمٍ وَجُملٍ كِلَيهِما / وَما أَنعَمَت نُعمٌ وَلا أَجمَلَت جُملُ
فَأُقسِمُ لَولا أَنتِ لَم يُخلَقِ الجَوى / وَلَولا أَبُو العُلوانِ ما خُلِقَ الفَضلُ
فَتىً أَتعَبَ البِيضَ الصَوارِمَ في العُلى / وَجَرَّبَ فيها ما يَمُرُّ وَما يَحلُو
فَلا تَحسَبُوا أَنَّ المَعالي رَخيصَةٌ / وَلا أَنَّ إِدراكَ العُلى هَيِّنٌ سَهلُ
فَما كُلُّ مَن يَسعى إِلى المَجدِ مُدرِكاً / وَلا كُلُّ مَن يَهوى العُلى نَفسُهُ تَعلُو
وَفوقَ سَريرِ المُلكِ مِن آلِ صالِحٍ / فَتىً مالَهُ عَن شُغلِهِ بِالعُلى شُغلُ
حَليمٌ إِذا وازَنتَ بِالهَضبِ عَقلَهُ / هَفا الهَضبُ مِن ميزانِهِ وَرَسا العَقلُ
لَهُ نَصلُ سَيفٍ يَقطَعُ الهامَ حَدُّهُ / وَأَقطَعُ مِنهُ حامِلُ النَصلِ لا النَصلُ
إِذا سَلَّهُ سَلَّ العَزيمَةَ قَبلَهُ / فَلَم يُدرَ أَيُّ الضارِبَينِ لَهُ الفِعلُ
فَتىً خَلقُهُ خُلقُ الغَمامِ فَعِندَهُ / لِطالِبِهِ إِمّا الوَبالُ أَوِ الوَبلُ
أَبا صالِحٍ حَمَّلتَني كُلَّ مِنَّةٍ / فَرِفقاً بِما تُسدي فَقَد أُثقِلَ الحِملُ
نَظمتُ لَكَ الدُرَّ الَّذي لَيسَ مِثلُهُ / وَأَنتَ الَّذي ما في المُلوكِ لَهُ مِثلُ
بَلَوتَ القَوافي عِندَ مَن لَو بَلَوتَهُ / بِغَيرِ القَوافي لابتَهَجن بِما تَبلُو
وَلَمّا تَخَيَّرتُ المَديحَ أَوِ الكَرى / حَلا في فَمي مِثلَ الرُقادِ الَّذي يَحلُو
وَكادَت قَوافي الشِعرِ لَمّا دَعَوتُها / إِلَيكَ تُوافي قَبلَ أَن وافَتِ الرُسلُ
لَكَ الفَضلُ لا لِلغَيثِ أَنَّكَ دائِمٌ / وَلا دامَ سَحٌّ لِلغُيوثِ وَلا هَطلُ
وَهَبتَ لِغالي الحَمدِ مالَكَ كُلَّهُ / كَأَنَّكَ لا يَغلو عَلَيكَ الَّذي يَغلُو
وَأَنتَ الَّذي لَولاكَ لَم يُعرَفِ النَدى / وَأَنتَ الَّذي لَولاكَ لَم يَظهَرِ العَدلُ
أَجِدَّكُما لَو أَنصَفَ الصَبَّ عاذِلُهُ
أَجِدَّكُما لَو أَنصَفَ الصَبَّ عاذِلُهُ / لَأَقصَرَ لَكِن عادِمُ الشَيءِ جاهِلهُ
يَلُومُ وَما أَجرى الفِراقُ دُمُوعَهُ / وَلا هيَّجَتهُ بِالعَشِيِّ بَلابِلُه
وَهَل يَرعَوِي أَو يَسمَع العَذلَ في الهَوى / كَئِيبٌ لَهُ شغلٌ مِنَ البَينِ شاغِلُه
أَحَبُّ حَبيبٍ عِندَهُ رَسمُ مَنزِلِ / يُناجِيهِ أَو رَبعٌ مُحِيلٌ يُسائِلُه
إِذا هَتَفَت قَمرِيَّةٌ هَيَّجَت لَنا / جَوىً وَرَسيساً مِن هَوى هُوَ قاتِلُه
كَأَنَّ الحَمامَ الوُرقَ حادٍ يَشُوقُهُ / تَرَنُّمُهُ وَالدارُ حِبُّ يُواصِلُه
خَلِيلَيَّ ما لِي أَصطفي بَينَ أَضلُعي / أَخاً لَيسَ يَخلو أَن تَغُولَ غَوائِلُه
أَعِفُّ وَلا أَجزِيهِ جَهلاً بِجَهلِهِ / وَلا آكُلُ اللَحمَ الَّذي هُوَ آكِلُه
وَيُصبِحُ مَطوِيّاً عَلى الغِلِّ قَلبُهُ / فَلا الوَعظُ يَثنِيهِ وَلا الزَجرُ عاذِلُه
لَعَمرُكَ ما لِلمَرءِ في المَرءِ حِيلَةٌ / إِذا باتَ صَدرُ المَرءِ تَغلِي مَراجِلُه
سَيَزدادُ غَيظَاً كُلَّما مَدَّ باعَهُ / فَقَصَّرَ عَن إِدراكِ ما أَنا نائِلُه
وَقَد باتَ ضَوءُ الصُبحِ مِن ظُلمَةِ الدُجى / فَما اِشتَكَلَت أَنوارُهُ وَأَصائِلُه
فَيا مَنطِقِي أَطلِق عِنانَكَ إِنَّما / يُعِدُّ الحُسامَ العَضبَ لِلضَربِ حامِلُه
وَيا خاطِري لَجِّج إِلى الدُرِ إِنَّني / أَرى البَحرَ لا يُستَودَعُ الدُرَّ ساحِلُه
وَجازِ ابنَ فَخرِ المُلكِ بِالشُكرِ إِنَّنِي / أَرى الشُكر لا يَجزِي الَّذي هُوَ فاعِلُه
فَتىً عِندَهُ عَفوٌ وَنَفلٌ لِسائِلٍ / وَجانٍ فَإِمّا عَفوُهُ أَو نَوافِلُه
فَلا مُذنِبٌ إِلّا وَأَعطاهُ صَفحَهُ / وَلا سائِلٌ إِلّا وَأَغناهُ نائِلُه
هُوَ البَدرُ لا يَخفى عَلَيكَ ضِياؤُهُ / هُوَ الغَيثُ لا تَخفى عَلَيكَ مَخايِلُه
تَرَكنا الغَوادِي وَاِنتَجَعنا بَنانَهُ / فَأَغنَت عَنِ السُحُبِ الغِزارِ أَنامِلُه
تُغَلُّ بِنُعماهُ الرِقابُ كَأَنَّما / صَنائِعُهُ أَغلالُهُ وَسَلاسِلُه
وَما تَصِلَ الأَيدي وَلَو نالَتِ السُها / إِلى الشَرَفِ الأَدنى الَّذي هُوَ واصِله
وَقَد طاوَلَتهُ النَيِّراتُ فَطالَها / وَأَيُّ امرِئٍ بَعدَ النُجومِ يُطاوِلُه
فَلا تَحسَبُوا أَنَّ الغَمامَ يَفُوتُهُ / بِشَيءٍ وَلا أَنَّ الجِبالَ تُعادِلُه
فَما وَلَدَت حَوّاءُ مِن صُلبِ آدَمٍ / وَلا قَبِلَت مِن كُلِّ حَيٍّ قَوابِلُه
فَتىً كَأَبِي العُلوانِ تَندى يَمِينُهُ / وَيَندى مُحَيّاهُ وَتَندى ذَوابِلُه
وَلا مِثلُهُ في العُسرِ وَاليُسرِ باذِلاً / يَزيدُ لَجاجاً كُلَّما لَجَّ عاذِلُه
إِذا سِيلَ أَغنى السائِلِينَ بِمالِهِ / فَلَيسَ يَرى أَن يَسألَ الناسَ سائِله
أَنارَت مَغانِيهِ وَصِينَت بِلادُهُ / وَهِينَت أَعادِيهِ وَعَزَّت مَعاقِلُه
فَما ضاقَ نادِيهِ وَلا ذَلَّ جارُهُ / وَلا ضاعَ راجِيهِ وَلا خابَ آمِلُه
جَلا كَربَةَ الإِسلامِ وَالشِركُ دالِفٌ / بِمَجرٍ تَسُدُّ الخافِقَينِ جَحافِلُه
لُهامٌ يَسُدُّ الجَوَّ بِالنَقعِ زَحفُهُ / وَتَدفَعُ أَوتادَ الجِبالِ زَلازِلُه
إِذا سارَ أَذكى النارَ في حِندِسِ الدُجى / مِنَ الصَخرِ حَتّى لا تَبِينُ مَشاعِلُه
يَسيلُ بَرَجراجِ الحَديدِ كَأَنَّهُ / فُراتٌ جَرَت خُلجانُهُ وَجَداوِلُه
فَأَصبَحَ دِينُ اللَهِ قَد قامَ رُكنُهُ / وَأَنجَحَ مَسعاهُ وَثُقِّفَ مائِلُه
وَأَيُّ فُخُورٍ ما بَنَتها رِماحُهُ / وَأَيُّ ثُغُورٍ ما حَمَتها مَناصِلُه
وَلا عَجَباً أَن يُصبِحَ الماءُ جارِياً / مِنَ الصَخرِ في القَصرِ الَّذي هُوَ نازِلُه
وَأَن يَغتَدِي مِسكاً ثَراهُ وَلُؤلؤاً / حَصاهُ وَياقُوتاً ثَمِيناً جَنادِلُه
زَها بِكَ زَهوَ الرَوضِ دَرَّت غُيُوثُهُ / فَحَيَّت بِوَسمِيِّ النَباتِ خَمائِلُه
كَأَنَّكَ رِضوانٌ وَقَصرُكَ جَنَّةٌ / يَفُوزُ بِرِضوانٍ مِنَ اللَهِ داخِلُه
فَبُورِكَ بانِيهِ وَبُورِكَ عَصرُهُ / وَبُورِكَ مِن قَصرٍ وَبُورِكَ آهِلُه
فَما رُفِعَت إِلّا لِسَعدٍ قِبابُهُ / وَلا اِجتَمَعَت إِلّا لِخَيرِ مَحافِلُه
لَقَد أَنطَقَ اللَهُ الزَمانَ وَأهلَهُ / بِفَضلِكَ حَتّى ما تُعَدُّ أَفاضِلُه
فَأجرى بِكَ الأَرزاق حَتّى كَأَنَّما / جَميعُ البَرايا واحِدٌ أَنتَ عائِلُه
وَما الجَدُّ إِلّا مَورِدٌ لَكَ صَفوُهُ / وَمَشرَبُهُ الأَهنى وَلِلنّاسِ فاضِلُه
يَرى الدَهرُ قَولِي فِيكَ مِمّا يَسُرُّهُ / فَيَكتُبُ فيكَ الدَهرُ ما أَنا قائِلُه
ثَناءً كَنَشرِ المندَلِ الرَطبِ نَشرُهُ / وَحَمداً كَأَبهى حافِلِ الرَوضِ حافِلُه
تَفُوحُ عِيابُ الرَكبِ مِنهُ كَأَنَّما / تُضَمَّخُ بِالمِسكِ الذَكِيِّ رَواحِلُه
وَما الشِعرُ إِلّا مَركَبٌ لِي ظَهرُهُ / وَغارِبُهُ وَمَنكِباهُ وَكاهِلُه
سَبُوقٌ إِلى الغاياتِ مَرّاً أَحُثهُ / وَمَرّاً أُعَفِّيهِ وَمَرّاً أُناقِلُه
بَلَغتُ بِهِ أَقصى مُرادِي مِنَ الغِنى / لَدَيكَ فَأَدرَكتُ الَّذي أَنا آمِلُه
فَمَالي وَلِلحُسّادِ تَغلِي صُدُورُهُم / عَلَيَّ وَهَذا البَحرُ زُرقٌ مَناهِلُه
فَإِن يَصدُقُوا فَليَلحَقُوا شَأَوَ مارِدٍ / مِنَ الجِنِّ لا يَدرُونَ أَينَ مَخاتِلُه
خَلِيلَيَّ أَيُّ الطَيرِ يَحلُو قَنِيصُهُ / أَغِربانُهُ أَم بُومُهُ أَم أَجادِلُه
إِذا قامَ سَحبانٌ خَطِيباً بِمَوقِفٍ / تَبَلَّدَ مَعذوراً عَلى الصَمتِ باقِلُه
سَأَلتُكَ شَرِّفنِي بِسَمعِكَ مُقبِلاً / عَلَيَّ لَيَبدُو حَقُّ أَمرٍ وَباطِلُه
وَحَكِّم عَلى النُطقِ الَّذي أَنتَ سامِعٌ / جَميلَكَ وَالبَذلَ الَّذي أَنتَ باذِلُه
فَما تَخذِلُ الأَيّامُ ما أَنتَ ناصِرٌ / وَلا تَنصُرُ الأَيّامُ ما أَنتَ خاذِلُه
وَهُنِّيتَ بِالعِيدِ الَّذي أَنتَ حُسنُهُ / كَما أَنَّ حُسنَ الذابِلِ اللَدنِ عامِلُه
إِذا ما مَضى عامٌ تَسَربَلتَ سَعدَهُ / وَوافاكَ بِالإِقبالِ وَالسَعدِ قابِلُه
وَلا عَدِمَت خَفقَ البُنُودِ جُيوشُهُ / وَلا فارَقَت عَركَ الوُفودِ مَنازِلُه
هَوى الشَرَفُ العالِي بِمَوتِ أَبِي يَعلى
هَوى الشَرَفُ العالِي بِمَوتِ أَبِي يَعلى / وَلا غَروَ أَن جَلَّت رَزِيَّةُ مَن جَلّا
سَيَصلى بِنارِ الحُزنِ مَن كانَ آمِناً / بِهِ أَنَّهُ في الحَشرِ بِالنارِ لا يَصلى
تَحَلَّت بِهِ الدُنيا فَحَلَّ بِهِ الرَدى / فَعَطَلَّها مِن ذَلِكَ الحَليِ مَن حَلّى
فَقَدناهُ فَقدَ الغَيثِ أَقلَعَ وَبلُهُ / عَنِ الأَرضِ لَمّا أَمَّلت ذَلِكَ الوَبلا
لَقَد فَلَّ مِنهُ الدَهرُ حَدَّ مُهَنَّدٍ / تَركنا بِهِ في كُلِّ حَدٍّ لَهُ فَلّا
فَلَستُ أُبالِي بَعدَهُ أَيَّ غابِرٍ / مِنَ الناسِ أَملى اللَهُ مُدَّتَهُ أَم لا
تَقِلُّ دُمُوعِي وَالهُمُومُ كَثِيرَةٌ / كَذاكَ دُخانُ النارِ إِن كَثُرَت قَلّا
وَآنَفُ أَن أَبكِي عَلَيهِ بِعَبرَةٍ / إِذا لَم تَكُن غَرباً مِنَ الدَمعِ أَو سَجلا