المجموع : 8
خذا الروح عني فاتحاً منك دنَّها
خذا الروح عني فاتحاً منك دنَّها /
وحوِّل عن الصرف السلافة كنَّها /
فإن لم تكن أهلاً ولا كنت ذانهى /
تأمل سطور الكائنات فإنها / من الملأ الأعلى إليك رسائل
بحار المعاني ليس تُدرِكُ شطَّها /
وحُمْ فوقها بالسبح إن كنت بطَّها /
وإياك رفع الكائنات وحطَّها /
لقد خُطَّ فيها لو تأملت خطَّها / ألا كل شيء ما خلا الله باطل
خليلي ما بال القوافل هكذا
خليلي ما بال القوافل هكذا / عن الحق مصرفون وهو ضلالُ
يرون الوجود الحق للخلق ظاهراً / يُحققُ هذا عندهم ويقال
كأن الوجود الخلق صار محقَّقاً / وأما الوجود الحق فهو خيال
خيال لديهم ظاهر في نفوسهم / لهم غائب عنهم وذاك محال
فهم يعبدون الله فيما تخيلوا / وقد بان في كل العقول عقال
وإن الوجود الحق صار مقيداً / لديهم بأشيا تنمحي وتُزال
فمن أجل هذا أنكروه وقد بدا / وغاب وهامت في هواه رجال
به شُغلوا عنه وآثارُ صنعه / تقاديرُ حالت دونَه وظلال
فلا هم مع الأقوام فيما تحققوا / ولا هم على تحقيقهم فيخال
وجهل على جهل فجهل مركب / وليس لهم في دفع ذاك مجال
ألا فتحقق أن كل استقامة
ألا فتحقق أن كل استقامة / بغير اعوجاج ما عليها معوَّلُ
فإن اعوجاج القوس لا شك أنه اس / تقامته عن تلك لا يتحول
وما مقصدي بالإعوجاج سوى الذي / يراه بساهي عينه المتقول
أعد نظرا في الصالحين ولا تكن / بمنكر ما يأتون فهو المؤول
فإن عليهم عين حفظ قديمة / من الله عما قد نهى يا مُسوِّل
رُفعتُ ولم أرفعْ إلى غير منزلي
رُفعتُ ولم أرفعْ إلى غير منزلي / من الغيب أمر المحسن المتفضِّلِ
وقد زجَّ بي في النور نور وجودِهِ / فأصبحتُ معدوماً بغير تحوُّلِ
وجودٌ قديمٌ نحن فيه هياكلٌ / بغير وجودٍ هيئةُ المتخيِّلِ
تعالوا بنا يا تائهون لعلَّنا / نكون كما كنا بترك التعلُّلِ
ونُسلِمُ عن كشفٍ إليه أمورَنا / فليس لكم أمرٌ يكون وليس لي
ونشهد أمرَ الله فينا كأنَّه / بنا لمعُ برقٍ في دُجى الكون ينجلي
وما البرقُ إلا نحنُ إذ نحنُ أمرُهُ / هو القدرُ المقدورُ في الذكر قد تُلي
ولا تبعدوا عني بأحوال غفلةٍ / دهتكم فأصبحتم بعادَ التأمُّلِ
وجار عليكم حبُّ دنيا دنيةٍ / وليس عليها عندنا من معوَّلِ
قفوا في حمى الإيمان لا تتحولوا / إلى غيره بالعقل قصدُ التوصُّلِ
ودوموا على الطاعات خالصةً عسى / بكم يَرِدُ الساقي إلى عَذْبِ منهلِ
هنالك نور الكشف إن شاء ربنا / وإلا فأنتم في مقامِ مؤمِّلِ
مقام أولي الإيمان بالغيب فاسبقوا / إليه ولا تصغوا إلى قولِ عُذَّلِ
ألا فتحقق أن كل استقامة
ألا فتحقق أن كل استقامة / بغير اعوجاج ما عليها معوَّلُ
فإن اعوجاج القوس عين استقامة / له في يد الرامي فلا يتحول
ولما استقام السهم زال بسرعة / عن القوس فافهم أيها المتطول
وقصدي بهذا الإعوجاج هو الذي / رأته نفوس جاهلون فجهّلوا
ولا يفرقون الحق من باطل السوى / وشيطانهم يملي لهم ويسوِّل
وإلا فإن الإستقامة عين ما / هو الشرع يسمو من بها يتجمل
وما الشرع إلا والحقيقة عينه / وبينهما لا فرق مفصل
إذا ما سمعت النايَ سوّاه منشدٌ
إذا ما سمعت النايَ سوّاه منشدٌ / لينفخ فيه فاعتبر واكتسب حالا
وقابل به يوم المقابلة التي / تصحح منك النفس كشفاً وإقبالا
ودع عنك أهل اللهو فهو محرم / عليهم كما قالوا وإن قولهم طالا
فآدم ناي الله سواه نافخاً / من الروح فيه روحه مثل ما قالا
وقد أظهر الأسماء منه معلماً / ملائكة أبدوا لهم فيه أقوالا
ومن بعد ذا لما تبين فضله / له سجدوا طوعاً فنالوه آمالا
خذ الأمر وافهم يا ابن ودي مقالتي / وحقق لأصحاب الإشارة أمثالا
تمسك بغيب الغيب واترك سواه لا
تمسك بغيب الغيب واترك سواه لا / سواه إلى كم أنت في لبسة البلا
ألم يقل الداعي لكم أنا ربكم / وأنتم له قلتم بلا شبهة بلى
نسيتم عهود بالحمى أخذت له / عليكم ليالي الدر في زمن خلا
قفوا ههنا يا سائرين إلى السوى / فإن السوى عين المراد إذا انجلى
ألا فامسحوا عين القلوب من القذى / به تمتلوا منه وينكشف الملا
وحلوا عقال العقل عن صور لها / مصورها أبدى منوعة الحلى
هو الحق لا أنتم وأنتم جميعكم / هو الباطل الموهوم عن كلكم علا
تقولون لا ندري سوانا ولا نرى / بأبصارنا إلا الحوادث تجتلى
صدقتم بكم غيب الغيوب تلبست / عليكم مجالي عينه فتحولا
وقد زاغت الأبصار عنه وزاغت ال / بصائر لما أن عصيتم تخيلا
فلو أنكم قمتم بطاعة أمره / به واتقيتم صادقين لأقبلا
فسبحان من يرضى عن العبد إن يشأ / فيرضيه بالتوفيق للخير مجزلا
وإن شاء يغضب وهو أمر مقدر / قديماً على كل امرئٍ قد تفصلا
حقائق علم ما لها علل قضى / بهن قديم قد تحققن أوّلا
فكن مسلماً لله ربِّك واستقم / تجده رحيماً منعماً متفضّلا
وأنت له عبد وظيفتُك الرضى / وما لك معه أن ترى لك مدخلا
فسلِّم له تسلمْ وكن مقبلاً على / أوامره واترك نواهي ما تلا
وإياك لا تسأل لماذا ولا تقل / أريد كذا منه ولا تقترح ولا
وكن مثل سادات مضَوا مخلصين لم / يحولوا عن التقوى هم القادة الأُلى
لمن طلل بين الأجارع بالي
لمن طلل بين الأجارع بالي / به خاطري أَسْرُ الغرام وبالي
لويت عنان الشوق نحو رسومه / فصادفته قفر الجوانب خالي
لديه الصبا تجتاز أيان ما هفت / تبث فواغي عبهرٍ وغوالي
لقيت به قلبي على عرصاته / مقيماً يناغي فيه لمعة آل
لو استعطفت ذات الستور به بدت / لنا بين ثوبَيْ هيبةٍ وجمال
لياليَ كنا نحسب الدهر غافلاً / وأحوالنا ليست بذات زوال
لصيق الغواني كيف يألف بالسوى / وقد بات منها في لذيذ وصال
لقاء جميل الوجه عنه أميط من / جميعي حجاب فهو بي متلالي
لحاني عليه العاذلون سفاهة / ولم يعلمو ما للعذول وما لي
لجأت إلى أبوب عزته به / وأطلقت قيلي في هواه وقالي