المجموع : 4
وقالوا غدا لطفي رئيساً فحيِّه
وقالوا غدا لطفي رئيساً فحيِّه / وهَنّئْه واهتِفْ باسمهِ في المحافلِ
فقلتُ وهل يرضَى ليَ العقلُ أَنّني / إذا صُغْتُ مدحاً قيل تحصيلُ حاصل
فقالوا رفيعٌ زاد قَدْراً ورِفْعةً / فقلتُ نعم لو صحَّ تكميلُ كامل
فقالوا عليك الشعرَ ويحَك إنه / فسيحُ المرامي لا يضيقُ بقائل
فقلت وأينَ الشعرُ أينَ خيالُهُ / وأينَ الثرَيّا من يد المتناول
فقالوا فماذا أنت في الجمع صانعٌ / فقلت لهم صُنْع العَيِيِّ المُجامل
ففي سكتةِ المبهورِ أصْدَقُ مِدْحةٍ / وكلُّ كلامٍ بينَ حقٍ وباطل
صَفَا وِرْدُهُ عذْباً وَطَابَتْ مَنَاهِلُهْ
صَفَا وِرْدُهُ عذْباً وَطَابَتْ مَنَاهِلُهْ / وَجَلَّتْ يَدُ الدَّهْرِ الَّذِي عَزَّ نَائِلهْ
وأقبلَ مُنْقاد العِنَانِ مُذلَّلاً / تَطَامَنَ مَتْنَاهُ وَدَانَتْ صَوَائِلُهْ
يُطَأطِىءُ للفاروقِ رَأساً وتَنحني / أَمام سَنَا المُلْكِ المَهيبِ كَواهِلُه
تَلفَّتَ في الآفاقِ شَرْقاً وَمغْرِباً / فَلمْ يرَ في أَنحائِهَا مَن يُماثلُه
رَأَى مَا رَأَى لَمْ يلْقَ عَزْماً كعزْمِهِ / تَقُدُّ مَواضِيه وتَفْرِي مَنَاصِلُهْ
يذوبُ مضَاءُ السيفِ عِنْدَ مَضَائهِ / فَمَا هو إِلا غِمْدُهُ وحَمَائِلهْ
إِذا ما انْتضَاهُ فالسعودُ أعِنَّةٌ / إِلى ما يُرَجِّي واللَّياليِ رَوَاحِلُهْ
رَأَى طَلْعةً لوْ أَنَّ لِلْبَدْرِ مِثْلَهَا / لَمَا انحدرتْ دونَ النجومِ مَنَازِلهْ
عَلَيْهَا شُعَاعٌ لَوْ رَمَى حَائلَ الدُّجَى / لَفَاخَرَ وَجْهَ الصبحِ في الحُسْنِ حائلُهْ
تَرَاهَا فَتُغْضِي للجلالِ ورُبَّمَا / تشوَّفَ لَحْظُ العَيْنِ لَوْ جَالَ جَائلهْ
هُوَ الشمسُ يدنُو في الظَّهيرةِ ضَوْءُهَا / ويَصْعُبُ مَرْآهَا على مَن يُحَاوِلهْ
هُوَ الروضُ أو أَزْهَى من الروض نَضْرَةً / إِذا داعبَتْ وَجْهَ الربيع خَمائِلُهْ
هُوَ الأَمَلُ البَسَّامُ رَفّ جناحُهُ / فطارتْ به من كلِّ قلبٍ بَلابِلُهْ
هُوَ الكوكبُ اللَّمَّاحُ يَسْطَعُ بالْمُنَى / وتَنْطِقُ بالغيثِ العَميم مَخَايِلُهْ
تَرَى بَسْمَةَ الآمالِ في بَسَماتِه / وتَلْمَحُ سِرَّ النُّبْلِ حينَ تُقَابِلُهْ
شَبَابٌ كَمَا يَصْفُو اللُّجَيْنُ كَأنّمَا / تَمَلأ مِنْ مَاءِ الفَرَادِيسِ نَاهِلُهْ
يُفَدِّيهِ غُصْنُ الدَّوْحِ رَيَّانَ نَاضِراً / إِذَا اهْتَزَّ في كَفِّ النَّسَائِمِ مَائِلُهْ
تَطَلَّعَ رُمْحُ الخطِّ يَبْغِي اعْتِدَالَهُ / فَعَأدَ حَسِيراً يَنْكُتُ الأَرْضَ ذَابِلُهْ
وَمِنْ أَيْنَ لِلرُّمْحِ المُثَقَّفِ عَزْمُهُ / وَمِنْ أَيْنَ لِلرُّمْحِ الطَّوِيلِ طَوَائِلُهْ
إِذَا حَفَزَتْهُ الحادثاتُ رَأيْتَهُ / وَقَدْ شَكَّ أَحْشَاءَ الحوادثِ عَامِلُهْ
علاءٌ تَحدَّى الدهرَ في بُعْدِ شَأْوِهِ / فَمَنْ ذَا يُدانِيهِ ومَن ذا يُفاضِلُهْ
ورَأْيٌ كأنْفَاسِ الصَّباحِ وقَدْ بَدَا / تَشِفُّ مَجَالِيه وتَهْفُو غَلائِلُهْ
وَخُلْقٌ كَمُخَضَلِّ النسِّيم بِرَوْضَةٍ / ذَوَائِبُهُ نَفَّاحَةٌ وَجَدَائلُهْ
يَمَسُّ جَبينَ النيل في رِفْقِ عاشقٍ / وتفْتَحُ أكمامَ الزهورِ مَسَاحِلُهْ
دَعَوْتُ إِليكَ الشِّعْرَ فانقادَ صَعْبُهُ / وقَد كانَ قبلَ اليومِ شُمْساً جَوَافِلُهْ
وَمَا كِدْتُ أدعُو الوحْيَ حتى سَمِعْتُه / تُبَادِهُنِي آيَاتُهُ ورَسَائِلُه
خَيَالٌ إِذَا أرْسَلتُهُ إِثْرَ نَافِرٍ / أَتَتْ بأعَزِّ الآبداتِ حَبَائِلُهْ
ولَفْظٌ كَوَجهِ الرَّوْضِ في ميْعَةِ الضُّحى / وقَدْ صَدَحَتْ فوقَ الغُصونِ عَنَادِلُهْ
إِذا قُلْتُه أَلقَى عُطارِدُ سَمْعَهُ / وسَاءَلَ شمسَ الأفْقِ مَنْ هو قائِلُهْ
وإن سارتِ الريحُ الهَبُوبُ بجَرْسِهِ / فآخِرُ أكنَافِ الوُجُودِ مَراحِلُهْ
إِذا ذُكِرَ الفاروقُ فاضَ مَعِينُهُ / وثَجَّتْ قوافيهِ وعَبَّتْ حَوَافِلُهُ
يقولُ وَمَالِي حِينَ أَكتُبُ قَوْلَهُ / مِنَ الفَضْلِ شَيْءٌ غَيْرَ أَنِّي نَاقلُهْ
رَأَى مَلِكاً يَحْيَا القَريضُ بِوَصْفِهِ / فضائلُهُ جَلَّتْ وعَمَّتْ فَوَاضِلُهْ
رَأى مَلِكاً يُزْهَى بِهِ الدِّينُ والتُّقَى / شمائلُ أملاكِ السماءِ شمائلُهْ
رَأى مَلِكاً كالنِّيلِ أما عَطَاؤُهُ / فغَمْرٌ وأما المكرماتُ فساحِلُهْ
فَغَرَّدَ في الأَجواءِ باسْمِكَ طيرُهُ / ورَدَّدَ في الآفاقِ ذكرَكَ هادِلُهْ
وصَاغَتْ لَكَ التِّبْرَ المُصَفَّى فُنُونُهُ / وحَاكَتْ لَكَ البُرَدُ المُوَشَّى أَنامِلُهْ
ولم يَبْقَ من نَسْجِ السَّحائبِ زَهرةٌ / تَرِفُّ نَدىً إلا حَوَتْهَا فَوَاصِلُهْ
وَصَبَّ شُعَاعَ الشَّمسِ تاجَ مَهابةٍ / لِمَنْ تَوَّجَتْهُ بالفَخَارِ فَضَائِلُهْ
وَفَكَّ رُموزَ السحرِ من أرضِ بابلٍ / لأجلكَ حتى استنْجَدَتْ بكَ بَابِلُهْ
أَعَدْتَ له عهدَ الرَّشيدِ فأسْرَعَتْ / إِلى سُدَّةِ الفاروقِ تَشْدُو بَلابلُهْ
وما أنتَ في الأَمْلاكِ إِلا قصيدةٌ / تفاعيلُها البِرُّ الَّذي أَنتَ فاعِلُهْ
يَهُبُّ طرِيحُ الشِّعْرِ في دَوْلةِ النُّهَى / وتُلْهَمُ أَسْرَارَ البيانِ مَقاوِلُهْ
حَمَلْتُ لَهُ الرَّيْحَانَ يومَ زِفافِهِ / نَضِيرَ الْحَواشِي يَنْشُرُ المِسْكَ خاضِلُهْ
أُزَاحِمُ للفاروقِ حَشْداً كأنّهُ / خِضَمٌّ مِنَ الأمواجِ ضاقتْ سَبَائِلُهْ
يُغَطِّي أَدِيمَ الأرضِ عَزَّ اختراقُهُ / وسُدَّتْ عَلَى أَقْوَى الرجالِ مَدَاخِلُهْ
إذا أنتَ لَمْ تَعْرِفْ مَدَى أُخْرَياتِهِ / فَسَلْ طَرْفَكَ المَمْدُودَ أَيْنَ أَوَائلُهْ
حَمَلْتُ لَهُ الرَّيْحَانَ أَرْفَعُ مِعْصَمِي / إِلَى المَلِكِ الفَرْدِ الذي فاز آمِلُهْ
وقد مَلأَ الأُنْسُ الوجوهَ فأشْرَقتْ / من البِشْرِ حتى كادَ يَقْطُرُ سَائلُهْ
طَلَعْتَ على الجمعِ الْحَفِيلِ بِمَوْكِبٍ / يُبَادِلُكَ الشَّعْبُ المُنَى وتُبَادِلُهْ
مَوَاكِبُ لَمْ يُعْرَفْ لرمسيس مِثْلُهَا / وَلاَ خَطَرَتْ في مَثْلِهِنَّ قَنَابلُهْ
يُحِيطُ بِهَا عِزُّ المَلِيكِ ومَجْدُهُ / وتَزْحَمُهَا فُرْسَانُهُ وصَوَاهِلُهْ
إِذَا امْتَلكَ الحبُّ النفوسَ هَفَتْ لَهُ / سِراعاً وأعْطتْ فَوقَ ما هُوَ سَائلُهْ
رَأوْكَ فعَالَوْا بالهُتَافِ كأنّمَا / يُنَافِسُ نِدُّ نِدَّهُ ويُسَاجِلُهْ
كأَنهمُ جَيْشُ الغمائِم أَرَّقَتْ / رَوَاعدُهُ جَفْنَ الدُّجَى وزَواجلُهْ
فلا عَيْنَ إِلاَّ وَهْيَ تَرْتَقِبُ المُنَى / وَلاَ صَدْرَ إِلا فارِحُ القلبِ جَاذِلُهْ
وقَدْ رُفِعَتْ أعلامُ مِصْرَ خَوَافِقاً / يُغَازِلُهَا مَسُّ الصَّبَا وتُغَأزلُهْ
فإِنْ كانَ مِنْ عَيْنٍ فإِنّكَ نُورُهَا / وإِنْ كانَ مِنْ قَلْبٍ فإِنّكَ آهلُهْ
وإِنْ كانَ مِنْ دَهْرٍ فأنتَ نَعيمهُ / وإِنْ كانَ مِنْ فَضْلٍ فإِنّكَ بَاذِلُهْ
رَأَى فِيكَ هَذَا الشَّعْبُ آمَالَهُ الّتي / تَمَنَّى عَلَى الأيامِ وَهْيَ تُمَاطِلُهْ
أَحَبَّكَ حَتَّى صَارَ حُبُّكَ رُوحَهُ / ونُورَ أمَانِيه الذِي لاَ يُزَايلُهْ
فَمَنْ شَاءَ بُرهاناً عَلَى صَادِقِ الهَوَى / فهذِي الْجُمُوعُ الزاخراتُ دَلائلُهْ
نَثْرتَ بُذُورَ الْحُبِّ في كُل مُهْجَةٍ / وَتِلْكَ التي تَهْفُو إِليكَ سَنَابِلُهْ
حَياتُكَ يَا فَاروقُ لِلدِّينِ عِصْمةٌ / وأَعْمَالُكَ الغُرُّ الجِسَامُ مَعاقلهْ
مَنَابرُهُ تَهْتَزُّ بِاْسمِكَ فَوقَهَا / وَتَلْتَفُّ مِنْ شَوْقٍ عَلَيْكَ مَحَافِلُهْ
تُعَفِّرُ بِالتُّرْبِ الْجَبِينَ الَّذي عنَا / لَهُ الشَّرْقُ وانْقَادَتْ إِلَيْه جَحَافِلُهْ
لَهُ لمَعَاتُ المشرَفي ازْدَهَتْ بِهِ / عَلَى كلِّ أَبْنَاءِ الغُمُودِ صَيَاقِلُهْ
لَيَاليكَ أقمارُ الزَّمَانِ وسَعْدُهُ / وأيَّامُكَ البِيضُ الْحِسَانُ أَصَائلُهْ
قَدِ اخْتَارَكَ الرَّحْمَنُ مَوْضِعَ فَضْلِهِ / إِذَا عَزَّ مَوْصُولٌ فَقَدْ جَلَّ وَاصِلُهْ
هَنِيئاً لكَ اليومَ السَّعِيدُ الَّذي زَهَا / عَلَى الدَّهْرِ لَمَّا لَمْ يَجِدْ مَا يُشَاكِلُهْ
يُذَكِّرُنَا المأمونَ يومَ زِفافِهِ / وَقَدْ مَشَتْ الدُّنْيَا إِلَيْهِ تُجَامِلُهْ
وَسَالَ بِهِ سُيْلُ النُّضَارِ كأَنَّمَا / تَفَجَّرَ مِنْ بَيْنِ السَّحائِبِ وَابلُهْ
وَأيْنَ مِنَ المأمونِ أوْ مِنْ زِفَافِهِ / جَلالَةُ مَلكٍ أعْجَزَتْ مَنْ يُطَاوِلُهْ
أَبَى الدهرُ أَنْ يَلقَى ليومِكَ ثَانياً / يُقَارِبهُ في نُبْلِهِ أوْ يُعَادِلُهْ
تَخيَّرْتَ مِنْ وَادي الكنانة زهرةً / تَتِيهُ بِهَا جَنَّاتُهُ وَظَلاَئِلُهْ
فَرِيدَةُ مَجْدٍ يَعْرِفُ المجْدُ قَدْرَهَا / وتُزْهَى بِهَا يَوْمَ الفَخَارِ عَقَائلُهْ
ودُرَّةُ خِدْرٍ أَقْسَمَ الْخِدْرُ إنَّهُ / عَلَى مِثْلِهَا لَمْ تُلْقَ يَوْماً سَدَائلُهْ
يَتِيهُ بِهَا ضَافي الشبابِ ونَضْرُهُ / وَتَسْمُو حَوَاليهِ بِهَا وعَوَأطِلُهْ
تَخَيَّرْتَهَا فوْقَ السَّحابِ مَكانةً / وَأَصْفَى مِنَ الماءِ الَّذي هُوَ حَامِلُه
حَبَاها إلهُ العَرْشِ أَكْبَرَ نِعمةٍ / فجَلَّتْ أَيَادِيه وعَمَّتْ جَلائِلُهْ
فَعِشْ في رِفَاءٍ بالبنينَ مُمَتّعاً / يُضِيءُ بِكَ الوادِي وَيَخْضَرُّ مَاحِلُهْ
وَدُمْ لِبَنِي مِصْرٍ أَماناً ورحمةً / فأنْتَ حِمَى النِّيلِ الوَفي وَعَاهِلُهْ
أجابتْ نداءَ الحقِّ سُمْرُ العواسلِ
أجابتْ نداءَ الحقِّ سُمْرُ العواسلِ / وعادتْ إلى الأغماد بيضُ المَناصلِ
وقرّت قلوبٌ جازعاتٌ خوافِقٌ / وخالَطَ دمعُ البشرِ دمعَ الثواكل
وطافت على الشرِّ المناجِزِ حكمةٌ / أطاحتْ بما قد حاكه من حبائل
وأطفأ نيرانَ العداوةِ وابلٌ / من الْحِلم حَيّا صَوبَه كلُّ وابل
وصفّق بالبشرى الفراتُ ودِجْلةٌ / على نغماتِ الساجعاتِ الهوادل
وحطّمتِ السلْمَ الْحُسامَ فلَم تَدَعْ / به بعدَ طولِ الفتكِ غيرَ الحمائلِ
فليت زُهيْراً بيننا بعدَ ما خَبَتْ / لظَى الحربِ وانجابت غيومُ القساطلِ
هو السيف أطغَى ما خضعتم لحكمه / إذا ما انتضاه الحقدُ في كفِّ جاهل
يقطِّعُ أوشاجاً علينا عزيزةً / ويبترُ جبّاراً كريمَ الوصائل
يسيلُ دمُ القُرْبَى عليه مطهَّراً / أعزَّ وأزكَى من نجيع الأصائل
أخي أنت دِرْعي إنْ ألمّت مُلِمّةٌ / وإن فدحتْني عابساتُ النوازل
أخي أنت من نفسي دماؤك من دمي / فإن كنتُ مأكولاً فكنْ خيرَ آكل
أأرمي أخي يا ويلَ ما صنعتْ يدي / فيا ليتها كانتْ بغيرِ أنامل
إذا مسَّني خَطْبٌ فأولُ راكبٍ / يخوضُ لي الْجُلَّى وأَسرعُ نازل
أكلتُ دماً إنْ لم أزُدْ عن حياضِهِ / كريماً وأدفَعْ عنه كيدَ الغوائلِ
أضاحكهُ والقلبُ ما عبِثتْ به / لِئامُ المساعي أو سمومُ الدخائل
وأبسطُ كفّي نحوه غيرَ جافلٍ / ويبسُط نحوي كفَّه غيرَ جافل
إذا البيدُ لم تُنْبِت نباتاً فحسْبُها / فقد أنبتتْ فينا كريم الشمائل
وقد علَّمتنا أنْ يكونَ إخاؤنا / كشامخِ رَضْوَى ركنُه غيرُ زائل
ألسْنا الكرامَ الغُرَّ من آلِ يَعْرُبٍ / لَدَى الرَّوْعِ أو عندَ التفافِ المحافل
حَمَيْنا بحمدِ اللّهِ أنسابَ قومِنا / وصُنّا على الأيامِ مجدَ الأوائل
وما خُلِقَتْ إلاّ لعزمٍ نفوسُنا / كأنَّا خُلِقْنا من غُبار الجحافل
إذا افترقت أهواءُ قومِ تشَّتتوا / ولم يرجِعوا إلاّ بعارِ التخاذلِ
عزيزٌ على الأوطانِ أنَّ شجاعةً / تمزِّقُها الشَّحْناءُ في غيرِ طائل
حمانا كتابُ اللّهِ من بعدِ فُرْقَةٍ / فكنّا لدين اللّهِ خيرَ المعاقل
وصالتْ بنا من قوّةِ البأسِ وَحْدةٌ / على الكونِ لم تتركْ مَصالاً لصائل
فثُلّتْ عُروشٌ واستطارتْ أسِرّةٌ / من الذُّعر في أعوادِها والزلازل
جمعنا على الحُبِّ القلوبَ فأشرقتْ / كَما أشرقت بالغيث زُهْرُ الخمائل
وعِفْنَا ورودَ الماءِ أكدرَ آسناً / وحنّتْ حنايانا لعذب المناهل
وعادت إلى الحسنَى العَبيدُ وشَمَّرٌ / وسار بشيرُ السلمِ بين القبائل
وأصْغَوا إلى الرأي السديدِ وأنصتوا / لنصحِ نصيرٍ للعُروبةِ باسلِ
إلى حَمَدٍ ترنو المعالي مُدِلَّةً / وتُلْقي بأسباب النُّهى والفضائل
عرفناه وِرْداً للندى غَيرَ ناضبٍ / لراجٍن وعزماً للعلا غيرَ ناكل
وقد دفن القومُ التِّراتِ وأقبلوا / إلى الحقِّ يمحو ضوؤه كلَّ باطل
وسلُّوا لإعلاء العِراق عزائما / أسدَّ وأمضَى من سِنان الذوابل
يُفدون بالأرواحِ والأهلِ فَيْصلاً / مناطَ المُنى من كل راجٍ وآمل
أيركَبُها هذا فَتَنتهِبُ الثرَى
أيركَبُها هذا فَتَنتهِبُ الثرَى / وتنهبُ رِجْلَيَّ الحصَى والجنادِلُ
رَضيتُ رضاءَ اليأسِ واليأْسِ راحةٌ / وأتْعبُ خَلْقِ اللّهِ في الناسِ آملُ