المجموع : 3
بعدتَ وما حكمُ البِعادِ بعادلِ
بعدتَ وما حكمُ البِعادِ بعادلِ / أما مِن نصيبٍ فيك غيرُ البعادِ لي
طوى خالَكَ المسكيَّ عنِّي وخدَّكَ ال / جميلَ غداةَ الجزعِ وَخْدُ الحمائلِ
وأسقطْتَني لمّا ظننتُكَ واصلاُ / كأنِّيَ حرفُ الراءِ في لفظِ واصلِ
وأوحَشني ربعٌ لأهلكَ مُقفرٌ / فلذتُ بقلبٍ من جَوى الشوقِ آهِلِ
وغادرتَ عَيني كالغدير بطلعةِ / هِيَ الروضُ غِبَّ السارياتِ الهواطل
فكنْ جامعاً بينَ الغَديرِ ورَوْضة / ليخضرَّ لي عَيْشي وأحظى بطائِلِ
ومَن لي بأنْ يخضرَّ عيشي والنّوى / دُوَيهةٌ تصفرُّ منها أنامِلي
أسرَّكَ مني أنَّ هجركَ مُدنفي / وغرَّك مني أنَّ حبكَ قاتِلي
بحسبِكَ أنَّ البَينَ راشَ نبالَه / وفوَّقَها نَحوي فأصمَتْ مقاتلي
وخوَّفني ماءٌ منَ العينِ نازلٌ / عمىً هو من ماءٍ إلى العينِ نازِلِ
وخطبٌ سمينٌ مثلُ رِدفِكَ ذقتُهُ / بجسمٍ نحيفٍ مثلِ خَصركَ ناحلِ
فهبني خِلالاً ثمَّ هبني تَداخُلاً / خلالَ ثناياكَ العذابِ المناهلِ
ومُذ أَعلقتْني الأربعونَ حِبالَها / تراءَتْ لعيني الأرضُ كِفّةَ حابِلٍ
وما شَعَراتيْ البيضُ إلا مشاعلٌ / ومِن نارِ قلبي نورُ تلك المشاعلِ
وما الشيبُ إلا شائبُ الصّفوِ بِالقَذى / ولا وخطُه إلا نذيرُ الغَوائلِ
يردٌّ قناة القدِّ قوساً ويَنْتضي / على الوفَراتِ السُّودِ بيضُ المَناصِلِ
ولولا حَصادُ العُمرِ لم تكُ تَنْثني / لدى الكِبرِ القاماتُ مثلَ المناجلِ
وغيم شبابٍ جادَ رَوضَ مسرَّتي / فزالَ وفعلُ الغيمِ ليسَ بزائلِ
ففي مَقلتي وَدْقٌ صَدوقٌ بفَيضِهِ / وفي عارضي برقٌ كذوبُ المَخائِلِ
سقى اللهُ أيامَ الصّبا فهي حقّها / لبان ضروعٍ للنعيمِ حَوافلِ
وطّرب أُذْنَيْها بنغمةِ مَعْبَدٍ / وحرَّكَ عِطْفَيْها بخَمرةِ بابِلِ
وعشّبَ مَرْعاها كساحةِ مُجْتد / حبَتْهُ يد الشيّخ الأجل بنائِلِ
وليسَ نظامُ الملكِ إلاّ سحابَةٌ / يشيمُ حَياها كلُّ حافٍ وناعِلِ
فكالبحرِ إلاّ أنّهُ غيرُ آسنٍ / وكالبدرِ إلا أنَّهُ غيرُ آفِلِ
ذَراهُ ربيعٌ للرجاءِ إذا شَتا / وفيهِ لقاحٌ للأماني الحَوافِلِ
إذا الركبُ زمُّوا عِيسَهم عن فِنائِهِ / وشَدُّوا قُتودَ النّاجِياتِ المَراقِلِ
رأيت العِبابَ البجرَ ينشرْنَ شُكرَهُ / وإنْ كانَ تَشكوهُ ظُهورُ الرَّواحِلِ
فأوْهامُهم من مَدحِه في دقائقٍ / وأَحكامُهم من مَنْحِهِ في جَلائِلِ
وأكرمُ شيءٍ عندَهُ صوتً سائِلٍ / وأَهْونُ شيءٍ عندَهُ قَوْلُ عاذِلِ
هو الحسَنُ المَوْصوفُ بالحُسنِ فِعلُهُ / نَدِي الكفِّ طلقُ الوجْهِ لدْنُ الشّمائِلِ
أشمُّ طويل الباع مستغزر الّلهى / أغرّ عريض الجاه جمُّ الفضائل
فتىً أنستْ منهُ الوِزارَةُ رُشْدَها / إذِ استْتَودعتْهُ المهد أيدي القوابل
توسّدَ حجرَ الأكرِمينَ أُولي النُّهى / وألقَم ثديَ المُحصّناتِ الغَوافِلِ
فجاءَ كما يلفي وزرُّ قميصِهِ / على مُستقِلٍّ بالمَعالي حُلاحِلِ
لهُ اللهُ من قَرمٍ إلى المجدِ سابقٍ / وبالخيرِ أمّارٍ وللمَيرِ باذِلِ
ولِلملْكِ مِعوانٌ وللمُلكِ حارِسٌ / وللدَّرِّ حَلاَّبٌ ولِلنُّصحِ ناخِلِ
إذا خطَّ كفَّ الوَشْيِ فَضلةَ ذَيْلِهِ / حَياءًُ وغضَّ الجفْنَ نَورُ الخَمائلِ
وإنْ سلَّ صمصامَ الفَصاحةِ ناطقاً / تحيّرتَ في تَطبيقِهِ للمَفاصِلِ
به اخْضرَّ عُودُ الدَّهرِ واهتزَّ نَبْتُهُ / ودُلَّ على مَقْصوده كلُّ فاضِلِ
أذُمُّ عليهِ الدَّهرَ إذ حلَّ بَرْكُهُ / عليَّ وحَسّاني كُؤوسَ البَلابِلِ
وزَلزلَ رُكني فانهدمْتُ لهدِّهِ / وقد هدَّمَ الأركانَ هدُّ الزَّلازِلِ
فطارَتْ عَصافيري وشالَتْ نَعائمي / وهاجَتْ شَياطيني وفارَتْ مَراجلي
وكيفَ أرى نفسي مَداسَ مناسِمٍ / تُطامِنُ منِّي أو مُناخَ كَلاكِل
وخَلفيَ أولادٌ وخلفي رائثٌ / على عاجِزات النهض حُمر الحواصل
وقد أطمعتْني منهُ قُدْمَةُ خِدْمتي / ودعْوى انتماءٍ أُكِّدَتْ بالدَّلائل
ولي أملٌ غضُّ الشبابِ طَريُّهُ / وذاكَ لشيبٍ في نَواصي وسائلي
وصحبةُ أيامٍ مضَتْ وكأنّما / هواجِرُها تُكْسى ظِلالَ الأصائِلِ
ليالٍ لبِسْناها ومِسْنا تَجمُّلاً / بِها فوجدنْاها رقاقَ الغَلائِلِ
وكم لي فيهِ من سَوارٍ سوائِرٍ / حوالٍ على الأحوالِ غيرِ عَواطِلِ
قوافٍ كأني لاعبٌ من نَسيبِها / بعطشانةِ الزنّارِ رَيّا الخلاخِلِ
مُغرّرةٌ في كلِّ نادٍ رُواتُها / مُصنِّجَةٌ في كل وادٍ جَلاجلي
أمَولايَ قُلْ لي لِمْ أَضعتَ خَريدةً
أمَولايَ قُلْ لي لِمْ أَضعتَ خَريدةً / عليها خُليٌّ من صياغةِ أُنْمُلي
ألم تخشىَ جيشاً يَستبدُّ بذاتِها / فيفْتضُّها قَسراً ويطمعُ في الحُلي
ترفّقْ بتلكَ المُبتلاةِ وخُذ لَها / بعونِك يا مِعوانُ كلَّ مَن ابتُلي
ولا تَستجزْ تبعيدَها منك إنها / إذا بعُدتْ فرَّتْ بِتقريبِ تَتْفُلِ
وما الأبُ إلاّ الأبُ ما عاشً لابنِهِ
وما الأبُ إلاّ الأبُ ما عاشً لابنِهِ / وآبَ لهُ طيبُ الحَياةِ إذا بلي