المجموع : 10
بِسيفك فيما اخترتَ من عاجلِ القتلِ
بِسيفك فيما اخترتَ من عاجلِ القتلِ / سُقِيتَ ذُعافَ الموتِ فَاشْربْ أبا جَهلِ
هُو السّيفُ لولا الجبنُ لم يَمْضِ حدُّه / ولم يَرْضَ في جِدّ الكريهةِ بالهزلِ
شَهِدْتَ الوغَى تَبغِي على الضّعفِ راحةً / لِنَفْسِكَ من حِقدٍ مُذيبٍ ومن غِلِّ
أفرعونُ إن تجهلْ فلن تَجهَل الوغَى / فَراعينَها مِن ذي شَبابٍ ومن كَهْلِ
أصابَك فيها ما أصابَك من أذىً / وفاتَك ما نالَ الرُّوَيْعِيُّ من فَضْلِ
رَماكُ مُعاذٌ قبله ومُعوّذٌ / وجاءك مَشبوباً حَمِيَّتُهُ تَغلي
سَقى السّيفَ عفواً من دمٍ لك طَيِّعٍ / فَمِن مُرتقَىً صعبٍ إلى مُسْتَقىً سَهْلِ
دَعِ الهزلَ يا ابْنَ الحنظليَّةِ إنّه / هو الجِدُّ كلُّ الجِدِّ لو كنتَ ذا عقلِ
هِيَ اللاّتُ والعُزَّى أضلّتْكَ هذِهِ / وزادتْكَ هذي من ضلالٍ ومن خَبْلِ
مَضَى جارُك المأفونُ خَزيانَ وَانْقَضَتْ / حِبالُك فَانْظُرْ هل ترى الآن من حَبْلِ
لقد كنتَ ترجو أن ترى الهُبَلَ الذي / رَضِيتَ به رَبّاً يَفوزُ ويَسْتَعْلِي
أصبتَ ابنَ مسعودٍ سَناءً ورفعةً / وباءَ عدوُّ اللّهِ بالخِزي والذُّلِّ
فَخُذْ سَيْفَهُ ثم ارفعِ الصَّوتَ شاكراً / فما بعدَ ما أعطاكَ ربُّك من سُؤْلِ
على ذكرها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ
على ذكرها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ / ويُؤمنْ بأنّ البغيَ شتَّى غَوائلُهْ
هِيَ الغزوةُ الكبرى هَوى الشّركُ إذ رمت / جَحافِلُها العظمى وولّت جَحافلُهْ
وأصبح دينُ اللهِ قد قام رُكنُهُ / فَأقصرَ من أعدائهِ مَن يُطاوله
بَنَتْهُ سيوفُ اللهِ بالعزمِ إنّه / لأصلبُ من صُمِّ الجلاميدِ سائله
تَكِلُّ قُوى الجبّارِ عما تُقيمه / عليه يَدُ الباني وتنبو مَعاوِله
أهاب رسولُ اللهِ بالجندِ أقدِموا / ولا ترهبوا الطاغوتَ فاللّهُ خاذله
أما تنظرون الأرض كيف أظلَّها / من الشّركِ دينٌ أهلك النّاسَ باطله
خُذوه ببأسٍ لا تطيشُ سهامُه / فأنتم مَناياهُ وهَذي مقاتله
علينا الهُدَى إمّا بآياتِ ربّنا / وإمّا بحدِّ السّيفِ لا خابَ حامله
إذا أنكر القومُ البراهينَ أخضعت / براهينُه أعناقَهم ودلائله
مضى البأسُ بَدْرِيَّ المشاهدِ تَرتمِي / أعاصيرهُ ناراً وتَغلِي مراجله
وضَجَّ رسولُ الله يدعو إلهه / فيا لكَ من جندٍ طوى الجوَّ جافله
تَنّزلَ يُزجي النصرَ تنسابُ من عَلٍ / شآبيبُه نوراً وينهلُّ وابله
أحيزومُ أقدِمْ إنه الجِدُّ لن يرى / سواه عدوٌّ كاذبُ البأسِ هازله
هو الله يحمي دينَه ويُعزُّه / فمن ذا يناويه ومن ذا يُصاوله
تمزّقَ جيشُ الكفر وانحلَّ عقدُه / فخابت أمانيه وأعيت وسائله
وما برسولِ الله إذ ناله الأذى / سوى ما ارتضت أخلاقُهُ وشمائله
نبيٌّ يُحبُّ الله حُبَّ مجاهدٍ / يرى دَمهُ من حقّه فهو باذله
يُعظّمهُ في نفسِهِ ويُطيعُهُ / وما يقضِ من أمرٍ له فهو قابله
كذلك كان المسلمونَ الأُلى مضَوْا / فيا لكَ عصراً يبعثُ الحزنَ زائله
صَدفنا عن المُثلى فأصبحَ أمرُنا / إلى غيرنا نَهذِي به وهو شاغله
يُجالِدُ من يَبغِي الحياةَ عدوَّه / فيا لعدوٍّ لم يَجد من يُجادله
بنا من عوادِي الدّهرِ كلُّ مُسلَّطٍ / مَكائدُه مبثوثةٌ وحبائله
قضينا المدى ما تستقيمُ أمورنا / وهل يستقيم الأمرُ عاليه سافله
عَجِبتُ لقومي عُطّلَ الدّينُ بينهم / وجُنُّوا به والجهلُ شتَّى منازله
يُحبّونه حُبَّ الذي ضلَّ رأيُه / فَقاطعهُ منهم سواء وواصله
صلاةٌ وصَومٌ يَركضُ الشرُّ فيهما / حَثيثاً تَهزُّ المشرقَيْنِ صَواهِله
وكيف يقومُ الدّينُ ما بين أمّةٍ / إذا عُطِّلتْ آدابُه وفضائله
سلامٌ علينا يوم يصدقُ بأسُنا / فيمضِي بنا في كلّ أمرٍ نُحاوله
ويومَ تكونُ الأرض تحت لوائِنا / فليس عليها من لواءٍ يُماثله
أنمشي بِطاءً والخطوبُ تَنوبُنا / سِراعاً وعادِي الشرِّ ينقضُّ عاجله
ألا همّةٌ بدريّةٌ تكشفُ الأذى / وتشفِي من الهمِّ الذي اهتاجَ داخله
ألا أمةٌ تنهَى النفوسَ عن الهوى / وتُصْغِي إلى القولِ الذي أنا قائله
ألا دولةٌ للحقِّ تسلك نهجه / وتمشِي على آثارهِ ما تُزايله
إذا نحن لم نَرشدْ ولم نتبعِ الهُدَى / فلا تنكروا يا قومُ ما الله فاعله
إليك أبا سُفيانَ لا الوعدُ صادقٌ
إليك أبا سُفيانَ لا الوعدُ صادقٌ / ولا أنت ذو جِدٍّ ولا القومُ أبطالُ
أتاك ابنُ مسعودٍ بأنباءِ يثربٍ / فما تنقضي منكم همومٌ وأوجال
لكم عند بدرٍ في لواء محمدٍ / خطوبٌ تَرامَى بالنّفوسِ وأهوال
هنالك قومٌ يا ابن حربٍ كأنّهم / إذا عَصفتْ ريحُ الكريهةِ أغوال
جُنودٌ عليها من عليٍّ مُظَّفرٌ / لدى الرَّوْعِ جيّاش على الهَوْلِ جَوّالُ
دَع المرءَ يذهبْ بالأباطيلِ مُرجِفاً / وَعِدْهُ جزاء الإفكِ لا حبّذا المال
تَردّدَ يخشى منك شِيمَة مُخلِفٍ / يقولُ فلا وَعدٌ وَفِيٌّ ولا قال
تمسَّك من قولِ ابن عمروٍ بمَوْثِقٍ / وطارت به في الجو هوجاء مجفال
مضى يصف الكفار وصف مهول / يقولُ جموعٌ ما تُعَدُّ وأرسال
فما وجفت تلك القلوبُ ولم تكن / كأخرى لها من هَدَّةِ الرُّعبِ زلزال
رِجالٌ رسا الإيمانُ مِلءَ نُفوسهم / فلا الجبنُ مَنجاةٌ ولا البأسُ قَتَّال
ولا الموتُ مكروهٌ على العزِّ وِردُه / ولا العيشُ مورودٌ إذا خِيفَ إذلال
تَداعَوْا فقالوا حسبُنا اللهُ إنّه / لِما شاءَ من نصرِ الهُداةِ لَفعّال
وأرسلها الصِّدِّيقُ دِيمةَ حِكمةٍ / لها من فمِ الفاروقِ سَحٌّ وتَهطال
محمدُ إنّ اللّهَ ناصرُ دينِهِ / ومُظهِرهُ والحقُّ أقطعُ فَصّال
لهم مَوعِدٌ لا بدّ منه ومَورِدٌ / من الحتفِ تغشاهُ نفوسٌ وآجال
عَزيزٌ علينا أن تكونَ مَقالةً / يُردّدُها قومٌ مَهاذيرُ جُهَّالُ
يقولون لولا الخوفُ منّا لأقبلوا / وإنَّا لإقدامٌ حثيثٌ وإقبال
وخفَّ أبو سُفيانَ يكذبُ نفسَهُ / ويُشهِدُها من خيفةٍ كيف يحتال
يقول وقد وافى الرجالُ مَجنَّةً / أيا قومنا مهلاً فإنّا لَضُلّال
أيا قومنا إنّا نرى العامَ مُجدِباً / وشرُّ عَتادِ الحربِ حَدبُ وإمحال
فعودوا إلى عامٍ من الخصبِ صالحٍ / ولا تقربوا الهيجاءَ فالقومُ أصلال
تَقّدمَ جيشُ اللّهِ وارتدَّ جيشُهم / وما فيه أكفاءٌ تُهابُ وأمثال
وأين من الصّيدِ المصاليتِ معشرٌ / لهم من مواليهم لدى البأسِ خُذّالُ
لبئس الموالي ما تَزالُ تغرّهم / ظنونٌ كأحلامِ النّيامِ وآمال
ألا إنَّها الدنيا أُعِيدَ بناؤها / وَصِيغَ لها رسمٌ جديدٌ وتمثال
فلا شأنُها الشأنُ الذي كان يرتضِي / بَنُوها الأُلى بادوا ولا حالُها الحال
عفا السّالفُ المغبَرُّ من سيِّئاتها / فتلك بقاياها قبورٌ وأطلال
أتبقى قلوبُ النّاسِ في ظُلماتها / تَظاهرُ أكنانٌ عليها وأقفال
هو النّورُ نورُ اللّهِ يملأُ أرضَه / فتلقَى الهُدى فيه عصورٌ وأجيال
أتى مطلقُ الأسرى يُحرِّرُ أنفساً / لها من سجاياها قيودٌ وأغلال
مَحيصةُ بلّغْ ما أُمِرتَ فإنّما
مَحيصةُ بلّغْ ما أُمِرتَ فإنّما / هو الدينُ دينُ المسلمِينَ أو القتلُ
إلى فَدَكٍ فَاحْمِلْ بَلاَغ مُحمّدٍ / وأَنْذِرْ بها قوماً أضلَّهمُ الجَهْلُ
أَبَوْا أن يُجِيبوا دَاعِيَ اللَّهِ وَابْتَغُوا / سَبِيْلَ الألى أعماهُمُ الحِقْدُ والغِلُّ
يَقولون لن يَسْطِيعَ جيشُ مُحمّدٍ / بخيبرَ نصراً إنّها مَطلبٌ بَسْلُ
يُدافِعُ عنها من صَنَادِيْدِ أهلِها / رِجالٌ إذا خاضوا الوَغَى بَطَلَ الهَزْلُ
لها عامرٌ عِنْدَ البلاءِ وياسرٌ / لها مَرْحَبٌ والحارثُ البطلُ الفَحْلُ
وإنَّ بها من كُلِّ رامٍ وَضَارِبٍ / أُلوفاً هُم السُّمُّ الذُّعافُ لمن يَبْلو
على أنّنا لا نكرهُ السّلمَ فانتظِرْ / مَحيصةُ واصبِرْ إنّها خُطّةٌ فَصْلُ
كذَلِكَ قالوا يمكرون كَدَأْبِهِمْ / وماذا يُفيْدُ المكرُ أو يَنفعُ الخَتْلُ
أطالوا المدَى حَتَّى يَروا جَدَّ قومِهم / وَجَدَّ رسولِ اللَّهِ أيُّهما يَعْلُو
فلمَّا رُمُوا بالحقِّ من حِصْنِ نَاعمٍ / وَقِيْلَ لهم ضاقت بقومِكمُ السُّبْلُ
مَشتْ رُسْلُهم للصّلحِ تَهوِي أمامَها / قُلوبٌ هِيَ الكُتْبُ الحثيثةُ والرُّسْلُ
يَظَلُّ عَمِيْدُ القومِ نُونُ بنُ يُوشَعٍ / يَقولُ هَلُمُّوا ذَلِكَ المركبُ السَّهْلُ
ولاذُوا بأكنافِ النبيِّ فصادفوا / كرِيماً يُرجَّى عنده العفوُ والفَضْلُ
أحلَّ لهم صُلحاً وإنّ دِماءَهم / وَأمْوَالَهم إن رَدَّهُمْ خُيَّباً حِلُّ
لئن خُلِقوا لِلُّؤمِ أهلاً فإنّه / لكلِّ الذي يسمو الكِرامُ به أَهْلُ
له النِّصْفُ من تِلْكَ الحُقولِ يُعِدُّهُ / لِكُلِّ فقيرٍ عضَّهُ البؤسُ والأزْلُ
كذلكَ مَوْلَى القومِ يَرْجُونَ ظِلَّهُ / وما خيرُ مولىً لا يَكونُ له ظِلُّ
نَلومُكَ يا يَومَ النُحوسِ وَنَعذِلُ
نَلومُكَ يا يَومَ النُحوسِ وَنَعذِلُ / وَأَنتَ عَلى ما أَنتَ تَمضِي وَتُقبِلُ
فَلا نَحنُ ما عِشنا عَنِ اللَّومِ نَرعوِي / ولا أَنتَ ما كرَّ الجديدان تَحفِلُ
وَنَحسَبُ أَنَّ الجِدَّ قَولٌ نُذيعُهُ / وَتحسبُ أَنّا في المَقالةِ نهزلُ
لعمرك ما أَسلفتَ فينا جَريرةً / وَلكنّ شعباً خامِلاً يَتعلَّلُ
يَلومُكَ فيما كانَ مِن جَهَلاتِهِ / فَهَل كُنتَ تُغريهِ لَيالي يَجهَلُ
كَذَلِكَ شَأنُ العاجزين وَهَكذا / يُسِيءُ إِلى الأَيّامِ مَن لَيسَ يَعقِلُ
ظلمناكَ وَالإِنسانُ بِالظُلمِ مُولَعٌ / فَلَيسَ وَإِن ناشَدتَهُ العَدلَ يَعدلُ
أَنِلنا الرِضى وَالقَ الَّذي جرَّ جَهلُنا / بِحِلمٍ لَو اَنَّ الحِلمَ عِندَكَ يُؤمَلُ
وَمُرَّ عَلَينا كُلّ يَومٍ مُسلِّماً / سَلامَ حَثيثِ السَيرِ لا يَتمهَّلُ
لَحا اللَهُ قَوماً حَمَّلونا مِن الأَذى / بِما ضيّعوا الأَوطانَ ما لَيسَ يُحمَلُ
همو خذلوها فاستُبِيحَ حَريمُها / وَما بَرحَت تَبغي انتِصاراً فَتُخذَلُ
أُعلِّلُ نَفسي وَالأَماني طماعةٌ
أُعلِّلُ نَفسي وَالأَماني طماعةٌ / وَنَفسُ الفَتى تَلهو وَذو العَيش يَأملُ
أُعلّلها بِالصالحاتِ مِن المُنى / وَبِالدَهرِ مِن بَعد الإِساءَةِ يُجمِلُ
وَما حاجَتي أَن أَرتَعي العَيش ناضِراً / أُعَلُّ بِماءِ الخَفضِ فيهِ وَأُنهَلُ
وَلكنّني أَرجو الحَياةَ لِأُمَّةٍ / تُقادُ إِلى الجَلّادِ ظُلماً وَتُقتَلُ
يَكيدُ لَها أَعداؤُها وَيَخونُها / بَنوها فَما تَدري عَلى مَن تُعوِّلُ
أَرى سَوءَةً شَنعاءَ لَستُ إِخالها / بِغَيرِ الدَمِ المُهراقِ عَن مَصرَ تُغسَلُ
أَصُدُّ بِوَجهي عَن كَثيرينَ إِنَّني
أَصُدُّ بِوَجهي عَن كَثيرينَ إِنَّني / أرى المَرءَ تُرديهِ الحَماقَةُ وَالجَهلُ
وَإِنّي لَأَستَصبي الغَبِيَّ وَأَزدَري / أَخا المالِ لا عِلمٌ لَدَيهِ وَلا فَضلُ
وَهَل يَتَخَطّى مَوضِعَ الحَزمِ فاضِلٌ / لَهُ أَدَبٌ في قَومِهِ وَلَهُ عَقلُ
أُكَلِّفُ جِدَّ الأَمرِ نَفسي وَلا أَرى / سِوى أُمَّةٍ خَرقاءَ شيمَتُها الهَزَلُ
تَمُرُّ بِها الأَحداثُ وَهيَ بِنَجوَةٍ / فَسِيّانِ مِنها ما يَمُرُّ وَما يَحلو
كَأَنَّ بِها خَبلاً يُخامِرُ عَقلَها / وَما يَستَوي العَقلُ الصَحيحُ وَلا الخَبلُ
أَرَدتُ لَها عِزَّ الحَياةِ فَأَعرَضَت / تُريدُ حَياةً ما يُفارِقُها الذُلُّ
بَني مِصرَ لوذوا بِالسَكينَةِ وَاِصبِروا
بَني مِصرَ لوذوا بِالسَكينَةِ وَاِصبِروا / فَما هِيَ إِلّا غَمرَةٌ ثُمَّ تَنجَلي
لَكُم في ظِلالِ السِلمِ ما جاوَزَ المُنى / وَأَعيا عَلى مَن باتَ لِلحَربِ يَصطَلي
نَزَلتُم عَلى حُكمِ الأَناةِ وَإِنَّما / نَزَلتُم مِنَ الدُنيا بِأَمنَعِ مَعقِلِ
رُدوا الأَمنَ مَعسولَ النِطافِ وَنَكِّبوا / بَني مِصرَ عَن وِردِ النَقيعِ المُثَمِّلِ
أَمِنتُم بَراكينَ الحُروبِ تُثيرُها / زَلازِلُ تَرمي بِالمَمالِكِ مِن عَلِ
تَثورُ فَتَمحو كُلَّ حِصنٍ وَتَرتَمي / فَتَمسَحُ مَقذوفاتُها كُلَّ جَحفَلِ
تَدُرُّ دَمَ الأَبطالِ مِن كُلِّ مَثعَبٍ / وَتَستَفرِغُ الآجالَ مِن كُلِّ مَقتَلِ
تَخَيَّرَ صنفَيها كُروبٌ وَموزَرٌ / لِحَصدِ البَرايا مِن أَخيرٍ وَأَوَّلِ
عَواصِفُ أَحياناً خَواطِفُ تارَةً / مَتى تَرَها شُمُّ المَعاقِلِ تَجفَلِ
فَكَيفَ بِكُم إِن أَرزَمَت مُرجَحِنَّةٌ / تَصوبُ بِمَصهورِ الحَديدِ المُجَلجِلِ
بَني مِصرَ هَذا حاصِدُ المَوتِ حانِقٌ / عَلى الأَرضِ يَرمي كُلَّ نَفسٍ بِمِنجَلِ
تَرَدّوا لِباسَ السِلمِ لا تَعدِلوا بِهِ / سَرابيلَ مِن نَسجِ الفَناءِ المُعَجَّلِ
لَئِن أَظمَأَ المالُ الجُيوبَ فَرُبَّما / رَمى كُلَّ جَيبٍ مِن نُضارٍ بِمَنهَلِ
فَما بَرِحَ الوُرّادُ مِن كُلِّ منزِعٍ / عَلى جانِبَيهِ مِن عُكوفٍ وَنُزَّلِ
أَلَحّوا عَلَيهِ بِالدَلاءِ تُجيلُها / يَدا كُلِّ مَوّارِ الرِشاءَينِ موغِلِ
سَيَعرِفُنا التاريخُ إِن كانَ جاهِلاً / وَيَقضي لَنا بِالفَضلِ مَن جاءَ يَبتَلي
أَخَذنا بِأَسبابِ الحَياةِ نَسوسُها / سَياسَةَ شَعبٍ ذي تَجارِبَ حُوَّلِ
نُصانِعُ أَحداثَ اللَيالي فَإِن أَبَت / رَضينا بِأَحكامِ القَضاءِ المُنَزَّلِ
لعمري لئن خاسَ الرئيسُ بعهده
لعمري لئن خاسَ الرئيسُ بعهده / وقام عليه للرياءِ دليلُ
لَعهدي به جَمُّ التقلّبِ ماله / سِوى الغدرِ إن جدَّ الوُفاةُ سبيلُ
وما كان ممن يَعرفُ الحقَّ أو يرى / مكان الهُدَى والعارفون قليلُ
وما كنتُ أخشى أن يرى النّاسُ رأيَهُ / فَتَعْمَى قلوبٌ أو تطيشَ عقولُ
ألا في سبيل الله مِنّا مواقفٌ / رأينا بها الأحداثَ كيف تهولُ
رُمينا بأمثالِ الجِبالِ من الأذى / وسالت علينا للسِّبابِ سُيولُ
فما رابنا في الحقِّ ما راب غيرَنا / ولا عابنا عمّا نريد نُكولُ
نجاهدُ لا نرجو سوى اللهِ ناصراً / ولا نَستِحلُّ البَغْيَ حين نُصولُ
على ذِكرِها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ
على ذِكرِها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ / ويُؤمنْ بأنّ البَغْيَ شتّى غوائلُهْ
هي العزوةُ الكُبرى هَوَى الشِّركُ إذْ رَمَتْ / جحافلُها العُظْمَى وَوَلَّتْ جَحافِلُهْ
وأصبح دينُ اللهِ قد قامَ رُكنُهُ / فأَقْصرَ مِن أعدائِه مَنْ يُطاوِلُهْ
بَنَتْهُ سيوفُ اللهِ بالدّمِ إنّه / لأَصلَبُ من صُمِّ الجلاميدِ سائلُهْ
تكِلُّ قُوى الجبّارِ عما تُقيِمه / عليه يدُ الباني وتَنْبُو معاولُهْ
أهاب رسولُ اللهِ بالجندِ أقْدِمُوا / ولا ترهبوا الطّاغوتَ فاللهُ خاذِلُهْ
أَمَا تنظرون الأرضَ كيف أظلّها / من الشِّركِ دينٌ أَهْلَكَ الناسَ باطِلُهْ
خُذوه ببأسٍ لا تَطيشُ سِهامُهُ / فأنتم مناياهُ وهذي مَقاتِلُهْ
علينا الهُدى إمّا بآياتِ ربِّنا / وإمّا بِحَدِّ السّيفِ لا خَابَ حاملُهْ
إذا أنكر القومُ البراهينَ أَخْضَعَتْ / براهينُه أعناقَهم ودلائلُهْ
مَضَى البأسُ بَدْريَّ المَشَاهِدِ ترتمِي / أعاصيرُه ناراً وتغلي مَراجلُهْ
وضجَّ رسولُ اللهِ يدعو إلهَهُ / فيالكَ من جُندٍ طوى الجوَّ جافُلهْ
تَنَزَّلَ يُزجِي النَّصرَ تنسابُ من عَلٍ / شآبيبُه نُوراً وينهلُّ وابلُهْ
أحيزومُ أقْدِمْ إنّه الجِدُّ لن يرى / سِواهُ عَدُوٌّ كاذبُ البأسِ هازلُهْ
هو اللهُ يحمي دينَهُ ويُعِزّهُ / فَمَنْ ذا يُناويهِ ومن ذا يُصاولُهْ
تمزّقَ جيشُ الكُفرِ وانْحلَّ عِقْدُهُ / فخابت أَمانيهِ وأَعْيَتْ وسائلُهْ
وما بِرسولِ اللهِ إذ ناله الأَذَى / سِوَى ما ارْتَضَتْ أخلاقُه وشمائلُهْ
نبيٌّ يُحبُّ اللهَ حبَّ مُجاهدٍ / يَرَى دَمَهُ مِن حقِّهِ فهو باذلُهْ
يُعظِّمُه في نفسِه ويُطِيعُه / وما يَقْضِ من أَمرٍ له فهو قابلُهْ
كذلكَ كان المُسلِمونَ الأُلىَ مَضَوا / فيالكَ عصراً يبعثُ الحُزْنَ زائلُهْ
صَدَفْنَا عَنِ المُثْلىَ فَأصْبَحَ أَمْرُنا / إلى غيرنا نهذِي به وَهوَ شاغِلُهْ
يُجالِدُ من يبغي الحياةَ عَدُوَّهُ / فيا لِعَدُوٍّ لم يجد من يُجادِلُهْ
بِنا من عوادِي الدّهرِ كلُّ مُسلَّطٍ / مكائدُه مَبثوثَةٌ وحَبائِلُهْ
قَضينا المَدَى ما تستقيمُ أُمورُنا / وهل يَستقِيمُ الأمرُ عَاليهِ سافِلُهْ
عجبتُ لِقومِي عُطِّلَ الدّينُ بينهم / وجُنُّوا به والجهلُ شَتَّى مَنازِلُهْ
يُحبُّونَهُ حُبَّ الذي ضلَّ رأيُهُ / فقاطِعُه مِنْهُمْ سَواءٌ وواصلُهْ
صلاةٌ وَصَوْمٌ يَرْكُضُ الشرُّ فيهما / حَثيثاً تَهُزُّ المَشْرِقَينِ صواهِلُهْ
وكيف يقومُ الدّينُ ما بين أُمّةٍ / إذا عُطِّلَتْ آدابُه وفضائِلُهْ
سَلامٌ علينا يومَ يَصْدُقُ بأسُنا / فَيَمْضِي بنا في كلِّ أمرٍ نُحاوِلُهْ
ويومَ تكونُ الأرضُ تحتَ لوائِنا / فليس عليها من لواءٍ يُماثلُهْ
أَنَمْشِي بِطاءً والخطوبُ تَنُوبُنا / سِراعاً وعادي الشَّرِّ ينقضُّ عاجِلُهْ
أَلاَ هِمَّةٌ بدريَّةٌ تكشفُ الأَذَى / وتشفِي من الهَمِّ الذي اهتاج دَاخِلُهْ
أَلا أُمّةٌ تَنْهَى النُّفوسَ عنِ الهَوَى / وتُصْغِي إلى القَوْلِ الذي أنا قائِلُهْ
أَلاَ دولةٌ للحقِّ تَسْلُكُ نَهْجَهُ / وتمشِي على آثارهِ ما تُزايلُهْ
إذا نحنُ لم نَرْشُدْ ولم نَتْبَعِ الهُدَى / فلا تُنكِروا يا قومُ ما اللهُ فاعِلُهْ