القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 10
بِسيفك فيما اخترتَ من عاجلِ القتلِ
بِسيفك فيما اخترتَ من عاجلِ القتلِ / سُقِيتَ ذُعافَ الموتِ فَاشْربْ أبا جَهلِ
هُو السّيفُ لولا الجبنُ لم يَمْضِ حدُّه / ولم يَرْضَ في جِدّ الكريهةِ بالهزلِ
شَهِدْتَ الوغَى تَبغِي على الضّعفِ راحةً / لِنَفْسِكَ من حِقدٍ مُذيبٍ ومن غِلِّ
أفرعونُ إن تجهلْ فلن تَجهَل الوغَى / فَراعينَها مِن ذي شَبابٍ ومن كَهْلِ
أصابَك فيها ما أصابَك من أذىً / وفاتَك ما نالَ الرُّوَيْعِيُّ من فَضْلِ
رَماكُ مُعاذٌ قبله ومُعوّذٌ / وجاءك مَشبوباً حَمِيَّتُهُ تَغلي
سَقى السّيفَ عفواً من دمٍ لك طَيِّعٍ / فَمِن مُرتقَىً صعبٍ إلى مُسْتَقىً سَهْلِ
دَعِ الهزلَ يا ابْنَ الحنظليَّةِ إنّه / هو الجِدُّ كلُّ الجِدِّ لو كنتَ ذا عقلِ
هِيَ اللاّتُ والعُزَّى أضلّتْكَ هذِهِ / وزادتْكَ هذي من ضلالٍ ومن خَبْلِ
مَضَى جارُك المأفونُ خَزيانَ وَانْقَضَتْ / حِبالُك فَانْظُرْ هل ترى الآن من حَبْلِ
لقد كنتَ ترجو أن ترى الهُبَلَ الذي / رَضِيتَ به رَبّاً يَفوزُ ويَسْتَعْلِي
أصبتَ ابنَ مسعودٍ سَناءً ورفعةً / وباءَ عدوُّ اللّهِ بالخِزي والذُّلِّ
فَخُذْ سَيْفَهُ ثم ارفعِ الصَّوتَ شاكراً / فما بعدَ ما أعطاكَ ربُّك من سُؤْلِ
على ذكرها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ
على ذكرها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ / ويُؤمنْ بأنّ البغيَ شتَّى غَوائلُهْ
هِيَ الغزوةُ الكبرى هَوى الشّركُ إذ رمت / جَحافِلُها العظمى وولّت جَحافلُهْ
وأصبح دينُ اللهِ قد قام رُكنُهُ / فَأقصرَ من أعدائهِ مَن يُطاوله
بَنَتْهُ سيوفُ اللهِ بالعزمِ إنّه / لأصلبُ من صُمِّ الجلاميدِ سائله
تَكِلُّ قُوى الجبّارِ عما تُقيمه / عليه يَدُ الباني وتنبو مَعاوِله
أهاب رسولُ اللهِ بالجندِ أقدِموا / ولا ترهبوا الطاغوتَ فاللّهُ خاذله
أما تنظرون الأرض كيف أظلَّها / من الشّركِ دينٌ أهلك النّاسَ باطله
خُذوه ببأسٍ لا تطيشُ سهامُه / فأنتم مَناياهُ وهَذي مقاتله
علينا الهُدَى إمّا بآياتِ ربّنا / وإمّا بحدِّ السّيفِ لا خابَ حامله
إذا أنكر القومُ البراهينَ أخضعت / براهينُه أعناقَهم ودلائله
مضى البأسُ بَدْرِيَّ المشاهدِ تَرتمِي / أعاصيرهُ ناراً وتَغلِي مراجله
وضَجَّ رسولُ الله يدعو إلهه / فيا لكَ من جندٍ طوى الجوَّ جافله
تَنّزلَ يُزجي النصرَ تنسابُ من عَلٍ / شآبيبُه نوراً وينهلُّ وابله
أحيزومُ أقدِمْ إنه الجِدُّ لن يرى / سواه عدوٌّ كاذبُ البأسِ هازله
هو الله يحمي دينَه ويُعزُّه / فمن ذا يناويه ومن ذا يُصاوله
تمزّقَ جيشُ الكفر وانحلَّ عقدُه / فخابت أمانيه وأعيت وسائله
وما برسولِ الله إذ ناله الأذى / سوى ما ارتضت أخلاقُهُ وشمائله
نبيٌّ يُحبُّ الله حُبَّ مجاهدٍ / يرى دَمهُ من حقّه فهو باذله
يُعظّمهُ في نفسِهِ ويُطيعُهُ / وما يقضِ من أمرٍ له فهو قابله
كذلك كان المسلمونَ الأُلى مضَوْا / فيا لكَ عصراً يبعثُ الحزنَ زائله
صَدفنا عن المُثلى فأصبحَ أمرُنا / إلى غيرنا نَهذِي به وهو شاغله
يُجالِدُ من يَبغِي الحياةَ عدوَّه / فيا لعدوٍّ لم يَجد من يُجادله
بنا من عوادِي الدّهرِ كلُّ مُسلَّطٍ / مَكائدُه مبثوثةٌ وحبائله
قضينا المدى ما تستقيمُ أمورنا / وهل يستقيم الأمرُ عاليه سافله
عَجِبتُ لقومي عُطّلَ الدّينُ بينهم / وجُنُّوا به والجهلُ شتَّى منازله
يُحبّونه حُبَّ الذي ضلَّ رأيُه / فَقاطعهُ منهم سواء وواصله
صلاةٌ وصَومٌ يَركضُ الشرُّ فيهما / حَثيثاً تَهزُّ المشرقَيْنِ صَواهِله
وكيف يقومُ الدّينُ ما بين أمّةٍ / إذا عُطِّلتْ آدابُه وفضائله
سلامٌ علينا يوم يصدقُ بأسُنا / فيمضِي بنا في كلّ أمرٍ نُحاوله
ويومَ تكونُ الأرض تحت لوائِنا / فليس عليها من لواءٍ يُماثله
أنمشي بِطاءً والخطوبُ تَنوبُنا / سِراعاً وعادِي الشرِّ ينقضُّ عاجله
ألا همّةٌ بدريّةٌ تكشفُ الأذى / وتشفِي من الهمِّ الذي اهتاجَ داخله
ألا أمةٌ تنهَى النفوسَ عن الهوى / وتُصْغِي إلى القولِ الذي أنا قائله
ألا دولةٌ للحقِّ تسلك نهجه / وتمشِي على آثارهِ ما تُزايله
إذا نحن لم نَرشدْ ولم نتبعِ الهُدَى / فلا تنكروا يا قومُ ما الله فاعله
إليك أبا سُفيانَ لا الوعدُ صادقٌ
إليك أبا سُفيانَ لا الوعدُ صادقٌ / ولا أنت ذو جِدٍّ ولا القومُ أبطالُ
أتاك ابنُ مسعودٍ بأنباءِ يثربٍ / فما تنقضي منكم همومٌ وأوجال
لكم عند بدرٍ في لواء محمدٍ / خطوبٌ تَرامَى بالنّفوسِ وأهوال
هنالك قومٌ يا ابن حربٍ كأنّهم / إذا عَصفتْ ريحُ الكريهةِ أغوال
جُنودٌ عليها من عليٍّ مُظَّفرٌ / لدى الرَّوْعِ جيّاش على الهَوْلِ جَوّالُ
دَع المرءَ يذهبْ بالأباطيلِ مُرجِفاً / وَعِدْهُ جزاء الإفكِ لا حبّذا المال
تَردّدَ يخشى منك شِيمَة مُخلِفٍ / يقولُ فلا وَعدٌ وَفِيٌّ ولا قال
تمسَّك من قولِ ابن عمروٍ بمَوْثِقٍ / وطارت به في الجو هوجاء مجفال
مضى يصف الكفار وصف مهول / يقولُ جموعٌ ما تُعَدُّ وأرسال
فما وجفت تلك القلوبُ ولم تكن / كأخرى لها من هَدَّةِ الرُّعبِ زلزال
رِجالٌ رسا الإيمانُ مِلءَ نُفوسهم / فلا الجبنُ مَنجاةٌ ولا البأسُ قَتَّال
ولا الموتُ مكروهٌ على العزِّ وِردُه / ولا العيشُ مورودٌ إذا خِيفَ إذلال
تَداعَوْا فقالوا حسبُنا اللهُ إنّه / لِما شاءَ من نصرِ الهُداةِ لَفعّال
وأرسلها الصِّدِّيقُ دِيمةَ حِكمةٍ / لها من فمِ الفاروقِ سَحٌّ وتَهطال
محمدُ إنّ اللّهَ ناصرُ دينِهِ / ومُظهِرهُ والحقُّ أقطعُ فَصّال
لهم مَوعِدٌ لا بدّ منه ومَورِدٌ / من الحتفِ تغشاهُ نفوسٌ وآجال
عَزيزٌ علينا أن تكونَ مَقالةً / يُردّدُها قومٌ مَهاذيرُ جُهَّالُ
يقولون لولا الخوفُ منّا لأقبلوا / وإنَّا لإقدامٌ حثيثٌ وإقبال
وخفَّ أبو سُفيانَ يكذبُ نفسَهُ / ويُشهِدُها من خيفةٍ كيف يحتال
يقول وقد وافى الرجالُ مَجنَّةً / أيا قومنا مهلاً فإنّا لَضُلّال
أيا قومنا إنّا نرى العامَ مُجدِباً / وشرُّ عَتادِ الحربِ حَدبُ وإمحال
فعودوا إلى عامٍ من الخصبِ صالحٍ / ولا تقربوا الهيجاءَ فالقومُ أصلال
تَقّدمَ جيشُ اللّهِ وارتدَّ جيشُهم / وما فيه أكفاءٌ تُهابُ وأمثال
وأين من الصّيدِ المصاليتِ معشرٌ / لهم من مواليهم لدى البأسِ خُذّالُ
لبئس الموالي ما تَزالُ تغرّهم / ظنونٌ كأحلامِ النّيامِ وآمال
ألا إنَّها الدنيا أُعِيدَ بناؤها / وَصِيغَ لها رسمٌ جديدٌ وتمثال
فلا شأنُها الشأنُ الذي كان يرتضِي / بَنُوها الأُلى بادوا ولا حالُها الحال
عفا السّالفُ المغبَرُّ من سيِّئاتها / فتلك بقاياها قبورٌ وأطلال
أتبقى قلوبُ النّاسِ في ظُلماتها / تَظاهرُ أكنانٌ عليها وأقفال
هو النّورُ نورُ اللّهِ يملأُ أرضَه / فتلقَى الهُدى فيه عصورٌ وأجيال
أتى مطلقُ الأسرى يُحرِّرُ أنفساً / لها من سجاياها قيودٌ وأغلال
مَحيصةُ بلّغْ ما أُمِرتَ فإنّما
مَحيصةُ بلّغْ ما أُمِرتَ فإنّما / هو الدينُ دينُ المسلمِينَ أو القتلُ
إلى فَدَكٍ فَاحْمِلْ بَلاَغ مُحمّدٍ / وأَنْذِرْ بها قوماً أضلَّهمُ الجَهْلُ
أَبَوْا أن يُجِيبوا دَاعِيَ اللَّهِ وَابْتَغُوا / سَبِيْلَ الألى أعماهُمُ الحِقْدُ والغِلُّ
يَقولون لن يَسْطِيعَ جيشُ مُحمّدٍ / بخيبرَ نصراً إنّها مَطلبٌ بَسْلُ
يُدافِعُ عنها من صَنَادِيْدِ أهلِها / رِجالٌ إذا خاضوا الوَغَى بَطَلَ الهَزْلُ
لها عامرٌ عِنْدَ البلاءِ وياسرٌ / لها مَرْحَبٌ والحارثُ البطلُ الفَحْلُ
وإنَّ بها من كُلِّ رامٍ وَضَارِبٍ / أُلوفاً هُم السُّمُّ الذُّعافُ لمن يَبْلو
على أنّنا لا نكرهُ السّلمَ فانتظِرْ / مَحيصةُ واصبِرْ إنّها خُطّةٌ فَصْلُ
كذَلِكَ قالوا يمكرون كَدَأْبِهِمْ / وماذا يُفيْدُ المكرُ أو يَنفعُ الخَتْلُ
أطالوا المدَى حَتَّى يَروا جَدَّ قومِهم / وَجَدَّ رسولِ اللَّهِ أيُّهما يَعْلُو
فلمَّا رُمُوا بالحقِّ من حِصْنِ نَاعمٍ / وَقِيْلَ لهم ضاقت بقومِكمُ السُّبْلُ
مَشتْ رُسْلُهم للصّلحِ تَهوِي أمامَها / قُلوبٌ هِيَ الكُتْبُ الحثيثةُ والرُّسْلُ
يَظَلُّ عَمِيْدُ القومِ نُونُ بنُ يُوشَعٍ / يَقولُ هَلُمُّوا ذَلِكَ المركبُ السَّهْلُ
ولاذُوا بأكنافِ النبيِّ فصادفوا / كرِيماً يُرجَّى عنده العفوُ والفَضْلُ
أحلَّ لهم صُلحاً وإنّ دِماءَهم / وَأمْوَالَهم إن رَدَّهُمْ خُيَّباً حِلُّ
لئن خُلِقوا لِلُّؤمِ أهلاً فإنّه / لكلِّ الذي يسمو الكِرامُ به أَهْلُ
له النِّصْفُ من تِلْكَ الحُقولِ يُعِدُّهُ / لِكُلِّ فقيرٍ عضَّهُ البؤسُ والأزْلُ
كذلكَ مَوْلَى القومِ يَرْجُونَ ظِلَّهُ / وما خيرُ مولىً لا يَكونُ له ظِلُّ
نَلومُكَ يا يَومَ النُحوسِ وَنَعذِلُ
نَلومُكَ يا يَومَ النُحوسِ وَنَعذِلُ / وَأَنتَ عَلى ما أَنتَ تَمضِي وَتُقبِلُ
فَلا نَحنُ ما عِشنا عَنِ اللَّومِ نَرعوِي / ولا أَنتَ ما كرَّ الجديدان تَحفِلُ
وَنَحسَبُ أَنَّ الجِدَّ قَولٌ نُذيعُهُ / وَتحسبُ أَنّا في المَقالةِ نهزلُ
لعمرك ما أَسلفتَ فينا جَريرةً / وَلكنّ شعباً خامِلاً يَتعلَّلُ
يَلومُكَ فيما كانَ مِن جَهَلاتِهِ / فَهَل كُنتَ تُغريهِ لَيالي يَجهَلُ
كَذَلِكَ شَأنُ العاجزين وَهَكذا / يُسِيءُ إِلى الأَيّامِ مَن لَيسَ يَعقِلُ
ظلمناكَ وَالإِنسانُ بِالظُلمِ مُولَعٌ / فَلَيسَ وَإِن ناشَدتَهُ العَدلَ يَعدلُ
أَنِلنا الرِضى وَالقَ الَّذي جرَّ جَهلُنا / بِحِلمٍ لَو اَنَّ الحِلمَ عِندَكَ يُؤمَلُ
وَمُرَّ عَلَينا كُلّ يَومٍ مُسلِّماً / سَلامَ حَثيثِ السَيرِ لا يَتمهَّلُ
لَحا اللَهُ قَوماً حَمَّلونا مِن الأَذى / بِما ضيّعوا الأَوطانَ ما لَيسَ يُحمَلُ
همو خذلوها فاستُبِيحَ حَريمُها / وَما بَرحَت تَبغي انتِصاراً فَتُخذَلُ
أُعلِّلُ نَفسي وَالأَماني طماعةٌ
أُعلِّلُ نَفسي وَالأَماني طماعةٌ / وَنَفسُ الفَتى تَلهو وَذو العَيش يَأملُ
أُعلّلها بِالصالحاتِ مِن المُنى / وَبِالدَهرِ مِن بَعد الإِساءَةِ يُجمِلُ
وَما حاجَتي أَن أَرتَعي العَيش ناضِراً / أُعَلُّ بِماءِ الخَفضِ فيهِ وَأُنهَلُ
وَلكنّني أَرجو الحَياةَ لِأُمَّةٍ / تُقادُ إِلى الجَلّادِ ظُلماً وَتُقتَلُ
يَكيدُ لَها أَعداؤُها وَيَخونُها / بَنوها فَما تَدري عَلى مَن تُعوِّلُ
أَرى سَوءَةً شَنعاءَ لَستُ إِخالها / بِغَيرِ الدَمِ المُهراقِ عَن مَصرَ تُغسَلُ
أَصُدُّ بِوَجهي عَن كَثيرينَ إِنَّني
أَصُدُّ بِوَجهي عَن كَثيرينَ إِنَّني / أرى المَرءَ تُرديهِ الحَماقَةُ وَالجَهلُ
وَإِنّي لَأَستَصبي الغَبِيَّ وَأَزدَري / أَخا المالِ لا عِلمٌ لَدَيهِ وَلا فَضلُ
وَهَل يَتَخَطّى مَوضِعَ الحَزمِ فاضِلٌ / لَهُ أَدَبٌ في قَومِهِ وَلَهُ عَقلُ
أُكَلِّفُ جِدَّ الأَمرِ نَفسي وَلا أَرى / سِوى أُمَّةٍ خَرقاءَ شيمَتُها الهَزَلُ
تَمُرُّ بِها الأَحداثُ وَهيَ بِنَجوَةٍ / فَسِيّانِ مِنها ما يَمُرُّ وَما يَحلو
كَأَنَّ بِها خَبلاً يُخامِرُ عَقلَها / وَما يَستَوي العَقلُ الصَحيحُ وَلا الخَبلُ
أَرَدتُ لَها عِزَّ الحَياةِ فَأَعرَضَت / تُريدُ حَياةً ما يُفارِقُها الذُلُّ
بَني مِصرَ لوذوا بِالسَكينَةِ وَاِصبِروا
بَني مِصرَ لوذوا بِالسَكينَةِ وَاِصبِروا / فَما هِيَ إِلّا غَمرَةٌ ثُمَّ تَنجَلي
لَكُم في ظِلالِ السِلمِ ما جاوَزَ المُنى / وَأَعيا عَلى مَن باتَ لِلحَربِ يَصطَلي
نَزَلتُم عَلى حُكمِ الأَناةِ وَإِنَّما / نَزَلتُم مِنَ الدُنيا بِأَمنَعِ مَعقِلِ
رُدوا الأَمنَ مَعسولَ النِطافِ وَنَكِّبوا / بَني مِصرَ عَن وِردِ النَقيعِ المُثَمِّلِ
أَمِنتُم بَراكينَ الحُروبِ تُثيرُها / زَلازِلُ تَرمي بِالمَمالِكِ مِن عَلِ
تَثورُ فَتَمحو كُلَّ حِصنٍ وَتَرتَمي / فَتَمسَحُ مَقذوفاتُها كُلَّ جَحفَلِ
تَدُرُّ دَمَ الأَبطالِ مِن كُلِّ مَثعَبٍ / وَتَستَفرِغُ الآجالَ مِن كُلِّ مَقتَلِ
تَخَيَّرَ صنفَيها كُروبٌ وَموزَرٌ / لِحَصدِ البَرايا مِن أَخيرٍ وَأَوَّلِ
عَواصِفُ أَحياناً خَواطِفُ تارَةً / مَتى تَرَها شُمُّ المَعاقِلِ تَجفَلِ
فَكَيفَ بِكُم إِن أَرزَمَت مُرجَحِنَّةٌ / تَصوبُ بِمَصهورِ الحَديدِ المُجَلجِلِ
بَني مِصرَ هَذا حاصِدُ المَوتِ حانِقٌ / عَلى الأَرضِ يَرمي كُلَّ نَفسٍ بِمِنجَلِ
تَرَدّوا لِباسَ السِلمِ لا تَعدِلوا بِهِ / سَرابيلَ مِن نَسجِ الفَناءِ المُعَجَّلِ
لَئِن أَظمَأَ المالُ الجُيوبَ فَرُبَّما / رَمى كُلَّ جَيبٍ مِن نُضارٍ بِمَنهَلِ
فَما بَرِحَ الوُرّادُ مِن كُلِّ منزِعٍ / عَلى جانِبَيهِ مِن عُكوفٍ وَنُزَّلِ
أَلَحّوا عَلَيهِ بِالدَلاءِ تُجيلُها / يَدا كُلِّ مَوّارِ الرِشاءَينِ موغِلِ
سَيَعرِفُنا التاريخُ إِن كانَ جاهِلاً / وَيَقضي لَنا بِالفَضلِ مَن جاءَ يَبتَلي
أَخَذنا بِأَسبابِ الحَياةِ نَسوسُها / سَياسَةَ شَعبٍ ذي تَجارِبَ حُوَّلِ
نُصانِعُ أَحداثَ اللَيالي فَإِن أَبَت / رَضينا بِأَحكامِ القَضاءِ المُنَزَّلِ
لعمري لئن خاسَ الرئيسُ بعهده
لعمري لئن خاسَ الرئيسُ بعهده / وقام عليه للرياءِ دليلُ
لَعهدي به جَمُّ التقلّبِ ماله / سِوى الغدرِ إن جدَّ الوُفاةُ سبيلُ
وما كان ممن يَعرفُ الحقَّ أو يرى / مكان الهُدَى والعارفون قليلُ
وما كنتُ أخشى أن يرى النّاسُ رأيَهُ / فَتَعْمَى قلوبٌ أو تطيشَ عقولُ
ألا في سبيل الله مِنّا مواقفٌ / رأينا بها الأحداثَ كيف تهولُ
رُمينا بأمثالِ الجِبالِ من الأذى / وسالت علينا للسِّبابِ سُيولُ
فما رابنا في الحقِّ ما راب غيرَنا / ولا عابنا عمّا نريد نُكولُ
نجاهدُ لا نرجو سوى اللهِ ناصراً / ولا نَستِحلُّ البَغْيَ حين نُصولُ
على ذِكرِها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ
على ذِكرِها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ / ويُؤمنْ بأنّ البَغْيَ شتّى غوائلُهْ
هي العزوةُ الكُبرى هَوَى الشِّركُ إذْ رَمَتْ / جحافلُها العُظْمَى وَوَلَّتْ جَحافِلُهْ
وأصبح دينُ اللهِ قد قامَ رُكنُهُ / فأَقْصرَ مِن أعدائِه مَنْ يُطاوِلُهْ
بَنَتْهُ سيوفُ اللهِ بالدّمِ إنّه / لأَصلَبُ من صُمِّ الجلاميدِ سائلُهْ
تكِلُّ قُوى الجبّارِ عما تُقيِمه / عليه يدُ الباني وتَنْبُو معاولُهْ
أهاب رسولُ اللهِ بالجندِ أقْدِمُوا / ولا ترهبوا الطّاغوتَ فاللهُ خاذِلُهْ
أَمَا تنظرون الأرضَ كيف أظلّها / من الشِّركِ دينٌ أَهْلَكَ الناسَ باطِلُهْ
خُذوه ببأسٍ لا تَطيشُ سِهامُهُ / فأنتم مناياهُ وهذي مَقاتِلُهْ
علينا الهُدى إمّا بآياتِ ربِّنا / وإمّا بِحَدِّ السّيفِ لا خَابَ حاملُهْ
إذا أنكر القومُ البراهينَ أَخْضَعَتْ / براهينُه أعناقَهم ودلائلُهْ
مَضَى البأسُ بَدْريَّ المَشَاهِدِ ترتمِي / أعاصيرُه ناراً وتغلي مَراجلُهْ
وضجَّ رسولُ اللهِ يدعو إلهَهُ / فيالكَ من جُندٍ طوى الجوَّ جافُلهْ
تَنَزَّلَ يُزجِي النَّصرَ تنسابُ من عَلٍ / شآبيبُه نُوراً وينهلُّ وابلُهْ
أحيزومُ أقْدِمْ إنّه الجِدُّ لن يرى / سِواهُ عَدُوٌّ كاذبُ البأسِ هازلُهْ
هو اللهُ يحمي دينَهُ ويُعِزّهُ / فَمَنْ ذا يُناويهِ ومن ذا يُصاولُهْ
تمزّقَ جيشُ الكُفرِ وانْحلَّ عِقْدُهُ / فخابت أَمانيهِ وأَعْيَتْ وسائلُهْ
وما بِرسولِ اللهِ إذ ناله الأَذَى / سِوَى ما ارْتَضَتْ أخلاقُه وشمائلُهْ
نبيٌّ يُحبُّ اللهَ حبَّ مُجاهدٍ / يَرَى دَمَهُ مِن حقِّهِ فهو باذلُهْ
يُعظِّمُه في نفسِه ويُطِيعُه / وما يَقْضِ من أَمرٍ له فهو قابلُهْ
كذلكَ كان المُسلِمونَ الأُلىَ مَضَوا / فيالكَ عصراً يبعثُ الحُزْنَ زائلُهْ
صَدَفْنَا عَنِ المُثْلىَ فَأصْبَحَ أَمْرُنا / إلى غيرنا نهذِي به وَهوَ شاغِلُهْ
يُجالِدُ من يبغي الحياةَ عَدُوَّهُ / فيا لِعَدُوٍّ لم يجد من يُجادِلُهْ
بِنا من عوادِي الدّهرِ كلُّ مُسلَّطٍ / مكائدُه مَبثوثَةٌ وحَبائِلُهْ
قَضينا المَدَى ما تستقيمُ أُمورُنا / وهل يَستقِيمُ الأمرُ عَاليهِ سافِلُهْ
عجبتُ لِقومِي عُطِّلَ الدّينُ بينهم / وجُنُّوا به والجهلُ شَتَّى مَنازِلُهْ
يُحبُّونَهُ حُبَّ الذي ضلَّ رأيُهُ / فقاطِعُه مِنْهُمْ سَواءٌ وواصلُهْ
صلاةٌ وَصَوْمٌ يَرْكُضُ الشرُّ فيهما / حَثيثاً تَهُزُّ المَشْرِقَينِ صواهِلُهْ
وكيف يقومُ الدّينُ ما بين أُمّةٍ / إذا عُطِّلَتْ آدابُه وفضائِلُهْ
سَلامٌ علينا يومَ يَصْدُقُ بأسُنا / فَيَمْضِي بنا في كلِّ أمرٍ نُحاوِلُهْ
ويومَ تكونُ الأرضُ تحتَ لوائِنا / فليس عليها من لواءٍ يُماثلُهْ
أَنَمْشِي بِطاءً والخطوبُ تَنُوبُنا / سِراعاً وعادي الشَّرِّ ينقضُّ عاجِلُهْ
أَلاَ هِمَّةٌ بدريَّةٌ تكشفُ الأَذَى / وتشفِي من الهَمِّ الذي اهتاج دَاخِلُهْ
أَلا أُمّةٌ تَنْهَى النُّفوسَ عنِ الهَوَى / وتُصْغِي إلى القَوْلِ الذي أنا قائِلُهْ
أَلاَ دولةٌ للحقِّ تَسْلُكُ نَهْجَهُ / وتمشِي على آثارهِ ما تُزايلُهْ
إذا نحنُ لم نَرْشُدْ ولم نَتْبَعِ الهُدَى / فلا تُنكِروا يا قومُ ما اللهُ فاعِلُهْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025