القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِيف اليازجي الكل
المجموع : 9
أتَعلَمُ ما هاجَتْ بقلبي من الشُغْلِ
أتَعلَمُ ما هاجَتْ بقلبي من الشُغْلِ / مُخدَّرةٌ تَسبِي بأهدابِها الكُحْلِ
غَزالةُ إنسٍ لا غَزالةُ رَبرَبٍ / رَعتْ حَبَّةً للقلبِ لا عَرْفَجَ الرَملِ
اتتني من الزَواراء تَسحَبُ ذَيلَها / دَلالاً فزادَتْ غُلَّةَ الشَوقِ بالوَصلِ
بذَلتُ لها مَهْرَ العَرُوسِ من الحِلَى / فعافتهُ إجلالاً فأمهَرتُها عَقلي
رَبيبةُ حُسنٍ صَيَّرتْني ربيبها / ويا حبّذا ما نِلتُ من شَرَفِ المِثْلِ
ظَفِرنا بها من جُودِ أكرَمِ مُرسِلٍ / علينا فكانَتْ عِندنا أكرَمَ الرُسْلِ
هو الجوهرُ الفردُ المعرَّفُ شخصُهُ / بنَوعِ السجايا ليسَ بالجنِسِ والفَصلِ
نتيجةُ دَهرٍ لا يقاسُ بفضلهِ / صحيحُ القضايا صادِقُ الوَضْعِ والحَمْلِ
هو العُمَريُّ السَيّدُ الماجدُ الذي / لهُ الشَرَفُ المحفوظُ فَرعاً عنِ الأصلِ
لئن لم يكُ الفاروقُ أخلَفَ غيرَهُ / منَ النَسلِ أغنَى القومَ عن كثرةِ النسلِ
تَسامَى إلى أنْ صارَ أعلى من السُهَى / وفاضَ إلى أنْ صارَ أجرَى من الوَبْلِ
أشدُّ جِلاءً في الخُطوبِ من الضُّحَى / وأمضَى يَداً في المُشكلاتِ منَ النَصْلِ
تخِرُّ له الأقلامُ وهيَ نَواكِسٌ / فيُكسبُها فخراً على أنفَذِ النَبْلِ
تصيد المعاني سانحاً بعد بارحٍ / كما وقف القانص في ملتقى السبل
لهُ مِنَّةٌ طَالتْ عليّ ونعمةٌ / عَلَتْ فوقَ رأسي كالسَّحُوقِ من النَخلِ
إذا رُمتُ شكر الفضلِ أنَهضتُ همَّتي / فأقعَدها وِقرٌ جديدٌ من الفَضلِ
رمى البعضَ من شعري الضعيفِ بطَرفِهِ / فأولاهُ تقريظاً فسادَ على الكُلِّ
رأى كلُّ بيتٍ نفسَهُ كقَصيدةٍ / فضاقَ بهِ ما كانَ يَحْويه من قبلِ
بك افتَخَرتْ يا كَعبةَ الفخرِ نُبذَةٌ / قَدِ انتبَذَتْ أقصَى مكانٍ من الجَهل
تَقولُ كَفاني شاهدٌ مِثلُهُ فإنْ / جَسَرْتَ فقُلْ ما ذاكَ بالشاهدِ العَدْلِ
قضى اللهُ بالبُعدِ الذي حالَ بيننا / وهل يُرتَجى من غيرهِ صِلَةُ الحَبلِ
أرَى بينَنا شُمَّ الجِبالِ وفوقَها / جبالٌ منَ الأشوَاقِ سابغةُ الظِلِّ
تَصوغُ لنا شَكوَى النَّوَى بيدِ الهَوَى / فأقلامُنا تجري وأشواقُنا تُملي
أجارَتَنا هل للنَّسيمِ وُصولُ
أجارَتَنا هل للنَّسيمِ وُصولُ / إليكِ فلي منهُ الغَداةَ رَسولُ
مَضَى وأراهُ لم يَعُدْ فلَعلَّهُ / قَضَى نَحْبَهُ إذ راحَ وَهْوَ عليلُ
تمنَّعتِ بينَ الشُّوسِ والبِيضِ والقَنا / وكُلٌّ بمنعِ الطارِقينَ كفيلُ
وما كانَ يُجدِي لو بَرَزتِ من الحِمَى / وأنتِ على عَهدِ النِفارِ جَفُولُ
أيا دارَها بالوَادِيَينِ قَريبةً / نَراكِ ولكنْ ما إليكِ سَبيلُ
لئن عَمرَت منكِ البُيوتُ فإنَّما / لَديكِ قُلوبُ العاشِقينَ طُلولُ
لَنا فيكِ خَوْدٌ تَحسُدُ السُمْرُ عِطْفَها / فيبدو على أعطافِهِنَّ ذُبولُ
عزيزةُ قومٍ حُبُّها قد أذلَّني / نَعَمْ كلُّ من يَهوَى الجمالَ ذليلُ
أقامَتْ عُبيدَ الخالِ في الخَدِّ حارساً / على الوَرْدِ أنْ يَسطُو عليهِ جَهُولُ
وأحرَزَتِ الدِّرياقَ في الثَغْرِ إذ رأتْ / أفاعيَ ذاك الشَعْرِ وَهْيَ تَجُولُ
تَذَكَّرتُ ما لم أنْسَ من وَقفةٍ لنا / خِلالَ الثَنايا حِينَ جَدَّ رَحِيلُ
بَكَتْ فاستَهَلَّ الكُحلُ في صَحنِ خَدِّها / فحاكى صَدا الصَمْصامِ وَهْوَ صقيلُ
تقولُ نِساءُ الحيِّ إنِّي خليلُها / كَذَبنَ فما للغانياتِ خليلُ
لئن كانَ بعدَ البَينِ قد حال عهدُها / فعهدُ الهَوَى في القلبِ ليسَ يَحُولُ
خليليَّ إن الخِلَّ في كلِّ بَلدةٍ / كثيرٌ ولكنَّ الوفِيَّ قليلُ
إذا لم يكُنْ منكما اليومَ مُسعِدٌ / فإنَّ تَحِيَّاتِ الصِّحابِ فُضولُ
تُريدُ رِجالٌ نَجدةً ليَ بالمَنى / وتِلكَ سِهامٌ ما لَهُنَّ نُصولُ
وكم قائلٍ في الناس ليسَ بفاعلٍ / وكم فاعلٍ في الناس ليسَ يقولُ
وأحسَنُ من نُطقِ الغَبيِّ سُكوتُهُ / وأحسَنُ من مجدِ السَفيهِ خمولُ
ومَن رامَ مجداً فليكُن كابن هاشمٍ / وإلاّ فلا كي لا يُقالَ دَخيلُ
منَ السادةِ الأشرافِ أمَّا بَنانُهُ / فسُحْبٌ وأمَّا جُودُهُ فسيُولُ
يُلبّي دُعاءَ المُستجِيرِ وبَينَهُ / وبينَ المنادي في المسَافةِ ميلُ
لهُ الكَرَمُ الجَمُّ الذي شَنَّ غارَةً / على الفَقرِ حتى خَرَّ وَهْوَ قتيلُ
مديدٌ بسيطٌ وافرٌ متَقارِبٌ / سريعٌ خفيفٌ كاملٌ وطويلُ
أتيناهُ كُلُّ الرَكْبِ منَّا رَبيعةٌ / وكلُّ المطايا شَدْقَمٌ وجَدِيلُ
فكانَ كرَيْعان الضُّحى كُلَّما دَنا / يَزِيد علينا بَسطةً ويَطولُ
لئن فاتَ نجداً رِيفُ مِصرَ ونِيلُها / ففي نجدَ رِيفٌ من نَداهُ ونِيلُ
يلوحُ إذا جَنَّ الدُجَى ضَوءُ نارهِ / فذلكَ داعٍ للقِرَى ودَليلُ
كريمُ السجايا وَجهُهُ وثَناؤُهُ / وصُنْعُ يديهِ كلُّهنَّ جميلُ
تَرَحَّلُ عنهُ في الصَّباحِ كتيبةٌ / وتَعشُو إليهِ هَجْمةٌ ورَعيلُ
إذا افتَخَرَتْ عُرْبُ البوادي ففخرُها / لهُ غُرَرٌ من تَغلِبٍ وحُجُولُ
وهل كَعدِيٍّ في مَشارِفِ تُبَّعٍ / وهل لكُلَيبٍ في الحِجازِ عديلُ
أعادَ حِمَى عَمروٍ حِمَى وائلٍ لهم / وأضرَمَ تلكَ النارَ وَهْيَ تَهُولُ
أشَمُّ يَهابُ السَّيفُ مَسَّ أدِيمهِ / ويَرتَدُّ عنهُ الطَرْفُ وَهْوَ كليلُ
ألذُّ شَرابٍ عِندَهُ دَمُ فاتكٍ / وأطرَبُ صَوتٍ رَنَّةٌ وصليلُ
وأحمى دُرُوعِ القارعيهِ هَزيمةٌ / وأفضَلُ غُنْمِ الطَّالبيهِ قُفولُ
خَزائنهُ بِيضٌ وسُمْرٌ وأدرُعٌ / ونَبْلٌ وتُرسٌ مانعٌ وخُيولُ
وأعجَبُ منهُ أنهُ بنُضارِهِ / كريمٌ ولكن بالحديدِ بخيلُ
كريمُ يدٍ لا يَبْزُلُ البَكْرُ عِندَهُ / ولا يَقتَضي حَقَّ الرَضاعِ فَصيلُ
إذا نَزَلَ العافي حِماهُ فإنَّما النْ / نَزِيلُ أميرٌ والأميرُ نزيلُ
تقومُ الرُدَينِيَّاتُ حولَ قِبابِهِ / كما قامَ في الرَّبْعِ الخَصيبِ نَخيلُ
وقومٌ إذا الدَّاعي دَعا يا لَتَغْلِبٍ / تَسابَقَ منهُم فِتْيةٌ وكُهُولُ
زَجونا إليهِ كالمَطايا قَرائِحاً / عليهنَّ من نَسْجِ القريضِ حُمولُ
لَئن قامَ عن تقصيرِنا منهُ عاذرٌ / فمِنَّا عليهِ ناصحٌ وعَذُولُ
أرَى الشِّعرَ مِثلَ الماء يَجرِي فبعضهُ / أجاجٌ وبعضٌ بالزُلالِ يَسيلُ
وأعذَبُهُ ما في مَعانيهِ عظمةٌ / وفي اللَفظِ منهُ رِقةٌ وقَبُولُ
وفي الشِّعرِ لَفظٌ دُونَ مَعنىً كأنَّهُ / فَعُولٌ مَفَاعيلٌ فَعُولُ فَعولُ
تَناهَبَهُ أهلُ الزَّمانِ الذي مَضَى / فلم يَبْقَ إلاّ أرسُمٌ وفُضولُ
وماذا تَفِي تِلكَ الثُمالةُ حَقَّ مَن / لهُ كلُّ صَعبٍ في القَرِيضِ ذَلولُ
يَكادُ يَذوبُ الشِّعرُ من خَجَلٍ بهِ / لَدَيهِ فيُمحَى خَطُّهُ ويَزولُ
تقولُ لقلبي رَبّةُ الأعينِ النُجْلِ
تقولُ لقلبي رَبّةُ الأعينِ النُجْلِ / أفِقْ لا تَقِفْ بينَ الصَوارِمِ والنَبْلِ
قدِ استَعْبَدَتْهُ عينُها وَهْيَ عبدةٌ / فيا ويلَ عبدِ العبدِ ذُلٌّ على ذُلِّ
فَتاةٌ يَغارُ العِقدُ من حُسنِ جيدها / وتَضحَكُ عُجباً مُقلتاها على الكُحلِ
بَكَيتُ وقد أرْختْ سُدولَ قِناعِها / فقالَتْ جَرَتْ هذي السَحابةُ بالوَبلِ
مُهفهَفةُ الأعطاف تَخطِرُ كالقَنا / بمُعتدلٍ لا شَيءَ فيهِ من العَدْلِ
تَكادُ لهَضْمِ الكَشْحِ تجعلُ عِقدَها / نِطاقاً كما يُستبدَلُ المِثْلُ بالمِثلِ
أسالَتْ على وَردِ الخُدودِ ذُؤابةً / لخَوْفِ ذُبولٍ قد تلَّقتْهُ بالظِلِّ
وخَطَّتْ لخَوفِ العَينِ بالوَشم رُقْيةً / على مِعصَمَيها كالفِرِندِ على النَصْلِ
تَبدَّتْ وما أعمامُها من قَضاعةٍ / تُعَدُّ ولا أخوَالُها من بني ذُهلِ
وما رَفَضتْ منهم سِوَى الجود والوَفا / ولا حَفِظتْ منهم سِوَى النَّهبِ والقتلِ
يلومونَني أن أحملَ الذُلَّ في الهَوَى / كأنهُمُ لم ينظُروا عاشِقاً قَبْلي
إذا لُمتَ من لا تَكسِرُ القَيدَ رِجلُهُ / فإنك أولى بالمَلامةِ والعَذلِ
إلى الله أشكو جَوْرَ فاتنتي التي / لئِنْ رَضِيَتْ قلبي فقد زِدْتُها عقلي
واشكرُ مَولانا الكريمَ الذي بهِ / غَدَت مُهجتي عن كلِّ ذلكَ في شُغلِ
إمامٌ من الأفرادِ قُطبُ زَمانِهِ / ومالكُ رِقِّ العلمِ في العَقلِ والنَقلِ
عليهِ من الهادي الذي هُوَ عبدُهُ / سَلامٌ عِدادَ القَطرِ أو عَدَدَ الرَّملِ
هو العالمُ العلاّمةُ العاملُ الذي / لدى رَبِّهِ قد قامَ بالفَرْضِ والنَفْلِ
إذا ما رَقِي مَتْنَ المَنابرِ خاطباً / تقولُ رَسولٌ جاءَ في فَتْرةِ الرُسْلِ
أتاني كِتابٌ منهُ أحيا بوَفدِهِ / فُؤادي كفيضِ النِّيل في البَلدِ المَحْلِ
أحَبُّ إلى الأسماعِ من لحْن مَعبدٍ / وأعذَبُ في الأفواهِ من عَسَلِ النَحلِ
تَفضَّلَ بالمدحِ الذي هُوَ أهلُهُ / فلم أستَطعْ شُكراً على ذلك الفَضلِ
لئنْ لَم يصِبْ ذاك الثَّناءُ فحبَّذا / تكلُّفُ مثلِ الشَّيخِ ذلكَ من أجلي
لكَ اللهُ يا مَن جَلَّ ذِكراً ومِنّةً / فحُقَّ لهُ التَفضيلُ في الاسمِ والفعلِ
ويا من تُلبِّيهِ القوافي مغيرةً / بأخفَى على الأبصارِ من مَدرَج النَمْلِ
إليكَ عَرُوساً تَستحي منكَ هَيْبةً / لِذَاكَ قد التَفَّتْ وسارتْ على مَهْلِ
قد استُودِعَتْ قلبي الكليمَ وما دَرَتْ / فكان كذاك الصَّاع في ذلك الرَحلِ
أتُوقُ إلى تلكَ الديارِ وأهلِها / جميعاً كما تاقَ الغَرِيبُ إلى الأهلِ
وإني لأرضَى بالكِتابِ على النَّوَى / إذا لم يكُنْ لي من سبيلٍ إلى الوَصلِ
خُذُوا حِذرَكم من طَرْفِهِ فَهْوَ قَتَّالُ
خُذُوا حِذرَكم من طَرْفِهِ فَهْوَ قَتَّالُ / ولا تَطمَعوا في عِطفِهِ فَهْوَ مَيَّالُ
ولا تَعجَبُوا للنَدِّ في صَحْنِ خَدِّهِ / فمِن فَوقِهِ نُونٌ ومن حَولِهِ دالُ
مَليحٌ تُباعُ الرُّوحُ في سُوقِ حُبِّهِ / وليسَ سِوَى تِلكَ اللّواحظِ دَلاّلُ
منَ الغِيدِ بَرْدٌ لا سَلامٌ بِثَغْرِهِ / فأصبَحَ فيهِ يُجمَعُ الماءُ والآلُ
جَرَى عَرَقٌ في خَدِّهِ لالْتهابِهِ / فذلكَ ماءُ الوَردِ في الخَدِّ سَيَّالُ
وقد قَطَرَتْ إذ حَظَّتِ السِّحرَ عينُهُ / منَ الحِبرِ فيهِ نُقطةٌ اسمُها الخالُ
غَزالٌ تَغزَّلْنا بغازلِ طَرْفهِ / فغازَلَنا منهُ غزَالٌ وغزَّالُ
طمِعنا على جهلٍ بعسَّالِ ثغرِهِ / وكم دُونَ عَسَّالِ المَراشِفِ عَسَّالُ
يَقولونَ لي ما أنتَ والغَزَلَ الذي / عليكَ بهِ أهلُ الشَهامةِ عُذَّالُ
عَليكَ حُقوقٌ للأميرِ فقُمْ بها / ودَعْ عنكَ هذا اللَغْوَ يا نِعْمَ ما قالوا
سَلامٌ على وَجهِ الأميرِ مُحمَّدٍ / يُحَيَّا بهِ من أجلِهِ الصَحْبُ والآلُ
عزيزٌ علينا كلُّ ما يَنتمِي إلى / عزيزٍ فَدَتْهُ النَّفسُ والأهلُ والمالُ
أتُوقُ إلى تِلكَ الدِّيارِ كأنَّني / غريبٌ عليهِ طالَ في الدَّهرِ تَرْحالُ
وأطرَبُ لليومِ الذي نلتقي بهِ / كمجهودِ شَهرِ الصَّومِ إذْ هَلَّ شَوَّالُ
تَغرَّبتُ عن غَرْبٍ هُوَ الشَّرقُ عِندَنا / فما الشَّرقُ إلاّ حيثُ للصُبْحِ إقبالُ
هُنالِكَ صُبحٌ لا ظَلامَ وراءَهُ / يَلوحُ بهِ وجهُ وقَوْلٌ وأعمالُ
فيا وَطني إنْ فاتَني بكَ سابقٌ / مِن الدَّهرِ فليَنْعَمْ لساكِنِكَ البالُ
ويا دارَهُ بالغَرْبِ إنَّ مَزارَها / بعيدٌ ولكن دُونَهُ ليسَ أهوالُ
لنا من أبيهِ نِعمةٌ طالَ ذَيلُها / فما بَرِحَتْ منهُ تُجرَّرُ أذيالُ
ظَنَنَّا الليالي لا تَجودُ بمثلِهِ / فجادَتْ بمِثْلٍ لا تُدانيهِ أمثالُ
أصَحُّ كَلامٍ مَدحُهُ فَهْوَ مذهبٌ / لنا فيهِ قولٌ واحدٌ ليسَ أقوالُ
وأشهَرُ شيءٍ أنَّه فَرْدُ عَصرِهِ / فذلكَ تَدريهِ شُيوخٌ وأطفالُ
يُخبِّرُ عن أيَّامِ عادٍ وجُرهُمٍ / كمَنْ مَرَّ أجيالٌ عليهِ وأجيالُ
ويحفَظُ ما يَبْقَى على لوحِ صَدرِهِ / كحِبرٍ بهِ في اللوحِ يُرسَمُ تِمثالُ
لهُ في أفانينِ الكلامِ تَصَرُّفٌ / وفي الشِّعرِ إحسانٌ وفي النَّثر إجمال
ونفعٌ وضَرٌّ عندهُ غيرَ أنَّهُ / إلى النَّفعِ معجالٌ عنِ الضَّرِّ مِكسالُ
نُهنيِّهِ بالعيدِ الخليقِ لهُ الهَنا / به فعليهِ منهُ للزَّهوِ سِربالُ
ولو كانَ هذا العيدُ يَملِكُ أمرَهُ / أتى كلَّ يومٍ زائراً وَهْوَ يخْتالُ
قَسَمْنا جميلَ القولِ والفِعلِ بَينَنا / فمِنّي لهُ قولٌ ولي منهُ أفعالُ
ولكن تقَاسمْنا فجارَ فكُلَّما / أتى دانَقٌ مِنِّي أتى منهُ مِثقالُ
سلامٌ على من لا نَمُرُّ ببالِهِ
سلامٌ على من لا نَمُرُّ ببالِهِ / فماذا تُرَى أطماعُنا في وِصالِهِ
ولم يكْفِهِ ما قد حَملْناهُ في الهَوى / منَ الذُلِّ حتَّى زادَ حِملَ خالِهِ
مليحٌ شَهِدنا أن ناراً بِخَدِّهِ / لأنَّا وجدنا بينها فَحْمَ خالهِ
أباحَ فُؤَادي للهَوى وهو باخلٌ / يَعِزُّ عليهِ نظرَةُ من جَمالِهِ
وكلُّ كريمُ النَّفسِ من مالِ غيرهِ / وقلَّ كريمُ النَّفسِ من نفسِ مالهِ
وما كان لم تَتْعَبْ عليهِ يمينُهُ / يهونُ عليهِ بذلُهُ بشمالِهِ
تكلَّفْتُ نظمَ الشِّعرِ كَهْلاً لأجلهِ / ويَكَهْلُ شعرُ المرْءِ عندَ اكتهالِهِ
فضاعَ كما ضاعَ الزَّمانُ وهكذا / نرى كلَّ أمرٍ لم يَجُلْ في مَجالِهِ
إذا ضلَّ عنكَ الشِّعرُ فاطلُبْهُ تلقَهُ / إلى غربِ لُبنانَ اهتَدَى من ضَلالِهِ
أمامَ بني رسلانَ طيبُ وقوفهِ / وعند بني رسلانَ حَطُّ رِحالهِ
تُصلِّي القوافي كلَّ يومٍ وليلةٍ / على وجهِ رسلانَ القديمِ وآلِهِ
على حيدرَ الشَّهمِ الكريمِ ومُلحِمٍ / وما حولَهُ من سَهْلِهِ وجبالِهِ
أبٌ ماجدٌ وابنٌ كريمٌ كخاتَمٍ / أتى نقشُهُ في طبعِهِ بمثالِه
إلى عملِ الإحسانِ أسبَقُ أهلِهِ / وفي خدمِةِ السُّلطانِ أمضى رِجالهِ
إذا مسَّتْ الحاجاتُ قام كلاهُما / إليهما كَجمر النَّار عندَ اشتعالِهِ
وإن جنَّ ديجورُ الخطوبِ تلقيَّا / دُجاهُ بصبحٍ شقَّ جيبَ ظِلالهِ
لكلِّ فتىً عيبٌ يشينُ بنفسهِ / سِوَى ملحمٍ سبحانَ معطي كَمالِهِ
وكلُّ ولاةِ الأمرِ تحتاجُ قاضياً / سِوى ملحمٍ عمِّ القضاءِ وخالِهِ
أغَرُّ خَصيبُ الرَّبع كلُّ زمانِهِ / زمانُ ربيعٍ في أوانِ اعتِدالهِ
ذكيُّ النُّهَى لولا رَصانةُ نفسهِ / لكانَ يجيبُ المرءَ قبلَ سُؤالِهِ
يقولونَ تهوَى آلَ رسلانَ قلتُ قد / تمتَّعْتُ من صافي الهَوَى بزُلالِهِ
هَوِيْتُ الأُلى يلقى الكرامةَ ضيفُهُم / وينسى غريبُ الدَّارِ ذِكرَ عيالِهِ
أرى الشِّعرَ يدعوني إلى نظمِ مدحِهم / فَيسمحُ مع ضَعفي بوَشْكِ ارتجالهِ
ولو لم أقلْ شِعراً بهم حالَ يقظةٍ / أتى هاتفاً في النَّوْمِ طيفُ خَيالهِ
منازِلَ عُسفانٍ فدتكِ المنازِلُ
منازِلَ عُسفانٍ فدتكِ المنازِلُ / أراجعةٌ تلكَ اللَّيالي الأوائِلُ
وهل ظَبَياتُ اُلبانِ أصبحنَ بعدنا / أوانِسَ أم كالعهدِ هُنَّ جَوافِلُ
سَقَى الطَّلُّ هاتِيكَ الرُّبوعَ وإِن يكن / سقاني بها من صَيِّبِ الدَّمعِ وابلُ
يُسلسِلُ دمعي بارقُ الحيِّ مَوهِناً / وتُضرِمُ أنفاسي الصَّبا والشَّمائلُ
إذا ملكَتْ أيدي الهَوى قلبَ عاشقٍ / فأهوَنُ شيءٍ ما تقولُ العَواذِلُ
وأعذَبُ شيءٍ في الزَّمانِ أحبَّةٌ / تزورُكُ أو تأتيكَ مِنها رَسائلُ
اتتني بلا وعدٍ رسالةُ فاضلٍ / لهُ ولها حقَّتْ عليَّ فَواصِلُ
بيوتٌ مِن الأشواقِ فيها مجامِرٌ / ولكنَّها للأُنسِ عندي مَناهِلُ
لَعِبْنَ بقلبي إذ حَلَلنَ بمِسمَعِي / كما لَعبت بالمُعرَباتِ العوامِلُ
ذكرتُ الحريريَّ الذي اليومَ عندنا / تلوحُ على الصوفيِّ منهُ شَمائِلُ
لهُ النَّظمُ والنَّثرُ الذي طابَ لفظُهُ / ومَعناهُ لُطفاً فهْو للحُسْنِ شامِلُ
حكمنا لهُ بالمَكرماتِ على هُدىً / من الحقِّ إذ قامت لَدينا الدَّلائلُ
سَبوقٌ إلى الغاياتِ قصَّرتُ دُونَهُ / وكيفَ يُباري فارسَ الخيلِ راجِلُ
تفضَّلَ بالمدحِ الذي هُوَ أهلُهُ / كريمٌ إلى أوجِ الكراماتِ واصِلُ
وأثنَى بما فيهِ فكانَ كأنَّهُ / بذاكَ يُناجي نفسَهُ وَهْوَ غافِلُ
ثناءٌ أراهُ باطِلاً غيرَ أنَّني / أرى سَوْءَةً لو قلتُ ذلكَ باطِلُ
فأسكُتُ عن هذا وذاك تأدُّباً / وكم من سكوتٍ قد تمنَّاهُ قائِلُ
أميرٌ أهامَ الفضلَ في ما بذاتهِ
أميرٌ أهامَ الفضلَ في ما بذاتهِ / مِن الفضلِ حُرٌّ اسمُهُ الفضلُ في المَلا
لهُ دُرُّ نظمي قد أتاهَ قريحتي / أغرُّ حكى نظمَ القلائدِ بالطُّلا
لقد رَحلَت عن بيتِ عودَةَ مريمٌ
لقد رَحلَت عن بيتِ عودَةَ مريمٌ / بلا عَودةٍ في الدَّهرِ يُرجَى مَنالُها
فمِن بيتِ إبراهيمَ أرَّختُ عاجِلاً / إلى حِضْنِ إبراهيمَ جَدَّ اُنتِقالُهُا
بها يُوسُفُ العبسيُّ أوصَى لَدَى القَضَا
بها يُوسُفُ العبسيُّ أوصَى لَدَى القَضَا / جمالاً لبيتِ الله قد رَاقَ شَكْلهُ
فتىً مِن كرامِ النَّاسِ قد شاعَ ذِكرُهُ / بحُسنِ سجاياهُ كما بانَ فضُلهُ
قَضَى عُمرَهُ في طاعةِ اللهِ سالِكاً / سبيلَ التُّقَى في مَسلَكٍ هُوَ أهلُهُ
بَنَى قُبَّةً بيضاءَ في الأرضِ أرِّخوا / وفي القُبِّةِ الزَّرقاءِ أضحَى مَحلُّهُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025