القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَحمود سامِي البارُودِي الكل
المجموع : 12
طَرِبْتُ وَلَوْلا الْحِلْمُ أَدْرَكَنِي الْجَهْلُ
طَرِبْتُ وَلَوْلا الْحِلْمُ أَدْرَكَنِي الْجَهْلُ / وَعَاوَدَنِي مَا كَانَ مِنْ شِرّتِي قَبْلُ
فَرُحْتُ كَأَنِّي خَامَرَتْنِي سَبِيئَةٌ / مِنَ الرَّاحِ مَنْ يَعْلَقْ بِهَا الدَّهْرَ لا يَسْلُو
سَلِيلَةُ كَرْمٍ شَابَ فِي الْمَهْدِ رَأْسُهَا / وَدَبَّ لَهَا نَسْلٌ وَمَا مَسَّهَا بَعْلُ
إِذَا وَلَجَتْ بَيْتَ الضَّمِيرِ رَأَيْتَهَا / وَرَاءَ بَنَاتِ الصَّدْرِ تَسْفُلُ أَوْ تَعْلُو
كَأَنَّ لَهَا ضِغْناً عَلَى الْعَقَلِ كَامِناً / فَإِنْ هِيَ حَلَّتْ مَنْزِلاً رَحَلَ الْعَقْلُ
تُعَبِّرُ عَنْ سِرِّ الضَّمِيرِ بِأَلْسُنٍ / مِنَ السُّكْرِ مَقْرُونٍ بِصِحَّتِهَا النَّقْلُ
مُحَبَّبَةٌ لِلْنَّفْسِ وَهْيَ بَلاؤُها / كَمَا حُبِّبَتْ فِي فَتْكِهَا الأَعْيُنُ النُّجْلُ
يَكَادُ يَذُودُ اللَّيْثَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ / إِذَا مَا تَحَسَّى كَأْسَهَا الْعَاجِزُ الْوَغْلُ
تَرَى لِخَوَابِيهَا أَزِيزاً كَأَنَّهَا / خَلايَا تَغَنَّتْ فِي جَوَانِبِهَا النَّحْلُ
سَوَاكِنُ آطَامٍ زَفَتْهَا مَعَ الضُّحَى / يَدَا عَاسِلٍ يَشْتَارُ أَوْ خَابِطٍ يَفْلُو
دَنَا ثُمَّ أَلْقَى النَّارَ بَيْنَ بُيُوتِهَا / فَطَارَتْ شَعَاعاً لا يَقِرُّ لَهَا رَحْلُ
مُرَوَّعَةٌ هِيجَتْ فَضَلَّتْ سَبِيلَهَا / فَسَارَتْ عَلَى الدُّنْيَا كَمَا انْتَشَرَ الرِّجْلُ
فَبِتُّ أُدَارِي الْقَلْبَ بَعْضَ شُجُونِهِ / وَأَزْجُرُ نَفْسِي أَنْ يُلِمَّ بِهَا الْهَزْلُ
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي وَالشَّبَابُ مَطِيَّةٌ / إِلَى الْجَهْلِ أَنَّ الْعِشْقَ يَعْقُبُهُ الْخَبْلُ
رَمَى اللَّهُ هَاتِيكَ الْعُيُونَ بِمَا رَمَتْ / وَحَاسَبَهَا حُسْبَانَ مَنْ حُكْمُهُ الْعَدْلُ
فَقَدْ تَرَكَتْنِي سَاهِيَ الْعَقْلِ سَادِراً / إِلَى الْغَيِّ لا عَقْدٌ لَدَيَّ وَلا حَلُّ
أَسِيرُ وَمَا أَدْرِي إِلَى أَيْنَ يَنْتَهِي / بِيَ السَّيْرُ لَكِنِّي تَلَقَّفُنِي السُّبْلُ
فَلا تَسْأَلَنِّي عَنْ هَوَايَ فَإِنَّنِي / وَرَبِّكَ أَدْرِي كَيْفَ زَلَّتْ بِيَ النَّعْلُ
فَمَا هِيَ إِلَّا أَنْ نَظَرْتُ فُجَاءَةً / بِحُلْوانَ حَيْثُ انْهَارَ وَانْعَقَدَ الرَّمْلُ
إِلَى نِسْوَةٍ مِثْلِ الْجُمَانِ تَنَاسَقَتْ / فَرَائِدُهُ حُسْنَاً وَأَلَّفَهُ الشَّمْلُ
مِنَ الْمَاطِلاتِ الْمَرْءَ مَا قَدْ وَعَدْنَهُ / كِذَابَاً فَلا عَهْدٌ لَهُنَّ وَلا إِلُّ
تَكَنَّفْنَ تِمْثَالاً مِنَ الْحُسْنِ رَائِعاً / يُجَنُّ جُنُونَاً عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْعَقْلُ
فَكَانَ الَّذِي لَوْلاهُ مَا دُرْتُ هَائِمَاً / أَرُودُ الْفَيَافِي لا صَدِيقٌ وَلا خِلُّ
فَوَيْلُمِّهَا مِنْ نَظْرَةٍ مَضْرَحِيَّةٍ / رُمِيتُ بِهَا مِنْ حَيْثُ وَاجَهَنِي الأَثْلُ
رُمِيتُ بِهَا وَالْقَلْبُ خِلْوٌ مِنَ الْهَوَى / فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى اسْتَقَلَّ بِهِ شُغْلُ
لَقَدْ عَلِقَتْ مَا لَيْسَ لِلنَّفْسِ دُونَهَا / غَنَاءٌ وَلا مِنْهَا لِذِي صَبْوَةٍ وَصْلُ
فَتَاةٌ يَحَارُ الطَّرْفُ فِي قَسَمَاتِهَا / لَهَا مَنْظَرٌ مِنْ رَائِدِ الْعَيْنِ لا يَخْلُو
لَطِيفَةُ مَجْرَى الرُّوحِ لَوْ أَنَّهَا مَشَتْ / عَلَى سَارِبَاتِ الذَّرِّ مَا آدَهُ الْحِمْلُ
لَهَا نَظْرَةٌ سَكْرَى إِذَا أَرْسَلَتْ بِهَا / إِلَى كَبِدٍ فَالْوَيْلُ مِنْ ذَاكَ وَالثُكْلُ
تُريقُ دِمَاءٌ حَرَّمَ اللَّهُ سَفْكَهَا / وَتَخْرُجُ مِنْهَا لا قِصَاصٌ وَلا عَقْلُ
لَنَا كُلّ يَوْمٍ فِي هَوَاهَا مَصَارِعٌ / يَهِيجُ الرَّدَى فِيهَا وَيَلْتَهِبُ الْقَتْلُ
مَصَارِعُ شَوْقٍ لَيْسَ يَجْرِي بِهَا دَمٌ / وَمَرْمَى نُفُوسٍ لا يَطِيرُ بِهِ نَبْلُ
هَنِيئاً لَهَا نَفْسِي عَلَى أَنَّ دُونَهَا / فَوَارِسَ لا خُرْسُ الصِّفَاحِ وَلا عُزْلُ
مِنَ الْقَوْمِ ضَرَّابِي الْعَرَاقِيبِ وَالطُّلَى / إِذَا اسْتَنَّتِ الْغَارَاتُ أَوْ فَغَرَ الْمَحْلُ
إِذَا نَامَتِ الأَضْغَانُ عَنْ وَتَرَاتِهَا / فَقَوْمِيَ قَوْمٌ لا يَنَامُ لَهُمْ ذَحْلُ
رِجَالٌ أُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَنَجْدَةٍ / فَقَوْلُهُمُ قَوْلٌ وَفِعْلُهُمُ فِعْلُ
إِذَا غَضِبُوا رَدُّوا إِلَى الأُفْقِ شَمْسَهُ / وَسَالَ بِدُفَّاعِ الْقَنَا الْحَزْنُ وَالسَّهْلُ
مَسَاعِيرُ حَرْبٍ لا يَخَافُونَ ذِلَّةً / أَلا إِنَّ تَهْيَابَ الْحُرُوبِ هُوَ الذُّلُّ
إِذَا أَطْرَقُوا أَبْصَرْتَ بِالْقَوْمِ خِيفَةً / لإِطْرَاقِهِمْ أَوْ بَيَّنُوا رَكَدَ الْحَفْلُ
وَإِنْ زَلَّتِ الأَقْدَامُ فِي دَرْكِ غَايَةٍ / تَحَارُ بِهَا الأَلْبَابُ كَانَ لَهَا الْخَصْلُ
أُولَئِكَ قَوْمِي أَيَّ قَوْمٍ وَعُدَّةٍ / فَلا رَبْعُهُمْ مَحْلٌ وَلا مَاؤُهُمْ ضَحْلُ
يَفِيضُونَ بِالْمَعْرُوفِ فَيْضَاً فَلَيْسَ فِي / عَطَائِهِمْ وَعْدٌ وَلا بَعْدَهُ مَطْلُ
فَزُرْهُمْ تَجِدْ مَعْرُوفَهُم دَانِيَ الْجَنَى / عَلَيْكَ وَبَابَ الْخَيْرِ لَيْسَ لَهُ قُفْلُ
تَرَى كُلَّ مَشْبُوبِ الْحَمِيَّةِ لَمْ يَسِرْ / إِلَى فِئَةٍ إِلَّا وَطَائِرُهُ يَعْلُو
بَعِيدُ الْهَوَى لا يَغْلِبُ الظَّنُّ رَأْيَهُ / وَلا يَتَهَادَى بَيْنَ تَسْرَاعِهِ الْمَهْلُ
تَصِيحُ الْقَنَا مِمَّا يَدُقُّ صُدُورَهَا / طِعَانَاً وَيَشْكُو فِعْلَ سَاعِدِهِ النَّصْلُ
إِذَا صَالَ رَوَّى السَّيْفُ حَرَّ غَلِيلِهِ / وَإِنْ قَالَ أَوْرَى زَنْدَهُ الْمَنْطِقُ الْفَصْلُ
لَهُ بَيْنَ مَجْرَى الْقَوْلِ آيَاتُ حِكْمَةٍ / يَدُورُ عَلَى آدَابِهَا الْجِدُّ وَالْهَزْلُ
تَلُوحُ عَلَيْهِ مِنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ / مَخَايِلُ سَاوَى بَيْنَهَا الْفَرْعُ وَالأَصْلُ
فَأَشْيَبُنَا فِي مُلْتَقَى الْخَيْلِ أَمْرَد / وَأَمْرَدُنَا فِي كُلِّ مُعْضِلَةٍ كَهْلُ
لَنَا الْفَضْلُ فِيمَا قَدْ مَضَى وَهْوَ قَائِمٌ / لَدَيْنَا وَفِيمَا بَعْد ذَاكَ لَنَا الْفَضْلُ
مَضَى اللَّهْوُ إِلَّا أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ
مَضَى اللَّهْوُ إِلَّا أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ / وَوَلَّى الصِّبَا إِلَّا بَوَاقٍ قَلائِلُ
بَوَاقٍ تُمَارِيهَا أَفَانِينُ لَوْعَةٍ / يُؤَرِّثُهَا فِكْرٌ عَلَى النَّأْيِ شَاغِلُ
فَلِلشَّوْقِ مِنِّي عَبْرَةٌ مُهرَاقَةٌ / وَخَبْلٌ إِذَا نَامَ الْخَلِيُّونَ خَابِلُ
أَلِفْتُ الضَّنَى إِلْفَ السُّهَادِ فَلَوْ سَرَى / بِيَ الْبُرْءُ غَالَتْنِي لِذَاكَ الْغَوَائِلُ
فَلِلَّهِ هَذَا الشَّوْقُ أَيَّ جِرَاحَةٍ / أَسَالَ بِنَا حَتَّى كَأَنَّا نُقَاتِلُ
رَضِينَا بِحُكْمِ الْحُبِّ فِينَا وَإِنَّنَا / لَلُدٌّ إِذَا الْتَفَّتْ عَلَيْنَا الْجَحَافِلُ
وَإِنَّا رِجَالٌ تَعْلَمُ الْحَرْبُ أَنَّنَا / بَنُوهَا وَيَدْرِي الْمَجْدُ مَاذَا نُحَاوِلُ
إِذَا مَا ابْتَنَى النَّاسُ الْحُصُونَ فَمَا لَنَا / سِوَى الْبِيضِ وَالسُّمْرِ اللِّدَانِ مَعَاقِلُ
فَمَا لِلْهَوَى يَقْوَى عَلَيَّ بِحُكْمِهِ / أَلَمْ يَدْرِ أَنِّي الشَّمَّرِيُّ الْحُلاحِلُ
وَإِنِّي لَثَبْتُ الْجَأْشِ مُسْتَحْصِدُ الْقُوَى / إِذَا أَخَذَتْ أَيْدِي الْكُمَاةِ الأَفَاكِلُ
إِذَا مَا اعْتَقَلْتُ الرُّمْحَ وَالرُّمْحُ صَاحِبِي / عَلَى الشَّرِّ قَالَ الْقِرْنُ إِنِّيَ هَازِلُ
لَطَاعَنْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مِنْ مُطَاعِنٍ / وَنَازَلْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مَنْ يُنَازِلُ
وَشَاغَبْتُ هَذَا الدَّهْرَ مِنِّي بِعَزْمَةٍ / أَرَتْنِي سَبِيلَ الرُّشْدِ وَالْغَيُّ حَائِلُ
إِذَا أَنْتَ أَعْطَتْكَ الْمَقَادِيرُ حُكْمَهَا / فَأَضْيَعُ شَيءٍ مَا تَقُولُ الْعَوَاذِلُ
وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا أَنْ يَعِيشَ مُحَسَّدَاً / تَنَازَعُ فِيهِ النَّاجِذَيْنِ الأَنَامِلُ
لَعَمْرُكَ مَا الأَخْلاقُ إِلَّا مَوَاهِبٌ / مُقَسَّمَةٌ بَيْنَ الْوَرَى وَفَوَاضِلُ
وَمَا النَّاسُ إِلَّا كَادِحَانِ فَعَالِمٌ / يَسِيرُ عَلَى قَصْدٍ وَآخَرُ جَاهِلُ
فَذُو الْعِلْمِ مَأْخُوذٌ بِأَسْبَابِ عِلْمِهِ / وَذُو الْجَهْلِ مَقْطُوعُ الْقَرينَةِ جَافِلُ
فَلا تَطْلُبَنْ فِي النَّاسِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ / مِنَ الْوُدِّ أُمُّ الْوُدِّ فِي النَّاسِ هَابِلُ
مِنَ الْعَارِ أَنْ يَرْضَى الْفَتَى غَيْرَ طَبْعِهِ / وَأَنْ يَصْحَبَ الإِنْسَانُ مَنْ لا يُشَاكِلُ
بَلَوْتُ ضُرُوبَ النَّاسِ طُرّاً فَلَمْ يَكُنْ / سِوَى الْمَرْصَفِيِّ الْحَبْرِ فِي النَّاسِ كَامِلُ
هُمَامٌ أَرَانِي الدَّهْرَ فِي طَيِّ بُرْدِهِ / وَفَقَّهَنِي حَتَّى اتَّقَتْنِي الأَمَاثِلُ
أَخٌ حِينَ لا يَبْقَى أَخٌ وَمُجَامِلٌ / إِذَا قَلَّ عِنْدَ النَّائِبَاتِ الْمُجَامِلُ
بَعِيدُ مَجَالِ الْفِكْرِ لَوْ خَالَ خِيْلَةً / أَرَاكَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مَا الدَّهْرُ فَاعِلُ
طَرَحْتُ بَنِي الأَيَّامِ لَمَّا عَرَفْتُهُ / وَمَا النَّاسُ عِنْدَ الْبَحْثِ إِلَّا مَخَايِلُ
فَلَوْ سَامَنِي مَا يُورِدُ النَّفْسَ حَتْفَهَا / لأَوْرَدْتُهَا وَالْحُبُّ لِلنَّفْسِ قَاتِلُ
فَلا بَرِحَتْ مِنِّي إِلَيْهِ تَحِيَّةٌ / تَنَاقَلُهَا عَنِّي الضُّحَى وَالأَصَائِلُ
وَلا زَالَ غَضَّ الْعُمْرِ مُمْتَنِعَ الذُّرَا / مَرِيعَ الْفِنَا تُطْوَى إِلَيْهِ الْمَرَاحِلُ
عَصَيْتُ نَذِيرَ الْحِلْمِ فِي طَاعَةِ الْجَهْلِ
عَصَيْتُ نَذِيرَ الْحِلْمِ فِي طَاعَةِ الْجَهْلِ / وَأَغْضَبْتُ فِي مَرْضَاةِ حُبِّ الْمَهَا عَقْلِي
وَنَازَعْتُ أَرْسَانَ الْبَطَالَةِ وَالصِّبَا / إِلَى غَايَةٍ لَمْ يَأْتِهَا أَحَدٌ قَبْلِي
فَخُذْ فِي حَدِيثٍ غَيْرَ لَوْمِي فَإِنَّنِي / بِحُبِّ الْغَوَانِي عَنْ مَلامِكَ فِي شُغْلِ
إِذَا كَانَ سَمْعُ الْمَرْءِ عُرْضَةَ أَلْسُنٍ / فَمَا هُوَ إِلَّا لِلْخَدِيعَةِ وَالْخَتْلِ
رُوَيْدَكَ لا تَعْجَلْ بِلَوْمٍ عَلَى امْرِئٍ / أَصَابَ هَوَى نَفْسٍ فَفِي الدَّهْرِ مَا يُسْلِي
فَلَيْسَتْ بِعَارٍ صَبْوَةُ الْمَرْءِ ذِي الْحِجَا / إِذَا سَلِمَتْ أَخْلاقُهُ مِنْ أَذَى الْخَبْلِ
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ ابْنَ كَأْسٍ وَلَذَّةٍ / لَذُو تُدْرَإٍ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ وَالأَزْلِ
وَقُورٌ وَأَحْلامُ الرِّجَالِ خَفِيفَةٌ / صَبُورٌ وَنَارُ الْحَرْبِ مِرْجَلُهَا يَغْلِي
إِذَا رَاعَتِ الظَّلْمَاءُ غَيْرِي فَإِنَّمَا / هِلالُ الدُّجَى قَوْسِي وَأَنْجُمُهُ نَبْلِي
أَنَا ابْنُ الْوَغَى وَالْخَيْلِ وَاللَّيْلِ وَالظُّبَا / وَسُمْرِ الْقَنَا وَالرَّأْيِ وَالْعَقْدِ وَالْحَلِّ
فَقُلْ لِلَّذِي ظَنَّ الْمَعَالِي قَرِيبَةً / رُوَيْدَاً فَلَيْسَ الْجِدُّ يُدْرَكُ بِالْهَزْلِ
فَمَا تَصْدُقُ الآمَالُ إِلَّا لِفَاتِكٍ / إِذَا هَمَّ لَمْ تَعْطِفْهُ قَارِعَةُ الْعَذْلِ
لَهُ بِالْفَلا شُغْلٌ عَنِ الْمُدْنِ وَالْقُرَى / وَفِي رَائِدَاتِ الْخَيْلِ شُغْلٌ عَنِ الأَهْلِ
إِذَا ارْتَابَ أَمْرَاً أَلْهَبَتْهُ حَفِيظَةٌ / تُمِيتُ الرِّضَا بِالسُّخْطِ وَالحِلْمَ بِالْجَهْلِ
فَلا تَعْتَرِفْ بِالذُّلِّ خَوْفَ مَنِيَّةٍ / فَإِنَّ احْتِمَالَ الذُّلِّ شَرٌّ مِنَ الْقَتْلِ
وَلا تَلْتَمِسْ نَيْلَ الْمُنَى مِنْ خَلِيقَةٍ / فَتَجْنِي ثِمَارَ الْيَأْسِ مِنْ شَجَرِ الْبُخْلِ
فَمَا النَّاسُ إِلَّا حَاسِدٌ ذُو مَكِيدَةٍ / وَآخَرُ مَحْنِيُّ الضُّلُوعِ عَلَى دَخْلِ
تِبَاعُ هَوَىً يَمْشُونَ فِيهِ كَمَا مَشَى / وَسُمَّاعُ لَغْوٍ يَكْتُبُونَ كَمَا يُمْلِي
وَمَا أَنَا وَالأَيَّامُ شَتَّى صُرُوفُهَا / بِمُهْتَضِمٍ جَارِي وَلا خَاذِلٍ خِلِّي
أَسِيرُ عَلَى نَهْجِ الْوَفَاءِ سَجِيَّةً / وَكُلُّ امْرِئٍ فِي النَّاسِ يَجْرِي عَلَى الأَصْلِ
تَرَكْتُ ضَغِينَاتِ النُّفُوسِ لأَهْلِهَا / وَأَكْبَرْتُ نَفْسِي أَنْ أَبِيتَ عَلَى ذَحْلِ
كَذَلِكَ دَأْبِي مُنْذُ أَبْصَرْتُ حُجَّتِي / وَلِيداً وَحُبُّ الْخَيْرِ مِنْ سِمَةِ النُّبْلِ
وَرُبَّ صَدِيقٍ كَشَّفَ الْخُبْرُ نَفْسَهُ / فَعَايَنْتُ مِنْهُ الْجَوْرَ فِي صُورَةِ الْعَدْلِ
وَهَبْتُ لَهُ مَا قَدْ جَنَى مِنْ إِسَاءَةٍ / وَلَوْ شِئْتُ كَانَ الْسَّيْفُ أَدْنَى إِلَى الْفَصْلِ
وَمُسْتَخْبِرٍ عَنِّي وَمَا كَانَ جَاهِلاً / بِشَأْنِي وَلَكِنْ عَادَةُ الْبُغْضِ لِلْفَضْلِ
أَتَى سَادِراً حَتَّى إِذَا قَرَّ أَوْجَسَتْ / سُوَيْدَاؤُهُ شَرّاً فَأَغْضَى عَلَى ذُلِّ
وَمَنْ حَدَّثَتْهُ النَّفْسُ بِالْغَيِّ بَعْدَ مَا / تَنَاهَى إِلَيْهِ الرُّشْدُ سَارَ عَلَى بُطْلِ
وَإِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنَ الْمَجْدِ أَنْ أُرَى / صَرِيعَ مَرَامٍ لا يَفُوزُ بِهَا خَصْلِي
أَقُولُ وَأَتْلُو الْقَوْلَ بِالْفِعْلِ كُلَّمَا / أَرَدْتُ وَبِئْسَ الْقَوْلُ كَانَ بِلا فِعْلِ
أَرَى السَّهْلَ مَقْرُوناً بِصَعْبٍ وَلا أَرَى / بِغَيْرِ اقْتِحَامِ الصَّعْبِ مُدَّرَكَ السَّهْلِ
وَيَوْمٍ كَأَنَّ النَّقْعَ فِيهِ غَمَامَةٌ / لَهَا أَثَرٌ مِنْ سَائِلِ الطَّعْنِ كَالْوَبْلِ
تَقَحَّمْتُهُ فَرْدَاً سِوَى النَّصْلِ وَحْدَهُ / وَحَسْبُ الْفَتَى أَنْ يَطْلُبَ النَّصْرَ بِالنَّصْلِ
لَوَيْتُ بِهِ كَفِّي وَأَطْلَقْتُ سَاعِدِي / وَقُلْتُ لِدَهْرِي وَيْكَ فَامْضِ عَلَى رِسْلِ
فَمَا يَبْعَثُ الْغَارَاتِ إِلَّا مُهَنَّدِي / وَلا يَرْكَبُ الأَخْطَارَ إِلَّا فَتىً مِثْلِي
سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلُ
سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلُ / وَعَادَتْ بِكَ الأَيَّامُ وَهْيَ أَصَائِلُ
رَبَأْتَ مِنَ الْعَلْيَاءِ قُنَّةَ سُودَدٍ / يُقَصِّرُ عَنْهَا صَاغِراً مَنْ يُطَاوِلُ
وَأَدْرَكْتَ فِي عَصْرِ الشَّبِيبَةِ غَايَةً / مِنَ الْفَضْلِ لَمْ يَبْلُغْ مَدَاهَا الأَفَاضِلُ
فَخَيْرُكَ مَأْمُولٌ وَفَضْلُكَ وَاسِعٌ / وَظِلُّكَ مَمْدُودٌ وَعَدْلُكَ شَامِلُ
مَسَاعٍ جَلاهَا الرَّأْيُ فَهيَ كَوَاكِبٌ / لَهَا بَيْنَ أَفْلاكِ الْقُلُوبِ مَنَازِلُ
يُقَصِّرُ قَابُ الْفِكْرِ عَنْهَا وَيَنْتَهِي / أَخُو الْجِدِّ عَنْ إِدْرَاكِهَا وَهْوَ ذَاهِلُ
وَكَيْفَ يَنَالُ الْفَهْمُ مِنْهَا نَصِيبَهُ / وَأَقْرَبُهَا لِلنَّيِّرَاتِ حَبَائِلُ
إِلَيْكَ تَنَاهَى الْمَجْدُ حَتَّى لَوَ انَّهُ / أَرَادَ مَزِيداً لَمْ يَجِدْ مَا يُحَاوِلُ
فَمُرْ بِالَّذِي تَهْوَاهُ فَالسَّعْدُ قَائِمٌ / بِمَا تَشْتَهِي وَاللَّهُ بِالنَّصْرِ كَافِلُ
فَقَدْ تَصْدُقُ الآمالُ وَالْحَزْمُ رائِدٌ / وَتَقْتَرِبُ الْغَايَاتُ وَالْجِدُّ عَامِلُ
وَأَيُّ صَنِيعٍ بَعْدَ فَضْلِكَ يُرْتَجَى / وَأَنْتَ مَلِيكٌ فِي الْبَرِيَّةِ عَادِلُ
يَعُمُّ الرِّضَا مَا قَامَ بِالْحَقِّ صَادِعٌ / وَتَبْقَى الْعُلا مَا دَامَ لِلسَّيْفِ حَامِلُ
فَيَا طَالِباً مَسْعَاتَهُ لِيَنَالَهَا / رُوَيْدَكَ إِنَّ الْحِرْصَ لِلنَّفْسِ خَاذِلُ
فَمَا كُلُّ مَنْ رَاضَ الْبَدِيهَةَ عَاقِلٌ / وَلا كُلُّ مَنْ خَاضَ الْكَرِيهَةَ بَاسِلُ
وَلَوْلا اخْتِلافُ النَّاسِ فِي دَرَجَاتِهِمْ / لَعَادَلَ قُسّاً فِي الْفَصَاحَةِ بَاقِلُ
هُوَ الْمَلِكُ الْمَكْفُولُ بِالنَّصْرِ جُنْدُهُ / إِذَا احْمَرَّ بَأْسٌ أَوْ تَنَمَّرَ بَاطِلُ
لَهُ بَدَهَاتٌ لا تَغبُّ وَعَزْمَةٌ / مُؤَيَّدَةٌ تَعْنُو إِلَيْهَا الْجَحَافِلُ
فَآرَاؤُهُ فِي الْمُشْكِلاتِ كَوَاكِبٌ / وَهِمَّاتُهُ فِي الْمُعْضِلاتِ مَنَاصِلُ
تَدُلُّ مَسَاعِيهِ عَلَى فَضْلِ نَفْسِهِ / وَلِلشَّمْسِ مِنْ نُورٍ عَلَيْهَا دَلائِلُ
فَيَا مَلِكاً عَمَّتْ أَيَادِيهِ وَالْتَقَتْ / بِهِ فِرَقُ الآمَالِ وَهْيَ جَوَافِلُ
بِكَ اخْضَرَّتِ الآمَالُ بَعْدَ ذُبُولِهَا / وَحَقَّتْ وُعُودُ الظَّنِّ وَهْيَ مَخَايِلُ
بَسَطْتَ يَدَاً بِالْخَيْرِ فِينَا كَرِيمَةً / هِيَ الْغَيْثُ أَوْ فِي الْغَيْثِ مِنْهَا شَمَائِلُ
وَأَيْقَظْتَ أَلْبَابَ الرِّجَالِ فَسَارَعُوا / إِلَى الْجِدِّ حَتَّى لَيْسَ فِي النَّاسِ خَامِلُ
وَمَا مِصْرُ إِلا جَنَّةٌ بِكَ أَصْبَحَتْ / مُنَوِّرَةً أَفْنَانُهَا وَالْخَمَائِلُ
طَلَعْتَ عَلَيْهَا طَلْعَةَ الْبَدْرِ أَشْرَقَتْ / بِلأْلائِهِ الآفَاقُ وَاللَّيْلُ لائِلُ
وَأَجْرَيْتَ مَاءَ الْعَدْلِ فِيهَا فَأَصْبَحَتْ / وَسَاحَاتُهَا لِلْوَارِدِينَ مَنَاهِلُ
وَلَمْ يَأْتِ مِنْ أَوْطَانِهِ النِّيلُ سَائِحاً / إِلَى مِصْرَ إِلا وَهْوَ حَرَّانُ سَائِلُ
فَيَا أَيُّهَا الصَّادِي إِلَى الْعَدْلِ وَالْنَّدَى / هَلُمَّ فَذَا بَحْرٌ لَهُ الْبَحْرُ سَاحِلُ
مَلِيكٌ أَقَرَّ الأَمْنَ وَالْخَوْفُ شَامِلٌ / وَأَحْيَا رَمِيمَ الْعَدْلِ وَالْجَوْرُ قَاتِلُ
فَسَلْهُ الرِّضَا وَانْزِلْ بِسَاحَةِ مُلْكِهِ / فَثَمَّ الأَمَانِي وَالْعُلا وَالْفَوَاضِلُ
رَعَى اللَّهُ يَوْماً قَرَّبَتْنِي سُعُودُهُ / إِلَى سُدَّةٍ تَأْوِي إِلَيْهَا الأَمَاثِلُ
لَثَمْتُ بِهَا كَفّاً هِيَ الْبَحْرُ فِي النَّدَى / تَفِيضُ سَمَاحاً وَالْبَنَانُ جَدَاوِلُ
نَطَقْتُ بِفَضْلٍ مِنْكَ لَوْلاهُ لَمْ يَدُرْ / لِسَانِي وَلَمْ يَحْفِلْ بِقَوْلِيَ فَاضِلُ
وَلا أَدَّعِي أَنِّي بَلَغْتُ بِمِدْحَتِي / عُلاكَ وَلَكِنْ جُهْدُ مَا أَنَا قَائِلُ
وَكَيْفَ أُوَفِّي مَنْطِقَ الشُّكْرِ حَقَّهُ / وَدُونَ ثَنَائِي مِنْ عُلاكَ مَرَاحِلُ
وَحَسْبِيَ عُذْرَاً أَنَّكَ الشَّمْسُ رِفْعَةً / وَكَيْفَ يَنَالُ الْكَوْكَبَ الْمُتَنَاوِلُ
لِتَهْنَ بِكَ الدُّنْيَا فَأَنْتَ جَمَالُهَا / فَلَوْلاكَ أَمْسَى جِيدُهَا وَهْوَ عَاطِلُ
وَدُمْ لِلْعُلا مَا ذَرَّ بِالأُفْقِ شَارِقٌ / وَمَا حَنَّ مِنْ شَوْقٍ عَلَى الأَيْكِ هَادِلُ
وَلا زَالَتِ الأَيَّامُ تَتْلُو مَدَائِحِي / عَلَيْكَ وَيُمْلِيهَا الضُّحَى وَالأَصَائِلُ
أَلا حَيِّ مِنْ أَسْمَاءَ رَسْمَ الْمَنَازِلِ
أَلا حَيِّ مِنْ أَسْمَاءَ رَسْمَ الْمَنَازِلِ / وَإِنْ هِيَ لَمْ تَرْجِعْ بَيَانَاً لِسَائِلِ
خَلاءٌ تَعَفَّتْهَا الرَّوَامِسُ وَالْتَقَتْ / عَلَيْهَا أَهَاضِيبُ الْغُيُومِ الْحَوَافِلِ
فَلأْياً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَرَسُّمٍ / أَرَانِي بِهَا مَا كَانَ بِالأَمْسِ شَاغِلِي
غَدَتْ وَهْيَ مَرْعَىً لِلظِّبَاءِ وَطَالَمَا / غَنَتْ وَهْيَ مَأْوَىً لِلْحِسَانِ الْعَقَائِلِ
فَلِلْعَيْنِ مِنْهَا بَعْدَ تَزْيَالِ أَهْلِهَا / مَعَارِفُ أَطْلالٍ كَوَحْيِ الرَّسَائِلِ
فَأَسْبَلَتِ الْعَيْنَانِ فِيهَا بِوَاكِفٍ / مِنَ الدَّمْعِ يَجْرِي بَعْدَ سَحٍّ بِوَابِلِ
دِيارُ الَّتِي هَاجَتْ عَلَيَّ صَبَابَتِي / وَأَغْرَتْ بِقَلْبِي لاعِجِاتِ الْبَلابِلِ
مِنَ الْهيفِ مِقْلاقُ الْوِشَاحَيْنِ غَادَةٌ / سَلِيمَةُ مَجْرَى الدَّمْعِ رَيَّا الْخَلاخِلِ
إِذَا مَا دَنَتْ فَوْقَ الْفِرَاشِ لِوَسْنَةٍ / جَفَا خَصْرُهَا عَنْ رِدْفِهَا الْمُتَخَاذِلِ
تَعَلَّقْتُهَا فِي الْحَيِّ إِذْ هِيَ طِفْلَةٌ / وَإِذْ أَنَا مَجْلُوبٌ إِلَيَّ وَسَائِلِي
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْحُبُّ فِي الْقَلْبِ وَانْجَلَتْ / غَيَابَتُهُ هَاجَتْ عَلَيَّ عَوَاذِلِي
فَيَا لَيْتَ أَنَّ الْعَهْدَ بَاقٍ وَأَنَّنَا / دَوَارِجُ فِي غُفْلٍ مِنَ الْعَيْشِ خَامِلِ
تَمُرُّ بِنَا رُعْيَانُ كُلِّ قَبِيلَةٍ / فَمَا يَمْنَحُونَا غَيْرَ نَظْرَةِ غَافِلِ
صَغِيرَيْنِ لَمْ يَذْهَبْ بِنَا الظَّنُّ مَذْهَباً / بَعِيداً وَلَمْ يُسْمَعْ لَنَا بِطَوَائِلِ
نَسِيرُ إِذَا مَا الْقَوْمُ سَارُوا غَدِيَّةً / إِلَى كُلِّ بَهْمٍ رَاتِعَاتٍ وَجَامِلِ
وَإِنْ نَحْنُ عُدْنَا بِالْعَشِيِّ أَضَافَنَا / إِلَيْهِ سَدِيلٌ مِنْ نَقاً مُتَقَابِلِ
فَوَيْلٌ لِهَذَا الدَّهْرِ مَاذَا أَرَادَهُ / إِلَيْنَا وَقَدْ كُنَّا كِرَامَ الْمَحَاصِلِ
عَلَى عِفَّةٍ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا / مُبَرَّأَةٌ مِنْ كُلِّ غَيٍّ وَبَاطِلِ
وَلَكِنَّهَا الأَيَّامُ لَمْ تَأْتِ صَالِحَاً / مِنَ الأَمْرِ إِلا أَعْقَبَتْ بِالتَّنَازُلِ
إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ الزَّمَانَ الَّذِي مَضَى / تَسَاقَطُ نَفْسِي إِثْرَ تِلْكَ الْقَبَائِلِ
قَبَائِلُ أَفْنَتْهَا الْحُرُوبُ وَلَمْ تَكُنْ / لِتَفْنَى كِرَامُ النَّاسِ مَا لَمْ تُقَاتِلِ
قَضَتْ بَعْدَهُمْ نَفْسِي عَزَاءً وَأَصحَبَتْ / عَشَوْزَنَتِي وَانْقَادَ لِلذُّلِّ كَاهِلِي
وَأَصْبَحْتُ مَغْلُولَ الْيَدَيْنِ عَنِ الَّتِي / أُحَاوِلُهَا وَالدَّهْرُ جَمُّ الْغَوائِلِ
صَرِيعَ لُبَانَاتٍ تَقَسَّمْنَ نَفْسَهُ / وَغَادَرْنَهُ نَهْبَ الأَكُفِّ الْخَواتِلِ
كَأَنِّيَ لَمْ أَعْقِدْ مَعَ الْفَجْرِ رَايَةً / وَلَمْ أُدْعَ بِاسْمِي لِلْكَمِيِّ الْمُنَازِلِ
وَلَمْ أَبْعَثِ الْخَيْلَ الْمُغِيرَةَ فِي الضُّحَا / بِكُلِّ رَكُوبٍ لِلْكَرِيهَةِ بَاسِلِ
نَزَائِعَ يَعْلُكْنَ الشَّكِيمَ عَلَى الْوَجَى / إِذَا عُرِّيَتْ أَمْثَالُهَا فِي الْمَنَازِلِ
مِنَ الْقَوْمِ بَادٍ مَجْدُهُمْ فِي شِمَالِهِمْ / وَلا مَجْدَ إِلا دَاخِلٌ فِي الشَّمَائِلِ
إِذَا مَا دَعَوْتَ الْمَرْءَ مِنْهُمْ لِدَعْوَةٍ / عَلَى عَجَلٍ لَبَّاكَ غَيْرَ مُسَائِلِ
يُكَفْكِفُ أُولَى الْخَيْلِ مِنْهُ بِطَعْنَةٍ / تَمُجُّ دَمَاً مَطْعُونُهَا غَيْرُ وَائِلِ
يَكُونُ عَشَاءَ الزَّادِ آخِرَ آكِلٍ / وَيَوْمَ اخْتِلاجِ الطَّعْنِ أَوَّلَ حَامِلِ
قَضَوْا مَا قَضَوْا مِنْ دَهْرِهِمْ ثُمَّ فَوَّزُوا / إِلَى دَارِ خُلْدٍ ظِلُّهَا غَيْرُ زَائِلِ
وَذِي حَدَبٍ يَلْتَجُّ بِالسُّفْنِ كُلَّمَا
وَذِي حَدَبٍ يَلْتَجُّ بِالسُّفْنِ كُلَّمَا / زَفَتْهُ نَؤُوجٌ فَهُوَ يَعْلُو وَيَسْفُلُ
كَأَنَّ اطِّرَادَ الْمَوْجِ فَوْقَ سَرَاتِهِ / نَعَائِمُ فِي عَرْضِ السَّمَاوَةِ جُفَّلُ
إِذَا شَاغَبَتْهُ الرِّيحُ جَاشَ عُبَابُهُ / وَظَلَّ أَعَالِي مَوْجِهِ يَتَجَفَّلُ
يَهِيجُ فَيَرْغُو أَوْ يَعِجُّ كَأَنَّمَا / تَخَبَّطَهُ مِنْ أَوْلَقِ الضِّغْنِ أَزْفَلُ
تَقَسَّمَهُ خُلْقَانِ لِينٌ وَشِدَّةٌ / بِعَصْفَةِ رِيحٍ فَهْوَ دَاهٍ وَأَرْفَلُ
عَلَوْنَا مَطَاهُ وَهْوَ سَاجٍ فَمَا انْبَرَتْ / لَه الرِّيحُ حَتَّى ظَلَّ يَهْفُو وَيَرْفُلُ
كَأَنَّا عَلَى أُرْجُوحَةٍ كُلَّمَا وَنَتْ / أَحَالَ عَلَيْهَا قَائِمٌ لَيْسَ يَغْفُلُ
فَطَوْرَاً لَنَا فِي غَمْرَةِ اللَّجِّ مَسْبَحٌ / وَطَوْرَاً لَنَا بَيْنَ السِّمَاكَيْنِ مَحْفِلُ
فَلا هُوَ إِنْ رُعْنَاهُ بِالْجِدِّ يَرْعَوِي / وَلا إِنْ سَأَلْنَاهُ الْهَوَادَةَ يَحْفِلُ
عَرَوْنَا فَأَبْخَلْنَاهُ فَضْلَ حِبَائِهِ / وَمِنْ عَجَبٍ إِمْسَاكُهُ وَهُوَ نَوْفَلُ
قَلِيلٌ عَلَى عَهْدِ الإِخَاءِ ثَبَاتُهُ / فَأَسْفَلُهُ عَالٍ وَعَالِيهِ سَافِلُ
إِذَا حَرَّكَتْهُ غَضْبَةٌ مَاتَ حِلْمُهُ / وَظَلَّ عَلَى أَضْيَافِهِ يَتَأَفَّلُ
شَدِيدُ الْحُمَيَّا يَرْهَبُ النَّاسُ بَطْشَهُ / وَلَكِنَّهُ مِنْ نَفْخَةِ الرِّيحِ يُجْفِلُ
كَأَنَّ أَعَالِي الْمَوْجِ عِهْنٌ مُشَعَّثٌ / بِهِ وَانْحِدَارَ السَّيْحِ شَعْرٌ مُفَلْفَلُ
ذَكَرْنَا بِهِ مَا قَدْ مَضَى مِنْ ذُنُوبِنَا / وَفِي النَّاسِ إِنْ لَمْ يَرْحَمِ اللَّهُ غُفَّلُ
وَكَيْفَ تُرَانَا صَانِعِينَ وَكُلُّنَا / بِقَارُورَةٍ صَمَّاءَ وَالْبَابُ مُقْفَلُ
فَلا تَبْتَئِسْ إِنْ فَاتَ حَظٌّ فَرُبَّمَا / أَضَاءَتْ مَصَابِيحُ الدُّجَى وَهْيَ أُفَّلُ
فَقَدْ يَبْرَأُ الدَّاءُ الْعُضَالُ وَيَنْجَلِي / ضَبَابُ الرَّزَايَا وَالْمُسَافِرُ يَقْفُلُ
وَكَيْفَ يَخَافُ الْمَرْءُ حَيْفَاً وَرَبُّهُ / بِأَحْسَن مَا يَرْجُو مِنَ الرِّزْقِ يَكْفُلُ
أَلا إِنَّ أَخْلاقَ الرِّجَالِ وَإِنْ نَمَتْ
أَلا إِنَّ أَخْلاقَ الرِّجَالِ وَإِنْ نَمَتْ / فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا تَفُوقُ عَلَى الْكُلِّ
وَقَارٌ بِلا كِبْرٍ وَصَفْحٌ بِلا أَذَىً / وَجُودٌ بِلا مَنٍّ وَحِلْمٌ بِلا ذُلِّ
إِذَا سَتَرَ الْفَقْرُ امْرَأً ذَا نَبَاهَةٍ
إِذَا سَتَرَ الْفَقْرُ امْرَأً ذَا نَبَاهَةٍ / فَلا بُدَّ يَوْماً أَنْ يُشِيدَ بِهِ الْفَضْلُ
فَإِنَّ لَهِيبَ النَّارِ مَهْمَا كَفَأْتَهُ / إِلَى أَسْفَلٍ قَسْراً فَلا بُدَّ أَنْ يَعْلُو
لَعَمْرُكَ مَا الإِنْسَانُ إِلَّا ابْنُ يَوْمِهِ
لَعَمْرُكَ مَا الإِنْسَانُ إِلَّا ابْنُ يَوْمِهِ / وَمَا الْعَيْشُ إِلَّا لُبْثَةٌ وَزِيَالُ
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا دَفْتَرٌ فِي خِلالِهِ / تَصَاوِيرُ لَمْ يُعْهَدْ لَهُنَّ مِثَالُ
فَفِي صَفْحَةٍ مِنْهُ زَمَانٌ قَدِ انْقَضَى / وَفِي وَجْهِ أُخْرَى دَوْلَةٌ وَرِجَالُ
يُعَزَّى الْفَتَى فِي كُلِّ رُزْءٍ وَلَيْتَهُ
يُعَزَّى الْفَتَى فِي كُلِّ رُزْءٍ وَلَيْتَهُ / يُعَزَّى عَلَى فَقْدِ الشَّبَابِ الْمُزَايِلِ
فَكَمْ بَيْنَ مَفْقُودٍ يُعاشُ بِغَيْرِهِ / وَآخَرَ يُزْرِي بِالْهَوَى وَالْوَسَائِلِ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَبْكِ الشَّبَابَ فَمَا الَّذِي / يَعِزُّ عَلَيْهِ وَهوَ أَكْرَمُ رَاحِلِ
وِصَالُكَ لِي هَجْرٌ وَهَجْرُكَ لِي وَصْلُ
وِصَالُكَ لِي هَجْرٌ وَهَجْرُكَ لِي وَصْلُ / فَزِدْنِي صُدُوداً مَا اسْتَطَعْتَ وَلا تَأْلُ
إِذَا كَانَ قُرْبِي مِنْكَ بُعْدَاً عَنِ الْمُنَى / فَلا حُمَّتِ اللُّقْيَا وَلا اجْتَمَعَ الشَّمْلُ
وَكَيْفَ أَوَدُّ الْقُرْبَ مِنْ مُتَلَوِّنٍ / كَثِيرِ خَبَايَا الصَّدْرِ شِيمَتُهُ الْخَتْلُ
فَلَيْتَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَنْتَهِي / إِلَى حَيْثُ لا طَلْحٌ يَرِفُّ وَلا أَثْلُ
خَبُثْتَ فَلَوْ طُهِّرْتَ بِالْمَاءِ لاكْتَسَى / بِكَ الْمَاءُ خُبْثاً لا يَحِلُّ بِهِ الْغَسْلُ
فَوَجْهُكَ مَنْحُوسٌ وَكَعْبُكَ سَافِلٌ / وَقَلْبُكَ مَدْغُولٌ وَعَقْلُكَ مُخْتَلُّ
بِكَ اسْوَدَّتِ الأَيَّامُ بَعْدَ ضِيَائِهَا / وَأَصْبَحَ نَادِي الْفَضْلِ لَيْسَ بِهِ أَهْلُ
فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي الدَّهْرِ مَا انْقَضَّ حَادِثٌ / بِقَوْمٍ وَلا زَلَّتْ بِذِي أَمَلٍ نَعْلُ
فَمَا نَكْبَةٌ إِلا وَأَنْتَ رَسُولُهَا / وَلا خَيْبَةٌ إِلا وَأَنْتَ لَهَا أَصْلُ
أَذُمُّ زَمَانَاً أَنْتَ فِيهِ وَبَلْدَةً / طَلَعْتَ عَلَيْهَا إِنَّهُ زَمَنٌ وَغْلُ
ذِمَامُكَ مَخْفُورٌ وَعَهْدُكَ ضَائِعٌ / وَرَأْيُكَ مَأْفُونٌ وَعَقْلُكَ مُخْتَلُّ
مَخَازٍ لَوَ انَّ النَّجْمَ حُمِّلَ بَعْضَهَا / لَعَاجَلَهُ مِنْ دُونِ إِشْرَاقِهِ أَفْلُ
فَسِرْ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْكَ فَإِنَّمَا / قُصَارَى ذَمِيمِ الْعَهْدِ أَنْ يُقْطَعَ الْحَبْلُ
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِي وَجَارَةً
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِي وَجَارَةً / تَبِيتُ إِلَى وَقْتِ الصَّبَاحِ بِإِعْوَالِ
لَهَا صِبْيَةٌ لا بَارَكَ اللَّهُ فِيهِمُ / قِبَاحُ النَّوَاصِي لا يَنَمْنَ عَلَى حَالِ
صَوَارِخُ لا يَهْدَأْنَ إِلا مَعَ الضُّحَا / مِنَ الشَّرِّ فِي بَيْتٍ مِنَ الْخَيْرِ مِمْحَالِ
تَرَى بَيْنَهُمْ يَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ / لَهِيبَ صِيَاحٍ يَصْعَدُ الْفَلَكَ الْعَالِي
كَأَنَّهُمُ مِمَّا تَنَازَعْنَ أَكْلُبٌ / طُرِقْنَ عَلَى حِينِ الْمَسَاءِ بِرِئْبَالِ
فَهِجْنَ جَمِيعاً هَيْجَةً فُزِّعَتْ لَهَا / كِلابُ الْقُرَى مَا بَيْنَ سَهْلٍ وَأَجْبَالِ
فَلَمْ يَبْقَ مِنْ كَلْبٍ عَقُورٍ وَكَلْبَةٍ / مِنَ الْحَيِّ إِلا جَاءَ بِالْعَمِّ وَالْخَالِ
وَفُزِّعَتِ الأَنْعَامُ وَالْخَيْلُ فَانْبَرَتْ / تُجَاوِبُ بَعْضَاً فِي رُغَاءٍ وَتَصْهَالِ
فَقَامَتْ رِجَالُ الْحَيِّ تَحْسَبُ أَنَّهَا / أُصِيبَتْ بِجَيْشٍ ذِي غَوَارِبَ ذَيَّالِ
فَمِنْ حَامِلٍ رُمْحاً وَمِنْ قَابِضٍ عَصَاً / وَمِنْ فَزعٍ يَتْلُو الْكِتَابَ بِإِهْلالِ
وَمِنْ صِبْيَةٍ رِيعَتْ لِذَاكَ وَنِسْوَةٍ / قَوَائِمَ دُونَ الْبَابِ يَهْتِفْنَ بِالْوَالِي
فَيَا رَبُّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ تَصَبُّرَاً / عَلَى مَا أُقَاسِيهِ وَخُذْهُمْ بِزَلْزَالِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025