المجموع : 36
حلفت بما يملا النديم وما يملي
حلفت بما يملا النديم وما يملي / لقد بتُّ عن عذل العواذل في شغل
إذا نادت الأحشاء يا آل محرق / أجابت فنادت فكرتي يا بني ذهل
بروحِيَ فتَّاك اللواحظ طالب / كرى مقلتي يوم الندى زدته عقلي
من المغلّ أشكو نحوهُ ألم الهوى / وطبّ الهوى عندِي كما قيل بالمغلي
أعيذ سناه والعذار وريقه / بما قد أتى في النورِ والنمل والنحل
وأصبو إلى السحرِ الذي في جفونهِ / وإن كنت أدرِي أنه جالبٌ قتلي
وأملأ أوصال الدروج رسائلاً / فتبخل هاتيك الشمائل بالوصل
ويعجبني رمل المنجم باسمه / وما ذاك إلا حبّ من حلَّ بالرمل
لعلَّ الصبا تهدِي إليَّ رسالةً / فقد تعبت ما بيننا ألسن الرسل
يعلِّلني مسرى الرياح وطالما / تعلَّلت العشَّاق بالريحِ من قبلي
ويعذلني من لا يهيم وأدمعي / كجدوى عماد الدين سابقة العذل
إذا سحبت جدوى المؤيد ذيلها / تغطى فخار الفضل من ذلك الفضل
مليك إذا رمنا مديح جلاله / فأقلامنا تجري وأوصافه تملي
مجدّد أيام الحامد والندى / ودافع أيام الشكاية والأزل
وباعثها للحربِ جرداً سوابحاً / كأن دم الأبطال من تحتها يغلي
إذا حفيت فوقَ الجسوم تعوَّضت / بكلِّ جبينٍ كالهلال عن النعل
إذا ما دعته الحرب يا قاتل العدى / بدا فدعاهُ الجود يا قاتل المحل
إذا جئته للعلمِ والجودِ طالباً / فيا لك بحر باهر الفضل والفصل
يقدّم في أهل العلى شرف اسمه / كما قدَّم الاسم النحاةُ على الفعل
وتخدمه حتَّى النجوم محبَّة / ومن أجل ذا تعزى النجوم إلى عقل
هو المرتقي فوق السها بعزائمٍ / درت كيف ترقى للفخارِ وتستعلي
تفرَّد لولا ناصر الدين بالعلى / فيا حبَّذا أنس الغضنفر بالشبل
سليل علاً شفت مخايل مجده / ودلَّت كما دلَّ الفرند على النصل
يروق لرائيه عليه من النهى / ألذّ حلى ممَّا يروق من الشكل
وتعرف فيه من أبيه شمائلاً / ومن جدِّه والسابقين من الأهل
حوى الدهر من علياه أشرف نسخةٍ / فقابلها يوم المفاخر بالأصل
كأنك يا ظلّ العفاة بشخصه / يجاريك للعلياء كالشخص والظّل
يمدُّ لك الله التمكُّن والبقا / ويعطيك ما ترجوه من رتب الفضل
إلى أن تراه في ذرى المجد راقياً / رفيع منار الذكر منتشر العدل
مثيلك في يومي وغىً ومكارمٍ / وقد قمت أياماً كثيراً بلا مثل
وملتقياً منِّي مدائح عوّدت / فرائدُها لقيا مقامك من قبل
أصوغ له منها وألحق نسله / فأجمع مدح الجد والأب والنجل
فديتكَ ملكاً في نداه وبشره / غمامٌ لمستجدٍّ وصبحٌ لمستجلي
تخيَّرته دون الأنام ولذَّ لي / به بدل البعض الجميل من الكلّ
وأنزلت آمالي لديه وإنه / لأكرمُ من آل المهلَّب في المحل
تُفصّح لفظي مجزلاتُ هباته / فتحسن أمداح الجزيلة بالجزل
سقا الله أيام المؤيد بالهنا / إذا ما سقا الأيام بالطّلّ والوبل
لقد أمَّنتنا من أذى كلّ حادث / وقد فرَّغتنا للتنعّم والدّلّ
فلا جائرٌ فينا سوى ساق غادةٍ / ولا ظالمٌ إلاَّ من الأعين النجْل
يجور كما شاءَ الدلال ويعدل
يجور كما شاءَ الدلال ويعدل / ويتعب فيه من يلوم ويعذل
هو الشمس إشراقاً ولكنني أرى / من الحرمِ إني عنهُ لا أتحوَّل
بروحِي ربيع من عذاريه آخر / نماه ربيعٌ من أسيليه أوَّل
وثغر يعير الجوهريّ صحاحه / ووجه له من رائق الحسن مجمل
لناظره الفتَّان بالسحرِ آيةٌ / على مثلها دمعي من العينِ مرسل
ومن عجب إني بعادل قدّه / أجنّ ودمع العين دوني المسلسل
لئن جلبت شجوي كسالى جفونه / لمثلك يا قلبي عن الصبرِ أكسل
وإن غزلت لي من ضنا الجسم حلةً / لما حلتُ عن أني بها أتغزَّل
نعم في جفونِ التركِ للنفسِ صبوةٌ / وللقلب في تلك المضائق مدخل
تجرَّح قلبي تارةً بعد تارة / وتشهد أني عاشق فتعدَّل
وربَّ عذولٍ لامني فتركته / يقول وقلبي في الصبابة ينهل
ولو أن عذَّالي على الحسنِ أخوتي / لقلت لهم طوعِي لدى الحسن أجمل
أقيموا بنو أمي صدور مطيّكم / فإني إلى قومٍ سواكم لأمْيَل
إلى كلِّ غصنٍ مال تيهاً على نقا / تكاد به أردافه تتهيَّل
وبدر مضى وقتِي مضيئاً بوصله / فلا غَرْوَ أني بعد بدرِي مضلَّل
تشرب تربُ الأرض ماءَ مدامعي / وبين ضلوعي جمرة تتأكَّل
وأهتزُّ للتذكار حتَّى كأنما / يعاودني من بارحِ الذكرِ أفكل
سقى الغيثُ أوقاتي إذا العيش ممكنٌ / وخدَّام أمري بالهنا تتعجَّل
زمانيَ مختارٌ وقصدِي منجحٌ / وراحيَ ريحانٌ وبدريَ مقبل
مدا الليل فيه ناظري متعلّلٌ / إلى لثمِه من ضمِّه أتنقَّل
فأحبب بذاك الحسن وهو مدا الدجى / بلثميَ مختومٌ وضمِّيَ مقفل
إلى مثله يهدى تغزُّل ناظمٍ / وللصاحب ابن الصاحب المدح يحمل
إذا قالَ معنى في ابن يعقوب ناظمٌ / فإن المعاني باسمه تتكمَّل
إذا عدَّ أهل العلم والحلم والتقى / وصنع الأيادِي فابن يعقوب أوَّل
إذا اسْتمسكت منه الأماني بناصرٍ / فبشرى الأماني إنها ليسَ تخذل
إذا عدَّد المثني مناصب مجده / منصباً على التمييز لا يتبدَّل
سريّ سراةٍ قبل ما اكْتمل الصبا / وشيخ شيوخ قبل ما يتكهَّل
وقاضي قضاةٍ معرب بكمالِه / تقىً ليسَ يخفى أو لهىً ليسَ يجهل
وكافي كفاة ما ابن عبَّاد صائد / لديه ولا القاضي الملقَّب أفضل
أقامَ بمغنى الشام صدراً لسرِّهِ / وأمداحه في الغرب والشرق ترحل
تنادِي الورَى نعماه واللفظ والسنا / ألا فاجْتدوا ثمَّ اجْتنوا ثمَّ فاجْتلوا
ولا عيبَ فيه غير أنَّ له ندىً / يجيب ندا العافين من قبل يسأل
مواهب كفَّيه وألفاظ كتبه / على اليمن ما بين الورَى تترسَّل
وللدرج بعد الدرس منهُ فوائد / تفضل في أسلاكها وتفصَّل
علوم بآفاق المدارس تنتقى / وسجع بأفنان الدواوين تنقل
ونطق به للمنطقيّ تأدبٌ / ونحوٌ به للفارسيّ ترجّل
وخط كما راقت سلاسل عسجدٍ / ونظم كما راق الرحيق المسلسل
ورأي على سمت السعود وهمَّة / تظل على زهر الكواكب عسَّل
لنعم الفتى ديناً ودنيا بجمعنا / وفي خطبة الدارين نعم المؤهَّل
له الله ما أزكى وأشرف همَّة / وأنجح ما يأتي وما يتأمَّل
دَرَى مع دهري كيفَ حال تذلّلي / فلاقاه حتَّى كادَ وهو مذلَّل
وجلى همومي جامع البرّ والتقا / بنعماء من بابِ الزيادة تدخل
وما هو إلاَّ حينَ بادر جيشهم / فقاموا صفوفاً للدعا وتبتَّلوا
فنظمتها زهراء والشهب روضة / على الأفق تجلى والمجرَّة جدول
وطرق الدجى ذو غرّةٍ من هلاله / إلى أن بدَا بالفجرِ وهو محجَّل
فدونكما جهد المحبّ وعشْ كما / تحب لإلفٍ مثلها تتمثَّل
بوديَ لو أنَّ الجوارح كلها / لمدحك سمعٌ في الأنام ومِقْوَل
فطمت ولائِيَ ثم أقبلت عاتباً
فطمت ولائِيَ ثم أقبلت عاتباً / أفاطم مهلاً بعد هذا التذلّل
بروحيَ ألفاظٌ تعرض عتبها / تعرّض أثناء الوشاح المفصَّل
فأحيين وُدًّا كانَ كالرسم عافياً / بسقط اللوى بين الدخول فحومل
تعفي رياح العذر منك رقومها / لما نسجتها من جنوب وشمأل
ثمَّ قوّضت منكَ المودَّة وانْقضت / فيا عجباً من رحلها المتحمَّل
ونامت على الباكي ولم يدرِ جفنها / داره ولم ينضح بماءٍ فيغسل
فداك سهادِي في الدُّجى من مودّةٍ / تؤمُّ الضحى لم تنطبق عن تفصل
أمولايَ لا تسلك من الظلم والجفا / بنا بطن خبتٍ ذي قفافٍ عقنقل
ولا تنسَ منِّي صحبة تصدع الدجى / بصبحٍ وما الإصباح منها بأمثل
صحبتك لا ألوِي على صاحبٍ عطا / بجيدِ معمٍّ في العشيرة مخوَل
وخافيت حتَّى من هوًى أين مهجتي / فألهيتها عن ذي تمائم محول
وآنسة أعرضت عنها وقد جلت / عليَّ هضيم الكشح ريَّا المخلخل
وحاولت من إدناء ودّك ما نأى / فأنزلت منه العصم من كلِّ منزل
يقلِّب لي وجدِي به سوط سائق / وإرخاء سرحانٍ وتقريب تتفل
فكم خدمةٍ عجَّلتها ومحبَّةٍ / تمتَّعت من لهوٍ بها غير معجَّل
وكم أسطرٍ مني ومنك كأنها / عذارى دوارٍ في مُلاءٍ مذيَّل
وكم ناصح كذّبت دعواه إذ غدت / عليَّ وآلت حلفةً لم تحلَّل
ولحية لحَ غاظها ضحكي على / أثيثٍ كقنو النخلة المتعثكل
ترى بعَرَ الآرام في عرصانها / وقيعانها فكأنه حبّ فُلفل
نزعت سلوِّي ساحباً عن صبابتي / على إثرها أذيال مرطٍ مرحَّل
وقلت خليلٌ ينشد الهمّ ودُّه / ألا أيها الليل الطويل ألا انجل
وساتر تقصير المكافين قد أبى / لدى الستر إلا لبسة المتفضل
إلى أن تبدَّى عذرهُ متمطِّياً / وأردف إعجازاً وناء بكلكل
فلاطفته في الحالتين ولم أقل / فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
وأقنعني منه المدجاة أعرضت / بشقٍّ وشقٍّ عندنا لم يجوّل
معللة ماذا يفيد بها الفتى / تبايع كفّيه بحبل موصّل
يضنّ بأسطارٍ كأنَّ يراعها / أساريع ظبي أو مساويك أسحل
ويقرع سمعي من معاريض نظمه / مداكُ عروسٍ أو صلابة حنظل
ويأبى جلوسي من مراتبه إلى / كبير أناسٍ في بجادٍ مزمَّل
كأن دموعي في ثيابي بهجره / عصارة حناءٍ بشيبٍ مرجّل
ولمَّا تجاذبنا العتاب موشعاً / نزول اليماني بالعتابِ الجمَّل
بنينا الوَلا الواهي فلم يبقَ معهداً / ولا أطماً إلاَّ مشيَّداً بجندل
وعدنا لودٍّ يملأ القلب عوده / بشحمٍ كهدَّاب الدَّمقس المفتل
أعدت صلاح الدِّين عهد مودَّةٍ / بكل مغار الفتل شدَّت بيذبل
فدونك عتبي اللفظ ليس بفاحشٍ / إذا هيَ نضَّته ولا بمعطل
وعادات حبٍّ هنَّ أشهر فيك من / قفا نبكٍ من ذكرى حبيبٍ ومنزل
له كلّ يومٍ فيك واشٍ وعاذلُ
له كلّ يومٍ فيك واشٍ وعاذلُ / وفي قلبِه شغل من الحبِّ شاغل
أخو صبوةٍ أثرى من السهدِ طرفه / ولكن له دمعٌ على الخدِّ سائل
مقيمٌ ولو جدَّ الرحيل على الوَلا / ودانٍ وإن شطَّت عليه المنازل
إذا غرَّدت ورق الحمائم في الضحى / على فننٍ هاجت عليه البلابل
وأغيد في عليا دمشق محلّه / وفي لحظِه من صنعة السحر بابل
ولحظ إذا حفته أصداغ شعرِه / فما هو إلا سيفه والحمائل
تطاولت الأغصان تحكي قوامه / وعند التناهي يقصر المتطاول
وفضلت الجوزا على البدرِ وجهه / وقالَ السهى للشمسِ لونك حائل
وأعيا فصيح الوصف بنت عذاره / وعير قسّا بالفهاهة باقل
ولما مشى فوقَ البسيطة زانها / وفاخرت الشهبَ الحصا والجنادل
وما خفتُ من جهلِ العذول وإنما / بغيضٌ إليَّ الجاهل المتعاقل
وإنِّي وإن كنت الأخير غرامه / لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل
تعشّقته كالبدر في الطرق مشرقاً / فيا أسفي والبدر زاهٍ وآفل
وأسكنته كالضيف وسط جوانحي / فيا حزني والضيفِ بالبيتِ داخل
لقد أعقبت قلبي صنوفاً كثيرةً / من الشجوِ أيامُ اللقاءِ القلائل
سقى الله أيامَ اللقا سحبَ راحةٍ / وزيريةٍ فهي الهوامي الهوامل
وزير له في طالب الفضل راحةٌ / ولكنها قد أتعبتها الفواضل
لقد قام عبد الله يدعو إلى الندى / فأهوت شعوبٌ للرجا وقبائل
له الله ما أوفى وأوفر سؤدداً / إذا نوّهت بالسائدين المحافل
تردَّدَ في أفقِ الوزارة شخصه / كما ردُّدت شهب السماء المنازل
وعطَّل مغناها اتّباعاً لزهده / وإن محلاَّ بان عنه لعاطل
ألم ترَ شبَّاك الوزارة كله / عيونٌ تراعي عوْدَه وتحاول
سلوا عنهُ مصراً والشآم ففيهما / شواهد من آثارِه ودلائل
ألم يُرْض أرض الواديين بحفّل / من السحبِ إلا أنهنَّ أنامل
كلا وادييهما عاشق لنزوله / على أنه في بلدةِ الأفق نازل
تغامز من هذي أصابع نيلها / وهذي برقراق العيون تغازل
وكلن عريقاً في المناصب بيته / مكيناً إذا ما قيل كافٍ وكافل
فلا واصلاً حبلاً لمن هو قاطعٌ / ولا قاطعاً حبلاً لمن هو واصل
له قلمٌ كالغصن بالماءِ مثمرٌ / ولكنه غصنٌ إلى الجودِ مائل
يسمّن بيت المال وهو هزيله / ويفعل أفعال الظّبا وهو هازل
إذا هزَّ في الخطابِ فعالمٌ / وإن هزَّ في يومِ الخطوب فعامل
إذا قلت يا للصاحبِ ابْتدرت إلى / نداك معالٍ كالنجوم موائل
فقل فيه ما شئتَ المقال مهنئاً / فإنك في ظلِّ السيادة قايل
هنيئاً لمولانا الوزير إيابه / ومقفله في الذكر والأجر حاصل
ولا برحت أوقاتنا ببقائهِ / مواصلة أبكارها والأصائل
يكفُّ الأذى عن حالنا جود كفَّه / ويروي لنا عنه عطاءٌ وواصل
سرى بشبيه البدر آلُ هلال
سرى بشبيه البدر آلُ هلال / وهانَ على أهلِ المليحة حالي
خبى وجهها عنِّي وأُخليَ ربعها / فآهاً على وجهٍ ذكرت وخال
وأخفت ليَ الأسقام جسماً كأنه / خلال الأسى والبين عود خلال
فما ضرَّ هندٌ لو طرقتُ خيامها / على أنني بالسقمِ طيف خيال
هي الشمس بعداً في المكانِ وبهجةً / ولكنَّها في الفرعِ ذات ظلال
أهيم بذكرى شعرها وعهودها / لقد همت من شمسِ الضحى بحبال
ولم أدرِ هل تسطو عليَّ لحاظها / بسود جفونٍ أم ببيض نصال
حرامٌ على جفني المنام وحسبها / إذا رضيت أن السهادَ حلالي
وأغيد قد خطّ العذار بخدّه / حروفاً نماها الحسن لابن هلال
لعمرك ما خدّ الحبيب معذّرٌ / ولكن بمسود النواظر جالي
سمت نحوه الأنظار حتَّى كأنها / بناريه من هنّا وهنّ صوالي
أرى شعرات الشيب تؤذن بالردى / وينذرني منها طلوع هلال
فما بال رأسي كلما ضاء شيبه / تجدّد في ذكرِ الحبيب ضلالي
دعِ الرمح يسند عن قدودِ أحبَّتي / فإن قدودَ المالكين عوالي
ودعنيَ والأيام ألقى صروفها / بصبرٍ على أيدي الحوادث عالي
أرى لابنِ ريَّان اعْتلاءَ سيادةٍ / تخلص حظّ الشعر بعد مطال
رئيس إلى علياه تسري مدائحٌ / مواصلة ليست بذات كلال
طربت إلى ضوء الجبين وإنما / طربت لضوءِ البارق المتلالي
وقالت وقد زادت جمالاً بنعته / حمى الله من عينِ الزمان جمالي
أخو العلم والنعمى يرجَّى ويختشى / ليوم فعال أو ليوم مقال
له بركاتٌ تلوهنَّ مكارمٌ / فيا لمعالٍ أُيِّدت بمعالي
بكفَّيه يستسقى الحيا ودعائه / فتهمي بماءٍ حالتاه ومال
ويندى وقد أندى الحياء جبينه / فلم ندرِ من فينا طلوب نوال
ولا عيبَ فيه غير سبق هباته / فما يتهنَّى مفصحٌ بسؤال
له القلم الماضي الشبَّاة كأنما / يحادثه من فكرِه بصقال
إذا وسَّع الأطراس حكت سطورها / كواعب في الأوراق تحت حجال
وإن جهّز السمر الذوابل للوغى / فقل في قصير شدّ أزر طوال
براحة من هبَّت نوافح ذكره / فأرخص في الآفاق نشر غوال
حلت للورى جدوى يديه فأصبحت / دُعاة الرجا من حوله كمال
ووالى نداً قد سنَّ سنَّة حاتمٍ / فأهلاً بسنيّ الندى المتوالي
من القوم فرسان البلاغة والوغى / على أنهم لله أيّ رجال
يميتون أياماً من المحلِ بالندى / ويحيون من طولِ السجود ليالي
أأزكى الورَى نفساً وأكرم أسرةً / وأرفعهم عن مشبهٍ ومثال
بقيت مدى الدنيا إلى الفضلِ سابقاً / وكلّ امرئٍ فيها بمدحِك تالي
أسائله يوم النوى كيفَ حاله
أسائله يوم النوى كيفَ حاله / أعيذك ممَّا قلَّ منه احتماله
تقضَّت ليالي الوصل إلاَّ ادِّكارها / وغابَ حبيب القلب إلاَّ خياله
بروحيَ ناءٍ كنت أشكو ملالهُ / فمن لي بأن يدنو ويبقى ملاله
من الغيد إن تنسبه فهو كما ترى / أخوا وجنتيه الشمس والمسك خاله
عدا البدر أن يحكي جميع صفاته / ولكن حكاها نورهُ وانتقاله
وراحَ القنا من نيل عطفِه باهتاً / فكان حقيقاً حرّه واعْتقاله
خذْ الحذر من لحظٍ له وذوائبٍ / فما هو إلاَّ سحرهُ وحباله
وإيَّاكما في الحبِّ من لومِ مبعدٍ / وقولا له في الوصلِ كيف احْتياله
جعلت وفاء العهد زينة شيمتي / كما زانَ أبناء الزمان جماله
أخو العلم والنعماء يهدي رشاده / ويجدي على داعي الرجاء نواله
جميلُ المحيَّا يملأ العين بهجةً / وأجمل من ذاكَ المحيَّا فعاله
محا الجدب عن وجه البرايا بأنملٍ / تريك حيا الوسميّ كيف انْهماله
ألم تره والله يبسط عمرهُ / يمرّ على الوادي فتثنى رماله
رئيس بيَدِ القائلين سكونه / ويفضل عن يمنى الغمام شماله
له قلمٌ إن قال روّى سجله / مسامعنا أو جالَ روّت سجاله
حرام على الحالين سحر بديعه / إذا جالَ في سلبِ العقول حلاله
يجول به في الحربِ والسلم ماجدٌ / مؤيدة أقواله وفعاله
من المالكي رقّ المديح بنائلٍ / كأن بحار الأرض في الجودِ آله
يزيد اتّضاعاً كلّما زادَ رفعةً / وكم صاعدٍ أخنى عليه اخْتياله
ألا أيها الباغي منالاً لشأوِهِ / إليكَ فليس الأمر ممَّا تناله
له الله من غالي السجيَّة عذبها / كما انْهلَّ من فرع السحاب زلاله
نزلت بمغناه فلم أخشَ حادثاً / وكيفَ وهذا جاهه لي وماله
أمولاي إن الحال مدَّ رجاؤه / إليكَ وإن القصد آل مآله
دعاك لتمييز الوسائل طالبٌ / فلا غَرْوَ أن يسمو بريّك حاله
برغميَ أن غاض الندى بكماله
برغميَ أن غاض الندى بكماله / فلم يبق إلا زورة من خياله
وإلا دموع من جفون كأنها / تردّ على مثواه فيض نواله
أسفت لبدرٍ بانَ عنه محمد / فبان بمعني حسنه وجماله
وولى كما ولى السحاب مودّعاً / وفي كلّ روضٍ نفحة من سجاله
وزال وقد أبقى جواهر بحره / ومات وقد أحيى مناقبَ آله
ألا في سبيل الله مصرع ماجد / تزيلت العلياء مثل زواله
فقدناه فيّاض المكارم واللهى / يشفّ ضياء المجد بين خلاله
لئن قصرت أيدي المطالب بعده / لعهدي بها موصولة بحباله
لئن بسطت أيدي الحوادث بعده / لعهدي بها مغلولة بنكاله
بروحيَ وضاح الصفات كأنما / طبعن دراري الحسن بعد خصاله
أما والذي أنشا أياديه والحيا / لقد فقد الظمآن صفو زلاله
وقد زال من أفق الأثير عن الورَى / سنا كوكبٍ تسهو السها لمناله
فمن للعلى يهدي سبيل رشادها / ومن للرجا يمحو ظلام ضلاله
ومن ليراعٍ قد أفاض مداده / وجرّ من الأطراس ذيل خياله
ومن لخطوطٍ غاب بدر كمالها / فهلاّ فداه الخط بابن هلاله
ومن لمعانٍ في المهارق تجتلى / بحلي وجوه الخود بين حجاله
إلى الله أشكو يوم فقدك أنه / رمى كلّ عقل ناشطٍ بعقاله
وقوّس من ثقل الرزية أظهراً / فلا غَرْوَ أن أصمى الحشا بنباله
بكاك فقير رافع لك قصة / نصبت على التمييز كسرة حاله
وممتدح لهفان يسألك الغنى / أجزت معاني مدحه بسؤاله
ومطّلب كانَ ارتحالك قبله / فعطلت الأيام شدّ رحاله
وعصر حلا جملت مرآه برهةً / وخلّفته ينعي أتمّ رجاله
كأنك لم تنهض بأعباء دولة / تكلف سعي الدهر فوق احتماله
كأنك لم تحمل يراعاً تمرها / وتعضدها في سلمه وصياله
ومن عجب مقدار فرع يراعة / وقد وسع الدنيا بفيء نواله
كأنك لم تبسط بنان مؤملٍ / يمين غوادي المزن دون شماله
وما هي إلا همة لك أنفذت / وصاة رسول الله عند بلاله
فأنفقت ما أحرزت بالبذل ذخره / وما ذخر مال المرء غير ابتذاله
عزاء العلى عن راحل بيد الردى / وكلّ مقيم مؤذن بارتحاله
وما الدهر إلا خيط فجر وليله / يجران من شخص الفتى بانتقاله
وإني وإن أحسنت سلوة فاقدٍ / لمضمر شجوٍ مثخن بنصاله
أينفد عني الحزن بعد محمد / وما استنفذت كفي نوافل ماله
أانسى له في كلّ جدب غمائماً / تحثّ على رغم الحيا ومطاله
أأنسى له في كلّ درج قلائداً / منظمة من رفده ومقاله
سأبكيه ما لاح الظلام بظلمه / وأبكيه ما ناح الحمام بضاله
وما أنا إلا بالجميل مطوق / أولى أسى لا كنت إن لم أواله
صدحت له بالمدح عند لقائه / وهذا أوان النوح عند زواله
مبلبل أصداغٍ أثارت بلابلي
مبلبل أصداغٍ أثارت بلابلي / وجرَّت هوى عشَّاقها بالسلاسل
ومشمش بستان ثريَّاه أشرقت / وأين الثريَّا من يد المتناول
بلى إن تصافح بالرجا يد أحمدٍ / تصافح ثريَّاها يد المتطاول
كريمٌ شكت يمنى الغيوث شمالَهُ / فيا لك من غيث كريم الشمائل
مقسمة جدواه بين فواضلٍ / لمدَّاحه تهدى وبين فضائل
تعلمهم نظم الثنا مبْدعاته / فيا لعقول حثّها بعقائل
على السَّبعة السيَّارة امتاز فضله / فلا زالَ ذا طولٍ عليها وطائل
لقد كنت أرجو في صبايَ وصبوتي
لقد كنت أرجو في صبايَ وصبوتي / مغازلة الغرّ القوافي التي تحلو
فلما انْقضى عصر الشباب وشارفت / منيَّة مثلي ما لها في الورَى مثل
فجاءَت بدرجٍ عندما أنا دارج / وجاءَت بوصلٍ حيث لا ينفع الوصل
تركت للفظ الحاجبيّة رونقاً
تركت للفظ الحاجبيّة رونقاً / له لا لألفاظ الأوائل تقبل
إذا كتب النحو اسْتمالت عيوننا / أبينا وقلنا الحاجبيّة أول
فقدت أخلاّئي الذين سألتهم
فقدت أخلاّئي الذين سألتهم / دوام الوفا إنَّ الوفاء قليل
وإنَّ افْتقادي واحداً بعد واحد / دليل على أن لا يدوم خليل
بروحي ممنوع اللقا غير أنني
بروحي ممنوع اللقا غير أنني / واصل بالتنجيم والفكر شكله
وأقسم من خدّيه والثغر بالضحى / وبالفجر أبصرت في العصر مثله
وما أبصرت عيناي من وارث العلى / كناصر دين الله يبسط فضله
أميراً إذا قابلت وصفاً ونسبة / ترى الفضل مأثور الصفات ونجله
ترى عمريّ المنتمى عدويه / ففيه المعالي تتبع الفرع أصله
أمولاي إن أهلتني لعنايةٍ / فما زلت بالمعروف والشكر أهله
فديناك من أصلٍ ببطحاء مكةٍ / وفرعاً على الأقطار قد مدّ ظله
خليليّ والأشواق تروي حديثها
خليليّ والأشواق تروي حديثها / دموع الأسى من مرسلٍ ومسلسل
على نازلٍ بالقلب مرتحلٍ به / قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل
وإلا انظرا من خاله فوق خده / إلى خير نارٍ عندها خير مصطل
سبكت بها ودّي فصحّ كأنه / سجايا بني السبكيّ للمتأمّل
أولئك ساداتي الذين همُ همُ / غياث المرجّى عصمة المتوسل
لقاضي قضاة المسلمين عليّها / ندًى ويدٍ كالبارق المتهلّل
إمام لنا من اسمه وسماته / سيول من الأرزاق تنحطّ من عل
وأزهر وضَّاح الصفات عليّها
وأزهر وضَّاح الصفات عليّها / مدحت به المدح الذي أنا قائله
يقولون ماذا من أياديه ترتضي / قفلتُ التي ترضى لمثلي نوافله
أقدم اسمي مصدراً في مديحه / ويفعل صوب الغيث ما هو فاعله
وما البرُّ إلا ما نوته هباته / لعافٍ ولكن أهنأ البرّ عاجله
بقيت ابن فضل الله في الفضلِ مفرداً
بقيت ابن فضل الله في الفضلِ مفرداً / كشهرك أو شعري الذي لك قائله
فلو أنني ضمَّنت بيتاً لمبدعٍ / قديماً لقال الناس إنيَ قائله
أقول لفقري مرحباً لتيقّني / بأنَّ عليًّا بالمكارم قاتله
شكوتَ وبالشكوى إلى غير راحمٍ
شكوتَ وبالشكوى إلى غير راحمٍ / تعذَّر مني للمراد حصول
وصولات قوم بالكثيرِ تقسَّمت / لديكم وما لي وصول
خضبت مشيبي بالدموع فما به / ولكن بقلبي للهمومِ نصول
تأمَّلت من بعد الصبا حال وجنةٍ
تأمَّلت من بعد الصبا حال وجنةٍ / لغيداء لم أطمع بعوْدِ وصالها
وكنت أخا سعدى فأصبحت عمّها / فهيهات لي جدّ بتقبيل خالها
أقولُ لعثمانَ الأديب وقد صبا
أقولُ لعثمانَ الأديب وقد صبا / لأرداف من يهواه بعد اعْتزالها
وقد ساقها من بعد ما قد تغيَّرت / وقد هزلت حتَّى بدا من هزالها
أمين العلى والعلم دعوة ناشئٍ
أمين العلى والعلم دعوة ناشئٍ / ببيتك تلقى حيثما كانَ فضله
أبوك بأرضِ الشام أصل إقامتي / فأكرم مقاماً كانَ أصلك أصله
بروحي خليلاً لم أجد مع صدوده
بروحي خليلاً لم أجد مع صدوده / إلى القلبِ عنه سلوة تتخلَّل
ويعلم بأسي من جميل وفائه / فما ضرَّه بالقول لو يتجمَّل