المجموع : 4
أَبا الشامِ تَبكي مَن بِنَجدٍ مَنازِله
أَبا الشامِ تَبكي مَن بِنَجدٍ مَنازِله / وَتَندُبُ رَبعاً قَد تَفَرَّقَ آهِلُه
تَميلُ إِلى مَن لا يُباليكَ إِن نَأى / وَأَنتَ إِلَيهِ هائِمُ القَلبِ مائِلُه
إِذا مازَجَ الشَيبُ الشَبابَ تَجَهَّزَت / إِلى الحلمِ أَفراسُ الصِبا وَرَواحِلُه
وَلا عيشُ إِلّا وَالصِبا قائِدٌ لَهُ / فَقُل في لَياليهِ الَّذي أَنتَ قائِلُه
أَتى اللَه أَرضَ الشامِ بِالأَمنِ فَاِنجَلَت / ضَبابَةُ خَوفٍ قَد أَرَّبَت غَياطِلُه
أَتاها اِبنُ يَحيى جَعفَرٌ فَكَأَنَّما / أَتاها رَبيعٌ قَد تَعَرَّمَ وابِلُه
وَلَم يَبقَ سَهلٌ في قُرى الشامِ كُلِّها / وَلا جَبَلٌ إِلّا اِطمَأَنَّت زَلازِلُه
كَأَنَّ عَلَيها مِن مَخافَةِ جَعفَرٍ / كَتائِبُهُ مَبثوثَةٌ وَجَحافِلُه
لَهُ عَزماتٌ يَفلقُ الصَخرَ وَقعُها / وَحِلمٌ أَصيلٌ لَيسَ حِلمٌ يُعادِلُه
فَقُل لِلرِّضا هارونَ خَيرِ خَليفَةٍ / فَما فاقَ عاصيهِ وَلا خابَ آمِلُه
نَظَرتَ لِأَهلِ الشامِ لمّا تَعاظَمَت / ظلامَتُهُم حَتّى عَلا الحَقَّ باطِلُه
فَوَلَّيتَ مَن لا يَملَأُ القَولُ قَلبَهُ / إِذا اِختَلَجتَ نَفسَ الجَبانِ بَلابِلُه
تَكادُ قُلوبُ الناسِ تُخلي صُدورَهُم / إِذا عَلِقَت بِالمَشرِفيِّ أَنامِلُه
تَمنّى اِبنُ أَيلول مُنىً حالَ دونَها / تَيَقُّظ قَرمٍ مُدرِكٍ مَن يُحاوِلُه
تَلَبَّسَ أَثوابَ الظَلامِ لِظُلمِهِ / وَلَم يَدرِ أَنَّ اللَهَ ذا الطولِ خاذِلُه
فَسدَّت عَلَيهِ وَجهَ كُلِّ مُحجَّةٍ / رِماحُ اِبنِ يَحيى جَعفَرٍ وَمَناصِلُه
وَأَصبَحَ مَخذولاً بِدارِ مَذَلَّةٍ / تَراسَلُ أَطرافَ السُيوفِ مُقاتِلُه
أَنَختُ رِكابَ الجَهلِ بَعدَ كَلالِ
أَنَختُ رِكابَ الجَهلِ بَعدَ كَلالِ / وَأَدبَرَ عَنّي باطِلي وَضَلالي
فَإِن يَخلُ دِرعي مِن مَراحي فَرُبَّما / بَسَطتُ يَميني في الصِبا وَشمالي
بِأَلفِ ظِباءٍ طائِعينَ لإِمرَتي / وَعَهدُ شَبابٍ ذائِعٍ وَجَمالِ
إِذا هُنَّ حاوَلنَ القِيامَ تَعَذَّبَت / خُصورٌ بِأَردافٍ لَهُنَّ ثِقالِ
أَلا رُبَّ لَيلٍ قَد حَسَرتَ قِناعَهُ / وَقَد لَفَّ بَيني ثَوبَهُ بِرِحالِ
إِلى مَلكٍ لا يَبلُغُ المَدحُ قَدرَهُ / وَلَو أَيَّدَ المَتنى بِكُلِّ مَقالِ
أَمِنتُ مِنَ الأَيّامِ لَمّا تَعَلَّقَت / حِبالُ اِبن يَحيى جَعفَرٍ بِحِبالي
إِذا حَلَّ مُحتاجٌ بِجانِبِ جَعفَرٍ / كَفَتهُ بِوادي الجودِ كُلَّ نِزالِ
وَتُقسِمُ طَرفاً في الوَرى لَحَظاتُهُ / بِرَفعِ رِجالٍ أَو بِحَطِّ رِجالِ
وَيَخطُبُ أَيّاماً فَيُغلي مُهورَها / وَأَثمانُ أَيّامِ الكِرامِ غَوالي
أَخَذتُ بِأَسبابِ الغِنى حينَ جَرَّرَت / بِبابِ اِبنِ يَحيى البَرمَكيِّ جَمالي
وَلَيسَ لِأَحزانِ النِساءِ تَطاوُلٌ
وَلَيسَ لِأَحزانِ النِساءِ تَطاوُلٌ / وَلكِنَّ أَحزانَ الرِجالِ تَطولُ
فَلا تَبخَلي بِالدَمعِ عَنّي فَإِنّ مَن / يَضّنُ بِدَمعٍ عَن هَوىً لَبَخيلُ
وَلا كُنتُ مِمَّن يُتبِع الريحَ طَرفهُ / دَبوراً إِذا هَبَّت لَهُ وَقَبولُ
إِذا دارَ فيءٌ أَتبَعَ الفيءَ شَخصَهُ / يَميلُ مَعَ الأَيّامِ حَيثُ تَميلُ
بَقائي عَلى رَيبِ الزَمانِ قَليلٌ / وَإِنّي عَلى عَزّي بِهِ لَذَليلُ
رَأَيتُ لِداتي قَد مَضوا لِسَبيلِهِم / وَإِنَّ بَقائي بَعدَهُم لَقَليلُ
رَأَيتُ المَنايا تَصدَعُ الصَخرَ وَالصَفا / وَتَصدَعُ صَدرَ السَيفِ وَهوَ صَقيلُ
كَأَن لَم تَرَي هارونَ في ظِلِّ مُلكِهِ / تَسنَّمهُ يَومٌ عَلَيهِ ثَقيلُ
وَمِن دونِهِ سَمَرٌ عِجافٌ صُدورُها / يقيلُ وَحَيُّ المَوتِ حَيثُ تقيلُ
مَنازِلُ هارونَ الخَليفَة أَصبَحَت / لَهُنَّ عَلى شاطي الفُراتِ عَويلُ
مَنازِلُ أَمسَت في السِياقِ نُفوسُها / سُلِبنَ رِداءَ المُلكِ وَهوَ جَميلُ
لَبِسنَ حَلَيَّ المُلكِ ثُمَّ سُلِبنَها / فَهُنَّ وَلا حَليٌ لَهُنَّ عطولُ
يُذَكِّرُني هارونُ آثارَ مُلكِهِ / وَذلِكَ ذِكرٌ إِن بَقيتُ طَويلُ
إِذا ما سَطا عِزُّ المَنايا فَإِنَّهُ / سواقٌ عَزيزٌ عِندَهُ وَذَليلُ
وَما تَرَكَ المدّاحُ فيكَ مَقالَةً
وَما تَرَكَ المدّاحُ فيكَ مَقالَةً / وَلا قالَ إِلّا دَونَ ما فيكَ قائِلُ