القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : سِبْط ابن التَّعاويذي الكل
المجموع : 3
حَلَلتَ حُلولَ الغَيثِ في البَلَدِ المَحلِ
حَلَلتَ حُلولَ الغَيثِ في البَلَدِ المَحلِ / وَإِن جَلَّ ما تولي يَداكَ عَنِ المِثلِ
وَفارَقتَ أَرضَ الشَأمِ لا عَن مَلامَةٍ / وَلا أَنَّ فيها عَن فِراقِكَ ما يُسلي
وَلَكِن لِيَستَشفي البِلادُ وَأَهلُها / بِفَضلِكَ مِن داءِ الجَهالَةِ وَالبُخلِ
فَيَأخُذُ كُلٌّ مِن لِقائِكَ حَظَّهُ / وَما زِلتَ بِالقِسطاسِ تَحكُمُ وَالعَدلِ
وَما كُنتَ إِلّا العارِضَ الجونَ / جَلجَلَت رَواعِدُهُ فَاِنحَلَّ في الحَزنِ وَالسَهلِ
وَقالوا رَسولٌ أَعجَزَتنا صِفاتُهُ / فَقُلتُ صَدَقتُم هَذِهِ صِفَةُ الرُسلِ
جَمالٌ إِلى المَولى الكَمالِ اِنتِسابُهُ / وَبارِعُ فَضلٍ بارِعٍ مِن أَبي الفَضلِ
بِكُم أَيَّدَ اللَهُ المَمالِكَ فَاِغتَدَت / مَوَطَّدَةَ الأَكنافِ مَجموعَةَ الشَملِ
فَمِن سائِسٍ لِلمُلكِ فيها مُدَبِّرٍ / وَمِن عالِمٍ حَبرٍ وَمِن حاكِمٍ عَدلِ
فَلا طَمِعَت ما دُمتُمُ مِن حُماتِها / يَدُ الدَهرِ في طَردٍ لَهُنَّ وَلا وَشلِ
وَعِشتُم لِدَهرٍ أَنتُمُ حَسَناتُهُ / وَمَجدُكُمُ حَليٌ لِأَيّامِهِ العُطلِ
وَأُنشِرَ أَمواتُ المَكارِمِ مِنكُمُ / بِكُلِّ جَوادٍ يُتبِعُ القَولَ بِالفِعلِ
فَأَنتُم بُناةُ المَجدِ بِالبيضِ وَالقَنا / وَأَنتُم وُلاةُ العَقدِ في الناسِ وَالحَلِّ
تُجيرونَ مِن صَرفِ اللَيالي فَجارُكُم / عَزيزٌ إِذا ما الجارُ أُسلِمَ لِلذُلِّ
يَحِلُّ البَعيدُ الدارِ وَالأَهلِ فيكُم / فَيُلهى عَنِ الجيرانِ وَالدارِ وَالأَهلِ
خُلِقتَ أَبا العَباسِ لِلبَأسِ وَالنَدى / وَلِلغارَةِ الشَعواءِ وَالقَولَةِ الفَصلِ
فَنَدعوكَ في الهَيجاءِ ياقاتِلِ العِدى / وَنَدعوكَ في اللَأواءِ يا قاتِلِ المَحلِ
لَقَد ناطَ نورُ الدينِ مِنكَ أُمورَهُ / بِأَغلَبَ شَثنِ الكَفِّ ذي ساعِدٍ عَبلِ
وَأَلقى مَقاليدَ الأُمورِ مُفَوِّضاً / إِلَيكَ فَأَضحى المُلكُ في جانِبٍ بَسلِ
فَقُمتَ بِما حُمِّلتَهُ مِنهُ ناهِضاً / وَقَد ضَعُفَت عَنهُ قُوى الجِلَّةِ البُزلِ
وَحَمَّلَ أَعباءَ الرِسالَةِ ناصِحاً / أَمينَ القُوى خالي الضُلوعِ مِنَ الغِلِّ
تَخَيَّرَهُ أَمضى الأَنامِ عَزيمَةً / وَأَحمَلَهُم يَومَ الكَريهَةِ لِلثِقلِ
تَخَيَّرَ مَنصورَ السَرايا مُؤَيَّداً / خَواطِرُهُ تُملي عَلى الغَيبِ ما يُملي
مَلَكتَ قُلوبَ الناسِ وَدّاً وَرَغبَةً / بِأَخلاقِكَ الحُسنى وَنائِلِكَ الجَزلِ
غَفَرتُ لِدَهري ما جَنَتهُ خُطوبُهُ / بِقُربِكَ وَالأَيّامُ في أَوسَعِ الحِلِّ
وَوَجَّهتُ آمالي إِلَيكَ وَقَلَّما / شَدَدتُ عَلى غَيرِ المُنا قَبلَها رَحلي
فَقَد عِشتُ دَهراً ما تُمَدُّ لِنائِلٍ / يَدايَ وَلا تَسعى إِلى آمِلٍ رِجلي
أَصونُ عَنِ الجُهّالِ شِعري تَرَفُّعاً / وَأُشفِقُ مِن مَدحِ البَخيلِ عَلى فَضلي
فَأَذوي وَلا أُبدي لِخلَّةٍ شِكايَتي / وَأَعيا وَلا أُلقي عَلى أَحَدٍ ثِقلي
حَليماً عَلى صَحوِ الزَمانِ وَسُكرِهِ / وَقوراً عَلى جَدِّ النَوائِبِ وَالهَزلِ
أَبِيّاً عَلى الرَواضِ لا يَستَفِزُّني / ذَواتُ القُدودِ الهيفِ وَالأَعُينِ النُجلِ
فَلا يَملِكُ المُسني العَطِيَّةِ مِقوَدي / وَلا يَطمَعُ البيضُ الرَعابيبُ في وَصلي
وَمالي هَوىً أَسمو إِلَيهِ سِوى العُلى / وَلا سَكَنٌ يُمسي ضَجيعي سِوى الفَضلِ
وَلَولا السَماحُ الشَهرَزورِيُّ لَم تَبِت / عَقائِلُ أَشعاري تُزَفُّ إِلى بَعلِ
وَعِندَ عِمادِ الدينِ لي ما اِقتَرَحتُهُ / عَطاءٌ بِلا مَنٍّ وَوَدٌّ بِلا غِلِّ
هُوَ المَرءُ يُثني عَن كَريمِ نَجارِهِ / شَمائِلُهُ وَالفَرعُ يُثني عَنِ الأَصلِ
طَويلُ نَجادِ السَيفِ في حَومَةِ الوَغى / رَحيبُ مَجالِ الباعِ وَالهَمِّ في الأَزلِ
تَعَرَّضَ لِلجَدوى وَكُلُّ أَخي نَدىً / إِذا هُوَ لَم يُسأَل تَعَرَّضَ لِلبَذلِ
وَحَنَّت إِلى أَن يَبذُلَ العُرفُ كَفَّهُ / كَما حَنَّتِ الأُمُّ الرَقوبُ إِلى الطِفلِ
تَمَلَّ بِها يُصبى الحَليمُ بِحُسنِها / فَلا بانَةَ الوادي وَلا ظَبيَةَ الرَملِ
وَراعِ لَها ما أَسلَفَت مِن مَوَدَّةٍ / وَما أَحكَمَتهُ مِن ذِمامٍ وَمِن إِلِّ
وَلا تَنسَها إِن جَدَّ بَينٌ وَحاذِها / عَلى البُعدِ حَذوَ النَعلِ في الوَدِّ بِالنَعلِ
فَحاشا لِعَهدٍ مِن وَلاءٍ عَقَدتَهُ / بِمَدحِكَ يُمسي وَهوَ مُنجَذِمُ الحَبلِ
وَلا زِلتَ مَرفوعَ العِمادِ لِآمِلٍ / يُرَجّيكَ مَسكوبَ النَدى وَارِفَ الظِلِّ
سَقاها الحَيا مِن أَربُعٍ وَطُلولِ
سَقاها الحَيا مِن أَربُعٍ وَطُلولِ / حَكَت دَنَفي مِن بَعدِهِم وَنُحولي
ضَمِنتُ لَها أَجفانَ عَينٍ قَريحَةٍ / مِنَ الدَمعِ مِدرارِ الشُؤونِ هَمولِ
لَئِن حالَ رَسمُ الدارِ عَمّا عَهِدتُهُ / فَعَهدُ الهَوى في القَلبِ غَيرُ مُحيلِ
خَليلَيَّ قَد هاجَ الغَرامَ وَشاقَني / سَنا بارِقٍ بِالأَجرَعَينِ كَليلِ
وَوَكَّلَ طَرفي بِالسُهادِ تَنَظُّري / قَضاءَ مَلِيٍّ بِالدُيونِ مَطولِ
إِذا قُلتُ قَد أَنحَلتِ جِسمي صَبابَةً / تَقولُ وَهَل حُبٌّ بِغَيرِ نُحولِ
وَإِن قُلتُ دَمعي بِالأَسى فيكِ شاهِدٌ / تَقولُ شُهودُ الدَمعِ غَيرُ عُدولِ
فَلا تَعذُلاني إِن بَكَيتُ صَبابَةً / عَلى ناقِضٍ عَهدَ الوَفاءِ مَلولِ
فَأَبرَحُ ما يُمنى بِهِ الصَبُّ في الهَوى / مَلالُ حَبيبٍ أَو مَلامُ عَذولِ
وَدونَ الكَثيبِ الفَردِ بيضُ عَقائِلٍ / لَعِبنَ بِأَهواءٍ لَنا وَعُقولِ
غَداةَ التَقَت أَلحاظُنا وَقُلوبُنا / فَلَم تَخلُ إِلّا عَن دَمٍ وَقَتيلِ
أَلا حَبَّذا وادي الأَراكِ وَقَد وَشَت / بِرَيّاكَ ريحاً شَمأَلٍ وَقُبولِ
وَفي أَبرَدَيهِ كُلَّما اِعتَلَتِ الصَبا / شِفاءُ فُؤادٍ بِالغَرامِ عَليلِ
دَعَوتُ سُلُوّاً فيكَ غَيرَ مُساعِدٍ / وَحاوَلتُ صَبراً عَنكَ غَيرَ جَميلِ
تَعَرَّفتُ أَسبابَ الهَوى وَحَمَلتُهُ / عَلى كاهِلٍ لِلنائِباتِ حَمولِ
فَلَم أَحظَ مِن حُبِّ الغَواني بِطائِلِ / سِوى رَعيِ لَيلٍ بِالغَرامِ طَويلِ
أَما تَسأَمُ الأَيّامُ ظُلمي فَتَنقَضي / حُقودٌ تَراءَت بَينَنا وَذُحولُ
تَلَقَّيتُ مِنها كُلَّ بُؤسٍ وَنِعمَةٍ / وَصاحَبتُ في الحالَينِ غَيرَ قَليلِ
فَلَم يَرتَبِط حَبلي بِغَيرِ مُصارِمٍ / وَلا اِعتَلَقَت كَفّي بِغَيرِ بَخيلِ
أُضَمِّنُ شَكوايَ القَوافي تَعِلَّةً / وَقَد صُنتُها عَن صاحِبٍ وَخَليلِ
مُقيماً وَجُردُ الخَيلِ تَرقُبُ نَهضَتي / فَشوسُ المَطايا يَقتَضينَ رَحيلي
وَلَيسَ اِحتِمالي لِلأَذى أَنَّ غايَةً / يُقَصِّرُ وَخدي دونَها وَذَميلي
إِلى كَم تُمَنّيني اللَيالي بِماجِدٍ / رَزينٍ وَقارِ الحِلِ غَيرِ عَجولِ
أَهُزُّ اِختِيالاً في ذُراهُ مَعاطِفي / وَأَسحَبُ تيهاً في ذَراهُ ذُيولي
لَقَد طالَ عَهدي بِالنَوالِ وَإِنَّني / لَصَبٌ إِلى تَقبيلِ كَفِّ مُنيلِ
وَإِنَّ نَدى يَحيى الوَزيرِ لَكافِلٌ / بِها لي وَعَونُ الدينِ خَيرُ كَفيلِ
هُوَ المَرءُ لا يَنفَكُّ صَدرَ وِسادَةٍ / لِفَصلِ القَضايا أَو إِمامَ رَعيلِ
جَوادٍ يَبيتُ الوَفدُ حَولَ فِنائِهِ / بِأَكرَمِ مَثوىً عِندَهُ وَمَقيلِ
إِذا قُلَّتِ البيضُ الرِقاقُ وَجَدتَهُ / أَخا عَزَماتٍ غَيرِ ذاتِ فُلولِ
وَتَعنو لَهُ الحَربُ العَوانُ لِطَولِ ما / تَحَطَّمَ فيها مِن قَناً وَنُصولِ
أَشَمُّ هُبَيرِيُّ المَناسِبِ يَعتَزي / إِلى خَيرِ بَيتٍ في أَعَزِّ قَبيلِ
مِنَ القَومِ لا راجي نَداهُم بِخائِبٍ / وَلا الجارُ في أَبياتِهِم بِذَليلِ
إِذا اِستُصرِخوا شَنّوا فُضولَ دُروعِهِم / عَلى غُرَرٍ وَضّاحَةٍ وَحُجولِ
فَإِن رُفِعَت لِلحَربِ وَالجَدبِ رايَةٌ / رَمَوها بِأُسدٍ مِنهُمُ وَشُبولِ
ثِقالٌ عَلى الأَعداءِ لا يَستَخِفُّهُم / نَوازِلُ خَطبٍ لِلزَمانِ ثَقيلِ
تُراعُ صُدورُ الخَيلِ وَاللَيلِ مِنهُمُ / بِفِتيانِ صِدقٍ رُجَّحٍ وَكُهولِ
فَضَلتَ بِصَيتٍ سارَ في الأَرضِ ذِكرُهُ / وَمَجدٍ مُنيفٍ في السَماءِ أَثيلِ
وَرَأيٍ كَصَدرِ السَمهَريِّ مُثَقَّفٍ / وَعَزمٍ كَمَتنِ المَشرَفِيِّ صَقيلِ
تَخافُكَ أَطرافُ القَنا فَاِهتِزازُها / مِنَ الذُعرِ لا مِن دِقَّةٍ وَذُبولِ
وَمُعتَرَكٍ ضَنكِ المَجالِ وَمَوقِفٍ / زَليقٍ بِأَقدامِ الكُماةِ زَليلِ
صَليتَ لَظاهُ بارِدَ القَلبِ وادِعاً / كَأَنَّكَ مِنهُ في حِمىً وَمَقيلِ
وَقَتكَ الرِفاقُ البيضُ لَفحَ أُوارِهِ / وَيارُبَّ ظِلٍّ لِلسُيوفِ ظَليلِ
وَأَجرَيتَها قُبَّ البُطونِ كَأَنَّها / تَدافُعُ سَيلٍ في قَرارِ مَسيلِ
فَما اِعتَصَمَت مِنكَ الوُعولُ بِقُلَّةٍ / وَلا اِمتَنَعَت مِنكَ الأُسودُ بِغيلِ
وَسُقتَ العِدى سَوقَ الرِعاءِ ظَوامِئا / لِوِردٍ مِنَ المَوتِ الزُؤامِ وَبيلِ
فَكُلُّ أَبِيٍّ في مَقادَةِ مُصحِبٍ / وَكُلُّ حَرونٍ في زِمامِ ذَلولِ
فَلَم يَبقَ حَيٌّ مِنهُمُ غَيرُ موثَقٍ / وَلا مُطلَقُ الكَفَّينِ غَيرُ قَتيلِ
فَمِن حُرِّ وَجهٍ بِالصَعيدِ مُعَفَّرٍ / وَطَرفٍ كَحيلٍ بِالتُرابِ كَحيلِ
دَعَوتُكَ في اللَأواءِ يا اِبنَ مُحَمَّدٍ / لِنَصرِيَ فَاِستَنجَدتُ غَيرَ خَذولِ
فَما أَوضَعَت إِلّا إِلَيكَ رَكائِبي / وَلا وُضِعَت إِلّا لَدَيكَ حُمولي
عَدَلتُ بِها عَن قائِلٍ غَيرِ فاعِلِ / إِلى رَبِّ جودٍ قائِلٍ وَفَعولِ
كَثيرٍ إِذا قَلَّ الحِباءُ حِباؤُهُ / وَفِيٍّ إِذا عَزَّ الوَفاءُ وَصولِ
إِلى بَحرِ جودٍ بِالمَواهِبِ مُزبِدٍ / وَصَوبِ حَياً بِالمَكرُماتِ هَطولِ
وَإِنِّيَ يا تاجَ المُلوكِ لَواثِقٌ / بِسَيبِ عَطاءٍ مِن نَداكَ جَزيلِ
وَها أَنا قَد حَمَّلتُ مَدحَكَ حاجَتي / وَحَسبُكَ فَاِنظُر مَن جَعَلتُ رَسولي
سَقى مَنزِلاً بَينَ الشَقيقَةِ وَالضالِ
سَقى مَنزِلاً بَينَ الشَقيقَةِ وَالضالِ / جَنا كُلِّ سَحّاحٍ مِنَ المُزنِ هَطّالِ
وَحَيّا رُسومَ العامِرِيَّةِ بِاللَوى / تَحِيَّةَ لا سالٍ هَواها وَلا قالِ
وَلَمّا وَقَفنا بِالدِيارِ بَدَت لَنا / أَوابِدُ مِن حيرانِ وَحشٍ وَآجالِ
فَما خَدَعَتنا عَن حَوالٍ أَوانِسٍ / بِنافِرَةٍ مِن وَحشِ وَجرَةَ مِعطالِ
أَلا حَبَّذا بِالبانِ مَغنىً وَمَلعَبٌ / عَصَيتُ بِهِ عَصرَ البَطالَةِ عُذّالي
فَكائِن لَنا مِن وَقفَةٍ في ظِلالِهِ / وَمِن غَدَواتٍ موبِقاتٍ وَآصالِ
وَهَل تَشتَكي الأَوطانَ عَمَّن تُحِبُّهُ / وَما نَفعُ آثارٍ خَوالٍ وَأَطلالِ
وَكَيفَ تَسَلَّينا بِقُضبانِ إِسحِلٍ / وَأَحقافِ رَملٍ عَن قُدودٍ وَأَكفالٍ
لَيالِيَ عودُ اللَهوِ فَينانُ مورِقٌ / وَوِردُ الهَوى صَفوٌ وَجيدُ الصِبى حالِ
فَلِلَّهِ ثَوبٌ مِن شَبابٍ سُلِبتُهُ / وَغودِرتُ في ثَوبٍ مِنَ الشَيبِ أَسمالِ
صَحِبتُ زَماني وَاِدِعَ البالِ قَلَّما / خَطَرتُ لِهَمٍّ أَو لِبُؤسٍ عَلى بالِ
جَديدَ سَرابيلِ الشَبيبَةِ رافِلاً / مِنَ العَيشِ في ضافي المَساحِبِ ذَيّالِ
وَهأَنَذا مِن بَعدِ أَمنٍ وَصِحَّةِ / مُسامِرُ أَوجاعٍ مُشاوِرُ أَوجالِ
أُرَقِّعُ عُمراً أَخلَقَتهُ بِكَرِّها / اللَيالي إِلى كَم يُرقَعُ الخَلَقُ البالي
عَزَفتُ عَنِ الدُنيا فَما أَنا طامِحٌ / بِطَرفي إِلى وَفرٍ عَداني وَلامالِ
وَأَعرَضتُ عَنها غَيرَ مُكتَرِثٍ لَها / وَسَيّانِ إِكثاري لَدَيَّ وَإِقلالي
وَلَم يَبقَ لي عِندَ اللَيالي لُبانَةٌ / كَأَنِّيَ قَد ماتَت مَعَ الشَيبِ آمالي
فَلَستُ أُبالي اليَومَ كَيفَ تَقَلَّبَت / عَلى عَقِبِ الأَيّامِ وَالدَهرِ أَدوالي
وَلَولا زَمانٌ أَخَّرَتني صُروفُهُ / لَطارَت بِرَحلي كُلُّ هَوجاءَ مِرقالِ
أُجَشِّمَها الأَخطارَ في غَسَقِ الدُجى / وَأُقذِفُها رَأدَ الضُحى لُجَجِ الآلِ
وَما كُنتُ أَرضى بِالقُعودِ وَإِنَّما / خُطوبٌ رَمَتني مِن أَذاها بِأَهوالِ
وَإِنِّيَ مِن جودِ الوَزيرِ لَواثِقٌ / بِأَن سَيَريشُ اليَومَ ما اِنحَطَّ مِن حالي
فَيَبسُطُ آمالي وَيُنهِضُ عَثرَتي / وَيَغرَمُ ما قَد فاتَ مِن زَمَني الخالي
سَأَجعَلُهُ لي عُدَّةً وَذَخيرَةً / أَعِزُّ بِهِ وَالعِزُّ خَيرٌ مِنَ المالِ
أَصونُ بِهِ عِرضي وَأَمنَعُ جانِبي / وَمِثلُ جَلالِ الدينِ مَن صانَ أَمثالي
وَإِن طَرَقَتني في الزَمانِ مُلِمَّةٌ / نَزَلتُ بِحاجاتي عَلَيهِ وَأَثقالي
فَأَسرَحُ في رَوضِ السَماحِ رَكائِبي / وَأَسحَبُ في رَبعِ المَكارِمِ أَذيالي
وَعِندَ عُبَيدِ اللَهِ ما أَقتَرَحتُهُ / عَلى الدَهرِ مِن فَضلٍ عَميمٍ وَإِفضالِ
وَزيرٍ كَسا دَستَ الوِزارَةِ بَهجَةً / وَكانَ زَماناً عاطِلاً جيدُها الحالي
وَقامَ بِتَدبيرِ الأُمورِ فَلَم يَبِت / بِهِ بَينَ تَضيِيعٍ يُخافُ وَإِهمالِ
لَئِن غَبَرَت حيناً مِنَ الدَهرِ حائِلاً / لَقَد طَرَّقَت بَعدَ الحِيالِ بِرِئبالِ
بِأَغلَبَ مَسبوحِ الذِراعَينِ باسِلٍ / يُزَلزِلُ أَقدامَ العِدى أَيَّ زَلزالِ
يَخوضُ سَوادَ النَقعِ وَالبيضِ شُرَّعٌ / بِأَيدي مَغاويرٍ كُماةٍ وَأَبطالِ
هُوَ الذائِدُ الحامي إِذا اِشتَجَرَ القَنا / وَإِن صَوَّحَت سَنهاءُ فَالهانِىءُ الطالي
يَبيتُ عَزيزاً جارُهُ فَجِوارُهُ / لِمُغتَرِبٍ خَيرٌ مِنَ الأَهلِ وَالمالِ
هُوَ المُتبِعُ القَولَ الفِعالَ تَكَرُّماً / وَما كُلُّ قَوّالٍ سِواهُ بِفَعّالِ
لَهُ عَمَلٌ بِالعِلمِ يَزدادُ زينَةً / وَيا رُبَّ ذي عِلمٍ وَلَيسَ بِعَمّالِ
بَلاهُ أَميرُ المُؤمِنينَ فَلمَ يَكُن / بِمُنحَرِفٍ عَن مَنهَجِ الحَقِّ مَيّالِ
وَحَمَّلَهُ أَعباؤَهُ فَأَقَلَّها / بِكاهِلِ عَزمٍ لِلعَظائِمِ حَمّالِ
لِيَهنِكُمُ يا قالَةَ الشِعرِ أَنَّكُم / نَزَلتُم عَلى عَذبِ المَوارِدِ سَلسالِ
وَأَنَّكُمُ بَعدَ الإِياسِ سُقيتُمُ / ظِماءً بِنَوءٍ مِن عَطاياهُ مِفضالِ
فَأَثرَيتُمُ مِن بَعدِ دَهرٍ وَضيقَةٍ / وَأَخصَبتُمُ مِن بَعدِ جَدبٍ وَإِمحالِ
غَنيتُم بِهِ جَوبِ كُلِّ تَنوفَةٍ / بِكَلِّ المَطايا بَينَ حِلٍّ وَتِرحالِ
وَعَن بَرِمٍ ما زالَ يَبرَمُ بِالنَدى / وَيَشغَلُهُ المَدحُ الرَخيصُ عَنِ الغالي
وَذي شَنَآنٍ مُشرَجاتٍ ضُلوعُهُ / عَلى الغِلِ مَطبوعٍ عَلى الغَدرِ مُحتالِ
بَنا بِغُرورٍ أَمرَهُ فَكَأَنَّما / بَناهُ عَلى حِقفٍ مِنَ الرَملِ مُنهالِ
وَلَم يَدرِ أَنَّ الدَهرَ تَجري صُروفُهُ / وَأَنَّ اللَيالي لا تَدومُ عَلى حالِ
فَأَعمَلَ رَأياً كانَ فيهِ وَبالُهُ / وَأَوقَدَ ناراً عادَ وَهوَ لَها صالِ
وَغَرَّتهُ مِن حُسنِ اِرتِيائِكَ وَنِيَّةٌ / وَيارُبَّ إِبطاءٍ كَفيلٍ بِإِعجالِ
وَما تَركُكَ الأَعداءَ بَقياً عَلَيهِمِ / وَلَكِنَّهُ تَركُ اِجتِيازٍ وَإِهمالِ
تَمَلَّيتَها مِن خِلعَةٍ ناصِرِيَةٍ / تَسَربَلتَ مِنها اليَومَ أَفضَلَ سِربالِ
فَمَمزوجَةٌ وَشيٌ بِها مِن ضِيائِها / شِعاعٌ كَبَرقِ الشَمسِ كاشِفَةُ البالِ
وَدَرّاعَةٌ مِن تَحتِها وَعِمامَةٌ / سَوادُهُما في وَجنَةِ الدَهرِ كَالخالِ
وَأَبيَضُ حالٍ بِالنُضارِ مُهَنَّدٌ / عَتادُ مُلوكٍ أَورَثوهُ وَأَقيالِ
وَمُشتَرِفٌ مِن نَسلِ أَعوَجَ خالِصُ ال / نُجارِ كَريمُ الجَدِّ وَالعَمِّ وَالخالِ
تُسَرُّ بِمَرآهُ العُيونُ كَأَنَّهُ / عَقيلَةُ خِدرٍ كاعِبٌ ذاتُ خَلخالِ
يَمُرُّ عَلى وَجهِ الثَرى فَتِخالُهُ / تَدَفَّقَ رَقراقٍ مِنَ الماءِ سَلسالِ
تَبَختَرَ مَحتوماً إِلَيكَ وَإِنَّهُ / لَمَشيُ دَلالٍ لا تَبَختُرُ إِدلالِ
يَتيهُ بِسَرجٍ عَسجَدِيٍّ كَأَنَّما / هِلالانِ مِنهُ في المُقَدَّمِ وَالتالي
وَلَيسَ كَما ظَنّوهُ مَركوبَ زينَةٍ / وَلَكِنَّهُ مَركوبُ عِزٍّ وَإِجلالِ
وَمُثقَلَةٌ بِالحَلِ سَوداءُ حُرَّةٌ / عِراقِيَّةٌ بَحرِيَةٌ أُمُّ أَطفالِ
إِذا مادَرَجنَ حَولَها يَرتَضِعنَها / جَرَينَ بِأَرزاقٍ تَدِرُّ وَآجالِ
فَمِن حاسِرٍ يَخشاهُ كُلُّ مُدَجَّجٍ / وَمِن صامِتٍ يُزري عَلى كُلِّ قَوّالِ
وَمِن مُرهَفاتِ الحَدِّ تَهزَأُ بِالظُبى / وَيَفرَقُ مِنها كُلُّ أَسمَرَ عَسّالِ
فَكَم حَولَها مِن مُستَجيرِ وَعائِذٍ / وَكائِن لَدَيها مِن وُفودٍ وَسُؤالِ
فَهُنِئتَها يا با المُظَفَّرِ رُتبَةً / تَبَوَّأتَ مِنها مَرقَبَ الشَرَفِ العالي
وَلازالَ مَعقولاً بِسَيفِكَ شارِدُ ال / مَمالِكِ مَوسوماً بِهِ بَعدَ إِغفالِ
وَلا عَدِمَت أَذوادُها وَسُروحُها / قَبائِلَ مِن راعٍ عَليها وَمِن والِ
وَمُلّيتَ عيداً موذِناً بِوُفودِهِ / عَلَيكَ بِأَعوامٍ تَكُرُّ وَأَحوالِ
إِذا خَلِقَت أَثوابُهُ وَبُرودُهُ / فَغَيِّر بِعِزٍّ مُستَجِدٍّ وَإِقبالِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025