المجموع : 13
أَلا رَجُلٌ يَبكي لِشَجوِ أَبي الفَضلِ
أَلا رَجُلٌ يَبكي لِشَجوِ أَبي الفَضلِ / بِعَبرَةِ عَينٍ دَمعُها واكِفُ السَجلِ
كَفى حُزناً أَنّي وَفَوزاً بِبَلدَةٍ / مُقيمانِ في غَيرِ اِجتِماعٍ مِنَ الشَملِ
أَما وَالَّذي ناجى مِن الطورِ عَبدَهُ / وأَنزَلَ فُرقاناً وَأَوحى إِلَى النَحلِ
لَقَد وَلَدَت حَوّاءُ مِنكِ بَلِيَّةً / عَلَيَّ أُقاسيها وَخَبلاً مِنَ الخَبلِ
أَلا إِنَّما أَنعى حَياتي إِلَيكُمُ / وَأَبكي عَلى نَفسي قَتيلاً بِلا ذَحلِ
وَلَو كُنتُم مِمَّن يُقادُ لَما وَنَت / مَصاليتُ قَومي مِن حَنيفَةَ أَو عِجلِ
أَرى الناسَ لا يَرضى ذَوو العِشقَ مِنهُمُ / بِشَيءٍ سِوى حُسنُ المُؤاتاةِ وَالبَذلِ
وَإِنّي لَيُرضيني الَّذي لَيسَ بِالرِضا / وَتَقنَعُ نَفسي بِالمَواعيدِ وَالمَطلِ
هَنيئاً لِمَن يَحظى لَدى مَن يُحبُّهُ / وَيا وَيحَ مَن يَشقى بِذي الهَجرِ وَالبُخلِ
سَلامٌ عَلَيكُم عَذِّبوا أَو تَعَطَّفوا / سَأَجهَدُ أَن تَرضَوا لِأُدرِكَ أَو أُبلي
أَلا إِنَّ فَوزاً أَفسَدَتني عَلى أَهلي
أَلا إِنَّ فَوزاً أَفسَدَتني عَلى أَهلي / وَقَد كُنتُ مِن فَوزٍ عَنِ الناسِ في شُغلِ
وَما لي عَدُوٌّ غَيرَ قَلبي فَإِنَّهُ / هُوَ المورِطي في كُلِّ خَبلٍ مِنَ الخَبلِ
أَلا ذَهَبَت فَوزٌ بِعَقلِ أَبي الفَضلِ
أَلا ذَهَبَت فَوزٌ بِعَقلِ أَبي الفَضلِ / وَما خِلتُ إِنساناً يَعيشُ بِلا عَقلِ
إِلى اللَهِ أَشكو أَنَّ فَوزاً بَخيلَةٌ / تُعَذِّبُني بِالوَعدِ مِنها وَبِالمَطلِ
وَأَنّي أَرى أَهلي جَميعاً وَأَهلَها / يَسُرُّهُمُ لَو بانَ مِن حَبلِها حَبلي
فَيا رَبُّ لا تُشمِت بِنا حاسِداً لَنا / يُراقِبُنا مِن أَهلِ فَوزٍ وَلا أَهلي
وَما بَينَنا مِن ريبَةٍ فَيُراقِبا / وَلا مِثلُها يُرمى بِسَوءٍ وَلا مِثلي
وَإِنّي لَأَرعى حَقَّ فَوزٍ وَأَتَّقي / عَلَيها عُيونَ الكاشِحينَ ذَوي الخَتلِ
وَإِنّي وَإِيّاها كَما شَفَّنا الهَوى / لَأَهلُ حِفاظٍ لا يُدَنَّسُ بِالجَهلِ
وَإِنّي وَكِتماني هَواها وَقَد فَشا / كَذي الجَهلِ تَحتَ الثَوبِ يَضرِبُ بِالطَبلِ
يَقولونَ لي واصِل سِواها لَعَلَّها
يَقولونَ لي واصِل سِواها لَعَلَّها / تَغارُ وَإِلّا كانَ في ذاكَ ما يُسَلي
وَوَاللَهِ ما في القَلبِ مِثقالُ ذَرَّةٍ / لِأُخرى سِواها إِنَّ قَلبي لَفي شُغلِ
عَجِبتُ لِأَبدانِ المُحِبّينَ قُوِّيَت / بِحَملِ الهَوى إِنَّ الهَوى أَثقَلُ الثِقَلِ
حَمَلتُ الهَوى حَتّى إِذا قُمتُ بِالهَوى / خَرَرتُ عَلى وَجهي وَأَثقَلَني حِملي
سَقى اللَهُ بابَ الجِسرِ وَالشَطَّ كُلَّهُ / إِلى قَريَةِ النَعمانِ وَالدَيرِ ذي النَخلِ
إِلى الدَوِّ فَالوَحاء فَالسَيبِ ذي الرُبا / إِلى مُنتَهى الطاقاتِ مُستَحقَرَ الوَبلِ
مَنازِلُ فيما بَينَهنُّ أَحِبَّةٌ / هُمُ عَذَّبوا روحي وَهُم دَلَّهوا عَقلي
كَأَن لَم يَكُن بَيني وَبَينَهُمُ هَوىً / وَلَم يَكُ مَوصولاً بِحَبلِهِمُ حَبلي
بِحُرمَةِ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَكُم / مِنَ الوُدِّ إِلّا ما رَجَعتُم إِلى الوَصلِ
وَإِلّا اِقتُلوني أَستَرِح مِن عَذابِكُم / عَذابُكُمُ عِندي أَشَدُّ مِنَ القَتلِ
فَلَم أَرَ مِثلي كانَ عاتَبَ مِثلَكُم / وَلا مِثلَكُم في غَيرِ ذَنبٍ جَفا مِثلي
وَإِنّي لَأَستَحيي لَكُم مِن مُحدِّثٍ / يُحَدِّثُ عَنكُم بِالمَلالِ وَبِالخَتلِ
وَكَم مِن عَدُوٍ رَقَّ لي وَتَكَشَّفَت / حُزونَتُه لي عَن ثَرى جانِبٍ سَهلِ
رَماني فَلَمّا أَقصَدَتني سِهامُهُ / بَكى لي وَشامَ الباقِياتِ مِنَ النَبلِ
وَقَد زَعَمَت يُمنٌ بِأَنّي أَرَدتُها / عَلى نَفسِها تَبّاً لِذَلِكَ مِن فِعلِ
سَلوا عَن قَميصي مِثلَ شاهِدِ يوسُفٍ / فَإِنَّ قَميصي لَم يَكُن قُدَّ مِن قُبلِ
وَمُجتَهِداتٍ في الفَسادِ حَواسِدٍ / لَها وَهيَ مِمّا قَد أَرَدنَ عَلى جَهلِ
تَآزَرنَ فيما بَينَهُنَّ فَجِئنَها / عَلى وَجهِ إِلقاءِ النَصيحَةِ لِلمَحلِ
يُعَرِّضنَ طَوراً بِالتَغاضي وَتارَةً / يُعاتِبنَها بِالجَدِّ مِنهُنَّ وَالهَزلِ
وَما زِلنَ حَتّى نِلنَ ما شِئنَ بِالرُقى / وَحَتّى أَصاخَت لِلخَديعَةِ وَالخَتلِ
وَحَتّى بَدَت مِنها المَلالَةُ وَالقِلى / وَعَهدي بِفَوزٍ لا تَمَلُّ وَلا تَقلي
فَلَمّا اِنقَضى الوَصلُ الَّذي كانَ بَينَنا / شَمِتنَ جَميعاً وَاِستَرَحنَ مِنَ العَذلِ
وَقَد قالَ لي أَهلي كَما قالَ أَهلُها / لَها غَيرَ أَنّي لَم أُطِع في الهَوى أَهلي
وَإِنّي لَكَالذِئبِ الَّذي جاءَ واعِظٌ / إِلَيهِ لِيَنهاهُ عَنِ الغَنَمِ الخُطَلِ
فَقالَ لَهُ دَعني فَإِنّي مُبادِرٌ / لَها قَبلَ أَن تَمضي فَما جِئتَ لِلعَدلِ
وَأَرضَت بِسُخطي مِعشَراً كانَ سَخَطَهُم / يَهونَ عَلَيها في رِضايَ وَمِن أَجلي
وَلَم تَرعَ مَمشاها وَمَمشى فَتاتِها / إِلى السيب في الموشِيِّ وَالخَزِّ ذي الخَملِ
فَجِئنَ وَجاءَت في الظَلامِ تَأَطُّراً / كَمِثلِ المَها أَقبَلنَ يَمشينَ في الوَحلِ
فَباتَت تُناجيني وَباتَت فَتاتُها / تُنادِمُ عَبدَ اللَهِ وَالرَجُلَ الذُهلي
فَلَمّا أَضاءَ الصُبحُ قُمنا جَماعَةً / لِتَشييعِها نُخفي خُطانا عَلى رِسلِ
إِذا الناسُ قالوا كَيفَ فَوزٌ وَعَهدُها / خَرِستُ حَياءً لا أُمِرُّ وَلا أُحلي
فَكوني كَلَيلى الأَخيَليَّةِ في الهَوى / وَإِلّا كَلُبنى أَو كَعَفراءَ أَو جُملِ
وَصَلتُ فَلَمّا لَم أَرَ الوَصلَ نافِعي
وَصَلتُ فَلَمّا لَم أَرَ الوَصلَ نافِعي / وَقَرَّبتُ قُرباناً فَلَم يُتَقَبَّلِ
بَلَوتُكِ بِالهِجرانِ عَمداً وَإِنَّني / عَلى العَهدِ لَم أَنقُض وَلَم أَتَبَدَّلِ
وَعَذَّبتُ قَلبي بِالتَجَلُّدِ صادِياً / إِلَيكِ وَإِن لَم يَصفُ لي مِنكِ مَنهَلي
فَلَمّا نَقَلتُ الدَمعَ مِن مُستَقَرِّهِ / إِلى ساحَةٍ مِن خَدِّ حَرّانِ مُعوِلِ
وَأَظلَمَتِ الدُنيا عَلَيَّ بِرَحبِها / وَقَلقَلَني الهِجرانُ كُلَّ مُقَلقَلِ
عَتَبتُ عَلى نَفسي وَأَقبَلتُ تائِباً / إِلَيكِ مَتابَ المُذنِبِ المُتَنَصِّلِ
فَما زِدتِني إِلّا صُدوداً وَغِلظَةً / وَقَد كُنتُ عَن دارِ الهَوان بِمَعزِلِ
فَوَاللَهِ ما أَدري أَأَشكوكِ دائِباً / لِآخِرِ ما أَولَيتِني أَو لِأَوَّلِ
تَذَكَّرتُ هَذا الشَهرَ في عامِنا الخالي
تَذَكَّرتُ هَذا الشَهرَ في عامِنا الخالي / وَكُنّا عَلى حالٍ سِوى هَذِهِ الحالِ
لَعَلَّ الَّذي أَنسى ظَلومُ مَوَدَّتي / سَيُذكِرُها يَوماً بِعَطفٍ وَإِقبالِ
تَخَلَّصتُ مِمَّن لَم يَكُن ذا حَفيظَةٍ
تَخَلَّصتُ مِمَّن لَم يَكُن ذا حَفيظَةٍ / وَصِرتُ إِلى مَن لا يُغَيِّرُهُ حالُ
فَإِن كانَ قَطعُ الخالِ لَمّا تَعَطَّفَت / عَلى غَيرِها نَفسي فَقَد ظُلِمَ الخالُ
وَيُقنِعُني مِمَّن أُحِبُّ كِتابُهُ
وَيُقنِعُني مِمَّن أُحِبُّ كِتابُهُ / وَيَمنَعُنيهِ إِنَّهُ لَبَخيلُ
فَلا أَنا مَدفوعٌ إِلى العَذلِ في الهَوى / وَلا لي إِلى حُسنِ العَزاءِ سَبيلُ
كَفى حَزَناً أَن لا أُطيقَ وَداعَكُم / وَقَد حانَ مِنكُم يا ظَلومُ رَحيلُ
صَحائِفُ عِندي لِلعِتابِ طَوَيتُها
صَحائِفُ عِندي لِلعِتابِ طَوَيتُها / سَتُنشَرُ يَوماً وَالعِتابُ يَطولُ
عِتابٌ لَعَمري لا بَنانٌ تَخُطُّهُ / وَلَيسَ يُؤَدّيهِ إِلَيكِ رَسولُ
سَأَسكُتُ ما لَم يَجمَعِ اللَهُ بَينَنا / فَإِن نَلتَقي يَوماً فَسَوفَ أَقولُ
ظَلومُ هَبي لي سُوءَ ظَنِّكِ وَاِعلَمي
ظَلومُ هَبي لي سُوءَ ظَنِّكِ وَاِعلَمي / بِأَنَّ الَّذي بي مِنكِ عَنهُنَّ شاغِلُ
مَتى لَيتَ شِعري نَلتَقي وَإِلى مَتى / تُؤَدّي رِسالاتي إِلَيكِ الأَنامِلُ
وَأَسكُتُ كَي يَخفى الَّذي بي مِنَ الهَوى / فَتَشكو إِلى الناسِ العِظامُ النَواحِلُ
وَأَكتُمُ جُهدي ما أُجِنُّ مِن الهَوى / فَتَنشُرُ ما أُخفي الدُموعُ الهَوامِلُ
عَلامَةُ كُلِّ اِثنَينِ بَينَهُما هَوىً
عَلامَةُ كُلِّ اِثنَينِ بَينَهُما هَوىً / عِتابُهُما في كُلِّ حَقٍّ وَباطِلِ
لِسانُهُما حَربٌ وَسِلمٌ هَواهُما / يَجودانِ شَوقاً بِالدُموعِ الهواملِ
ثِقي بي فَإِنّي لِلأَمانَةِ مَوضِعٌ
ثِقي بي فَإِنّي لِلأَمانَةِ مَوضِعٌ / كَفى بي فَإِنّي بِالوَفاءِ كَفيلُ
أَما لي إِلى تَسهيلِ ما قَد حَجَبتُم / لِكَشفِ قِناعِ الإِحتِشامِ سَبيلُ
كِتابُ حَبيبٍ جاءَني بَعدَ جَفوَةٍ
كِتابُ حَبيبٍ جاءَني بَعدَ جَفوَةٍ / فَظَلَّت تَناجي مُقلَتَيَّ أَنامِلُه
رَماني بِها طَرفي فَلَم يُخطِ مَقتَلي / وَما كُلُّ مَن يُرمى تُصابُ مَقاتِلُه
إِذا مُتُّ فَاِبكوني قَتيلاً بِطَرفِهِ / قَتيلَ عَدُوٍّ حاضِرٍ لا يُزايِلُه
بَكى وَكَنى عَمَّن يُحِبُّ وَلَم يَبُح / بِأَكثَرَ مِن هَذا الَّذي هُوَ قائِلُه
وَإِنَّ أَحَقَّ الناسِ أَن يَكثُرَ البُكا / عَلَيهِ قَتيلٌ لَيسَ يُعرَفُ قاتِلُه
يَعوذُ مِنَ الهِجرانِ أَن يَكتوي بِهِ / فَلم أَرَ إِلّا المَوتَ شَيئاً يُعادِلُه