المجموع : 10
بِنا مِنكَ فَوقَ الرَملِ ما بِكَ في الرَملِ
بِنا مِنكَ فَوقَ الرَملِ ما بِكَ في الرَملِ / وَهَذا الَّذي يُضني كَذاكَ الَّذي يُبلي
كَأَنَّكَ أَبصَرتَ الَّذي بي وَخِفتَهُ / إِذا عِشتَ فَاِختَرتَ الحِمامَ عَلى الثُكلِ
تَرَكتَ خُدودَ الغانِياتِ وَفَوقَها / دُموعٌ تُذيبُ الحُسنَ في الأَعيُنِ النُجلِ
تَبُلُّ الثَرى سوداً مِنَ المِسكِ وَحدَهُ / وَقَد قَطَرَت حُمراً عَلى الشَعَرِ الجَثلِ
فَإِن تَكُ في قَبرٍ فَإِنَّكَ في الحَشى / وَإِن تَكُ طِفلاً فَالأَسى لَيسَ بِالطِفلِ
وَمِثلُكَ لا يُبكي عَلى قَدرِ سِنِّهِ / وَلَكِن عَلى قَدرِ المَخيلَةِ وَالأَصلِ
أَلَستَ مِنَ القَومِ الأُلى مِن رِماحِهِم / نَداهُم وَمِن قَتلاهُمُ مُهجَةُ البُخلِ
بِمَولودِهِم صَمتُ اللِسانِ كَغَيرِهِ / وَلَكِنَّ في أَعطافِهِ مَنطِقَ الفَضلِ
تُسَلّيهِمُ عَلياؤهُم عَن مُصابِهِم / وَيَشغَلُهُم كَسبُ الثَناءِ عَنِ الشُغلِ
أَقَلُّ بِلاءً بِالرَزايا مِنَ القَنا / وَأَقدَمُ بَينَ الجَحفَلَينِ مِنَ النَبلِ
عَزاءَكَ سَيفَ الدَولَةِ المُقتَدى بِهِ / فَإِنَّكَ نَصلٌ وَالشَدائِدُ لِلنَصلِ
مُقيمٌ مِنَ الهَيجاءِ في كُلِّ مَنزِلٍ / كَأَنَّكَ مِن كُلِّ الصَوارِمِ في أَهلِ
وَلَم أَرَ أَعصى مِنكَ لِلحُزنِ عَبرَةً / وَأَثبَتَ عَقلاً وَالقُلوبُ بِلا عَقلِ
تَخونُ المَنايا عَهدَهُ في سَليلِهِ / وَتَنصُرُهُ بَينَ الفَوارِسِ وَالرَجلِ
وَيَبقى عَلى مَرِّ الحَوادِثِ صَبرُهُ / وَيَبدو كَما يَبدو الفِرِندُ عَلى الصَقلِ
وَمَن كانَ ذا نَفسٍ كَنَفسِكَ حُرَّةٍ / فَفيهِ لَها مُغنٍ وَفيها لَهُ مُسلي
وَما المَوتُ إِلّا سارِقٍ دَقَّ شَخصُهُ / يَصولُ بِلا كَفٍّ وَيَسعى بِلا رِجلِ
يَرُدُّ أَبو الشِبلِ الخَميسَ عَنِ اِبنِهِ / وَيُسلِمُهُ عِندَ الوِلادَةِ لِلنَملِ
بِنَفسي وَليدٌ عادَ مِن بَعدِ حَملِهِ / إِلى بَطنِ أُمٍّ لا تُطَرِّقُ بِالحَملِ
بَدا وَلَهُ وَعدُ السَحابَةِ بِالرَوى / وَصَدَّ وَفينا غُلَّةُ البَلَدِ المَحلِ
وَقَد مَدَّتِ الخَيلُ العِتاقُ عُيونَها / إِلى وَقتِ تَبديلِ الرِكابِ مِنَ النَعلِ
وَريعَ لَهُ جَيشُ العَدُوِّ وَما مَشى / وَجاشَت لَهُ الحَربُ الضَروسُ وَما تَغلي
أَيَفطِمُهُ التَورابُ قَبلَ فِطامِهِ / وَيَأكُلُهُ قَبلَ البُلوغِ إِلى الأَكلِ
وَقَبلَ يَرى مِن جودِهِ ما رَأَيتَهُ / وَيَسمَعَ فيهِ ما سَمِعتَ مِنَ العَذلِ
وَيَلقى كَما تَلقي مِنَ السِلمِ وَالوَغى / وَيُمسي كَما تُمسي مَليكاً بِلا مِثلِ
تُوَلّيهِ أَوساطَ البِلادِ رِماحُهُ / وَتَمنَعُهُ أَطرافُهُنَّ مِنَ العَزلِ
نُبَكّي لِمَوتانا عَلى غَيرِ رَغبَةٍ / تَفوتُ مِنَ الدُنيا وَلا مَوهِبٍ جَزلِ
إِذا ما تَأَمَّلتَ الزَمانَ وَصَرفَهُ / تَيَقَّنتَ أَنَّ المَوتَ ضَربٌ مِنَ القَتلِ
هَلِ الوَلَدُ المَحبوبُ إِلّا تَعِلَّةٌ / وَهَل خَلوَةُ الحَسناءِ إِلّا أَذى البَعلِ
وَقَد ذُقتُ حَلواءَ البَنينَ عَلى الصِبا / فَلا تَحسَبَنّي قُلتُ ما قُلتُ عَن جَهلِ
وَما تَسَعُ الأَزمانُ عِلمي بِأَمرِها / وَلا تُحسِنُ الأَيّامُ تَكتُبُ ما أُملي
وَما الدَهرُ أَهلٌ أَن تُؤَمَّلَ عِندَهُ / حَياةٌ وَأَن يُشتاقَ فيهِ إِلى النَسلِ
عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد قُد جُد مُرِ اِنهَ رِفِ اِسرِ نَل
عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد قُد جُد مُرِ اِنهَ رِفِ اِسرِ نَل / غِظِ اِرمِ صِبِ اِحمِ اِغزُ اِسبِ رُع زَع دِلِ اِثنِ نُل
وَهَذا دُعاءٌ لَو سَكَتُّ كُفِيتَهُ / لِأَنّي سَأَلتُ اللَهَ فيكَ وَقَد فَعَل
لَيالِيَّ بَعدَ الظاعِنينَ شُكولُ
لَيالِيَّ بَعدَ الظاعِنينَ شُكولُ / طِوالٌ وَلَيلُ العاشِقينَ طَويلُ
يُبِنَّ لِيَ البَدرَ الَّذي لا أُريدُهُ / وَيُخفينَ بَدراً ما إِلَيهِ سَبيلُ
وَما عِشتُ مِن بَعدِ الأَحِبَّةِ سَلوَةً / وَلَكِنَّني لِلنائِباتِ حَمولُ
وَإِنَّ رَحيلاً واحِداً حالَ بَينَنا / وَفي المَوتِ مِن بَعدِ الرَحيلِ رَحيلُ
إِذا كانَ شَمُّ الروحِ أَدنى إِلَيكُمُ / فَلا بَرِحَتني رَوضَةٌ وَقَبولُ
وَما شَرَقي بِالماءِ إِلّا تَذَكُّراً / لِماءٍ بِهِ أَهلُ الحَبيبِ نُزولُ
يُحَرِّمُهُ لَمعُ الأَسِنَّةِ فَوقَهُ / فَلَيسَ لِظَمآنٍ إِلَيهِ وُصولُ
أَما في النُجومِ السائِراتِ وَغَيرِها / لِعَيني عَلى ضَوءِ الصَباحِ دَليلُ
أَلَم يَرَ هَذا اللَيلُ عَينَيكِ رُؤيَتي / فَتَظهَرَ فيهِ رِقَّةٌ وَنُحولُ
لَقيتُ بِدَربِ القُلَّةِ الفَجرُ لَقيَةً / شَفَت كَمَدي وَاللَيلُ فيهِ قَتيلُ
وَيَوماً كَأَنَّ الحَسنَ فيهِ عَلامَةٌ / بَعَثتِ بِها وَالشَمسُ مِنكِ رَسولُ
وَما قَبلَ سَيفِ الدَولَةِ اِثّارَ عاشِقٌ / وَلا طُلِبَت عِندَ الظَلامِ ذُحولُ
وَلَكِنَّهُ يَأتي بِكُلِّ غَريبَةٍ / تَروقُ عَلى اِستِغرابِها وَتَهولُ
رَمى الدَربَ بِالجُردِ الجِيادِ إِلى العِدا / وَما عَلِموا أَنَّ السِهامَ خُيولُ
شَوائِلَ تَشوالَ العَقارِبِ بِالقَنا / لَها مَرَحٌ مِن تَحتِهِ وَصَهيلُ
وَما هِيَ إِلّا خَطرَةٌ عَرَضَت لَهُ / بِحَرّانَ لَبَّتها قَناً وَنُصولُ
هُمامٌ إِذا ما هَمَّ أَمضى هُمومَهُ / بِأَرعَنَ وَطءُ المَوتِ فيهِ ثَقيلُ
وَخَيلٍ بَراها الرَكضُ في كُلِّ بَلدَةٍ / إِذا عَرَّسَت فيها فَلَيسَ تَقيلُ
فَلَمّا تَجَلّى مِن دَلوكٍ وَصَنجَةٍ / عَلَت كُلَّ طَودٍ رايَةٌ وَرَعيلُ
عَلى طُرُقٍ فيها عَلى الطُرقِ رِفعَةٌ / وَفي ذِكرِها عِندَ الأَنيسِ خُمولُ
فَما شَعَروا حَتّى رَأَوها مُغيرَةً / قِباحاً وَأَمّا خَلفُها فَجَميلُ
سَحائِبُ يُمطِرنَ الحَديدَ عَلَيهِمُ / فَكُلُّ مَكانٍ بِالسُيوفِ غَسيلُ
وَأَمسى السَبايا يَنتَحِبنَ بِعَرقَةٍ / كَأَنَّ جُيوبَ الثاكِلاتِ ذُيولُ
وَعادَت فَظَنّوها بِمَوزارَ قُفَّلاً / وَلَيسَ لَها إِلّا الدُخولَ قُفولُ
فَخاضَت نَجيعَ الجَمعِ خَوضاً كَأَنَّهُ / بِكُلِّ نَجيعٍ لَم تَخُضهُ كَفيلُ
تُسايِرُها النيرانُ في كُلِّ مَسلَكٍ / بِهِ القَومُ صَرعى وَالدِيارُ طُلولُ
وَكَرَّت فَمَرَّت في دِماءِ مَلَطيَةٍ / مَلَطيَةُ أُمٌّ لِلبَنينِ ثَكولُ
وَأَضعَفنَ ما كُلِّفنَهُ مِن قُباقِبٍ / فَأَضحى كَأَنَّ الماءَ فيهِ عَليلُ
وَرُعنَ بِنا قَلبَ الفُراتِ كَأَنَّما / تَخِرُّ عَلَيهِ بِالرِجالِ سُيولُ
يُطارِدُ فيهِ مَوجَهُ كُلُّ سابِحٍ / سَواءٌ عَلَيهِ غَمرَةٌ وَمَسيلُ
تَراهُ كَأَنَّ الماءَ مَرَّ بِجِسمِهِ / وَأَقبَلَ رَأسٌ وَحدَهُ وَتَليلُ
وَفي بَطنِ هِنزيطٍ وَسِمنينَ لِلظُبى / وَصُمَّ القَنا مِمَّن أَبَدنَ بَديلُ
طَلَعنَ عَلَيهِم طَلعَةً يَعرِفونَها / لَها غُرَرٌ ما تَنقَضي وَحُجولُ
تَمَلُّ الحُصونُ الشُمُّ طولَ نِزالِنا / فَتُلقي إِلَينا أَهلَها وَتَزولُ
وَبِتنَ بِحِصنِ الرانِ رَزحى مِنَ الوَجى / وَكُلُّ عَزيزٍ لِلأَميرِ ذَليلُ
وَفي كُلِّ نَفسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ / وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلولُ
وَدونَ سُمَيساطَ المَطاميرُ وَالمَلا / وَأَودِيَةٌ مَجهولَةٌ وَهُجولُ
لَبِسنَ الدُجى فيها إِلى أَرضِ مَرعَشٍ / وَلِلرومِ خَطبٌ في البِلادِ جَليلُ
فَلَمّا رَأَوهُ وَحدَهُ قَبلَ جَيشِهِ / دَرَوا أَنَّ كُلَّ العالَمينَ فُضولُ
وَأَنَّ رِماحَ الخَطِّ عَنهُ قَصيرَةٌ / وَأَنَّ حَديدَ الهِندِ عَنهُ كَليلُ
فَأَورَدَهُم صَدرَ الحِصانِ وَسَيفَهُ / فَتىً بَأسُهُ مِثلُ العَطاءِ جَزيلُ
جَوادٌ عَلى العِلّاتِ بِالمالِ كُلِّهِ / وَلَكِنَّهُ بِالدارِعينَ بَخيلُ
فَوَدَّعَ قَتلاهُم وَشَيَّعَ فَلَهُم / بِضَربٍ حُزونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ
عَلى قَلبِ قُسطَنطينَ مِنهُ تَعَجُّبٌ / وَإِن كانَ في ساقَيهِ مِنهُ كُبولُ
لَعَلَّكَ يَوماً يا دُمُستُقُ عائِدٌ / فَكَم هارِبٍ مِمّا إِلَيهِ يَئولُ
نَجَوتَ بِإِحدى مُهجَتَيكَ جَريحَةً / وَخَلَّفتَ إِحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ
أَتُسلِمُ لِلخَطِّيَّةِ اِبنَكَ هارِباً / وَيَسكُنَ في الدُنيا إِلَيكَ خَليلُ
بِوَجهِكَ ما أَنساكَهُ مِن مُرِشَّةٍ / نَصيرُكَ مِنها رَنَّةٌ وَعَويلُ
أَغَرَّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرضُها / عَلِيٌّ شَروبٌ لِلجُيوشِ أَكولُ
إِذا لَم تَكُن لِلَّيثِ إِلّا فَريسَةً / غَذاهُ وَلَم يَنفَعكَ أَنَّكَ فيلُ
إِذا الطَعنُ لَم تُدخِلكَ فيهِ شَجاعَةٌ / هِيَ الطَعنُ لَم يُدخِلكَ فيهِ عَذولُ
فَإِن تَكُنِ الأَيّامُ أَبصَرنَ صَولَهُ / فَقَد عَلَّمَ الأَيّامَ كَيفَ تَصولُ
فَدَتكَ مُلوكٌ لَم تُسَمَّ مَواضِياً / فَإِنَّكَ ماضي الشَفرَتَينِ صَقيلُ
إِذا كانَ بَعضُ الناسِ سَيفاً لِدَولَةٍ / فَفي الناسِ بوقاتٌ لَها وَطُبولُ
أَنا السابِقُ الهادي إِلى ما أَقولُهُ / إِذِ القَولُ قَبلَ القائِلينَ مَقولُ
وَما لِكَلامِ الناسِ فيما يُريبُني / أُصولٌ وَلا لِلقائِليهِ أُصولُ
أُعادي عَلى ما يوجِبُ الحُبَّ لِلفَتى / وَأَهدَأُ وَالأَفكارُ فيَّ تَجولُ
سِوى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فَإِنَّهُ / إِذا حَلَّ في قَلبٍ فَلَيسَ يَحولُ
وَلا تَطمَعَن مِن حاسِدٍ في مَوَدَّةٍ / وَإِن كُنتَ تُبديها لَهُ وَتُنيلُ
وَإِنّا لَنَلقى الحادِثاتِ بِأَنفُسٍ / كَثيرُ الرَزايا عِندَهُنَّ قَليلُ
يَهونُ عَلَينا أَن تُصابَ جُسومُنا / وَتَسلَمَ أَعراضٌ لَنا وَعُقولُ
فَتيهاً وَفَخراً تَغلِبَ اِبنَةَ وائِلٍ / فَأَنتِ لِخَيرِ الفاخِرينَ قَبيلُ
يَغُمُّ عَلِيّاً أَن يَموتَ عَدُوُّهُ / إِذا لَم تَغُلهُ بِالأَسِنَّةِ غولُ
شَريكُ المَنايا وَالنُفوسُ غَنيمَةٌ / فَكُلُّ مَماتٍ لَم يُمِتهُ غُلولُ
فَإِن تَكُنِ الدَولاتُ قِسماً فَإِنَّها / لِمَن وَرَدَ المَوتَ الزُؤامَ تَدولُ
لِمَن هَوَّنَ الدُنيا عَلى النَفسِ ساعَةً / وَلِلبيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ
دُروعٌ لِمَلكِ الرومِ هَذي الرَسائِلُ
دُروعٌ لِمَلكِ الرومِ هَذي الرَسائِلُ / يَرُدُّ بِها عَن نَفسِهِ وَيُشاغِلُ
هِيَ الزَرَدُ الضافي عَلَيهِ وَلَفظُها / عَلَيكَ ثَناءٌ سابِغٌ وَفَضائِلُ
وَأَنّى اِهتَدى هَذا الرَسولُ بِأَرضِهِ / وَما سَكَنَت مُذ سِرتَ فيها القَساطِلُ
وَمِن أَيِّ ماءٍ كانَ يَسقي جِيادَهُ / وَلَم تَصفُ مِن مَزجِ الدِماءِ المَناهِلُ
أَتاكَ يَكادُ الرَأسُ يَجحَدُ عُنقَهُ / وَتَنقَدُّ تَحتَ الذُعرِ مِنهُ المَفاصِلُ
يُقَوِّمُ تَقويمُ السَماطَينِ مَشيَهُ / إِلَيكَ إِذا ما عَوَّجَتهُ الأَفاكِلُ
فَقاسَمَكَ العَينَينِ مِنهُ وَلَحظَهُ / سَمِيُّكَ وَالخِلُّ الَّذي لا يُزايِلُ
وَأَبصَرَ مِنكَ الرِزقَ وَالرِزقُ مُطمِعٌ / وَأَبصَرَ مِنهُ المَوتَ وَالمَوتُ هائِلُ
وَقَبَّلَ كُمّاً قَبِّلَ التُربَ قَبلَهُ / وَكُلُّ كَمِيٍّ واقِفٌ مُتَضائِلُ
وَأَسعَدُ مُشتاقٍ وَأَظفَرُ طالِبٍ / هُمامٌ إِلى تَقبيلِ كُمِّكَ واصِلُ
مَكانٌ تَمَنّاهُ الشِفاهُ وَدونَهُ / صُدورُ المَذاكي وَالرِماحُ الذَوابِلُ
فَما بَلَّغَتهُ ما أَرادَ كَرامَةٌ / عَلَيكَ وَلَكِن لَم يَخِب لَكَ سائِلُ
وَأَكبَرَ مِنهُ هِمَّةً بَعَثَت بِهِ / إِلَيكَ العِدى وَاِستَنظَرَتهُ الجَحافِلُ
فَأَقبَلَ مِن أَصحابِهِ وَهوَ مُرسَلٌ / وَعادَ إِلى أَصحابِهِ وَهوَ عاذِلُ
تَحَيَّرَ في سَيفٍ رَبيعَةُ أَصلُهُ / وَطابِعُهُ الرَحمَنُ وَالمَجدُ صاقِلُ
وَما لَونُهُ مِمّا تُحَصِّلُ مُقلَةٌ / وَلا حَدُّهُ مِمّا تَجُسُّ الأَنامِلُ
إِذا عايَنَتكَ الرُسلُ هانَت نُفوسُها / عَلَيها وَما جاءَت بِهِ وَالمُراسِلُ
رَجا الرومُ مَن تُرجى النَوافِلُ كُلُّها / لَدَيهِ وَلا تُرجى لَدَيهِ الطَوائِلُ
فَإِن كانَ خَوفُ القَتلِ وَالأَسرِ ساقَهُم / فَقَد فَعَلوا ما القَتلُ وَالأَسرُ فاعِلُ
فَخافوكَ حَتّى ما لِقَتلٍ زِيادَةٌ / وَجاؤوكَ حَتّى ما تُرادُ السَلاسِلُ
أَرى كُلَّ ذي مُلكٍ إِلَيكَ مَصيرُهُ / كَأَنَّكَ بَحرٌ وَالمُلوكُ جَداوِلُ
إِذا مَطَرَت مِنهُم وَمِنكَ سَحائِبٌ / فَوابِلُهُم طَلٌّ وَطَلُّكَ وابِلُ
كَريمٌ مَتى اِستوهِبتَ ما أَنتَ راكِبٌ / وَقَد لَقِحَت حَربٌ فَإِنَّكَ باذِلُ
أَذا الجودِ أَعطِ الناسِ ما أَنتَ مالِكٌ / وَلا تُعطِيَنَّ الناسَ ما أَنا قائِلٌ
أَفي كُلِّ يَومٍ تَحتَ ضِبني شُوَيعِرٌ / ضَعيفٌ يُقاويني قَصيرٌ يُطاوِلُ
لِساني بِنُطقي صامِتٌ عَنهُ عادِلٌ / وَقَلبي بِصَمتي ضاحِكٌ مِنهُ هازِلُ
وَأَتعَبُ مَن ناداكَ مَن لا تُجيبُهُ / وَأَغيَظُ مَن عاداكَ مَن لا تُشاكِلُ
وَما التيهُ طِبّي فيهِمُ غَيرَ أَنَّني / بَغيضٌ إِلَيَّ الجاهِلُ المُتَعاقِلُ
وَأَكبَرُ تيهي أَنَّني بِكَ واثِقٌ / وَأَكثَرُ مالي أَنَّني لَكَ آمِلُ
لَعَلَّ لِسَيفِ الدَولَةِ القَرمِ هَبَّةً / يَعيشُ بِها حَقٌّ وَيَهلِكُ باطِلُ
رَمَيتُ عِداهُ بِالقَوافي وَفَضلِهِ / وَهُنَّ الغَوازي السالِباتُ القَواتِلُ
وَقَد زَعَموا أَنَّ النُجومَ خَوالِدٌ / وَلَو حارَبَتهُ ناحَ فيها الثَواكِلُ
وَما كانَ أَدناها لَهُ لَو أَرادَها / وَأَلطَفَها لَو أَنَّهُ المُتَناوِلُ
قَريبٌ عَلَيهِ كُلُّ ناءٍ عَلى الوَرى / إِذا لَثَّمَتهُ بِالغُبارِ القَنابِلُ
تُدَبِّرُ شَرقَ الأَرضِ وَالغَربِ كَفُّهُ / وَلَيسَ لَها وَقتاً عَنِ الجودِ شاغِلُ
يُتَبِّعُ هُرّابَ الرِجالِ مُرادُهُ / فَمَن فَرَّ حَرباً عارَضَتهُ الغَوائِلُ
وَمَن فَرَّ مِن إِحسانِهِ حَسَداً لَهُ / تَلَقّاهُ مِنهُ حَيثُما سارَ نائِلُ
فَتىً لا يَرى إِحسانَهُ وَهوَ كامِلٌ / لَهُ كامِلاً حَتّى يُرى وَهوَ شامِلُ
إِذا العَرَبُ العَرباءُ رازَت نُفوسَها / فَأَنتَ فَتاها وَالمَليكُ الحَلاحِلُ
أَطاعَتكَ في أَرواحِها وَتَصَرَّفَت / بِأَمرِكَ وَاِلتَفَّت عَلَيكَ القَبائِلُ
وَكُلُّ أَنابيبِ القَنا مَدَدٌ لَهُ / وَما يَنكُتُ الفُرسانَ إِلّا العَوامِلُ
رَأَيتُكَ لَو لَم يَقتَضِ الطَعنُ في الوَغى / إِلَيكَ اِنقِياداً لَاِقتَضَتهُ الشَمائِلُ
وَمَن لَم تُعَلِّمهُ لَكَ الذُلَّ نَفسُهُ / مِنَ الناسِ طُرّاً عَلَّمَتهُ المَناصِلُ
مُحِبّي قِيامي ما لِذَلِكُمُ النَصلِ
مُحِبّي قِيامي ما لِذَلِكُمُ النَصلِ / بَريئاً مِنَ الجَرحى سَليماً مِنَ القَتلِ
أَرى مِن فِرِندي قِطعَةً في فِرِندِهِ / وَجَودَةُ ضَربِ الهامِ في جَودَةِ الصَقلِ
وَخُضرَةُ ثَوبِ العَيشِ في الخُضرَةِ الَّتي / أَرَتكَ اِحمِرارَ المَوتِ في مَدرَجِ النَملِ
أَمِط عَنكَ تَشبيهي بِما وَكَأَنَّهُ / فَما أَحَدٌ فَوقي وَلا أَحَدٌ مِثلي
وَذَرني وَإِيّاهُ وَطِرفي وَذابِلي / نَكُن واحِداً يَلقى الوَرى وَاِنظُرَن فِعلي
قِفا تَرَيا وَدقي فَهاتا المَخايِلُ
قِفا تَرَيا وَدقي فَهاتا المَخايِلُ / وَلا تَخشَيا خُلفاً لِما أَنا قائِلُ
رَماني خِساسُ الناسِ مِن صائِبِ اِستِهِ / وَآخَرُ قُطنٌ مِن يَدَيهِ الجَنادِلُ
وَمِن جاهِلٍ بي وَهوَ يَجهَلُ جَهلَهُ / وَيَجهَلُ عِلمي أَنَّهُ بِيَ جاهِلُ
وَيَجهَلُ أَنّي مالِكَ الأَرضِ مُعسِرٌ / وَأَنّي عَلى ظَهرِ السَماكَينِ راجِلُ
تُحَقِّرُ عِندي هِمَّتي كُلَّ مَطلَبٍ / وَيَقصُرُ في عَيني المَدى المُتَطاوِلُ
وَما زِلتُ طَوداً لا تَزولُ مَناكِبي / إِلى أَن بَدَت لِلضَيمِ فيَّ زَلازِلُ
فَقَلقَلتُ بِالهَمِّ الَّذي قَلقَلَ الحَشا / قَلاقِلَ عيسٍ كُلُّهُنَّ قَلاقِلُ
إِذا اللَيلُ وارانا أَرَتنا خِفافُها / بِقَدحِ الحَصى مالا تُرينا المَشاعِلُ
كَأَنّي مِنَ الوَجناءِ في ظَهرِ مَوجَةٍ / رَمَت بي بِحاراً ما لَهُنَّ سَواحِلُ
يُخَيَّلُ لي أَنَّ البِلادَ مَسامِعي / وَأَنِّيَ فيها ما تَقولُ العَواذِلُ
وَمَن يَبغِ ما أَبغي مِنَ المَجدِ وَالعُلا / تَساوى المَحايِي عِندَهُ وَالمَقاتِلُ
أَلا لَيسَتِ الحاجاتُ إِلّا نُفوسَكُم / وَلَيسَ لَنا إِلّا السُيوفَ وَسائِلُ
فَما وَرَدَت روحَ اِمرِئٍ روحُهُ لَهُ / وَلا صَدَرَت عَن باخِلٍ وَهوَ باخِلُ
غَثاثَةُ عَيشي أَن تَغِثَّ كَرامَتي / وَلَيسَ بِغَثٍّ أَن تَغِثَّ المَآكِلُ
عَزيزُ أَسىً مَن داؤُهُ الحَدَقُ النُجلُ
عَزيزُ أَسىً مَن داؤُهُ الحَدَقُ النُجلُ / عَياءٌ بِهِ ماتَ المُحِبّونَ مِن قَبلُ
فَمَن شاءَ فَليَنظُر إِلَيَّ فَمَنظَري / نَذيرٌ إِلى مَن ظَنَّ أَنَّ الهَوى سَهلُ
وَما هِيَ إِلّا لَحظَةٌ بَعدَ لَحظَةٍ / إِذا نَزَلَت في قَلبِهِ رَحَلَ العَقلُ
جَرى حُبُّها مَجرى دَمي في مَفاصِلي / فَأَصبَحَ لي عَن كُلِّ شُغلٍ بِها شُغلُ
وَمِن جَسَدي لَم يَترُكِ السُقمُ شَعرَةً / فَما فَوقَها إِلّا وَفيها لَهُ فِعلُ
إِذا عَذَلوا فيها أَجَبتُ بِأَنَّةٍ / حُبَيِّبَتا قَلباً فُؤادا هَيا جُملُ
كَأَنَّ رَقيباً مِنكِ سَدَّ مَسامِعي / عَنِ العَذلِ حَتّى لَيسَ يَدخُلُها العَذلُ
كَأَنَّ سُهادَ اللَيلِ يَعشَقُ مُقلَتي / فَبَينَهُما في كُلِّ هَجرٍ لَنا وَصلُ
أُحِبُّ الَّتي في البَدرِ مِنها مَشابِهٌ / وَأَشكو إِلى مَن لا يُصابُ لَهُ شَكلُ
إِلى واحِدِ الدُنيا إِلى اِبنِ مُحَمَّدٍ / شُجاعِ الَّذي لِلَّهِ ثُمَّ لَهُ الفَضلُ
إِلى الثَمَرِ الحُلوِ الَّذي طَيِّئٌ لَهُ / فُروعٌ وَقَحطانُ بنُ هودٍ لَهُ أَصلُ
إِلى سَيِّدٍ لَو بَشَّرَ اللَهُ أُمَّةً / بِغَيرِ نَبِيٍّ بَشَّرَتنا بِهِ الرُسلُ
إِلى القابِضِ الأَرواحِ وَالضَيغَمِ الَّذي / تُحَدِّثُ عَن وَقفاتِهِ الخَيلُ وَالرَجلُ
إِلى رَبِّ مالٍ كُلَّما شَتَّ شَملُهُ / تَجَمَّعَ في تَشتيتِهِ لِلعُلا شَملُ
هُمامٌ إِذا ما فارَقَ الغِمدَ سَيفُهُ / وَعايَنتَهُ لَم تَدرِ أَيُّهُما النَصلُ
رَأَيتُ اِبنَ أُمِّ المَوتِ لَو أَنَّ بَأسَهُ / فَشا بَينَ أَهلِ الأَرضِ لَاِنقَطَعَ النَسلُ
عَلى سابِحٍ مَوجَ المَنايا بِنَحرِهِ / غَداةَ كَأَنَّ النَبلَ في صَدرِهِ وَبلُ
وَكَم عَينِ قِرنٍ حَدَّقَت لِنِزالِهِ / فَلَم تُغضِ إِلّا وَالسِنانُ لَها كُحلُ
إِذا قيلَ رِفقاً قالَ لِلحِلمِ مَوضِعٌ / وَحِلمُ الفَتى في غَيرِ مَوضِعِهِ جَهلُ
وَلَولا تَوَلّي نَفسِهِ حَملَ حِلمِهِ / عَنِ الأَرضِ لَاِنهَدَّت وَناءَ بِها الحِملُ
تَباعَدَتِ الآمالُ عَن كُلِّ مَقصَدٍ / وَضاقَ بِها إِلّا إِلى بابِكَ السُبلُ
وَنادى النَدى بِالنائِمينَ عَنِ السُرى / فَأَسمَعَهُم هُبّوا فَقَد هَلَكَ البُخلُ
وَحالَت عَطايا كَفِّهِ دونَ وَعدِهِ / فَلَيسَ لَهُ إِنجازُ وَعدٍ وَلا مَطلُ
فَأَقرَبُ مِن تَحديدِها رَدُّ فائِتٍ / وَأَيسَرُ مِن إِحصائِها القَطرُ وَالرَملُ
وَما تَنقِمُ الأَيّامُ مِمَّن وُجوهُها / لِأَخمَصِهِ في كُلِّ نائِبَةٍ نَعلُ
وَما عَزَّهُ فيها مُرادٌ أَرادَهُ / وَإِن عَزَّ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ مِثلُ
كَفى ثُعَلاً فَخراً بِأَنَّكَ مِنهُمُ / وَدَهرٌ لِأَن أَمسَيتَ مِن أَهلِهِ أَهلُ
وَوَيلٌ لِنَفسٍ حاوَلَت مِنكَ غِرَّةً / وَطوبى لِعَينٍ ساعَةً مِنكَ لا تَخلو
فَما بِفَقيرٍ شامَ بَرقَكَ فاقَةٌ / وَلا في بِلادٍ أَنتَ صَيِّبُها مَحلُ
أَماتَكُمُ مِن قَبلِ مَوتِكُمُ الجَهلُ
أَماتَكُمُ مِن قَبلِ مَوتِكُمُ الجَهلُ / وَجَرَّكُمُ مِن خِفَّةٍ بِكُمُ النَملُ
وُلَيدَ أُبَيِّ الطَيِّبِ الكَلبِ ما لَكُم / فَطِنتُم إِلى الدَعوى وَمالَكُمُ عَقلُ
وَلَو ضَرَبَتكُم مَنجَنِيقي وَأَصلُكُم / قَوِيٌّ لَهَدَّتكُم فَكَيفَ وَلا أَصلُ
وَلَو كُنتُمُ مِمَّن يُدَبِّرُ أَمرَهُ / لَما كُنتُمُ نَسلَ الَّذي ما لَهُ نَسلُ
أَتاني كَلامُ الجاهِلِ اِبنِ كَيَغلَغٍ
أَتاني كَلامُ الجاهِلِ اِبنِ كَيَغلَغٍ / يَجوبُ حُزوناً بَينَنا وَسُهولا
وَلَو لَم يَكُن بَينَ اِبنِ صَفراءَ حائِلٌ / وَبَيني سِوى رُمحي لَكانَ طَويلا
وَاِسحاقُ مَأمونٌ عَلى مَن أَهانَهُ / وَلَكِن تَسَلّى بِالبُكاءِ قَليلا
وَلَيسَ جَميلاً عِرضُهُ فَيَصونَهُ / وَلَيسَ جَميلاً أَن يَكونَ جَميلا
وَيَكذِبُ ما أَذلَلتُهُ بِهِجائِهِ / لَقَد كانَ مِن قَبلِ الهِجاءِ ذَليلا
كَدَعواكِ كُلٌّ يَدَّعي صِحَّةَ العَقلِ
كَدَعواكِ كُلٌّ يَدَّعي صِحَّةَ العَقلِ / وَمَن ذا الَّذي يَدري بِما فيهِ مِن جَهلِ
لِهَنَّكِ أَولى لائِمٍ بِمَلامَةٍ / وَأَحوَجُ مِمَّن تَعذُلينَ إِلى العَذلِ
تَقولينَ ما في الناسِ مِثلَكَ عاشِقٌ / جِدي مِثلَ مَن أَحبَبتُهُ تَجِدي مِثلي
مُحِبٌّ كَنى بِالبيضِ عَن مُرهَفاتِهِ / وَبِالحُسنِ في أَجسامِهِنَّ عَنِ الصَقلِ
وَبِالسُمرِ عَن سُمرِ القَنا غَيرَ أَنَّني / جَناها أَحِبّائي وَأَطرافُها رُسلي
عَدِمتُ فُؤاداً لَم تَبِت فيهِ فَضلَةٌ / لِغَيرِ الثَنايا الغُرِّ وَالحَدَقِ النُجلِ
فَما حَرَمَت حَسناءُ بِالهَجرِ غِبطَةً / وَلا بَلَّغَتها مَن شَكى الهَجرَ بِالوَصلِ
ذَريني أَنَل ما لا يُنالُ مِنَ العُلى / فَصَعبُ العُلى في الصَعبِ وَالسَهلُ في السَهلِ
تُريدينَ لُقيانَ المَعالي رَخيصَةً / وَلا بُدَّ دونَ الشَهدِ مِن إِبَرِ النَحلِ
حَذِرتِ عَلَينا المَوتَ وَالخَيلُ تَلتَقي / وَلَم تَعلَمي عَن أَيِّ عاقِبَةٍ تُجلَي
فَلَستُ غَبيناً لَو شَرَيتُ مَنِيَّتي / بِإِكرامِ دِلَّيرَ اِبنِ لَشكَرَوَزٍّ لي
تُمِرُّ الأَنابيبُ الخَواطِرُ بَينَنا / وَنَذكُرُ إِقبالَ الأَميرِ فَتَحلو لي
وَلَو كُنتُ أَدري أَنَّها سَبَبٌ لَهُ / لَزادَ سُروري بِالزِيادَةِ في القَتلِ
فَلا عَدِمَت أَرضُ العِراقَينِ فِتنَةً / دَعَتكَ إِلَيها كاشِفَ الخَوفِ وَالمَحلِ
ظَلِلنا إِذا أَنبى الحَديدُ نُصولَنا / نُجَرِّدُ ذِكراً مِنكَ أَمضى مِنَ النَصلِ
وَنَرمي نَواصيها مِنِ اِسمِكَ في الوَغى / بِأَنفَذَ مِن نُشّابِنا وَمِنَ النَبلِ
فَإِن تَكُ مِن بَعدِ القِتالِ أَتَيتَنا / فَقَد هَزَمَ الأَعداءَ ذِكرُكَ مِن قَبلِ
وَما زِلتُ أَطوي القَلبَ قَبلَ اِجتِماعِنا / عَلى حاجَةٍ بَينَ السَنابِكِ وَالسُبلِ
وَلَو لَم تَسِر سِرنا إِلَيكَ بِأَنفُسٍ / غَرائِبَ يُؤثِرنَ الجِيادَ عَلى الأَهلِ
وَخَيلٍ إِذا مَرَّت بِوَحشٍ وَرَوضَةٍ / أَبَت رَعيَها إِلّا وَمِرجَلُنا يَغلي
وَلَكِن رَأَيتُ القَصدَ في الفَضلِ شِركَةً / فَكانَ لَكَ الفَضلانِ بِالقَصدِ وَالفَضلِ
وَلَيسَ الَّذي يَتَّبَّعُ الوَبلَ رائِداً / كَمَن جائَهُ في دَهرِهِ رائِدُ الوَبلِ
وَما أَنا مِمَّن يَدَّعي الشَوقَ قَلبُهُ / وَيَحتَجُّ في تَركِ الزِيارَةِ بِالشُغلِ
أَرادَت كِلابٌ أَن تَفوزَ بِدَولَةٍ / لِمَن تَرَكَت رَعيَ الشُوَيهاتِ وَالإِبلِ
أَبى رَبُّها أَن يَترُكَ الوَحشَ وَحدَها / وَأَن يُؤمِنَ الضَبَّ الخَبيثَ مِنَ الأَكلِ
وَقادَ لَها دِلَّيرُ كُلَّ طِمِرَّةٍ / تُنيفُ بِخَدَّيها سَحوقٌ مِنَ النَخلِ
وَكُلَّ جَوادٍ تَلطِمُ الأَرضَ كَفُّهُ / بِأَغنى عَنِ النَعلِ الحَديدِ مِنَ النَعلِ
فَوَلَّت تُريغُ الغَيثَ وَالغَيثَ خَلَّفَت / وَتَطلُبُ ما قَد كانَ في اليَدِ بِالرِجلِ
تُحاذِرُ هَزلَ المالِ وَهيَ ذَليلَةٌ / وَأَشهَدُ أَنَّ الذُلَّ شَرٌّ مِنَ الهَزلِ
وَأَهدَت إِلَينا غَيرَ قاصِدَةٍ بِهِ / كَريمَ السَجايا يَسبِقُ القَولَ بِالفِعلِ
تَتَبَّعَ آثارَ الرَزايا بِجودِهِ / تَتَبُّعَ آثارِ الأَسِنَّةِ بِالفُتلِ
شَفى كُلَّ شاكٍ سَيفُهُ وَنَوالُهُ / مِنَ الداءِ حَتّى الثاكِلاتِ مِنَ الثُكلِ
عَفيفٌ تَروقُ الشَمسَ صورَةُ وَجهِهِ / وَلَو نَزَلَت شَوقاً لَحادَ إِلى الظِلِّ
شُجاعٌ كَأَنَّ الحَربَ عاشِقَةٌ لَهُ / إِذا زارَها فَدَّتهُ بِالخَيلِ وَالرَجلِ
وَرَيّانُ لا تَصدى إِلى الخَمرِ نَفسُهُ / وَعَطشانُ لا تَروى يَداهُ مِنَ البَذلِ
فَتَمليكُ دِلَّيرٍ وَتَعظيمُ قَدرِهِ / شَهيدٌ بِوَحدانِيَّةِ اللَهِ وَالعَدلِ
وَما دامَ دِلَّيرٌ يَهُزُّ حُسامَهُ / فَلا نابَ في الدُنيا لِلَيثٍ وَلا شِبلِ
وَما دامَ دِلَّيرٌ يُقَلِّبُ كَفَّهُ / فَلا خَلقَ مِن دَعوى المَكارِمِ في حِلِّ
فَتىً لا يُرَجّي أَن تَتِمَّ طَهارَةٌ / لِمَن لَم يُطَهِّر راحَتَيهِ مِنَ البُخلِ
فَلا قَطَعَ الرَحمَنُ أَصلاً أَتى بِهِ / فَإِنّي رَأَيتُ الطَيِّبَ الطَيِّبَ الأَصلِ