المجموع : 11
إِذا أَنا لَم أُجزِ الزَمانَ بِفِعلِهِ
إِذا أَنا لَم أُجزِ الزَمانَ بِفِعلِهِ / تَقَلَّبَ مِنّي الدَهرُ في جانِبٍ سَهلِ
عَرَضتُ فَما أُعطي الحَوادِثَ طاعَةً / وَلَيسَ يُطيعُ الحادِثاتِ فَتىً مِثلي
إِذا ضَحِكَت حَربٌ عَنِ البيضِ وَالقَنا / رَأَيتَ الدُموعَ الحُمرَ تَجري عَلى نَصلي
أَبَينا لِمالٍ أَن نَصونَ كَرامَةً / عَنِ الضَيفِ وَالعافينَ في الخَصبِ وَالمَحلِ
وَنُصلِحُ ما أَبقى لَنا مِنهُ جودُنا / لِنَجرِيَ ما عِشنا عَلى عادَةِ الفَضلِ
أَهاجَكَ أَم لا بِالدُوَيرَةِ مَنزِلُ
أَهاجَكَ أَم لا بِالدُوَيرَةِ مَنزِلُ / يَجِدُّ هُبوبَ الريحِ فيهِ وَيَهزِلُ
قَضَيتُ زَمانَ الشَوقِ في عَرَصاتِهِ / بِدَمعٍ هَمولٍ فَوقَ خَدَّيَّ يَهطِلُ
وَقَفتُ بِها عِيسي تَطيرُ بِزَجرِها / وَيَأمُرُها وَحيُ الزَمانِ فَتُرقِلُ
طَلوباً بِرِجلَيها يَدَيها كَما اِقتَضَت / يَدُ الخَصمِ حَقاً عِندَ آخَرَ يُمطَلُ
وَبِالقَصرِ إِذ خاطَ الخَلِيُّ جُفونَهُ / عَنانِيَ بَرقٌ بِالدُجَيلِ مُسَلسَلُ
وَإِنّي لَضَوءِ البَرقِ مِن نَحوِ دارِها / إِذا ما عَناني لَمحُهُ لَمُوَكَّلُ
تَشَقَّقَ وَاِستَدعى كَما صَدَعَ الدُجى / سَنى قَبَسٍ في جَذوَةٍ يَتَأَكَّلُ
وَلِلَّهِ ميثاقٌ لَدَيَّ نَقَضتُهُ / وَقُلتُ دَعوهُ خالِياً يَتَنَقَّلُ
وَوَعدٌ وَخُلفٌ بَعدَهُ وَتَمَنُّعٌ / وَسُرعَةُ هُجرانٍ وَوَصلٌ مُوَصَّلُ
وَقَد أَشهَدُ الغاراتِ وَالمَوتُ شاهِدٌ / يَجورُ بِأَطرافِ الرِماحِ وَيَعدِلُ
بِطَعنٍ تَضيعُ الكَفَّ في لَهَواتِهِ / وَضَربٍ كَما شُقَّ الرِداءُ المُرَعبَلُ
وَخَيلٍ طَواها القَورُ حَتّى كَأَنَّها / أَنابيبُ سُمرٍ مِن قَنا الخَطِّ ذُبَّلُ
صَبَبنا عَلَيها ظالِمينَ سِياطَنا / فَطارَت بِها أَيدٍ سِراعٍ وَأَرجُلُ
وَكُلُّ الَّذي سَرَّ الفَتى قَد أَصَبتُهُ / وَساعَدَني مِنهُ أَخيرٌ وَأَوَّلُ
فَمِن أَيِّ شَيءٍ يا اِبنَةَ القَومِ أَحتَوي / عَلى مُهجَتي أَو أَيِّ شَيءٍ أُؤَمَّلِ
إِذا المَرءُ أَفنى صُبحَ يَومٍ وَثانِياً / أَتاهُ صَباحٌ بَعدَ ذَلِكَ مُقبِلُ
وَيَتَّبِعُ الآمالَ مَوقِعَ لَحظِهِ / فَلَيسَ لَهُ ما عاشَ في الناسِ مَنزِلُ
وَلِلدَهرِ سِرٌّ سَوفَ يَظهَرُ أَمرُهُ / وَلِلناسِ وَزنٌ جائِرٌ سَوفَ يَعدِلُ
أَعاذِلَتي لا تَعذُلي عاشِقاً مِثلي
أَعاذِلَتي لا تَعذُلي عاشِقاً مِثلي / وَلَكِن دَعيهِ وَاِعذِري الحُبَّ مِن أَجلي
وَنوحي عَلى صَبٍّ بَكَت عائِداتُهُ / صَريعِ قُدودِ البانِ وَالأَعيُنِ النُجلِ
رَمَينَ فَلَمّا أَن أَصَبنَ مَقاتِلي / تَوَلَّينَ فَاِنضَمَّت جِراحي عَلى النَبلِ
بُكاهُ عَلى ما في الضَميرِ دَليلُ
بُكاهُ عَلى ما في الضَميرِ دَليلُ / وَلَكِنَّ مَولاهُ عَلَيهِ بَخيلُ
وَلَي كَبِدٌ أَمسى يُقَطِّعُهُ الهَوى / وَدَمعٌ عَصى الأَجفانَ وَهُوَ يَسيلُ
فَيا عاذِلي لا تُحزِنَنّي بِغادَتي / فَما ذاكَ بَينَ العاشِقَينَ جَميلُ
فَهَل لِيَ إِلّا أَن أَموتَ بِحُبِّها / ضَياعاً وَلا يَدري بِذاكَ خَليلُ
إِلَيكَ اِمتَطَينا العيسَ تَنفُخُ في السُرى / وَلِلَّيلِ طَرفٌ بِالصَباحِ كَحيلُ
وَفِتيانِ هَيجٍ باذِلينَ نُفوسَهُم / كَأَنَّهُمُ تَحتَ الرِماحِ وُعولُ
وَجَرَّدتُ مِن أَغمادِهِ كُلَّ مُرهَفٍ / إِذا ما اِنتَضَتهُ الكَفُّ كادَ يَسيلُ
تَرى فَوقَ مِتنَيهِ الفِرِندَ كَأَنَّما / تَنَفَّسَ فيهِ القَينُ وَهُوَ ثَقيلُ
فَأَعلَمتُهُ كَيفَ التَصافُحُ بِالقَنا / وَكَيفَ تُرَوّى البيضُ وَهيَ مُحولُ
سَريعٌ إِلى الأَعداءِ أَمّا جَنانُهُ / فَماضٍ وَأَمّا وَجهُهُ فَجَميلُ
كَريمٌ سَلولٌ لِلمُلوكِ مُهَذَّبٌ
كَريمٌ سَلولٌ لِلمُلوكِ مُهَذَّبٌ / سَريعُ العَطايا عِندَ كُلِّ سُؤالِ
وَجاءَت بِهِ أُمٌّ مِنَ السودِ أَنجَبَت / كَليلَةِ سِرٍّ طَوَّقَت بِهِلالِ
صَحا عاذِلي عَنّي وَلَم أَصحُ مِن ضَلّي
صَحا عاذِلي عَنّي وَلَم أَصحُ مِن ضَلّي / وَيا حَبَّذا شُرٌّ عَلى المَنعِ وَالبَذلِ
وَهَبتُ لَها قَلبي فَلا تَطلُبوا دَمي / وَلَيسَ عَلَيها مِن فِداءٍ وَلا قَتلِ
وَلَم أَرَ مِثلَ العاذِلينَ عَلى الهَوى / جَعَلتُ لَهُم شُغلاً وَخَلّاهُمُ شُغلي
خَليلَيَّ طوفا بِالمُدامِ وَبادِرا / بَقيَّةَ عُمري وَالسَلامُ عَلى مِثلي
أَلا إِنَّها جِسمي لِروحِ مَطِيَّةٌ / وَلا بُدَّ يَوماً أَن تَعَرّى مِنَ الرَحلِ
وَياعاذِلي هَلّا اِشتَغَلتَ بِسامِعٍ / كَما أَنا مَشغولٌ بِكَأسي عَنِ العَذلِ
أَلا عَلِّلاني إِنَما العَيشُ تَعليلُ
أَلا عَلِّلاني إِنَما العَيشُ تَعليلُ / وَما لِحَياةٍ بَعدَها ميتَةٌ طولُ
دَعاني مِنَ الدُنيا أَنَل مِن نَعيمِها / فَإِنِّيَ عَنها بَعدَ ذَلِكَ مَشغولُ
خُذا لَذَّةً مِن ساعَةٍ مُستَعارَةٍ / فَلَيسَ لِتَعويقِ الحَوادِثِ تَمثيلُ
أَلا حَيِّ مِن أَهلِ المَحَبَّةِ مَنزِلا
أَلا حَيِّ مِن أَهلِ المَحَبَّةِ مَنزِلا / تَبَدَّلَ مِن أَيّامِهِ ما تَبَدَّلا
أُبِن لي سَقاكَ الغَيثُ حَتّى تَمَلَّهُ / عَنِ الآنِسِ المَفقودِ أَينَ تَحَمَّلا
كَأَنَّ التَصابي كانَ تَعريسَ نازِلٍ / ثَوى ساعَةً مِن لَيلِهِ وَتَرَحَّلا
وَماءٍ كَأُفقِ الصُبحِ صافٍ جِمامُهُ / دَفَعتُ القَطا عَنهُ وَخَفَّفتُ كَلكَلا
إِذا اِستَجفَلَتهُ الريحُ جالَت قَذاتُهُ / وَجُرِّدَ مِن أَغمادِهِ فَتَسَلسَلا
زَجَرتُ بِهِ سِيّاحَ قَفرٍ كَأَنَّهُ / يَخافُ لَجاقاً أَو يُبادِرُ آفِلا
وَبَيداءَ مِمحالٍ أَطارَ بِها القَطا / كَما قَذَفَت أَيدي المُرامينَ جَندَلا
كَنّي عَلى حَقباءُ تَتلو لَواحِقاً / غَدَونَ بِإِمساءٍ يُطالِبنَ مَنهَلا
يُسَوِّقُها طاوٍ أَقَبُّ كَأَنَّما / يُحَرِّكُ في حَيزومِهِ النَهقُ جُلجَلا
أُتيهَ لَهُ لُهفانُ يَخطِرُ قَوسَهُ / بِأَصغَرَ حَنّانِ القَرا غَيرَ أَعزَلا
فَأَودَعَهُ سَهماً كَمِدرى مَواشِطٍ / بَعَثنَ بِهِ في مَفرَقٍ فَتَغَلَّلا
بَطيئاً إِذا أَسرَعتَ إِطلاقَ فَوقِهِ / وَلَكِن إِذا أَبطَأتَ في الريحِ عَجَّلا
أَذَلِكَ أَم فَردٌ بِقَفرٍ أَجادَهُ / مِنَ الغَيثِ أَيكٌ فَرعُهُ قَد تَهَلَّلا
لَدى لَيلَةٍ خَوّارَةِ المُزنِ كُلَّما / تَنَفَّسَ في أَرجائِها البَرقُ أَسبَلا
كَأَنَّ عَلَيها مِن سَقيطِ قُطارِها / جُماناً وَهَت أَسلاكُهُ فَتَفَصَّلا
فَباتَ بِلَيلِ العاشِقينَ مُسَهَّداً / إِلى أَن رَأى صُبحاً أَغَرَّ مُحَجَّلا
فَنَفَّضَ عَن سِربالِهِ لُؤلُؤَ النَدى / وَآيَسَ ذُعراً قَلبُهُ فَتَأَمَّلا
إِذا هَزَّ قِرنَيهِ حَسِبتَ أَساوِداً / سَمَت في مَعاليهِ لِتَحتَلَّ مَقتَلا
كَأَنَّ عُروقَ الدَوحِ مِن تَحتِهِ الثَرى / قُوىً مِن حِبالٍ أُعجِلَت أَن تُفَتَّلا
وَداعٍ دَعا وَاللَيلُ بَيني وَبَينَهُ / فَكُنتُ مَكانَ الظَنِّ مِنهُ وَأَفضَلا
دَعا ماجِداً لا يَعلَمُ الشُحَّ قَلبُهُ / إِذا ما عَراهُ الحَقُّ يَوماً تَهَلَّلا
وَأَعدَدتُ لِلحَربِ العَوانِ مُهَنَّداً / وَأَسمَرَ خَطِّيّاً إِذا هُزَّ أَرفَلا
وَجَيشاً كَرُكنِ الطَودِ رَحباً تَريقُهُ / إِذا ما عَلا حَزناً مِنَ الأَرضِ أَسهَلا
وَجَرّوا إِلَينا الحَربَ حَتّى إِذا غَلَت / وَفارَت رَأوا صَبراً عَلى الحَربِ أَفضَلا
وَعاذوا عِياذاً بِالفِرارِ وَقَبلَهُ / أَضاعوا بِدارِ السِلمِ حِرزاً وَمَعقِلا
بَني عَمِّنا أَيقَظتُمُ الشَرَّ بَينَنا / فَكانَت إِلَيكُم عَدوَةَ الشَرِّ أَعجَلا
فَصَبراً عَلى ما قَد جَرَرتُم فَإِنَّكُم / فَتَحتُم لَنا باباً مِنَ الشَرِّ مُقفَلا
وَما كُنتُ أَخشى أَن تَكونَ سُيوفُنا / تَرُدَّ عَلَينا بَأسَها وَتُقَتِّلا
وَلَمّا أَسَنّوا الضِغنَ تَحتَ صُدورِهِم / حَسَمناهُ عَنّا قَبلَ أَن يَتَكَهَّلا
عَذَلتُ بَني عَمّي وَطابَ بِهُم عَذلي
عَذَلتُ بَني عَمّي وَطابَ بِهُم عَذلي / لَعَلَّهُمُ يَوماً يُفيقونَ مِن جَهلِ
مُعافينَ إِلّا مِن عُقولٍ مَريضَةٍ / وَكَم مِن صَحيحِ الجِسمِ خِلوٍ مِنَ العَقلِ
أَفدي الَّذي أَهدى إِلَيَّ مِظَلَّةً
أَفدي الَّذي أَهدى إِلَيَّ مِظَلَّةً / أَهدَت إِلى قَلبي المَشوقِ بَلابِلا
فَكَأَنَّما هِيَ زَورَقٌ مِن فِضَّةٍ / قَد أَودَعوهُ في اللُجَينِ سَلاسِلا
تَرَحَّل مِنَ الدُنيا بِزادٍ مِنَ التُقى
تَرَحَّل مِنَ الدُنيا بِزادٍ مِنَ التُقى / فَعُمرُكَ أَيّامٌ تُعَدُّ قَلائِلُ
وَدَع عَنكَ ما تَجري بِهِ لُجَجُ الهَوى / إِلى غَمَراتٍ لَيسَ فيهِنَّ عاقِلُ