المجموع : 3
أبى الدهر إلا أن تلمّ نوازلُه
أبى الدهر إلا أن تلمّ نوازلُه / وقلبيَ إلا أن تهيجَ بلابلُه
وجفني إلا أن تصوبَ دموعهُ / وأن لا يرى من فوق خدّي سائله
خليليَ إما كنت خلّي فخلّني / وشوي فقد يروي أخا البث عاذله
أعنّي على قلب تكاثر همّهُ / ودمعٍ همى واستفزر اليوم هالمه
فقد شتّ شمل الدين بعد اجتماعهِ / وربع الندى أضحت خلاءً منازله
ونكّر عرف الكرمات ورنّقت / من الجود بعد الصفونية مذاهله
فقُبحاً لدهر جار في الحكم صرفهُ / وغالت لكيسخرو المليك غوائله
مليك كان الله أعطاه آخراً / من المجد إذ تمّت لديه أوائله
وفضّلهُ بالدين والحلم والحجا / فعمّ الورى من راحتيه فواضله
فتى كانت الآمال تروي بجوده / إذا ظمئَت ألفت به ما تحاوله
فواعجبا منه لدى الحرب إذ غدت / تفرّق أرواح الكماة مناصلُه
وما زال مطعانا لكل سميدعٍ / من القوم حتى اندقّ بالطعن عامله
وخرّ صريعا والرماح تنوشهُ / لدى الروم إذ خانته حقا جحافله
فوا اسفا لو كان ينفعني الأسى / عليه ويا لهفا تدوم نوازلُه
يُبَكّي عليه مجدهُ وعلاءهُ / وتندبهُ أخلاقه وشمائلُه
هو الحزن موقوف على كل بلدة / من الأرض إذ قد شاع في الخلق نائله
فمن للمعالي والمكارم والندى / وللجود أكدت في الأنام وسائله
ومن لحداد المشرفيّة والقنا / وجرر المذاكي بعده من يماثله
فدى شرعة الإسلام حقا بنفسه / لئلّا يُرى تفديه يوما معاقله
فجرّع كاسا للحرام وطالما / سقى الروم كأسا للمنيّة عاجله
ومن لي وقد اصبحت في الناس مملقا / إذا الفقر يوما أعلقتني حبائله
وأنت الذي أعطتيني الألف سرعة / وقد كان دهري أجحفت بي نوازلُه
سقتك الغوادي من جفوني سحابة / إذا لم يجد سح السحاب وهاطلُ
وواعجبا أبقي من الجفن أدمُعا / تروّي ثراه والحيا لا يماثلُه
لقد كان دين اله يذهب أصله / ويصبح حقا مخلقات غلائلُه
ولو لا غياث الدين غازي ين يوسف / وهت قوة الإسلام واندقّ كاهلُه
مليك الورى يغني إذا جئت قاصدا / نداه ويردي في الوغى من يناضله
مليك إذا أمّ العفاة نوالهُ / تجلّلهم أموالهُ وفضائلُه
أعزّ به والصبر الجميل وقاية / من الله تعطى العبد ما هو آمله
ومن راية تستأصل الشمس نورها / ومن جوده يهمي من الغيث وابلُه
أيا ملكا إما قصدت مديحهُ / تعلّمُني جدواه ما أما قائله
لسان المعالي بامتداحك مطلق / وسرّ المعاني بالفصاحة كافلُه
فما عدم الإسلام إذ أنت ربّهُ / حمى لا ولا نصرا وسيفك نائله
ولا خاب ظني من زماني وأنتم / رجايَ وحظّي منك شميت فمايله
رفعت لي القدر الجليل وصنتَني / وأغنيتني بالبذل عمّن أسايلُه
وأوليتني من جود كفّيك ما غدا / جنابي به كالروض طلّت خمائله
فلا برح الإسلام منك مشيّداً / بنصر وسعد دايم لا يزايلُه
فما الناس الا حيث أنت ولا الندى / يرى في الورى إلا وكفّك باذلُه
أيقطعنا في حبّه من نواصلُه
أيقطعنا في حبّه من نواصلُه / ويطنب في عذل عليه عواذلُه
وهل يبعدني من أروم اقترابهُ / ويلغي جوابي في الهوى من أسائله
وليس عجيب أن تشُطّ به النوى / وقد أوضحت منه الدلال دلائله
سرى الطيف من سعدى وقد هدّمت لنا / نواظرُ لمّا اشبه الحقّ باطلُه
أرجّم فيه الظنّ طوراً أضافهُ / وطورا أرجي أن تلمّ شمائله
فاكرم به لو ساعفتنا يد النوى / بوصل غزال ظلت دهرا أغازلُه
ولو لم يشقّ الصبح جيبا عن الدجى / لجلّيت هماما ما تغبّ نوازلُه
وكم للدجى عندي أيادٍ كريمة / وكم نعمة أسدى إلينا تطاوله
وم الصبح إلا كالرقيب إذا وشى / بسرّ الفتى هاجت عليه بلابله
وإني لأخشى هجر من رمت وصله / مليّا وأهوى هجر من لا أواصله
وكم قلت للساعي إلى المجد والعلا / تزحزح قصيّا فالمعمّر نائله
له السورة العلياء منه وإنما / أواخرهُ تزهو به وأوائله
فإن انسكاب الغيث يقصر صوبه / إذا هطلت من راحتيه فواضله
أيدركهُ من راح سعى لمجدهِ / فأنّى وقد عمّ البريّة نائله
أبا طالب لو لم يكن لمحمد / سواك من الآيات تمّت فضائله
إليك انتمى آل النبي وشرّفت / بذكرك من هذا الأنام قبائله
وأنت الذي أوطنت للمجد والعلا / ربوعا وقد أضحت خلاءً منازله
وألبست هذا الدين بردا مفوّفا / من الغرّ إذ رثّت عليه غلائلُه
وأوليتني من جود كفّيك أنعما / فأدركت من دنيايَ ما كنت آملُه
شرحت من الإحسان صدري وظفّرت / يدايَ يودّ كنت دهري أحاوله
وما جاء يبقي جود كفّيك قاصد / يروم الفنى إلا وتمت وسائله
فقل للذي باراه أخطأت إنّه / هو البحر لكن ليس يدرك ساحله
إذا رمت في العلياء رتبة مجده / رجفت بذنب موبقات غوائله
فإن تك ذا مال فإن نواله / ومعروفه لا يدرك الوصف قائله
إليك ابن بنت المصطفى حثحثت بنا / غرائم قلب راح والرد شامله
سأركو زماني إذ رماني بصرفهِ / على مضضٍ أن رحت دهرا أجامله
وكيف بشكوايَ الزوان وقد غدا / بكم جامعا شملى وأنتم أفاضله
ولكنّني أستغفرُ الله جاهدا / إليك فإنّ لجدّ لاحت مخابله
ومن بعد مدحي مجدكم فعليكمُ / سلام كنشر الروض طلّت خمائله
دعوا مقلتي تغفي إذا لم يكن وصل
دعوا مقلتي تغفي إذا لم يكن وصل / فما رقدني حرم ولا سهري حل
وإن لم أكن أهلا لما تسمحون به / من الجود والجدوى فأنتم له أهل
هبوا القلب صبرا إن بخلتم بزورة / فكل كريم لا يليق به البخل
فإني غريم للغرام موله / قتيل رمته منكم الحدق البخل
أيا ساكني أطلال جلق إنني / مدى الدهر لا أنسى هواكم ولا أسلو
منعتم عن العين القريحة فاغتدت / تجود بدمع فيضه أبدا هطل
نوالله لا أنفك من بعد بعدكم / تمرّ حباتي إذ غدت قبلها تحلو
وإني وتذكاري لياليا تصرّمت / بقربكم يعتادني للنوى خبل
بعدت عن الأهلين بعد فراقكم / ومالي بعد في هواكم ولا قبل
وصرت عدوّا وبعد ما كنت صاحبا / محبا وفي حبيكم عزني الأهل
سلام إذا هبّت صبا من جنابكم / ينشره بأن البيرق والأثل
تحيّة مشتاق على بعد داره / يرجي لقاكم وهو بالروح لا يغلو
سلوا هل سلا قلبي هواكم وهل به / سواكم وإن لم يبق قلب ولا عقل
سوى رمق إن دام ذا البعد والنوى / قضى وتولى لا فراق ولا وصل
ايا ساكني باب البريد تعطّفوا / على من به عن كل لذاته شغل
يجن إذا ما جن ليل وأنه / قتيل هوى لا يستقاد له قتل
لحا الله قلبي ما أشد حفاظه / أدام له وصل أم أنصرم الحبل
غدا بين حاليه وقد شطت النوى / وسدّت عليه دون وصلكم السبل
يملّ ثواء أن يدوم له النوى / ويرجو لقاء أن يسجتمع الشمل
وما دون ما أمّلته لقائكم / بلوغ منى يدنو ولا أمل يعلو
سوىي جود إبراهيم والملك الذي / فما فرعه الزاكي وقد كرم الأصل
فتى وعرّت طرق المعالي خلاله / على غيره إذ كل وعر له سهل
يجود إذا ما العام أغير مجدب / ويولي العطايا والحيا ليس ينهلّ
خلائق ما تنفكّ تولي فواضلا / تأثّل منها عنده المجد والفضل
ونفس تعاف العار حتى كأنّه / هو الثكل طعما أو غدا دونه الثكل
تجمع فيه العلم والحلم والتقى / وبذل الندى والخير والدين والعقل
فمن حلمه عفو ومن علمه حجا / ومن خيره بر ومن دينه عدل
ومعروفه جم وإحسانه الغنى / وفي ظله أمن وفي نطقه الفصل
فضائل لا تحصى إذا ريم حصرها / ويعجز من إحصاؤه القطر والرمل
به وضحت طرق المكارم والعلى / فما أن له في الناس شبه ولاشك
قؤول فعول للمكارم والندى / سريع وحسن القول أن يحسن الفعل
فيا أيّها المحمود في كلّ موقف / يرى الموت فيه والمثقف والنصل
شددت عرى ذا الدين منك بعزمة / قليل المنايا من وقائعها جزل
وأنقذت أهليه من الخوف والردى / بوقعاتك اللاتي يشيب لها الطفل
ملأت قلوب المشركين مهاية / بباسك حتى قد تغشاهم الذل
وقدت إليهم كل أروع باسل / له نغثات ليس ينفثها الصل
فما فتحت يوم الكريهة مقلة / لدى الروع إلا والسيفو لها كحل
أيا ملكا أدركت ما أرتجي به / وشرفت حتى لي بهام السها تجل
إذا كنت بي برا رؤوفا فإنما / رؤوس الأعادي ل ولم أرضها نعل
فإن تتخذني في الملمات تلقني / عليما بها إن راح غيري به جهل
خبير بما يأتي به الدهر حاذق / وأنفع ما لا تنفع الخيل والرجل
وأبقى لك المجد الرفيع على المدى / بشعر ستبلى بل ستحدى به البزل
فلا تسمعن عني مقالة كاذب / فما طاب إلا من يطيب له الأصل