أنا الفارغُ المشغولُ والشوق آفتني
أنا الفارغُ المشغولُ والشوق آفتني / فلا تسألوني عن فراغي وعن شغلي
عجبتُ لتَرك الحبّ دنيا خليَّةً / وإعراضهِ عنها وإقبالهِ قُبلي
وما بالُها لمّا كتبتُ تهاونَت / بكُتبي وقد أرسلت فانتهزت رسلي
وقد حلَفَت ألّا تخُطُّ بكَفِّها / إلى قابلٍ خطّاً إليّ ولا تملي
أبُخلاً علينا كلُّ ذا وقطيعةً / قضَيتُ لدُنيا بالقطيعةِ والبُخلِ
سلوا قلبَ دُنيا كيفَ أطلقَهُ الهَوى / فقَد كانَ في غُلٍّ وثيقٍ وفي كبلِ
فإن جحَدَت فاذكُر لها قصرَ معبَدٍ / بمنصف ما بين الأبُلَّةِ والحبلِ
وملعبنا في النهر والماء زاخر / قرينين كالغصنين فرعين في أصل
ومن حولنا الريحان غضا وفوقنا / ظلال من الكرم المعرش والنخل
إذا شئتُ مالت بي إليها كأنّني / إلى غصنِ بانٍ بينَ دعصَينِ من رملِ
لياليَ ألقاني الهوى فاستضفتها / فكانت ثناياها بلا حشمة نُزلي
وكم لَذّّةٍ لي في هواها وشهوة / وركضي إليها راكباً وعلى رجلي
وفي مأتَمِ المهدِيِّ زاحَمتُ ركنَها / برُكني وقد وطّنتُ نفسي على القتلِ
وبتنا على خوفٍ أسَكِّنُ قلبَها / بِيُسرايَ واليُمنى على قائمِ النصلِ
فيا طيبَ طعم العيشِ إذ هيَ جارَةٌ / وغذ نفسُها نفسي وإذ أهلُها أهلي
وإذ هيَ لا تعتَلُّ عنّي برقبَةٍ / ولا خوفِ عينٍ من وشاةٍ ولا بعلِ
فقد عفَتِ الآثارُ بيني وبينَها / وقد أوحشَت منّي إلى دارِها سبلي
ولمّا بلوتُ الحبَ بعد فراقِها / قضَيتُ على أمِّ المحبّينَ بالثكلِ
وأصبَحتُ معزولاً وقد كنتُ والياً / وشتّانَ ما بينَ الولايةِ والعَزلِ