القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ هانِئ الأَندَلُسِي الكل
المجموع : 4
وأبْيَضَ من ماءِ الحديدِ كأنّمَا
وأبْيَضَ من ماءِ الحديدِ كأنّمَا / يبِيتُ عليه من خشونَتِهِ طَلُّ
ألا ثَكَلَتْ أُمُّ امرىءٍ هو بَزُّهُ / إذا لم يُفارِقْ عِزَّ أيّامِهِ الذُّلُّ
هُنالِكَ عَهْدي بالخليطِ المُزايلِ
هُنالِكَ عَهْدي بالخليطِ المُزايلِ / وفي ذلكَ الوادي أُصيبَتْ مَقاتلي
فلا مِثْلَ أيّامٍ لَنا ذَهَبِيّةٍ / قصيرةِ أعْمارِ البَقاءِ قلائلِ
إذِ الشَّمْلُ مجموعٌ بمنزِلِ غِبْطَةٍ / ودارِ أمَانٍ من صُرُوفِ الغَوائل
لَياليَ لم تأتِ اللّيالي مَساءتي / ولم تَقْتسِمْ دَمعْي رُسومُ المنازل
وأسْماءُ لم يَبْعُدْ لِهَجرٍ مَزارُهَا / ولم تتقَطّعْ باقِياتُ الرّسائل
ألا طرَقتْ تَسري بأنفاسِ رَوْضَةٍ / وأعْطافِ مَيّاسٍ من البانِ ذائل
فيا لكَ وَحْشِيّاً من العِينِ شارِداً / أُتِيحَ لإنْسيٍّ ضَعيفِ الحبائل
أأسْماءُ ما عهْدي ولا عهدُ عاهِدٍ / بخِدرِكِ يسري في الفيافي المَجاهل
فإنّكِ ما تَدرينَ أيَّ تَنائِفٍ / قطعْتُ بمكحولِ المدامعِ خاذل
تأوَّبَ مُرخَاةً عليه سُتُورُهُ / هُدُوءاً وقد نَامتْ عيونُ العَواذل
وإنّي إذا يَسْري إليَّ لَخائِفٌ / عليه حِبالاتِ العيونِ الحوائل
أغارُ عليْهِ أن يُجاذبَهُ الصِّبَا / فُضُولَ بُرُودٍ أو ذُيولَ غلائل
وقد شاقني إيماضُ بْرقٍ بذي الغَضى / كما حُرِّكتْ في الشمس بيض المناصل
إذا لم يَهِجْ شوْقي خَيالٌ مُؤرِّقٌ / تَطَلّعَ من أُفقِ البُدورِ الأوافِل
وما النّاسُ إلاّ ظاعِنٌ ومودِّعٌ / وثاوٍ قريح الجفنِ يبكي لراحل
فهل هذه الأيّامُ إلاّ كما خَلا / وهل نحنُ إلاّ كالقُرُونِ الأوائل
نُساقُ من الدّنيا إلى غيرِ دائِمٍ / ونبكي من الدنيا على غيرِ طائل
فما عاجِلٌ نَرْجوهُ إلاّ كآجِلٍ / ولا آجِلٌ نخشاه إلاّ كعاجلِ
فلو أوطَأتْني الشمسَ نعْلاً وتوَّجتْ / عِبِدّايَ تِيجانَ المُلوكِ العباهِل
ولو خُلِّدَتْ لم أقضِ منْها لُبانَةً / وكيْفَ ولم تَخْلُدْ لبكرِ بن وائل
لقوْمٍ نَمَوْا مثْلَ الأميرِ محمّدٍ / ففاؤوا كما فاءتْ شموسُ الأصائل
وإنّ بهِ منهمْ لكُفْواً ومَقْنَعاً / ولكنّنا نأسى لِفَقْدِ المَقاوِل
إذا نحنُ لم نَجْزَعْ لمن كان قبلَنا / لَهَوْنَا عن الأيّام لَهْوَ العقائل
ولكن إذا ما دامَ مثلُ محمّدٍ / ففي طَيِّ ثَوْبَيْهِ جميعُ القبائل
تَسَلَّ به عّمنْ سواه ومثلُهُ / يُريكَ أباه في صُدورِ المحافل
وإنّ مُلُوكاً أنْجَبَتْ ليَ مِثْلَهُ / أحَقُّ بني الدنْيا بتأبينِ عاقل
هُمُ أورَثوهُ المجدَ لا مجدَ غيرُهُ / وهم خيرُ حافٍ في البلاد وناعل
لهم من مَساعِيهِمْ دُرُوعٌ حصِينَةٌ / تُوَقّيهِمُ من كلِّ قوْلٍ وقائل
وهم يتَّقُونَ الذَّمَّ حتى كأنّهُ / ذُعافُ الأفاعي في شِفارِ المناصل
وحُقَّ لهمْ أن يَتّقوهُ فلمْ تَكُنْ / تُصابُ بهِ الأعراضُ دونَ المَقاتل
أُولئك مَن لا يُحسِنُ الجودَ غيرُهم / ولا الطَّعنَ شَزراً بالرِّماح الذوابل
فلم يَدْرِ إلاّ اللّهُ ما خُلِقُوا لهُ / ولا ما أثاروا من كُنوزِ الفضائل
شبيهٌ بأعلامِ النُّبوَّةِ ما أرى / لهم في النَّدى من مُعجزاتِ الشَّمائل
أُجِلُّكَ عَزَّ اللّهُ ذكْرَكَ فارساً / إذا صُرَّ آذانُ الجِيادِ الصَّواهِل
وما لسيوفِ الهندِ دونَكَ بَسْطَةٌ / ولو زِيدَ فِيه مثلُ ذَرع الحَمائل
تُرَشِّفُها في السّلْمِ ماءَ جُفونِها / فتَجزَأُ عن ماء الطُّلى والبآدل
وتَقلِسُ مِنْ رِيٍّ إذا ما أمَرْتَها / بتَصْديعِ هاماتٍ وفَتْقِ أباجل
فلا تَتَبعِ الحُسّادَ منكَ مَلامَةٌ / فما شَرَفُ الحُسّادِ منكَ بِباطل
وكم قد رأينَا من مَسولٍ وسائِلٍ / قديماً ومن مَفضُولِ قومٍ وفاضل
فكُلُّهُمُ يَفْديكَ من مُتَهلِّلٍ / إلى المُجتَدي العافي وأربَدَ باسل
تَقيكَ دِماءُ القِرْنِ من مُتَخَمِّطٍ / على القِرنِ مشبوحِ اليدين حُلاحِل
ضَمِينٌ بلَفِّ الصّفِّ بالصّفِّ كلما / تَبَاعدَ ما بينَ الكلى والعوامل
تُؤنِّسُهُ الهَيجا ويُطرِبُ سَمعَهُ / صريرُ العَوالي في صُدورِ الجَحافل
هو التّاركُ الثغْرَ القَصِيَّ دُروبُهُ / مَقَرّاً لفُسطاطٍ وداراً لنازل
فعارِضُهُ الأهْمَى لأوّلِ شائِمٍ / ودِرَّتُهُ الأولى لأوّلِ سائل
تَجودُكَ مِن يُمنْاهُ خمسةُ أبحُرٍ / تفيضُ دِهاقاً وهي خمسُ أنامل
عَطاءٌ بِلا مَنٍّ يُكَدِّرُ صَفْوَهُ / فليسَ بمنّانٍ وليسَ بباخل
تَرَى الملِكَ المخدومَ في زِيّ خادمٍ / حَوالَيْهِ والمأمولَ في ثوبِ آمل
كأنّا بنوه أهلُهُ وعَشِيرُهُ / يُرَشِّحُنَا بالمَأثُراتِ الجلائل
يُطيفُ بطَلق الوجهِ للعُرْفِ قائلٍ / وبالعُرْفِ أمّارٍ وللُعرْفِ فاعل
بمبسوط كفِّ الجودِ للرّزقِ قاسِمٍ / ومسلولِ سيْفِ النصرِ للدين شامل
فتىً كلُّ سعيٍ من مساعيهِ قِبلةٌ / يُصَلّي إليها كلُّ مجْدٍ ونائل
وفي كُلّ يوْمٍ فِيهِ للشّعرِ مَذهَبٌ / على أنّهُ لم يُبْقِ قَوْلاً لِقائل
هو السيفُ سيف الصِّدق أمّا غِرارُهُ
هو السيفُ سيف الصِّدق أمّا غِرارُهُ / فَعَضْبٌ وأمّا مَتْنُهُ فَصَقِيل
يَشيعُ لهُ الإفْرِنْدُ دَمعاً كأنّمَا / تذكّرَ يومَ الطَّفِّ فهو يَسيل
بأكثبة الدهناء منهم منازل
بأكثبة الدهناء منهم منازل / وأندية يغدو عليها المقاول
تنافس أيّام المكارم بينها / بألسنة يهتزّ منها مناصل
ندامى الندى والخمر تسعى عليهمُ / بأزلامهم لُعس الشفاه عقائل
وفي الحيّ بيضاء التراقي كأنّها / صفيحة هنديّ جلاها الصياقل
تميمية لم يعرف الذلّ قومُها / ولا نكباتِ الدهر وهي غوائل
وفي قضُب الخطّي يهتزّ حولها / مَشابهُ من أعطافها وشواكل
أبيت لها في مثل هميّ وشعرِها / من الليل أسري والمطايا ذوامِلُ
ومن حبّها أني أكتِّم حبها / وأنّي بها صبٌّ كأنّيَ ذاهل
أُداري الهوى عنها وأخضع للعدى / وأخشى عليها ما تجرّ الغوائل
وقد جعلت تبأى علينا بقومها / وفي وجهها شغل عن الفخر شاغل
فقلت لها صه يا ابنة القيل إننا / بنو المجد نرمي دونه ونناضل
وإنا لمن قوم همُ ورثوا العلى / على حين لم تخلق تميمٌ ووائلُ
ألم تر أن الناس في كلّ موطن / تحلّ حلول الموت فيها الصّواهل
إذا ما كميٌّ لم يجد طرقَ دِرعه / ولم يدر يومَ السيف أين الحمائل
وإنا لنعظي يعرباً حقّ يعرب / وإنا سوانا من سواها الأباطل
وهبنا تركنا أن نعدّد ما خلا / وسارت به منّا القرون الأوائل
أليس لنا في عصرنا من ملوكنا / من الفخر ما نعلو به ونطاول
لنا مثل يحيى والبريّة كلّها / له خول حتى الملوك العباهل
فتى لو ترى الأنواء في الجود رأيه / لما انجاب غيمٌ عن قرى الأرض هاطل
ولو صالت الأسدُ الغضاب مصالَهُ / لما امتنعت منها الجيوش الجحافل
ولو فصل الله الحكومةَ فصلَه / لما اختلفت بالمشكلات الأقاول
ولو علم الناس الخفيّات مثله / لما كان في الأرض العريضة جاهل
به نصرةُ الأحساب إن قام داغِلٌ / يفاخره أو ذو لسان يجادل
فلو لم يكن في مفخر غيرُ حبّه / كفاني إذا التفّت عليّ المحافل
وإنّي له من أسعد الناس كلهم / لئن لم تحاربني عليه القبائل
ستنظم لي فيه نزارٌ مكايدا / ويحسدني عاف عليه ونائل
إذا كنتَ مدّاحَ الملوك فمثله / وإلا فلم تلهج بما أنت قائل
فما الصدق كل الصدق إلا مديحه / وإلا فإن القولَ إفكٌ وباطل
ولا الناس في كنه الحقيقة غيرُه / ولا بعده إلا السوام القلائل
فمن كان منهم عاجزا فهو قادر / ومن كان منهم ناقصا فهو كامل
فلا جالت الفرسانُ إلا لنصره / ولا حملتها المقرباتُ الصواهل
ولا قلّبت تلك السلاح أكفُّها / ولا وصلت تلك الأكفَّ الأنامل
ألا إنما أنت الحياة لعاقل / وإلا فما للعيش بعدك طائل
وكل مليك غيرك اليومَ سُوقةٌ / وكل جواد غيرَك اليوم باخل
لقد جمع اللَه العلى لك كلها / وتمت لعصر أنت فيه الفضائل
وأدرك راج منك ما هو طالب / وأعطيَ دهرٌ منك ما هو آمل
ودارت رحى الهيجا عليك بأسرها / ولاذت بحقويك القنا والقنابل
فتضربهم ما دام للسيف قائم / وتطعنهم ما دام للرمح عامل
كأنك تعتد الوشيج حدائقا / مفوفة تستنُّ فيها جداول
أو الخمر صرفا ما يمجّ لك الطلى / أو المسكَ ما تسفي عليك القساطل
وأنت ربيع الناس والجيش نازل / وأنت قريع الجيش والجيش راحل
فلا حيةٌ إلا لها منك قاتل / ولا أسدٌ إلا له منك آكل
لقد دام من والاك في ظل غبطة / وأمُّ الذي يشقى بسُخطك هابل
وما لامرئٍ من خوف بأسك مهرب / ولكنما الدنيا عليه حبائل
رضاك رضى الدنيا إذا هي أقبلت / وسخطك سخط الدهر والدهر غائل
وحربك حربٌ ليس يصلى بنارها / وأمرك أمر للفرائض هائل
نظرت فما للملك غيرك حازم / لبيب ولا في الناس غيرَك عاقل
ولا في بلاد الله غيرك معقل / لحر إذا ما قيل أين المعاقل
وأقسم ما في غير نفسك منة / لمجد ولا في طبع غيرك نائل
بهذا ألاقي الله يوم لقائه / وهذا هو الحق الذي أنا قائل
وإن كنت قد حسنت ظني بالورى / وغير الورى من حسن ما أنت فاعل
تريع ولم يعطفك غيرك عاطف / وتعطي ولم يسألك غيرك سائل
وما يبتغي العافي لديك وسيلة / إذا ابتغيت عند الملوك الوسائل
شهدت ولم أكتمكها من شهادة / بأنك للدنيا وللدين كافل
وأنك أوفى العالمين بذمة / وأطولهم باعا إلى ما تحول
وأسمحهم كفا إذا جاد جائد / واربطهم جأشا إذا صال صائل
فما للواء الدين غيرك رافع / ولا لقناة الدين غيرَك حامل
ولا بارق من غير بشرك لامع / ولا عارض من غير كفّك هامل
فمن كان مسبوقا فإنك سابق / ومن كان مفضولا فإنك فاضل
إذا طلب الجهالُ يوما دلائلا / على الشمس لم تُطلب عليك دلائل

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025