المجموع : 50
أتَرْضى بأنَّ النخلَ أصبح لم يحُلْ
أتَرْضى بأنَّ النخلَ أصبح لم يحُلْ / وقد حال ما عَوَّدْتَنِيهِ من البذلِ
أبى اللَّهُ أن ترضى بتلك خليقةً / لأنك أولى بالوفاءِ من النخلِ
كأنّ له في الجوِّ حبلاً يبوعُهُ
كأنّ له في الجوِّ حبلاً يبوعُهُ / إذا ما انقضى حبلٌ أُتيح له حَبْلُ
يعانقُ أنفاسَ الرياح مودّعاً / وداعَ رحيلٍ لا يُحَطّ له رحْلُ
تذكَّرْتُ ما سخَّى بنفسيَ عنكُمُ
تذكَّرْتُ ما سخَّى بنفسيَ عنكُمُ / فلم أرهُ مالاً ولم أره أهْلا
بلى خطراتٌ مِن طويلة كلّما / خطرْنَ وجدْتُ الوعْر من بعدِكُم سهلا
إذا مُثّلتْ لي لحية الليفِ خطرةً / سلوتكمُ كرهاً وإن كنتُ لا أسلا
وما خِلتُ نفسي تقتضيني لقاءَكم / فأمنحها لولا شناءتُه المطلا
أرى قربكم عِدلَ الحياة وروحَها / ويعدل عندي قُربه الموت والقتلا
وكيف تلذُّ العينُ وجهَ حبيبها / وفيها قذاة لا تزال لها كُحلا
خذوا بإباقي لحيةَ الليفِ أو خُذُوا / بتشريده عني معزّمكم فضلا
لئنْ كان للصبيان أُمٌّ دميمةٌ / تُخَنّقُهم صَرعاً وتُوسِعهم خبلا
فإن أخانا لحية الليفِ بعلُها / ألا قبَّح اللَّه الحليلة والبعلا
إذا المرءُ لم يُظهر لطالبِ رِفدِهِ
إذا المرءُ لم يُظهر لطالبِ رِفدِهِ / عُبوساً ولا بِشْراً فليْسَ بطائلِ
وذاك امرؤ لا باخلٌ همَّ بالندى / فسِيءَ ولا سمْحٌ فسُرَّ بسائِلِ
أقاسمُ يا من لم يزلْ ذا نقيبةٍ
أقاسمُ يا من لم يزلْ ذا نقيبةٍ / بجدٍّ وحدٍّ منه غير كليلِ
أتيتك مشتطّاً عليك مثقِّلاً / لأنك حمَّالٌ لكلّ ثقيلِ
ولي حاجةٌ في أن تُنيل وأن ترى / مكاني بلا منٍّ مكان مَنيلِ
وفي أن يكونَ النَّيلُ نيلاً معجَّلاً / كثيراً تراه لي أقل قليل
وأن تتلقاني مُجلّاً مُصانِعاً / كما صانعَ الجانِي وليَّ قتيلِ
وأن تتولّاني إذا اعتلَّ مذهبي / برفق طبيب مُحْسِنٍ بعليلِ
وفي أنْ إذا أطرقتُ إطراقَ خادمٍ / طفِقتَ تراعيني بعينِ خليلِ
وفي أن تمدّ الظلَّ لي وتديمَه / فما ظِلُّ خيرٍ زائلٍ بظليلِ
وفي هذه كلُّ اشتطاطِ وإنها / لتعظُمُ إلا عندَ كلّ جليل
وفي أنني قدرتُ فيك احتمالها / شفيعٌ وجيهٌ عند كلّ نبيل
وما برحتْ نفسي تنقّي ثمارَها / وتعطيكُها إعطاءَ غيرِ بخيل
وتحتقرُ الحظَّ الجزيلَ تقيسُه / بقدْرِك يا وهّابَ كلّ جزيل
ألم ترَ أنّي إذْ تضاءلَ سائلٌ / تضاؤلَ مقموعِ الرجاءِ ذليل
سموْتُ بنفسٍ لم تضاءلْ مخافةً / لتفعلَ بي أفعالَ غيرِ ضئيل
وطال مقالي في احتكامي وربّما / رأيتُ طويلَ القولِ غيرَ طويلِ
ومالي عديلٌ في اشتراطي شرائطي / وإنك لَلغادي بغيرِ عديلِ
فإن يكُ من آبائك الخيرُ سنةً / فمثلك من لم يعدُها لسبيلِ
وإلا فكنْ لي أوَّلاً في استنانِها / فما زلتَ مهدِيّاً بغيرِ دليل
رفعْتُك فوق الفاعلين بسومِها / فلا ترضَ مما دونها ببديلِ
لكيما يقولُ اللَّه والحقُّ والهوى / جميلٌ تقصّى فعلَ كلّ جميلِ
وما أنا فيما رمْتُه بمفنَّدٍ / وما أنا فيما قلْتُه بمُحيلِ
وكيف اقتصادِي في سؤاليكَ بعدما / أفضتَ من الخيراتِ كلَّ سبيلِ
تلقَّيتَ أبوابَ السماءِ بغرَّةٍ
تلقَّيتَ أبوابَ السماءِ بغرَّةٍ / مُسوَّمةٍ فاستقبلتكَ تهلِّلُ
وكفٍّ معاذَ اللَّهِ من بخلِ مثلها / أترفعُ للسُّقيا فتُسقى وتبخلُ
بني هاشم ما لي أراكم كأنَّكم
بني هاشم ما لي أراكم كأنَّكم / تجورون أحياناً وأنتم أُولو عدلِ
كما لو هجاكُمْ شاعرٌ حلَّ قَتْلُهُ / كذاك فأوفوا مدْحَه دِيَةَ القتلِ
تخذتكُمُ دِرعاً وتُرساً لتدفعوا
تخذتكُمُ دِرعاً وتُرساً لتدفعوا / نِبَاَل العدا عنِّي فكنتُمْ نصالَها
وقد كنتُ أرجو منكُم خيرَ ناصرٍ / على حينِ خذلان اليمين شِمالَها
فإنْ أنتُمُ لم تحفظوا لمودّتي / ذِماماً فكونوا لا عليها ولا لَها
قفوا موقفَ المعذورِ عنّي بمعزلٍ / وخلّوا نبالي والعِدا ونبالَها
فكم مِن أعادٍ قد نصلْتُ رُماتَها / وكم من رجالٍ ما استَبَنتُ اعتزالَها
وما أوْحشتْني وِحدةٌ معْ مذلَّةٍ / إذا الحربُ صفَّتْ خيلَها ورجالَها
هي النفسُ إمّا أن تعيشَ بغبطةٍ / وإلا فغنمٌ أن تزولَ زوالَها
عفاءٌ على ذكرِ الحياةِ إذا حمتْ / على المرءِ إلا رنْقها وسِمالَها
خليليّ قد علَّلتمانيَ بالأسى
خليليّ قد علَّلتمانيَ بالأسى / فأنعمتُما لو أنني أتعلَّلُ
أللناسُ آثاري وإلا فما الأُسى / وعيشِكما إلا ضلالٌ مضلّلُ
وما راحةُ المرزوءِ في زرءِ غيره / أيحمل عنه بعضَ ما يتحمَّلُ
كلا حامِلَيْ أوْقِ الرزيئةِ مُثقلٌ / وليس مُعيناً مثقلَ الظهر مُثقلُ
وضربٌ من الظلم الخفيّ مكانُهُ / تَعزّيك بالمرزوءِ حين تأمَّلُ
لأنك يأسُوكَ الذي هو كَلمُهُ / بلا جُرمٍ لو أن جورَكَ يعدلُ
وما راحةُ المرزوءِ في رُزءِ غيره
وما راحةُ المرزوءِ في رُزءِ غيره / أمُشرِكُهُ في حمل ما قد تحملا
كِلا حاملي أوقِ الرزيةِ مثقلٌ / وليس مُعيناً مثقلُ الظهر مُثقلا
حذارِ عُرامي أو نظارِ فإنما
حذارِ عُرامي أو نظارِ فإنما / يُظلكُمُ قَطعٌ من الرّجز مُرسلُ
ولا تحسبنَّ الصلحَ أنصلَ آلتي / ولا أنني في هُدنةِ العلم أغفلُ
ولكنني مستجمعُ الحلم مُغبرٌ / أُفَوّقُ نبلي تارة وأنصِّلُ
فإن هاجتِ الهيجاءُ أو عادَ عودُها / على بدئها لم يُلقَ منِّيَ أعزلُ
ولي بعد إعطائي الوثيقةَ حقَّها / بدائِهُ لا يخذُلنَني حينَ أعجلُ
تلافي بيَ الشأوَ المُغرّب وادعاً / وتَسبقُ بي ما قدَّمَ المتمهلُ
تفرَّستُ في الشّطرنج حتى عرفتها
تفرَّستُ في الشّطرنج حتى عرفتها / فإن صحَّ رأيي فهي بالوعةُ العقلِ
إليها يُغيضُ العقلُ ما شابَ صفوه / من الهَذياناتِ الشنيعةِ والهَزلِ
وما ذاك في الشطرنج عيباً لأنه / عناءٌ عظيمٌ إن جنحْنا إلى العدلِ
أليس عناءً أنها آلةُ الفتى / لتصفية العقل المشوبِ من الجهلِ
بلى إن ترويقَ الشرابِ من القذى / لنفعٌ وتخليصُ الخيار من الرذلِ
أرى لعبةَ الشطرنج إنْ هي حُصّلَتْ
أرى لعبةَ الشطرنج إنْ هي حُصّلَتْ / أحقُّ أمورِ الناسِ ألّا يُحصَّلا
تعلَّةُ بوَّابيْن جاعا وأرْملا / ببابٍ قليلٍ خيرهُ فتَعلّلا
غدوْنا إلى ميمونَ نطلبُ حاجةً
غدوْنا إلى ميمونَ نطلبُ حاجةً / فأوسعَنا منعاً وجيزاً بلا مطلِ
وقد يعدُ المرءُ البخيلُ كراهةً / ألاءً رجاءً أن يُعانَ على البذْلِ
وقال اعذروني إن بُخْلي جِبِلَّةٌ / وإنّ يدي مخلوقةٌ خلقةَ القُفلِ
طبيعةُ بُخْلٍ أكَّدتْها خليقةٌ / تخلَّقْتُها خوفَ احتياجي إلى مثلي
فألقى إلينا عِذرةً لا نردُّها / وكان مُلقّىً حجةَ اللؤمِ والبخل
ومولىً يجرُّ الشرَّ لي غيرَ مؤْتَلِ
ومولىً يجرُّ الشرَّ لي غيرَ مؤْتَلِ / ويجني فيمضي وهْو عني بمعزلِ
إذا كانَ زنداً كنتُ مِسعارَ نارِهِ / وكم قادحٍ ناراً لآخَر مُصطلي
ولما رأيتُ القيلَ ينبو شنيعُه
ولما رأيتُ القيلَ ينبو شنيعُه / عن السمع لم أعدم لطافَ المحايلِ
فصدَّرْتُ أعجازَ الهجاءِ مناسباً / تحُطُّ الوعولَ من رؤوس المعاقل
ليخرقْنَ أسداد المسامِع قبْله / فينْغلَّ في أزرار تلك الغلائل
طرفتُ عيونَ الغانيات وربما
طرفتُ عيونَ الغانيات وربما / أمالتْ إليَّ الطَّرفَ كُلّ مميلِ
وما شبتُ إلا شيبةً غير أنه / قليلُ قذاةِ العينِ غيرُ قليلِ
إذا أنتَ أزمعتَ الصنيعةَ مرَّةً
إذا أنتَ أزمعتَ الصنيعةَ مرَّةً / فلا تعتصرْ ماء الصنيعة بالمطْلِ
ولا تخلطِ الحسنَى بسوءٍ فإنه / يجشّمُنا أن نخلطَ الشكر بالعذلِ
أترضَى بأن تُكنى بسهلٍ وأن تُرى / وما مطلبُ الحاجات عندَك بالسهلِ
أنِفْتُ لعشاقِ المكارمِ أن تُرى / مواعيدُهم مثلَ البوارق في المَحْلِ
ولا سيّما بعدَ المشيبِ وبعدَما / أراهم هدى منهاجِهم سُرجُ العقلِ
تعلَّمْ أبا سهلٍ بأنيَ عالمٌ / على علمِ ذي علمٍ بعلمي وذي جَهْلِ
وأني أرى حسنَ الأمورِ وقبحَها / بألوى من الآراء مستحكم الجدْلِ
وممّا أرى أنَّ النوالَ إذا أتى / على الكرهِ كان المنعُ خيراً من البذلِ
ولِمْ لا وقد ألجأتَ ملتمِسَ الجدا / إلى الطلب المذموم والخُلْق والوَغلِ
وأعطيته المنزور بعد مطاله / فخَسَّستَ منه وانتسبتَ إلى الفَضلِ
أرى الجزل من نيل الرجالِ هنيؤُهُ / وما نائلٌ جزلٌ مع المطلِ بالجزلِ
وها إنني من بعدها متمثّلٌ / بوَفْقٍ من الأمثال في منطقٍ فصلِ
مطلتَ مطال النخل فاثبتْ ثباتَهُ / وأجنِ جَناه أو فدعْ نكدَ النخْلِ
ولا يكُ ما تُجديه كالبقل خِسَّةً / وكالنخل تأخيراً فما ذاك بالعَدْل
بررْتُك بالهجرانِ لمّا رأيتَني
بررْتُك بالهجرانِ لمّا رأيتَني / على حسْبِ ما تُبدي أعُقُّك بالوصْلِ
ولستُ أبالي كيف كانت فروعُنا / إذا نحنُ كنا في الإخاء على أصلِ
وإني وإنْ لم تأتني وحجبتَني / لأَعتدُّك النصلَ المُبرَّ على النصلِ
نَصرتَ بظهر الغيب غيبي وحُطتني / وقمت بعُذْري قاطعاً فيه بالفصلِ
فلا زِلتَ مستورَ المقاتلِ تعتلي / وتحظى على الخَصْم المناضل بالخَصْلِ
أبا الصقرِ قد أصبحتَ في ظلّ نعمةٍ
أبا الصقرِ قد أصبحتَ في ظلّ نعمةٍ / إليها انتهى تأميلُ كُلّ مؤمّلِ
فدونَك ظلُّ المستديمِ لظلِّها / وإنْ كنتَ فيه دائباً غيرَ مُؤتلي
وما دعَمَ الأقوامُ ظُلَّةَ نَعمةٍ / بمثلِ مُحقٍّ تحتها متظلّلِ