المجموع : 3
لقد حرمت سلمى عليك خيالها
لقد حرمت سلمى عليك خيالها / فلم تتوقع بعد ذاك وصالها
فمن كل عن أمر وحاول فوقه / فقد رام من بين الأمور محالها
ومن لم ينل داني السحاب فضلة / إذا رام من شهب السماء هلالها
وهاجرة والشيب علةٌ هجرها / وتلك لديها عثره لن تقالها
لقد كان يدنيها إليك مودةٌ / فتأمن فيه هجرها وملالها
سواد قذالٍ كان في العين أثمدا / فسرعان ما ولى وأبقى القذا لها
وهب أنها من فعلها الهجر والجفا / هل النوم من عينيك جاري فعالها
ليالي طالت بالصدود قصارها / وقد قصرت الوصل القديم طوالها
في الغيد إن دام الشباب يداً وإن / أزيل فلا تأمن هناك زوالها
يعذبن قلبي والشباب شفيعه / فكيف وساعي الشيب فيه سعى لها
لقد كن في ليل الشباب كواكباً / فلما بدا صبح المشيب أزالها
وما الشيب إلا مثل نار ضياؤها / بفودك والأحشاء تصلي اشتعالها
وإن سراج العيش حان انطفاؤها / فقد أشعلت نار المشيب ذبالها
وكل بعيدٍ للحياة مقرب / إذا ما حدت فيه الليالي جمالها
ألا هبةً للنفس من سنة الهوى / إلى رتبة من حارب النوم نالها
فلو لم تنم أجفان عمرو بن كاهل / لما نالت النمران منه منالها
فلمها على سوء الفعال ابتداؤها / لتختم في حسن المقال فعالها
إذا النفس لم تختم عواقب فعلها / بمدح بني الهادي أطالت ضلالها
ولم يبتكر فيه المعاني وإنما / تكرر في القرآن ما اللَه قالها
أعزاء إلا أنها لضيوفها / تذل فتنسى النازلين ارتحالها
أنالت بني الآمال فوق مرامها / وما كدرت بالمن يوماً نوالها
فلم تكن الدنيا لها غير دارها / وما كان خلق اللَه إلا عيالها
إذا جاءت الوفاد تسأل رفدها / كفتها تبعجيل الهبات سؤالها
وقد علمت أقارنها ولظى الوغى / تشب إلى أم السماء اشتعالها
إذا ما دعت يوماً نزال تبادرت / إليها كماة لا تطيق نزالها
محطمةً أرماحها في صدورها / ومغمدة بالهام منها نصالها
سرت بعميد لا تغص جفونه / على الضيم أو تلعو الصعيد جبالها
أخي هبوات حجب الشمس ليلها / وأبدى من البيض الصفاح مثالها
وذي غزواتٍ تملأ السمع صيحةً / وتخرس ذعراً من أراد مقالها
بوادره مرهوبةٌ وحروبه / وتقاسي ملوك الأرض منها عضالها
سما فاستغاثت فيه ملة جسده / وهل تستغيث الناس إلا ثمالها
غداة أحل الظالمون حرامها / كما حرموا منها عناداً حلالها
فسار بظل السمهرية فوقها / من الطير ما أضحى العجاج ظلالها
إلى أن أتى أرض العراقين هادياً / أناسٌ أبت في الدين إلا ضلالها
فسدت عليه السبل من كف حيدرٍ / أطاحت برغم الأنف منها سبالها
وأهل قلوب قد شجتها معاشرٌ / عليها لدى بدر القليب أهالها
كفاها افتضاحاً حيث قامت تسومه / دماءاً بسيف اللَه قدماً أسالها
كأني به والصحب صرعى كأنها / ضراغمة غول المنية غالها
يكافح والهيجاء تغلي بخطبها / مراجلها فرسانها ورجالها
يريك إذا ما أومض السيف في الوغى / وقد أخذت منه الدماء انهمالها
وميض حسامٍ في سحاب عجاجةٍ / وقطر دماءٍ لا تجف انهطالها
وما أشغلت منه الحفاظ نقيبة / أطالت بحفظ الكائنات اشتعالها
إلى أن جرى حكم المشيئة بالذي / جرى وعروش الدين قسراً أمالها
وقوض بالصبر الجميل فتى به / فقدن حسان المكرمات جمالها
لك اللَه مقتولاً بقتلى لك الهدى / أباح قديماً قتلها وقتالها
فليت رماحاً شجرتك صدورها / تلقيت في أحشاء صدري طوالها
وليت قسياً قد رمتك سهامها / يقاسي فؤادي في فداك نبالها
وبيض صفاح صافحتك فليتني / وقيتكها في صفحتي صقالها
وأعظم ما يرمي القلوب بمحرق / وتهمي له سحب الجفون سحالها
عقائلكم تسري بهن إلى العدى / نجائب إنساها المسير عقالها
وزينب تدعو والشجى ملؤ صدرها / بمن ملأت صدر الفضاء نوالها
أيا إخوتي لا أبعد اللَه منكم / وجوهاً تود الشهب تمسي مثالها
نشدتكم هل ترجعون لحيكم / فتحي عفاة أتلف الدهر حالها
نشدتكم هل تركزون رماحكم / بدار لها الوفاد شدت رحالها
وهل اسمعن تصهال خيلكم التي / يود بأن يمسي الهلال نعالها
وهل أنظر البض المحلاة بالدما / تقلدتموها وانتضيتم نصالها
فيا ليت شعري هل ابيتن ليلةً / ببحبوحةٍ تحمي وأنتم حمى لها
وتمسي دياري مثل ما قد عهدتها / ملاذ دخيل ظل يأوي حجالها
فنيتم ولم تبلغ كهول قبيلكم / مشيباً ولا الشبان تلقى اكتهالها
هبو أنكم قاتلتم فقلتم / فما ذنب أطفالٍ تقاسي نبالها
رجالهم صرعى وأسرى نساؤهم / وأطفالهم في الأسر تشكو حبالها
فما لقصى أحجمت عن عداتها / مذ استقصت الأوتار منها فما لها
وألوية الأشراف آل لويها / لوتها الأعادي بعد ما اللَه شالها
ووإن قناة الفخر من فهرر قصدت / ولم تلق من بعد الحسين اعتدالها
ومدركةً تدري عشية أدركت / مناها العدى منها ونالت منالها
بنفسي قوماً زايلتني فلم أزل / أرى كل آنٍ نصب عيني خيالها
وكيف انثنت مقطوعةً وصلاتها / ولم تر إلا بالنبي اتصالها
تعل القنا منهم وتنتهل الضبا / وتغدو دماها علها وانتهالها
مصائب لا نسطيع يوماً سماعها / فواعجباً كيف استطعنا مقالها
فيا من عليهم تجعل الناس في غدٍ / وفي اليوم من بعد الإله اتكالها
زففت إليكم من حجال بديهتي / عروس نظامٍ دان أهل الحجى لها
فإن قبلت هانت عظائم عثرتي / وأيقنت أن اللَه فيها أقالها
فما ضر ديواني سواد طروسه / إذا لقيت في الحشر منكم صقالها
وما ضر ميزاني ثقال جرائمي / إذا كنت فيها مستخفاً ثقالها
ولا أختشي هولاً وإن كنت طالحاً / إذا قيل يوم الحشر صالح قالها
كفى الدهر ذلاً حين غالت غوائله
كفى الدهر ذلاً حين غالت غوائله / خباً ما رأت شهب السماء عقائله
وقاح فما أدري أهل كان عالماً / بأعظم ما قد جاء أم هو جاهله
تخطى إلى خدر ولو كان عاقلاً / رأى من ندى أهليه ما هو عاقله
وأسلم منه للمنايا كريمةً / ببيت كرام ما رأى الضيم نازله
دفينة خدرٍ لم يزد في حجابها / ثرى القبر مذ هيلت عليها جنادله
محجبةً لم يطرق السمع صوتها / ولا شخصها يومها تراءت شمائله
ولا أنقص التأنيث في الدهر فضلها / وعنها يعزى واحد الدهر فاضله
يعزى أبو المهدي عنها ومن غدت / أواخره ممدوحةً وأوائله
فتى أوقف الحوبا على النسك والتقى / إلى أن غدت فرضاً عليه نوافله
فتى شاغل في مدحه كل مذود / ومذوده حمد المهيمن شاغله
إذا مر يوماً الأصم يخاله / يحييه أو عن بعض شيءٍ يسائله
إذا ضمه المحراب أبصرت كوكباً / أضاء الدجى والليل قد حال حائله
فتشفق أن عاينته متهجداً / لكثرة ما يرعدن خوفاً مفاصله
إذا ما احتبى وجه النهار بدسته / وغصت بأرباب الفخار محافله
سمعت بليغ القول من نطق فيصلٍ / إذا قال أمضى كل ما هو قائله
ألا لا تقس فيه سواه مخاطباً / ولا تعدلن فيه إذا فاض نائله
فما يستوي في النطق قس وباقل / ولا يستوي طل السحاب ووابله
فلو شاهد الطائي بعض هباته / لأبهره ثم انثنى وهو عاذله
هو النير الموفي الذي كل نير / له هالة والبحر والبحر ساحله
ألم تره لما اقتفاه شقيقه / حباه من العلياء ما لا تحاوله
كريم له طبع النسيم إذا سرى / شمالاً وطيب العنبر الغض شامله
متى تلقه تلق امرءاً متبسماً / طليق المحيا مؤمنات غوائله
تواضع حتى كاد يخفى تواضعاً / على أنه فوق السماك منازله
ونال الرضا من فخره غاية الرضا / فأسخط من أعداه من لا يشاكله
فتى زانه رأي الكهول وربما / تثفن من قوت المساكين كاهله
خلائقه لو للكواكب أزهرت / نهاراً ولم يأفل من الأفق آفله
سجايا تلافاها الجواد فأصبحت / لكل جوادٍ حسرةً لا تزايله
إذا ما تمناها الكرام ترفعت / وما كل من قد حاول الشيء واصله
ومنه اكتسى ثوب الفخار محمدٌ / فقصر من قد كان جهلاً يطاوله
إذا قسته في أهله فهو جعفرٌ / وإلا فبحر والكرام جداوله
أولئك آحاد الزمان كرامه / أماجده أنجابه وأفاضله
علمت سجاياهم فصغت مديحهم / وما كل من قد يعلم الشيء فاعله
وماذا انتفاع المرء يوماً بعلمه / إذا لم يكن دون الورى هو عامله
إذا السيف لم تضرب به يوم معركٍ / فسيان ملقى كان أو أنت حامله
إليك أبا المهدي تهدي عقيلةً / تدين لها من كل فكرٍ عقائله
معزية الندب الغني بحلمه / وعلام أضعاف الذي أنا قائله
وماذا يزيد البحر ماء سحائبٍ / وإن هطلت عمر الزمان هواطله
وهل في ضياء الشمس فقر لمن غدت / توقد آناء النهار مشاعله
ولكن هذا الفرض أوجبه الوفا / فإني مؤديه وأنك قابله
ووادٍ يسيل البخل فيه وما به
ووادٍ يسيل البخل فيه وما به / لراجي الندى سيل يسيل ولا وبل
أتاك ابن شلالٍ وتعلم ما به / من الحزم حقاً لكن اغتالك الجهل
نجوت من الأسياف نجوة هاربٍ / تقوم مقام القتل إن فاتك القتل