المجموع : 3
لَعمري لئن غالت أخي دار فرقَةٍ
لَعمري لئن غالت أخي دار فرقَةٍ / وآبَ إلينا سَيفُهُ ورواحِلُه
وحَلّت به أثقالَها الأرضُ وانتهى / بمثواهُ مِنها وهو عَفّ مآكله
لقد ضُمِّنت جَلِدَ القُوى كان يُتَّقى / به جانبُ الثغر المخوف زلازله
وَصُولٌ إذا استغنى وإن كان مُقتراً / من المال لم تُحفِ الصديقَ مَسَائله
هَضُومٌ لأضيافِ الشتاء كأنما / يَراهُ الحَيا أيتامُهُ وأرامِله
رخيصُ نضيج اللحم يُغلى نَبيئه / إذا بَردَت عندَ الصّلاء أنامِلُه
أقولُ وقد رجمتُ عنه فأسرعت / إليَّ بأخبارِ اليقين محاصِله
إلى اللَه أشكُو لا إلى الناس فقدَه / ولوعةَ حُزنٍ أوجَعَ القلبَ داخِلُه
وتحقيقَ رؤيا في منامي رأيتُها / فكان أخي رُمحى ترفّضَ عامِلُه
سقى جَدَثاً أكنافُ غمرة دونه / بهضبَة كُتمانِ المُديم ووابله
بِمثوى غريبٍ ليس مِنّا مَزَارُهُ / قريباً ولا ذُو الوُدّ مِنّا يُواصله
إذا ما أتى يومٌ من الدهر بَيننا / فحيَّاك منّا شَرقُهُ وأصائله
وكل سنا برق أضاءَ ومَغربٍ / من الشمس وافى جنحَ ليلٍ أوائله
تحيّةَ من أدى الرسالةَ حُييت / إلينا ولم ترجع بشيءٍ رسائله
أبى الصبرُ أن العينَ بعدك لم يزل / يُخالط جفنَيها قذىً ما تُزَايلُه
تبرَّضَ بَعدَ الجهد من عَبَراتِها / بقية دَمعٍ شجوُها لكَ باذِله
وكنتُ أُعيرُ الدمعَ قبلك مَن بكى / فأنتَ على من مات بعدك شاغله
تُذكِّرني هِيفُ الجَنُوب ومُنتهى / نسيم الصَّبا رَمساً عليه جَنادِلُه
وهاتِفةٍ فوقَ الغُصُون تَفَّجعت / لِفَقدِ حَمامٍ أفرَدَتها حَبائلُه
من الوُرقِ بالأصيافِ نَوّاحَةُ الضُّحى / إذا الغرقَدُ التَفَّت عَليه غياطِلُه
وسَورَةُ أيدي القَوم إذ حُلّت الحُبا / حُبا الشيب واستَغوى أخا الحِلم جاهله
فَعيني إذ أبكاكُما الدهرُ فابكيا / لِمَن نَصرُهُ قد بانَ منّا ونائله
وإن ما نَحَت عَينا حَزينٍ فما نحا / عليه لبَذلٍ أو لِخَصمٍ يُجاوله
أخى لا بَخيلٌ في الحياةِ بمالِهِ / عليَّ ولا مستبطأ النصر خاذِله
أقامَ حَميداً بين تَثليثَ دارُهُ / وبِيشَةَ لا يَبعَد أخي وشمائله
وتهجيرُهُ بالقوم بَعدَ كلالِهم / إذا اجلَوَّذَ الخمسَ البَعيدَ مناهله
على مِثل جُونيِّ العِطاش من القَطا / تَجاهَد لمَّا أفزَعَتهُ أجَادِله
وشُعثٍ يَظُنّونَ الظُّنُون سَما بِهم / لِنائي الصُّوى يَثني الضّعيف تَهاوُله
بخَرقٍ من المَومَاةِ قُودٍ رِعَانُهُ / يَكادُ إذا أضحى تَجُول مواثله
تُشبهُ حَسراهُ القراقيرَ يَرتمي / بها ذو حِدابٍ يَضربُ البيد ساحله
إذا النّشزُ فوقَ الآل ظلّ كأنّهُ / قرا فَرَسٍ يَغشى الأجَلة كاهِله
وسُدمٍ سَقَى منه الخوامِسَ بَعدَما / ضَرِجنَ الحَصَى حتى تَوقَّد جائله
إذا استعبَرت عُوذ النساء وشَمّرت / مآزِرَ يَومٍ لا تُوارى خَلاخِله
وَثِقنَ به عِندَ الحَفيظةِ فارعَوَى / إلى صَوتِه جارَاتُهُ وحَلائله
إلى ذائدٍ في الحرب لم يكُ خامِلاً / إذا عاذَ بالسَّيف المُجرّد حامله
كما ذاد عن عِرِّبسَةِ الغيل مُخَدِرٌ / يَخافُ الرّدى رُكبانُه وأراجله
وما كُنتُ أُلفى لأمرئ عندَ موطن / أخاً بأخي لو كانَ حيّاً أبادِله
وكنتُ به أغشى القتالَ فعزَّني / عليه من المقدار من لا أُقاتله
لعمركَ إنّ الموتَ منّا لَمُولَعٌ / بِمَن كان يُرجَى نصرُهُ ونوافله
فلا البعدُ إلا أننا بعد صُحبةٍ / كأن لم نُبايت وائلاً ونقابله
وأصبح بيت الهجر قد حال دونه / وغال امرءً اما كان تُخشى غوائله
سقى الضفراتِ الغيثُ ما كانَ ثاوياً / بِهنّ وجادَت أهلَ شول مخايله
وما بِيَ حُبُّ الأرضِ إلا جوارَها / صَداهُ وقولٌ ظَنَّ أني قائله
أعاذلُ كم من روعةٍ قد شهدتها
أعاذلُ كم من روعةٍ قد شهدتها / وغُصّةِ حزن في فراقِ أخٍ جزلِ
إذا وقعت بين الحيازيم أسدفت / عليّ الضحى حتى تنسِّيني أهلي
وما أنا إلا مثلُ من ضُربت له / أُسَى الدهر عن ابني أبٍ فارقاً مثلي
أقولُ إذا عزّيتُ نفسي بإخوةٍ / مضوا لاضعافٍ في الحياة ولا عُزلِ
أبى الموتُ إلا فجعَ كلِّ بني أبٍ / سيمسون شتى غير مجتمعي الشّمل
سبيل حبيبيَّ اللذين تبرّضا / دموعي حتى أسرعَ الحزنُ في عقلي
كأن لم نسِر يوماً ونحن بغبطةٍ / جميعاً وينزل عند رحليهما رحلي
فعَيني إن أفضَلتُما بعد وائلٍ / وصاحِبه دمعاً فعُودا على الفضل
خليليَّ من دون الأخلاء أصبحا / رهيني وفاءٍ من وفاةٍ ومن قتل
فلا يبعدا للدَّاعِيَين إليهما / إذا اغبر آفاقُ السماءِ من المحل
فقد عَدِم الأضيافُ بعدهما القرى / وأخمدَ نارَ الليل كُلُّ فتىً وَغل
وكانا إذا أيدي الغضابِ تحطمت / لواغِر صدر أو ضغائنَ من تبل
تحاجزُ أيدي جُهَّل القوم عنهما / إذا أتعَب الحلم التترّعُ بالجهل
كمستأسِدَي عرِّيسةٍ لهما بها / حمى هابه من بالحُزُونةِ والسهل
شَربتُ ونادمت الملوك فلم أجد
شَربتُ ونادمت الملوك فلم أجد / على الكأسِ ندمانا لها مثلَ دَيكل
أقَلَّ مِكاساً في جَزورٍ وإن غلت / وأسرعَ إنضاجاً وأنزالَ مرجل
ترى البازلَ الكوماء فوق خُوانه / مُفَّصلةً أعضاؤها لم تُفَصّلِ
سَقَيناه بعد الري حتى كأنما / يرى حين أمسى أبرَقى ذات مأسل
عشيةَ أنسينا قَبيصَةَ نعلَه / فراحَ الفتى البكريّ غيرَ مُنَّعِل