المجموع : 5
أَلا لاسقت كَفي عطاش العَواسل
أَلا لاسقت كَفي عطاش العَواسل / إِذا أَنا لَم أَنهَض بِثأر الأَوائل
وَإِن أَنا لَم أَوقد ليَ الحَرب بِالظبا / فَلا رَجَّعت باسمي حداة القَوافل
تَفرّسن فيّ المُرضعات مَهابة / فَما حدثتهن الظُنون بِباطل
لَمَحن عَلى وَجهي حِماية ضَيغم / وَجُرأة مِقدام وَسَطوة باسل
سَأَقتادها بِالهاشميين ضَمرا / يَدلن فيملأن الفَلا بِالصَواهل
إِذا صيح يا للثار في صَهواتها / زَففن إِلى الهَيجا زَفيف الأَجادل
تَخال نَعامى تَحتَ أَسد ضَراغم / وَما هِيَ إِلّا الخيل تَحتَ البَواسل
أَأغضي وَما غابَ المثقف عَن يَدي / وَذو الفَقَرات البيض طوع أَناملي
أَيَذهب ثار الهاشميين في العِدى / وَيُصبح ذاكَ الحَق أَكلة باطل
كِرام بِأَرض الغاضرية عَرسوا / فَطابَت بِهُم أَرجاء تِلكَ المَنازل
أَقاموا بِها كَالمُزن فَاخضر عودَها / وَأعشب مِن أَكنافها كُل ما حل
زَهَت أَرضها مِن بشر كُل شمردل / طَويل نجاد السَيف حلو الشَمائل
يَسر إِذا قامَت عَلى ساقها الوَغى / وَجالَت بِبيض القضب لا بِالخَلاخل
يَكر بدرع الصَبر حَتّى تَخاله / بدرع دلاص وَهوَ بادي المقاتل
يفرق شَمل الجَيش تَفريق جائر / وَيقسم بِالبتار قسمة عادل
كَأَن لعزرائيل قَد قالَ سَيَفه / لَكَ السلم مَوفور وَيَوم الكِفاح لي
حموا بِالظبا دين النَبي وَطاعنوا / ثَباتاً وَخاضَت خَيلَهُم بِالجَحافل
إِلى أَن أَحالوا الجَو نَقعاً وَصَبغوا / بِما اِستحلبته اللدن وَجه الجَنادل
وَقَد أَنهلوا هندية البيض بِالدما / وَراحَت جِياع الطَير مَلأى الحَواصل
وَلما دَنَت آجالهم رَحبوا بِها / كَأَن لَهُم بِالمَوت بلغة آمل
فَماتوا وَهُم أَزكى الأَنام نَقيبة / وَأَكرَم مَن يبكي لَهُ في المحافل
عَطاشى بِجنب النَهر وَالماء حَولَهُم / مُباح إِلى الوراد عَذب المَناهل
أَبا حسن إِن الذين عَهدتهم / ثقال الخُطى إِلا لكسب الفَضايل
أَعزيك فيهم يا لَكَ الخَير إِنَّهُم / مَشوا لِورود المَوت مشية عاجل
أَرادَت بَنو سُفيان فيهم مَذلة / وَذَلِكَ مِن ابناك صَعب التَناول
مَتى ذل قَوم أَنتَ خَلفت فيهم / إباء لَهُ يَندَق أَنف المجادل
نَعمت بِهم عَينا فَقَد سارَ ذكرهم / كَما قَد فَشا مَعروفهم في القَبائل
أَعادوك يَوم الطف حيّاً وَجددوا / لِعلياك ذكراً قَبل ذا غَير خامل
لَإن أَرخصوا في كَربلاء نُفوسَهُم / فَقَد أَغلوا الهَيجاء غلي المَراجل
فَلم تَفجع الأَيّام مِن قبل يَومهم / بِأكرم مَقتول لألئم قاتل
رَعى اللَه خدراً كانَ مِن خَوف أَهله / يَمرُّ عَلَيهِ الطَير مَرة وَاجل
تَزور الوَرى وَاديهِ وَهوَ مُقدس / فَيَخلع تَعظيماً لَهُ كُل ناعل
فَعادَ كَأَن البيض لَم تنض حَوله / وَلا ركزت فيهِ طوال الذَوابل
تفرق أَهلوه فَأصبح مَغنَماً / تَناهب مِنهُ الثقل أَيدي الأَراذل
فَكَم وَاعدت ذات الجَمال فَما وَفَت
فَكَم وَاعدت ذات الجَمال فَما وَفَت / بِوَعد وَلا نار الهيام بِها اِنطفت
بِنَفسي الَّتي مُذ كُنت في صحة جَفَت / وَلما رَأَتني في السِياق تَعطفت
عَلي وَعِندي مِن تَعطفها شغل /
علقت بها حيا وَكابدت بَينَها / وَمَنيت نَفسي أَن تَفيني دينها
خُذوها فَما عَيني تُقابل عَينَها / أَتَت وَحياض المَوت بَيني وَبَينَها
وَجادَت بِوصل حَيث لا يَنفَع الوَصل /
سَقت سحب الرضوان أَكرم رَوضة
سَقت سحب الرضوان أَكرم رَوضة / بكوثر حامي الجار تسقى وَتنهل
حِمى المُرتضى تُدعى فَلا عَجب إِذا / مَلائكة الجَنات فيها توكل
بِها الروح جبريل يَروح وَيَغتدي / وَتَصعد أَملاك السَماء وَتَنزل
بِطاح عليّ المُرتضى لو نَقيسها / بِبطحاء وادي مَكة فَهِيَ أَفضَل
تَخيرها مَكية الترب جابر / وَتابعه فيما تَخير مزعل
بِها تعقل الزوار انضاءها الَّتي / لَها مِن علي ما تحب وَتَأمل
فَلا أَطفئت مِنها المَصابيح لَيلة / وَدامَ لَنا مَأوى البَرية خزعل
أَمير كَنصل السَيف أَرهف حَده / وَلَيسَ لَهُ يَوماً سِوى اللَه صيقل
لَهُ طأطأت صيد المُلوك رِقابها / فَهاتيك تَخشاه وَذي مِنهُ تَأمل
إِذا ما مشى فَالأَرض تَهتز خيفة / وَمِنهُ الجِبال الراسيات تَزلزل
أَغاث بِلاد المُرتضى صَوب جُوده / بِعام بِهِ حَتّى السَحابة تبخل
أَرادَ أَخاه أَن يَلوذ بحيدر / وَلو أَنه في بَعثه النَفس يَبذل
فَجاءوا لقبر المُرتضى في جَنازة / لمزعل مِنها فاحَ عُود وَمندل
أمير زَهى وادي السَلام بِوَجهه / وَقَد كانَ حَياً وَجهَهُ يَتهلل
لقبر عليّ قَربوه وَأَرخوا / بِأَعلى محل الخلد يقبر مزعل
سَلام حَبته الطيب مِنكَ الشَّمائل
سَلام حَبته الطيب مِنكَ الشَّمائل / وَمَدح عَلَيهِ مِن عُلاك دَلائل
وَفي طَيِّه العَتب الَّذي رَق لَفظه / كَأني مِن أَلفاظك الغُر ناقل
أَسائل عَنكَ البَرق إِن لاحَ وَمضه / فَتسبقه مني الدُموع الهَوامل
وَانتشق الأَرواح مَهما تَنسمت / فَتذهب في رُوحي الصِبا وَالأَصائل
عَلَيكَ سَلام اللَه ما هَبت الصبا / وَما سجعت فَوق الغُصون العَنادل
وَما خِلت أن تَنسى وَفاي وذمتي / أَهل حال عَن ذيالك الود حائل
تَجيء كَنَظم الدُر مِنكَ الرَسائل / يَحلى بِها غَيري وَجيدي عاطل
وَلَو كُنت مِمَن يَعقد البُخل كَفه / لَقُلت وَيا حاشاك إِنكَ باخل
وَيَزداد قَلبي حَسرة وَتلهفا / إِذا اِعتَذر الأَصحاب إِنكَ غافل
علي تَصدق يا علي بِنَظرة / فَقَلبي مَحروم وَدَمعي سائل
أَلَست الَّذي عَودَتني عَن مَحبة / بِأَني وَلَو أَجفو فَأَنتَ تُواصل
بني جَعفر إِن التَكرم وَالوَفا / سَجايا لَكُم قَد وَرثتها الأَوائل
إِذا ما أَتى نَحو الغَري بَريدكم / أَبادره عَجلان وَالقَلب ذاهل
فَلم تحيي قَلبي مِنكَ يَوماً ألوكة / وَعَهدي لَم يَشغلك عَني شاغل
لَقَد طالَ لَيلي بِالعِراق وَما بِها / إِذا غِبت عَنها يا اِبن جَعفر طايل
بِرؤياك يُجلى الهَم وَهوَ مُبرح / وَتَرقى أَفاعي الوَجد وَهِيَ قَواتل
أَيعلم بحر الرُوم حينَ رَكبته / بِأَنكَ بَحر ماله قَط ساحل
وَهَل تَدري قَسطنطين حين دَخلتَها / بِأَن بِها سَعد العراقين داخل
رَكضت لإِحراز المَكارم فارِساً / وَخابَ الَّذي يَسعى لَها وَهوَ راجل
أَبيت سِوى العَليا وَكُل اِبن همة / إِذا رامَ أَمرا لَم تعقه العَواذل
رَبحت وأيم اللَه حينَ اِنتَجعتها / بوارق مِنها صَدقتك المَخايل
وَهَل كَيفَ لَم تَربح وَأَنتَ اِبن جَعفر / وَإِن رَئيس المُسلمين لَعادل
يَرى أن إِكرام النَزيل فَريضة / وَمِن بَعدِهِ الأَعذار مِنهُ نَوافل
دَعَوت إلهي أَن يخلد عِزكم / وَهذا دُعاء للبرية شامل
يَظن المَعافى أن داء الهَوى سَهل
يَظن المَعافى أن داء الهَوى سَهل / فَهان عَلَيهِ قَولَهُ لم لا تَسلو
وَمِن جَهلِهِ بِالحُب باتَ بصحة / وَكَم صحة للمرء سَببها الجَهل
خَليون ما غَصت بين لهاتهم / وَلا حَجبت عَنهُم سعاد وَلا جمل
وَلَو عَرَفوا ما في الثغور لأيقنوا / بِأَن لَيسَ عَل في سِواها وَلا نَهل
ولو رفرفت تِلكَ الجعود عَلَيهُم / لهيمَّهم ذيالك الشعر الجثل
فَمن منصفي مِن طفلة عامرية / تَعلقت في إِشراكِها وَأَنا طفل
كَأَن شَقيق الوَرد في وَجناتها / فَما خَجلت إِلا وَوشعه الطل
تَضيء رباها مِن مَباسم ثَغرها / وَتَندى برياها الخَمايل وَالرمل
لِسان وَشاحيها شَكى بَعد خصرها / وَاخرس عَن أَن يَشتكي ساقَها الحجل
فَما أَهلَها لا وَالهوى آل عامر / وَلَكن غزلان الصَريم لَها أَهل
لَها شغف يَوماً وَيَوماً مَلالة / فَلا صَدها عَني يَدوم وَلا الوَصل
يُساعدني رَبي عَلى حَمل حُبها / إِذا اِنكَشَفَت مِنها سَواعدها العبل
تقربها مني الصَبابة وَالجَوى / وَتبعدها عَني الخَفارة وَالدل
خَليلي هلا تسعفان أَخاكُما / فَفي الحَق أن الخل يُسعفه الخل
فَإِن لَم تفكا ربقتي مِن يد الدُمى / فَكُفا وَلا يَشتفني مِنكُما العَذل
تَقولان لي مَهلاً هَلكت صَبابة / وَمِن أَينَ لِلصَب التورع وَالمهل
أَلم تَعلما أن المَحبة فتنة / بِها المَرء لا سمع لَديهِ وَلا عَقل
عَقيلة ذك الحَي قَد سَفكت دَمي / وَلا قود يَخشى عَلَيها وَلا عَقل
وَجرعني مرُّ الصَبابة صَدَها / مِراراً وَلَكن مرها في فَمي يَحلو
تَعللني بِالوَصل وَهِيَ بَخيلة / وَيقبح إِلا مِن بَنات المَها البُخل
فَما أَنا مَسرور وَإِن هِيَ واعدت / لعلمي إِن الوَعد يَعقبه المطل
تسدد نبل اللَحظ عَن قَوس حاجب / وَيا حَبَّذا تِلكَ القسي وَذا النبل
فَوَاللَّه ما أَدري وَللحسن دَهشة / غَداة تَلاقينا وَموعدنا الأثل
أَهل وَردة في خدها أَم تورد / وَذا كُحل في عَينها أَم بِها كحل
قَد اِنتَحلت مِن أَوسط النحل خصرَها / وَمِن ريقها المَعسول ما لَفظ النَحل
فَيا أَهلَها لا شطت العيس فيكُم / وَلا شَد للترحال مِن حيكم رَحل
رَضيت بِتعذيبي بِكُم فَمَودتي / قَد اِتصلت فيكُم كَما اِتصل الحبل
فبَعدَكُم قرب وَسَخطكم رضا / وَهَجركم وَصل وَجُوركم عدل
وَلَو كُل أَهل الحُب مثلي تَحملا / لَما سَأَموا كيَّ الغَرام وَلا مَلوا
كَما أن أَهل الأَرض طرا لَو اِهتَدوا / بِمَشكاة نُور اللَه يَوماً لَما ضلوا
سَليل كِرام قَد عَلوا مِن سِواهُم / وَلا شَكَ أن الحَق مِن شَأنِهِ يَعلو
هُم الأَصل في نَيل العُلى وَهوَ فرعهم / وَيكرم نُور الفرع إِن كرم الأَصل
حذا حَذوَهُم في كُل نَهج سَعوا بِهِ / وَيبطش بَطش الأَسد إن دَرج الشبل
مَشوا لِلعُلى جداً وَجدُّ سِواهُم / فَجدهم جدٌّ وَجد الوَرى هَزل
لَقَد طابَ نُور اللَه نَفساً وَمحتدا / كَذَلِكَ كانَ الصَيد أَهلوه مِن قبل
هُم تَرَكوا الذكر الجَميل وَراثة / وَماترك الاباء يَحظى بِهِ النسل
يَرون بِنُور اللَه كُل مَغيب / عَياناً وَنُور اللَه لَيسَ لَهُ مثل
تَمرن طفلاً للعلوم وَلِلعُلى / فَنال مُناه اليَوم وَهوَ امروء كَهل
فَيا مَرَحبا أَهلاً وَسَهلا بِقادم / يَحق لَهُ التَرحيب وَالأَهل وَالسَهل
تمنته سكان الغري وَدُونَهُ / مَهامه لا خَيل طَوَتها وَلا إِبل
فَسابق وَفد الريح حَتّى اِلتَقوا بِهِ / سكُوب العَطايا مثلما اِنسَكَب الوَبل
رَعى اللَه أَبناء التَقي فَكلهم / نُجوم بِهم نُهدى إِذا دجت السُبل
لَقَد ثَبتت أَقدامهم في مَزالق / عَلى مثلها لا يُثبت الأَعصم الوَعل
زهت عمة العَرب الكِرام عَلَيهُم / وَلِلتاج تاج الكَسرَويين هُم أَهل
أَباحوا دِماء المظهرين بِديننا / زَخاريف لا يَرضى بِها اللَه وَالرُسل
فَكَم باب جور سده كانَ منهم / وَشد عَلَيهِ مِن حمايتهم قفل
وَلَو فرَّ بابيٌّ مَدى العُمر هارِباً / لَقالَت لَهُ أَقلامهم خَلفك القَتل
إِذا نَقَضوا أَمراً أَبى اللَه شده / وَإِن عَقدوا أَمراً فَلَيسَ لَهُ حَل
وَإِن جمال الدين فيهم لَظاهر / عَلى كُل أَبناء الزَمان لَهُ فَضل
عنت جل أَبناء العُلوم لفضله / وَعَما قَليل سَوفَ يَعنو لَهُ الكُل
هُوَ الديمة الوَطفا إِذا انهل وَبلها / فَلا جبل يَبقى صَدياً وَلا سَهل
وَفي كُل فَصل يكفهر سَحابة / عَلى الناس وَالسُحب الثقال لَها فَصل
وَلَستُ أُبالي وَالرضا مِن أَحبَتي / أَهل كثر الأَعداء حَولي أَم قلوا
إِذا قال قَولاً فَهوَ لا شَك فاعل / وَلا خَير في قَول إِذا لَم يَكُن فعل
شَكت ملة الهادي إِلَيهِ دُروسَها / فَلَيسَ لَهُ إِلّا بإِحيائها شُغل
يُجاهد عَنها بِاليَراع محاميا / وَيَهدر فيها مِثلَما هَدر الفَحل
وَيَمضي مَضاء النَصل ثاقب فكرة / باغلاقها بل دُون فكرته النَصل
إِذا المَحل أَلقى في البِلاد جرانه / جَرى سَيبه حَتّى كَأَن لَم يَكُن مَحل
أَغاث الوَرى بِالمال فانجاب عدمهم / وَأَدبهم بِالعلم فَاِرتَفع الجَهل
خُذوا مِن بَنات الفكر عَذراء قد أَبَت / عَلي بِأَن يَفتضها غَيركم بعل