القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حسن الطّويراني الكل
المجموع : 48
أَخا الحَزم إِن العَزم تُرقَى بِهِ العُلا
أَخا الحَزم إِن العَزم تُرقَى بِهِ العُلا / وَتُدرَك بِالحُسنى المَحامدُ في المَلا
وَإِن تَكُ تَشري الذكر في الناس رَغبة / فبالجد وَالجَدوى يَكون لَك الوَلا
وَقَد تَنقضي الدُنيا وَتَبقى رِواية / وَتبلى وَإِن الذكر لا يُدرك البلى
فَإِن رُمتها فينا صلاتك فافتخر / فَأَنتَ بِذا أَولى أَخيراً وَأَوّلا
وَإِن شئتها ردّ الأَحاديث في غَد / فَللت لِساناً ناره لَيسَ تُصطلَى
وَإِلا فَإنا لا تضيع حُقوقنا / وَلا نَتقي زَيداً وَعُمرا وَلا ولا
فَإما بعزٍٍّ وفّ تغنمْ سَلامة / وَإِلا فدون الحَقِّ ما يَفجَر الكلى
يعز الفَتى بَين الأَحبة وَالأَهلِ
يعز الفَتى بَين الأَحبة وَالأَهلِ / قَليل الغِنى أَو لا فَقل كثرة الفضل
وَيُهوَى وَإِن لَم يُسدِ خَيراً ونائلاً / كَما الدَوحة اللفّاء تُؤْلَف للظل
وَمَن نامَ عَن جدّ بأُنسٍ وَراحةٍ / وَخلّ وَأَوطان مجمعة الشمل
فَنبهْهُ إِن الذل غاية أَمره / كذاكَ صفا لَون السَما آية المحل
قَضى اللَه ما لا يَرتضون بجهلهم
قَضى اللَه ما لا يَرتضون بجهلهم / وَكَيفَ يَردّ الغَيثَ كفٌّ تطاولُ
عَلى ربهم قَد عيّبوا في اعتراضهم / وَربي يَقضي الحَق وَالحَق فاعل
فَقُل لَهُمُ إِن تَستَطيعوا فَأَصبروا / قَليلاً وَإِلا فاستطيعوا فقاتلوا
إِذا افتخر الأَقوام بَينَ المحافلِ
إِذا افتخر الأَقوام بَينَ المحافلِ / فَفَخري بِنَفسي وَالكِرام الأَوائلِ
وَيَعجز بُرهانُ الفخور لهمتي / إِذا ما تَلا فعلي قويّ الدَلائل
فَلي غلظة يَخشى عدوّي وَبالها / وَبي رَأفةٌ يَرجو صديقي وَسائلي
وَلي شيم من فَوق كُل مهذبٍ / وَأَكمل خَلق دُونه كُل كامل
وَهَيهات مثلي في المحافل مفحمٌ / لكل مباهٍ مسكتٌ كلَّ قائل
وَإِني لفي الضَراء والبَأس واصل / وَإِذ يَلتقي الجَمعان أَكرم فاصل
وَمثلي يَرى الدُنيا طليقة كَفه / إِذا صالَ يَوماً هازم كل صائل
صَبور يَرى ما في البَسيطة هازِئاً / وَلو هاله الدَهر العَظيم بِغائل
هُوَ الطود لَولا أَن تدك رَواسخ / فَتهدم أَعلاها فعال الزلازل
يَرى البَدرَ عَبدٌ إن تواضعَ مَنزِلاً / وَلَيسَ يَراه فَوقَ ذا من أَوافل
وَإِني لأَجفو الزُهر من أَنجُم السَما / إِذا ما شدا غَيري بِزَهر الخَمائل
وَلي همة لَو شئت صَيَّرتُ برقَها / حساماً بكفّي وَالمجرّ حمائلي
وَلو رمت صيرت السماك لمنزلي / محلّاً وَناولتُ السما كفّ سائل
وَلو شمْتني وَالدَهرَ أَصدمُ صَدرَه / لعاينت صاحي من ثبوت وَزائل
فَأَقبل يسلم إن تكن تبتغي الولا / وَإِياك إِذ تَدعو المَعالي مقابلي
أَقول ولي في كل ناد حَواسدٌ / يُطيلون لَومي بَين لاح وَعاذل
أَلا لَيت يَدريني العَذول فيرعوي / وَيَعلم ما يَلقاه وَهوَ مزاولي
وَهَيهات أَن يُهدَى عتلٌّ مفنَّدٌ / وَمَن ذا الَّذي يَهدي غرور المضلل
يزاولُ أَعدائي استهانة جانبي / وَقَد تبعد الجَوزا عَلى كَفِّ نائل
لَئن تك أَرضٌ قَد غصصت بِمائها / فَما منهل صعب وَدُوني محاملي
وَلولا اقتحام الهَول ما هال سَيد / وَلا راعَ في نادٍ فتىً بالتجمل
نعم كُنت فيهم بل حفظت ودادهم / وَلم يك عيشي بَينهم عَيش خامل
لَقد كانَ عَهدي بالحمى خَير موطن / لأمَجد إخوان بِأَعلى منازل
وَمَنزه أَلباب وقرّة أَعين / وَحومة ميدان لقرم منازل
سَقى الغَيث هاتيك الربى ما سَرى الصبا / وَحيَّى بمغناها الحَيا كل قائل
ففيها عليها نَوحُ كل مغرّد / وَغاية معنى ما يَرى كل قائل
أَلا أَيُّها البيت المكرّم مَنزِلاً / عَفيت رسوماً بَعد تِلكَ الأَواهل
رَعى اللَه غدواتي وَروحاتي الَّتي / بها قمت في عشقي فَأقعدت عُذَّلي
ففيم جَفا الزوار أَعتابك الَّتي / يُقبِّلُ ذلّاً كلُّ شهمٍ حلاحل
مَضى حينها حتى كَأَن لَم تكن لَنا / بِمَعهد أنس للمحبين شامل
عفت بعدهم حَتى جَفاها قطينُها / فَلا زائر غَير الصبا وَالشمائل
وَلا نادب فيها سِوى بوم قفرة / يَنوح وَلا يَبكي عَلَيها سِوى الوَلي
وَقَد نعب النعاب في أَرجائها / يُعَوّضها بِالبوم عَن صَوت بلبل
رُسوم بَدَت تَبكي وَقدماً تبسمت / كَأَن لَم تَكُن مَأوى العُلا وَالجحافل
أَرسم خلا قَد كُنت آتيك صَبوةً / وَلي فيكَ أَحباب كِرام الشَمائل
يَعز عَليّ الذل في غَير حبِّهم / وَفي حبهم لليوم ذلّي يلذ لي
وَأكَّدَ ما بَيني وَبينهم الهَوى / عَفافٌ وَصدق وَاحترام مَنازل
لَقَد كُنت فيهم ملء فيهم تذكّراً / وَتحسن لَو ساءَت لَديهُم فعائِلي
أَرسماً خلا حَتّى تذكرت عِندَه / جَوى وَقفةِ الكنديّ في دار جلجل
أَقبل ترباً منكَ سَعيا بِأَعيني / لِعزة وَقت قَد وَطأت بِأَرجل
تَرى العَين تكتحل التراب كَأَنَّما / تُريد احتباس الدَمع هيهات فاهمل
فَيا عجَباً لي كَيفَ عشت لوقفة / أَقامَت رَميم العَهد وَالجسم قَد بَلي
وَوا صبرَ قَلبٍ لَم يَذُب عِندَ ذكرهم / إِذا لَم يَكُن من بَعض هَذي الجَنادل
وَيا بخل عَيني بِالمَدامع إِذ رَأَت / مَعاهدنا تخلو وَلم تَك تَمتلي
أَما لِلهَوى عَهد عليّ مؤكد / يَقوم بِهِ عُذري لَدى المَعهد الخَلي
أَما أَضحكَتنا غَفلةُ الدَهر آنةً / فَحقَّ بِنا نَبكي عَلى خَير محفل
فَإِن تستطيلا صبَّ دَمعٍ وَوَقفةٍ / دَعاني أَبكي بِالدُموع النَواهل
نَقضت عُهودي إِن كففت مَدامعي / لَدى مَوطن يَثني عنان الرَواحل
وَإِن شاقَني حسنٌ وَلم أَبك حسنَه / رَميت فُؤادي مِن كنانة نابل
فَديت حَياتي إِن بَقيت صَبابة / وَإِن لَم أَمُت وَجداً فَعيشي تذللي
تَرى رَجعة يَوماً لعيش قضيته / وَإِن كانَ لا يُرجى فَبَعض التخيل
وَحيي نسيمَ الحَيّ بَعد تَقاطعٍ / فَقُلت نَسيم الحَيّ دومي وَواصلي
وَما هاجَ بي الذكرى وَإِن كُنت ذاكِراً / سِوى وَقفة أَرسلت فيها الجَوى مَلِي
وَقفت وَشَوقي بَين وَاج وَوَاجب / وَحالي وَلاحي بَين حَق وَباطل
وَإِني عذرت العاذلين عَلى النَوى / لِأَني أَطلت النوح في غَير طائل
طربت عَلى الذكرى فَلما ذكرت أَن / تُلاقيهِ لا يُرجى بَكيت لنازل
كَأَن لَم تَنَم عَين بهنّ قَريرة / فَطالَ سهادي مِن هُموم شَواغل
كَأَن لَم أَكُن ما بين خود وَقَهوة / تَميل بِعَطفي نشوة المتمائل
وَمَغنى بِمَن أَهوى مِن الناس عامر / وَقَلبيَ عَن غُير الصَفا وَالهَوى خلي
لَقَد أَورثتنا كثرة الحُزن لذة / تقضت بِأَيام كِرام قَلائل
وَما لذة إِلا قضَتها شَبيبةٌ / وَلا أنس إِلا في نَوادٍ أَواهل
تدير الحُمَيّا من هويتُ مزاجُها / حَديثٌ رَوى عَنها عَتيقَ المسلسل
حَوَت فَوقَ خديها للحظك جَنة / وَفي ثغرها راحاً شهيّ المقبَّل
يَهيم بها النساك إِن ذكر اسمها / وَيُهوَى سُجوداً في المَعابد ما تُلِي
أَدمنا حميّاها فَأَفنت عقولَنا / وَمَن تعتقله الراح لَيسَ بِعاقل
قَضى لحظها بِالسَيف لي وَهو حاكم / فَيا لَيتَ سَيفاه سَبَقنَ عَواذلي
فَتاة لَها خالٌ تَراه مسوّداً / فَيَحكُم فينا ظالماً غَير عادل
فَتاة عروب وَجهها وَلحاظها / وَأَلفاظها من خير بدر وَبابل
إِذا التفتت أَعيى الظَّبِي التفاتها / ولفتتها تَرمي بطرف مكحَّل
جننت بها لكنّ لي حزم عاقل / عَن اللؤم وَالفَحشاء وَالريب عاقلي
أَقول لقلبي وَهوَ أَوجَبُ واجبٍ / وَأتبل متبولٍ وَأَوجلُ واجل
أَراك حَريقاً أَوغَريقاً فَإِنني / أَراك طَريحاً بَينَ نَهرٍ وَمرجل
رمتك سهام من بني الروم أم ترى / بَنو ثُعَلٍ جارَت عَليك بِمُنصُل
بدور وَلكنّ القصور منازل / لَهُنّ وَآرام وَلَيسوا بحومل
وَدُون اللقا منهنّ لقياك جحفلاً / من الهول أَو صدمُ الرعيل المصائل
وَكَم في هَوى تِلكَ الحسان مضاضةٌ / تصدّع مرآها جَوانبَ يذبل
إِذا شِمْتُ برقَ الثغر في لَيل شعرها / يَقول لسان الدَمع يا سحب ساجلي
تكنفها بيض وَسُمرٌ فدونَها / تَرى حمر أَظفارٍ لسود الغَوائل
فَيا ليت لَوّامي له بعض مهجتي / فَيَدري وَلن يَهوى الهَوى قَلبُ خامل
أَقول له لا ترج هضمة حمزة / وَأَنتَ أَخو ذي الثائرات المهلهِل
فربَّ ليال بت أَلهو بوجهها / وَأَزهو ببدر زار في الليل كامل
أَذل لها حباً فتعتز منعة / فَأَعجب من إعزازها أَو تذللي
جعلت نثاري من نضار مدامعي / ودرّ نظامي إِذ خلونا بمعزل
تقول كَأني البَدر في أُفق السَما / فَقُلت وَفي التشبيه تحصيل حاصل
تقول حَبابي وابتسامي ومنطقي / كعقدي ونظمي كل ذا درّ مجتلي
فقلت وَخدّاكِ ودمعي كلاهما / أَزاهر ورد في شواطئ جدول
وَهَل هِيَ إِلّا البَدر عُمراً وَبَهجة / وَبَعد الَّذي أَمل كَراجي التناول
لَهوت بِها حَتّى تَخيلت أَنَّني / لَهوت استردّت راحة الدهر زائِلي
وَواصلتها حَتّى ظَنَنت النَوى اِنقَضى / وَفارقتها حَتّى علمت النَوى جلي
وَلما وَقَفنا للتودّع ضحوة / وَهَمت قلوصي بِالنَوى والترحل
نَظرت إِلَيها نَظرة عشت بَعدَها / أَقلّب طَرفي في الدُموع الهَوامل
بَكيت الهَوى حَتّى طَمى فَيضُ مدمعي / فَكُل غَريق في الهَوى دُون ساحلي
أَلا رَجعة تُرجَى فَتطربني المنى / وَهَل سَلوة حَتّى يراح الحَشا خلي لي
صَفوا ما رَأَيتُم مِن نُحولي وَلَوعَتي / وَخلّوا هُمومي وَالفُؤاد بِمَعزل
فَلليوم لي نَحو الهَوى أَيّ نَظرة / تَجُود وَقَلب وامق ذو تبتل
وَأَهوى لما بانوا الهِلال لِأَنَّني / أَرى بَينَهُم في الأَمر بَعض التَشاكل
وَلا تُنكِروا إِن كانَ شعري حالياً / فَما أَنا عن درّ الدُموع بَعاطل
وَقَلبي بِأَسرار الأَحبة باخل / وَإِن كانَ طَرفي في الهَوى غَير باخل
فَفيمَ يُمَنّيني الهَوى بَعد بعدهم / وَقَد أَثقلت هذي النَوائب كاهلي
فَيا قَلب ها إنّي نَصحتك فاصطبر / وَيا عَين ما شيء صفي بالمؤمّل
كَساكَ كَسا سقمٍ بِعادُ أَحبة / وَروّق كَأس الدَمع غَير المعلل
فَدَع عَنكَ شَيأً قَد مَضى لزمانه / وَلَكن عَلى ما غالك اليَوم فاقبل
إِلى المَعهد الأَسمى تُشَدُّ الرَواحلُ
إِلى المَعهد الأَسمى تُشَدُّ الرَواحلُ / وللهمة العَلياء يَرتاحُ آملُ
وَيَجتاب مَجهودٌ تنائفَ مَهمَهٍ / ليعذبَ وِرداً أَو تُساغ المَناهلُ
وَتَسري النُجوم الزُهر في كبد السَما / لِتَهدي السَواري أَو تُنال المَنازل
وَتَجري غَوادي السَحب يَحملها الهَوى / لِيُنفَى هَجيرٌ أَو لتُروَى المَواحل
وَيَجفو القرابَ السيفُ وَهوَ مجرّدٌ / لِيَخشى المَعاني أَو لِيَشقى المقابل
وَتُبسَطُ آمالُ الرِجال لواهبٍ / مجيبٍ مَتى يَدعو معاليه سائل
وَيكفيك حسنُ الظَن في جَنب ماجدٍ / وَسائلَ مَهما أَعوذتك الوَسائل
وَيُغنيك عَن طُول اجتناب وَرحلةٍ / عِنايةُ قوّالٍ متى قال فاعل
فَدافع بحسن الظَنّ يأساً مرجّماً / فَفي الجَد أَنصارٌ وَفي الهَزل خاذل
وَلا تبتئس ما دمت للمجد آملاً / ركابَ الخديوِ الشَهم إِنك نائل
عَليَّ يَمينُ اللَه إِنك واجدٌ / بِمَغناه ما أَمّلتَ وَالمَجدُ كافل
مَليكٌ أَعز اللَهُ مصر بعزه / فَحاكى ببعض منه تلك الشمائل
بَدا شَمسَ عدلٍ وَاِغتَدى لَيثَ همّةٍ / وَقَد أَمحلت أَرضٌ وبانَت أَواقل
فَأَبصرَ كَيف الرشدُ مَن هو مبصرٌ / وَقال مقالَ الحَق من هوَ قائل
وَقارنت الأَحكامُ إِحكامَ وَضعِها / فَلَم يَشك ظَلّامٌ وَلم يَخشَ عادل
وَصحَّ بِهِ جسمٌ من الملك مدنفٌ / وَقرّ بهِ قَلبٌ مِن القطر واجل
وَنالت رَعاياه رِعايةَ عالمٍ / حقيقتَها فالفضلُ وَالعَدلُ حاصل
نضى سيفَ إصلاحٍ براحة همةٍ / لَها الحَقُّ غمدٌ وَالنَوايا حمائل
بِهِ عن حمى اللاجي يدافع عزمُه / فصينَ به راجٍ وضيعَ مجاول
تكفّل بالجلّى وَألهمَ ما يشا / فلم يَبقَ بَين الخَلق وَالحَق حائل
وَسكَّن من نفس المَعالي مروعةً / وَجاد لنا وَالدَهر كَالناس باخل
فَلم يُشكَ في الأَيام بؤسٌ وَلَم يَكُن / لَنا عَن فروغ البال للأنس شاغل
وَعزّ زَمانٌ تَحتَ ظلّ جَنابه / يعززه الرَحمَن وَاليمنُ شامل
فَدامَت بِهِ الدُنيا وَدام جَمالُها / وَدامَ لَهُ فيها جَلالٌ ونائل
تَجلّت تهادَى الخندريسُ المُجمَّلهْ
تَجلّت تهادَى الخندريسُ المُجمَّلهْ / بلألائها تجلو العُيون المؤمّلَهْ
وَجاءَت لَنا بِالجَوهر الفرد تَزدهي / تَتيه عَلينا باللآلي المكلَّلَهْ
محرّمة إِلا عَلى روح شربها / وَلَكنها تسبي النُفوسَ المحلله
بِدُرِّ الثَنايا ثَمَّ جُنَّتْ فَأَصبَحت / لِهذا بزنجيرِ الحَبابِ مُسلسله
تَطوفُ بِها بَين النَدامى رَشيقةٌ / بِأَبصار أَفكار التمنِّي مُقَبَّله
كَأَنّ سناء النُور منها بشائرٌ / بِأَفراح إِبراهيم أَدهم مُقْبِله
لعمري لقد سرّت فُؤادي بما سرَت / إِلَيهِ بِروح عَطَّرَ النَّدُّ مَنْدَلَه
وَأَزهر رَوضُ النَفس زَهرةَ فَرحةٍ / فقبَّلَ غُصنُ الرُوح بِالرُوح بُلبُله
وَقارنَ بَدرُ المَجد شَمسَ نَزاهةٍ / قرانَ اعتزازٍ وَالدَوامُ تَكفَّله
فَيا حَبَّذا هَذي التَهاني بِما أَتَت / وَرؤيا أَمانيّ وَفاها تَأَوّله
أَخي دم وَفز وَاهنى بكل مسرة / وَإقبال آمال كِرامٍ مُنَوّلَه
فنعم أَخٌ ذو محتدٍ وَأَصالةٍ / يقارن ذات التالدات المؤصَّله
فَطالعك المَسعودُ باليمن مسعدٌ / وَإِنك أَولى بالهَنا أَن تُخَوَّله
وَهاك نُظَيماً يعجب الدرَّ نَسقُهُ / صميمُ فُؤادي بثَّ وَالشوقُ فَصَّله
يقول بأنس النَفس وَهوَ مؤرّخ / تزوّج إبراهيمُ فاز السُرور لَه
لجمعية التوفيقِ مجدٌ وإجلالُ
لجمعية التوفيقِ مجدٌ وإجلالُ / ففي ظله ظلت مع العز تختالُ
سِرى عدلُه في مصره فاغتدى الهَنا / وَشاهدُه في عصره الحالُ والقال
جَرى حكمه في ملكه بمشيئةٍ / يؤيّدها عزمٌ لما شاء فعّال
فعادت رعاياه بآثار فكره / مؤثرةً تزهَى وتنجح آمال
بهِ اجتمعت بعد افتراقٍ قلوبُهم / وَأَلَّفهم فضلٌ كَأَنهمُ آل
أَعانهمُ من جاهه فتعاونوا / عَلى البرّ وَالتقوى فعزوا بما نالوا
وشرّفهم لما أَنابوا وَأَخلصوا / وَأَرضاهمُ لما لمرضاته والوا
فدام لهذا الملك توفيقُ ربه / بدولته في الكَون تُضرَب أَمثال
وَبُشرى لَها جَمعيةٌ قَد تشرّفت / بِثاني وَليّ العَهد فاعتزَّ إقبال
عَلى الجدّ وَالجَدوى توطَّد أُسُّها / وَوحّدَها حزمٌ وَعَزم وَإفضال
لذاك اعتلت شَأواً وَعزت مكانةً / وَأَضحت حَديثاً سَوف تَتلوه أَجيال
وَمقبل علياها يُنادي مؤرّخاً / لجمعية التَوفيق مَجدٌ وَإجلال
أَدارَت شَمولَ التيهِ فينا شَمائلُهْ
أَدارَت شَمولَ التيهِ فينا شَمائلُهْ / وَسائلُ دَمعي فيهِ عزّت وَسائلُهْ
وَجادلنا بالوصل من بعد ما جَفا / وَجاد لَنا الواشي عَلَيهِ وَعاذله
وَرق زَمانُ القُرب إِذ راقَ أُنسُهُ / فَراقَ فراقٌ أَوحشتنا شَواغله
وَحَلَّ حَرامُ العيش إِذ حَلَّ أَرضَنا / مبارحُ حلٍّ بَرَّحَتْنا رَواحله
وَدارَت عَلَينا بِنتُ سرغٍ عَتيقةٌ / تناولها دارَا القَديم تَناوُله
تُحدِّثُ عَن عَصرِ بن شدادَ شيخةً / تعاورَها مِن قبلِ عادٍ أَوائله
كَأَنّ الحَباب المزدهي فَوقَ كَأسها / أَزاهرُ رَوضٍ أَبرزَتها خَمائله
طفقنا نُواليها بِشِرْبٍ أَماجدٍ / وَمجلسُنا الزاهي تَروقُ أَماثله
فَبتنا نحيّي الليلَ حَتّى تمزّقت / بِأَنوارها بَعد استتار غلائله
إِلى أَن رَأَيتُ الشَمس تزهى كَأَنَّها / كِتابُ سَليم جاء يُهديهِ حامله
سَليم السَجايا رَب مجدٍ وَسوددٍ / تَعززها آدابه وَفضائله
يَرق فَلا لطف النَسيم مشاكه / وَيَقسو فَلا لَيث العَرين ينازله
تَأَلَّف فيهِ كُلُّ مَعنى مِن العُلا / دَقائقُه مَشهودةٌ وَجَلائله
فَلا عَيب فيهِ غَير أَن كَماله / يَقصِّر عَن إِدراكه مَن يُحاوله
أَخا الود وافاني كتابٌ مكرّمٌ / بَدائعه تَترى وَشَتّى فَواضله
نَسقت بِهِ درّاً نَظيماً وَلا خفا / فَإِنك بَحر وَاللآلئ نائله
أَدَلُّ مِن الوَرد النَضيد عَلى الشَذا / دَلائله في فَضل من هوَ باذله
فَدُم وَتقبّل من محب لَك الثَنا / فَغَير الثَنا ماذا الَّذي أَنا قائله
تَذاكر بِنا عَهدَ الحِمى فهوَ بالبالِ
تَذاكر بِنا عَهدَ الحِمى فهوَ بالبالِ / وَكرّر حَديثَ القَوم قَد هاجَ بلبالي
وَزدني مِن الأَشجان ما شئت وَاسقني / بِما تبذل العَينانِ مِن دَمعها الغالي
وَبادر لشمس الراح فَالوَقت حالكٌ / حَكى لَونَ حَظي أَو تَحوُّلَ أَحوالي
عَسى الراح إِن راحَت بعقلي ساعةً / تُخلِّي فُؤادي عَن هُموم وَأَشغال
وَإِن أَسفرت فَامزج بِها ذكرَهم فَما / تَسوغ بلا هَذا المدام لِأَمثالي
وَغَنّ بما استُودعتَه من حديثهم / فَعهدي قَديم مُنذ حينٍ وَأَحوال
وَعلل بتغرير المُنى النفسَ إنَّها / كَنَفس سِواها قَد تُغَرّ بآمال
وَلا تذكرنْ لي غَير ما قَد عَرفتَه / يَروّحُ رُوحي أَو يُسلِّي عَن السالي
فَما لاحتمال العبء عِندي تَحملٌ / وَلا ما بقلبي تَرتضي البَث أَقوالي
وَلا الصَبر مني في التباعد ناصري / وَلا النَفس طوعي في رَشادي وَتضلالي
فَما لَيلةٌ يَغشى الظَلامُ نَواظري / بِنَومٍ وَلا يَومٌ يُضيء بإقبال
فَلو زار طَيفُ القَوم جسمي لَقال لي / أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الطلل البالي
وَلو رام دَهري فَوق ما بي لصدّه / تَحزُّنُ أَعدائي وَحسرةُ عذّالي
تَكاد عَوادي الهمّ لَولا اعتيادها / سُلوك فُؤادي أَن تَضلّ فتخفى لي
وَأَعدى الضنى ذكري لَديهم فَلم يَبِن / عَلى صَفو مَرآة الخواطر تمثالي
وَأَصبَحتُ عَما يَزدَهي النَفس عاطِلاً / وَأَمسيت جفني مِن مَدامعه حالي
أَصاب النَوى إِلا العَزائمَ وَالنُهى / وَصَوتاً رَفيعاً تَحتَ زَأرة ريبال
سَأُتبعُ ذكري ذَلكَ العَهدَ حَسرةً / تَدور بِها الأَدوار في الفلك العالي
وَإِني وَإِن ذلّلت جيدي لصاحبٍ / عَزيزٌ عَلى مَن همَّ يَطلبُ إذلالي
وَحَسبيَ أني لا تَزال سَجيتي / كَما تَشتَهي العليا تُهوِّنُ أَهوالي
أَمولاي إِني جار دَهري أَو ارعوى / أَفكِّر ما يَأتي وَآسى عَلى الخالي
أَمَولاي إِن المَجد وَفَّيتَ حَقَّه / وَجزتَ وَلكنّ الأُمور بَآجال
أَمَولاي إِن العَزم ما أَنتَ مزمعٌ / مُقدَّمُهُ فَخرٌ وَإعزازه تالي
وَما الرشد إِلا ما قضيتَ وَإِنَّما / سِواك رَأى الإذلال في زي إِدلال
دَفعتَ عَن الجاه الرَفيعِ عُداتَه / بهمة قوّالٍ لما شاء فعال
وَما ضرّ مَن تُزجي ركائبَه العلا / وَما العز إلا بين حلٍّ وَترحال
حمدتُ اللقا حيناً من الدَهر غبطةً / بقربك زاه بَين أنس وإبجال
وَهذا النَوى أَبدى إِليّ حَقيقةً / تُقصِّر عَن شُكري لذلك أَقوالي
لكلٍّ من التقريب وَالبعد منّةٌ / لَديّ وَفي كُلٍّ أَرى ودّك الحالي
وَما جزعي أن يُعجز الشكرُ منطقي / وَلكن عَلى أَن أَقعدَ الدَهرُ أَعمالي
وَإِني لأُبقيها عَلى الدَهر سيرة / تُعاصرُ أَجيالاً عَلى إثرِ أَجيال
بِسَيف تنازل أَم بِلَحظ تَغازلُ
بِسَيف تنازل أَم بِلَحظ تَغازلُ / وَتَسطو بقدّ أَم برمح تعاملُ
وَوَاللَه ما أَدرى أَنَحنُ لَدى اللقا / محبٌّ وَحبٌّ أَم قَتيلٌ وَقاتل
يصادم صَدرَ الدَهر صَدري وَنَلتقي / فَأُشفق مِن عَينيك وَهيَ ذَوابل
مَتى يَشتفي مِنكَ الفُؤاد بِعارض / فَنَسلو وَإِلا بِالمُنى فَنُواصل
وَقَدٍّ إِذا ما ماس هاجَت بَلابلي
وَقَدٍّ إِذا ما ماس هاجَت بَلابلي / عَلَيهِ وَرَوضُ الأنس شادي البَلابل
وَلَحظٍ إِذا ما جرّدَ السَيفَ جفنُه / تَوصَّل للأحشاء بَين المَفاصل
وَلَم أَرَ مثلي من قَتيلٍ يَمينُه / عَلى كَبدٍ وَالعَينُ تَلهو بِقاتل
أَراقَت دَمي غَيداءُ راقَت لِناظري
أَراقَت دَمي غَيداءُ راقَت لِناظري / فَقامَت عَلى قَتلي بِقامة عسّالِ
لَها وَجنةٌ وَضاءُ ما الوَردُ مثلها / عَلَيها جرى ماءُ الشَباب كَسلسال
وَعَن جفنها إِن جرّدت سَيفَ لحظها / أَرَتك سُيوفَ الهند صافيةَ الآل
وَلَم أَرَ وَجهاً قَبل ذاك وَقامةً / كَبدرٍ بَدا مِن فَوق مائدِ مَيّال
نَظَرت وَكَم مِن نَظرة أَورثت حَشاً / عَناً أَيَّ بلبالٍ ووجدانَ بالبال
أَخا الحُسن فَليشقى بإثمى من عذلْ
أَخا الحُسن فَليشقى بإثمى من عذلْ / فَما أَنا ممن قَد يَروّعه العَذَلْ
وَقَد كانَ عَهدي أنّ قَتلي محرّمٌ / فَيا لَيتَ شعري من لديك دمي أَحل
وَما أَنا مَن يَرضى سَلوّاً عَن الهَوى / وَإِن كُنتَ لَم تَحفظ عَلى طُول ما حَصَل
وَما أَنا مَن يَنسى قَليلَ مودّةٍ / وَإِن كُنتُ قَد أُنسيتُ مِن أَجلك الأَجل
تَرفق بجفنٍ زاخرِ الدَمع ساهرٍ / وَلَكنّ عَن قَلبي فَديتُك لا تسل
فَكَم عبرةٍ أَرسلتُها كاد بَعضُها / يَقوم بعذري في المَحبة لَو عدل
وَفي مصرعي دُون اللحاظ كفايةٌ / إِذا اعتُبِرَت تُغنيك عَن سِيَر الأُوَل
وَما بَين قَلبي مُهجةٌ ذاتُ حرقةٍ / أُردّدها بَين التروُّع وَالوَجَل
وَكَيفَ سُلوّي عَن غَرامٍ تحكّمت / قِواه بنفس بادي عزتها أَذل
أُقاد لديهِ خاضِعاً متذللاً / وَكَيفَ يذلُّ اللَيث قانصه شبل
وَأُسري وَأَسري بَين وَجدٍ وَلَوعةٍ / وَأَغدو وَيَعدو اليَأس فيما قَضى الأَمل
وَأَجري وَأَجري طارقُ الطَيفِ إِن أَنَم / وَهَيهاتَ يَدري النَومُ ما تَطلبُ المُقَل
فَلا نارَ قَلبي تُفني جسمي فَينقَضي / وَلا ماءَ دَمعي يُطفي مِن ذاك ما اشتعل
أَتخدعُ بالآمال صبّاً قَتلتَه / وَهَل تَرَ مَقتولاً يعلّل من قتل
فداؤك رُوحي وَهيَ عِندي عَزيزةٌ / وَمثلي يَرى بَيعَ النَفائس بِالبدل
عَلى أَنَّها لَم تَحظَ مِنكَ بمأربٍ / وَهَذا الَّذي أَلقى بِوَجدي وَلَم تَنل
وَكَيفَ التسلّي عَن عُيون وَما المَها / وَوَجه وَما الشَمس المُنيرة في الحمَل
وَتِلكَ الَّتي قَد عُلّمت سحرَ بابل / وَذاكَ الَّذي لَولاه لَم يضرب المثل
لحاظ رَمت نَحوي فَلم تُخطئ الحَشا / وَما كُنت أَدري التركَ مِنهُم بنو ثُعَل
رَمَتنيَ دَعجاءٌ مِن النعْس زانَها / كَمالُ احورارٍ حارَ في حُسنه الكَحَل
عَفا اللَه عَنها كَيفَ ذلّت عَزيمتي / لَدَيها وَما ذلّت لَدى البيض وَالأَسل
فَيا لَيتها إِذ تَطلب القَلبَ في الهَوى / أَصابته أَو حادَت فَكانَ الَّذي فَصل
وَيا طرّةً فَوق الجَبين كَأَنَّها / عَلى جَنَّة للحسن ظلٌّ ضفا فَظَل
وَيا وَجنةً مِن نَفحةِ الطيب وَالبَها / تذكّرنا الرضوانَ للنفس حَيثُ حل
وَلم يَرضَ رَبُّ الحُسن في جَنّةِ الصَفا / فَأتبع حسناها الزِيادةَ فاكتمل
وَأَرسل في خدّيهِ خَطَّ عذارِه / وَحلّى حسامَ اللحظ إِذ هيّأَ الخلل
فَلا كانَ قَلبٌ لَيسَ يَرتاحُ لِلهَوى / وَلا كانَ طَيفٌ بِالكَرى بَعدك اكتحل
إِذا مالَ هذا القدّ كَالغُصنِ يا فَتى
إِذا مالَ هذا القدّ كَالغُصنِ يا فَتى / فَدَيتُك فكّر كَيف كانَت بَلابلي
وَإِن راقَ هَذا الخَدُّ كَالوَرد منظراً / تذكّر عُيوني كَم سَقَت مِن خَمائل
فَأَنتَ الَّذي أَحرقتَ قَلبي بِلَوعةٍ / فَلَم تَبقَ فيهِ مَنزِلاً لمُواصل
وَكَيفَ تَحلُّ الغيدُ في القَلب مَنزِلاً / وَهَل يَنزلُ النيرانَ أَكرمُ نازل
تَرى السقمَ أَخفى الجسمَ عَن عائد الكَرى
تَرى السقمَ أَخفى الجسمَ عَن عائد الكَرى / فَضلّ السُرى وَاللَيلُ قَد مدَّ كَلكَلا
وَإِلا فَيَخشى من هُمومي إِصابةً / لما قيل قَد يُعدي العَليلُ المعللا
وَإِلا شُجوني أَحرقته بنارِها / وَإِلا فَدمعي ردّه حَيثُ أَرسلا
عَفا اللَه عَنهُ ما عَلَيهِ لو اِفتَدى / بزَورته رُوحاً وَكانَ تَفضّلا
فَكَم ذا أُلاقي البين في كُل مَركبٍ / يَمدّ إِلى حَربي خَميساً وَجَحفلا
وَلي همةٌ ما كُنتُ أَحسبُ أَنَّها / يَزخرفُها خطبٌ تمادى وَأَقبلا
وَلَكن ثَناها عَن مَداها برغمها / حَبيبٌ تَخلّى أَو صَديقٌ تحوّلا
وَإِني لَأَدعوا الصبرَ إِن يَتّقي النَوى / فَيَنأى وَعَهدي أَنهُ ثمّ ذو الوَلا
وَأَرجو ثَباتاً مِنهُ في كُل حالةٍ / وَكُل الَّذي عَهدي بِهِ قَد تبدّلا
أَقول وَلَكن دَون ما أَبتغي مدى / طَويلٌ وَشرحٌ مستطيلٌ مفصَّلا
يَضيق الفَضا ما عاينَ المرءُ عاذلاً / وَيَتَّسعُ السجنُ المضيقُ إِذا خَلا
دَع الوَجدَ في قَلبي وَما شاء يَعملُ
دَع الوَجدَ في قَلبي وَما شاء يَعملُ / فَماذا عَلَيهِ إِذ جَنى يَتحمّلُ
وَبِاللَه لا تذكُر إِذا مادَ قدُّهُ / وَنحتُ سِوى غُصنٍ وَيَعلوهُ بُلبل
وَإِلا اذكُرَنْ لَيلي وَعَهديَ بِاللَوى / فَثمَّ حَبيبٌ لي وَعَهدٌ وَمَنزل
وَإِن شئتما قَولاً صَريعُ صَبابةٍ / يَجور الهَوى في قَلبِه وَهوَ يَعدل
وعوجا عَلى تلكَ الرُسوم وَسائِلاً / وَقُولا رَعاكِ اللَه أَين ترحّلوا
وَإِن يَبعدِ المَرمى وَيَمتدّ سربخٌ / وَيَيأس مَأمولٌ وَيَنأى مؤمَّل
فَهات اسقنيها بنتَ كرمٍ كَريمةً / فَبالراحِ بَعد اليَأسِ يَحلو التَعلُّل
أَدرها شَمولاً وَاسقنيها مدامةً / وَدع قَولَ من لاموا وَمالوا وَأَوّلوا
فَما العُمر إِلا بَين صَفوٍ وَقَرقَفٍ / وَما الفَخر إِلا أَن تَقول فَتفعل
سلامي أُحمّله النَسيمَ إِلى الَّذي
سلامي أُحمّله النَسيمَ إِلى الَّذي / حَكى الغُصنَ منهُ ميلُه وَاعتدالُهُ
إِلى من أَبى أَن يجزيَ الودّ مثلَه / وَمَن فاتَني لما تَناءى خياله
فَباللَه يا ريحَ الصبا أَن تبلِّغي / غَرامي وَلا يَخفى عليهِ احتماله
فَقد فرّق الصَبر الجَميل افتراقه / وَقَد فَصل الأَوصال عَني انفصاله
وَقَولي لَه هَل ثمّ إلا خياله / وَعما قَليل ذاكَ يُخشَى زَواله
وَما ساءه في البدء إِلا انعطافُه / وَما دلَّه للحب إِلا دلاله
حَبيبي لئن طال التنائي وَبيننا
حَبيبي لئن طال التنائي وَبيننا / مهاب إِذا ما الوَهم وافى أَضلَّهُ
فَلا تتق الدُنيا وما تَبتغي بنا / وَإِياك لا تَنسى من اللَه فضلَهُ
فَأَبعد منا قرّب اللَه داره / وَأَفرق منا جَمَّع اللَه شَملَهُ
قف العيس يا حادي عَلى المعهد الخالي
قف العيس يا حادي عَلى المعهد الخالي / وَحيى الحِما البالي لتهتاج بلبالي
تمرّ اللَيالي وَهِيَ بيد بلاقعٌ / وَقَد طالما مرّت عَلى آهل حالي
شموسٌ تهادى بعدهنّ أَهلةٌ / كَرائمُ أُسدٍ أَو شقائقُ أَشبال
لَهنّ ازدهاءُ الكبرياء أَعزةً / وَفيهنّ لُطف الأنس بالتيه وَالخال
تَربَّينَ في حِجر العَفاف عَلى التُقى / وَنُزِّهنَ عَن وَحشية الحال وَالقال
قفِ العيس نذكرْ بعدما مرّ وانقضى / فَقَد يَحمدُ الذكرى عَلى اليَأس أَمثالي
فَما دار لَيلَى بَعدَ لَيلى كدارها / وَلا حال من فيها كما مرّ من حال
وَلا ليلها ليلُ اجتماعٍ ووصلةٍ / وَلا صبحُها صبحُ اغتباطٍ وإقبال
وَلا ماءها الصافي بعذبٍ وَسائغٍ / وَلا ظلُّها الضافي بواق وَظلّال
وَلا عصرها عصرُ الشَباب الَّذي مَضى / وَلا أَهلُها أَهلٌ لكأسٍ وَجريال
دَع العيس في هذي الرُسوم هَنيهةً / وقف وَقفةَ المفجوعِ في المعهد الخالي
وَنادي صداها إِن أَجابك يا فَتى / فَسَله عن الخالي من الصحب وَالآل
فَتلك رُسومٌ مرّ لي بينها هَوىً / وَصَفوٌ بمن أَهوى عَلى رَغم عذّالي
شَربتُ الهَوى كَأساً كما شئتُ سائغاً / تَطوفُ بِهِ الأَيامُ في كَف آمالي
بعينٍ بمن ترضَى لقاهُ قَريرةٍ / وَقَلبٍ خليٍّ عن همومٍ وَأشغال
وَنفسٍ إِلى نادي الندامى هشوشةٍ / وَصَوتٍ إِذا فاخرت ربّ العلا عالي
إِذا قُلتُ من لي قال لبيك معشرٌ / كرامٌ كرامُ الجدّ وَالعم وَالخال
تُحَبُّ فكاهاتي لديهم وَحكمتي / تُجَلُّ وَحالي بينهم كله حالي
لقد أَفردتنا عنهم اليَوم حكمةٌ / علمنا بها معنى اعتزاز وإذلال
تناءت لنا بالرقمتين المنازلُ
تناءت لنا بالرقمتين المنازلُ / وَكانت لنا فيها تسوغُ المناهلُ
وَكانت تمنّينا الصبابةُ وَالصبا / سقتها الغَوادي وَالركامُ الهَواملُ
منازلُ كانت للشباب ملاعباً / يُزخرفُها قربٌ وَيَلهو مُواصل
وَلم أَنسَها وَالراحُ زَفَّت كؤوسَها / وَقد ظللتنا الزاهراتُ الخمائل
وَماست غصونٌ بين تيهٍ وَعزةٍ / يعلِّمها الميلَ الصبا وَالشمائل
لعمرُكَ ما غنّت عليها حمائمٌ / فَأَبصرتها إِلا وَهاجَت بلابل
وَما راعَني لَو أَنّ في القُرب مطمعاً / وَلكن نَأت دارٌ وَطالَت مراحل
وَأَصبح عَهدي غَيرَ ما كُنت مبرماً / مع القَوم أَو قَد مال ما أَنا آمل
فَيا قَلب دَع ما لَيسَ يرجَى وَخلِّنا / وَيا جفنُ نم عمّن سلوا وَتشاغلوا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025