المجموع : 7
إِليكَ فَقَلبي لا تقِرُّ بلابلُه
إِليكَ فَقَلبي لا تقِرُّ بلابلُه / إِذا ما شدَت فوقَ الغُصون بلابلُه
تَهيجُ له ذكرى حَبيبٍ مُفارِقٍ / زرودُ وحُزوى وَالعَقيقُ منازلُه
سقاهُنَّ صوبُ الدَمعِ منّي ووبلُه / منازلَ لا صوبُ الغمام ووابلُه
يحلُّ بها من لا أصرِّحُ باِسمِه / غَزالٌ على بُعد المزارِ أُغازِلُه
تقسَّمه رقُّ الجَمال وَجزلُه / فرنَّ وشاحاهُ وصُمَّت خَلاخِلُه
وَما أَنا بالناسي لَياليَ بالحِمى / تقضَّت ووردُ العَيش صفو مناهلُه
لَيالي لا ظبيُ الصَريم مصارمٌ / ولا ضاقَ ذَرعاً بالصُدود مُواصلُه
وَكَم عاذِلٍ قَلبي وقد لجَّ في الهَوى / وما عادِلٌ في شِرعة الحبِّ عاذلُه
يَلومونَ جَهلاً في الغَرام وإنَّما / له وعليه بِرُّه وغوائلُه
فَلِلَّهِ قَلبٌ قد تَمادَى صَبابَةً / عَلى اللَوم لا تنفكُّ تغلي مراجلُه
وَبالحلَّة الفَيحاءِ من أَبرقِ الحِمى / رَداحٌ حماها من قنا الخَطِّ ذابلُه
تَميسُ كما ماسَ الرُدَينيُّ مائداً / وَتهتزُّ عُجباً مثلما اِهتزَّ عاملُه
مهفهفةٌ الكَشحَين طاويةُ الحَشا / فَما مائدُ الغصن الرَطيبِ ومائِلُه
تعلَّقتُها عصرَ الشَبيبة والصِبا / وَما عَلِقَت بي من زَماني حبائلُه
حذرتُ عليها آجلَ البُعد والنَوى / فَعاجَلني من فادح البَين عاجلُه
إِلى اللَهِ يا ظمياءُ نَفساً تَقَطَّعَت / عليكِ غَراماً لا أَزال أُزاولُه
وخطبَ بعادٍ كلَّما قُلتُ هذه / أَواخرهُ كرَّت عليَّ أَوائِلُه
لئن جارَ دَهري بالتفرُّق واِعتَدى / وَغال التَداني من دُهى البين غائلُه
فإنّي لأَرجو نيلَ ما قد أَملتُه / كَما نال مِن يحيى الرَغائبَ آملُه
كَريمٌ وفي إِحسانه ونوالِه / بما ضمِنَت للسائِلين مخائلُه
من النَفر الغرِّ الَّذين بمجدهم / تأَيَّد أَزرُ المجد واِشتدَّ كاهلُه
لَقَد ألبِسَت نَفسُ المَعالي برودَه / وزُرَّت على شَخص الكَمال غلائلُه
جَوادٌ يَرى بذلَ النوال فَريضةً / عليه فما زالَت تعمُّ نوافلُه
له همَّةٌ نافت على الأَوج رفعةً / تقاصرَ عنها حين همَّت تُطاولُه
أَجلُّ همامٍ أَدرك المجدَ همَّةً / وأَكرمُ مولىً جاوز الحدَّ نائلُه
وقد أَيقنت نَفسُ المكارم أَنَّها / لَتَحيا بِيَحيى حين عمَّت فواضلُه
أَخٌ ليَ ما زالَت أَواخي إِخائه / موطَّدةً منه ببرٍّ يواصلُه
ليَهنكَ مجدٌ يا ابنَ أَحمدَ لم تَزَل / فواضلُه مشهورةً وفضائلُه
أَبى اللَهُ إلّا أَن يُنيفَ بكَ العُلى / وَيُعلي بك المجدَ الَّذي أَنتَ كافلُه
وَما زِلتَ تَسعى بالمكارم طالباً / مَقاماً تناهى دونَه من يُحاولُه
فحسبُك قد جُزتَ الأَنامَ برتبةٍ / تُشيرُ لَها مِن كُلِّ كفٍّ أَناملُه
سأَشكُرُ ما أَهدَيتَ لي من أَزاهرٍ / يَجولُ عليها من نَدى الحُسن جائلُه
وأثني على ما صُغتَه من قلائِدٍ / تَحَلّى بها من جيدِ مدحيَ عاطلُه
فدم سالِماً من كُلِّ سوءٍ مهنّأً / بما نلتَه دَهراً وما أَنتَ نائلُه
ودونكها من بَعض شُكري وما عَسى / يَفي بالَّذي أَوليتَ ما أَنا قائلُه
أَبو طالب عمُّ النَبيِّ محمَّدٍ
أَبو طالب عمُّ النَبيِّ محمَّدٍ / به قام أَزرُ الدين واِشتدَّ كاهلُه
وَيَكفيهِ فخراً في المَفاخر أَنَّه / مؤازرُه دونَ الأَنام وكافلُه
لئن جهِلَت قَومٌ عظيمَ مقامِه / فَما ضرَّ ضوءَ الصُبح من هو جاهلُه
وَلَولاه ما قامَت لأَحمدَ دعوةٌ / ولا اِنجابَ لَيلُ الغيِّ واِنزاح باطلُه
أَقرَّ بدين اللَه ستراً لحكمةٍ / فَقال عدوُّ الحقِّ ما هو قائلُه
وَماذا عليه وهو في الدين هضبةٌ / إِذا عصفت من ذي العِناد أَباطلُه
وكيف يحلُّ الذمُّ ساحةَ ماجِدٍ / أَواخره مَحمودةٌ وأَوائلُه
عليه سَلامُ اللَه ما ذرَّ شارقٌ / وَما تُليت أَخبارُه وَفضائِلُه
سرَت سَحَراً والنجمُ للغرب مائلُ
سرَت سَحَراً والنجمُ للغرب مائلُ / وَلَونُ الدُجى من رَهبة الصُبح حائلُ
وَقَد همَّتِ الظَلماءُ في الأُفق بالسُرى / كَما همَّ بالسَير الخَليط المزايلُ
كأَنَّ النجومَ الزُهرَ عيسٌ نوافرٌ / كأَنَّ الدجى ركبٌ من الزِنج قافِلُ
كأَنَّ الثريّا إذ تَجَلَّت خواتِمٌ / تحلَّت بها من كفِّ خودٍ أَنامِلُ
كأَنَّ سهيلاً للنُجوم مُراقِبٌ / كأَنَّ السُهى صَبٌّ من العشق ناحلُ
كأَنَّ عَريَّ الأفق بيداءَ سملقٌ / كأَنَّ مَبادي الصُبح فيه مَناهِلُ
فوافَت يباريها الصَباحُ مماثلا / وَهَل يَستَوي مثلين حالٍ وعاطلُ
عجبتُ لمسراها وقد حالَ دونَها / شعوبٌ تَسامى للعُلى وَقبائِلُ
وشيمَت لديها مرهفاتٌ بواترٌ / وهُزَّت عليها مُشرعاتٌ ذَوابلُ
كَسا الجوَّ منها نفحةٌ عنبريَّةٌ / فنمَّت بريّاها الصَبا والشَمائِلُ
مهاةٌ لها في كُلِّ قَلبٍ مراتعٌ / وَبَدر في كُلِّ قَلبٍ منازلُ
تبدَّت فَقُلتُ الصبحُ أَبيضُ ساطعٌ / وَماسَت فَقُلتُ الغصنُ أَخضَرُ مائِلُ
تكنَّفها أَترابُها فكأَنَّما / هيَ البَدرُ بين الأَنجم الزُهر ماثلُ
عليهنّ من ضوءِ الصَباح براقعٌ / وَمن غَسق اللَيل البَهيم غَلائِلُ
فَما راعَني إِلّا سَلامُ وداعِها / وأَدمعُها في وجنتيها هواملُ
وَقامَت لضمّي والحليُّ مُرِنَّةٌ / وقد صُمَّ منها قُلبُها والخَلاخلُ
هناك اِلتَوَينا للعناق كما اِلتَوى / قضيبانِ في رَوضٍ وريق وذابلُ
وَراحَت تَهادى في خُطاها تأَوُّداً / كَما يَتَهادى الشاربُ المُتَمايلُ
فَلِلَّهِ وَصلٌ ما أَقلَّ زمانَه / كذلك أَزمانُ الوصال قَلائِلُ
وَمزرٍ بضوءِ الشَمس لم تَرَ وَجهَهُ
وَمزرٍ بضوءِ الشَمس لم تَرَ وَجهَهُ / ولا ماثَلتهُ في علوٍّ ولا نُبلِ
بلينا جَوىً إِن رامَ منّا تدلُّلاً / على الحُبِّ إِبلاءَ النُفوس ولا نُبلي
وأَهيفَ قد قدَّ القُلوبَ بقدِّه
وأَهيفَ قد قدَّ القُلوبَ بقدِّه / وَما هو حَدَّي سِنانٍ ولا نَصلِ
صلَتنا لَظى الهَيجاءِ إِن سامَنا هَوىً / على حُبِّه صَليَ النفوسِ ولا نصلي
لنا كلَّ يومٍ رنَّةٌ وعويلُ
لنا كلَّ يومٍ رنَّةٌ وعويلُ / وَخطبٌ يَكلُّ الرأيُ وهو صَقيلُ
بكيتُ لو اِنَّ الدمعَ يُرجعُ ميِّتاً / وأَعولتُ لَو أَجدى الحزينَ عويلُ
لَحا اللَه دَهراً لا تَزال صروفُه / تطولُ علينا دائماً وتَعولُ
علامَ وَفيما قد أَصابَ مقاتلي / وَغادَرني هامي الدموع أَعولُ
وحمَّلني خطباً تضاءَلتُ دونَه / وَما أَنا قِدماً للخطوب حَمولُ
بموتِ كَريمٍ ماجِدٍ وابن ماجدٍ / له العزُّ دارٌ والعَلاءُ مَقيلُ
فَتىً قد عَنَت يومَ الهياج له القَنا / وراح الحسامُ العضبُ وهو ذَليلُ
بكاهُ القَنا الخَطّي علماً بأَنَّه / كَسيرٌ وأَنَّ المشرفيَّ كَليلُ
فمن للعَوالي بعد كفَّيه والنَدى / ومن في صفوف الناكثينَ يَجولُ
ومَن بعدَه للسَيف والضَيف والعلى / وَمَن بعدَه للمكرُمات كَفيلُ
رَبيبُ عُلاً شحَّ الزَمانُ بمثله / وَكُلُّ زَمانٍ بالكرام بَخيلُ
وَلَمّا نَعى الناعي به ضاق بي الفضا / وَراحَت دموعي الجامداتُ تَسيلُ
وَهَيهات أَن تأتي النِساءُ بمثله / وَيَخلف عنه في الأَنام بَديلُ
سأبكيكَ يا عمّارُ ما ناحَ طائِرٌ / وما نُدبَت بعد الرحيل طُلولُ
مُصابي وإِن طوَّلته عنك قاصرٌ / وَدمعي وإن كثّرتُ فيكَ قَليلُ
سلكتَ وأَسلكتَ الأَسى في حشاشتي / ممرَّ سَبيل ما سواه سَبيلُ
لك اليومَ في قَلبي مكانُ مودَّةٍ / ودادُك فيه ما حَييتُ نَزيلُ
فإن هاطِلاتُ السُحب شحَّت بسقيها / سقاكَ من الجَفن القَريح هَطولُ
عليك سَلامُ اللَه منّي تحيَّة / مَدى الدَهر ما غالَ البَريَّة غولُ
وإنّي غَريبٌ بين قومي وجيرَتي
وإنّي غَريبٌ بين قومي وجيرَتي / وأَهليَ حَتّى ما كأَنَّهم من أَهلي
وَلَيسَ غَريبُ الدار من راحَ نائياً / عن الأهل لكن من غَدا نائي الشكلِ
فمن لي بخِلٍّ في الزَمانِ مُشاكلٍ / أَلُفُّ به من بعد طولِ النوى شَملي