القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 11
كلفت بِلَيلى وَهيَ ذات جَمالِ
كلفت بِلَيلى وَهيَ ذات جَمالِ / فَلازمتُها عمراً لغير وِصالِ
وَزايلتها لا حامِداً لزيالي /
نأت بيَ عَن لَيلى نوىً لا أُريدها / فَما لي إلى لَيلى سِوى اللفتات
يَقول أُناس إن عفراء تغضبُ / إذا أَبصرت عيناً إليها تُصوِّبُ
فَقلت لَهم إني فَلا تتكذّبوا /
نظرتُ إِلى عَفراء عشرينَ مَرَّةً / فَما غضبت عَفراء من نَظَراتي
نعمتُ زَماناً قبل هَذا التَشتتِ / بعَفراء إذ جادَت وَعَفراءُ سلوَتي
فَلَمّا مَضَت عني إلى غير عودة /
ظللت رِدائي فوق رأَسي قاعِداً / أَعُدُّ الحَصى لا تنقضي عبراتي
لَقَد فاتَني أن أمنع الركب باذِلا / من الجهد ما يَنهاهُ عَن أن يزايلا
وَلَكِنَّني تاللَه قد كنت جاهِلا /
تساقطُ نَفسي كلَّ يومٍ وَلَيلةٍ / عَلى إثر ما قد فاتها حسراتِ
أَموتُ بَعيداً عَن دياري وَعَن أَهلي
أَموتُ بَعيداً عَن دياري وَعَن أَهلي / فَمَن يا ترى يَبكي حواليَّ من أَجلي
أَموت غَريباً في رَبيع شَبيبَتي / وَلا صاحبٌ عندي يمرّض أَو يسلي
سَيَقتادُني حتفي إلى الرمس صاغِراً / وَيقطع عَن دنياي سيف الردى حبلي
غداة غدٍ يا لهف نَفسي عَلى غد / يتم عَلى الأيدي إلى حفرة نَقلي
فيحمل نَعشي بعد غسل جنازَتي / إلى القبر ناس لا يهمهمُ حملي
إلى حيث لا شمس النهار مطلة / وَلا اللَيل نظّارٌ بأعينه النجل
إلى جدث داجي القرارة ضيقٍ / يجاور أَجداثاً بُنينَ عَلى تل
غَريب يريد الموت بتلَ حَياته / فَللَّه ما يلقي الغَريب من البتل
سلام عَلى الدنيا سلام عَلى المنى / سلام عَلى المأوى سلام عَلى الأهل
سلام عَلى وادي السلام وَمائه / سلام عَلى الحي المخيم في الرمل
سلام عَلى الشمس المضيئة في الضحى / سَلام عَلى ريح الصبا عقب الوبل
أَلا لَيتَ شعري هَل دجيلٌ كعهده / وَهل سمرات الرمل وارفة الظل
وَهَل حيُّنا منه بذي الأثل نازلٌ / كَما كانَ أَم هَل غادر الحيُّ ذا الأثل
وَهَل عرصات الحي بعدُ عذيةٌ / وَهَل جنبات الحي باسقةُ النخل
لعمرك لا ظل الطريفاء قالصٌ / نهاراً وَلا ماء الطريفاء بالضحل
بلاد سكناها وَنحن من الحمى / بحيث النَسيم الطلق يعبث بالطل
بحيث الرضى معشوشبٌ في رَبيعه / بروضٍ كَما شاءَت مُنى النفس مخضَّل
بلاد بها حَزْنٌ وَسهلٌ تقابلا / فَيا لَك من حزنٍ وَيا لك من سهل
هنالك أَهلي الأقربون فَما بهم / بمجتمعٍ يا نفس بعد الردى شملي
أَموت نعم إني أَموت ومن يَعش / فَلا بد من يوم يموت به مثلي
فَما لي أَراني جازِعاً من منيتي / كأَن لَم يمت في غربةٍ أَحد قَبلي
جزعت لأني للمقابِر راحلٌ / وأَكثر سكان المقابر من شكلي
يدبّ البلى في الجسم منيَ سارياً / مَع الترب من بعضي لبعضي إلى كلِّي
إذا كانَ أَصلي من تراب فإنني / سأَرجع فيه بعد مَوتي إلى أَصلي
لَقَد قالَ ناسٌ شاهدونيَ أنَّني / مصابٌ بداء السل وَيلي منَ السل
وَقالوا التمس فيه طَبيباً مداوياً / فعلك تُشفَى منه قلت لهم علِّي
تجرعتُ كأساً للتغرب مرةً / إلى اليوم في بَطني مرارتها تغلي
ومن بات مسلولاً بمنزل غربة / فإن لَياليه تُمِرُّ وَلا تُحلي
أَتاني كتاب من أبي يستعيدني / فَيا أَبتا إني عن العود في شغل
وَيا أبتا أَخبر حناناً أميمتي / بأنيَ زلِّت بي إلى هوَّةٍ رجلي
وَيا أبتا أنبئ جناناً حليلَتي / بأنيَ مودٍ فلتحافظ عَلى طِفلي
بُنَيَّ رضى عش في سَلامٍ فإنما / حَياتك بعدي يا رضى منتهى سؤلي
فلما قضى نحباً وَطارَ نعيُّهُ / إلى أبويه ضيَّعا الرشدَ من ذهل
فَباتَ أبوه مصلح الدين جازعاً / عَلى نجله البرّ الوَحيد أبي الفضل
وَصكت حنانٌ أمُّه الوجه للأسى / وَعضت بأَطراف البنان من الثكل
عَلى رأسها تحثو التراب بكفها / وَتذرف عَيناها مدامع كالوبل
وَتَمشي بأقدام ضعفن عَن الخطى / إلى زوجها مشيَ المقيَّدِ في الوحل
تَقول له أَنتَ المغرّب لابننا / فأرجعه لي يا بعل واجمع به شَملي
بُنيَّ ليؤذيني عَلى رزئك الأسى / بُنَيَّ وَيغلي في فؤاديَ كالمهل
وَلَو كانَ خطبي فيك سهلاً حملته / بُنيّ ولكن لَيسَ خطبيَ بالسهل
مشيتَ حثيثاً في شبابك للردى / فَيا أَيُّها الماشي حثيثاً عَلى مهل
برغم حنان أَهلك الدهر نجلها / وأَبكى حناناً من حنان عَلى النجل
وأما جنان فَهي عند سماعها / حَديث وَفاة البعل ناحَت عَلى البعل
وَشب الأسى في قَلبها متسرِّعاً / إليه شبوب النار في الحطب الجزل
ذَوى وردُ خديها وبدل لونه / سواد بعينيها يَنوب عَن الكحل
وَخرت عَلى وجه التراب يرجها / غياب وَقالَت وَهي كالشَمس في الأفل
يَقول أناس لي أبو الفضل ميت / لَقَد كذبوا ما مات قط أبو الفضل
لَقَد كذبوا هَذا أبو الفضل قادم / إليَّ سليم الجسم يَمشي عَلى الرجل
لَقَد كذبوا هذا أبو الفضل شخصه / أَتانيَ هش الوجه يَهتز كالنصل
جَميلاً يحييني تبسُّمُه كَما / يحيي التراب البرق في البلد المحل
وفيت بوعد في الرجوع إلي يا / أَبا الفضل لكن بعد طولٍ من المطل
لأنت هوى نَفسي وأَنتَ سرورها / وأَنتَ رَبيع النفس في سنة الأزل
وَدامَت كَذا في حلمها نصف ساعة / فَلما أفاقت منه كانَت بِلا عقل
وَعاشَت لأسبوعين خائرة القوى / تبيت بلا نوم وَتُمسي بلا أَكل
يجيء إليها مصلح الدين سائلاً / فتستر عنه الوجه بالشعر الجثل
وَتوسعه شتماً وبعد دقائق / تقبِّلُ في خضْعٍ يديه وَفي ذلِّ
وَتضحك في الجلَّى وَتَبكي مصابها / بدمع كأمثال اللآلئ منهلِّ
إلى أَن أَتاها الموت يَحبو فَصادَفَت / نجاة به من أَزمة السقم وَالخبل
لَقَد كانَ بعد البعل غلاً حَياتها / فأطلقها كفُّ المَنايا من الغلّ
عَلى كل عود صاحب وَخَليلُ
عَلى كل عود صاحب وَخَليلُ / وَفي كل بيتٍ رنةٌ وَعويلُ
وَفي كل عين عبرة مهراقة / وَفي كل قلب حسرة وَغَليل
علاها وَما غير الفتوَّة سُلَّمٌ / شباب تسامى للعلى وَكهول
كأَنَّ وجوه القوم فوقَ جذوعهم / نجوم سماء في الصباح أُفول
كأَنَّ الجذوع القائمات منابر / علت خطباء عودَهنَّ تَقول
لَقَد ركبوا كور المَطايا يحثّهم / إلى الموت من وادي الحَياة رَحيل
أَجالوا بهاتيك المشانق نظرةً / يَلوح عليها اليأس حين تَجول
وَبالناس إذ حفوا بهم يخفرونهم / وقوفاً وَفي أَيدي الوقوف نصول
يرومون أن يلقوا عدولاً فينطقوا / وَهيهات ما في الحاضرين عدول
دنوا فرقوها واحداً بعد واحد / وَقالوا وَجيزاً لَيسَ فيه فضول
فمن سابقٍ كيلا يقال محاذرٌ / وَمستعجلٍ كيلا يقال كسول
وَلِلَّه ما كانو يحسون من أَذى / إذ الأرض تنأى تحتهم وَتَزول
وإذ قربوا منها وإذ صعدوا بها / وإذ مس هاتيك الرقاب حبول
وَما هي إلا رجفة تعتري الفتى / مفاجأةً وَالرأس منه يميل
مشوا في سَبيل الحق يحدوهم الرَدى / وَللحق بين الصالحين سَبيل
سَتَبكي عَلى تلك الوجوه منازل / وَتَبكي ربوع للعلى وَطلول
وأعظم بخطب فيه للمجد شقوة / وَفي جسد العلياء منه نحول
سرت روحهم تطوي السماء لربها / وَما غير ضوء الفرقدين دَليل
وَلِلَّه عيدان من الليل أَثمرت / رجالاً عليهم هيبة وَقبول
وَيالَك من رزء حمدت له البكا / وَقبحت فيه الصبر وَهوَ جَميل
قبور كأَنَّ القوم إذ رقدوا بها / عباديد سفر بالتلاع نزول
هوت أمهم ماذا بهم يوم صُلّبوا / عَلى غير ذنب كي يُقال ذحول
سوى أنهم قد طالبوا لبلادهم / بأمر إليهم فخره سيؤول
وَنادوا بإصلاح يَكون إلى العلى / وَللنجح وَالعمران فيه وصول
فَما رد عنهم بالشفاعة عصبةٌ / وَلا ذبَّ عنهم بالسلاح قَبيل
وَلا نفع السيف الصَقيل حديده / مضاء وَلا الرمح الطَويل عسول
لعمرك لَيسَ الأمر ذنباً أَصابه / قصاص وَلكن يعرب وَمغول
أَناخوا المَطايا حين أدرك لَيلها / بمأسدة فيها الحماة قَليل
وإني عَلى ما بي من الحر وَالصدى / لأنظر ماءً ما إِليه سَبيل
أفكر في الماضي فيأتي خياله / جَميلاً أَمام العين ثم يَزول
وإن بُكائي اليوم لَو نفع البكا / عليهم وَفي مستقبلي سَيَطول
أَبعد بني قومي أنهنه عبرتي / وأَمنعها إني اذا لَبَخيل
أَقبُّرة الحقل اغنمي الوقت واصفري / فَما بعد أَيام تمر حقول
يبرّحني أن الصروح تقوضت / وَيُحزنني أَنَّ القصور طلول
فَلَيتَ الَّذين اِستَحسَنوا الأمر فكروا / فكان عَن الرأي السَخيف عدول
قَد اسود لَيل الظلم حتى كأَنَّه / ستار عَلى الأرض الفضاء سَديل
وَيا لَك من لَيل يَروع كأَنَّما / بكل مَكان منه يرقب غول
وَقَد قر حتى قلت قد جمد الدُجى / وَخلت بياض الصبح لَيسَ يَسيل
وَعَسعَسَ يَرتاع الكرى من ظلامه / وَطالَ وَليل الخائفين يَطول
إذ الوطن المأسور ينهض قائماً / فتقعد أَغلال به وَكبول
مَضى ما مَضى لا عادَ وَاليَوم فاِستمع / إلى لهجة التاريخ كيفَ يَقول
ستكتب فيه بالدماء حوادِث / وَتُقرأ لِلوَيلات فيه فصول
وَيَذهَبُ هَذا الجيل نضو شقائه / وَيأَتي سعيداً بالسَلامة جيل
ألا فاِنتبه للأمر حتامَ تغفلُ
ألا فاِنتبه للأمر حتامَ تغفلُ / أما علمتك الحال ما كنت تجهلُ
أغث بلداً منها نشأت فقد عدت / عليها عوادٍ للدمار تعجل
قد استصرخت أم ربيت بحجرها / وإنك عنها غافل لست تسأل
رعى اللَه ربعاً كان بالأمس عامراً / بأهليه وهو اليوم قفر معطَّل
كأنّيَ بالأوطان تندب فتية / عليهم إذا ضام الزَمان المعول
تقول أما من مسعدٍ لبلاده / يناصرها فيما دهاها وَينشل
أما من ظهير يعضد الحق عزمه / فقد جعلت أركانه تتزلزل
أما من طبيب ذي تجارب حاذق / يضمد جرحاً دامياً كاد يقتل
وإن حصول الشيء رهن بفرصة / إذا هي فاتَت فهو لا يتحصل
بِنَفسي أفدي كل حر سميذع / يرى أن لوث العار بالدم يغسل
وَما رابَني إلا غرارة فتية / تؤمل إصلاحا وَلا تتأمل
تؤمل إصلاحاً وترجو سعادة / أَلا باطل ما تَرتَجي وتؤمل
توالت عليها الحادِثات فكلما / ترحل عنها مشكل حل مشكل
تعلل بالآمال نفسك راجياً / سلاماً لها لو كانَ يجدى التعلل
وَما هي إِلّا دولة همجية / تسوس بما يقضي هواها وتعمل
فترفع بالإعزاز من كان جاهِلاً / وتخفض بالإذلال من كان يعقل
فمن كانَ فيها أولاً فهو آخرٌ / ومن كانَ فيها آخراً فهو أول
وَما فئة الإصلاح إلا كبارق / يغرك بالقطر الَّذي ليس يهطل
لهم أثر للجور في كل بلدة / يمثِّل من أَطماعهم ما يمثل
إذا نَزَلوا أَرضاً تفاقم خطبها / كأنهم فيها البلاء الموكل
فَطالَت إلى سورية يد عسفهم / تحمِّلها ما لم تكن تتحمل
وكم نبغت فيها رجال أَفاضل / فَلَمّا دَهاها العسف عنها ترحلوا
وبغداد دار العلم قد أصبحت بهم / يهددها داء من الجهل معضل
نحوّلُ عنها كل يوم رزية / فَتبقي دماراً ثم لا يتحول
وسل عنهم القطر اليماني إنه / يبوح بما يعرو البلاد وينزل
بلاد بها الأموال من يد أَهلها / تنزَّع غصباً والنفوس تقتَّل
وتلطمنا كف الإهانة منهم / فنلثمها من خشية ونقبل
شريف ينحَّى عن مواطن عزه / وآخر حر بالحديد يكبل
وجازعة عبرى لقتل حليلها / ووالدة تبكي بنيها وتعول
إذا سكت الإنسان فالهم والأسى / وإن هو لم يسكت فموت معجل
ولجتم طريق العنف تستنهجونه / أَما عَن طَريق العنف يا قوم معدل
لَقَد عبثت بالشعب أَطماع ظالم / يحمِّله من جوره ما يحمل
فَيا ويح قوم فوضوا أَمر نفسهم / إلى ملك عن فعله ليس يسأل
إلى ذي اختيار في الحكومة مطلق / إذا شاء لم يفعل وإن شاء يفعل
وَذي سلطة لا يرتَضي رأي غيره / إذا قال قولاً فهو لا يتبدل
أَيأمر ظل اللَه في أَرضه بما / نهى اللَه عنه والكتاب المنزَّل
فيفقر ذا مال وينفي مبرءاً / ويسجن مظلوماً ويسبي ويقتل
تمهل قَليلاً لا تغظ أمة إذا / تأجج فيها الغيظ لا تتمهل
وأَيديك إن طالَت فَلا تغترر بها / فإن يد الأيام منهن أَطول
إليك فإن الظلم مرد فريقه / وإن طَريق الظلم للخسر موصل
وكم تعد الأقوام أنك باذل / حقوقاً لهم مغصوبة ثم تبخل
تَقول إذا عم الفساد فإنني / بإصلاحه في فرصة متكفل
أبعد خراب الملك وا ذلّ أَهله / تُهيِّئ إصلاحاً له أَو تؤمل
ولما سعى الساعون أن نهجر الوغى
ولما سعى الساعون أن نهجر الوغى / ونمنح للمغلوب من فضلنا مهلا
عقدنا مع اليونان للحرب هدنةً / على طلب منهم فكانوا اليد السفلى
هو النصر مقروناً به العزُّ لم تزل / بألسنة الأيام آياته تُتلى
أقول لمن قد بات يجهل مجدنا / سل السيف عنا والفتوَّة والنُبلا
لسلطاننا عبد الحميد سياسة / طريقتها في المعضلات هي المثلى
سللت لنصر الدين سيفَ عزيمة / فللتَ به ما لم يكن فلُّه سهلا
فجّهزت جيشاً للجهاد عرمرما / قهرت به ذاك العدو الذي ولّى
نُهنِّيك بالفتح المبين الذي به / تسامى منار للشريعة واستعلى
ألا إنما هذا الذي لك أنقل
ألا إنما هذا الذي لك أنقل / له مثلما أرويه أصل مؤصَّلُ
قضى أحد الضباط في الحرب نحبه / وكانإذا دارت رحى الحرب يبسُل
وخلَّف زوجاً قلبها رهن حبه / وكان له قلب بها متشغِّل
من اللاء لم يأتين فاحشة ولا / زُنن بما منه العقائل تخجل
نوار كشخص للعفاف مجسم / فإن ذكر الناس العفاف تمثل
ترقرق ماء الحسن في وجهها الذي / هو البدر ليل التِمِّ أو هو أجمل
فجلَّ لفقدان الوليّ مصابها / وباتت تناجي الهم والعين تهمل
وقد كان منها الخد كالورد زاهيا / فأصبح ذاك الورد بالهم يذبل
ولازم حمى الدق ناعم جسمها / فأمست على رغم الشبيبة تنحل
ويعرق منها الجسم في كل ليلة / وتنفث من سُل دماً حين تسعلُ
وأنشب في أحشائها الداء ظفره / فظلت له أحشاؤُها تتبزل
سقام بها أعيا الأطباء برؤه / إذا لم يعنها اللَه فالأمر مشكل
أمكروب داءِ السل هل أنت عارف / لمن أنت تؤذي أو بمن أنت تنكل
أرحها فما أبقيت إلا حُشاشة / بها حكمها عما قريب سيبطل
تجنب فقد مزقت أحشاء صدرها / أَأَنت بها حتى الممات موكل
وفسّح لها في العمر وارحم شبابها / فإنك إن أرجأتها أنت مفضل
لكِ اللَه من مسلولة حان حينها / وعما قليل للمقابر ترحل
وفاجأَها فقر فباعت لدفعهِ / أثاثاً به قد كانت الدار تجمل
إلى أن تخلى البيت من كل ما به / ولم يبق فيه ما يباع ويُنقل
تجانبها الأدنى وكل لداتها / وأعرض عنها جارها المتمول
هنالك أبدى الجوع ناجذه لها / وزاد بها الداء الذي هو معضل
فخارت قواها في غضير شبابها / وحارت فلم تدر الذي هي تفعل
كذلك جسم المرء يأكله الطوى / إذا المرء لم يلف الذي هو يأكل
فسارت على ريث تؤمُّ محلَّة / ترجِّى بها خيراً لها وتؤمل
وتزجي لها طفلاً جميلاً أمامها / كما تستحث الخِشف ادماء مغزل
لقد أضعف الجوع المبرِّح خطوه / فسار وفي أحشائِه النار تُشعل
يحور إليها بالبكاء فتنحني / عليه وتُسلى قلبه وتقبل
وتمسح عينيه اللتين أذالتا / دموعاً على الخدين منه تسلسل
تحاول أم الطفل منع دموعه / ولكنها رغما عن الأم تهطلُ
خبير بقصر الأم يشكو لها الونى / بعينيه إلا أنه ليس يسأل
تروح إلى دار الحكومة تبتغي / معاشاً لها مستأخراً ليس يحصل
ريالان بعد الزوج قد رُتبا لها / وذلك نزر ليس بالعيش يكفل
تقول لذي أمر على المال سيدي / إليك بجاه المصطفى أتوسل
أنلني معاشي اليوم وارحم فإننا / جياع إذا لم نُعطَ من أين نأكل
فأوسعها شتما ورد سؤالها / وقال لها موتي طوى لست أبذل
فعادت على يأس لها ملءَ قلبها / وقد خنقتها عبرة تتغلغل
أمالك أمر المال إنك زدتها / سقاماً على سقم أقلبك جندل
ألم ترَ أن السل أنحل جسمها / وحملها الإعواز ما لا تحمل
منكدة قد طالبتك بحقها / فلو كنت تقضي سؤلها كنت تعذل
وآبت إلى المأوى فباتت على طوى / تكابد طول الليل والليل أليل
وأعوزها زيت تنوِّر بيتها / به والدجى سجف على الأرض مسبل
فجرَّ إليها الليل أجناد همِّها / إذا فرَّ منها جحفل كرَّ جحفل
تقول ألا مالي أرى الصبح مبطئاً / وعهدي به في سالف الدهر يعجل
فيا ليل ما أدرى وقد طلتَ داجياً / أعتبي على الأيام أم أنت أطول
ألا ليت أمي لم تلدني أو انني / نفتني المنايا قبل أنيَ أعقل
برمت بمالي من حياة فإنها / شقائي وإن الموت منها لأفضلُ
حياة أمرَّتها الرزايا كأنما / يمازجها منهن صاب وحنظل
وعتبي على الأقدار فهي بما جرت / به لم تكن أستغفر اللَه تعدل
فيا موتُ زر إن الحياة تعاسة / ويا نفس جودي إن دهرك يبخل
وما سفري إن متُّ ينأَى وإنما / إلى بطنها من ظهرها اتنقل
ألا إن بطن الأرض للمرء منزل / كما أن ظهر الأرض للمرء منزل
ولم أرَ بين المنزلين تفاوتاً / سوى أن ذا أعلى وذلك أسفل
ولا مثل بطن القبر دار عدالة / تساوى بها حالا رؤوس وأرجل
ولست على الشكوى أدوم إذا دنا / حمامي إلا ريثما اتحوَّل
ولكن روحي للسماء رقيها / هنالك من نجم لنجم تجول
إلى أن تلاقي روح زوجي صادق / فتتصل الروحان والبين يخجل
فلو أبصرت روحي على البعد روحه / إذاً لمشت روحي إليه تهرول
تقبل روحي روحه وتشمُّه / وتشكو إليه ما بها كان ينزل
وتمسك بالأيدي بفضل ردائه / وما أن تخلِّى بعد للحرب يرحل
وقولي له يا روح بعدك عيشنا / تعسر حتى كاد لا يُتَحمَّل
أصبح من قد كان بالأمس سائلاً / بأحوالنا عما بنا ليس يسأل
تجنبنا الأدنى ومن كان صاحباً / ومن كان يطرينا ومن كان يجمل
وخرّى على أقدامه وتذللي / له أن من يبدي الهوى متذلل
وفي فمها بان ابتسام كأنها / تشاهد شخص الزوج فيما تخيَّلُ
تراه قريب الأرض في الجو ثابتاً / فلا هو يستعلي ولا هو ينزل
فمدت يداً نحو الخيال مشيرة / إليه وقالت وهي في البين تسعل
بربك أنبئني أإنك صادقي / قد ازدرت أم أنت الخيال الممثل
فإن كنت إياه فقل غير كاتم / لماذا لماذا أنت لا تتنزل
أصادق أنت السؤل للنفس فاقترب / وأنت لها أنت الرجاء المؤمل
فإن كان لي ذنب به عفتَ مسكني / فإني لذاك الذنب بالدمع أغسل
إذا ذكرتكَ النفس جاشت صبابة / وفار عليها من غرامك مِرجل
تبدَّل مني كل شيء عهدته / ولكنما حبيك لا يتبدل
فهل أنت في حبي كما كنت سابقاً / وقلبك كالقلب الذي كنت تحمل
إذا كنت عني أنت وحدك راضيا / فكل صعوبات الحياة تسهل
هلم إلى جنبي فإني مريضة / بحمى قوى جسمي بها تتزلزل
وسارع وأحضر لي طبيباً مداويا / كما كنت قبلا إن تشكيتُ تفعل
ولكنني أخطأت فيما طلبته / ذهولا ومن قاسى الحوادث يذهل
فإني لا أبغي سواك مداوياً / فأنت طبيبي والشفاء المؤَمل
أقم عندنا لا ترحلّن فإن تُقم / فكل نحوسات الزمان ترحل
نعيش كما كنا نعيش بغبطة / ونمرح في ثوب السلام ونرفُل
فحينئذٍ لا حادث يستفزِّنا / ولا أحد بيني وبينك يفصل
وغاب فقالت آه بل أنت ميت / ولكنما روحي إليك ستقبلُ
وحانت لصوب الطفل منها التفاتة / فقالت وفياضٌ من الدمع مهمل
ولكن صبِّي من يقوم بأمره / إذا زارني حتفي الذي أتعجل
أَأَترك من بعدي صغيري أحمداً / وحيداً بلا حامٍ بهِ يتكفل
وأحمد ريحاني فإن أَبتعد فمن / يشممه بعدي ومن ذا يقبل
أليست تكاليف الحياة التي لوت / جناحي على طفل كأحمد تثقلد
وأغمى من جوع على الطفل أحمدٍ / فصاحت أغث ربي عليك المعول
أطلَّت عليها جارة ذات عيلة / لتعلم من في ظلمة الليل يعول
ونادت من الباكي كذا بحرارة / وذيل الدجى الضافي عَلَى الأرض مسدل
أجابت بصوت راجف متقطع / وقالت أنا يا هذه أنا سنبل
جعادة إن ابني تُغَيَّبُ نفسه / من الجوع إن الجوع ويلي يقتل
جعادة إن ابني الوحيد هو الذي / بهِ في ليالي وحدتي أتعلل
جعادة أن الأمر جدٌّ فأدركي / وللجار حق واجب ليس يغفل
فجاءت إليها بالسراج وَنبَّهت / قوى الطفل حتىّ عادَ يَرنو وَيعقل
سقته حليباً كان ملءَ ثديِّها / فنام وباتت أمه تتململ
وتذرف عيناها الدموع وقلبها / تظلُّ به الأحزان تعلو وتسفل
إلى الصبح حتى بان فانطلقت إلى / محلِّ بهِ أهل المبرة تنزل
عليها ثياب رثة وملاءة / كأحشائها في كل آن تبزل
تكفكف دمعاً بالبنان وكلما / مشت خطوة أو خطوتين تمهل
تمد يميناً بالسؤال ضعيفة / وتخجل منهم عند ما هي تسأل
أأرملة الجندي لا تخجلي فمن / حقوق العلى أن الحكومة تخجل
لكل طلوعٍ يا ذُكاء أفول
لكل طلوعٍ يا ذُكاء أفول / فنورك هذا في المساء يزولُ
ويرحل لألاء النهار وبعده / يخيِّم ليل يا ذكاء ثقيل
تصعَّدتِ في أوج تسامى مقامه / وكل صعودٍ يقتضيه نزول
إذا غبت عن أرض طلعت بغيرها / فأشرق آكام بها وسهول
لوجهك هذا ليته دام بازغاً / شعاعٌ يرد الطرف وهو كليل
نعم أنت عنا تغربين وإنما / فراقك رزءُ لو علمت جليل
فيخفى ضياء منك للعين باهرٌ / ويظهر نور للنجوم ضئيل
وينأى عن الروضِ الأنيق اخضراره / ويكتنف الأزهارَ فيه ذبول
هنالك تستولي على الأرض ظلمة / وتوحش فيها أرسم وطلول
ولكنّ قرص البدر في لمعانه / ببعض الليالي البيضِ منك بديل
ألا أيها البدر المنير لأنت لي / إذا الشمس غابت صاحب وخليل
تصبُّ بوجه الأرض نوراً كأنه / مذابُ لجينٍ في البطاح يسيل
يخصُّك قلبي أيها البدر بالهوى / لأنك بين الزاهرات جميل
فأقرب نجم أنت يا بدر طالعٍ / على الأرض يجرى حولها ويجول
كما الأرض تأتي كل عام بدورة / على الشمس في تَطوافها فيحول
جمعتَ جمالاً راع طرفي وبهجةً / فماذا عسى يا بدر فيك أَقولُ
لك اللَه ما أبهاك يا بدر طالعاً / فهل لك في باقي النجوم مثيل
تضجرت من أرض بها الفضل ضائعٌ / ومن زمن فيه الكرام قليل
وأكثرُ بخسا للفضيلة موقع / يجادل أهل العلم فيه جَهول
وإن امرءاً لم يحتفل قومه به / وجانَبه أصحابه لذليل
لنفسي مقام في السماء ستهتدي / إليه إذا بالنفس جدّ رحيل
أتخشى ضلالا في السرى وطريقها / عليه بياض الفرقدين دليل
مقامٌ بغير الموت لست أناله / فليس إليه ما حييت سبيل
وما زلت في ليلي أمتِّع ناظري / بمنظر بدرٍ حان منه أفول
وقد سطع الفجر المضيءُ حذاءه / ولاح بياض للصباح طويل
إذا صيحة من بيت جاري تعتلي / وأخرى وأخرى صوتهن يهول
نساء عراها حادث صرخت له / وأعقب صوت الصارخات عويل
حكين بترداد النواح حمائما / لهن بريعان الصباح هديل
لقد حلَّ مذ عامين في الدار هذه / فتى لنساء كالظباء يعول
فتى ما رأت عين امرئٍ مثل حسنه / بوجنته ماء الشباب يجول
فتى لم يجاوز بعد عشرين حجة / يقال له عند الدعاء نبيل
عراه سَقام قبل ستة أشهر / فعهدي به في الدارِ وهو عليل
أظن نبيلا مات من داء سُله / فقد قال بعض إنه لثقيل
نجوت وَربِّي يا نبيل من الأذى / فليس له بعدا إليك وصول
ولكنما خلَّفت بعدك نسوة / مرزأة أحزانهن تطول
مدلهة ما ان لهن مساعد / ومهملة ما ان لهن معيل
تسمَّعت إحداهن وهي حليلة / له تتلوى بالاسى وتقول
لأنت جميل في الحياة وبعدها / كذلك في عينيَّ أنت جميل
سيذبُل هذا الخد وهو مورَّدٌ / ويكمَد هذا الطرف وهو كحيل
لقد رمت عنا رحلة أبدية / أمالك عن هذا المرام عدول
ألا ثكلت أمُّ الذين أكُفهم / عليك بطوعٍ للتراب تهيل
إلى مَن إلى من بعد موتك نلتجي / إلى من إلى من والزمان بخيل
وليس لنا في هذه البلدة التي / نعيش بها إلا حماك مقيل
وليس لنا حامٍ يلم شتاتنا / وليس لنا أهل وليس قبيل
سأَلزم قبراً أنت تسكن جوفه / وللدمع مني في ثَراك أُذيل
الما بشعر قام كالطلل البالي
الما بشعر قام كالطلل البالي / يمثل نفس القوم في الزمن الخالي
وافراح ناس بعد خفض ونعمة / عليهم اناخ الدهر يقسو بكلكال
وشقوة اجيال مشوا في حياتهم / كما قد تلقوه على نهج اجيال
وما الشعر الا ما يمثل اهله / فينقل من ماض اناسا الى الحال
وما كل شعر قد سمعت بجيد / ولا كل ماء قد وردت بسلسال
اذا لم يكن شعر الفتى من شعوره / فما هو مقبول ولا هو ذو بال
وان قصرت الفاظه عن مراده / فليس من استحقاقه غير اهمال
وان يزك معناه ولم يزك لفظه / فذاك كخود في دريس واسمال
وما راقني ممن تقدم عهدهم / سوى الصدق ان الصدق اجمل سربال
ويا حبذا هذا الجديد لو انه / اتانا بوجه من طلاء به خال
وما عن قلى رفضي الغلاة وانما / هنالك اميال تخالف اميالي
قد انهار صرح الشعر الا اقله / وقد كان ملء العين كالجبل العالي
واما حياض كان ثراً نميرها / فانك لا تلقى بها غير او شال
ولم ارض فيمن خاب للجهل سعيهم / كمغترف ماء يفيض بغربال
رأيت ابتذالا فيك يا شعر زاريا / وما كان هذا في مصيرك آمالي
اردتك خلواً من عيوب زرية / فانك عندي ذلك الجوهر الغالي
كأنك لم تركب جواداً لغارة / ولم تتبطن كاعباً ذات خلخال
يجادلني في الشعر لا عن روية / فرق من اللنقاد كلهم قال
كلانا ملّم بالصواب بزعمه / ولكن صوت المبطلين هو العالي
كلانا اذا خاض العجاجة مبسل / ولكنما ابسالهم غير ابسالي
هنالك حرب شبها السخط والرضى / وما كل من خاضوا الحروب بابطال
نشأت على استقلال نفس تمردت / فلا ارتضى نسجا على غير منوالي
ولا ادعى اني انفردت بمقولي / ولكنني راض كغيري باقوالي
سوى ما اريهم انني ان قفوتهم / شأوت وأني فوق اجرد ذيال
لقد ظل هذا الشعر خمسين حجة / يهذب اقوالي ويصلح اعمالي
فسرت على ما قد هداني سراجه / وان كان في تلك الهداية اضلالي
وافصحت حتى اوهنتني كبرة / وحينئذ اسمكت كالطلل البالي
وقلت اقلني ايها الشعر عثرتي / فقد زل رجلي وهي تحمل اثقالي
فاعرض عني لا يريد اقالتي / واشمت في اعراضه بي عذالي
واني ان اهلك فلست بخاسر / لشيء كثير من عقار واموال
لعمرك ما في الموت شيء يهولني / ولكن حياتي هذه ذات اهوال
على ان لي بعد الهزيمة كرة / اصول بها جلداً على كل مختال
سأجهر بالحق الذي يكتمونه / وان قطعوا بالسيف يا حق اوصالي
واني في غيلي كرئبال غيضة / ومن ذا ترى في غيله غير رئبال
لحى اللَه ناساً اخطأوا طرق العلا / ولم يطلبوا الغايات الا من المال
نصبت لليلى من قريض نحته
نصبت لليلى من قريض نحته / على صفحة القرطاس اجمل تمثال
حكاها كأن الله صاغها معاً / شبيهين في ثوب من الحسن هلهال
وشبه ناس طرفها وقوامها / بابيض بتار واسمر عسال
على خطأ منهم فما السيف باترا / ولا الرمح عسالا ليلى بامثال
واحسب اني لا اشط عن الهدى / اذا قلت ليلى كوكب الافق العالي
سرى حب ليلى في جميع جوارحي / واذهلني عن غيرها أي اذهال
وليلى كقرص الشمس يجمل ضؤه / ويملأ عيني في غدوّى وآصالي
وان تك ليلى اليوم شط بها النوى / فما انا عن ليلى وايامها سال
يعز على عيني الشقية ان ترى / لليلى بقربي منزلا غير محلال
اريد رحيلا عن بلاد تهنيني / ولكن افدني اين انزل احمالي
وفي القوم من لا يبتغي نقلة له / وان نسفت ارض العراق بزلزال
ولكن حرا ليس يرضيه حاله / يموت ولا يبقى مقيما على الحال
ارى النحس في بغداد لي متجسما / يريني انيابا كانياب اغوال
يريدون بالاذلال جرح كرامتي / ويأبى جراحات المذلة امثالي
سقطت فلا تحزن على ما فقدته
سقطت فلا تحزن على ما فقدته / فما انت بين الساقطين باول
فكم من وزير كان قبلك قد هوى / كجلمود صخر حطه السيل من عل
على العقل قد عولت لله ناشداً
على العقل قد عولت لله ناشداً / وعقلك لا يملى عليك ولا يدلي
وما انت في يوم من الدهر واصل / الى اللَه الا ان خرجت من العقل

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025