المجموع : 6
أزور بقلبي معهدَ الأُنس والهوى
أزور بقلبي معهدَ الأُنس والهوى / وأَنْهَبُ من أيدي النسيم رسائِلا
ومهما سألت البرق يهفو من الحمى / يبادرُهُ دمعي مُجيباً وسائلا
فيا ليت شعري والأماني تعلُّلٌ / أيرعى ليَ الحيُّ الكرامُ الوسائلا
وهل جيرتي الأولى كما قد عهدتُهم / يُوالون بالإحسان من جاء سائلا
أمولايَ يا ابن السابقين إلى العلا
أمولايَ يا ابن السابقين إلى العلا / ومن نصروا الدين الحنيفيَّ أَوْلاَ
غنيتَ بنور اله عن كلّ زينةٍ / وأُلبِستَ من رضوانه أشرف الحلى
وقارُكَ زادَ الملك عزاً وهيبةٌ / وسوَّغه في رحمة الله منهلا
ويا شمس هَدْيِ في سماء خلافةٍ / وأبناؤه الزُّهرُ المنيرةُ تجتَلَى
تبارك من أبداك في كلِّ مظهر / جميلاً جليلاً مستعاذاً مؤمَلا
فيُخجلُ منك الشمسَ شمسُ هدايةٍ / ويحسُدُ منك البدرُ بدراً مكمَّلا
إذا أنت ألبست الزمان وآلهُ / ملابس عزٍّ ليس يدركها البلى
وطوَقْتَ أجياد الملوك أيادياً / وتوْجتهم بالفخر تاجاً مكلْلاَ
فما شئت فالبَسْ فالمُشاهدُ قائلٌ / تبارك ما أبْهى وأسْنى وأَجْملاَ
ألاَ كلُّ من صلّى وضحّى ومن دعا / ومدَّ يدَيْهِ ضارعاً متوسِّلا
وُجُودُكَ شرٌ في حصولِ قَبوله / وَجُودُك أَثْرى كفَه فتنفَّلاَ
نجوم أمدتها بدور كواملُ
نجوم أمدتها بدور كواملُ / لها النور من شمس الخلافة شاملُ
وفي الشهب من بدر السماء مَشابهٌ / وفي البدر من شمس النهار مخايلُ
وتُعرف فيها من أبيها شمائلٌ / كما في أبيها من أبيه شمائلُ
مرتبُ في عد الحساب ثلاثة / وهنَّ لأقمار العلاء منازلُ
طلعن على حكم السعود أهلّةً / وسَرعان ما تبدو وهنَّ كواملُ
تجلت إلى الأبصار من أفق الهدى / وَبُثَّت إلى الأنصار منها وسائلُ
فيا أيها المولى الذي شاد آخراً / من الفخر ما لم تستطعه الأوائلُ
بنُوك كأمثال الأنامل عدة / فزانت يدَ الإسلام تلك الأناملُ
غصون بروض الجود منك ترعرعت / وقد جادها من صوب نعماكَ وَابِلُ
فوالله ما أدري إذا ما تذوكرت / أأَخلاقها تُجلى لنا أمْ خمائلُ
غيوثُ سماح والعفاة مسايلٌ / ليوث كفاح والكماة تنازلُ
سيوفٌ محلاَةً على عاتق الهدى / إذا تُنْتَضى تمضي وتنبو المناصلُ
تخاف عُداة الدين منهم وتتقي / كما تتقي الأسدَ الظباءُ الجوافلُ
وإن أبا الحجّاج وهو كبيرهم / محلُّ كثيرٍ دونه ممتضائلُ
عليك إذا استقبلت غرة وجهه / تخيلت أن الشمس في ما تقابلُ
إذا استُمطرت في المحل سُحْبُ بنانه / فهنّ لمستجدٍ هَوامٍ هواملُ
وإن سال ماء البشر فوق جبينه / فليس بمدفوع عن الورد سائلُ
تقلّدَ منه عاتق الملك صارماً / له العزم نصل والسعود حمائلُ
وأبناؤه در تناسق عِقُدُهُ / يُحلَّى بهم من لَبَّةِ الفخر عاطلُ
أزاهر في روض المحاسن أينعت / فلا روضها ذاوٍ ولا الزهر ذابلُ
زواهر في أفق العلاء تطلعتْ / يشابِهُ بعضٌ بعضَها ويُشاكلُ
فما منهم إلا أغرُّ مُحَجْلٌ / بورد المعالي في الشبيبة ناهلُ
أَقمت لها الأعذار موسم رحمة / تسنّتْ به للمتقين المآملُ
وما هو إلا مورد لسعادة / تفيض لها منه المنى والفواضلُ
وأجريتَ سَرعان الجياد بملعب / تذكّر فيه موقفَ الجِدِّ هازلُ
نجوم وآفاق الطراد مشارق / عليها بدورٌ من وجوهِ كواملُ
مفاتيح أبواب الفتوح فطالما / أُبيحت بها للكافرين المعاقلُ
فأشهبُ كالإصباح راق أديمه / وغالت به شهبَ السماء الغوائلُ
ألم تَرَ أن الشهب في الأفق كلّما / تجلّى له الإصباح فهْيَ أوائلُ
وأحمرُ زان الوردُ منه خميلةً / يَحُفُّ به نهرٌ من السيفِ سائلُ
جرت لونَه من فوقه مهج العدا / فلله منه الجامد المتسايلُ
تلاقي به أمثالَه فكأنها / جِمارٌ وقد أذكى بها البَأس باسلُ
إذا قبست بالركض في حومَةِ الوغى / تنير بها ليلَ القتام مشاعلُ
وأشقرُ مهما حاول البرقَ في مدى / يفوتُ جوادَ البرق منه المحاولُ
تحلَّى بمحْلول النُّضار أديمهُ / فكل محلَّى دونه فهو عاطلُ
وأدهمُ في مِسحِ الدُّجى متلفّعٌ / وقد خاض منه في الصباح الأسافلُ
يُكَلَّلُ بالجوزاء حَلْيُ لجامه / فدرُّ الدراري من حِلاهُ عواطلُ
ولم يُرضِه سرج الهلال مُفضْضاً / فأعرض عنها للأهلة ناعلُ
واصفر في ثوب الأصيل قد ارتدى / ورُبَّتَما ودّتْ حِلاه الأصائلُ
وقد قُدْ من بُرد العشيّ جِلالُه / وفي ذيله صبغ من الليل حائلُ
وصاعدةٍ في الجو ملء عنانها / تُسامتُ أعنان السما وتطاولُ
طلعت تحيّي البدر منها بصعدة / عليها لواءُ الصبح في الأفق مائلُ
وقد أعربت بالرفع عن طيب فخرها / متى نصبتها في الفضاء العواملُ
يمدُّ لها الكفٌُّ الخضيب بساعدٍ / ويشكي السماك الأعزل الرمح عاملُ
وتنتابها هيفُ العصي كأنها / سِهام وعاها للرمية نابلُ
تُراوغها طوراً وطوراً تُضيفها / فسامِ لأعلى مُرتقاها ونازلُ
وبالأمس كانت بعض أغصان دوحها / فنقَّلها عنها على الرغم ناقلُ
فحنت إلى أوطانها وتسابقت / تعاود مسراها بها وتواصلُ
وبرج منيف في ذراها قد ارتقى / لتُرفَعَ منه للبروج الرسائلُ
تَطَوَّر حالات أتى في جميعها / بأوضاع حلي وصفه متغافلُ
فتاجُ بأعلاها وشاح بخصرها / وفي الساق منه قد أُديرت خلاخِلُ
وما هو إلا قائم مدَّ فلكه / إلى الله في البقيا لما صَدَّ سائلُ
ولله عينا من رأى القصر حوله / منازلُ بالنصر العزيز أواهلُ
تروقك فيه للبدور مطالعٌ / إذا مثلَتْ في ساحتيه الأماثلُ
مظاهر أقمار مراتبُ أنجم / منازلُ بالنصر العزيز أواهلُ
وقد كان هولُ الحفل رَوْعَ أَهِلَّةٍ / وأُشِعرَتِ الإشفاقَ تلك المحافلُ
فأبدت به أبناء نجلك أوجهاً / تبين إلى السارين منها المجاهلُ
فلا الحفل مرهوب ولا الخطو قاصر / ولا السرب مرتاع ولا الروع هائلُ
ولا القلب منخوب ولا الحِلمُ طائش / ولا العقل معقول ولا الفكر ذاهلُ
أولئك أبناء الخلافة بوكروا / وتجري على أعدائهنَّ الصواهلُ
هنيئاً بها من سنّة نبويّة / زها الفخرَ محصول لديها وحاصلُ
ورُحمى له من عاذر بان عذره / وأوهم نقصاً فضله متطاولُ
فنقص هلال الأفق ما زال مؤذناً / لمرآه أن يبدو لنا وهو كاملُ
ومن نقص ظل الشمس تزداد رفعةً / إلى أن تُرى والظل في الشرق مائلُ
وإن تابع النقص الشهور فإنها / على إثره تأتي وهنّ كواملُ
ونقص صلاة الظهر يوم عَروبةٍ / لمعنى كمال أوضحته الدلائلُ
وإن نقص البازي رياش جناحه / يزيد استباقاً وهو للصيد خاتلُ
ونستفرغ الأنعام ما في ضروعها / عشياً لتغدو والضروع حوافلُ
ونقص زكاة المال فيه وُفورُه / ومشق ذباب السيف يخشاه صاقلُ
لك الخير من صنع جلوتَ محاسناً / يُحدّي بها حادي السُّرى ويناقلُ
ألا هكذا فليعقد الفخرُ تاجَه / ويسمو إلى أوج العلا ويطاولُ
بأبلج غار الصبح منه بطلعة / لها البدر تاج والنجوم قبائلُ
إذا خطب العليا تخطّتْ بركبِهِ / على خطر المسعى القنا والقنابلُ
ولو رام إدراك النجوم بحيلة / لأحرزَ من إدراكها ما يُحاولُ
وإن طلبت زُهرُ النجوم لَحَاقَهُ / فمن دون ما تبغي المدى المتطاولُ
وتخفُقُ بالنصر العزيز بنودُهُ / إذا خَفَقَت فيها الصّبا والشمائلُ
وليل جهاد بات يرعى نجومه / فلا الليل مُنْجَابٌ ولا النجم آفلُ
يُراعي حماة الدين فيه بمقلة / يُراعي بها الإسلامَ كافٍ وكافلُ
إذا اشتاق هزّ الريح خافق بنده / وإن حَنَّ غنَّتْه الجياد الصواهلُ
وفي الله عن وصل الأحبة مرغَبٌ / وفي الغزوِ عن ذكر المنازل شاغلُ
من الخزرجين الَّذين نمتهُمُ / عشائر من قحطانها وفصائلُ
تسامى إلى ماء السماء فجودُهُ / بماء سماءٍ في البسيطة حائلُ
أقول لمستامِ الربيع وقد غدا / يَرودُ مَصَابَ الغيث والعامُ ماحلُ
أمامك دار للغنيِّ بربه / بأرجائها للمعتفين مناهلُ
تفجّر من كفيه عشرة أبحر / يغَضُّ بهنّ البحر وهي أناملُ
فتجري بها سفُنُ الرجاء إلى مَدّى / وليس إلى الجودي من الجود ساحلُ
فراجيه تستجدي العفاة نوالَهُ / وسائلُه تُرجى إليه الوسائلُ
أحاديثُ عنه في السماح غريبةٌ / يُروّي عواليها عطاءٌ وواصلُ
لك الله من نالٍ غمامُ بَنانه / أَقامت فروضَ البِرِّ منها النّوافلُ
طلعتَ بأفق الغرب نَيَّرَ رحمةٍ / وقد شَرُفَتْ منك العُلا والفضائلُ
فحمدك أحرى ما أفادت حقائب / وذكرك أسنى ما أقلّت رواحلُ
تروم جواري الشُّهب شأوّكَ في العُلا / ومن دونه للنَّيِّرات مراحلُ
وفي الصبح من ذاك الجبين أشعةٌ / وفي الشمس من ذاك المحيَّا دلائلُ
وفي الروض من رياك عَرفٌ ونَفْحَةٌ / وفي الغيث من يُمناك جود ونائلُ
إذا أنت لم تُزْجِ الجنود إلى العلا / فإن جنود الله عنك تقاتلُ
وإن لم تقوِّمْها سهاماً مريشةً / فإن سهام الله عنك تناضلُ
تريش لك الأقدار أسهم أسعد / تُصَابُ بها للدارعين مقاتلُ
لك العز تستجلي الخطوبُ بنوره / فليس له إلا الصّباحَ مماثلُ
إذا العزم لم يصقلْ حسامَ كميِّه / فما نافع ما قد جَلّتُهُ الصياقلُ
فقبل مضاء السيف تُمضي عزائمٌ / وبعد بناء الرأي تُبنى المعاقلُ
وما يستوي والعلم لله وحده / عليم بأعقاب الأمور وجاهلُ
تُظلَّلُ سحبُ الطّير جيشَكَ حيثما / تميلُ به الراياتُ وهي حواملُ
فلاقى بها عقبان طير وراية / تُبيد الأعادي والرماحُ حبائلُ
فقل لعميد الروم دونك فارتقبْ / طلائعَ فيها للمنايا رسائلُ
وشِمْ بارقَ السيف اللموع جفونُه / سحابُ قتام تحته الدَّمُ سائلُ
ولا تزجُر الغربان في البحر إنها / سفائن والبحرُ المذلَّلُ حاملُ
ولكنها واللهُ يُنجزُ وعده / جوارٍ بآساد الرجال حواملُ
ومخضرَةِ الأرجاء في جَنَبَاتها / مسارحُ تحميها الرماحُ الذّوابلُ
ترى الدوحَ منها بالأسنة مزهراً / إذا ما سقته للسيوف الجداولُ
تَبُلُّ غليلَ الرمح من مُهج العدا / إذا ما كَسَتْ منها الرَماحُ غلائلُ
فيا عجباً للرمح روِّيتَهُ دماً / وقد راق منه العينَ ريّانُ ذابلُ
لقد كَملَتْ فيك المحاسنُ كلُّها / وما كلُّ من يُعطي الخلافة كاملُ
فعند جميع الخلق شكرُك عاجلٌ / وعند الإلهِ الحقّ أجرك آجلُ
ودونك من نظمي جواهرَ حكمة / يفاخرُ منها السحر بالشعر بابلُ
وما هو غلا ذكرُ أوصافِك العلا / فتفعل يا مولايَ والعبدُ قائلُ
فتُتلى على الأسماع منها بدائع / وتُجلى على الأبصار منها عقائلُ
ولو أنني أدركتُ أعصار من مضى / لما قال فيها الشاعر المتخايلُ
وإني وإن كنت الأخير زمانُه / لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ
ولا افتخرت قدماً إيادٌ بقُسّها / ولا استصحبت سحبانَ في الفخر وائلُ
فلا زلت يا مولايَ موردَ رحمةٍ / عطاشُ الأماني في رضاك نواهلُ
تقيمُ رسوم المعلُوات بمغرب / وذكرُك في أقصى البسيطة جائلُ
وأدركتَ في الأعداء ما أنت طالب / وبُلِّغت في الأبناء ما أنت آملُ
أبحرَ سماحٍ مدَّ عشرة أبحر
أبحرَ سماحٍ مدَّ عشرة أبحر / تفيض غمام الجود وهي الأناملُ
بكفِّك غيث للبلاد وأهلها / يُروَّض مَحلَ الأرض والعام ماحلُ
لك الخير أن أصبحت بحر سماحةٍ / يعمُّ نداه فالمواهب ساحلُ
خلعتَ على هذا الرسول ملابساً / بها تتسنّى في عُلاكَ المآملُ
وبلَّغتَه آمالَه كيف شاءها / فَبُلِّغْتَ يا مولايَ ما أنت آملْ
أقول لبدر التُمِّ كيف هلالُكا
أقول لبدر التُمِّ كيف هلالُكا / نعمتَ صباحاً بالسّعود وآلُكا
وبُلِّغتَ في النَجْلِ الكريم سعادةً / تَقَرُّبها عيناً وينعَمُ بالُكا
وخُصْصتَ بالبشرى من الله ربَّنا / كما عمَّ أقطارَ البلاد نوالُكا
أسائل بدرَ التَّمِّ كيف هلالُهُ
أسائل بدرَ التَّمِّ كيف هلالُهُ / وأدعو له الرّحمن جلَّ جلالُهُ
ستبلُغُ فيه ما تؤمَّلُ من مُنىً / ويُرضيك يا بدَ الكمال كمالُهُ