غَشيتُ لِلَيلى رَسمَ دارٍ وَمَنزِلا
غَشيتُ لِلَيلى رَسمَ دارٍ وَمَنزِلا / أَبى بِاللِوى فَالتِبرِ أَن يَتَحَوَّلا
تَكادُ مَغانيها تَقولُ مِنَ البِلى / لِسائِلِها عَن أَهلِها لا تَغَيَّلا
وَقَفتُ بِها لا قاضِياً لِيَ حاجَةً / وَلا أَن تُبينَ الدارُ شَيئَاً فَأَسأَلا
سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا لَيتَ أَهلَها / بِها وَالمُنى كانَت أَضَلَّ وَأَجهَلا
بَكَيتَ وَما يُبكيكَ مِن رَسمِ دِمنَةٍ / مُبِنّاً حَمامٌ بَينَها مُتَظَلِّلا
عَهَدتُ بِها الحَيَّ الجَميعَ فَأَصبَحوا / أَتَوا داعِياً لِلَّهِ عَمَّ وَخَلَّلا
عَهِدتُ بَها فِتيانَ حَربٍ وَشَتوَةٍ / كَراماً يَفُكّونَ الأَسيرَ المُكَبَّلا
وَكَم دونَ لَيلى مِن فَلاةٍ كَأَنَّما / تَجَلَّلَ أَعلاها مُلاءً مُعَضَّلا
مَهامِهَ تِيهٍ مِن عُنَيزَةَ أَصبَحَت / تَخالُ بِها القَعقاعَ غارِبَ أَجزَلا
مُخَفِّقَةٌ لا يَهتَدي لِفَلاتِها / مِنَ القَومِ إِلّا مَن مَضى وَتَوَكَّلا
يُهالُ بِها رَكبُ الفَلاةِ مِنَ الرَدى / وَمِن خَوفِ هاديهِم وَما قَد تَحَمَّلا
إِذا جالَ فيها الثَورُ شَبَّهتَ شَخصَهُ / بَجَوزِ الفَلاةِ بَربَرِيّاً مُجَلَّلا
تَقَطَّعَ جونِيُّ القَطا دونَ مائِها / إِذا الآلُ بِالبيدِ البَسابِسِ هَروَلا
إِذا حانَ فيها وَقعَةُ الرَكبِ لَم تَجِد / بِها العيسُ إِلّا جِلدَها مُتَعَلَّلا
قَطَعتُ إِلى مَعروفِها مُنكَراتِها / إِذا البيدُ هَمَّت بِالضُحى أَن تَغَوَّلا
بِأَدماءَ حُرجوجٍ كَأَنَّ بِدَفِّها / تَهاويلَ هِرٍّ أَو تَهاويلَ أَخيلا
تَدافَعُ في ثِنيِ الجَديلِ وَتَنتَحي / إإِذا ما غَدَت دَفواءَ في المَشيِ عَيهَلا
تَدافُعَ غَسّانِيَّةٍ وَسطَ لُجَّةٍ / إِذا هِيَ هَمَّت يَومَ ريحٍ لِتُرسِلا
كَأَنَّ بِها شَيطانَةً مِن نَجائِها / إِذا واكِفُ الذِّفرى عَلى اللَيتِ شُلشِلا
وَتُصبِحُ عَن غِبِّ السُرى وَكَأَنَّها / فَنيقٌ تَناهى عَن رِحالٍ فَأَرقَلا
وَتَنجو إِذا زالَ النَهارُ كَما نَجا / هِجَفٍّ أَبورَ أَلَينِ ريعَ فَأَجفَلا
كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ أَخنَسَ ناشِطاً / أَحَمَّ الشَوى فَرداً بِأَجمادِ حَومَلا
رَعى مِن دَخولَيها لُعاعاً فَراقَهُ / لَدُن غُدوَةً حَتّى تَرَوَّحَ موصِلا
فَصَعَّدَ في وَعسائِها ثُمَّتَ اِنتَمى / إِلى أَحبُلٍ مِنها وَجاوَزَ أَحبُلا
فَباتَ إِلى أَرطاةِ حِقفٍ تَلُفُّهُ / شَآمِيَّةٌ تُذري الجُمانَ المُفَصَّلا
يُوائِلُ مِن وَطفاءَ لَم يَرَ لَيلَةً / أَشَدَّ أَذىً مِنها عَلَيهِ وَأَطوَلا
وَباتَ وَباتَ السارِياتُ يُضِفنَهُ / إِلى نَعِجٍ مِن ضائِنِ الرَملِ أَهيَلا
شَديدَ سَوادِ الحاجِبَينِ كَأَنَّما / أُسِفَّ صَلى نارٍ فَأَصبَحَ أَكحَلا
فَصَبَّحَهُ عِندَ الشُروقِ غُدَيَّةً / أَخو قَنَصٍ يُشلي عِطافاً وَأَجبُلا
فَلَمّا رَأى أَن لا يُحاوِلنَ غَيرَهُ / أَرادَ لِيَلقاهُنَّ بِالشَرِّ أَوَّلا
فَجالَ عَلى وَحشِيَّهِ وَكَأَنَّها / يَعاسيبُ صَيفٍ إِثرَهُ إِذ تَمَهَّلا
فَكَرَّ كَما كَرَّ الحَوارِيُّ يَبتَغي / إِلى اللَهِ زُلفى أَن يَكُرَّ فَيُقتَلا
وَكَرَّ وَما أَدرَكنَهُ غَيرَ أَنَّهُ / كَريمٌ عَلَيهِ كِبرياءُ فَأَقبَلا
يَهُزُّ سِلاحاً لَم يَرَ الناسُ مِثلَهُ / سِلاحَ أَخي هَيجا أَدَقَّ وَأَعدَلا
فَمارَسَها حَتّى إِذا اِحمَرَّ رَوقُهُ / وَقَد عُلَّ مِن أَجوافِهِنَّ وَأُنهِلا
يُساقِطُ عَنهُ رَوقُهُ ضارِياتِها / سِقاطَ حَديدِ القَينِ أَخوَلَ أَخوَلا
فَظَلَّ سَراةَ اليَومِ يَطعُنُ ظِلَّهُ / بِأَطرافِ مَدرِيَّينِ حَتّى تَفَلَّلا
وَراحَ كَسَيفِ الحِميَرِيِّ بِكَفِّهِ / نَضا غِمدَهُ عَنهُ وَأَعطاهُ صَيقَلا
وَآبَ عَزيزَ النَفسِ مانِعَ لَحمِهِ / إِذا ما أَرادَ البُعدَ مِنها تَمَهَّلا