أَنْورُكِ أَمْ أَوْقَدْتِ بالليلِ نارَكِ
أَنْورُكِ أَمْ أَوْقَدْتِ بالليلِ نارَكِ / لباغٍ قِراكِ أَوْ لباغٍ جوارَكِ
وَرَيَّاكِ أَمْ عَرْفُ المجامر أَشْعَلَتْ / بعود الكِباءِ والأَلُوَّةِ نارَكِ
وَمَبسِمُكِ الوضَّاحُ أم ضوءُ بارِقٍ / حَداهُ دُعائي أن يجودَ ديارَكِ
وخَلْخالَكِ اسْتَنضَيْتِ أَم قَمَرٌ بدا / وشمْسٌ تبدَّتْ أَمْ أَلَحْتِ سِوَارَكِ
وَطُرُّةُ صُبحٍ أَم جبينُكِ سافِراً / أَعَرْتِ الصَّباحَ نورَهُ أَمْ أَعارَكِ
وَأَنتِ أَجَرْتِ الليلَ إِذْ هزَمَ الضُّحى / كتائِبُهُ والصُّبحَ لَمَّا استجارَكِ
فلِلصُّبح فيما بَيْنَ قرْطَيكِ مطلعٌ / وَقَدْ سَكَنَ الليلُ البهيمُ خِمارَكِ
فيا لِنهارٍ لا يغيضُ ظلامُهُ / ويا لِظلامٍ لا يُغيضُ نهارَكِ
وَنَجمُ الثُّرَيَّا أم لآلٍ تقسَّمتْ / يمينَكِ إِذ ضَمَّخْتِها أم يَسارَكِ
لِسُلطانِ حسنٍ فِي بديع محاسِنٍ / يصيدُ القلوبَ النَّافِرَاتِ نفارَكِ
وَجُندِ غرامٍ فِي دروع صبابةٍ / تقلَّدْنَ أَقْدَارَ الهوى واقتدارَكِ
هو المُلكُ لا بلقيسُ أَدْرَكَ شَأْوُها / مَداكِ ولا الزَّبَّاءُ شقَّتْ غُبارَكِ
وقَادِمَةُ الجوزاءِ راعَيْتُ مَوْهِناً / بحَرِّ هواكِ أَم تَرَسَّمْتُ دَارَكِ
وَطيفُكِ أَسْرى فاستثارَ تَشوُّقي / إِلَى العهدِ أَم شوقي إليكِ استَثَارَكِ
ومُرْتَدُّ أَنْفاسي إِليكِ استطارَني / أَمِ الرُّوحُ لما رُدَّ فيَّ استطارَكِ
فكمْ جُزْتِ من بحرٍ إِليَّ وَمَهْمَهٍ / يكادُ يُنَسِّي المستهامَ ادِّكارَكِ
أَذُو الحَظِّ من علم الكتاب حدَاك لي / أَم الفلكُ الدَّوار نحوي أَدارَكِ
وكَيف كَتمتِ اللَّيل وَجْهَكِ مظلماً / أَشْعَرَكِ أَغشيْتِ السَّنا أَم شِعَارَكِ
وكيفَ اعتَسَفت البيدَ لا فِي ظعائنٍ / ولا شَجرُ الخَطِّيِّ حفَّ شِجارَكِ
ولا أذَّنَ الحَيُّ الجميعُ برحلة / أَراحَ لَهَا رَاعي المخاضِ عِشارَكِ
وَلا أَرْزَمَتْ خوصُ المهاري مُجيبةً / صهيلَ جيادٍ يكتَنِفْنَ قِطارَكِ
ولا أَذْكَتِ الرُّكْبانُ عنكِ عيونها / حِذارَ عيونٍ لا يَنَمْنَ حِذارَكِ
وكَيف رضيتِ الليلَ مَلبَسَ طارِقٍ / وَمَا ذَرَّ قَرْنُ الشمس إِلّا استنارَكِ
وكم دُونَ رحلي من قصورٍ مشيدَةٍ / تُحَرِّمُ من قرب المزار مَزَارَكِ
وَقَدْ زَأَرَتْ حوْلي أُسودٌ تَهامَستْ / لَهَا الأُسدُ أَنْ كُفِّي عن السمع زَارَكِ
وأَرْضي سُيولٌ من خُيولِ مُظَفَّرٍ / وَلَيلي نجومٌ من سَماءِ مُبارَكِ
بحَيثُ وَجدتُ الأمنَ يَهتِفُ بالمُنى / هَلُمِّي إِلَى عينَيْن جادا سَرَارَكِ
هَلُمِّي إِلَى بَحرَيْنِ قَدْ مَرَجَ النَّدى / عبابَيْهِما لا يَسأمانِ انتظارَكِ
هَلُمِّي إِلَى سيفينِ والحدُّ واحدٌ / يجيران من صرف الحوادث جارَكِ
هَلُمِّي إِلَى طِرْفَيْ رِهانٍ تقدَّما / إِلَى الأَمَدِ الجالي عَلَيْكَ اختيارَكِ
وَحَيِّي عَلَى دَوْحَيْنِ جادَ نداهُما / ظِلالَكِ واستدْنى إِليَّ ثمارَكِ
وَبُشرَاكِ قَدْ فازَتْ قِداحُكَ بالمُنى / وأُعطِيت من هَذَا الأَنامِ خِيارَكِ
شريكان فِي صِدْقِ المُنى وَكِلاهُما / إِذَا بارَزَ الأَقْرانَ غيرُ مُشارِكِ
هُما سَمِعا دَعواكِ يَا دعوَة الهدى / وَقَدْ أَوْثقَ الدهرُ الخؤونُ إِسارَكِ
وَسَلّا سيوفاً لَمْ تَزَلْ تلتَظي أَسىً / بثأْرِكِ حَتَّى أَدْركا لكِ ثارَكِ
وَيهنيكِ يَا دَارَ الخِلافَةِ منهُما / هِلالانِ لاحا يَرْفَعَانِ منارَكِ
كِلا القَمَرَيْنِ بَيْنَ عينيهِ غُرَّةٌ / أَنارَتْ كُسُوفَيكِ وَجَلَّتْ سِرَارَكِ
فقادَ إِليكِ الخيلَ شُعْثاً شَوازباً / يُلَبِّينَ بالنَّصرِ العزيز انتصارَكِ
سوابق هيجاءٍ كَأَنَّ صهيلها / يُجاوبُ تَحْتَ الخافِقَاتِ شِعارَكِ
بكلِّ سَرِيّ العِتق سَرَّى عن الهدى / وكل حَمِيِّ الأَنفِ أَحْمى ذِمارَكِ
تحلَّوْا مِنَ المَنصور نصراً وعزّةً / فأَبلوْكِ فِي يوم البَلاءِ اختِيارَكِ
إِذا انتَسبوا يومَ الطِّعانِ لِعامِرٍ / فَعُمرَكِ يَا هامَ العِدى لا عَمارَكِ
يَقُودُهُم منهم سِراجا كتائِبٍ / يقولانِ للدنيا أجدِّي افتِخارَكِ
إِذا افترَّتِ الرَّاياتُ عن غُرَّتَيهِمَا / فيا لِلعِدَى أَضلَلتِ منهُم فِرَارَكِ
وإِنْ أَشْرَقَ النَّادِي بنور سَناهُما / فَبُشرى الأَماني عَيْنَك لا ضِمَارَكِ
وكم كَشفا من كُرْبَةٍ بعدَ كُرْبَةٍ / تقولُ لَهَا النِّيرانُ كُفِّي أُوَارَكِ
وكم لَبَّيا من دعوةٍ وتَدارَكا / شَفى رَمقٍ مَا كَانَ بالمُتَدَاركِ
ويا نَفسَ غاوٍ كم أَقَرَّا نفارَكِ / وَيا رِجْلَ هاوٍ كم أَقالا عِثارَكِ
وَلستُ ببدْع حينَ قلتُ لهمَّتي / أَقِلّي لإِعتابِ الزَّمَانِ انتظارَكِ
فَللهِ صدْق العَزْمِ أَيَّةُ غِرَّةٍ / إِذَا لَمْ تطيعي فِي لَعَلَّ اغتِرارَكِ
وإِنْ غالَتِ البيدُ اصطبارَكِ والسُّرى / فما غالَ ضيم الكاشِحينَ اصطبارَكِ
ويا خُلَّة التَّسويفِ قُومي فأغدِقي / قناعَكِ من دُوني وشُدِّي إِزارَكِ
وَحسبك بي يَا خُلَّةَ النَّأْي خاطِري / بِنَفسي إِلَى الحَظِّ النَّفيسِ خِطَارَكِ
فقد آنَ إِعْطاءُ النَّوى صَفقةَ الهوى / وَقَوْلُكِ للأَيَّام حوري مَحارَكِ
ويا سُتُرَ البيضِ النَّواعِمِ أَعْلِني / إِلَى اليَعْمُلاتِ والرِّحالِ سِرَارَكِ
نَواجِيَ واسْتَوْدَعْتُهُنَّ نَواجِياً / حِفاظَكِ يَا هذي بذي وازدِهارَكِ
ودُونَكِ أَفلاذَ الفؤادِ فَشَمِّري / ودُونَك يَا عينَ اللبيب اعتبارَكِ
صَرَفْتُ الكَرى عنها بمُغْتَبَقِ السُّرى / وَقُلْتُ أدِيري والنُّجومَ عُقارَكِ
فإِن وَجَبتُ للمَغْرِبَينِ جُنوبُها / فداوي برَقراقِ السَّرابِ خُمارَكِ
وَأَوْرِي بزَندَيْ سُدْفَةٍ وَدُجُنَّةٍ / إذا كانتا لي مَرْخَكِ وعفارَكِ
وإِنْ خَلَعَ اللَّيلُ الأَصائلَ فاخلَعي / إِلَى المَلِكَينِ الأَكْرَمَينِ عِذَارَكِ
بَلَنْسِيَةً مثوى الأَمانِيَّ فاطلُبي / كنوزَكِ فِي أَقطارِها وادِّخَارَكِ
سيُنبيكِ زَجري عن بلاءِ نَسِيتُهُ / إِذَا أَصبَحَتْ تِلْكَ القُصورُ قُصارَكِ
وَأُظفِرَ سَعيٌ بالرِّضى من مُظَفَّرٍ / وبُورِكَ لي فِي حُسنِ رأْي مُبارَكِ
فَظِمْء المُنى قَدْ شامَ بارَقَةَ الحَيا / وأُنشِقْتِ يَا ظِئرَ الرَّجاءِ حُوارَكِ
وَحَمداً يميني قَدْ تَملَّأْتِ بالمُنى / وشُكراً يَساري قَدْ حَوَيتِ يسارَكِ
وقُلْ لسَماءِ المُزن إِنْ شِئْتِ أَقلِعي / وَيا أَرْضَنَا إِن شئت غيضي بحَارَكِ
ولا تُوحِشي يَا دَوْلَةَ العزِّ والندى / مساءَكِ من نُورَيهِمَا وابتكارَكِ