المجموع : 17
هُوَ الفَلَكُ الدَوّارُ أَجراهُ رَبُّهُ
هُوَ الفَلَكُ الدَوّارُ أَجراهُ رَبُّهُ / عَلى ماتَرى مِن قَبلِ أَن تَجري الفُلكُ
لَهُ العِزُّ لَم يَشرُكهُ في المُلكِ غَيرُهُ / فَيا جَهلَ إِنسانٍ يَقولُ لِيَ المُلكُ
وَأَيّامُهُ مَنظومَةٌ في حَياتِهِ / وَلا نَظمَ يَبقى حينَ يَمتَلِئُ السُلكُ
خُلِقنا لِشَيءٍ غَيرِ بادٍ وَإِنَّما / نَعيشُ قَليلاً ثُمَّ يُدرِكُنا الهُلكُ
كَخَيلٍ صِيامٍ تَألَكُ الدَهرَ لُجمَها / بِغَيظٍ فَقَد أَدمى نَواجِذَها الأَلكُ
لِخالِقِنا الحُكمُ القَديمُ وَكَم فَتىً
لِخالِقِنا الحُكمُ القَديمُ وَكَم فَتىً / لَهُ خُلُقٌ رَحبٌ وَعيشَتُهُ ضَنكُ
فَهَوِّن عَلَيكَ الخَطَبَ ما فَتِئَ الرَدى / يُجيشُ عَلى كِسرى الجُيوشَ فَمَن زِنكُ
إِذا ئلَجَأتُهُم ساعَةٌ مِن زَمانِهِم / إِلى الشَرِّ لَم يُغنوا فَتيلاً وَلَم يَنكوا
أَفنُّكَ هَذا أَيُّها الدَهرُ سادِراً / وَتَأتي المَنايا بَعدَ ما لُقِيَ الفُنكُ
لَعَنَّكَ يَنجابُ الظَلامُ فَتَهتَدي / إِذا عَنكَ في رَأَدِ الضُحى ذَهَبَ العِنكُ
تَدَيَّنَ غاويهِم حِذارَ أَميرِهُم
تَدَيَّنَ غاويهِم حِذارَ أَميرِهُم / فَلَمّا اِنقَضَت أَيّامُهُ ذَهَبَ النُسكُ
فَأَصبَحَ مِن بَعدِ التَمَسُّكِ بِالتَقى / لِأَردانِهِ مِن طيبِ فاجِرَةٍ مَسكُ
وَهَل يَنفَعُ التَمسيكُ وَالمِسكُ تَحتَهُ / خَبيثٌ نَبيثٌ وَالَّذي فَوقَهُ المِسكُ
إِذا مَسَكَ الإِعدامُ فَاِصبُر وَلا تَكن / جَزوعاً لِكَي يَردى الفَتى وَبِهِ مُسكُ
تَمَسَّكَ بِتَقوى اللَهِ لَستُ بِقائِلٍ
تَمَسَّكَ بِتَقوى اللَهِ لَستُ بِقائِلٍ / تَمُسَّك وَمَعنايَ السُوارُ وَلا المِسكُ
وَمَن يَبلُ بِالدُنِّيا وَسوءِ فِعالِها / فَلَيسَ لَهُ إِلّا التَعَبُّدُ وَالنُسكُ
ضَحِكنا وَكانَ الضِحكُ مِنّا سَفاهَةً
ضَحِكنا وَكانَ الضِحكُ مِنّا سَفاهَةً / وَحُقَّ لِسُكّانِ البَسيطَةِ أَن يَبكوا
يُحَطِّمُنا رَيبُ الزَمانِ كَأَنَّنا / زُجاجٌ وَلَكِن لا يُعادُ لَهُ سَبكُ
دَعِ الناسَ وَاِصحَب وَحِشَ بَيداءَ قِفرَةٍ
دَعِ الناسَ وَاِصحَب وَحِشَ بَيداءَ قِفرَةٍ / فَإِنَّ رِضاهُم غايَةٌ لَيسَ تُدرَكُ
إِذا ذَكَروا المَخلوقَ عابوا وَأَطنَبوا / وَإِن ذَكَروا الخَلّاقَ حابوا وَأَشرَكوا
كُلِفتَ بِدُنياكَ الَّتي هِيَ خُدعَةٌ / وَهَل خُلَّةٌ مِنها أَغَرُّ وَأَفرَكُ
إِذا سَمَحَت عادَت لِما سَمَحَت بِهِ / وَكَم أَذنَبَت وَالذَنبُ بِالرَرضِ يُعرَكُ
وَلَو لَم يَكُن فينا هواها غَريزَةً / لَكانَ إذا جَرَّ المَهالِكَ يُترَكُ
مَتّى أَنا تالي الرَكبِ فَوقَ مَطيَّةٍ / عَلى مَنهَلٍ يُغني عَنِ الماءِ تَبرُكُ
إِذا فاتَكَ الإِثراءُ مِن غَيرِ وَجهِهِ / فَإِنَّ قَليلَ الخَلِّ أَولى وَأَبرَكُ
وَنَحنُ بِعلمِ اللَهِ مِن مُتَحَرِّكٍ / يُرى ساكِناً أَو ساكِنٍ يَتَحَرَّكُ
عَلَيكَ بِتَقوى اللَهِ في كُلِّ حالَةٍ
عَلَيكَ بِتَقوى اللَهِ في كُلِّ حالَةٍ / فَإِنَّ الَّذي نَصَّ الرِكابَ سَيُبرِكُ
إِذا مَرَّتِ الأَوقاتُ حُرِّكَ ساكِنٌ / وَسُكِّنَ في أَضعافِها المُتَحَرِّكُ
تَبايَنَ في الدينِ المَقالُ فَجاحِدٌ / وَصاحِبُ تَوحيدٍ وَآخَرُ مُشرِكُ
وَتُعجِزُ دُنياكَ القَويَّ يَرومُها / وَيَطلُبُ أُخراهُ الضَعيفُ فَيودرِكُ
وَمَن لِلفَتى وَهُوَ الشَقيُّ بِأَنَّهُ / يَدومُ عَلى ضَنكِ الشَقاءِ وَيُترَكُ
وَلَم أَرَ إِلّا أُمَّ دَفرٍ ظَعينَةً / تُحَبُّ عَلى غَدرٍ قَبيحٍ وَتَفرِكُ
كَأَنَّ إِباراً في المَفارِقِ خَيَّطَت
كَأَنَّ إِباراً في المَفارِقِ خَيَّطَت / بُرودَ المَنايا وَاللَيالي سُلوكُها
يَرى الفِكرُ أَنَّ النورَ في الدَهرِ مُحدَثٌ / وَما عُنصُرُ الأَوقاتِ إِلّا حُلوكُها
فَلا تَرغَبوا في المُلكِ تَعصونَ بِالظُبا / عَلَيهِ فَمِن أَشقى الرِجالِ مُلوكُها
وَإِنَّ غُروبَ الشَمسِ كُلَّ عَشيَّةٍ / يُحَدِّثُ أَهلَ اللُبِّ عَنهُ دُلوكُها
وَما فَتِئَت رُسُلُ الحِمامِ تَزورُنا / إِذا لَم تُشافِه ذَكَّرَتنا أَلوكُها
فَكونوا جِياداً أُضمِرَت خَوفَ غارَةٍ / صَوائِمَ إِلّا مِن شَكيمٍ تَلوكُها
تَسَمَّت رِجالٌ بِالمُلوكِ سَفاهَةً
تَسَمَّت رِجالٌ بِالمُلوكِ سَفاهَةً / وَلا مُلكَ إِلّا لِلَّذي خَلَقَ المُلكا
أَرى فَلَكاً مادارَ إِلّا لِحِكمَةٍ / فَلا تَنسَ مَن أَجرى لِحاجَتِكَ الفُلكا
وَمُدَّت حِبالُ الشَمسِ مِن قَبلِ عَصرِنا / عَلى أُمَمٍ لَم تَتَّرِك لَهُمُ سِلكا
وَتُعجِبُنا الدُنِّيا الهَلوكُ وَإِنَّها / لَأُمُّ رِجالٍ كُلُّهُم سُقِيَ الهُلكا
هُما حالَتا سوءٍ حَياةٌ بِلَوعَةٍ / وَمَوتٌ فَخَيِّر هَذِهِ النَفسَ أَو تِلكا
أَرى كُلَّ خَيرٍ في الزَمانِ مُفارِقاً
أَرى كُلَّ خَيرٍ في الزَمانِ مُفارِقاً / فَلا تَأسَفَنّ فيها لِقِلَّةِ خَيرِكا
وَدُنياكَ سارَت بِالأَنامِ مُغِذَّةً / فَلا فَرقَ فيها بَينَ سَيري وَسَيرِكا
أَصاحِ أَتَدري كَيفَ بَعدَكَ حالُها / أَجَل مِثلَ ما شاهَدتَهُ بَعدَ غَيرِكا
فَإِن كُنتَ لا تَسطيعُ لِلنَفعِ كَثرَةً / فَلا تُعدِمَنَّكَ النَفسُ قِلَّةَ ضيرِكا
أَيا مَفرِقي هَلّا اِبيَضَضتَ عَلى المَدى
أَيا مَفرِقي هَلّا اِبيَضَضتَ عَلى المَدى / فَما سَرَّني أَن بِتَّ أَسوَدَ حالِكا
قَبيحٌ بِفَودِ الشَيخِ تَشبيهُ لَونِهِ / بِفَودِ الفَتى وَاللَهُ يَعلَمُ ذِلِكا
فَبُعداً لِهَذا الجِسمِ يا روحُ مَسلَكاً / وَبُعداً لِهَذي الروحِ يا جِسمُ سالِكا
تَواصَلتُما فَاِستَحدَثَ الوَصلُ مِنكُما / عَجائِبَ كانَت لِلرِجالِ مَهالِكا
سَأَفعَلُ خَيراً ما اِستَطَعتُ فَلا تُقَم
سَأَفعَلُ خَيراً ما اِستَطَعتُ فَلا تُقَم / عَلَيَّ صَلاةٌ يَومَ أُصبِحُ هالِكا
فَما فيكُمُ مِن خَيرٍ يُدَّعى بِهِ / يُفَرِّجُ عَنّي بِالمَضيقِ المَسالِكا
فَمَن مُبَلِّغٌ عَنّي المَآلِكَ مَعشَراً / عَليّاً وَمَحموداً وَخاناً وَآلِكا
فَما أَتَمَنّى أَنَّني كَأَجَلِّكُم / ولَكِن أُضاهي المُقتَرينَ الصَعالِكا
وَيَنفُرُ عَقلي مُغضَباً إِن تَرَكتُهُ / سُدىً وَاِتَّبَعتُ الشافِعيّ وَمالِكا
إِذا قالَ فيكَ الناسُ ما لا تُحِبُّهُ
إِذا قالَ فيكَ الناسُ ما لا تُحِبُّهُ / فَصَبراً يَفِئ وُدَّ العَدوِّ إِلَيكا
وَقَد نَطَقوا مَيناً عَلى اللَهِ وَاِفتَروا / فَما لَهُم لا يَفتَرونَ عَلَيكا
وَلَو صِرتُ سِلكاً ما حَماني تَضاؤُلي / حِماماً تَوَخّى عامِراً وَسُلَيكا
فَفارِق إِلى اللَهِ الجَديدَينِ راضِياً / وَلا تَعقِدِ الأَدناسَ في سَمَليكا
مَلِلتَ مَسيراً فَوقَ نِضوَيكَ فَاِلتَمِس / نُزولَكَ بِالصَحراءِ عَن جَمَلَيكا
رَأَيتُ بِجِنحٍ في الزَمانِ حُلوكا
رَأَيتُ بِجِنحٍ في الزَمانِ حُلوكا / وَلِلشَمسِ فيها مَشرِقاً وَدُلوكا
خَطَبتَ إِلا الدُنيا بِجَهلِكَ نَفسَها / فَلم تَستَطِع فيما أَرَدتَ سُلوكا
وَهَل يَنكَحُ المَرءُ الموَفَّقُ أُمَّهُ / وَلَو أَصبَحَت بَينَ الرِجالِ هَلوكا
وَكَم حَلَّ فيها مَعشَرٌ بَعدَ مَعشَرٍ / مِنَ الناسِ عاشوا سوقَةً وَمُلوكا
فَما بَلَّغَتهُمُ مِنكَ بَعدَ رَحيلِهِم / أُلوكٌ وَلا أَهدوا إِلَيكَ أَلوكا
وَقَفتَ عَلى أَجداثِهِم وَسَأَلتَهُم / فَما رَجَعوا قَولاً وَلا سَأَلوكا
وَلا عِلمَ لي مِن أَمرِهِم غَيرَ أَنَّهُم / لَو اِنتَبَهوا مِن رَقدَةٍ عَذَلواكا
تَخَلَّفتَ بَعدَ الظاعِنينَ كَأَنَّهُم / رَأوكَ أَخا وَهنٍ فَما حَمَلوكَ
وَجَدتُكُمُ لَم تَعرِفوا سُبُلَ الهِدى
وَجَدتُكُمُ لَم تَعرِفوا سُبُلَ الهِدى / فَلا تُوَضِّحوا لِلقَومِ سُبلَ المَهالِك
أَخَيرٌ عَلى مَجرى قَديمٍ كَلَهذَم / يُفَرِّجُ لِلخَطَّيِّ ضيقَ المَسالِك
وَما الدَهرُ إِلّا حالِكٌ بَعدَ أَبيَضٍ / يُذيعُ بِنا أَو أَبيَضٌ بَعدَ حالِكِ
بَلَوتُ أُمورَ الناسِ مِن عَهدِ آدَمٍ / فَلَم أَرَ إِلّا هالِكاً إِثرَ هالِكِ
مَتّى مُتُّ لَم أَحفِل تَحِيَّةَ واقِفٍ / عَلَيَّ وَلَم أَعلَم بِإِحدى المَآلِكِ
إِذا كانَ هَذا التُربُ يَجمَعُ بَينَنا / فَأَهلُ الرَزايا مِثلُ أَهلِ المَمالِكِ
كَأَنَّ عُقولَ القَومِ وَاللَهُ شاهِدٌ
كَأَنَّ عُقولَ القَومِ وَاللَهُ شاهِدٌ / جُمِعنَ لَهُم مِن نافِراتٍ أَوارِكِ
يَميلونَ لِلدُنِّيا عَلى سَطواتِها / وَما نَشَرَت مِن شَرِّها المُتَدارِكِ
وَما هِيَ إِلّا قِسمَةٌ بَينَ أَهلِها / لِكُلَّهُمُ فيها نَصيبُ مُشارِكِ
أَقامَت سُلَيمانَ الَّذي شاعَ مُلكُهُ / يُراقِبُ أَطهارَ النِساءِ العَوارِكِ
إِذا بَعَثتَ مِنها إِلى الأَرضِ نائِلاً / وَإِن قَلَّ أَلفَتهُ لَهُ غَيرَ تارِكِ
وَكَم أَرسَلت مِن طارِقٍ وَمُلِمَّةٍ / أَبانَت لَها الرِكبانَ فَوقَ المَوارِكِ
وَأَركُدَ فيها تَحتَ عِبءٍ لَو أَنَّهُ / عَلى العيسِ ما قَرَّت بِهِ في المَبارِكِ
تَبارَكتَ يا رَبَّ العُلا أَنتَ صُغتَها / فَلَيتَكَ في أَرزائِها لَم تُبارِكِ
أُعانِقُها عِندَ الوَداعِ تَشَبُّثاً / وَأَيُّ وَداعٍ بَينَ قالٍ وَفارِكِ
وصَفراءَ لوْنَ التّبْرِ مِثْلي جَليدَةٌ
وصَفراءَ لوْنَ التّبْرِ مِثْلي جَليدَةٌ / على نُوَبِ الأيامِ والعيشَةِ الضّنْكِ
تُرِيكَ ابتِساماً دائِماً وتَجَلّداً / وصَبْراً على ما نابَها وهْيَ في الهُلْك
ولو نَطَقَتْ يوْماً لَقالَت أظنّكُمْ / تَخالُونَ أنّي مِن حِذارِ الرّدى أبكي
فلا تَحْسَبوا دَمْعي لِوَجْدٍ وَجَدْتُهُ / فقد تَدْمَعُ الأحداقُ من كَثْرَةِ الضِّحك