المجموع : 4
يقول لي الحق المبين فإنني
يقول لي الحق المبين فإنني / أنا الردمُ فانظره تجدهُ بمالكي
فإن كان ما قد قاله عين فهمنا / فلست أرى في العالمين بهالكِ
وإني أنا الوجه الذي قال إنه / يدومُ ويبقى في جميع المسالك
مبيناً جليَّاً ثابتاً غير زائلٍ / وءنْ كنت شخصاً من جميعِ الممالك
أنا عرشه الأعلى وكرسيُّ علمه / لذلك يلقي نفسه في المهالكِ
لذا جاءنا النصُّ الجليُّ مخبراً / بألسنةِ الإرسال عند الممالك
كبرتُ بملك الملك إذ كان من ملكي
كبرتُ بملك الملك إذ كان من ملكي / أسخره من غير مينٍ ولا إفكِ
كتصريفه بالحالِ غيباً وشاهداً / وبالأمرِ حقاً لستُ من ذاك في شك
كياني كيانُ الحقِِ إذ كنتُ ذا حجى / وفهمٍ وإني ما برحتُ من الملك
كما لي في فقري ونقصي تملكي / فحالي ما بين التملكِ والملك
كلامٌ كمثلِ الروضِ عطرُه الندى / وكاللؤلؤ المنثورِ نظم في سلك
كلامٌ له التأثيرُ في كلِّ قابلٍ / فيضحك وقتاً للتلاحين أو يبكي
كما نمَّ أزهارُ الرياضِ حروفه / فتشكو من التالي له وهو لا يشكي
كتابٌ حكيم من حكيم منزل / أكون به في الرحب وقتاً وفي ضنك
كساني نحولاً نثرُه ونظامه / فجسمي مما نالني منه في السبك
كتبتُ إليه أشتكي ما يصيبني / كما كان يشكو الناس من صاحبِ النبك
أحاطت بنا الأفكار من كلِّ جانبٍ
أحاطت بنا الأفكار من كلِّ جانبٍ / فأصبحتْ قد سُدَّت عليّ مسالكي
عَبوساً لمن قد جاء في غيرَ ضاحكٍ / وهل وجه رضوانَ كسحنةِ مالكِ
ولكنني لما علمت بأنني / قد أصبحتُ مملوكاً لأكرم مالكِ
ينفس عني كل كَرب وجدته / فملكني حالي جميع الممالك
فلبيتُ إجلالاً وشكراً لخالقي / وعظمت ربي في جميع المناسك
وقلت لنفسي لم يكثر الهنا / مناسكه إلا لأجلِ التماسك
فإن لم تجده ههنا ربما ترى / تجده هنا فاحذر حجابَ التباسك
لكل أناسٍ واحدٌ يقصدونه / وإني على حكم الهوى من أناسك
نزلت على الحق انتساكاً لأنه / وجود الذي تبغيه عند انتساكك
ولا تختلس إنَّ الوجودَ مُحرَّم / عليك إذا لم تعتمد في اختلاسك
شمست فلم تظفر بما مبتغيه / لأجل الذي أعطاه عين شمارك
نفست فلم يقربك إلا مكذب / كذوب وهذا أصله من نفاسك
فلا تقتبس ناراً من الزندانه / حجابٌ عليه فهو نفسُ اقتباسك
تراءيت لي في كلِّ سيء فكنته
تراءيت لي في كلِّ سيء فكنته / ولو لم تكن عيني لما كنت مدرِكا
فأين أنا والكلُّ مني أنتمُ / ولم أدر من هذا الذي كان أدركا
فقل لي وعرِّفني فإني حائر / ولو كنته ما حرتُ العلمُ أنكا
إلهي فإن العبد عينُ حقيقتي / فنحن بنا عقلا وفي كشفنا بكا
فإن قلت إني لستكم كنتَ صادقا / وإن قلت إني أنتمُ فأنا لكا
لك الحكم فينا كيف شئتَ تأدبُّبا / لسرٍّ بدا لي كان للأمر أملكا
أنا كلُّ شي إن تأملتَ صورتي / فإني إنسانٌ وإن كنت مألكا
تمثَّلَ جبريلُ لمريمَ صورةً / من الإنس لم يأتِ بمثل ولا بكا
لنعلم أنّ الأمر عين الذي ترى / وقد صار ما عاينته فيه مهلكا
فإن شئت سلطاناً وإنْ شئتَ سوقة / وإن شئت ذا نسكٍ وإن شئتَ منسكا