أرَيّاكِ أمْ رَدعٌ من المسك صائكُ
أرَيّاكِ أمْ رَدعٌ من المسك صائكُ / ولحظُكِ أم حَدٌّ من السيْفِ باتِكُ
وأعطافُ نَشوَى أم قَوامٌ مُهَفْهَفٌ / تأوَّدَ غصْنٌ فيهِ وارتَجَّ عانِك
وما شقّ جيْبَ الحُسنِ إلاّ شقائقٌ / بخدّيكِ مفتوكٌ بهِنّ فواتِك
أرى بينَها للعاشقين مَصارعاً / فقد ضرّجَتْهُنَّ الدّماءُ السّوافك
ألم يُبْدِ سِرَّ الحُبّ أنّ منَ الضّنى / رقيباً وإنْ لم يهتِكِ السترَ هاتِك
وليلٍ عليهِ رَقْمُ وَشْيٍ كأنّما / تُمَدُّ عليه بالنّجومِ الدَّرانك
سَرَيْنا فطفُنَا بالحِجالِ وأهِلها / كما طافَ بالبيتِ المُحجَّبِ ناسك
وكُنّا إذا ما أعيُنُ العِينِ رُقْنَنَا / أدَرْنَ عُيوناً حَشْوُهُنَّ المَهالِك
فتَكْنَا بمُحْمَرِّ الخُدودِ وإنّهَا / بما اصفرَّ من ألوانِنا لَفَواتِك
تكونُ لنَا عندَ اللّقاءِ مَواقِفٌ / ولكنّها فوقَ الحَشايا مَعارك
نُنازِلُ من دون النّحورِ أسِنّةً / إذا انتصَبَتْ فيها الثُّدِيُّ الفَوالك
نَشاوَى قُدودٍ لا الخدودُ أسِنّةٌ / ولا طُرَرٌ من فَوقهِنَّ حَوالِك
سَرَينَ وقد شَقّ الدُّجى عن صَباحِهِ / كواكب عِيسٍ بالشموسِ رواتك
وكائِنْ لها فوقَ الصّعيدِ مناسمٌ / يَطأنَ وفي سِرِّ الضّميرِ مَبارك
أقيموا صُدورَ النّاعِجاتِ فإنّهَا / سبيلَ الهوى بينَ الضُّلوع سَوالك
ألم تَرَيا الرّوْضَ الأريضَ كأنّمَا / أسِرّةُ نورِ الشمسِ فيها سبائك
كأنّ كُؤوساً فيه تسري براحِها / إذا علّلَتْها السّارياتُ الحواشك
كأنّ الشّقيقَ الغَضَّ يُكحَلُ أعيُناً / ويَسْفِكُ في لبّاتِهِ الدّمَ سافك
وما تُطلِعُ الدّنيا شُموساً تُريكَها / ولا للرّياضِ الزُّهْرِ أيدٍ حَوائك
ولكنما ضاحَكنَنَا عن محاسِنٍ / جَلَتْهُنّ أيّامُ المُعِزِّ الضّواحك
سقَى الكوْثَرُ الخُلديُّ دَوحةَ هاشمٍ / وحَيّتْ معِزَّ الدّينِ عنّا الملائك
شَهِدتُ لأهْلِ البيْتِ أن لا مَشاعِرٌ / إذا لم تكن منهم وأن لا مناسك
وأن لا إمامٌ غيرُ ذي التاجِ تلتقي / عليه هَوادي مجدِه والحَوارك
لَهُ نَسَبُ الزَّهْراءِ دِنْياً يَخُصُّهُ / وسالفُ ما ضَمّتْ عليه العَواتك
إمامٌ رأى الدنيا بمؤخِرِ عيْنِهِ / فمن كان منها آخذاً فهو تارك
إذا شاءَ لم تَمْلِكْ عليه أناتُه / بَوادِرَ عَزْمٍ للقَضاءِ مَوالِك
لألْقَتْ إليه الأبحُرُ الصُّمُّ أمرَهَا / وهبّتْ بما شاءَ الرّياحُ السَّواهك
وما سارَ في الأرض العريضَةِ ذكرُهُ / ولكنّهُ في مسلَكِ الشمسِ سالِك
وما كُنْهُ هذا النّورِ نورُ جَبِينِهِ / ولكنّ نورَ اللّهِ فيه مُشارِك
لهُ المُقْرَباتُ الجُرْدُ يُنعِلُها دَماً / إذا قَرَعَتْ هامَ الكُماة السنابك
يُريقُ عليْها اللؤلؤُ الرَّطْبُ ماءَهُ / ويَسْبِكُ فيها ذائِبَ التّبر سابك
صقيلاتُ أبْشارِ البُرُوقِ كأنّمَا / أُمِرّتْ عليها بالسَّحابِ المَداوك
يُباعِدْنَ ما بَينَ الجَماجمِ والطُّلى / فتَدنو مَرَورَاتٌ بها ودكادِك
لك الخيرُ قَلِّدْهَا أعِنّةَ جَرْيها / فهُنّ الصُّفُونُ المُلجَماتُ العوالك
ووالِ فُتوحاتِ البِلادِ كأنّها / مَباسِمُ ثَغْرٍ تُجْتَلاى ومضاحك
يُمِدُّكَ عزْمٌ في شَبا السيف قاطعٌ / وبُرثُنُ سَطْوٍ في طُلى الليثِ شابك
أمَتَّ بل استحيَيتَ والموتُ راغمٌ / كأنّكَ للآجَالِ خَصْمٌ مُماحِك
لك العَرَصَاتُ الخُضرُ يَعبَقُ تُربُها / وتَحيا برَيّاها النفوسُ الهوالك
يَدٌ لأيادي اللّهِ في نَفَحَاتِها / غِنىً لِعَزالي المُزنِ وهي ضرائك
لكم دولَةُ الصّدْقِ التي لم يَقُمْ بها / نُتَيْلَةُ والأيّامُ هُوجٌ ركائك
إمامِيّةٌ لم يُخْزِ هارونُ سعيَها / ولا أشْركَتْ باللّهِ فيها البَرامك
تُرَدُّ إلى الفِرْدَوس منكم أرومَةٌ / يصلّي عليكم ربُّها والملائك
ثَنائي على وحيِ الكِتابِ عليكُمُ / فلا الوَحْيُ مأفوكٌ ولا أنا آفك
دعاني لكمْ ودٌّ فلبّت عَزائِمي / وعَنْسي وليلي والنجومُ الشّوابك
ومستكبِرٌ لم يُشْعِرِ الذُلَّ نفسَهُ / أبيٌّ بأبْكارِ المَهَاوِلِ فاتِك
ولو عَلِقَتْهُ من أُميّةَ أحْبُلٌ / لَجُبَّ سَنامٌ من بني الشعر تامك
ولمّا التَقَتْ أسيافها ورماحها / شراعاً وقد سدت علي المسالك
أجَزْتُ عليها عابراً وتركْتُهَا / كأنّ المَنَايا تحتَ جنبي أرائِك
وما نَقَمُوا إلاّ قديمَ تَشَيُّعي / فنَجّى هِزَبْراً شَدُّهُ المُتَدارك
وما عَرَفَتْ كَرَّ الجِيادِ أُمَيّةٌ / ولا حملَتْ بَزَّ القَنا وهو شابك
ولا جَرّدُوا نَصْلاً تُخَافُ شَباتُه / ولكِنّ فُولاذاً غَدا وهو آنُك
ولم تَدْمَ في حربٍ دروعُ أُمَيّةٍ / ولكنّهم فيها الإماءُ العَوارك
إذا حَضَروا المدّاحَ أُخْجِلَ مادِحٌ / وأظلَمَ دَيْجورٌ من الكُفْرِ حالك
ستُبْدي لك التثريبَ عن آل هاشِمٍ / ظُباتُ سيوفٍ حَشْوُهُنَّ المهالك
أأللّه تَتْلوُ كتبكم وشيوخُهَا / ببدرٍ رميمٌ والدّماءُ صَوائك
هُمُ لحظوكم والنّبُوّةُ فيكُمُ / كما لحَظَ الشِّيبَ النّساءُ الفوارك
وقد أبهجَ الإيمانَ أن ثُلَّ عرشُها / وأنْ خَزَرَتْ لحظاً إليهْا المَهالك
بني هاشمٍ قد أنجزَ اللّهُ وعدَهُ / وأطلعَ فيكم شَمْسَهُ وهي دالك
ونادَتْ بثاراتِ الحُسَينِ كتائِبٌ / تُمَطّي شِراعاً في قَناها المعارِك
تَؤمُّ وصيَّ الأوصياءِ ودونَهُ / صُدُورُ القَنا والمُرهَفاتُ البواتك
وضَرْبٌ مُبينٌ للشّؤونِ كأنّما / هَوَتْ بفَراشِ الهامِ عنه النّيازك
فَدُسْ بهمُ تلك الوُكونَ فإنّني / أرى رَخَماً والبَيضَ بَيضٌ تَرائك
لقد آنَ أن تُجْزَى قُرَيشٌ بسعيها / فإمّا حَياةٌ أو حِمامٌ مُواشِك
أرى شعراءَ المُلكِ تَنْحِتُ جانبي / وتَنبو عن اللّيْثِ المخاضُ الأوارك
تَخُبُّ إلى مَيْدان سَبقي بطاؤهَا / وتلك الظّنونُ الكاذباتُ الأوافك
رأتْني حِماماً فاقشَعَرّتْ جُلُودُهَا / وإني زعيمٌ أنْ تَلينَ العَرائك
تُسيءُ قَوافيها وَجُودُكَ مْحِسنٌ / وتُنْشِدُ إرْنَاناً ومجْدُكَ ضاحك
وتُجدى وأُكْدى والمناديحُ جَمّةٌ / فما لي غنيَّ البَالِ وهي الصّعالك
أبَتْ لي سبيلَ القوم في الشعر هِمّةٌ / طَمُوحٌ ونفْسٌ للدنِيَّة فارك
وما اقتادت الدنيا رجائي ودونها / أكُفُّ الرّجالِ اللاوياتُ المواعك
وما سَرّني تأمِيلُ غيرِ خليفَةٍ / وأنّيَ للأرضِ العَريضَةِ مالك
فحمِّلْ وريدي منكَ ثِقْلَ صَنيعةٍ / فإنّي لمَضْبورُ القَرا مُتلاحِك
أبَعْدَ التماحي التّاجَ مِلء محاجري / يَلوكُ أديمي من فم الدهر لائك
خُمولٌ وإقتارٌ وفي يدِكَ الغِنى / فمَحْياً فإنّي بين هاتينِ هالك
لآيَةِ ما تَسْري إليَّ نَوائبٌ / مُشَذِّبَةٌ عن جانبيَّ سَوادِك
فهُنَّ كما هُزَّتْ قَناً سمهرِيّةٌ / لِسِرْبالِ داودٍ عليَّ هواتِك
لديَّ لها الحَربُ العَوانُ أشُبُّهَا / فإلاّ تُؤيّدْني فإنّي مُتارك
وأيُّ لسانٍ ناطِقٌ وهو مُفحَمٌ / وأيُّ قَعُودٍ ناهِضٌ وهو بارك