حُبستَ وأيّام الملوكِ كذاكا
حُبستَ وأيّام الملوكِ كذاكا / تكون إِساراً مرّة وفَكاكا
ويحجُبُ ظلُّ الأرض غُرَّةَ شمسها / فتنزلُ خفضاً تارةً وسُكاكا
وليس يضرُّ النجمَ مَهوَى غروبِهِ / إذا عاد في أُفْق السماء سِماكا
وما قصَّروا من خطوِ سعيك للعلا / وإن قصَّروا بالقَيدِ رحبَ خُطاكا
ومن كانت الجوزاء بالأمس نعلَه / يكون له القيدُ الغداةَ شِراكا
ملكتَ زماناً جائراً فقسرتَهُ / على العدل إذ وُلِّيتَهُ فأباكا
ومن جعجع الأقدارَ عن طُرقِ كيدهِ / عطفن عليه فاستُثرن وِشَاكا
حملتَ الذي أعيا الرجال وغيرَهم / فخافوا على ضعف الرقاب قُواكا
ونفَّر ذؤبانَ الغضا ريحُ ضيغم / تطيح عليه نَوْشةً وعراكا
فدبّوا فسدّوا غابَهُ وهو خادرٌ / فضاق عليه نهضةً وحَراكا
وقد غرَّه أن يُعمِلَ الحزمَ سابقاً / على الكيد أن ليس الذئابُ هُناكا
مشى حافياً فوق القتادة حاقراً / لما شامَ منها أخمصَيْه وَشَاكا
فإن فَصدتْ أظفارَه فلطالما / أراحَ بها رَدْعُ الدّماء وصاكا
ولاحت به للوثبِ نفساً حميَّةً / تردُّ الرقابَ المصمِيات رِكاكا
فقل للعدا لا تمضغوها تحلِّياً / وإن هي طابت ذوقَةً ومِلاكا
ولا تلمسوا بعد التجارب حدَّها / فإن بني عبد الرحيم أُولاكا
هم اليزنيّاتُ التي إن أغبَّكم / بها ذاعرٌ منِّي فكَرَّ دِراكا
فلا تستقلُّوا مغمَداً من سيوفهم / وقد حزَّ في أعناقكم فأحاكا
ولا تحسبوا استهلاككم خُزنَ مالهم / يجرُّ على غير النفوس هلاكا
فإن الجيادَ الطيّباتِ عروقُها / تكون هِزالاً مرّةً وتِماكا
ألا يا بشيرَ الخير قل غيرَ متّقٍ / متى نلتَ من رؤيا الوزير مناكا
وأمكنك الحرَّاسُ من بَسط قولةٍ / تبوحُ بها جَهراً وتفتحُ فاكا
توكَّلْ على مَن غَمَّها في سِفارها / فكم كنتَ في أمثالها فكفاكا
وإن هذه طمَّتْ على أخواتها / فوكِّل بها الصبرَ الجميلَ أخاكا
ولا تحسبنَّ الشرّ ضربةَ لازبٍ / وإن طال في هذا المطالِ مَداكا
فقد يخطىءُ الجَلدُ المصيبُ بغدرةٍ / وكم وألتْ من عثرةٍ قدَماكا
ستخلُص من أدناسها نازعاً لها / ولم يتعلَّقْ عارُها بِرداكا
كأنّك بالإقبال قد هبَّ ثائراً / فناشَك فيها ثم ردَّك ذاكا
وقد زادك التخميرُ عَبْقاً وضَوعةً / ونشراً كأنَّ الحبسَ كان مُداكا
وسُلِّمَ سهمُ الانتقام مفوَّقاً / إليك لترمي من بغَى فرماكا
فودَّ إذاً لو شُقَّ عنه إهابُهُ / وما شَقَّ بالغدرِ المصَرِّ عصاكا
فعاذرُ ركنِ الدين في الحفظِ أنه / جناه عليك ما عليه جناكا
فما زال معْ إلمامِهِ لك بالأذى / إذا أُقرِضَ الإنعامَ منك قضاكا
يزيدك علماً بالرجال وفطنةً / ويكره قوماً بِغضة وفِرَاكا
ويعلم أنْ ما زلتَ في كلّ حالةٍ / سِناداً له في مُلكهِ ومِلاكا
وتمشي بكم وخْداً وجَمْزاً أمورُهُ / وتمشي بأقوامٍ سِواك سِواكا
فعَطفاً على المألوفِ من بِرِّ عهدهِ / وإن هو في هذا المقام جفاكا
وسمعاً وإن لم تستمع لعيافتي / وزجري وإن لم تُصْغِ لي أُذُناكا
وحاشاك أن تخلو من اسمك مدحةٌ / ويُقفِرَ من وفد الثناءِ ذَراكا
وأن لا أَرَى في الصدر وجهَك طالعاً / وعينُ القوافي والرَّجاء تراكا
وحاشاك من يومٍ جديدٍ وموقفٍ / أقوم إليه منشداً لسواكا