القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 11
أنِلْني أو ادْلُلْنِي على من يُنيلني
أنِلْني أو ادْلُلْنِي على من يُنيلني / وتلك أشقُّ الكُلْفتَينِ عليكا
متى ليْتَ شعري أنت واجدُ واحدٍ / تُنيلُ يداهُ بعد منعِ يديكا
أبى ذاك أن الخيرَ منك معانُهُ / وأنَّ مُشارَ العالمينَ إليكا
يدي لامرئٍ يبغي النوالَ رهينةٌ / متى نالهُ إن لم ينلْه لديكا
أعوذ بحقْوَيْك العزيزينِ أن أُرى
أعوذ بحقْوَيْك العزيزينِ أن أُرى / مُقِرَّاً بضيمٍ يتركُ الوجهَ حالِكا
ولي وطنٌ آليت ألا أبيعَهُ / وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا
عهْدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً / كنعمةِ قومٍ أصبحوا في ظِلالكا
فقد ألفَتْهُ النفسُ حتَّى كأنه / لها جسدٌ إن بانَ غودِرْتُ هالكا
وحبَّب أوطانَ الرجالِ إليهمُ / مآربُ قضَّاها الشبابُ هنالكا
إذا ذكروا أوطانَهُم ذكَّرتهمُ / عُهودَ الصبا فيها فحنّوا لذلكا
وقد ضامني فيه لئيمٌ وعزَّني / وها أنا منه مُعْصِمٌ بحبالكا
وأحْدث أحْداثاً أضرَّت بمنزلي / يريغُ إلى بيْعِيْهِ منه المسالكا
وراغمني فيما أتى من ظُلامتي / وقال لي اجهدْ فيّ جُهْدَ احتيالكا
فما هو إلا نسجُك الشعرَ سادراً / وما الشعرُ إلا ضلَّةٌ من ضلالِكا
مقالةُ وغْدٍ مثلُه قال مثلها / وما زال قوَّالاً خلافَ مقالكا
صدوفاً عن الخيراتِ لا يرأمُ العلا / ولا يحْتَذي في صالحٍ بمثالِكا
مِن القومِ لا يرعَوْنَ حقاً لشاعرٍ / ولا تَقْتدي أفعالُهم بفعالكا
يُعَيّر سُؤَّالَ الملوك ولم يكُن / بعارٍ على الأحرارِ مثلُ سُؤالكا
مُدِلّاً بمالٍ لم يُصِبهُ بحِلّه / وحَقِّ جلال اللَّهِ ثم جلالكا
وحَسْبي عن إثم الأليَّة زاجرٌ / بما امتلأتْ عيني به من جمالكا
وإني وإنْ أضحى مُدِلّاً بماله / لآمُلُ أن أُلفَى مُدِلّاً بمالكا
فإن أخطأتْني من يَمينيْك نعمةٌ / فلا تخطِئنْه نقمة من شمالكا
فكم لقي العافون عَوْداً وبدأةً / نوالكَ والعادون مرَّ نكالكا
وقد قلت للأعداءِ لمَّا تظاهروا / عليّ وقد أوعدتهم بصيالكا
حذارِ سهامي المُصميات ولم تكن / لتُشويَ إن نصَّلتها بنصالكا
وما كنتُ أخشى أن أسام هضيمةً / وخدَّاي نَعْلا بِذْلةٍ من نعالكا
فجلّ عن المظلوم كل ظلامةٍ / وقتْك نفوسُ الكاشحين المهالكا
وتلك نفوسٌ لو عُرِضن على الردى / فِداءً رأى ألا تفي بقبالكا
وكنتُ إذا أنفذْتُ فيكَ قصيدةً
وكنتُ إذا أنفذْتُ فيكَ قصيدةً / فأنجزتُها استغفرتُ ربي هنالكا
فيحسبُ قومي ذاك مني تأثُّماً / ومن خشيةِ التقصيرِ أفعلُ ذلكا
غدا كلُّ ذي شعرٍ يُدل بشعرِهِ
غدا كلُّ ذي شعرٍ يُدل بشعرِهِ / وماليَ إدلالٌ بغيرِ نَداكا
رجوتُ رجائي فيكَ لا ببلاغتي / ولكن بجودٍ حالفتْهُ يداكا
على أن ذا الإبلاغَ فيك رأيتُه / إذا هو أسرى يهتدي بهداكا
فليس بمحمودٍ لأن صوابَهُ / جَداً منك يأتيه أمام جَداكا
وما حمدُ من سدَّدتَه ورفدتَه / وما قال إلا ما يقول عداكا
وما قولهم إلا الجميل لأنهم / متى أهْجروا كذَّبتهم بسَداكا
إذا ما مدَحْتَ المرءَ تطلب رفدَه
إذا ما مدَحْتَ المرءَ تطلب رفدَه / ولم تَرج فيه الخيرَ إلا بِذَلكا
فأنت له أهْجَى البريَّة نيَّةً / وإن كنتَ قد أطريْتَهُ في مقالِكا
وأمْدَحُ ما تُلْفَى لمن أنتَ سائلٌ / إذا ما طرحْتَ المَدْحَ عند سُؤالكا
وطالبْتَ جدْاوه بغيرِ وسيلةٍ / كما طالبتْ يُمْناكَ ما في شِمالكا
مُدِلّاً عليه واثِقاً بسماحِهِ / ترى مالهُ دلّاً عليه كمالِكا
هل المدحُ إلا تركُك المدحَ مُلقياً / على كرمِ المسئولِ عبء اتِّكالكا
ترى جودَهْ يُغنيك عن كل وُصْلةٍ / وعن كُلِّ ما تُدْلي به من حِبالكا
ولا تتمارى في إحاطةِ علمِهِ / بمَكْنون ما أخطرْتَ فيه ببالكا
فتمدحُهُ بالفَهم والجودِ صامتاً / ولم يحتفلْ ذو منطق كاحتفالكا
هنالك أسْمَعْتَ القلوبَ مديحَهُ / وإن أنتَ لم تُسْمِعْهُ أذْناً هنالكا
مديحاً يعيه القلبُ لا السمعُ سالكاً / مسالكَ ليس القولُ فيهنَّ سالِكا
أيا ابن المُعلَّى كن معلَّىً ولا تكنْ
أيا ابن المُعلَّى كن معلَّىً ولا تكنْ / حريصاً على تضييعكَ اسمَ أبيكا
وصدّقْ أناساً فضَّلوك فأطنبوا / وكذّب من الحُسّادِ مُنْتقِصيكا
منحتُكَ مصباحاً فأعشاك ضوؤُهُ / وقد كان ظَنّي أنه سَيُريكا
جعلتك في حظٍّ شريكاً فخنتني / ولو شئتُ لم أجعلكَ فيه شريكا
أمن حُبّك الآدابَ خالفتَ حُكمَها / فخُنتَ بظهر الغيبِ مؤتمنيكا
نسختَ كتابي ثم كافأتَ نَسْخَهُ / بتضييعهِ أخلفتَ ظَنّي فيكا
فقلتُ أَعِرني ما نسختَ أردُّه / على إثْر نَسْخِيْهِ فلم تَر تيكا
فقلتُ فكلِّف منْ رأيتَ انتساخَهُ / فماطَلْتني حَولاً بذاك دكيكا
أفِقْ أيها النَّشْوانُ قبل ملامةٍ / تُعضُّك أطرافَ البنانِ وشيكا
أيرضى مُعيرٌ من كتابٍ بنسخِه / وتأبى عليه ذاك جُرتَ مليكا
فلا تكُ إما خائناً أو مُضيّعاً / ولكنْ أميناً حافظاً كذويكا
ووكّلْ يديك السمْحتين بحاجتي / وهَبْ لي يوماً من شهورِ سنيكا
وقِسْ راحةً تجني عليك مسبَّةً / بمَتْعَبةٍ تَحْميكَها وتقيكا
أخوكَ فلا تجعلْهُ ضدَّك والتمسْ / لضدّك ما يُلفَى له كأخيكا
لك الخيرُ إنّي أستزِيدُ ولا أشكو
لك الخيرُ إنّي أستزِيدُ ولا أشكو / ولا أكْفُر النَّعماءَ ما جرتِ الفُلْكُ
بلى رُبَّما حاولْتُ توثيقَ عُروةٍ / وليس لحظٍّ منكَ أحرزْتُه تَرْكُ
فلا تَلْحَيَنّي في العتاب فإنّما / عركْتُ أديماً لا يقصّفُه العَركُ
أأحمدُ نفسي أن تُطيبَ لك الثَّنا / وأنت الذي تذكو وأنت الذي تزكو
حُرِمْتُ إذاً حظّي من الخير كلّه / ولا كان لي في المجد إسٌّ ولا سَمْكُ
وما ليَ أستعدي وعدلُك شاملٌ / وما لي أستجفي ومُلكك لي مُلكُ
وكُنْتُ متى استحلَلْتُ إخفارَ حُرمةٍ / سفكْتُ دماءً لا يحلُّ لها سَفْكُ
ولو كان حظّي منك حظّاً مقارباً / صبرْتُ لهضميْ فيه لكنَّه المُلْكُ
ولو كان رُزئي حسنَ رأيِك نكبةً / ربطتُ لها جأشي ولكنَّه الهلْكُ
وما كان مَنْ تَحْنُو عليه مُحامياً / ليُلْقَى عليه من زمانٍ له بَرْكُ
وما انْبَتَّ حبلُ الوصْل منك أُعِيذهُ / بفضلك لكنْ ليس في متنِهِ حَبْكُ
وما مَرِضَتْ تلك العنايةُ مَرْضَةً / تُميتُ ولكنْ قد تطرَّقها نَهْكُ
وما ضلَّ رأيٌ فيك مُذْ عرف الهدى / ولا شابَ إيماني بسُؤْددك الشكُّ
أتاني بظهْر الغَيْبِ أنَّكَ عاتبٌ / وتلك التي رحْبُ الفضاءِ لها ضَنْكُ
وأنْتَ الذي يُمضي الأمور بحُكْمه / فلا منْعهُ لوْمٌ ولا بذْلُه مَحْكُ
وإنَّ جفاءً منك محضاً وقسْوة / لَتَركُك خِلّاً لا يساعده التركُ
أتحسبُني أدللتُ إدلالَ جاهلٍ / عليْك بمدْحٍ لا يخالطُهُ إفْكُ
وإنِّيَ لم أحْمِلْ بمدْحِكَ مَحْمَلاً / من الإثْم ينهى عنه نُسْكٌ ولا فَتْكُ
ولا حمدَ لي في أن نَشْرك طيّبٌ / ولا حمدَ للمجداحِ أنْ نفحَ المِسْكُ
بلى ربما أنصفْتَهُ فحمدْتَهُ / أليس له في نَشْر أرواحِه شركُ
تذكَّرْ هداكَ اللَّه إنّيَ سابكٌ / وأنك تبرٌ لا يُغيِّرهُ السَّبْكُ
وما لي في دُرٍّ تحلَّيْتَ عِقْدَهُ / مِنَ الصُّنْعِ إلا جوْدة النظْمِ والسلكُ
أخالدُ قد عادْيتَ فيَّ كَراكا
أخالدُ قد عادْيتَ فيَّ كَراكا / وأتعبتَ في حَوْكِ القريضِ قُواكا
فلا تَهْجُنِي إني أخُوك لآدمٍ / وحَسْبي هجاءً أن أكون أخاكا
أخالدُ لا قُدّستَ من بعلِ زوجةٍ / يُصنّعُها في بيته لتُناكا
تُقرّبها للنائكين مطيةً / جهاراً وربُّ العالمين يراكا
بلا رُزْءِ دينار ولا رزء دِرهم / سوى أنَّهم يشفون منك حُكاكا
أما لكَ يا شَرَّ الخلائِقِ حميةٌ / ولا غيرة أن يستباح حماكا
بلى ربما استخليتَهم فضلَ خلوةٍ / فغرْتَ عليهم واستشطْتَ لذاكا
تغارُ على عُسْبِ الرجال وإنما / يغارُ على عُقْرِ النساءِ سِواكا
عشوتَ إلى ناري بحُلم فراشةٍ / فصادفتَها نزَّاعةً لشواكا
غدا الدهرُ مفترّاً أغرَّ المضاحِكِ
غدا الدهرُ مفترّاً أغرَّ المضاحِكِ / عن ابن عبيد اللَّهِ تاج الممالِكِ
عن الكوكبِ الدُّرِّيِّ في كلِّ حِندسٍ / عن اللَّمعةِ البيضاء في كُلِّ حالكِ
عن القاسمِ المقسومِ في الناسِ رفدُهُ / إذا لم تطب عن ملكها نفسُ مالك
عن ابن سليمان بن وهبٍ فتى العُلا / على رغم أوغادٍ كُهولِ الحسائك
أغرُّ يُكنَّى بالحسين مُسلِّمٌ / له الحُسْنَ والإحسانَ كلُّ مُماحك
وزيرُ ولي العهد وابن وزيره / أخو المجدِ ركَّابُ الأمورِ التوامك
تُكشّفُ منه محنةُ المُلكِ شيمةً / مهذَّبةً والتبرُ عند السبائك
وإن سترَتْ وجهَ الحقائِق شبهةٌ / رمى سِترها بالصائباتِ الهواتك
ويُفزَعُ في الجُلَّى إلى عَزَماتِهِ / فيستلُّ منها كالسيوف البواتِك
يعارِكُ بالتدبير كلَّ شديدةٍ / فيصرعُها لا هُدَّ ركنُ المُعارِك
فتىً عَطِرتْ ذكراهُ وانهلَّ جُودُهُ / تهلَّلَ باكٍ من حيا المُزنِ ضاحك
فعافيه في نَضْحٍ من الغيث صائبٍ / ومُطريه في نضح من المسكِ صائك
ذكا وزكا فالعُرفُ من وبلِ ديمةٍ / سماكيةٍ والعرف من طِيبِ ذانك
ألاحَ بُروق البشرِ تدعُو عُفاتَهُ / فجاءوا فأعفى بالرغابِ الوشائك
فنُفّلتِ الأيدي غِناها بمدحِهِ / ونُفِّلتِ الأفواهُ طيب المساوِك
أقولُ لسئّالٍ به مُتجاهلٍ / مَحِلتَ وقد آنت إنابةُ ماحك
توهَّمْ مصابيحَ السماءِ سبائكاً / وصُغْ مثله من صفو تلك السبائك
فتىً أسهلتْ خيراتُهُ لعفاتِهِ / فأحزَنَ في تلك المعاني السَّوامك
ومن كثُرتْ في ماله شركاؤهُ / غدا في معاليه قليلَ المُشارك
فتىً لا يُبالي حين يحفظُ مَجده / متى هلكتْ أموالُه في الهوالِكِ
له راحةٌ روْحاءُ يسفكُ ماءَها / وليس لماء الوجهِ منه بسافك
مُقَبَّلُ ظهرِ الكفِّ وهَّابُ بطنِها / مواهبَ ليستْ بالخِساس الركائك
يسوقُ إلى تقبيلها القومَ أنها / غِياثٌ لهم بل عِصمةٌ في المهالك
نرحِّلُ آمالاً إلى باب قاسمٍ / فيرجعنَ أموالاً عِراض المبارك
حباني بما يعيا به كُلُّ رافدٍ / وحبَّرتُ ما يعيا به كلُّ حائك
فأعدَمتُه مدحَ الغِثاثِ مدائحاً / وأعدمني رفدَ الأكُفِّ المسائك
وما لربيعٍ ممطرٍ من مُجاوِدٍ / وما لبقيع مُزْهر من مُحاوِك
وهبْتُ له نفسي ووُدِّي ونُصرتي / ولو صكَّ وجهي حدُّ أبيضَ باتِك
أقولُ لأقوامٍ تعاطوْا علاءَه / فأعيَتهُمُ الخضراءُ ذاتُ الحبائك
دعوا آل وهْبٍ للمعالي فإنَّهُمْ / بقايا اللَّيالي الآخذاتِ التوارِكِ
أناسٌ يسوسُون البلادَ وأهلها / بشدَّةِ أركانٍ ولينِ عرائك
سراةٌ إذا ما الناسُ أضحتْ سراتُهم / لنا ضُحكاً أضْحوا لنا كالمضاحك
يودُّ الورى لو يشترون شهورهم / بأحوال أعوامٍ سواهُم دكائك
وشاهد زُور للكَفور ابن بلبلٍ / فقُلت له أطغَيْتَ أطغى البوائك
وقد كنتُ من مُدّاحِهِ غير أنني / تناوكْتُ مضطراً مع المتناوِك
فلم يجزُني إلا مواعيدَ أعصفتْ / بهنَّ أعاصيرُ الرياحِ السواهِك
بلى قد جزاني لو شكرتُ جزاءَه / جزاءَ مَنيكٍ في استِه غير نائك
وليس جزاءً أنْ عفا إذ مَدَحْتُه / وقد كنتُ أهلاً للعِصيِّ الدَّمالك
ولستُ بهجَّاءٍ ولكن شهادةٌ / لديَّ أُوَدِّي حقَّها غيرَ آفِك
وما أنا للَّحمِ الخبيثِ بآكلٍ / وإنّ له منّي للَوْكةَ لائكِ
إذا استمسكَتْ كفّي بعروة قاسمٍ / فلسْتُ على صرْفِ الزمانِ بهالك
أرانا عِياناً كلَّ عفوٍ ونائلٍ / سمعْنا بمذكورَيْهما في البرامِكِ
تداركَني مِنْ عثرةِ الدهرِ قاسمٌ / بما شئتُ من معروفِهِ المتدارك
فأصبحْتُ في أيكٍ من العيشِ مثمرٍ / وأمسيْتُ في عيشٍ من العزِّ شائك
فتىً في نثاهُ شاغلٌ عن سؤالهِ / سبوقُ العطايا للطَّلوب المُواشك
فليس لأبشارِ الوجوه بمُخْلقٍ / وليس لأستارِ الخفايا بهاتِك
فتىً لا أُسمّيه فتىً لحداثةٍ / ولكن لهاتيك السجايا الفواتك
سجايا أبت إلا انتصافاً لجارِها / من الدهر إما عضَّ رحْلٌ بِحارك
يُواحِكُ عند العذل في بَذْلِ مالهِ / وعندَ ارتيادِ الحقّ غيرُ مُواحك
وسائلةٍ عن قاسمٍ ومكانِهِ / فقُلْتُ لها إن العلاءَ هنالك
كريمٌ تفي أفعالُه بانتسابهِ / وذو نسب في آلِ ساسانَ شابك
أظلُّ إذا شاهَدْتُ يومَ نعيمِهِ / كأنّي في الفردوسِ فوقَ الأرائك
بمرأى من الدنيا جميلٍ ومَسْمعٍ / لدى ملكٍ بالحق لا مُتمالك
مقابلَ وجهٍ منه أبيضَ مشرقٍ / كبدر الدجى بين النجوم الشوابك
يحيّيه أترجُّ تسامى حياله / وشاهَسْفَرمٌّ تحته كالدَّرانك
وفاكهةٍ فيها مشمٌّ ومطعمٌ / تردُّ موداتِ النساءِ الفوارِك
ولو عُدم الريحانُ حَيَّاهُ نشرُهُ / بمثلِ سحيقِ المسكِ فوقَ المداوك
بنفسي وأهلي ذاك وجهاً مباركاً / تلقَّى بأوفى الشكرِ نُعمَى المبارك
تحثُّ الحسانُ المُحسِناتُ كؤوسَهُ / بِمَدْحٍ له قد سار جمَّ المسالِك
فيهتزُّ للجدوَى على كل مجتد / وكانتْ ملاهي مثلِه كالمناسك
له مَجْلِسٌ ما إن يزال مُصدَّراً / بأحسنَ من بَيْض النعام الترائك
يُغنّينَهُ فيه بما سيَّرت له / لُهاهُ من الأمداحِ غيرِ الأوافكِ
ولم يتغنَّ المحسناتُ لمحسنٍ / بمثلِ مديحٍ ذامِلٍ فيه راتكِ
شهدْنا له يوماً أغرَّ محجَّلاً / أقام لنا اللذاتِ فوق السنابك
لأمِّ عليٍّ رَبْرَبٌ فيه آنِسٌ / من العِين مثلِ العين حُفَّتْ بعانِك
من الوُضَّح اللُّعْس الشّفاه كأنما / يَفُهْنَ بأفواه الظباءِ الأوارك
يُرفّعْنَ أصواتاً لِداناً وتارةً / يُنَمنمنَ وشْياً غيرَ وشي الحوائك
كفلْنَ لنا لمَّا اصطفَفْنَ حيالنا / بترحيل أضيافِ الهُمومِ السّوادك
فما برحتْ تُهدي إلينا عجائبٌ / عجائبَ تُصبي كلَّ صابٍ وناسك
فتاةٌ من الأتراكِ ترمي بأسهُمٍ / يُصِبْنَ الحَشا في السّلم لا في المعارك
كأنَّ زميرَ القاصياتِ أعارَها / شجاهُ وسجعَ الباكيات الضواحك
وبستان بستانٌ يُقِرُّ عيونَنا / بما فيه من نُوَّاره المتضاحك
غناءٌ ووجهٌ مونقانِ كلاهما / يهيلانِ جُولَيْ ذي الحِجى المتماسك
ظللنا لها نَصْباً تشكُّ قلُوبنا / بذاك الشجا الفتَّانِ لا بالنيازك
وما جُلَّنارٍ بالمُقَصِّر شأوُها / ولا المتعدِّي قصد أهدى المسالك
لطيفةُ قدّ الثدي تُسند عودَها / إلى ناجمٍ في ساحةِ الصدر فالك
تطامَنَ عن قدّ الطوالِ قوامُها / وأربى على قدّ القصارِ الحواتك
ورقاصةٍ بالطبلِ والصنجِ كاعبٌ / لها غُنْجُ مِخناثٍ وتَكريهُ فاتك
أُتيحَ لها في جسمها رفدُ رافدٍ / وإن نالها في خصرها نَهْك ناهك
إذا هي قامَتْ في الشُّفوفِ أضاءها / سناها فشفّتْ عن سبيكة سابك
تخطَّى اسمَ عَيَّارٍ إلى اسمِ مؤاجَرٍ / مُسمٍّ لها ما شئتَ من مُتفاتِك
فدتْ تلكم الأسماءَ بل حاملاتِها / زيانبُ أرضِ اللَّهِ بعد العواتك
وجوهٌ كأيامِ السُّعودِ تشبُّها / لنا طُرَرٌ مثلُ الليالي الحوالك
سبايا إليهنَّ استباءُ عقولِنا / مماليك مُلّكْن اقتدارَ الممالك
نوازلُ بين الانبساطِ إلى الخنا / وبين انقباضِ المُخبتاتِ النواسك
موالكُ يسفُكْنَ الدماءَ ولا تَرى / لهُنَّ اكتراثاً بالدموعِ السوافك
إذا هُنَّ أزْمْعَن الفراقَ فكلُّنا / أسِيٌّ على تلك الشموس الدوالك
أقاسمُ ما تتركْ فلستَ بآخذٍ / أبَيْتَ وما تأخذْ فلستَ بتارك
فلا تتركنّي أيُّها الحرُّ عُرضةً / لدهرٍ غدا للحرّ غير متارك
أخالدُ قد أصبحت قيَّم نسوةٍ
أخالدُ قد أصبحت قيَّم نسوةٍ / كَملْنَ خلالَ السوء مِثْلَ كمالِكا
لعينيكَ ما يفعلْنَ غيرَ مُكاتم / وما ذاك إلا من هَوان سِبالكا
نساءٌ إذا ما أظهر اللَّهُ آيةً / تُحاذرُ منها الصالحاتُ المهالكا
رفعنَ لمُرتادِ الزنا أرجُلَ الزنا / عروضاً لأيدي الداعيات هُنالكا
إذا كُنتَ مضطرِّي إلى القول بالذي
إذا كُنتَ مضطرِّي إلى القول بالذي / عتبْتَ له فاعذِر وقل فيّ بالعدلِ
أرى العرفَ شِرباً لا يصحُّ صفاؤه / إذا وقعتْ فيه قذاةٌ من المطلِ
تأمَّلْ أبا سهلٍ بعينٍ بصيرةٍ / ولا تخلطنَّ الجِدَّ في ذاك بالهزلِ
أسخَّى عن الدارِ المقيمِ نعيمُها / سِوى أنها شيء يُنال على مهلِ
أم اختيرت الدنيا على تلك زوجةً / لشيءٍ سوى تعجِيلها حاجةَ البعلِ
ألا ما لحاجاتٍ تَساعَى وحاجتي / مقيّدةٌ تمشي الهُوَيْنا على رِسلِ
ويا ليتها تمشي الهُوينا على الصَّفا / ولكنها تمشي العرضنَةَ في الوحلِ
تسحَّبتُ عِلماً أنَّ لي متسحَّباً / عليك دميثاً في دَهاسٍ من الرملِ
وما ليَ إدلالٌ عليك بنعمةٍ / سوى نِعَمٍ أولْيتَنِيها أبا سهلِ
وأنت الذي يعتدُّ نُعماه مِنَّةً / لقابِلها لا عن غباءٍ ولا جهلِ
ترى النعمةَ المُسْداةَ منك كنعمة / عليك تُجازيها فدهرُك للبذلِ
إذا أنت أنهلْتَ العُفاة عللتَهم / فجدوى على جدوى وفضلٌ على فضلِ
ولن يُروي الساقي حوائمَ وردِه / إذا لم تكن سقياه عَلّاً على نهلِ
فلا عَدِم الوُرَّادُ منك هشاشةً / لِسَقْيهمُ سجْلاً رويّاً على سجْلِ
رضِيتُك للخُلّان إلا لِواحدٍ / شهدْتَ له بالفضل في الظَّرفِ والعقلِ
مججتَ له أرْياً فلما استراثه / لسعْتَ ولسْعُ المجتني سُنَّة النحلِ
فكُنْ نحلةً تُجدي بغير معرّةٍ / وجُد مُعفياً فيه من العدل والعذلِ
وفز ببقاءِ البَعْدِ إن بقاءه / مدى الدهرِ واستأثِر بسابقةِ القَبْلِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025