المجموع : 5
بكيتِ لباكٍ واشتكيتِ لشاكِ
بكيتِ لباكٍ واشتكيتِ لشاكِ / فما كانَ أحلى مُقلتيكِ وفاكِ
سمعتِ نشيدي للجمالِ وللهوى / فلبّيتِ هذا القلبَ حينَ دعاك
فأنتِ كنورِ اللوزِ للنّورِ باسماً / ودَمعي ودَمعُ العاشقينَ نَداك
لقد ظلَّلت روحي محيّاكِ عِندما / نثرتِ على الأتراب ورد مُحَيَّاك
وبينَ ذواتِ الحسنِ كنتِ مليكةً / وبينَ ذوي الإحسانِ مثل ملاك
كفاكِ فخاراً أنّني لكِ عاشقٌ / ومن كان مِثلي لا يحبُّ سِواك
لكِ العزُّ يا حسناءُ أنتِ سعيدةٌ / لأنَّ فؤادي قد هَوى بهواك
ولو لم تكوني ذات أسطع نجمةٍ / لما هيَّجَت مافي حشايَ حشاك
فلا تجحدي قلباً وكفّاً كِلاهُما / وَفاكِ على رغم العدى ووقاك
بعيشِكِ هل حدّثت أمّكِ عن فتى / على مَتن صهّالٍ أغرَّ أتاك
يُجاري جيادَ الخيلِ في الرَّملِ سابقاً / ويعرفُ تحتَ الليلِ نورَ خِباك
وما ساءَني إِلا هُيامي بقَينةٍ / تُحاوِلُ أن تحكي الذي أنا حاك
فقلتُ لها سيري فلا صلحَ بَيننا / فقَلبي صَحا من سِكرِه وقَلاك
أتبكي الكريماتُ الأُصولِ قصائِدي / وأنتِ ضحوكٌ من تألُّم شاك
وتسطَعُ في شرقِ البلادِ وغربها / نُجومي وتُخفِيها غيومُ سماك
ولولا غُروري لم تنالي التِفاتةً / ولا بسمةً منِّي تُنيرُ دُجاك
لقد شفيت نفسي وعادت إلى الهُدى / وإنَّ شفاءَ النفسِ منهُ شقاك
كرهتُكِ إذ لولاكِ ما بتُّ يائساً / كأني أسيرٌ لم يَفُز بفِكاك
وذلكَ ضعفٌ فيه ضيّعتُ قيمتي / وأصبَحتُ مَبهوتاً بدونِ حِراك
نعم ضلَّ قلبي في هَواها وإنما / تعزَّيتُ لما أن هداهُ سَناك
مَليكةَ قلبي أنتِ ضلعٌ فقَدتُها / فعودي إلى صدرٍ شفاهُ نداك
يداكِ على الأوتارِ مُنعِشتانِ لي / كما أنضَرت روضَ الحمى قَدَماك
لكِ الخيرُ قد سلَّيتِ قلبي بنغمةٍ / فلو سالَ وجداً ما خَلا وسلاك
أعيدي أعيدي لي غناءً منعَّماً / فإنَّ لنفسي راحةً بغناك
صدى صوتِكِ الرنّانِ في أضلُعي دَوى / وما الشعرُ إِلا من رنينِ صَداك
بأوَّلِ ميعادٍ وأولِ قبلةٍ / وأول ليلٍ فيه طارَ كراك
وقد عصفت مثلَ السُّمومِ مطامِعي / وقد سطعت مثلَ النجومِ مُناك
قِفي وَدِّعيني تحتَ أغصانِ كرمةٍ / عناقيدُها لماعةٌ كحِلاك
فكم تحتَها دَمعاً وكم فوقها ندى / أجَفَّتهُما شمسُ الضُحى ولماك
حنانيكِ حينا ودَّعيني وأودعي / جناني جناناً واسمَحي بجناك
شذا الياسمين انبَثَّ مني فعبِّقي / شذا الوردِ كي يَلقى شذايَ شذاك
أيا وردَتي في الوردِ والياسمين ما / يعيرُ شتائي من ربيع صِباك
محيّاكِ حيّاني على كلِّ زَهرةٍ / وفي كل ريحٍ من أريجِ صَباك
كديكٍ يحيِّي الشّمسَ حيَّيتُ بسمةً / تنيرُ بها ليلَ النّوى شفتاك
وكم صحتُ مثلَ الدّيكِ أُوقِظُ أُمتي / وأُطلعُ نورَ الشمسِ فوقَ رُباك
دَعيني أسِر مُستَعجِلاً إنّ إخوتي / غَدَوا بينَ مبكيٍّ عليهِ وباك
فكم نازحٍ بينَ الأجانبِ ضائعٍ / وكم نائحٍ عندَ الخرابِ شَجاك
أجودُ على قومي بنفسي لأنني / تعوَّدتُ كالجندي خَوضَ عراك
فيا حبَذا بعدَ الشقاءِ خلاصُهم / ولو كان في ذاكَ الخلاصِ هلاكي
إذا لم يكن في الجسمِ جرحٌ ففي الحشى / جروحٌ بها يَعلو جبينُ فَتاك
أنا عربيُّ الأصلِ والنّطقِ والهوى / فحبي لِلَيلى والمنازلِ زاك
إذا العربيُّ الأبيضُ الكفِّ زارنا / أقولُ لها حيِّي أخي وأخاك
لقد حُرمَت عينايَ مرأى جمالِكِ
لقد حُرمَت عينايَ مرأى جمالِكِ / فلا تحرميني زَورةً من خَيالِكِ
نعمتُ زماناً بالوصالِ ولم أزل / أحنُّ إلى ما لذَّ لي من وصالك
فيا حبّذا من مائكِ العذبِ نهلةٌ / ويا حبَّذا تهويمةٌ في ظِلالك
فكم ليلةٍ لم أهوَ عندكِ بَدرَها / وكم كنتِ بدري في الليالي الحوالك
أُنثّرُ تذكاراتِ حبِّكِ في الدُّجى / كتَنثيرِ وَردٍ في حديقةِ خالك
ولولاكِ لم أبكِ الشبابَ الذي مَضى / ولم أرَ في الضيقِ انفِساحَ المسالك
أسيِّدَتي أنتِ المليكةُ في الهوى / وما أنا إلا خادمٌ لجلالك
تدَّللتِ حيناً والدَّلالُ سجيَّةٌ / فكنتُ بذلِّي غالباً لِدلالك
وما زالَ هذا الحبُّ حرباً فإنَّنا / كعنترةِ العبسيِّ وابنةِ مالك
طلعتِ من القدّاسِ مثلَ الملائكِ
طلعتِ من القدّاسِ مثلَ الملائكِ / وأنتِ ضحوكٌ للعذارى الضواحكِ
فأصبَحتُ مدهوشاً على باب بيعةٍ / تذكّرُني أهوالَ حرب الملائك
وضوّعتِ طيباً من غلائلَ تحتَها / خمائلُ يُجنى زَهرُها في المعارك
وما كنتِ في الصفَّينِ إلا مليكةً / وأفئدةُ العشاقِ مثلُ الأرائك
لكِ اللهُ خصمٌ فالقلوبُ ضعيفةٌ / عَليها من العينينِ وقعُ السنابك
أيا قلبُ مَهلاً لا تُعجِّل بشكواكا
أيا قلبُ مَهلاً لا تُعجِّل بشكواكا / فإني على شكٍّ بصحةِ دعواكا
فكم تغضبُ الغاداتُ عمداً ولم تزل / تُنقِّرُ حبَّا ثم تقطَعُ أشراكا
هَرَبتِ إلى حجرِ اليَقينِ من الشكِّ
هَرَبتِ إلى حجرِ اليَقينِ من الشكِّ / ولمّا طغى الطوفانُ سِرتِ على فُلكِ
يعزُّ علينا يا مليحةُ أن نرى / جمالَكِ في دَيرٍ يُحَجَّبُ للنّسك
فقَدنا جمالاً منكِ لن نستردَّهُ / فكيفَ وقد أعطيتِه اللهَ في صَكّ
رَغبتِ عن الدُّنيا وأنتِ نعيمُها / وغيرُكِ تلهُو بالمكائدِ والإفكِ
ولو شِئتِ يا حَسناءُ كُنتِ مليكةً / فحسنُكِ هذا للأريكةِ والمُلك
لكِ الخيرُ في الدَّيرِ الذي أنتِ أُنسُهُ / وقد كان أولى من خدوركِ بالتَّرك
ففيهِ سَتزدادينَ تقوىً وعِفَّةً / كما يخلصُ الإبريزُ بالصَّقلِ والسبك
عفافُكِ بين الناسِ قد فاحَ زنبقاً / وفي عَرَصاتِ الدَّيرِ ينفح كالمسك
هنالِكَ لا شرٌّ وغدرٌ وغيرةٌ / تَؤولُ بأهلِ العشقِ منا إلى الفَتك
ولم أنسَ يوماً فيه جئتُكِ زائراً / فقلتُ ألا هبِّي فقلتِ قفا نبك
سفَكت دَمي لما رَنوتِ بمقلةٍ / على ضعفها صارت أشدَّ على السَّفك
ونثّرتِ منها الدمعَ حتى حَسبتُهُ / لآلئَ عقدٍ يَنتَثِرنَ عن السّلك
على قربِ داري منكِ ذبتُ صبابةً / فكيفَ وقلبي يائسٌ أبداً منك
فهل من مجيبٍ إن أَتيتُ مسائلاً / وهل في رواقِ الدَّهرِ مخبرةٌ عنك