لواك عَلى كلّ المَنازِل خافِق
لواك عَلى كلّ المَنازِل خافِق / وَذكرك في كُلِّ المَحافِل عابِقُ
بكلّ فَم تَحلو وَفي كُلِّ خاطِر / فَلَفظك سيّال وَمَعناك رائِقُ
صَبونا لمرآك البَديع كَما صَبا / لمعشوقه عند الزِيارة عاشِقُ
وَلما تبن إِلّا وَهَذا مصافح / ترنّحه البشرى وَهَذا معانقُ
طلعت طُلوع الفجرِ ما فيك ريبة / وَجئت كَما جاءَ الرَبيع المغادقُ
وَعدت عَلى الأَيّام يا خَير عائِد / كَما عادَ يسقي عاطِش الروض وادقُ
وَأَصبَحت في هَذا الزَمان وَأَهله / كَما زان جيداً عقده المُتَناسِقُ
أَثرت لطلّاب العلا سبل العلا / كَما شقّ أَحشاء الدَياجير بارِقُ
فأضحت بكَ الآمال بعد قطوبها / كَما ضحكت غبّ الرباب الحَدائِقُ
سناك علينا واضِح البشر ساطِع / وَغرسك فينا ثامِر الفرع وارِقُ
إِذا قابلتكَ الريحُ هزّت لنشرها / خَواطِر أَو مالَت عليها المناشقُ
تجلّيت وَالأَرجاء عيد كَأَنَّها / عُقود لآل نسّقتها السَلائِقُ
شموس نَهار أم وجوه سَوافِر / وَأَغصان بانٍ أَم قدود رَواشِقُ
لَقَد حسدت ميل القُدود غصونه / كَما حسدت ورد الخُدود الشَقائِقُ
هُوَ العيد أَحيوا ليله وَنَهاره / وَحيّوه بالبشر الَّذي هُوَ لائِقُ
وَما مثل هَذا العيد عيد تجلّة / جَميع الوَرى أَعداؤُهُ وَالأصادِقُ
أَيوم الهَنا لا راعَنا بك رائِع / وَلا طرقتك المزعجات الطَوارِقُ
رواقك مَمدودٌ وَظلّك وارِف / وَروضك مَعقول وَمجدك باشِقُ
أَيوم الهَنا كَم مِن يَدٍ لك عِندَنا / تقرّ بمرآها العيون الرَوائِقُ
عَلا فيك صَوتُ الحقّ بعد خفوته / وَباتَ يرينا الخصم كَيفَ يُنافِقُ
إِذا نامَ مَخلوق عَن الحقّ أَو سها / فللحقّ ربّ لا يَنام وَخالِقُ
رقيناكَ دَهراً وَالقُلوب نَوازِع / إِلَيكَ وَأَسراب الدُموع دَوافِقُ
صَبرنا قتلنا فيك صفقة رابِحٍ / وَلا غبن بعد اليَوم إِن قيل صافقوا
فَكَم ضاقَ بالأَحرار قبلك منزلٌ / قعدن وَساعا فيك تلك المَضايقُ
وَكَم مِن ظَلام جرّه الظلم فاِنجَلى / وَعاد سنا ذاك الظَلام المطابِقُ
تَجاوبت الأَقلام من كلّ جانِبٍ / وَقَد أَظهرت ما أَبطنته المهارِقُ
إِذا بأمور يبهت النطق عندها / وَسود فعال هُنَّ لكن نَواطِقُ
أمور إِذا مرّت عَلى السمعِ مجّها / وَقاء لمرآها المذمم رامِقُ
يَروح بِها الوغد اللَئيم كأَنَّه / منَ الكبر ربّ طوعه الأمر رازِقُ
وَيَغدو بِها الحرّ الكَريم كأَنَّه / منَ الضيمِ عبدٌ عقّ مولاه آبقُ
إِذا رنّ جنح اللَيل فالقَلب واجِب / أَو اِفترّ ثغر الصبح فالدمع دافِقُ
فَكَم أرغمت فيها أُنوف وَأَلجمت / حلوق بشكوى المستبدّ شوارِقُ
وَماتَت نُفوس قبل حين مَماتِها / وَشابَت لَها قبل المَشيب مفارِقُ
تولّت وَبادَت دولة الظلم واِنمَحَت / فَلا رجعت تلك الأُمور العَلائِقُ
رَعى اللَهُ يَوماً أنقذتنا رجاله / وَنَحن حَيارى في الهُموم غَوارِقُ
وروَّت صدانا ديمة لَم تَكُن لَنا / بِبارِقَة لَولا السُيوف البَوارِقُ
ظَبى دونها تَنبو الظبى وَسَوابِق / كبت دون مجراها العتاق السَوابِقُ
يباهي بِها مَحمود ظمأى صَواهِلا / فتصدرُ ريّا بالدماء بَواشِقُ
فَفي بردهِ ضخم الدَسيعة أَروع / وَفي كفّه ماضي المَضارِب بارِقُ
وَتَحتَ الخَفا أَيد تدير فَقائد / يَروض مَصاعيب الكَماة وَسائِقُ
وَكلّهم طلّاب مجدٍ تَعاوَنوا / عَلى نيله وَالكَون مصغ وَرامِقُ
بَني المَجد إنّ المجد ردّ بهاءه / وَعاوده ذاكَ الشَباب الغَرانِقُ
وَإِنّ الثَنايا الموصدات تفتّحَت / عَلى الرغم من أَبوابهنّ المَغالِقُ
فَلَم يَبقَ في وَجه المَطالِب حاجِبٌ / وَلَم يَبقَ عَن نيل المآرِب عائِقُ
وَهَذا سَبيل المكرُمات فَجاهِدوا / وَهذي مَيادين الفخارِ فَسابِقوا
لَئِن تَعجلوا فالأمر يعجل إِن تنوا / لأمر فَقَد يَمشي الهُوَينا الغَرانِقُ
وَلا تخطبوا إِلّا المَعالي فكلّها / عَقائِل غال مَهرها وَعَواتِقُ
وَلَيسَت تفيد المَرء كلّ علاقة / إِذا لَم تَكُن بالمعليات العَلائِقُ
إِذا ما سَلَكتُم فاِسبروا موضع الخَطا / فَطرق المَعالي كلّهنَّ مزالِقُ
وَإِمّا مَلَكتم فاِحذَروا الدهر واِتّقوا / تَصاريفه فالدهر كاس وَعارِقُ
وَلا تقفوا عند التَباهي فَتَفشَلوا / وَجدّوا فَلَم يفن الجدود التشادقُ
أَلا خالفوا أَسرى التَقاليد واِطلقوا / قَرائحكم واِستَلخَصوا ما يُوافِقُ
زَمان الأَسى لا ساف ريحك ناشِق / وَلا ذاقَ بعد اليَوم طعمك ذائِقُ
ذهبت ذَميما وَالرداء ملوّث / وَكنت حَميداً لَو تَولّاك حاذِقُ
فَما لك ما بَينَ المُقيمين آسِف / وَلا لك ما بَينَ المحبّين وامِقُ
وَهَل لك ذكر شائِق في قلوبنا / إِذا قيل ذكر للذواهِب شائِقُ
لَقَد فاتكَ المجدُ التَليد وَفُتَّهُ / فَما أَنتَ بعد العزّ بالعزّ لاحِقُ
رَثَيناكَ لا وجداً عليك وَلا جَوى / وَلا دمع عين عند ذكرك باسِقُ
وَلَكِنّ فينا كلّ نَفس رَحيمة / تطير بها يَومَ الفخار المعازِقُ
وَتشفق إِن لاقَت عَزيزاً أَذلّه / عدو مراء أَو صَديق محاذِقُ
إِذا ما ذكرنا عهد يَلدز مثّلت / خطوب لآمال الكِرام سواحِقُ
خطوب تعاني أَو تَعاين ظلمها / قُلوب عوان أَو عيون طَلائِقُ
طَغى الظلم حَتّى صار في كلّ بقعةٍ / له علم يَغشى النَواظِر خافِقُ
وَلمّا عَلا السَيل الزبى وَتَزافَرَت / كهول وضجّت جلّة وَدرادقُ
تنكّرت الغَبرا فَصاحَت صَوائِح / مغاربها اِستَكَّت لَها وَالمَشارِقُ
إِذا هُوَ صوت الحقّ يَعلو فَقائِل / أَصوت سلانيك دوى أَم صَواعِقُ
تَجلّى فَقالَ القصر ذاك تخرّص / وَوهم وَقالَ الدهر تلك حَقائِقُ
وَلمّا تبدّى للعيان تيقّنوا / بأنّ بروق المصلحين صَوادِقُ
إِذا ما دعوا للحقّ صمّت وَلجلجت / مَسامِع أَخزاها الهدى وَمَناطِقُ
أَجابوا نداء الشعبِ رغم أُنوفهم / وَقالوا سَلاماً وَالصُدور حَوانِقُ
وَقالوا يَمين المالكين موثّق / فَقُلت وَهَل للناكِثينَ مَواثِقُ
أَراشوا سِهاماً للمروق فمزّقت / نحورهم تلك السهام الموارِقُ
وَلَولا حنوث المالِكين وَغدرهم / لما نصبت للمجرمين المَشانِقُ
تقوّض عَنّا من ضلال سرادِق / وَمدّ علَينا من رشاد سرادِقُ
فَيا نعم ما وافى وَيا بئس ما مَضى / كَذا يَعلُ صدّيق وَيسفل ماذِقُ
ولمّا أَراد اللَّه سحقَ غرورهِ / غَزاه من الجَيش المظفّر ساحِقُ
فَما حجبت أَسوار يلدز شيخها / ولا عصمت ربّ السَرير الخَنادِقُ
وَلَم تُجدِه أَعوانه وَغواته / وَلَم تُغنه تلك الحصون الشَواهِقُ
تَولّى وَأَقمار السعود طَوالِع / وَولّى وَغربان النُحوس نَواعِقُ
وَلَو أَنَّهُ أَعطى الخلافة حقّها / لما أَقصدته المصميات الرَواشِقُ
أَربّ فروق ما عهدتك صامِتا / كأن لَم تكن إن فهت يوجم ناطِقُ
حسبتَ زَمان السوء يخلد عمره / فيمرح عات أَو يتيه منافقُ
وَفاتكَ أنّ الدهر يُعطي وَينثَني / فيسلب وَالمَغرور بالدهر واثِقُ
أَلا قاتل اللَه المطامعَ كَم هَوى / بِها من علٍ شيخٌ وَضلّ مراهقُ
لَكَ اللَه يا تمّوز كَم لك منّة / وَكَم لَك فضل في البريّة سابِقُ
تَلاقَت بك الأَعياد في كُلّ أمّة / وَسالَت ببشراها الربى وَالأَبارِقُ
فَفي الشرق أَعياد وَفي الغَرب مثلها / تصلى لها أَشياخها وَالبَطارِقُ
يشير إِلَيها الشرق وَالغَرب معجب / وَتَعنو لَها تيجانها وَالمَناطِقُ
أَتمّوز تمّ الفخر عندك واِنتَهى / فكلّ ثَناء لَيسَ يعدوك صادِقُ
كأَنَّك ما بين الشهور يَتيمة / تزان بها أَجيادها وَالمَفارِقُ
خَليق بأن تدعى أَبا العدل في الوَرى / فَإِنَّكَ بَينَ العدل وَالظلم فارِقُ
إِذا عُدَّتِ الأَعياد كنتَ كَبيرَها / وَإِن ذكرت يَوماً فذكرك فائِقُ
وَما عدت يا تَمّوز حَتّى تَطايَرَت / رؤوسٌ وَطاحَت أَرجل وَمرافقُ
كأنّ أَفاويق الدماء جَداول / تسيل وَأَشلاء الكماة جَواسِقُ
فَإِقدام مَحمود وَهِمّةُ أَنور / وَعَزمُ نيازي وَالنصول الذَوالِقُ
وَقتكَ الألى هبّوا لمحقك ليلة / فَكان لهم مِن جانِب اللَه ماحقُ
وَكادَ بناءُ المجدِ يَنهار فاِنبرَت / أسودٌ لِهامات الأُسود فَوالِقُ
أسود وَغى قَد نسقتها حميّة / فَقيل لَها بَينَ الأَنام الفَيالِقُ
بِها تَنطَوي الجلى بِها يَنمَحي الأَسى / بِها تؤمن الدنيا وَتحمى الحَقائِقُ
إِذا نزع التاجَ المخالفُ مرغماً / فَقد لبس التاجَ المَليكُ الموافقُ
محمّد جرّدها عَزائِم لا تهي / إِذا دهمتها في الزَمان العَوائِقُ
عَليك سَلام اللَه ما مرّ غارِب / عَلى صفحات القصر أَو ذرّ شارِقُ