ألا أن خط التلغراف الذي جرى / مثنى كخط في براعة ما شق
فذكرنا مجراه فوق قوائم / مجرٍّ عوالينا ومجرى السوابق

بروحي مخمورا بنشأة روحه / سقى نظري منه السلاف المعتقا
يدير محياه على كل ناظر / بأقداح أحداق مداما مروقا

وبي بابلي اللحظ سحر جفونه / لل نفثات في عقود نطاقه
بحلة خدَّيه العذار قد أزدرى / بحسن اخضرار في سواعد عراقه

صبوحي وجدي فيكمو وغبوقي / وهجركمو تالله غير مطوق
قضيت بكم صبرا ومت بكم هوى / فما ضر لو تقضون بعض حقوقي
أرى البحر أضحى يستمد مدامعي / كما السحب تحدوها رعود بروقي
وقد نحلت مني النحول عهودكم / كما البحر أمسى يستمد خفوفي
له الله من قلب يحنِّ إليهم / كما لأبيهم حن جذع سحوق
وغير إلى الاحباب إن هجروا له / حنين علوق لا حنين علوق
حرام على عيني كراها وان غدوا / وما منهمو يرثى بحال مشوق
لقد عاقني عنهم غرامي بهم وهم / يحلون من دون الأنام عقوقي

تبسم عباس غداة مدحته / بألطف من ضحك الربى من بكا الودق
وقال لقد طوَّقتني طوق منة / فقلت له قد شب عمرو عن الطوق

له قلم نهر المجرة دون ما / جرى منه سفحا في سماء المهارق
عليها الدراري الزهر من كلماته / تشكل للاحداق زهر الحدائق
فتمعن منها في معان دقائق / وتنعم منها في مبان رقائق

سبقتَ شهابَ الدين والشهبُ تسبقُ / فأرسلتَ ما يندي عليّ ويعبق
كتابٌ كما يتلى الكتابُ خلالَهُ / حديثٌ كما يروى الحديث المصدّقُ
أضاءَ الفضا في صفحِ ما قد خططتَهُ / كما ضاءَ في وجه الحقيقةِ نورَق
أعدتَ إلى الدنيا فتاةً وربما / غلا كلا الوجهين في الحسن ريّق
وآنستني من وحشةٍ فكأنما / مددت على الظلِّ والشمسُ تحرقُ
أخذتَ بأطرافِ الكالِ فحزتُه / فخط الورى منه الذي تتصدقُ
جمعتَ معاني الحسنِ في طي مُهرِقٍ / ولم احتسب ان يجمَع الحسنَ مهرقُ
وهبنا شدَونا كالبلابل إنه / جميع المعاني في مديحك تنطِقُ
ولا فضلَ في الا القصائد إنها / أماؤكَ يجلوها بياني فتشرقُ
وماذا عسى نهدي إليك وأننا / جداولُ في تيارِ بحرِك نغرقُ
وما زلتَ تُهدي كل حينٍ جواهرا / فتخزنُ منها ما تشاءِ وتنفِقُ
أرى فضلاءَ العصرِ دونَك فصرت / إلى عفوكِ الأدنى تخبُّ وتعنقُ
وجدتُكَ شمسَ العلمِ أشرفَ نورها / فلستُ أراعى كوكبا يتألق