المجموع : 3
أما وَالْهَوى يَوْمَ اسْتَقَلَّ فَرِيقُها
أما وَالْهَوى يَوْمَ اسْتَقَلَّ فَرِيقُها / لَقَدْ حَمَّلَتْنِي لَوْعَةًَ لا أُطِيقُها
تَعَجَّبُ مِنْ شَوْقِي وَما طالَ نَأْيُها / وغَيْرُ حَبِيبِ النَّفْسِ مَنْ لا يَشُوقُها
فَلا شَفَّها ما شَفَّنِي يَوْمَ أَعْرَضَتْ / صُدُوداً وَزُمَّتْ لِلتَّرَحُّلِ نُوقُها
أَهَجْراً وَبَيْناً شَدَّ ما ضَمِنَ الْجَوى / لِقَلْبِيَ دانِي صَبْوةٍ وَسَحِيقُها
وَكُنْتُ إِذا اشْتَقْتُ عَوَّلْتُ في الْبُكا / عَلَى لُجَّةٍ إِنْسانُ عَيْنِي غَرِيقُها
فَلَمْ يَبْقَ مِنْ ذا الدَّمْعِ إِلاَّ نَشيجُهُ / وَمِنْ كَبِدِ الْمُشْتاقِ إِلاَّ خُفُوقُها
فَيا لَيْتَنِي أَبْقى لِيَ الْهَجْرُ عَبْرَةً / فَأَقْضِي بِها حَقَّ النَّوى وَأُرِيقُها
وَإِنِّي لآَبى الْبِرَّ مِنْ وَصْلِ خُلَّةٍ / وَيُعْجِبُنِي مِنْ حُبِّ أُخْرى عُقُوقُها
وَأُعْرِضُ عَنْ مَحْضَ الْمَوَدَّةِ باذِلٍ / وَقَدْ عَزَّنِي مِمَّنْ أَوَدُّ مَذِيقُها
كَذلِكَ هَمِّي وَالنُّفُوسُ يَقُودُها / هَواها إِلى أَوْطارِها وَيَسُوقُها
فَلَوْ سَأَلَتْ ذاتُ الْوِشاحَيْنِ شِيمَتِي / لَخَبَّرَها عَنِّي الْيَقِينَ صَدُوقُها
وَما نَكِرَتْ مِنْ حادِثاتٍ بَرَيْنَنِي / وقَدْ عَلِقَتْ قَبْلِي الرِّجالَ عَلُوقُها
فَإِمَّا تَرَيْنِي يا ابْنَةَ الْقَومِ ناحِلاً / فَأَعْلى أَنابِيبِ الْرِّمَاحِ دَقِيقُها
وَكُلُّ سُيُوفِ الْهِنْدِ لِلْقَطْعِ آلَةٌ / وَأَقْطَعُها يَوْمَ الْجِلادِ رَقيقهُا
وَما خانَنِي مِنْ هِمَّةِ تَأْمُلُ الْعُلى / سِوى أَنَّ أَسْبابَ الْقَضَاءِ تَعُوقُها
سَأَجْعَلُ هَمِّي فِي الشَّدائِدِ هِمَّتِي / فَكَمْ كرْبَةٍ بِالْهَمِّ فُرِّجَ ضِيقُها
وَخَرْقٍ كَأَنَّ ألْيَمَّ مَوْجُ سَرابِهِ / تَرامَت بِنا أَجْوازُهُ وَخُرُوقُها
كَأَنَّا عَلَى سُفْنٍ مِنَ الْعِيسِ فُوْقَهُ / مَجادِيفُها أَيْدِي الْمَطِيِّ وَسُوقُها
نُرَجِّي الْحَيا مِنْ راحَةِ ابْنِ مُحَمَّدٍ / وَأَيُّ سَماءٍ لا تُشَامُ بُرُوقُها
فَما نُوِّخَتْ حَتّى أَسَوْنا بِجُودِهِ / جِراحَ الْخُطُوبِ الْمُنْهَراتِ فُتُوقُها
وَإِنَّ بُلُوغَ الْوَفْدِ ساحَةَ مِثْلِهِ / يَدٌ لِلْمَطايا لا تُؤَدّى حُقُوقُها
عَلَوْنَ بِآفَاقِ الْبِلادِ يَحِدْنَ عَنْ / مُلُوكِ بَنِي الدُّنْيا إِلى مَنْ يَفُوقُها
إِلى مَلِكٍ لَوْ أَنَّ نُورَ جَبِينِهِ / ومَا يُدْرِكُ الْغاياتِ إِلاَّ سَبُوقُها
هُمامٌ إِذا ما هَمَّ سَلَّ اعْتِزامَهُ / كَما سُلَّ ماضِي الشَّفْرَتَيْنِ ذَلِيقُها
يَطُولُ إِذا غالَ الْذَّوابِلَ قَصْرُها / وَيَمْضِي إِذا أَعْيا السِّهامَ مُرُوقُها
نَهى سَيْفُهُ الأَعْداءَ حتّى تَناذَرَتْ / وَوُقِّرَ مِنْ بَعْدِ الْجِماحِ نُزُوقُها
وَما يُتَحامى اللَّيْثُ لَوْلا صِيالُهُ / وَلا تُتَوقّى النَّارُ لَوْلا حَرِيقُها
وَقى اللهُ فِيكَ الدِّينَ وَالْبأْسَ وَالنَّدى / عُيُونَ الْعِدى ما جاوَر الْعَيْنَ مُوقُها
عزَفْتَ عَنِ الدُّنْيا فَلَوْ أَنَّ مُلْكَها / لِمُلْكِكَ بَعْضٌ ما اطَّباكَ أَنِيقُها
خُشُوعٌ وَإِيمانٌ وَعَدْلٌ وَرَأْفَةٌ / فَقَدْ حُقَّ بِالنَّعْماءِ مِنْكَ حَقِيقُها
عَلَوْتَ فَلَمْ تَبْعُدْ عَلَى طالِبٍ نَدىً / كَمُثْمِرَةٍ يَحْمِي جَناها بُسُوقُها
فَلا تَعْدَمِ الآمالُ رَبْعَكَ مَوْئِلاً / بِهِ فُكَّ عانِيها وَعَزَّ طَلِيقُها
سَبَقْتَ إِلى غاياتِ كُلِّ خَفِيَّةٍ / وَما يُدْرِكُ الْغاياتِ إِلاَّ سَبُوقُها
وَلَمَّا أَغَرْتَ الْباتِراتِ مُخَنْدِقاً / تَوَجَّعَ ماضِيها وَسِيءَ ذَلُوقُها
وَيُغْنِكَ عَنْ حَفْرِ الْخَنادِقِ مِثْلُها / مِنَ الضَّرْبِ إِمَّا قامَ لِلْحَرْبِ سُوقُها
وَلكِنَّها فِي مَذْهبِ الْحَزْمِ سُنَّةٌ / يَفُلُ بِها كَيْدَ الْعَدُوِّ صَدِيقُها
لَنا كُلَّ يَوْمٍ مِنْكَ عِيدٌ مُجَدَّدٌ / صَبُوحُ التَّهانِي عِنْدَهُ وَغَبُوقُها
فَنَحْنُ بِهِ مِنْ فَيْضِ سَيْبِكَ فِي غِنىً / وَفِي نَشَواتٍ لَمْ يُحَرَّمْ رَحِيقُها
وَقَفْتُ الْقَوافِي ذَراكَ فَلَمْ يَكُنْ / سِواكَ مِنَ الأَمْلاكِ مَلْكٌ يرُوقُها
مُعَطَّلَةً إِلاَّ لَديْكَ حِياضُها / وَمَهْجُورَةً إِلاَّ إِلَيْكَ طَرِيقُها
وَمالِيَ لا أُهْدِي الثَّناءَ لأَهْلِهِ / وَلِي مَنْطِقٌ حُلْوُ الْمَعانِي رَشِيقُها
وَإِنْ تَكُ أَصْنافُ الْقَلائِد جَمَّةً / فَما يَتَساوى دُرُّها وَعَقِيقُها
يَدٌ لَكَ عِنْدِي لا تُؤَدّى حُقُوقُها
يَدٌ لَكَ عِنْدِي لا تُؤَدّى حُقُوقُها / بِشَكْرٍ وَأَي الشُّكْرِ مِنِّي يُطِيقُها
سَماحٌ وَبِشْرٌ كَالسَّحائِبِ ثَرَّةً / تَوالى حَياها وَاسْتَطارَتْ بُرُوقُها
وَكَمْ كُرْبَةٍ نادَيْتُ جُودَكَ عِنْدها / فَما رامنِي حَتّى تَفَرَّجَ ضِيقُها
وَمَكْرَمَةٍ وَالَيْتَها وَصَنيعَةٍ / زَكَتْ لَكَ عِنْدِي حِدْثُها وَعَتِيقُها
مَناقِبُ إِنْ تُنْسَبْ فَأَنْتَ لَها أَبٌ / وَعَليْاءُ إِنْ عُدَّتْ فَأَنْتَ شَقِيقُها
وَوَلَّيْتَها نَفْساً لَدَيْكَ كَرِيمَةً / تَبِيتُ أَغارِيدُ السَّماحِ تَشُوقُها
سِوايَ لِمَنْ لَمْ يَعْشَقِ الْمَجْدَ عاشِقُ
سِوايَ لِمَنْ لَمْ يَعْشَقِ الْمَجْدَ عاشِقُ / وَغَيْرِي لِمَنْ لَمْ يَصْطَفِ الْحَمْدَ وامِقُ
عَزَفْتُ عَنِ الأَحْبابِ غَيْرَ ذَوِي النُّهى / فَلَسْتُ بِمُشْتاقٍ وَغَيْرُكَ شائِقُ
أُحِبُّكَ ما حَنَّتْ سَلُوبٌ وما شَدا / طَرُوبٌ وَما تاقَ الْعَشِيّاتِ تائِقُ
وَمالِيَ لا يَقْتادُنِي نَحْوَكَ الْهَوى / وَعِنْدِيَ حادٍ مِنْ هَواكَ وَسائِقُ
أَأَثْنِي عِنانِي عَنْكَ أَطْلُبُ مَطْلَباً / وَأَتْرُكُ خَيْراً مِنْهُ إِنِّي لَمائِقُ
يُطِيعُ النَّوى مَنْ خافَ فِي أَرْضِهِ الطَّوى / وَلَوْلا احْتِباسُ الْغَيْثِ ما شِيمَ بارِقُ
أَيا بْنَ عَلِيٍّ إِنْ تَرَدَّيْتَ فاشْتَمِلْ / رِداءَ الْمَعالِي إِنَّهُ بِكَ لا ئِقُ
فَأَنْتَ الْحَقِيقُ بِالْعَلاءِ وَبِالثَّنا / إِذا الْحَقُّ يَوْماً أَوْجَبْتْهُ الْحَقائِقُ
لَعَمْرِي لَئِنْ كُنْتُ امْرَأً فاتَهُ الْغِنى / فَحَسْبِي غِنىً أَنِّي بِجُودِكَ واثِقُ
وَقَدْ عَلِقَتْنِي النّائِباتُ فَوَيْحَها / أَما عَلِمَتْ أَنِّي بِحَبْلِكَ عالِقُ
أَلَمْ تَدْرِ أَنِّي مِنْ أَبِي الْيُمْنِ نازِلٌ / بِحَيْث ُتَحامانِي الخُطُوبُ الطَّوارِقُ
أَلَمْ يغْنِنِي بَحْرٌ جُودِكَ زاخِرٌ / أَلَمْ يَحْمِنِي طَوْدٌ بِعِزِّكَ شاهِقُ
أَلَمْ يَكُ لِي مِنْ حُسْنِ رَأْيِكَ صارِمٌ / لِهامِ الْعِدى والْفَقْرِ وَالدَّهْرُ فالِقُ
لَقَدْ بَرَّحَتْ كَفّاكَ فِي الْجُودِ بِالْحَيا / فَلا عاقَها إِلاّ عَنِ الْبُخْلِ عائِقُ
سَماؤُكَ مِدْرارٌ وَرِيحُكَ غَضَّةٌ / وَعِزُّكَ قَهّارٌ وَمَجْدُكَ باسِقُ
وَما بَرِحَتْ مِنْكَ الْخَلائِقُ تَعْتَلِي / إِلى سُؤْدَدٍ لا تَدَّعِيهِ الْخَلائِقُ
إِذا ما تَنُوخِيٌّ سَما لِفَضِيلَةٍ / تَخَلَّى مُجارِيِهِ وَقَلَّ الْمُرافِقُ
تَوَسَّطْتَ مِنْهُمْ بَيْتَ فَخْرٍ عِمادُهُ / صُدُورُ الْقَنا وَالْمُرْهَفاتُ الذَوالِقُ
بَنى أَوَّلٌ مِنْهُمْ وَشَيَّدَ آخِرٌ / إِلى مِثْلِهِ تَسْمُو الْعُيُونُ الرَّوامِقُ
سَمَتْ بِسَعِيدٍ فِي تَنُوخَ وَغَيْرِها / ذَوائِبُ مَجْدٍ بِالنُّجُومِ لَواصِقُ
بِأَزْهَرَ لَوْ أَلْقَى عَلى الْبَدْرِ مَسْحَةً / بِبَهْجَتِهِ لَمْ يَمْحَقِ الْبَدْرَ ماحِقُ
أَغَرُّ إِذا أَجْرى الْكِرامُ إِلى مَدىً / شَآهُمْ جَوادٌ لِلسَّوابِقِ سابِقُ
فَتىً عَطَّرى الأَيامَ مِنْ طِيبِ ذِكْرِهِ / شَذىً تَتَهاداهُ الأُنُوفُ النَّواشِقُ
وَزِينَتْ بِهِ الدُّنْيا فَباهَتْ وَطاوَلَتْ / مَغارِبُها تِيهاً بِهِ وَالْمَشارِقُ
أَنامِلُهُ لِلْمَكْرُماتِ مَفاتِحٌ / عَلَى أَنَّها لِلْحادِثاتِ مَغالِقُ
غَمائِمُ غُرٌّ لَيْسَ تُدْرى هِباتُها / أَهُنَّ سُيُوبٌ أَمْ سُيُولٌ دَوافِقُ
تَأَلى عَلَى الإِسْرافِ فِي بَذْلِ مالِهِ / فَلَمْ يَقْتَصِرْ وَالصّادقُ الْعَزْمِ صادقُ
فَوَاللهِ ما أَدْرِي أَتِلْكَ مَواعِدٌ / تَقَدَّمْنَ مِنْ إِحْسانِهِ أَمْ مَواثِقُ
بَقِيتَ لِعَبْدٍ عائِدٍ بِكَ سَعْدُهُ / وَعِشْتَ لِعَيْشٍ خالِدٍ لا يُفارِقُ
وَلا زِلْتَ مَأْمُولاً لأَيّامِ عِزِّكَ الْ / بَواقِي وَمَأْمُوناً عَلَيْكَ الْبَوائِقُ
نَطَقْتُ بِمَدْحٍ أَنْتَ أَهْلٌ لِخَيْرِهِ / وَمِنْ شَرَفِي أَنِّي بِمَدْحِكَ ناطِقُ
شَرُفْتُ بِهِ وَالْفَخْرُ فَخْرُكَ مِثْلَ ما / تَعَطَّرَ مِنْ فَضِّ اللَّطِيمَةِ فاتِقُ
وَلَسْتُ أُبالِي عِنْدَ مَنْ باتَ كاسِداً / إِذا هُوَ أَضْحى وَهْوَ عِنْدَكَ نافِقُ
غَرائِبُ مِنْ أَبْكارِ مَدْحٍ كَأَنَّها / كَرائِمُ مِنْ أَزْهارِ نَوْرٍ فَتائِقُ
تَشُوقُ وَتُصْبِي السّامِعِينَ كَأَنَّما / بِها يَتَغَنّى مَعْبَدٌ أَوْ مُخارِقُ
تَمُرُّ بِأَفْواهُ الرَّواةِ كَأَنَّها / مُصَفَّقَةٌ مِنْ خَمْرِ عانَةَ عاتِقُ
لَقَدْ حَدَقَتْ بِي مِنْ أَيادِيكَ أَنْعُمٌ / فَعِنْدِي مِنْ شُكْرِي لَهُنَّ حَدائِقُ
فَإِنْ أَنا لَمْ أُطْلِقُ لِسانِي بِحَمْدِها / فَأُمُّ الْعُلى وَالْمَجْدِ مِنِّيَ طالِقُ