المجموع : 5
فَرِيقُ العِدا مِن حَدِّ عَزْمِكَ يفرق
فَرِيقُ العِدا مِن حَدِّ عَزْمِكَ يفرق / وبالدَّهْرِ مِمّا خافَ بَطْشَكَ أَولَقُ
عَجِبْتُ لمَنْ يعتَدُّ دُونَكَ جُنَّةً / وسَهْمُكَ سَعْدٌ والقضاءُ مفوِّقُ
ومَن يَبْتَنِي بيتاً ليقطَعَ دُونَهُ / مَمَرَّ رِيَاحِ النَّصْرِ وهو الخَوَرْنَقُ
وما شَرِبَ ابْنُ الشُّرْبِ قَبْلَكَ خَمْرَةً / مِن الذُّلِ بالعَجْزِ الصَّرِيحِ تُصَفّقُ
تَوَهَّمَ فيه الرُّعنُ حِصْناً فزُرْتَهُ / بأَرعنَ فيه مُرعِدُ المَوْتِ مبرِقُ
وحَوْلَكَ أَسْيَافٌ مِن السَّعْدِ تُنتَضَى / وفَوْقكَ أَعْلامٌ مِن النّصْرِ تَخْفُقُ
بأَبْيَضَ مُسْوَدِّ الدِّلاصِ كأَنَّهُ / شهابٌ علَيْهِ مِن دُجَى اللَّيْلِ يَلْمَقُ
وأَسْودَ مبيَضِّ القبَاءِ كأَنَّمَا / يَطِيرُ به نَحْوَ الكَرِيهةِ عَقْعَقُ
وخَيْلٍ تمشَّي للوَغَى ببُطُونِهَا / إِذا جَعَلَتْ بالمُرْتَقَى الصَّعْبِ تَزلَقُ
بَكى أَسفاً للبَيْنِ يَوْمَ التَّفَرُّقِ
بَكى أَسفاً للبَيْنِ يَوْمَ التَّفَرُّقِ / وقد هَوَّنَ التَّوْدِيعُ بَعْضَ الَّذِي لَقِي
وَما للَّذِي وَلَّى به البَيْنُ حَسْرَةٌ / بَكَيْتُ وَلَكِنْ حَسْرَةً للَّذِي بَقِي
وَقد شاقَنِي الوُرْقُ السّواجعُ بالضُّحى / ومَن يسْتمع داعِي الصّبابَةِ يشتَقِ
على فَنَنٍ مِن أَيْكةٍ قد تَعَلَّقَتْ / بحبْلِ النَّوَى مِن قَلْبي المُتَعَلِّقِ
فَصَدَّقْتُها في البَيْنِ مِن غَيْرِ عَبْرةٍ / وكَمْ مِن كَثيرِ الدّمْعِ غَيْرِ مُصَدَّقِ
لَعَلَّ نَسيمَ الرِّيحِ تأَتي به الصّبا / بنشرِ الخُزامى والكِباءِ المُعَبَّقِ
كأَنَّ علَيْهَا نَفْحةً عَبْشَمِيَّةً / أَتَتْ مِن جنابِ المُسْتَعِينِ المُوَفَّقِ
فنِلْتَ الَّذِي قد نِلْتَ إِذ لَيْسَ للعُلا / سواكَ كأَنَّ الدَّهْرَ للنَّاسِ منْتَقِ
ولمَّا رأَيْتُ العَيْشَ وَلَّى برأسِهِ
ولمَّا رأَيْتُ العَيْشَ وَلَّى برأسِهِ / وأَيقَنْتُ أَن المَوْتَ لا شَكَّ لاحِقِي
تمنَّيْتُ أَنِّي ساكِنٌ في غَيابة / بأَعْلَى مَهَبِّ الرِّيحِ في رأَسِ شاهِقِ
أُدَرُّ سقيط الحَبِّ في فَضْلِ عِيشةٍ / وحيداً وحِسْيُ الماءِ ثِنيُ المَفالقِ
خَلِيليَّ مَن ذاقَ المَنِيَّةَ مَرَّةً / فَقد ذُقْتُها خَمْسِينَ قَوْلةَ صادق
كأَني وَقد حانَ ارْتِحالِيَ لم أَفُزْ / قَدِيماً مِن الدُّنيا بلَمحةِ بارقِ
فمَن مُبْلِغٌ عَني ابْنَ حَزْمٍ وكانَ لي / يَداً في مُلِمَّاتِي وعِنْدَ مَضَايقِي
عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ إِني مُفارِقٌ / وحَسْبُكَ زاداً مِن حَبيبٍ مُفَارِقِ
فلا تَنْسَ تَأْبِينِي إِذا ما فقدتَني / وتَذْكارَ أَيَّامِي وفَضْلَ خلائِقِي
وحَرِّكْ به باللَّهِ مِن أَهْلِ فَنِّنا / إِذا غَيَّبُوني كُلَّ شَهْم غُرانِق
عَسَى هامَتي في القَبْرِ تَسْمَعُ بَعْضُه / بتَرْجِيعِ سارٍ أَوْ بتَطرْيبِ طارِقِ
فلي في ادِّكارِي بَعْدَ مَوْتي راحةٌ / فلا تمنَعُونيها عُلالَة زاهِقِ
وإِني لأَرجُو اللَّهَ فيما تَقَدَّمَتْ / ذُنُوبي به ممّا دَرى مِن حَقائِقي
فَيا أَيُّها الباغِي الفرار أَمامَه
فَيا أَيُّها الباغِي الفرار أَمامَه / هُو المَوتُ فاعلَم أنهُ سَوفَ يلحقُ
فَريق العِدا مِن حَدِّ عَزمِكَ يفرقُ
فَريق العِدا مِن حَدِّ عَزمِكَ يفرقُ / وبِالدَّهرِ مِما خافَ بَطشَك أولَقُ
تَيَممتهُ وَالسَّعدُ حَولَك جَحفلٌ / وقارعتَه والنَّصرُ دونَك خَندَقُ
أَدَرتَ رَحى الحَربِ الزّبُونِ بِساحَةٍ / وغالبتَه وَالجَوُّ بالبَيض يَعبَقُ
فَلَما حَوت كَفاك رمَّة أَمرِهِ / وَشُدَّ بكفّ الحصرِ منهُ المُخنَّقُ
وأَسقَيتَه مِن جَمَّة الأَمن صافِياً / إِذا ذاقَه من ذاقه يَتَمَطَّقُ
وَكَم لَكَ مِثلي مُستَرقّ مكارمٍ / بِعَفوِكَ مِن رِقِّ المنيّة يُعتَقُ
كَشفتُ سَماءَ المَجدِ عنكَ فَلَم أَجِد / سوى كَرمٍ عَن طيبِ خيمكَ يَنطِقُ
وَرَدتُ رِياضَ العَفوِ منكَ فَجادَني / بأَرجائِها مِن مُزنِ نُعماكَ مُغدِقُ
فإِن أَنا أَشكركَ أبيضَ مُعرِقاً / فَلا هَزَّني لِلمَجدِ أَبيض مُعرِقُ