المجموع : 8
ترَنّحَ منْ بَرْحِ الغَرامِ مَشوقُ
ترَنّحَ منْ بَرْحِ الغَرامِ مَشوقُ / عشيّةَ زُمَّتْ للتّفرُّقِ نُوقُ
فَباتَ يُواري دَمْعَهُ برِدائِهِ / وأيَّ دُموعٍ في الرِّداءِ يُريقُ
إذا لاحَظَ الحَيُّ اليَمانُونَ بارِقاً / لهُ تحتَ أذْيالِ الظّلامِ خُفوقُ
تمطّتْ إِلى حُزْوى بهِمْ غُرْبةُ النّوى / وعَيْشُ اليَماني بالسَّراةِ وَرِيقُ
ولولا الهَوى لمْ أُتْبِعِ الطَّرْفَ بازِغاً / كَما اهْتَزَّ ماضي الشّفْرَتَيْنِ ذَليقُ
وكانَ غُرابُ البَيْنِ يُخْشى نَعيبُهُ / فكيفَ دَهَتْني بالفِراقِ بُروقُ
وفي الرَّكْبِ منْ قَيْسٍ رَعابِيبُ عَهْدُها / لديَّ وإنْ شَطَّ المَزارُ وَثيقُ
فَيا سَعْدُ كُرَّ اللّحْظَ هلْ تُبْصِرُ الحِمى / فإنْسانُ عَيْني في الدّموعِ غَريقُ
ومَنْ هؤُلَيّاءِ العُريْبُ على اللِّوى / لخَيْلِهِمُ بالوادِيَيْنِ عَنيقُ
فثمَّ عَرارٌ يُسْتَطابُ شَميمُهُ / وسِلٌّ كخيطانِ الأراكِ صَفيقُ
أرى السِّبْرَ منهمْ عامِريّاً وكُلُّ مَنْ / ثَوى مِنْ هِلالٍ بالعُذَيْبِ صَديقُ
وقد عَلِقَتْني والنّوى مُطْمَئنّةٌ / بِنا مِنْ هَوى أمِّ الوَليدِ عَلوقُ
ولي نَشَواتٌ تَسْلُبُ المَرْءَ لُبَّهُ / إذا ما التَقَيْنا والمُدامَةُ رِيقُ
وقد فرّقَ البَيْنُ المُشتِّتُ بَيْنَنا / فشَطَّ مَزارٌ واسْتَقَلَّ رَفيقُ
وأشأمَ منْ جيرانِنا إذْ تَزَيّلوا / فَريقٌ وأعْرَقْنا ونحنُ فَريقُ
طَلَعْنا إِلى الزّوْراءِ منْ أيْمَنِ الحِمى / ثَنايا بأخْفافِ المَطيِّ تَضيقُ
نَزورُ أميرَ المؤمِنينَ ودونَهُ / خَفيُّ الصُّوى مَرْتُ الفِجاجِ عَميقُ
ولا أرْضَ إلا وهْيَ منْ كلِّ جانبٍ / إِلى بابِهِ للمُعْتَفينَ طَريقُ
لهُ هزّةٌ في نَدوَةِ الحَيّ للندىً / كَما هَزّ أعْطافَ الخَليعِ رَحيقُ
وبِشْرٌ يَلوحُ الجُودُ منه وهَيْبَةٌ / تَروعُ لِحاظَ المُجْتَلي وتَروقُ
وكَفٌّ كما انْهَلَّ الغَمامُ طَليقَةٌ / ووَجْهٌ كَما لاحَ الهِلالُ طَليقُ
وعِزٌّ بمَرْسى الأخْشَبَيْنِ مُخيِّمٌ / ومجْدٌ لدى البَيْتِ العَتيقِ عَتيقُ
إمامَ الوَرى إنّي بحَبْلِكَ مُعْصِمٌ / ومَسْرَحُ طَرْفي في ذَراكَ أنيقُ
أسيرُ وأسْري للمَعالي وما بِها / لطالِبِها إلا لَدَيْكَ لُحوقُ
وأزْهى على الأيّامِ وهْيَ تَروعُني / وأنْيابُها لا ريعَ جارُكَ رُوقُ
وقد وَلَدَتْني عُصْبَةٌ ضمَّ جَدَّهُمْ / وجَدَّ بَني ساقي الحَجيجِ عُروقُ
وإني لأبوابِ الخلائِفِ قارِعٌ / بهِمْ ولِساحاتِ المُلوكِ طَروقُ
ولولاكَ ما بلّتْ بدِجْلَةَ غُلّةً / مَطايا لَها تحتَ الرِّحالِ شَهيقُ
وكمْ خَلّفَتْ أنْضاؤُها منْ مَعاشِرٍ / تَساوَى صَهيلٌ عندَهمْ ونَهيقُ
فإنّي وإنْ ضَجّتْ رِكابي منَ النّوى / بِها حينَ يَلْقَيْنَ الهَوانَ خَليقُ
بَني مَطَرٍ حالَفْتُمُ الذُّلَّ أَنْ سَمَتْ
بَني مَطَرٍ حالَفْتُمُ الذُّلَّ أَنْ سَمَتْ / إِلَيْنا اللَّيالي بِالخُطوبِ الطَّوارِقِ
فَآبَكُمُ هَلاّ فَزِعْتُمْ إِلى ظُباً / تَلَمَّظُّ ما بَيْنَ الطُّلَى والْمَفارِقِ
وَكَيْفَ تَقَلَّدْتُمْ وَأَنتمْ أَذِلَّةٌ / حَمائِلَ تُوهي مِنْكُمُ كُلَّ عاتِقِ
وَطَأْطَأْتُمُ أَعْناقَكُمْ عِنْدَ مَحْفِلٍ / تَرُومُ الرَّذايا فِيه شَأْوَ السَّوابِقِ
فَما لَكُمُ يا فَرَّقَ اللهُ بَيْنَكُمْ / مُرِمِّينَ في العَزَّاءِ خُرْسَ الشَّقاشِقِ
خَليلَيَّ ما بالُ اللَّيالي تَلَفَّتَتْ
خَليلَيَّ ما بالُ اللَّيالي تَلَفَّتَتْ / إِلَيَّ بِأَعْناقِ الخُطوبِ الطَّوارِقِ
وَأَعْقَبَني قَبْلَ الثلاثِينَ صَرْفُها / بِسُودِ دَواهِيها بَياضَ المَفارِقِ
وَلَسْتُ أَذُمُّ الدَّهْرَ فِيما يَسُومُني / وَقَدْ حُمِدَتْ في النَّائِباتِ خَلائِقِي
لَئِنْ أَنَا لَمْ أَخْلُفْ شَبا الرُّمْحِ في الوَغَى / بِأَخْرَسَ رَعّافِ الخَياشِيمِ نَاطِقِ
فَلا شَامَ في هَامِ الأَعادِي مُهَنَّداً / يَميني وَلا شَمَّ الحَمائِلَ عاتِقي
هَلِ الحُبُّ إِلَّا عَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ
هَلِ الحُبُّ إِلَّا عَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ / ولَوْعةُ وَجْدٍ بِالجوانِحِ تَعْلَقُ
وَكِلْتاهُما حَيثُ الصَّبابَةُ بَرّحَتْ / بِقَلْبٍ إِذا ما اعْتادَهُ الشَّوْقُ يَخْفُقُ
شَقيقَةَ نَفْسي بِالعَواذِلِ بَعْضُ ما / أُعانِي إِذا ناحَ الحَمامُ المُطَوَّقُ
أَما وَغَرامي حَلْفَةً أَسْتَلِذُّها / لَقَدْ كِدْتُ مِنْ ذِكْراكِ بِالرُّوحِ أَشْرَقُ
وَأَهْوَنُ مَا أَلْقى مِنَ الحُبِّ أَنّني / على النَّأْيِ أطْفُو في دُموعي وَأَغْرَقُ
صَفَتْ بِالهَوَى مِنّي وَمِنْكِ سَرائِرٌ / جَمَعْنَ قُلوباً في جُسومٍ تَفَرَّقُ
وَفيكِ سُكوتي وَالضَّمائِرُ تَنْتَجي / وَعَنْكِ إِذا ما سَاعَدَ القَوْلُ أَنْطِقُ
رَأَتْنِي فَتاةُ الحَيِّ أَغْبَرَ شاحِباً
رَأَتْنِي فَتاةُ الحَيِّ أَغْبَرَ شاحِباً / فَأَذْرَتْ دُموعاً كَالجُمانِ تُريقُها
وَلَمْ تَدْرِ أَنِّي مُسْتَهامٌ بِرُتْبَةٍ / مِنَ المَجْدِ لَمْ يَنْهَجِ لِغَيْري طَريقُها
أَرومُ العُلا وَالعُدْمُ عَنْهُنَّ حاجِزٌ / فَتِلْكَ لَعَمْري خُطَّةٌ لا أُطيقُها
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَرى أُمَّ سالِمٍ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَرى أُمَّ سالِمٍ / بِمُرتَبَعٍ بَينَ العُذَيبِ وَبارِقِ
وَأَسري إِلَيها وَالهَوى يَستَفِزُّني / بِمُحمَرَّةِ الأَخفافِ فُتلِ المَرافِقِ
مَعي صاحِبٌ مِن سِرِّ عَدنانَ ماجِدٌ / مُضيءُ نَواحي الوَجهِ غَمرُ الخَلائِقِ
ضَعيفُ وِكاءِ الكيسِ لا جارُهُ أَذٍ / وَلا ضَيفُهُ بِالمَنزِلِ المُتَضايقِ
إِذا هَوَّمَ الرَّكبُ الطِّلاحُ حَدا بِهِم / وَلفَّ رَذايا عيسِهِم بِالسَّوابِقِ
كَأَنَّ أَخا عَبْسٍ عَلى الكُورِ أَجدَلٌ / بِمُرتَبأٍ مِن ذي الأَراكَةِ شاهِقِ
وَلا عَيبَ فيهِ غَيرَ أَنَّ مَطيَّهُ / عَلى اليأسِ مِن تَغويرِهِ في الوَدائِقِ
وَأَنَّ كَرى عَينَيْهِ في لَيلَةِ السُّرى / قَليلٌ بِحَيثُ اللَّيلُ جَمُّ البَوائِقِ
وَأَنّي أُعاني في الصَّبابَةِ لَومَهُ / وَما هُوَ عِندي بِالرَّفيقِ المُماذِقِ
وَأَعلَمُ أَنَّ العَذلَ مِنهُ نَصيحَةٌ / وَلَيسَ بِعَدلٍ نُصحُ سالٍ لِعاشِقِ
أَلَم تَرَ عَيني لا تَرى السُّوءَ بِاللِّوى / مُعَرَّسَ طَيفٍ آخِرَ اللَيلِ طارِقِ
لِقَيسيَّةٍ لا ذِكرُها فاضِحٌ أَباً / وَلاوَجهُها نُهبى العيونِ الرَّوامِقِ
تَعَلَّقتُها طِفلَينِ وَالدَّهرُ عِندَنا / كَثيرٌ أَياديِهِ قَليلُ العوائِقِ
فَما زالَ يَنمى حُبُّها في شَبيبَتي / وَفي الشَّيبِ إِذ أَلقى يَداً في المَفارِقِ
إِذا ما التَقَينا لاذتِ الأُزرُ بِالتُقى / وَناجى وِشاحَيها النِجادُ بِعاتِقي
وَأَكرَمُ أَخلاقٍ يُدِلُّ بِها الفَتى / عَفافُ مَشوقٍ حينَ يَخلو بِشائِقِ
أَأُصغي إِلى اللاّحي وَبَيني وَبَينها / حَديثٌ كَسِمطِ اللؤلؤِ المُتناسِقِ
وَلَو قَدَرَتْ أَترابُها لَخَبَأْنَنِي / عَلى شَغَفٍ بَينَ الطُّلَى وَالمَخانِقِ
فَما كَذِبُ الواشي بِظَمياءَ نافِعٌ / لَديَّ وَلا وُدِّي لَها غَيرُ صادِقِ
أُلامُ عَلى نَجدٍ وَأَبكي صَبابَةً
أُلامُ عَلى نَجدٍ وَأَبكي صَبابَةً / رُوَيدَكَ يا دَمعي وَيا عاذِلي رِفقا
فَلي بِالحِمَى مَن لا أُطيقُ فِراقَهُ / بِهِ يَسعَدُ الواشي وَلكنَّني أَشقَى
وَأُكرِمُ مِن جيرانِهِ كُلَّ طارِئٍ / يَوَدُّ وَداداً أَنَّهُ مِن دَمي يُسقَى
إِذا لَم يَدَعْ مِنّي نَواهُ وَحُبُّهُ / سِوى رَمَقٍ يا أَهلَ نَجدٍ فَكَم أَبْقى
وَلَولا الهَوى ما رَقَّ لِلدَّهرِ جانِبي / وَلا رَضيَتْ مِنكُم قُرَيشٌ بِما أَلقَى
ألا مَن لِصَبٍّ إِن تَغَشَّتهُ نَعسَةٌ
ألا مَن لِصَبٍّ إِن تَغَشَّتهُ نَعسَةٌ / سَرى البَرقُ نَجديَّ السَّنا وَهوَ شائِقُهْ
فَإن لَم يُؤرِّقهُ وَعاوَدَهُ الكَرى / فَطَيفُكِ يا بنتَ الهِلاليِّ طارِقُهْ
بِلَيلٍ طَويلٍ يَنشُدُ النَّجمُ صُبحَهُ / فَلا الصُّبحُ مَسبوقٌ وَلا النَّجمُ لاحِقُهْ
فَواهاً لِيَومٍ عِندَ سائِقَةِ النَّقا / عَفا الدَّهرُ عَنهُ وَهوَ جَمٌّ بوائِقُهْ
وَغُيِّبَ عَنّا كُلُّ غَيرانَ يَرتَدي / بِمِحمَلِ مَفتوقِ الغِرارَينِ عاتِقُهْ
وَلَم تُنذِرِ الطَّيرُ النَّواعِبُ بِالنَّوى / وَأَلقى العَصا حادي المَطِيِّ وَسائِقُهْ
وَعنديَ مَن كانَ العَفافُ رَقيبَهُ / أُغازِلُهُ طَوراً وَطَوراً أُعانِقُهْ
وَيَملأُ سَمعي مِن حَديثٍ بِمِثلِهِ / عَلى النَّحرِ مِنهُ نظَّمَ العِقدَ ناسِقُهْ
فَلَمّا اِنقَضى ما ازدَدتُ إِلّا تَذَكُّراً / لَهُ كُلَّ يَومٍ بِالحِمى ذَرَّ شارِقُهْ